ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 13/03/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

12-03-2013

السوريون محصنون ضد فتاوى الحسون

اليوم السعودية

12-3-2013

مع كل يوم يتضح مدى التخبط الذي يمارسه نظام بشار الأسد، بما في ذلك تأجير شخصيات يلبسها النظام ثياب الدين والتقى وتطلق فتاوى عجيبة وغريبة وساذجة.

وآخر تخبطات النظام وشيوخه هو الفتوى التي أطلقها شيخ النظام بدر الدين حسون الذي قرر فيها أن الجهاد مع نظام بشار «فرض عين». ولا نعلم كيف هو الجهاد الذي يدمر المدن السورية ويقتل سوريين بأساليب بشعة يعف أي إنسان، يتمتع بمروءة، عن ارتكابها.

ولا نعرف ما هو الجهاد الذي يجري تحت راية نظام علماني بعثي وظف نفسه وكيلاً لنظام إيران ومكن طهران، بشتى الأساليب والسبل، من استعمار سوريا واحتلالها.

وقبل اندلاع الثورة السورية، كان مشايخ الدين الإسلامي يثيرون شكوكا حول التزام الشيخ حسون، وآرائه المنافية للقيم الإسلامية الصافية وأصول التوحيد، خاصة قراراته ودعواته ومقابلاته ونشاطاته التي تنصب، ولسنين، على تمكين إيران وملاحقة السوريين ليسلموا زمام مصيرهم إلى طهران.

وبعد أن اندلعت الثورة كشف الحسون انحرافاته علناً وأصبح بوقاً إيرانياً خالصاً يدعو إلى استمرار سوريا أسيرة في أيدي قوى الظلام الأجنبية، وينثر إشاعات وتشكيكات بنزاهة السوريين ووطنيتهم وإخلاصهم. ويستمر في تقديم الفتاوى وتخدير السوريين ليقبلوا بالسيطرة الإيرانية على بلادهم.

وفتوى الحسون الأخيرة إحدى خطط النظام البائسة في محاولات المتخبطة لوقف الثورة السورية المباركة التي تحقق انتصارات حاسمة. والسوريون ينشقون عن معسكرات النظام ولا يلقون بالاً لفتاوى الحسون ولا لتهديدات النظام وميلشيات طهران.

ويبدو أن بشار الأسد لم يجد أي مشايخ يبيعون له الفتاوى سوى الحسون، على الرغم من أن أوراق الحسون قد احترقت، ولم يعد له اي تأثير ولا احترام سوى لدى ميلشيات النظام وقتلة الأطفال في فرشهم.

لا يمكن تفسير لجوء النظام إلى فتاوى الحسون، إلا أن النظام يلعب بأوراقه الأخيرة، وأنه يعترف أن الثورة السورية على أبواب القصر، وأن أيام بشار ونظامه وكتائبه وشيوخه معدودة. وإذا كان السوريون لم يخشوا صواريخ سكود التي أطلقها النظام على الأحياء السكنية في حلب وحمص، فأين لهم أن يخشوا فتاوى الحسون. وهم يعلمون أنها فتاوى مدفوعة الثمن وتروج لها شخصية مشكوك في ولائها لسوريا ومجبولة على الطاعة لقوى الظلام الأجنبية التي تحتل سوريا باسم شعارات في ظاهرها الخير وفي باطنها الشرور والإهانة والاحتلال.

======================

هل يعاقب لبنان بسبب انحيازه للأسد؟

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

12-3-2013

حير وزير خارجية لبنان في الجامعة العربية الجميع، ففي الوقت الذي كانوا يطرحون منح المعارضة السورية مقعد بلادهم الخالي فاجأهم الوزير عدنان منصور، فطالب بإعادة الكرسي لنظام الأسد. ماذا حدث لاختراع موقف «النأي بالنفس» الذي تعهد بموجبه لبنان الحياد، فلا يكون معينا أو معاديا في النزاع السوري؟! ولماذا تُفتعل معارك ضد السعودية هناك سببت تأزيم العلاقة؟

لبنان على خط النار بسبب الحرب في الجارة سوريا، والمناخ الداخلي متوتر بسبب الانتخابات النيابية، التي قد لا تجرى، وهذان سببان كافيان لفهم إثارة المشكلات بين لبنان والخليجيين. الحديث عن إبعاد اللبنانيين العاملين في الدول الخليجية وإشاعات سحب الودائع المالية كلها جزء من الحرب النفسية التي تخيم على أجواء هذا البلد الذي يبدو مثل المحكوم عليه بالإعدام وينتظر دوره!

المستفيدون من وراء دفع دول مثل السعودية وبقية دول الخليج للخلاف مع لبنان هم النظام في سوريا وحلفاؤه في لبنان. حزب الله يعتقد أن سقوط الأسد في دمشق شبه محتوم، ومن بين الخيارات البديلة توسيع دور الحزب في لبنان وفرض هيمنته تقريبا على معظم التراب اللبناني، وما يستطيع ضمه إلى مناطق نفوذه من قرى ومناطق سورية محاذية ذات أغلبية شيعية أو مسيحية.

ولأن دقات الساعة الأخيرة باتت أسرع من ذي قبل في حياة نظام الأسد في سوريا، فإن إخراج السعوديين من لبنان، أعني كنفوذ وارتباط، سيسهِّل على قوى، مثل حزب الله وتيار عون الحر المسيحي، التمدد وسدّ الفراغ الناشئ.

الجدل حول سوريا بين القوى اللبنانية أصبح ضمن الشأن المحلي، خاصة حول التورط مع نظام الأسد. والأخطر انتقال حزب الله للحديث بصراحة عنه، حيث اعترف بأن ميليشياته تعبر الحدود وتقاتل في سوريا، بدعوى حماية القرى الشيعية السورية المحاذية. وزاد الأمر خطورة انسحاب القوات السورية من مناطق سورية على الحدود مع لبنان بهدف ترك الفراغ لميليشيات حزب الله لتقوم باحتلالها وخلق واقع جديد!

سمير جعجع، أحد أبرز خصوم حزب الله ورئيس حزب «القوات اللبنانية» المسيحي جادل حزب الله، الذي يزعم بأنه يقاتل «جبهة النصرة» في حمص حتى لا يضطر إلى قتالها في بيروت، رد جعجع: «هذا كلام مردود. فمن عليه أن يقاتل (النصرة) أو غيرها من المتطرفين في بيروت أو الهرمل أو النبطية أو زحلة أو عكار أو سواها، هو الدولة اللبنانية ومن ورائها الشعب اللبناني بأكمله، تماما كما حدث مع (فتح الإسلام) في نهر البارد. الدولة قاتلت الإرهاب بنفسها هناك، وكان خلفها الشعب، وإن باستثناء حزب الله». وحذر جعجع من أن «أعمال حزب الله في سوريا هي التي ستجر (جبهة النصرة) إلى لبنان».

ترك لبنان لفريق واحد يعني شيئا واحدا؛ رسم الخريطة غرب سوريا بما يخدم الأسد وإيران وحزب الله.

======================

شرعية النظام السوري.. الحبل الممدود الذي يجب أن يقطع

منذر عيد الزملكاني

الشرق الاوسط

12-3-2013

كثيرا ما تقول المعارضة السورية وتطلق في المنابر الإعلامية أن النظام السوري قد فقد شرعيته بعد أن أطلق النار على مواطنيه، مما يوحي وكأن النظام السوري كان يتمتع بشرعية نابعة أصلا من الداخل، أي من مواطنيه أنفسهم، وأنه كان دائما حريصا كل الحرص على تثبيتها وتعزيزها وعدم فقدانها، حتى لا يكون في موقف حرج أمام نفسه وأمام العالم.

والحقيقية هي أن شرعية النظام السوري منذ قيامه لم تكن أبدا داخلية محلية متمثلة في تأييد شعبي حقيقي، وإنما كانت خارجية تعتمد على عوامل وأطروحات خارج الحدود الوطنية للدولة مثل القومية العربية والوحدة العربية وجبهة الصمود والتصدي والمقاومة والممانعة وما إلى ذلك.

لم يكن لحافظ الأسد ومن معه أن يجرؤوا على حكم سوريا لولا تلحفهم بغطاء القومية العربية والمقاومة والعداء لإسرائيل، أي اكتساب الشرعية من خلال تبني أيديولوجيات وطروحات تحقق ما يصبو إليه الشعب من أهداف خارج نطاق الدولة الوطنية. فالشعوب العربية في مرحلة الخمسينات والستينات إلى نهاية الثمانينات كانت متأججة عاطفيا بفكرة القومية والوحدة والنضال والصمود والتصدي. وكانت فعلا مقتنعة بأن أولى الأولويات هي الصمود في وجه إسرائيل وتحرير الأراضي المغتصبة. أما ما يصبو إليه الشعب داخل حدود الدولة من تعددية حزبية أو انتخابات حرة أو تمثيل نيابي حقيقي أو الاعتراف بحقوق غير العرب فكان يعتبر عمالة وزندقة سياسية تستوجب القتل أو النفي. لكن بعد أن خبت فكرة القومية العربية وانكفأت الدول العربية على ذاتها وبدأ مشروع السلام مع إسرائيل، كان لا بد من حبل تتمسك به شرعية النظام السوري وينقذها من السقوط. فكانت فكرة خلق حركات مقاومة لإسرائيل كما هو حال حزب الله أو دعم مثل هذه الحركات كما هو الحال بالنسبة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.

إن عدم المعرفة بحقيقة ومصادر شرعية النظام السوري قد أوقع المعارضة السياسية السورية في مآزق جمة قبل الثورة وبعدها فخلال أحداث ربيع دمشق، اتهم العماد مصطفى طلاس الموقعين على بيان لجان إحياء المجتمع المدني بالعمالة، لأنهم لم يتطرقوا إلى الصراع العربي الإسرائيلي في بيانهم. وذلك كان خطأ استراتيجيا منهم بلا ريب، استغله النظام في تعزيز شرعيته. كثير من المعارضين السوريين عقدوا لقاءات مع مسؤولين أميركيين منذ ربيع دمشق ولبوا دعوات السفارة الأميركية في دمشق للاحتفال بذكرى استقلالها والقيام بزيارتها أيضا. وزاد الطين بلة عندما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تعليق نشاطها المعارض ضد النظام خلال الحرب على غزة عام 2008. كل هذه المواقف والنشاطات كانت تزيد من شرعية النظام وتعطيه دفعة جديدة من الصمود والوقوف ليس في وجه إسرائيل، بل في وجه مواطنيه ومعارضيه. وهذا ما يجعله يستثمر في الشرعية أشد استثمار حتى آخر يوم من أيامه وفي حين أن استثمار المعارضة في هذا المجال يكاد لا يذكر.

إن المراقب لموقف الولايات المتحدة تجاه سوريا منذ بداية السبعينات يلاحظ كيف أنها أطلقت اليد للنظام بعد ترسيخ شرعيته في تصفية كل معارضيه في الداخل والخارج، والتهمة كانت دائما هي العمالة والتواصل مع أطراف خارجية. وأنها أي الولايات المتحدة لم تدعم يوما أي طرف من المعارضة السياسية السورية إلا بما يعزز شرعية النظام السوري في المقاومة والممانعة. والاستثناء الوحيد لهذه العلاقة كان بعد الحرب الأميركية على العراق في عام 2003 عندما كانت الولايات المتحدة تنوي فعلا غزو سوريا ، لكن المقاومة العراقية عطلت المشروع الأميركي في المنطقة. وعادت بعدها العلاقات الأميركية السورية إلى طبيعتها المعهودة وإلى مجاريها الآسنة.

بعد قيام الثورة السورية، كان الوقت مهما للنظام أكثر من أي وقت مضى في ترسيخ شرعيته واتخاذها الرادع الأقوى في مواجهة قوى الثورة الجارفة، وفعلا استطاع فعل ذلك لأكثر من سنة، من خلال احتواء حركة المقاومة الإسلامية حماس والضغط عليها ومن خلال خطابات حسن نصر الله التي كان يؤكد فيها وباستمرار على أن استهداف النظام السوري هو استهداف لمشروع المقاومة والممانعة بما يحقق أهداف الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، وتم تلفيق تصريح خطير لرئيس المجلس الوطني وقتها الدكتور برهان غليون بأنه بعد إسقاط النظام سيتم قطع العلاقات مع حزب الله وطرد حركة حماس من دمشق مما أثار حفيظة الكثيرين من العرب والمسلمين حيال الثورة السورية وأجندة المعارضة السورية.

لكن المعارضة السياسية بأفعالها كما بأقوالها قد ساهمت فعليا بشكل أو بآخر في دعم شرعية النظام السوري وذلك من خلال اللقاءات العلنية مع بعض الشخصيات الأميركية والأوروبية والمعروفة بصهيونيتها وبعدائها للقضية الفلسطينية والتقاط الصور معهم ونشرها على الصفحات الإعلامية فخرا واعتزازا بتلك اللقاءات والإنجازات.

لقد كان الموقف من إسرائيل أكبر مأزق للمعارضة السياسية، إذ لم تستطع إدارته بشكل جيد، وتجلى ذلك واضحا من خلال فشلها في إدانة الاعتداء الإسرائيلي الأخير على سوريا بالشكل المطلوب خصوصا في هذه المرحلة. لقد انشغلت في السخرية من النظام حول تذرعه الدائم بعدم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. والنظام استفاد كثيرا من مأزق المعارضة هذا، مما دفعه إلى وضع شرط مسبق للحوار معها وهو توضيح موقفها من الاعتداء الإسرائيلي على سوريا.

إن الوقوع في هذه الأخطاء الكبيرة يدل على الضعف في فهم أسس شرعية النظام السوري وعوامل بقائه واستمراريته. حتى حزب الله في لبنان بدأ أول ما بدأ به هو بناء الشرعية، شرعية المقاومة، فمن ذا الذي يستطيع نقد المقاومة أو يخالف سيدها سوى عميل أميركي صهيوني؟ وتحت ظل هذه الشرعية غزا حزب الله بيروت وحكم الدولة وفعل الأفاعيل في لبنان وخارجها.

الكثيرون يقولون بأن النظام السوري وحزب الله قد تغيرا، جهلا منهم بأن ما كان يقوم به النظام السوري وحزب الله طوال الفترة الماضية هو بناء الشرعية من أجل هذا اليوم. والشرعية تتطلب عداء إسرائيل وربما قتل إسرائيليين. وهذه هي السياسية الإسرائيلية في صنع العملاء. فلا ضير في أن تضحي إسرائيل بحفنة من جنودها ومواطنيها في سبيل ضمان أمنها على المدى البعيد.

إن أولى الخطوات التي يجب اتخاذها ضد هذا النظام هي نزع شريعته التي تغطى بها منذ نشأته الأولى وسحر أعين الناس بها، ونزع الشرعية عنه تكون من خلال مواقف ونشاطات المعارضة لا من خلال تتبع زلات النظام. لذلك على المعارضة أن تتبنى مواقف أشد صرامة وأكثر جدية حول الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وفلسطين، وحول الأسرى الفلسطينيين والصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام، وأيضا إدانة التدخل الإيراني في العراق كما في سوريا، بما يضع النظام في أزمة مع شرعيته أمام السوريين وغيرهم.

إن المعارضة السياسية متخوفة من أن مثل هذه المواقف قد تستجلب عليها مواقف عدائية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهذا لعمري اجتهاد خاطئ، إن لم يكن كارثيا يزيد عناءنا عناء. لقد فات معارضينا بأن الدول الكبرى هي من أسس للديكتاتوريات وللأنظمة القمعية في بلادنا، فكيف نصدق تعهداتهم في دعم الحريات والتحولات الديمقراطية في العالم العربي؟ وكيف ننتظر منهم دعم ثورات الحرية والكرامة؟ وهم الداعمون للأنظمة التي سلبت كرامتنا ونهبت بلادنا وصادرت حرياتنا فالذي يستشعر ويستشف مآلات الثورة السورية على المنطقة والعالم، يعلم تماما بأن الشعب السوري حتى ولو رفع الأعلام الأميركية والأوروبية في مظاهراته وفي معاركه ضد النظام فلن يستجلب أي مواقف دولية مهمة تؤيد ثورته وتدعم حقه في استرداد كرامته وحريته.

======================

عن مستجدات المشهد السوري...

أكرم البني *

الثلاثاء ١٢ مارس ٢٠١٣

الحياة

ثلاثة متغيرات تستحق الوقوف عندها بينما تبدأ الثورة السورية عامها الثالث: أولها، إعلان النظام عن استعداده للحوار مع جميع أطراف المعارضة بمن فيهم حملة السلاح ومن دون أية اشتراطات، لا في المكان (دمشق) ولا بإدانة مسبقة للدور الخارجي، ليبدو الامر كأنه استمرار للتحول الذي أكره عليه بتبني الخيار السياسي في معالجة الأزمة. ينطوي هذا على اعتراف واضح ومتأخر بفشل الخيار الأمني والعسكري الذي طالما دافع عنه ووظف من أجله ولا يزال مختلف أصناف الأسلحة وأكثرها فتكاً، وعلى انكشاف لادعاءاته حول المؤامرة الكونية والعصابات الارهابية المسلحة. وكلمة انكشاف لا تعني ظهور أمر مجهول الى العلن بقدر ما تعني انهيار القدرة الإعلامية على التمويه والكذب وعلى تشويه الحوافز السياسية الثورة وطابعها الوطني.

وهذا الاعلان لا يجوز تصنيفه اليوم، ومع أنه يحتمل ذلك، في باب المناورة والالتفاف وربح الوقت لأنه نتاج توازن جديد على الأرض أظهر اتساع الهوة بين ما تدعيه السلطة وتتمناه وبين ما تستطيعه، بدليل ظواهر الارتباك والاضطراب التي رافقت عرضه وتفسيره بين مسؤول وآخر، وتالياً لأنه نتاج محصلة انحسار سيطرتها وتواتر خسائرها العسكرية وتراجع قدرتها على تأمين حاجات الناس وأهمها الأمن والأمان في ظل وضع اقتصادي بات على حافة الانهيار.

ولا يغير هذه الحقيقة استمرار عنفها المفرط والإيحاء بأن زمام المبادرة ما زال بيدها لاستعادة ثقة أوساطها بها بعد النتائج المأسوية التي أوصلت البلاد اليها.

هو أمر مهم أن يعلن النظام التزامه الخيار السياسي وأن يتراجع عن ادعاءاته بالقوة والقدرة على الغلبة وعن دعواته للحرب والسحق، ربما لأن ما مر من زمن فاض بالعنف والتدمير كان أكثر من كافٍ، كي تبدأ أوساط النظام والأهم حلفاؤه بالاقتناع بلا جدوى طريق العنف وأنه يكبدهم المزيد من الخسائر المجانية، حتى وإن كان حظ الخيار السياسي ضعيفاً أمام تعنت النظام وإصراره على خوض الصراع كصراع وجود وإفناء، وأمام ما يثار عن ترتيبات في المناطق الجغرافية والاجتماعية الداعمة له لتمكين سيطرته هناك في حال تعذرت السيطرة على كل البلاد، ما يفسر تركيزه على الحسم في مدينة حمص بعد خسائره في الشمال وريف دمشق، لما لهذه المدينة من أهمية إستراتيجية في بقاء سورية موحدة وتخريب مشروع الكانتونات والدويلات.

المتغير الثاني، هو واقع المعارضة وجديد أدائها ودورها، إن لجهة تقدم مكونها العسكري على الأرض وسيطرته الكاملة للمرة الأولى على مدينة كاملة، كمدينة الرقة، وهو ما يعزز فرصها في التمدد ويمكّنها من فتح قنوات أوسع للحصول على الدعم والإمدادات اللوجستية والإنسانية، وإن لجهة تنامي حضورها السياسي ليصح القول إنها أصبحت لاعباً يحسب حسابه، بدليل ما سبّبه إعلان استعدادها للحوار مع أطراف في النظام من إحراج، ثم مسارعة مختلف الأطراف العربية والدولية لإقناعها بالعدول عن تعليق مشاركتها في مؤتمر روما لأصدقاء الشعب السوري احتجاجاً على صمت العالم تجاه قصف مدينة حلب بصواريخ سكود. والأهم الثقة الواضحة التي منحها لها الحراك الشعبي، وبها سقطت كل محاولات تخوينها أو الاستهزاء والطعن بمبادرتها، ربما بسبب ما تحوزه قيادتها الجديدة من صدقية، وربما بسبب توقيت مبادرتها التي جاءت بعد فترة استعصاء طويلة ولامست معاناة الناس ولنقل غازلت رغبتهم في الخلاص من هذا المخاض المؤلم، وبدت كأنها تخترق جداراً كتيماً وتحرك أملاً، والأهم لأنها أظهرت المعارضة بصفتها الطرف الأكثر مسؤولية وحرصاً على المجتمع والوطن، الأمر الذي يفتح الباب على دور سياسي أقوى لها سيكون غالباً بمنأى عن أجواء التنافس المرضي والاتهامات التي وسمت الفترة السابقة.

يتعلق المتغير الثالث بما تصح تسميته بتبدل جزئي في موقف واشنطن من الوضع السوري، بصفتها القاطرة التي تجر كل مواقف الدول الغربية والعربية، جوهره غض النظر عن تزويد المعارضة بالسلاح والعتاد المتطور، وإظهار الرغبة في التواصل المباشر مع قياداتها السياسية والعسكرية في إشارة إلى اجتماع مرتقب لرئيس الائتلاف الوطني وقائد الجيش الحر مع الرئيس أوباما، ما يمنح المعارضة، بلا شك، دفعة قوية لتعديل توازنات القوى قبل أي تفاوض محتمل مع أطراف من النظام.

صحيح أن الولايات المتحدة تنظر بريبة إلى الثورة السورية ومسارها المسلح، وما قد يخلفه استمرار المخاض العسكري من نتائج غير مرغوبة، أبرزها تفكك الدولة وانتشار الجماعات الجهادية المتشددة، وصحيح أن تشرذم المعارضة السورية، بخاصة العسكرية منها، والنتائج الكارثية لانهيار الدولة في العراق، دفعت واشنطن للتنسيق مع روسيا ودعم المبعوثين الدوليين لتمرير حل سياسي يضمن الحفاظ على الدولة السورية وأجهزتها ومؤسساتها، وهو ما وصفه جون كيري في شهادة أدلى بها أمام الكونغرس بأهون الشرور، لكن الصحيح أيضاً أن ثمة عوامل جديدة ظهرت بعد جولة وزير الخارجية الأميركي في المنطقة وحضّت إدارته على تعديل سياساتها، منها ضغوط قوية مارستها أطراف عربية وإقليمية لدعم المعارضة السورية جدياً ربطاً بضمانات عن تحجيم المتطرفين ومنع وصول السلاح إلى أياديهم، وربطاً بالحرج من عنف سلطوي مفرط يتصاعد كل يوم ضد المدنيين بصورة تثير الهلع، ومنها جديد موقف بعض حلفاء النظام على حدود لبنان والعراق ومجاهرتهم بدعمه عسكرياً، ومنها ربما تفضيل إحداث تغيير سريع في التوازنات القائمة لمحاصرة نذر امتداد الصراع السوري إلى بلدان الجوار وتأثيره في استقرار المنطقة والأمن الاسرائيلي.

والحال، هل تسوغ هذه المستجدات القول بأن البلاد تقف على مشارف مرحلة جديدة تحتل فيها المعالجة السياسة الحيز الأكبر، وتكف خلالها أيادي النظام عن الفتك والتنكيل، أم أن مثل هذا القول هو إفراط في التفاؤل أمام حقيقة تفقأ العين كل لحظة، بأن لغة الحديد والنار هي اللغة السائدة وأن لا صوت سيعلو على أصوات القنابل والقذائف؟

======================

أوهام المعارضة السورية ... أو بعضها

الياس حرفوش

الثلاثاء ١٢ مارس ٢٠١٣

الحياة

ليس النظام السوري وحيداً في معاناته من وهم القدرة على الانتصار. المعارضة السورية تعيش هي أيضاً وهماً آخر، لا تقل تبعاته ثقلاً على مصير الأزمة السورية وعلى طول أمدها. فإذا كان صحيحاً أن ما يوحّد هذه المعارضة هو رغبتها في تغيير النظام، وإذا كان معروفاً من القاصي والداني، المطلع على أوضاع سورية والمبتدئ في هذا المجال، أن أي تغيير يستحق هذا الوصف لا بد أن يؤدي بالضرورة إلى سقوط رأس النظام، على رغم كل هذه البديهيات، فالخلافات لا تزال قائمة داخل صفوف المعارضة بشأن «الطريقة» التي يرى بعض أطرافها انه يمكن اتباعها لإسقاط رأس النظام السوري.

تجلّت هذه الخلافات على أوضح صورها من خلال «الاعتكاف» الأخير لرئيس «الائتلاف الوطني» معاذ الخطيب، وامتناعه عن المشاركة في اجتماع إسطنبول الذي كان مقرراً اليوم، وكان يفترض أن يتخذ قراراً بشأن تسمية رئيس للحكومة الموقتة، تجاوباً مع قرار الجامعة العربية الذي وافق على تسليم المعارضة مقعد سورية، بشرط أن تتفق على تشكيل «هيئة تنفيذية» لهذا الغرض.

وحجّة الخطيب في التأجيل، كما نقلها مقربون منه، انه يريد إبقاء الباب مفتوحاً أمام مبادرات التسوية مع النظام، على قاعدة مهمة الأخضر الإبراهيمي وبيان مؤتمر جنيف في الصيف الماضي. وبصرف النظر عن مدى تطابق هذه الحجة مع الواقع العسكري القائم في سورية، والذي تجاوز كل إمكانية للوساطة، فإن أهم ما يؤخذ على خطوة رئيس «الائتلاف» بتعطيل اجتماع إسطنبول أنها خطوة فردية، تماماً مثلما كان إعلانه عن مبادرته السابقة بالدعوة إلى الحوار مع النظام، والتي لقيت استنكاراً واستهجاناً واسعين من قبل مختلف الأطراف، داخل «الائتلاف» وخارجه.

وتتفاوت المواقف من مبادرات الخطيب كهذه، من قائل إنها تعود إلى قلة خبرة في العمل السياسي، وخصوصاً مع نظام مختص في لعبة المؤامرات والمكائد، إلى قائل إن الرجل صاحب قلب «حنون»، وهو يشعر أن مخاطبة الرئيس السوري بلغة العاطفة وتذكيره بأنه «أب» لكل السوريين، أو هكذا يفترض أن يكون، يمكن أن يردعه عن الاستمرار في إعطاء الأوامر بتنفيذ الارتكابات الفظيعة التي تقوم بها ميليشياته وقواته الأمنية.

إلا أن ما هو أبعد من ذلك وأخطر، أن معاذ الخطيب يرتكب أخطاء في القراءة السياسية لواقع الأزمة السورية. فهو، ومعه معارضون آخرون، يراهن مثلاً على أن باب الحوار مع السلطة ما زال مفتوحاً وقادراً على التوصل إلى حل للأزمة. وذلك على الرغم من أن الرئيس السوري لم يخفِ في اكثر من تصريح وحديث صحافي، انه قادر على الحسم العسكري مع المعارضة، وغير مستعد للتخلي عن السلطة إلا من خلال صناديق الاقتراع، كما يقول. إلى أين يمكن أن يفضي الحوار مع النظام، في ظل موقف كهذا، وهل يوافق هؤلاء المعارضون على انتظار العام المقبل للاحتكام إلى الانتخابات، جنباً إلى جنب مع الرئيس بشار الأسد، على رغم معرفة الجميع مدى صدقية وجدية منافسة من هذا النوع؟

إلى جانب ذلك هناك رهان بعض أطراف المعارضة، ومنها معاذ الخطيب نفسه، في أن ينجح التقارب الروسي - الأميركي في إنضاج حل للأزمة، وذلك انطلاقاً من أن موسكو مستعدة للتخلي عن دعمها للنظام السوري، إذا توافر بديل في دمشق يقنعها ويحمي مصالحها ويزيل مخاوفها من المستقبل المجهول. وبصرف النظر عن صحة هذا التحليل للموقف الروسي، فإنه ليس هناك على الأرض، في الوقت الحاضر على الأقل، ما يبرر التمسك برهان كهذا أو بناء أي موقف سياسي عليه.

هذا التفكك في المواقف السياسية بين أطراف المعارضة لا يخدم النظام فقط، كي لا نقول إن بعض هذا التفكك هو من صنعه. إنه يضعف عزيمة القوى التي تقاتل وتموت في الداخل، مثلما يضعف من حيوية الدعم الخارجي بينما المعارضة في أمس الحاجة إليه. وفوق هذا وذاك يوفر دعماً للنظام يفوق ما توفره له آلة القتل اليومية.

======================

 معاول شيطانية لهدم الثورة السورية

سمير الحجاوي

    أخر مشاركة: 12/03/2013

الشرق القطرية

ليس من قبيل الخيال أو الشطحات القول إن أطرافا كثيرة تعمل على نزع "الحشوة الفعالة" للثورة السورية على الأقل، إن لم تستطع تفكيك الثورة وتسليمها "مقشرة" للاعبين الكبار في لعبة الأمم كي يتم ابتلاعها.

هذه الأطراف الشيطانية ما انفكت تدفع الحالة السورية إلى شفير الهاوية، أي الحرب الشاملة "غير المؤذية" التي يمكن أن تستمر سنوات طويلة تلتهم خلالها سوريا الدولة والكيان والشعب وتفتت الجغرافيا دون أن يكون لها أي تداعيات إقليمية ودولية، أي "حرب مقننة ومسيطر عليها"، وهذا ما تثبته الواقع بعد عامين من الثورة الشعبية ضد نظام الأسد الإرهابي.

لكن ما لم يحسب هؤلاء الشياطين حسابه هو أن الثورة تتحرك قدما إلى الأمام، وأن الشظايا بدأت تتطاير إلى دول الجوار، فالقاعدة أعلنت عن قتل 58 جنديا من جنود الأسد داخل العراق، ونوري المالكي يهدد بـ "حرب طائفية"، والجيش الحر يهدد حزب الله بنقل المعركة إلى معاقله في لبنان، فيما يحذر زعيم الحزب حسن نصر ألا يستهينوا بقدرات حزبه، وأنه جاهز لمقارعة السلاح بالسلاح، والفتنة بالفتنة، أي الحرب الطائفية بحرب طائفية.

إذن نحن أمام حالة يتدحرج فيها الجميع نحو الجحيم، وكرة اللهب على وشك الوصول إلى نقطة اللاعودة، التي تقترب من برميل البارود الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة، لتنهار الدول وتتمزق مجتمعات وتنقسم المنطقة طائفيا وعرقيا، وحيث يتحول العنف إلى وحش ينهش كل شيء.

المشكلة أن كل الشياطين يتورطون أكثر وأكثر في هذه النار، وسيجدون أنفسهم جزءا من المعركة، لأن كل شيطان منهم لن يكون قادرا عن التخلي عن مريديه، فروسيا وإيران ستمضيان بدعم نظام الأسد الإرهابي، ولن يكون بمقدورهما التراجع إلى الوراء، وحزب الله سيجد نفسه وجها لوجه أمام الثوار السوريين في لبنان، وربما في الضاحية الجنوبية وليس في حمص أو القصير، وهو خيار لوحت به بعض التيارات الثورية في سوريا، خاصة في الجيش السوري الحر، الذي هدد قائده بنقل المعركة إلى داخل لبنان.

هذه التطورات تعني فشل استراتيجية "احتواء" الثورة السورية، وإبقاءها شأنا محليا داخليا معزولا عن الإقليم، كما كان الحال مع الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 16 عاما دون أن تسبب إلا قليلا من الأذى إقليميا ودوليا، وتحويلها إلى حرب أهلية تقليدية تنتهي باتفاق على الطريقة اليمنية أو بـ"اتفاق طائف سوري".

هذا النوع من التفكير العقيم يصطدم بحقيقة سقوط 100 ألف قتيل وجرح أكثر من 150 ألفا آخرين واعتقال 160 ألف شخص وفقدان عشرات الآلاف، وتشريد مليون سوريا إلى دول الجوار ونزوح 3 ملايين سوري من مناطقهم داخل سوريا، الأمر الذي يعقد مسالة "الاحتواء المبرمج" لثورة الشعب السوري، فمجريات الأمور على الأرض تشير إلى أن الحالة السورية أصبحت عصية على الحل السياسي، وبدأت الثورة السورية تتحول من فعل سوري خالص إلى تفاعل "عربي – إقليمي – إسلامي" يتداخل فيه الحرس الثوري الإيراني ومقاتلو حزب الله اللبناني والعناصر الشيعية العراقية في مواجهة المقاتلين الإسلاميين ومنهم جبهة النصرة، وهو ما دفع الأمم المتحدة إلى الإقرار أن سوريا دخل مرحلة "الكارثة المطلقة".

المشهد السوري يكشف النقاب عن ثوار يتقدمون على كل الجبهات ويسيطرون على المزيد من الأرض والمدن في كل أنحاء سوريا، ونظام يتقهقر في معاقله داخل دمشق، ويستخدم كل ما لديه من أدوات عنيفة، دبابات ومدفعية وصورايخ سكود وراجمات صواريخ وطائرات مقاتلة وبراميل متفجرة بل وحتى غازات سامة.

الشيء المؤكد أن تحول لبنان والعراق إلى ساحة معركة ملحقة بسوريا لم يعد سوى مسألة وقت لا أكثر، رغم كل المحاولات الإقليمية والدولية لمنع تمدد الحرب إلى دول الجوار، ويدرك الثوار السوريون جيدا أن الانتصار لن يتحقق إلا إذا تغيرت موازين القوى على الأرض، وتغيرت المعادلات الإقليمية والدولية، وأن هذا التغيير لن يأتي إلا بعد أن تقتنع موسكو وطهران والضاحية الجنوبية بأن عدم سقوط الأسد ورحيله يعني ببساطة اشتعال النيران لتمتد من العراق إلى لبنان.

تدرك الأطراف كلها أنها لن تستطيع لجم "شيطان الحرب الإقليمي" إذا أفلت من عقاله، وأن محاولة التحكم بمخرجات الثورة السورية والسيطرة على نتائجها سيكون كمن يحمل جمرا في يديه، وهو ما أدركته إسرائيل قبل غيرها فسارعت إلى التأهب وتشديد الإجراءات الأمنية في الجولان وزرع ألغام على الحدود ووضع أجهزة إنذار مبكر وتسريع بناء سياج أمني في الجولان لأنها قلقة ومرعوبة من اقتراب "المتمردين" من حدوها المحتلة، وبدأت حملة ضغط دولية على الدول التي يخدم عناصرها في قوات الأمم المتحدة المرابطة على الحدود مع سوريا لمنع سحب عناصرها بعد اختطاف الجنود الفلبينيين، لأنها تخشى انفلات الوضع على الحدود.

لا خيار أمام موسكو وطهران وواشنطن إلا التسليم بأن وجود الأسد ونظامه خطر على المنطقة والإقليم والعالم، وأن سقوطه ومحاكمته على جرائمه، هو الضمانة الوحيدة لعدم تحول الحرب في سوريا إلى حرب إقليمية شاملة صارت أقرب من أي وقت مضى.

======================

رأي الراية...آن للمجتمع الدولي أن يتحرك

الراية

12-3-2013

يكشف تقرير محققي لجنة الأمم المتحدة بشأن أعمال العنف في سوريا الذين طالبوا بتقديم تقريرهم إلى مجلس الأمن ليرفع بدوره الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية حقائق مرعبة عن حجم المأساة الإنسانية التي تدور رحاها منذ نحو العامين في سوريا دون أن يتدخل المجتمع الدولي للقيام بواجبه الحقيقي والمتمثل بتوفير الحماية للشعب السوري ووقف المجزرة المستمرة هناك.

المحققون كشفوا في تقريرهم تفاصيل عن 20 مجزرة ارتكبت بين شهر سبتمبر 2012 وشهر يناير 2013 يمكن تصنيفها كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كما أفاد التقرير.

إن نظام الرئيس بشار الأسد يستخدم ميليشيات وكذلك لجانا شعبية شكلها سكان بعض المناطق لارتكاب مجازر. مبينا أن "المجازر التي يعتقد أن لجانا شعبية ترتكبها أخذت أحيانا منحى طائفيا". فاللجان الشعبية التي أنشئت لمواجهة "المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة حيث تم توثيق وجودهم في كافة إنحاء سوريا ويشاركون في عمليات تفتيش المنازل والتدقيق في الهويات والاعتقالات الجماعية وأعمال النهب ويعملون أيضا كمخبرين للنظام.

لقد أظهرت سنتان من النزاع المدمر في سوريا أن رئيس النظام مستعد للقيام بكل شيء للبقاء في السلطة حتى لو أدى ذلك إلى قتل الشعب السوري ودمار البلاد فالنظام يرفض الاستجابة لمطالب شعبه بالحرية والديمقراطية والتغيير ويصر على اعتبار الثورة السورية "مؤامرة خارجية "والثوار السوريين "عصابات إرهابية".

إن فشل المجتمع الدولي في وضع حد للمجزرة المستمرة في سوريا وانقسامه نتيجة تضارب المصالح ساهم في توفير الغطاء ليستمر النظام في خياره العسكري لإخماد الثورة الشعبية مهما كان الثمن وهو الخيار الذي سيؤدي بسوريا والشعب السوري إلى الدمار.

إن استمرار التباين في الموقف الدولية تجاه الأزمة السورية وتواصل رفض تزويد المعارضة السورية بالأسلحة النوعية التي تمكنها من الدفاع عن الشعب السوري في وجه نظام يقتل شعبه بالطائرات والصواريخ سيزيد من الكلفة البشرية التي يدفعها الشعب السوري ثمنا لتخلصه من أسوء نظام استبدادي ديكتاتوري.

لقد آن للمجتمع الدولي أن يتحرك فعلا لإنهاء المأساة السورية فتقرير الأمم المتحدة حول جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام ضد شعبه والتي يجب أن تصدم الضمير الإنساني وتوقظه من الثبات لا تترك حجة لأحد.

======================

 حقائق الصراع في سوريا

طاهر العدوان

12-3-2013

الرأي الاردنية

بعد عامين من الثورة السورية تبلورت جملة من الحقائق المتعلقة بالصراع الذي يخوضه الشعب مع النظام من اجل انتزاع حقه في الحرية والكرامة. منها اولا: ان الربيع السوري ظل سلميا في مواجهة قمع النظام لمدة تزيد عن ال ٧ اشهر بعد ذلك أجبر الشعب على رفع السلاح بوجه سلاح النظام الذي استباح أرواح المتظاهرين العزل،  وانتهك حرمة البيوت والأعراض وسرق الممتلكات والمقتنيات.

ثانيا: سقوط التهم التي ألصقت بالثورة حول وجود تدخل امريكي وحكاية أمدادهم بالسلاح،  بعد عامين من الصراع ثبت ان من يتزود بالسلاح الاجنبي هو النظام الذي يحصل عليه من روسيا وإيران،  وهذه حقيقة لا ينكرها احد فيما تحول الحصار غير المعلن على تزويد الثوار بالسلاح الى حصار معلن في اجتماعات الاتحاد الاوروبي وبيانات البيت الابيض.

وثالث هذه الحقائق سقوط الادعاءات بان نظام آل الاسد نظام مقاومة وممانعة! فمن يدعي هذه الصفات لا يقوم بإفراغ مخزون قوته وجيشه وصواريخه فوق المدن السورية بينما لم يسجل التاريخ له اطلاق رصاصة واحدة على اسرائيل التي تحتل الجولان منذ ٤٦ عاما.

لقد تحول شعار (لا صوت يعلو على صوت المعركة مع اسرائيل) الذي اغتصب النظام به شرعيته في حكم سوريا الى الابد الى شعار (بقاء الاسد حتى لو فني الشعب بأكمله).

رابعا: سقوط مقولة ان النظام علماني مدني والحقيقة انه موغل بالطائفية.

وعلى أنصار هذا النظام من العرب المخدوعين (بعلمانيته) ان يتخذوا موقفا موضوعيا،  واقع الامر ان الاسد الاب هو مهندس لعبة اعادة انتاج الطائفية في لبنان في أواسط السبعينات عندما اخرجها من دوائرها الاجتماعية والوطنية التي قام عليها النسيج اللبناني التاريخي،  وحولها الى لعبة تمكين الطائفة التي يؤيدها، حتى تمكنت بالقوة والترهيب من اخضاع باقي الطوائف التي عمل على اضعافها وتمزيقها،  بما جعل لبنان في النهاية جزءا من سلسلة نفوذ حكم ولاية الفقيه في طهران.

النظام العلماني هو الذي يقوم على حرية المعتقد وتعدد الاحزاب وتداول السلطة وحرية الفكر والقول ومن ذا الذي يدعي ان النظام السوري يملك صفة واحدة من كل هذا؟

خامسا: الشعب السوري يقاتل من اجل حريته وحيدا ضد ابشع حكم عرفه التاريخ العربي،  هذه حقيقة لا يحجبها كل هذه الجعجعة العربية والدولية التي تزعم بانها تؤيده،  وحتى الاموال العربية التي تقدم فهي كما قال احد المعارضين تدفع من اجل فواتير فنادق الخمسة نجوم لبعض قادة المعارضة والغرض منها إفسادهم ومنع توافق قياداتهم.

ان اهم الحقائق المتعلقة بهذا الصراع هي عظمة هذا الإصرار الذي يبديه الشعب من اجل نيل حريته وكرامته رغم جسامة وفداحة ما يقدم من تضحيات بأبنائه وممتلكاته وظروف معيشته. وسر هذا الموقف الشعبي العظيم كما كتب المناضل السوري اكرم البني: هو طابع الثورة التي بدأت ولا تزال عفوية من دون قوى وشخصيات سياسية عريقة تقودها،  هي تزداد قوة بفعل انتشارها الواسع وعدم خضوعها لمرجعية واحدة يسهل تصفيتها وإخضاعها،  ما يجمعها هدف مشترك هو توظيف الرفض الشعبي لتعزيز خيار الاستمرار بالثورة.

======================

مرة ثانية عن الشيخ الخطيب * عريب الرنتاوي

الدستور

 12-3-2013

تُظهر رسالة الشيخ أحمد معاذ الخطيب لأعضاء الائتلاف الوطني السوري، أكثر من أي وقت مضى، أن الرجل ما زال قادراً على الإمساك ببوصلة المصلحة الوطنية السورية العليا، وأنه ما زال عصياً على الاحتواء من قبل بعض العواصم العربية والإقليمية..وهذا يعزز رهاننا على “وطنية” الرجل وصدق سريرته واستقلاليته، برغم الهجمات الجائرة التي يتعرض لها من بعض المعارضة وبعض النظام.

الشيخ الخطيب، مع قلة من رجالات ونساء الائتلاف، قاوموا فكرة “الحكومة المؤقتة” في “المناطق المحررة” التي تدفع قطر ومعها دول خليجية وإقليمية من أجل إخراجها إلى حيز التنفيذ، حجته في ذلك أن حكومة كهذا ستمهد لتقسيم سوريا من جهة، وستقضي على “الفرص القليلة المتبقية” لحل سياسي للأزمة السوري من جهة ثانية، وهو لذلك يفضل عليها صيغة “هيئة تنفيذية” تتولى إدارة “المناطق المحررة” من دون أن تأخذ شكل حكومة، وهو جادل رفاقه وإخوانه، بأن مقعد سوريا المرصود للمعارضة والمشروط بتشكيل هذه الحكومة، لا يستحق على أهميته، مثل هذه المجازفة بمستقبل البلاد والعباد.

المندفعون صوب إعلان “الطلاق البائن بينونة كبرى” مع الحلول السياسية، هم أنفسهم دعاة الحسم العسكري، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للانضواء تحت راية الائتلاف الوطني، و”مسايرة” اتجاه هبوب الريح الدولية صوب “الحوار” و”الحلول السياسية”..هؤلاء، ومن ورائهم داعميهم في العواصم ذاتها، لا يتركون فرصة تمر من دون التضييق على الشيخ وصحبه، ومن دون وضع العراقيل في وجه الموفدين والمبادرات ومشاريع الحلول السياسية، وتفاصيل القصة باتت معروفة لدى الجميع.

نجح الشيخ هذه المرة بالإطاحة بمشروع الحكومة المؤقتة، وقاوم ضغوطاً لا يعلم بها كثيرون مستنداً على حفنة من المؤيدين داخل الائتلاف لا تزيد عن أصابع اليدين، ساعده على ذلك التقاء طارئ للمواقف والحسابات بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، التي ترفض بدورها “الحكومة المؤقتة” ولكن لأسباب أخرى، بعيدة عن حسابات الشيخ وقراءاته.

الإخوان المسلون يرون أن الذهاب إلى حكومة الآن، سيرسي قواعد للعبة تقاسم الأدوار واقتسام المواقع والنفوذ، بما قد يفضي لتهميش الجماعة، وربما إعطائها أدواراً أقل مما تطلع إليه، أو أقل مما يمكنها نفوذها وحجمها من الحصول عليه..هم وفقاً لمصادر المعارضة المختلفة، يؤثرون ترك الأمور إلى ما بعد “الحسم مع النظام”، عندها سيقررون خوض معركة الحجوم والأوزان، وليس قبلها..وفي ذات السياق، ثمة مصادر موثوقة في المعارضة، تتحدث عن ترتيبات إخوانية بعيدة المدى، من أجل خوض غمار تلك المعركة المؤجلة، من بينها التدريب وتخزين السلاح والعتاد، استعداداً لقادمات الأيام، في مرحلة الأسد وما بعده.

والحقيقة أن مواقف الشيخ وصحبه، تلقى صدى طيباً لدى روسيا والصين، وحتى إيران، كما أنها تلتقي في “نقطة ما” مع مواقف واشنطن التي أبلغها جون كيري لعواصم زارها..منها أن إدارة أوباما ليست بوارد الاعتراف بحكومة في “المناطق المحررة”، وأنها تؤثر عليها صيغة هيئة تنفيذية تتولى إدارة شؤون هذه المناطق، ولا تقطع الطريق على التقارب الروسي – الأمريكي.

هو إذن صراع محاور إقليمية ودولية على عناوين المرحلة المقبلة في سوريا، ومحاولات توزيع جلد الدب قبل اصطياده، حيث تحرص هذه الأطراف المحتربة “بالوكالة”، على ضمان حصصها و”كوتاتها” مسبقاً، ومنذ الآن، حيث تستند هذه الأطراف إلى نفوذها في أوساط المعارضتين العسكرية والسياسية، إلا من رحم ربي من وطني سوريا وشرفائها، الذين يرفضون التعامل مع بلادهم بوصفها جزيرة يونانية يمكن شراؤها و”تغليفها” بورق الهدايا، لتقديمها في عيد ميلاد هذا النجل أو ذاك الحفيد.

لكننا ونحن نقول ذلك ونشدُّ بيدنا على الأيادي الممسكة بجمر المصالح والحقوق والكرامة السورية، نضع يدنا الأخرى على قلوبنا باستمرار..فالذين أحبطوا مبادرة الشيخ الحوارية والتوافقية من قبل، قادرون على إحباط مسعاه الحالي، وهم دائماً: النظام (عدو نفسه) الذي استخف بالمبادرة ونظر إليها من موقع “المنتصر”، وتعامل مع صاحبها من على قاعدة “عودة الابن الضال”..وبعض أطراف المعارضة الأنانية والمتطرفة والأكثر ارتباطاً بالمحاور والعواصم إياها، وستكشف لنا قادمات الأيام، حصيلة لعبة “صراع الإرادات” وعملية “المكاسرة” التي تجري في سوريا وعليها.

======================

سوريا ولبنان والعراق: خريطة حربية واحدة

 جهاد الزين

2013-03-12

 نعيش عملياً في المدى الذي بلغهُ الفيضانُ السوريُّ ديناميّةَ تلاشٍ متدرّجٍ للحدود، جميع الحدود، بين سوريا والعراق ولبنان.

تملك كلمة "الثورة" قوة قِيَمِيّةٌ بل أخلاقية هائلة رغم أن بعض أكبر وأبشع فظاعات التاريخ تحصل خلال الثورات وبسببها.

لم يَحُل أحدٌ هذه المعضلة اللغوية – الفكرية – السياسية بعد: كيف "نهرب" من قوة المصطلح الأخلاقية التي تختبئ فيها بل تطغى عليها لاأخلاقيةُ عنفِهِ الضارية؟

الوضع السوري يطرح مجددا علينا في الثقافة السياسية العربية هذه المعضلة وأظن سيطرحها طويلا على الحاضر والمستقبل العالميّين. ولا أدري كيف سيُنظر إلى هذه الحقبة العربية بعد مائة عام: هل ستُسمّى حقبة الحروب الأهلية البادئة في لبنان عام 1975 ثم في العراق واليوم بصورة أعنف في سوريا بحيث ستتلاشى أمام أحفادِنا في القرن الثاني والعشرين وهم ينظرون إلى ماضيهم أيةُ فروقاتٍ وموضوعاتٍ وقضايا أخرى لتبقى  باعتبارها حقبة الحروب الأهلية في المشرق العربي؟ وكيف سيُنظر إلى إسرائيل : هل ستصبح حقبة ما بعد 1948 إسمَ المرحلة الرئيسي كما لا يزال يعتقد بعضُ جيلِنا وجيلٌ سابق علينا أم ستكون إسرائيل والقضية الفلسطينية عنوانا "فرعيا" مُهِمّا لكن ضمن إطارٍ أوسع: حقبة الحروب الأهلية العربية أو حقبة سقوط أنظمة الاستبداد البادئة في العراق وسوريا وليس واضحا أين ستصل أو ستقف لاحقا؟

عندما رسم الفنان الإسباني فرانسيسكو غويا سلسلته الشهيرة عن الحرب الأسبانية اعتباراً من نهاية العقد الأول من القرن التاسع عشر وبينها لوحتُه عن  الإعدامات التي أسماها "الثالث من أيار عام 1808" ، ثم لاحقا لوحة الرعب الأخرى "ساتورن (الإله الروماني) يلتهم ابنَه" وغيرها، لم يكن يعلم ماذا سيسمّي أوروبيو القرنين العشرين والحادي والعشرين الحروبَ الأسبانية التي أنتجت هذا البؤس الذي حوّله فن غويا إلى أقوى رموز بؤس الحروب وكوارثها قبل أكثر من قرن وربع القرن على لوحة بيكاسو عن الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936 "غرنيكا". لم يكن غويا يعلم أن تلك الحروب ستُسمّى ثورةً أو حرباً وطنية أو حربَ استقلالٍ أو حرباً أهلية؟ المستقبل لا يتغير عن الماضي  فحسب بل يغيّر هذا الماضي بصفته ماضيا؟ ولا يحوّل الحاضرَ القائم كحاضر بل يحوّله باعتباره "حاضر الماضي" إذا جاز التعبير.

لقد حملتْ الحربُ الإسبانية كل هذه الأسماء دفعة واحدة... فهي: ثورة على الاستبداد، حرب أهلية، غزو خارجي(نابوليوني) وبالتالي حرب وطنية.

في سوريا ثورة شاملة على الاستبداد منذ عامين إلى اليوم. وفي سوريا حرب طائفية. وفي سوريا دولة تتفكّك أو تفكّكت. وفي سوريا ... لم يَظهر غويا الثورةِ السوريةِ وقد لا تكون هناك "حاجة" له لأن غويا الإسباني بسبب عظَمةِ نتاجه أصبح رسّامَ كلِّ هذه الكوارث في التاريخ الانساني بل رسام الرعب المرعِب الشاهد على الكوارث الأسبانية وغير الأسبانية.

السؤال طبعا ليس عن غويا بل عن سوريا. سوريا العنف الذي يحدث ولا يوصف في سبع مدنٍ وضواحيها دفعة واحدة. فيضان بشري من مختلف الطبقات على دول الجوار ولاسيما لبنان يليه الأردن فتركيا، فيما تتحول الحدود السورية العراقية خصوصا مناطق الأنبار إلى خط توتّر يومي مع الجيش العراقي في العديد من النقاط الحدودية التي تسيطر عليها المعارضة العسكرية السورية حسب تقرير نشره "معهد واشنطن للشرق الأدنى" بما لا نسمع عنه كثيرا في الصحافة اليومية باستثناء حادث "اليعربية" الأخير ويتحدث عن مناوشات وعمليات "حرب عصابات" بين عناصر من "القاعدة" والجيش العراقي في "الرابية" الحدودية غير البعيدة عن مدينة الموصل وفي منطقة "الرطبة" العراقية القريبة من الحدود الأردنية والسورية... ناهيك عن معلومات ينقلها مطّلعون عراقيون عن مناوشات في منطقة "البوكمال" وتتداخل فيها قوى الصراع على طرفي هذه النقطة الحدودية الممتدة على ضفة نهر الفرات إلى "دير الزور" السورية. إنه خط تواصل وتقاطع وتصادم الحربين الأهليّتين العراقية السورية. فهل هذا إذن تَواصلُ ثلاثةِ حروبٍ أهلية من لبنان إلى سوريا إلى العراق أم هو حربٌ أهلية واحدة في "ولايات" ثلاثٍ متلاصقة مختلفة؟

إننا نعيش عملياً دينامية تلاشٍ متدرّجٍ للحدود، جميع الحدود، بين سوريا والعراق ولبنان بحيث نتّجه إلى وضعية خريطة واحدة متداخلة يهدر( في العامية يقال: يُهمدر) فيها أمام بعضهم البعض ملايين السُنّة والشيعة على خط ممتد من البصرة إلى طرابلس(والعياذ بالله).

في الواقع، مع هذا الوضع في سوريا، قلب المنطقة، تُواجه كلُّ الدول المحيطة بها خطرَ تلاشي الحدود معها. لكن بالنسبة لتركيا والأردن واسرائيل الأمور ممسوكة أكثر لأنها خارج الالتهاب الديموغرافي المباشر للحساسية السنية الشيعية.

يميل العديدون إلى الكلام عن التدهور المصري والتأزم التونسي  بكونهما على مستوى واحد مع الوضع القائم في سوريا أو في العراق: تفكك الدولة. هذا ليس صحيحا. في تونس ومصر لم تنهَرِ الدولة. بل لم تتحوّل الثورة إلى حرب. العنف التونسي والمصري هو "عنف سلمي"، عنف تسيّجه وستسيّجه الثقافة السلمية لمجتمع متجانس في تونس ومتجانس في موروثه السياسي في بلد مثل مصر. أما في سوريا والعراق فقد استحكم الاستبداد في هذين الكيانين إلى حد أنه جعل الخيار بينه وبين وجود الدولة نفسها.

يبدو الآن بمعزل عن التداخل مع الدينامية المشروعة للثورة الشعبية السورية أن الغرب يلتقط وبالتالي يوظّف هذه الثورة التي كانت ستحصل في سوريا عاجلا أم آجلا... يوظّفها لتصحيح "خطأ تاريخي" ارتكبه الاستعماران البريطاني والفرنسي. فهما كانا يعتقدان أنهما يقسّمان الولايات العربية للأمبراطورية العثمانية السابقة إلى دويلات ضعيفة. وإذا بتطورات مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى ونضالات الحركة الوطنية السورية يومها ترغم فرنسا في سوريا على القبول باستقلال كيان سوري ستكتشف فرنسا كما ستكتشف بريطانيا في العراق أنهما- العراق وسوريا- كيانان أكبر بكثير من "المطلوب" الذي يلائم المصالح الغربية الاسرائيلية في المنطقة لأنهما سمحا بقيام دولتين "بسماركيّتين" ذواتي طموحات خارج حدودهما وغيرِ مكتفيتين بحدودهما خصوصا في ظل النظامين البعثيّين الأقلاويّين اللذيْن أحكما السيطرة عليهما تباعا منذ النصف الثاني لستينات القرن العشرين.

"استهلك" الاستبدادان العراقي والسوري البعثيان الطاقة التوحيدية الداخلية لكلٍ من البلدين. كانا يحافظان على وحدة الكيانين... لاشك بذلك. لكنهما في ما آلت إليه قوةُ الاستبداد كانا يقمعان هذه الوحدة ليحافظا عليها! فإذا بالانضمام السوري إلى الثورات العربية يأخذ شكل تفتّت المجتمع والدولة. وتبدو النخب "العلمانية" السورية الثائرة في الخارج غير مهتمة فعلا ولا تريد أن تكون مهتمة بأكلاف الثورة على وحدة المجتمع والبلد... إلا بعد سقوط النظام. لكن المشكلة التي بدأ يعترف بها ذوو الضمائر النقدية في المعارضات السورية هي أن وتيرة تدمير البلد تجاوزت وتيرة تساقط النظام بل تجاوزت الحربُ السورية وتيرةَ بشاعات الحرب الأهلية اللبنانية ووتيرةَ بشاعات الحرب الأهلية العراقية. وقد يكون أصبح بلا جدوى السؤالُ عما إذا كانت "عسكرة الثورة" خطأ "ثوريا" كبيرا. "العسكرة" التي تلاقت فيها النوايا الخَلاصية الحسنة للتيار الراديكالي "العلماني" في الثورة مع النوايا الخبيثة والخطيرة لـ "لعبة الأمم" الدولية.

دعونا نُسَمِّ النقطة التي وصلتها  فظاعة العنف السوري "خط غويا"... حيث الإله ساترن يأكل أبناءَه وحيث "الثالث من أيار" هو كل يوم من الأيام السورية الطويلة. 

======================

سوريا: اقتربت ساعة الحقيقة

 علي حماده

2013-03-12

النهار

اقتربت ساعة الحقيقة في سوريا، فللارض كلام آخر غير ذاك الذي نسمعه في عواصم القرار، وفي كواليس المناورات الديبلوماسية التي غرقت فيها روسيا واغرقت فيها الآخرين، وكان ثمنها عشرات الالاف من الشهداء في بلد كان لاربعين عاما حليفا. اما اليوم فقد خسرت روسيا الشعب، وسوف تخسر سوريا الغد، ولن يكون لها موطئ قدم في شرق المتوسط.

اقتربت ساعة الحقيقة، وبان حجم التدخل الدموي الذي يمارسه الايرانيون، على قاعدة ان سقوط دمشق بشار الاسد معناه سقوط طهران خامنئي. وتحولت سوريا بأسرها من قاعدة وجسر عبور للمشروع الايراني في قلب المشرق العربي الى قلب "الممانعة" العربية لها ولكل الاجرام التي تدور في فلكها، واولها "حزب الله" المتورط حتى النخاع في قتل السوريين. والثمن المباشر ولادة سوريا معادية لايران، وللحزب خصوصا الذي سيتعين عليه  ان يبحث عما يحميه من محيط واسع وعدائي. فهل يدرك قادة "حزب الله" ان نهاية المشوار اقتربت، وان الزمن تغير، وان وحدها الدولة اللبنانية المتحررة من تسلطه تحميه؟ وهل يدرك هذه الحقيقة؟ ام يواصل مشوار التبعية العمياء للمشروع الامبراطوري الايراني، وسط امواج المحيط العدائية التي لن تتأخر حتى تضربه هنا في لبنان وفي كل مكان؟

اقتربت ساعة الحقيقة في سوريا حيث تتغير المعادلة على الارض بشكل مطرد، وحيث بدأت علامات الضعف الكبير بالظهور على ماكينة النظام العسكرية في قتالها على كل الجبهات. ففي كل مكان من درعا والحدود مع الجولان المحتل، الى الرقة، ودير الزور والحدود مع العراق وتركيا، مرورا بالعاصمة دمشق، وحمص وحلب وحماه وغيرها، تتقدم الثورة بخطى ثابتة، وتتقلص مساحة سيطرة النظام على الاراضي السورية الى درجة كبيرة. والاهم من ذلك كله ان الثوار من خلال اختراقهم الاخير في حمص يدركون ان مشروع "الدويلة العلوية" يجب وأده ومنع النظام مع "حزب الله" من إحداث ممر استراتيجي يربط بين كانتون "حزب الله" في البقاع الشمالي و"الدويلة العلوية"، وهي في عرفنا اسرائيل ثانية في المنطقة وجب قتلها في المهد.

نقول ان ساعة الحقيقة قد اقتربت في سوريا، والمعركة لن تطول كثيرا لان انهيارات النظام ستتوالى في كل مكان، بعدما خرجت الثورة من مرحلة المراوحة، وعبرت اصعب الازمات، وتخطت اكبر الضغوط التي فرضها تراخي المجتمع الدولي مع النظام من جهة، وحجب السلاح النوعي من جهة اخرى. واليوم يتغير الوضع، وبشائر انتصار الثورة تلوح في الافق.  قبل عامين اشتعلت ثورة الحرية والكرامة في سوريا، واليوم مع اقتراب عيدها الثاني نرى الثوار الذين بدأوا مسيرتهم محاصرين في المسجد الاموي بدرعا، يحاصرون بشار في حصنه فوق جبل قاسيون.

و يبقى الاهم بالنسبة الينا نحن اللبنانيين ان يستفيق "حزب الله" من اوهامه ويصالح اللبنانيين، فهم حمايته الوحيدة في هذا المحيط الجديد.

======================

 سوريا: أين تتفق موسكو وواشنطن حول الحل؟

أسعد حيدر

المستقبل

12-3-2013

لم يجد الوزير الأسدي وليد المعلم مكاناً ليفيض بالحديث عن الانتصارات العسكرية والتحولات الميدانية التي حققتها "كتائب الأسد" و"الشبيحة" بعد دمجهما في ميليشيا رسمية، سوى في موسكو وفي حضرة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يدير المعركة السياسية للأسد في الخارج مثلما يفعل الجنرالات والخبراء العسكريون الروس على الارض السورية يومياً. قال المعلم متبجحاً كما ورد في محضر الجلسة: "ان قواتنا تمسك الارض". رد لافروف بحدة: "ان فريقنا الأمني يعرف حقيقة الوضع". الترجمة الدبلوماسية لهذا الرد الجاف: "لا داعي للكذب أمامي لا تنس انك في موسكو التي، بمساعدة الإيرانيين لكم، نجحنا في إفشال الهجوم العسكري من الجيش الحر على دمشق، عدا عن نجاحات اخرى ابرزها في الحرب الالكترونية التي كشفت حركة التنسيقيات وضربها". بعد هذه "الصفعة "السياسية، عاد المعلم الى حجمه، وقال للافروف: "نحن نريد الحوار مع المعارضة بأسرع وقت".

الرئيس بشار الأسد يعرف جيداً ان الحل العسكري مستحيل لأن تفوقه بالطيران والسلاح الصاروخي لا ينتج انتصاراً على الارض في مواجهة الثوار الذين، يفيض بالاتهامات ضدهم، ومعه موسكو وطهران، حول تسليحهم وأنهم الإرهابيون الذين يدمرون سوريا. امام هذا الواقع المر، لا يعود من حل سوى الحل السياسي، هذا الحل الذي كيفما جرى تدوير زواياه يبقى رحيل الأسد نقطة مركزية فيه، اما الأساس والقاعدة للحل فيكمنان في التفاهم الاميركي - الروسي على الصيغة النهائية. واستناداً الى مصادر مطلعة في باريس فإن مسار أي حل يتفاوض عليه فريقان يتصارعان لتحقيق المكاسب وتخفيف الخسائر سواء لكل منهما أو لحلفائهما، فإن البداية تكون في تحديد النقاط المتفق عليها للانطلاق منها، ومن ثم النقاط المختلف عليها للتباحث حولها ويبدو ان موسكو وواشنطن تتفقان على:

ـ بقاء الجيش السوري وعدم تفكيكه كما حصل في العراق، ومعه مؤسسات الدولة حتى لا تقع الفوضى وتمتد عملية اعادة البناء عقداً من الزمن. ما يشجع العاصمتين ان العمود الفقري للجيش ما زال متماسكاً خصوصاً لأنه لم يزج به في المعارك لعدم ثقة الأسد به، كما ان مؤسسات الدولة ما زالت بدورها حاضرة على الرغم من بعض الخسائر.

ـ منع وصول الأصوليين والجهاديين الى السلطة، لأن في ذلك أخطاراً تتجاوز سوريا وتتناول المنطقة وصولاً الى الجمهوريات الاسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً.

ـ ان مكان التفاوض ليس دمشق، لأن لا احد يثق بالوعود الأمنية الأسدية خصوصاً بعد خطف المعارض عبد العزيز الخيّر رغم الضمانات الروسية له قبل عودته الى دمشق، لذلك فإن جنيف او فيينا هما العاصمتان المؤهلتان لاحتضان اي مؤتمر حوار سوري - سوري.

اما الاختلاف فيتناول "مستقبل الاسد"، لكن دائرة هذا الخلاف ضاقت جداً، لأن التوافق على جعل مدة المرحلة الانتقالية سنة، يعني حتى اواسط ايار من العام الذي يتوافق مع نهاية ولاية الأسد الرئاسية. ويبدو ان النظام البرلماني الذي يحيل دور الرئيس الى موقع تمثيلي هو الحل للخلاص من مسألة بقاء الاسد. يبقى معرفة اين ايران من ذلك كله خصوصاً أنها قادرة على تخريب اي حل وجعل تنفيذه صعباً جداً؟ كما يبدو أن موسكو وواشنطن ستعملان للضغط على أصدقائهما وحلفائهما للسير في الحل عندما ينضج، خصوصاً انه توجد "جوائز" ترضية للجميع.

في هذه الأثناء يجري العمل لتوحيد المعارضات السورية لأنه من دون ذلك لن ينفذ اي حل بشكل سريع، وكلما طالت فترة المفاوضات ارتفعت الكلفة على جميع المستويات. ولا شك في ان كل الأطراف العربية والدولية مطالبة بدورها بتعديل مواقفها وتشددها وتدوير الزوايا بما ينسجم مع التحولات الحالية والمقبلة، وهنا يجب النظر بجدية الى التحول في مسار التعامل السياسي والميداني لإدارة اوباما الذي برز بعد جولة وزير الخارجية جون كيري في المنطقة، بما يتفق مع مسار إحداث تحولات على الارض لا تقلب موازين القوى كلياً بين النظام الأسدي والمعارضة السورية خصوصاً المسلحة منها. وبهذا يتعب الطرفان ويكونان اكثر استعداداً لتقديم التنازلات.

======================

ليست الجامعة العربية بل 'الجيش الحر'

2013-03-11

القدس العربي

ليست الجامعة العربية من منح مقعد سورية للمعارضة. وليست الجامعة العربية من قرر السماح لأعضائها بمساعدة الشعب السوري بالطرق العسكرية المناسبة. إنما هو الجيش الحر، الذي منح المعارضة السياسية هذا الحق وذلك المقعد.

عندما تُحرر الرقة ويسقط صنم الرئيس فيها على رأسه ، وعندما يسيطر الجيش الحر، على الطرق المؤدية إلى ساحة العباسيين في دمشق، وتخرج جوبر من قبضة النظام. عندما تستمر معركة تحرير درعا بهذا الزخم، فتحرر كتيبة السهوة ويقوم الثوار بتحرير الجامع العمري من عصابات الأسد، وعندما تصل جبهة النصرة إلى حمص فتقتل على الفور أربعمئة شبيح، وتنسف حاجزين وتدمر ثلاث دبابات، فهذا يعني أن الثوار هم من ضغط على الجامعة العربية ومنح المعارضة السورية هذه الحقوق التي جاءت متأخرة على كل حال.

هذا يعني أن الجامعة العربية تبحث عن إرضاء الثوار أكثر من بحثها عن إرضاء بشار الأسد، لأن المستقبل سيكون لهم لا لقاتل تيقنت الجامعة من قرب سقوطه.

علينا أن نتساءل، لماذا لم يمنح مقعد الجامعة للشعب السوري قبل عام، عندما رفض الأسد القرارات العربية الداعية لوقف إطلاق النار، وأحبط كل محاولة لحل الأزمة في البلاد. ولماذا لم تتكرم الجامعة على الشعب السوري فتفضح ما قام به الدابي ومن بعده كوفي عنان، وما يفعله الآن الأخضر الإبراهيمي من موبقات تمس الشعب السوري في دمائه.

المسألة واضحة، لأن الجامعة العربية، اللهم إلا بعض أعضائها، تابعة للمجتمع الدولي الخبيث الذي سعى لتكريس حكم حافظ الأسد وولده من بعده والذي خطط ربما لتوريث حافظ الثاني. ولما كان الجيش الحر قبل عام أقل عدداً وعدة، صمتت الجامعة عن مطالبه، وذهبت كل محاولات قطر والسعودية لتسليح الجيش الحر هباء. ومع أن الدول العربية كافة ادّعت زورا أنها مع الشعب السوري لكنها سعت على الدوام لإحباط أي محاولة لتسليح الجيش الحر وتمكينه من رأس الأسد.

اليوم اختلفت الأمور، وإن كان الإعلام المعادي العربي أو الصهيوني أو العالمي يدافع عن بشار بطريقة غير مباشرة، ويحاول أن يظهر أن المعركة متكافئة وأن لا حل عسكريا للأزمة، إلا أن أعضاء الجامعة يعلمون علم اليقين أن الثوار على أعتاب القصر الجمهوري وأن مشنقة الأسد بدأت تنصب. ولهذا فهم يريدون أن يخرجوا بماء الوجه على الأقل.

لقد فشلت الجامعة العربية على مدار ستين عاماً من إدارة أي أزمة، وساهمت في ضياع فلسطين والعراق، وساهمت بلا شك في دماء الشعب السوري. فلم تتحرك وهي ترى ضياع فلسطين، ولم تبعث جيشا للعراق بل سهلت لأمريكا احتلال بلاد الرافدين. وسكتت عن استخدام الطائرات وصواريخ سكود ضد الشعب السوري الأعزل. ثم يأتي نبيل العربي اليوم، ليقول من غير المعقول أن يطلق الأسد صواريخ سكود على شعبه فهل من المعقول أيها الأمين أن يقتلهم بالطائرات وهم يشترون الخبز ويمثل بجثثهم ويدمر حياتهم ويشردهم في كل مكان.

إن من يسكت عن هذه الأفاعيل، لا يهمه أن تحصل المعارضة على مقعد سورية في الجامعة، ولكن الجيش الحر المتقدم بلا هوادة في الداخل أجبر الجامعة على هذه الموافقة.

مسألة أخرى، فإن الجامعة العربية شعرت بشكل واضح أن الأزمة خرجت من يدها وأنها أصبحت على الهامش، بينما ذهبت روسيا وإيران وقوى غربية للسيطرة على الموضوع والتحكم به لدرجة أن لافروف وصالحي يصرحان بدل الأسد، ويعتبران سورية جزءا من بلادهما. فأرادت الجامعة أن تشعر الغرب بوجودها، وتستعيد زمام المبادرة.

الذي أخشاه، هو ما صرح به نبيل العربي في نهاية مؤتمره الصحفي حول مسألة تمثيل سورية، فقد قال إن الجامعة لن تمنح المعارضة ذلك المقعد إلا بعد أن يقوم الائتلاف الوطني بتشكيل هيئة تنفيذية تمثل أطياف الشعب السوري كافة، وهذا يذكرني بالحديث عن حجّة توحيد المعارضة السورية التي كانت ذريعة و كذبة كبيرة للحؤول دون تمكين الثوار.

الأمين العام لا يتحدث فقط عن هيئة تنفيذية ولكنه يتحدث عما يشبه المجلس الانتقالي وربما سنقع في ورطة جديدة، فهل المجلس الجديد سيحل محل الائتلاف، أو ينبثق عنه، وهل سيقبل أعضاء الجامعة كلهم بالهيئة المولودة. وهل هناك معايير واضحة تحدد فيما إذا كانت الهيئة المطلوبة تمثل الشعب السوري بالفعل أو لا.

في الأحوال كلها، فإن الجيش الحر على أبواب إعلان النصر النهائي. وبمجلس جديد أو بدونه، سيحصل الشعب على حقوقه المحلية والدولية أيضاً.

 

د. عوض السليمان - فرنسا

======================

الثورة اللاطائفية ما تزال حية في سورية

عمر حسينو

2013-03-11

القدس العربي

في بلدة أعزاز في شمال سورية، يُطلّ الناظر إلى المنازل المدمّرة والمقابر الجماعية وآثار الدبّابات والقذائف الفارغة، على الواقع اليومي لملايين السوريين. وعند معبر باب السلامة المجاور على الحدود مع تركيا، يروي الأولاد كيف هربوا من منازلهم بعدما تعرّضوا للقصف من قوات النظام وهاجمتهم ميليشيات الشبيحة الموالية للحكومة. يسأل رجل 'لماذا أرسل بشار أبناء ملّته لقتل شعبنا البريء؟' مصوِّراً النزاع بأنه حرب بين الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد، والأكثرية السنية في سورية. ويثني رجل آخر على 'المسلمين الحقيقيين والصالحين' في 'جبهة النصرة'، المصنفة من قبل الولايات المتحدة كـ'مجموعة إرهابية' مرتبطة بتنظيم 'القاعدة'، والمتهمة بالتحريض على الطائفية، ودعمها للحكم الإسلامي الأصولي.

تشير هذه المشاهد التي رأيتها في رحلتي الأخيرة إلى شمال سورية الذي تمزّقه الحرب، إلى النمو المقلق للمجموعات الجهادية والسلفية، لكنها ليست القوى الوحيدة التي تظهر في سورية الجديدة. فالروح المدنية والوطنية التي أطلقت شرارة الثورة السورية في البداية لا تزال متّقدة وبحالة جيّدة. هناك عدد كبير من القادة الدينيين ومن الناشطين على مستوى القاعدة الشعبية الذين يعملون على بناء بلد يرتكز إلى المبادئ المدنية ، في مواجهة الثأر المذهبي، ويؤمّن لجميع مواطنيه المساواة في الحقوق. حتى بعض المحاكم الشرعية الإسلامية التي نشأت لإقامة العدل في المناطق التي هجرها النظام السوري، تنطوي على اتّجاهات غير طائفية مفاجئة. تنطوي - بشكل مفاجئ - على اتّجاهات غير طائفية.

ليس واضحاً بعد إذا كان بإمكان هذه الحركة أن تصمد مع تواصل الانتفاضة. إلا أن هؤلاء الأشخاص يجسّدون في الوقت الحالي بارقة الأمل بأن سورية قد تنجح في تفادي حرب طائفية شاملة.

 

الحركات الشعبية

من الحركات الاحتجاجية غير العنفية الأشهر على الأرض 'تجمّع نبض للشباب المدني السوري'، الذي يُحدّد لنفسه الهدف الآتي 'محاربة النظام ومكافحة الطائفية.' يقود التجمّع 'أبو رامي'، وهو علوي من حمص انضم إلى الثورة منذ بداياتها. تشكّل هذه الحركة الشبابية الصغيرة نسبياً أداة لتمكين الأقليات، ولا سيما العلويين الذين يعارض الجزء الأكبر منهم الثورة.

يقوم ناشطو 'تجمّع نبض' الذين يتمركزون في معاقل مدنية على غرار يبرود وسلَمية والزبداني وحمص، بمبادرات صغيرة النطاق إنما فريدة من نوعها. ففي عيد الميلاد، ارتدى ناشطو التجمّع ملابس سانتا كلوز ووزّعوا هدايا على المسيحيين، والمسلمين في حمص والنازحين من الزبداني. وفي الاحتجاجات التي تعمّ مختلف أنحاء البلاد، يرسل 'تجمّع نبض' ناشطين مدنيين وعلمانيين ومن الأقليات يرفعون لافتات كُتِب عليها 'في سورية طائفتان: طائفة الحرية وطائفة الظالمين'، و'قبل الدعوة للثأر الطائفي، تذكّروا أنكم ارتعدتم عندما شاهدتم المجزرة'.

قال لي أبو رامي 'قسم صغير من اللافتات والهتافات في أجزاء من سورية يصبح أكثر تشدّداً وطائفية، لذلك نريد أن نكون بمثابة القوة المضادّة، وأن يكون لحركتنا وجود على الأرض'. وأضاف 'لكن العمل الأصعب سيأتي بعد إطاحتنا للنظام، حيث سنحاول الحؤول دون تفكّك البلاد'.

وبعيداً من التنظيمات على غرار 'تجمّع نبض'، يعمل ناشطون أفراد أيضاً بصورة مستقلّة لمساعدة الانتفاضة والمساهمة في مدّ جسور بين الثوّار الذين يتألّفون في معظمهم من السنّة والأقليات في البلاد. قال لي: اخبرني نحو ستّة ناشطين علويين وإسماعيليين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إنهم يعملون بانتظام مع 'الجيش السوري الحر' لتمرير المساعدات الإنسانية والعسكرية خلسةً عبر حواجز التفتيش التابعة للنظام. ويصطحبون معهم نساء غير محجّبات يتحدّثن باللهجة العلوية، بما يتيح لهم تفادي إثارة الشبهات لدى عناصر النظام.

لا يتردّد ناشطون آخرون في المجاهرة بصوت عالٍ بمساهمتهم في الجهود المناهِضة للأسد، ومنهم لبنى مرعي، شابّة علوية من مدينة جبلة التقيتها أيضاً خلال رحلتي، فهي تتنقّل ذهاباً وإياباً من سورية وإليها بصورة علنية مع كتائب 'الجيش السوري الحر' لتأمين القمح للسكّان المدنيين في المناطق التي تمزّقها الحرب.

 

القادة الدينيون

ليس الشباب المدنيون والأقليات سوى جزء صغير من الحركة الثورية اللاطائفية، فالشخصيات الدينية تؤدّي أيضاً دوراً بارزاً. انشقّ الشيخ أبو الهدى الحسيني، المدير السابق للأوقاف في حلب، عن النظام في آب/أغسطس 2011 وتوجّه إلى تركيا. وقد انضمّ إلى الشيخ محمد اليعقوبي، وهو داعية صوفي سابق في مسجد الحسن في دمشق شنّ هجوماً على النظام في عظته الشهيرة في ايار/مايو 2011، وشكّلا معاً 'الكتلة الوطنية' التي تسعى إلى ترويج جدول أعمال مناهض للتشدّد والاصطفاف المذهبي.

وقد دعا الحسيني، خلال مأدبة عشاء في مدينة إسكندرون التركية، إلى تفسير معتدل للإسلام. ولفت إلى أن القرآن يحرّم التعصّب الطائفي مشدّداً على الحاجة إلى إصدار عفو عام بعد سقوط النظام، إذ اعتبر أن المسامحة هي ركيزة أساسية من ركائز الإسلام. وعبّر الحسيني أيضاً عن رؤيته لدولة مدنية وحكومة تعدّدية بعد سقوط النظام السوري، مقترحاً اعتماد نظام المجلسَين التشريعيين الذي يمنح قادة جميع الجماعات الدينية أو الإثنية فرصة إسماع صوتهم في الحكومة. قال لي 'يجب أن يتمكّن كل شخص من التعبير عن رأيه، مهما كانت المجموعة التي ينتمي إليها صغيرة، وهذا يشمل حتى الملحدين'.

تحاول 'الكتلة الوطنية' جمع مئة من أبرز القياديين الموالين للثورة في سورية - بما في ذلك زعماء القبائل والمفكّرون ورجال الدين والعلماء - من أجل نشر رسالة الوحدة الوطنية والمصالحة. الفكرة التي تقف خلف هذا المسعى هي أنه بإمكان هذه النخب أن تستخدم مكانتها في المجتمع السوري للنأي بالبلاد عن التشدّد والانتقام. تطالب الكتلة بالعودة إلى دستور 1950 واعتماده كنقطة انطلاق في مرحلة ما بعد الأسد.

يتطلّع الحسيني إلى المرحلة الانتقالية بعد الأسد لتوسيع دور الكتلة، معلِّقاً: 'في هذه المرحلة حيث يحتدم القتال وتراق دماء كثيرة، يصعب التكلّم مع المقاتلين الذين يخوضون معارك ضارية ونقل رسالة إليهم'.

 

المحاكم الشرعية

قد تبدو المحاكم المرتجلة التي أنشئت لفرض الشريعة الإسلامية أداة أساسية لترويج الأفكار المتشدّدة - لكن بعض هذه المحاكم يفعل العكس في سورية. تشكّل محكمتان شرعيّتان - واحدة عند معبر باب السلامة الحدودي والثانية في محافظة إدلب في الشمال - دواء ناجعاً في مواجهة الثأر المذهبي الجماعي.

قال لي الشيخ أبو جمال، رئيس قسم الشريعة والقانون في مجلس إدلب 'الانتماء إلى الطائفة العلوية ليس جريمة في الإسلام. يتحمّل القادة الدينيون مسؤولية مهمّة تقتضي منهم التصدّي لعدالة الاقتصاص الشخصي، وقد انتقدنا علناً الكثير من الشبّان الذين يأخذون الأمور على عاتقهم الشخصي. والأكثرية تصغي إلينا'. قال أبو جمال إن الهدف من المحاكم الشرعية هو الحرص على عدم معاقبة أحد من دون محاكمته. في محكمته، المتّهم بريء حتى تبثت إدانته، ويشهد ناشط حقوقي ورجل دين إسلامي على المحاكمة لتقديم النصح والاعتراض على المخالفات، ولكل متّهم الحق في تكليف محامٍ للدفاع عنه.

ومع ذلك، تعاني المحاكم الشرعية من المشاكل. فهي ليست كلّها متشابهة، والحماية التي يؤمّنها أبو جمال قد لا تكون موجودة في محاكم أخرى. ليست هناك آلية للاستئناف، والمنظومة منحازة نحو اختيار قضاة موالين للثورة سواء عن طريق التعيين أو الانتخاب. لكن في الوقت نفسه، فإن الدور الذي تؤدّيه هذه المحاكم في دعم الإجراءات القانونية وسيادة القانون يقف في المرصاد لمحاولات الاقتصاص الشخصي المذهبي الطابع في هذه المرحلة الانتقالية.

 

المجموعات القتالية

ترفض بعض المجموعات القتالية أيضاً التشدّد المتنامي لدى إخوانها المعارضين للأسد. في بلدة أعزاز الشمالية، التقيت النقيب بيوار مصطفى، قائد 'لواء صلاح الدين' الكردي الذي يحارب في شكل أساسي في حلب. قال لي 'نؤمن بالديمقراطية، والمساواة في الحقوق للجميع، وحسن التمثيل. وهذا مناهِض تلقائياً للطائفية. الجيش السوري الحر هو لجميع السوريين، وليس لمجموعة واحدة، ويشكّل الأكراد قوّة اعتدال في هذا الإطار'.

يبدي مصطفى الذي انشق عن الجيش السوري، خشيته من تصاعد شعبية المجموعات المتطرّفة مثل 'جبهة النصرة'. وهو لا يثق أيضاً بـ'حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني' المتفرّع من 'حزب العمال الكردستاني' التركي، قائلاً بأن لقيادته آراء انفصالية متطرّفة وبأنها تتعاون مع نظام الأسد. وأضاف أنه قد تكون هناك حاجة إلى إقامة تحالفات مؤقّتة مع المتشدّدين في الوقت الراهن، إلا أن المقاتلين الأكراد مصمّمون على الوقوف في وجه التعصّب المذهبي عندما يسقط النظام.

وعلّق مصطفى 'اليوم نشارك نحن الأكراد في القتال، حتى إننا نحارب إلى جانب النصرة في حلب، وغداً سوف ندافع عن السوريين كافة. أقسم بالله إنه إذا أراد بعض المتشدّدين قتل العلويين، سنحارب بأسلحتنا ونموت دفاعاً عن العلويين لأن جيشنا هو لجميع السوريين'.

يعبّر عناصر 'لواء صلاح الدين'، وبينهم أيضاً عرب وتركمان، صراحةً عن تطلّعهم إلى قيام دولة علمانية تحترم التعدّدية والأقليات والحريات الدينية. وبما أنهم أكراد علمانيون في معظمهم، يعتبرون أنهم يشكّلون جسراً بين العرب السنّة والأقليات في سورية. على الرغم من الزخم الذي تتمتّع به الحركة اللاطائفية، تؤدّي الهمجية المتزايدة التي يمارسها النظام إلى ظهور مؤشّرات مقلقة عن اتّساع رقعة التشدّد في مختلف أنحاء سورية. فقلّة من الأشخاص الذين تحدّثت معهم أبدت استعداداً لانتقاد 'جبهة النصرة'، فقد اعتبر معظمهم أن هذه المجموعة الجهادية المرتبطة بتنظيم 'القاعدة' تقدّم مساهمة ميدانية لم يستطع الغرب توفيرها. أكثر ما فاجأني هو أن عدداً كبيراً من الناشطين المدنيين والعلمانيين فضلاً عن أولئك المنتمين إلى الأقليات، دافع عن الجهاديين. لعل علي المير، وهو طبيب شيعي وناطق باسم تنسيقية مدينة سلمية التي تتألف غالبية سكّانها من الإسماعيليين، اختصر الأمر جيداً بقوله 'اسمع، أنا شيعي، لكن هؤلاء السلفيين يساعدوننا. 'أحرار الشام' يقاتلون النظام ويؤمّنون المساعدات حتى للمناطق الشيعية، على الرغم من أننا لا نتّفق في الآراء في أمور كثيرة'.

وعلّقت امرأة علوية طلبت عدم ذكر اسمها، بلهجة أكثر تحدّياً 'لا أفهم لماذا تصف الولايات المتحدة جبهة النصرة بالإرهابية، في حين أن بشار الأسد هو الإرهابي الوحيد في سورية'.

بدأت الثورة في سورية سلمياً، ولا تزال الروايات المفعمة بالأمل عن الوحدة الوطنية واضحة على الأرض. لكن مع تواصل النزاع، تتراجع القوى اللاطائفية شيئاً فشيئاً أمام المتشدّدين، إلا أنها لا تزال تشكّل الأمل الأخير والأفضل لتفادي حرب أهلية طائفية في سورية.

 

' باحث سوري أمريكي

======================

باراك عندما يتحدث عن اختفاء سورية

رأي القدس

2013-03-11

القدس العربي

عندما يتوقع ايهود باراك وزير الامن الاسرائيلي تفكك سورية وحسم موضوع الملف النووي الايراني في الاشهر القليلة المقبلة، فهذا يعني ان احتمالات الحرب باتت اكبر من احتمالات السلام.

سورية لا تتفكك، بل تتآكل ايضا، تتآكل كدولة وكيان، وتتحول الى جزر صغيرة تتبع هذا الفصيل او ذاك في ظل انحسار نفوذ الحكومة المركزية في العاصمة دمشق وبعض المدن الاخرى.

الاحاديث عن الحلول السياسية تخفت حدتها يوما بعد يوم وسط انباء عن تكثيف عمليات التسليح للنظام والمعارضة المسلحة في الوقت نفسه، روسيا تسلح النظام والدول الخليجية تسلح المعارضة باسلحة نوعية، مما يعني ان الحسم العسكري بات هو الحل المتفق عليه بين طرفي الصراع، او بالاحرى اطرافه جميعا.

الارتباك والتردد هما السمة التي تحكم تصرفات ما يسمى بالمجتمع الدولي، ولا ننسى بان هذه السمة تنطبق ايضا على جامعة الدول العربية، بل وحتى الائتلاف الوطني السوري الذي عجز، ورغم جهود عديدة، عن تشكيل حكومة مؤقتة تلبي مطالب الجامعة وشروطها لاحتلال مقعد سورية في القمة العربية المقبلة في الدوحة.

الموضوع الحيوي الذي يحاول معظم المتورطين في الملف السوري الحديث عنه هو مستقبل سورية، وهوية النظام الذي يحكمها وحدوده الجغرافية والاراضي الخاضعة لسيطرته، وما اذا سيكون النظام الوحيد ام ان جيرانا آخرين سوريين ايضا سيشاركونه في حكم مناطق اخرى؟

الحاضر واضح للعيان، جيش سوري حر يقول وزير العدل الامريكي الزائر للمنطقة ان غالبية عناصره تتبنى ايديولوجية تنظيم القاعدة، وجماعات جهادية متعددة تسيطر على جيوب في الشمال الشرقي واخرى في الشمال الغربي، ونظام يتغول في القتل والقصف بالصواريخ للمناطق الخارجة عن سيطرته.

المشهد السوري يبدو ملطخا ببقع الدماء وجثث ضحايا المجازر، وارتفاع غير عادي لاعداد القتلى والجرحى، فهناك من يقول ان هناك سبعين الف شهيد، وهناك من يقدر الرقم بتسعين الفا، لكن الرقم المتفق عليه هو حول عدد اللاجئين الذي وصل الى مليون لاجئ في دول الجوار، ومن المتوقع ان يصل الى ثلاثة ملايين مع انتهاء العام الحالي.

هجمة التسليح الحالية للمعارضة المسلحة من قبل دول الخليج تريد كسر معادلة الجمود الحالية واجبار النظام على الجلوس الى طاولة المفاوضات مع خصومه للتفاوض على رحيله، ولكن النظام، ومثلما تشير كل الدلائل على الارض، مصمم على البقاء، ومواصلة القتال مدعوما بدولة عظمى هي روسيا، ودولة اقليمية كبرى هي ايران، وميليشيا مسلحة خبرت الحروب جيدا هي حزب الله.

المنطقة كلها مهددة بالتفتيت، التفتيت الجغرافي، والتفتيت المذهبي الطائفي، والشيء الوحيد المؤكد ان لا دولة محصنة، او معصومة.

 

======================

هل يتخطى الأردن الحدود مع سورية؟

فهد الخيطان

الغد الاردنية

12-3-2013

لم يستبعد مفوض شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس، وصول عدد اللاجئين السوريين إلى أربعة ملايين هذا العام، إذا لم يتوقف النزاع في سورية. وحذر المفوض الأممي الدول المجاورة لسورية من خطر انفجار الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط إذا استمرت الأزمة في سورية.

إذا ما صدقت توقعات غوتيريس، فإن حصة الأردن من هذا الرقم لن تقل عن النصف، بالنظر إلى المعدلات اليومية لأعداد اللاجئين الوافدين إلى مخيم الزعتري.

في غضون أسابيع قليلة، تحول مخيم الزعتري إلى مدينة كبيرة يصعب السيطرة عليها. ومع التوجه إلى فتح مخيمين إضافيين بالقرب منه، تبدو مناطق واسعة في شمال المملكة وكأنها جزء من الأراضي السورية. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فالأغلبية الساحقة من اللاجئين السوريين يتواجدون خارج المخيمات. وفي بعض البلدات الأردنية، يناهزون عدد السكان.

التصريحات المتواترة للمسؤولين الأردنيين في الأسابيع الأخيرة، تشي بقرب الإعلان عن عجز الحكومة عن استقبال المزيد من اللاجئين. لكن الحكومة في ورطة؛ فهي، ولاعتبارات قانونية وإنسانية، لا تستطيع أن تغلق حدودها في وجه الفارين من مناطق القتال التي تنعدم فيها كل أشكال الحياة. لكنها، وفي الوقت ذاته، تدرك أن الصراع في سورية سيطول، وسيستمر تدفق اللاجئين، ومعهم مخاطر الانفجار الذي حذر منه المفوض الأممي، ويحيط المسؤولون بحقائقه من قبل.

المجتمع الدولي لم يقم بواجبه الكامل في مساعدة الدولة المستضيفة للاجئين؛ المساعدات بالقطارة، وبالكاد تسد الحاجات الأولية للمهجرين، وهو غير مستعد أيضا لتدخل عسكري في سورية على غرار ما فعل في مناطق نزاع أخرى. أقصى ما يمكن أن تفعله الدول الغربية هو تقديم أسلحة ومعدات عسكرية للمعارضة، ليس مرجحا أن تحسم المواجهة مع النظام في وقت قريب.

ما السبيل إذن للخروج من هذا الكابوس؟

في الآونة الأخيرة، قفز إلى أذهان المسؤولين سيناريو غريب بعض الشيء، لكن يحمل في طياته حلا جذريا لمشكلة تدفق اللاجئين، ويقوم على مبدأ التدخل الوقائي لغايات إنسانية. يقضي السيناريو المقترح بتأمين شريط حدودي داخل الأراضي السورية، وبعمق 40 كيلو مترا، ليكون بمثابة ملاذات آمنة يعاد فيها تجميع اللاجئين السوريين من مختلف المناطق، وخاصة المتواجدين في مخيم الزعتري. وتخضع هذه المناطق لإدارة مشتركة من جانب الأمم المتحدة والجيش السوري الحر الذي بات يسيطر على أجزاء واسعة من المناطق الحدودية مع الأردن.

الفكرة تنطوي على قدر كبير من المجازفة، ويتوقف النجاح في تطبيقها على موافقة الدول صاحبة الشأن في الأزمة السورية؛ أميركا وروسيا على وجه التحديد، بالإضافة إلى دول جوار، وفي المقدمة تركيا التي تستضيف نحو مئتي ألف لاجئ سوري.

سبق للأردن أن فكر بسيناريو مماثل إبان الاحتلال الأميركي للعراق، وذلك لدرء مخاطر انتقال الفوضى الأمنية إلى أراضيه، ودرء خطر تنظيم القاعدة الذي استوطن المناطق القريبة من حدوده. لكن مشروع "احتلال الرمادي" لم ير النور حينها، واستبدل بخيارات أخرى.

الوضع أكثر تعقيدا في الحالة السورية، نظرا لطبيعة الصراع، والموقف الدولي المنقسم حيال الأزمة هناك. لكن في ضوء انعدام الخيارات الدولية، لا تتردد دول جوار سورية التي تحترق أصابعها بنيران الأزمة في التفكير بكل الخيارات لتجنب اللهيب.

fahed.khitan@alghad.jo

=======================

الثورة السورية وتأخر الحل

الغد الاردنية

محجوب الزويري

12-3-2013

ثمة كثيرون ممن يعتقدون أن ما يسمى الربيع العربي لو بدأ بالثورة السورية، لما كان انتهى الأمر إلى ما انتهى إليه في كثير من البلدان؛ وأن كثيرا من الأنظمة التي ذهبت ما كانت لتذهب، ولبقيت واتخذت من التدابير ما يمكنها من الإطباق على المشهد السياسي في تلك الدول لعقود طويلة مقبلة.

ومثل هذه القراءة تعتمد على فكرة بسيطة، مفادها أن مستوى العنف المستخدم سيشكل عامل ردع لأي محاولة اعتراض أو ثورة محتملة. وليس هذا فحسب، بل إن الصمت والتجاهل الدوليين سيشكلان عاملا لاستمرار مثل هذا العنف، وبالتالي لن يتم ما سعى ويسعى إليه المتظاهرون من تغيير سياسي يوقف مد الاستبداد، ويذهب بالمنطقة إلى فضاء أفضل من الحرية، وشكل من الديمقراطية والمشاركة.

إن تأخر أي نوع من التسوية في سورية طرح كثيرا من الأسئلة التي تبحث عن إجابات لفهم دواعي تأخر العثور على نوع من الحل يوقف شلال الدم، والأهم ربما هي التبعات السياسية والانقسام الذي أصبح يتنقل في المنطقة كالريح السموم. وهذه الأسئلة تتعلق بحالة الانتظار والتلكؤ التي يعاني منها العالم، والحديث هنا عن الولايات المتحدة والأوروبيين بشكل أساسي.

فالولايات المتحدة، ومعها أوروبا وبعض الحلفاء في المنطقة، كانت ترى في النظام السياسي في سورية أداة لإيران، وكان الحديث في العام 2004، على سبيل المثال، حول ما إذا كانت سورية المحطة التالية للحرب على العراق. لكن تغير كل ذلك. فواشنطن أصبحت الرجل المريض الذي يرفض الإقرار بوهنه، وأوروبا تعتمد في حركتها أن لا تكون وحيدة؛ فهي ترغب في حضور واشنطن. وكلا الطرفين يواجهان خصما سياسيا له كثير من مبررات الانتقام منهما، وهو روسيا. فموسكو ترى أن الزمان زمانها، وأن واشنطن لم تعد قادرة على أن تقود العالم إلى حروب كما فعلت في الأعوام 1991 و2001 و2003. والأهم ربما هو إيمان روسيا، وكذلك الصين، بأن واشنطن باتت قلقة من كرة اللهب المسماة ربيع العرب. فتلك الكرة أجهزت على حلفاء واشنطن قبل خصومها، الأمر الذي يحمل كثيرا من التبعات الاقتصادية والسياسية على تلك الدول.

وعلى صعيد غير بعيد، ثمة قلق كبير في عواصم تلك الدول بشأن طبيعة النخب السياسية والتغيرات التي سيجلبها هذا التغيير الذي هللت له دول مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية. هذا القلق بدأ صغيرا، لكن ما يحدث في مصر وتونس وليبيا، وكذلك التطورات المتسارعة في سورية، أصبح يشكل مصدر قلق أساسي، مرده ما إذا كان العالم -في ظل أزمة اقتصادية حادة- مستعدا لتغيرات سياسية تهدد ما بقي من مصالح اقتصادية لتلك الدول.

إن من السذاجة الاعتقاد أن حالة الترحيب التي تُسمع هنا أو هناك من عواصم غربية، تعكس الحقيقة. فتلك الدول لم ترغب في هذا التغيير، لاسيما بالشكل الذي حصل به، بسبب ما نتج عنه من مخاطر ضربت وستضرب مصالح الدول بشكل تدريجي.

إن الإرادة الدولية التي تركت أثرا في تغيير مسار الثورة الليبية، وكذلك دفعت الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى التنحي، لا تبدو موجودة في الحالة السورية. وتفسير ذلك ربما يكون في حالة تصفية الحسابات القائمة بين الخصوم الدوليين. لكن ثمة عوامل أخرى لها علاقة بالأعباء السياسية والاقتصادية التي تأخذ كثيرا من الدول تدريجيا إلى غرف الإنعاش والعناية الحثيثة.

غياب تلك الإرادة يذكر بأحد دروس التاريخ المهمة، وهو المرتبط بالاستبداد ومروجيه. فما يسمى النظام الدولي الذي يبرر الكثير من التغيرات المستبدة، لن يكون قادرا على دفع الاستبداد. وفي محصلة الأمر، فإن مسار الثائرين ماض، وكذلك مسار أهل السياسة. والتغيرات تقول إن الماضين في مسار السياسة في حيرة من أمرهم، لكن الثائرين يبدون قانعين بمسارهم، وتقدمهم هو الوحيد الذي قد  يأتي بالحل، هذا إن لم يفرضه.

mahjoob.zweiri@alghad.jo

========================

بعد خروجها من السجون العراقية..الصحفية "هبة الشمري" تصرخ: نعم اغتصبوني تبا لرجولتكم

الثلاثاء,12 مارس 2013 07:41 م

أحرار برس

ظهرت الكاتبة الصحفية "هبة الشمري" بعد اختفاء دام لعدة سنوات، وذكرت أنه كان بسبب اعتقال القوات العراقية لها بسبب كتاباتها القوية ضد فساد الحكومة التابعة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وذلك من خلال قانون الإرهاب سيء السمعةفي العراق.

وللكاتبة الصحفية هبة الشمري عدة مقالات على في صحيفة "وطن" كشفت فيها العديد من الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام العراقي بحق المدنيين وخصوصًا النساء في العراق.

وبعد أن خرجت من المعتقل كتبت مقالاً تحكي فيه اغتصابها من قبل قوات المالكي في السجن مرات ومرات.

وإليكم المقال كاملاً

 

قبل أيام أفرج الجلاد عني بعد سنوات عجاف من السجن الظالم في معتقلات الخزي والعار الصفوجية ، والتهمة هي أربعة إرهاب أو أربعة سنة كما يحلو لزميلات المعتقل أن يطلق علي قانون المالكي سيء الصيت والسمعة والأخلاق.

نعم عرفوا أن اسمي الحقيقي حنان المشهداني وليس هبة الشمري ، نعم عرفوا أني دكتورة ولست صحفية ، ولكنهم لم يعرفوا باني سأعود بعد سنوات السجن لأشرح للناس ماذا يحدث في سجون المالكي وعصاباته الصفوية.

سأنشر لكم مذكرات السجن وسأسرد لكم يا رجال العراق والعرب من الأهوال والأخبار التي ستجعلكم تشعرون بالعار والخزي، ولن اقفل باب غرفتي واندب حظي، وأقوم بالحداد علي عذريتي وأنا ابنة بيوت العراق من الشمال إلي الجنوب.

نعم اغتصبوني مرات ومرات وركلوني وضربوني وشتموا رجال العراق وشرفكم وبصقوا على شواربكم ، لكنني لن اسكت وسأنشر الغسيل المتسخ والعفن للمالكي وكلابه، لست ممن يبيع قصته للفضائيات التي كانت ومازالت تتربح من جرحنا ، سأنشر كل شيء عبر مدونتي البسيطة المجانية ومرحبا بالسجن مرة أخري من أجل العراق ومن اجل شعب العراق، وتبا لرجولتكم.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ