ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم 16-03-2013 سوريا..
الحرب الإقليمية الكبرى عبدالرحمن
الراشد الشرق
الاوسط 16-3-2013 عامان
من الثورة حولا سوريا إلى أكبر مستنقع
في العالم. في دمها ووحلها يتعارك
الإيرانيون، والعراقيون، والروس،
وحزب الله، وجبهة النصرة، والأحرار،
وأتباع «القاعدة»، وحزب العمال
الكردستاني، والجبهة الشعبية - أحمد
جبريل، و«الجيش الحر» بألويته
وكتائبه، والسعودية، وقطر وتركيا،
والأردن، والآن على وشك أن تدخل الحلبة
بريطانيا وفرنسا. في سوريا الآن حرب
إقليمية كبرى. بدأت
بمظاهرة احتجاجا على قمع أطفال مثل هذا
الأسبوع، قبل عامين، ثم انتشرت فكرة
الرغبة في التخلص من حياة الذل والقمع
اللذين تمارسهما الدولة البوليسية.
انتشرت كالفطر، وهزت أنحاء سوريا
الاحتجاجات الداعية لإسقاط آخر عتاة
الديكتاتوريين العرب، ومنذ ذلك الحين
الثمن لا يبارى، مائة ألف قتيل، ومليون
سوري عبروا الحدود لاجئين، وملايين من
المشردين عالقون في الداخل. سكان المدن
فروا للريف، وأهل الريف فروا للكهوف
والمزارع، والأقليات تنكفئ إلى
مناطقها، والحرب مستمرة. ورغم هول
المأساة وعمقها، لا أحد يريد أن يعود
التاريخ إلى ما وراء عامين، أمر تتفق
عليه غالبية الشعب السوري.. لا عودة
للعيش تحت حكم بشار الأسد. سيسقط مهما
عظم الثمن، هذا لسان حال السوريين، مع
أن المستقبل صار كابوسا بقدر ما كان
الماضي مخيفا. حتى
الروس يدركون الآن أن حكم الأسد محكوم
عليه بالسقوط، فقد وصلت المعارضة
المسلحة إلى مناطق نفوذه العميقة.
والروس لم يعودوا يسعون للإبقاء على
النظام، بل يضغطون من أجل حياكة حل
سياسي يحافظ على مصالحهم بمنح حلفائهم
في النظام الحالي مكانة في سوريا
الجديدة، وهذا مطلب أصبح مستحيل
التحقيق. ومن
كبار المتورطين، حزب الله، بكل قواته
يخوض حربا ضد الشعب السوري هي الأضخم
في تاريخ الحزب الذي عمل دائما مخلبا
للنظام الإيراني. بخمسين ألف مقاتل
يشارك في قمع ثورة الشعب السوري، أي
يقاتل بأكبر مما قاتل به الإسرائيليين
في حروبه معهم ثلاثين سنة، وبتورطه عبر
الحدود يهدد بنقل الحرب إلى لبنان أيضا.
شمال العراق وغربه مهددان بالتفكك،
بسبب تورط رئيس الوزراء نوري المالكي،
هو الآخر، في حرب سوريا إلى جانب نظام
الأسد. على
التراب السوري تدور حروب متعددة. وليس
من قبيل المبالغة عندما حذر مسؤولون
إيرانيون علانية بأن سقوط الأسد لا يقل
خطرا عليهم من سقوط طهران نفسها! كبرت
سوريا من ثورة إلى حرب إقليمية كبرى،
وعلى وشك أن تكون محل تنازع دولي
بإعلان بريطانيا وفرنسا استعدادهما
لتسليح المعارضة السورية، حتى لو رفض
الاتحاد الأوروبي رفع الحظر الذي فرضه
ذاتيا على المتحاربين من الطرفين. ما الذي
يمكن لنا أن نفعله، عدا عن العمل
الإغاثي الضخم المطلوب لملايين
السوريين المشردين؟ في ذكرى مرور
العام الثاني على الثورة لم يعد هناك
شك في قدرة الثوار في إسقاط النظام،
فهم يزحفون ببطء كالسلحفاة، لكن بثبات
ونجاح، وسيصلون إلى مبتغاهم، رغم
تكالب الأعداء عليهم. الأهم، في نظري،
السعي بإصرار لجمع السوريين في منظومة
سياسية واحدة من خلالها يمكن لهم
اختيار النظام والقيادات التي
يريدونها. الدور العربي هنا، جمع
المعارضة لتتحمل المسؤولية والقبول
بنظام جامع يشمل كل القوى على الأرض،
مدنية وعسكرية، من كل الطوائف
والمناطق. في معظم الدول المنكوبة كانت
الرعاية الخارجية تمنح الشرعية، دولية
أو إقليمية، للنظام البديل بما يعين
على تفادي الانقسام والحرب الأهلية.
هذا ما حدث في مطلع التسعينات
للكويتيين في الخارج، بعد احتلال صدام
لبلدهم، ومحاولته طمس شرعية الحكم.
كذلك، تم ترتيبه للعراق بعد إسقاط
صدام، بإجماع كل الأطراف والقوى
المختلفة المحافظة على وحدة البلاد
واستقلالها. وهناك أزمات فشل المجتمع
الدولي فيها. بسبب الاحتراب الداخلي في
يوغوسلافيا شرعت الأمم المتحدة في
تقسيمها، لأنها أصلا شكلت كدولة من سبع
دويلات بعد الحرب العالمية الثانية،
لينفرط عقد الاتحاد في التسعينات
فتستقل خمسة أقاليم ولا يتبقى منها سوى
صربيا والجبل الأسود. ومع أن سوريا
تاريخيا بلد مترابط فإنها هي الأخرى،
قد لا تستمر هكذا إذا فشلت المعارضة في
تبني مشروع يجمعها. التحدي الذي يواجه
الشعب السوري لم يعد إسقاط الأسد، بل
الحفاظ على الدولة كيانا موحدا
مستقرا، وتجنب الوقوع في فخ الحرب
الأهلية التي يبشر بها نظام الأسد
وحلفاؤه. =================== طارق
الحميد الشرق
الاوسط 16-3-2013 مع دخول
الثورة السورية عامها الثالث، ووسط
الذهول من الموقف الأميركي الداعي
لضرورة الحوار بين المعارضة والنظام،
أعلن الفرنسيون والبريطانيون
استعدادهم لتسليح الثوار سواء وافق
الاتحاد الأوروبي أو لم يوافق، وأظهرت
ألمانيا، المعارض الأبرز لفكرة
التسليح، ليونة واضحة تجاه المبادرة
الفرنسية البريطانية، لكن المفاجأة
ليست هنا. المفاجأة
الأبرز كانت في الموقف الأميركي تجاه
المبادرة الفرنسية البريطانية، خصوصا
أن واشنطن دعت قبل أيام معدودة لضرورة
محاورة المعارضة للنظام، حيث ردت
المتحدثة باسم الخارجية الأميركية على
سؤال عن قرار باريس ولندن تسليح
المعارضة بالقول «سندعم بالتأكيد كل
أشكال المساعدة للمعارضة السورية،
والتي تتحدث عنها علنا فرنسا
وبريطانيا»! فما الذي يحدث تحديدا؟ الواضح،
وعطفا على التحركات الأخيرة، أميركيا
وأوروبيا، وبالطبع عربيا، خصوصا أن
العاصمة البريطانية قد شهدت اجتماعات
مهمة جدا إبان مؤتمر أصدقاء سوريا في
روما، وبحضور غربي وعربي مميز ناقش
الأوضاع السورية بجدية واضحة.. الواضح
أننا الآن أمام تحرك دولي يقوم على
مبدأ العصا والجزرة للأسد، فإما أن
يقبل طاغية دمشق بالحوار الجاد الذي
يعني تنحيه، أو تسليح الثوار وإسقاطه
عسكريا. وعملية العصا والجزرة هذه لن
تكون للضغط على الأسد وحده، وإنما
للضغط أيضا على روسيا، وإحراجها دوليا
وداخليا؛ فالثوار السوريون يتقدمون
على الأرض، وعملية التسليح أمر حاصل،
لكن ليس بالأسلحة النوعية التي تريدها
المعارضة، ونظام الأسد في تداعٍ
مستمر، ولا ينكر ذلك إلا مكابر، فحتى
الروس أنفسهم بدأوا يجلون مزيدا من
رعاياهم في سوريا، وعليه فإن الغرب
يريد الضغط على الروس، وإحراجهم، فإما
أن يضغطوا على الأسد للرحيل، أو
يتوقفوا عن دعمه، خصوصا أنه من الواضح
أن الروس يتلكأون على أمل الحصول على «الثمن»
المنشود، ومن شأن دعم الثوار بالأسلحة
النوعية أن يعجل بسقوط الأسد، مما يجعل
الروس أمام خيارات محدودة جدا، لا
مكاسب لهم فيها. وبالتالي فإن عملية
العصا والجزرة هذه هي عملية استهداف
لكل من الأسد والروس، وإن كان بدرجة
أقل. ومبررات
كل من باريس ولندن وغيرهما من العواصم
الأوروبية واضحة، فالكفة على الأرض
تميل لمصلحة الثوار رغم الدعم
الإيراني المتنامي للأسد، وبشكل
جنوني، وحجم الكارثة التي يتسبب فيها
نظام الأسد لم يعد محصورا بسوريا
وحدها، وإنما امتد إلى الدول المجاورة
مثل لبنان والأردن وتركيا، وهو ما قاله
العقلاء آلاف المرات، وحذروا منه من
قبل، ولذا فإن التحرك للتسليح العلني،
والنوعي، بات ضرورة ملحة، وخيارا
دبلوماسيا أيضا بالنسبة للغرب، وكما
قال الرئيس الفرنسي فإن الأسد «يتلقى
أسلحة على الرغم من العقوبات، في حين
أن المعارضة تخضع لقواعد الحظر». وعليه
فإن السؤال الآن هو: هل يتجنب نظام
الأسد العصا ويتلقف الجزرة؟ تاريخ هذا
النظام، الأب والابن، وحتى اليوم،
يقول إن هذا النظام لا يفهم إلا لغة
العصا، ولذا فلا بد من التسليح، والآن
وليس بعد شهر أو شهرين! =================== في
ذكرى الثورة .. سوريا المثخنة بالجراح اليوم
السعودية 16-3-2013 يستعيد
السوريون، هذه الأيام، الذكرى الثانية
لثورتهم، وهم مثخنون بالآلام، إذ
يواجهون قوى تتمتع بأبشع وأقسى همجية .
بعد الثورة اكتشف السوريون أن بلادهم
لم تكن تحكم بنظام حكم طبيعي وإنما
كانت سوريا مستعمرة من قبل شبكة
إيرانية ضخمة بواجهة اسمها نظام الأسد
وبعنوان تضليلي هو المقاومة. وكل
الأسلحة التي كانت الشبكة توهم
السوريين أنها تعدها لمقاومة إسرائيل
، كانت في الواقع تكدس وتستهدف
السوريين إنسانا وأرضاً ووطناً. واكتشف
السوريون واللبنانيون أيضاً أن
المنظمات الكثيرة التي
ترفع شعار المقاومة ليست إلا
وكالات إيرانية تحارب لصالح إيران
وتسالم باسم طهران وتنفذ أوامر
إيرانية، ولا علاقة لها بأي مقاومة. يستعيد
السوريون ذكرى الأيام الأولى لثورتهم
قبل سنتين، وهم يتلقون صواريخ سكود
وقنابل الطائرات من النظام الذي أقسم
على الولاء لهم وحمايتهم، ومن النظام
الذي سحب فرقه العسكرية من جبهة
الجولان وزج بها في معارك ضد المدن
السورية. وأصبح العدو الحقيقي للنظام
ورعاته هم السوريين وليس إسرائيل التي
لم يطلق النظام عليها أية رصاصة، على
مدى 40 عاماً، على الرغم من إسرائيل
قصفت عدة مرات مواقع في عمق الأراضي
السورية. وذلك
يعني أن شعارات المقاومة التي كان
يتبناها إعلام النظام ورعاته لم تكن
إلا تنويما للسوريين وتخديرا للعرب. وكانت
مهمة سوريا الحقيقية هي أن تكون مركز
عمليات عدوانية إيرانية ضد الأمة
العربية وحياكة المؤامرات والفتن
وزعزعة استقرار الدول العربية وزرع
الفرقة والنزاعات بين شعوبها. وسوريا
نموذج حي على هذه المؤامرة لأن النظام
ورعاته ينفذون الآن معركة عدوانية
شرسة ضد السوريين، ويمارسون تطهيراً
طائفياً صريحاً في أوساط السوريين، بل
والأكثر من ذلك أنهم ينهضون بمهمة
لتدمير سوريا ما دام أنها لم تعد وكالة
تخدم مصالحهم وخططهم.
وواضح أن هجمة النظام ورعاته
بأسلحتهم الفتاكة لا تستثني أي سوري لم
يعد مطيعاً لهم ومنفذا لخططهم، ورمت
طهران بكل قوتها إلى جانب النظام بما
في ذلك استيراد ميلشيات من لبنان
والعراق لمواجهة الثورة المجيدة. ولكن
يبدو أن السوريين مصممون على إفشال
المشروع الإيراني ودحر عصاباته وتنظيف
سوريا من الوكالات المتنقلة التي
ربتها إيران ومولتها للعدوان على
الأمة العربية. وقد كشف الثوار
السوريون عن وثائق عثروا عليها في
المناطق المحررة، تؤكد أن النظام لم
يكن حكومة بقدر ما كان تشكيلا عصابيا
له فروع ووكلاء وعملاء يمارسون
الجريمة بكل أنواعها، ويخلصون لطهران
وكل أعمالها الشيطانية في الوطن
العربي. =================== حين
يعجز القانون الدولي عن حماية الشعوب 2013-03-16
12:00 AM الوطن
السعودية ليس
غريباً أن يرى النظام السوري في تزويد
المعارضة بالسلاح انتهاكاً صارخاً
للقانون الدولي، وليس غريباً أيضاً أن
يقول وزير الخارجية الروسي إن الأمر
ذاته خرق للقانون الدولي، لكون كل من
النظام السوري وروسيا لا يريان في
تسليح النظام السوري أو ذبح الشعب مثل
ذلك الرأي، وهنا تؤكد روسيا مرة أخرى
تورطها بكل ما جرى ويجري على الشعب
السوري من قتل وتهجير وتدمير بلغ
حدوداً يندى لها جبين البشرية
باستثناء نظام الأسد وداعميه. تأييد
واشنطن لتزويد فرنسا وبريطانيا
للمعارضة السورية بالسلاح مسألة
إيجابية تحتاج تطبيقاً حقيقياً لتدرك
روسيا أن رعايتها لنظام الأسد لن تجدي
نفعاً، فمع حصول الثوار على مضادات
جوية ومضادات صواريخ ستختلف المعادلة
كلياً، لأن القوة الجوية الضاربة التي
يعتمد النظام عليها في تدمير المدن
وإشغال المواطنين بلملمة جراحهم
وحماية أسرهم وإخراجهم من بيوتهم إلى
العراء، لن تبقى قادرة على تلك
الأفعال، مما يعني اقتراب النهاية
التي لا تحبذها روسيا، وهي سقوط النظام
مرغماً، فتذهب كل محاولاتها للإبقاء
عليه أو ضمان خروج سلمي لرجالاته أدراج
الرياح. إعلان
فرنسا وبريطانيا دعم المعارضة بالسلاح
ودعوتهما الاتحاد الأوروبي لرفع الحظر
عن تسليحها وتأييد الولايات المتحدة
يجب أن يستثمرها العرب فيضغطوا
لتطبيقها لتسريع الحل، وهم الذين
سمحوا منذ فترة قريبة عبر جامعة الدول
العربية لمن يريد من الدول الأعضاء
بتسليح الثوار في سورية، فالثوار
بقدراتهم المحدودة أسقطوا مدينة الرقة
في ساعات، وإن امتلكوا قدرات أكبر
فالحال سوف تتغير، فإما أن يبادر
النظام للقبول بالحلول، أو أنه سوف
يفقد المدن تباعا ويتهاوى تدريجيا حتى
يسقط في آخر المطاف، وتتهاوى معه
الذرائع الروسية الواهية لحماية
النظام السوري ومحاولاتها لعرقلة
تسليح الثوار، فيما هي تقدم للنظام
مختلف أنواع الأسلحة. فهل
القانون الدولي الذي ترى روسيا في منح
المعارضة أسلحةً اختراقا له يبيح
لروسيا تزويد النظام بأسلحة تبطش
بشعبه بحجة وجود صفقات قديمة؟ وألا
يوجد في هذا القانون الدولي بند يسمح
بتأجيل الصفقات ريثما تتسلم حكومة
شرعية إدارة البلاد، أو بند يمنع تسليح
الأنظمة التي ترتكب المجازر بحق
شعبها، أو بند يضمن حماية الشعوب من
الأنظمة الفاسدة والقاتلة؟ =================== جمال
خاشقجي * السبت
١٦ مارس ٢٠١٣ الحياة بينما
كانت تشتعل حرب البوسنة، التي امتدت
طوال أربع سنوات قاسية، بكل ما كان
فيها من قتل وقصف ومذابح واغتصاب ممنهج
للنساء ودمار لمدن تاريخية وتطهير
عرقي وتهجير (والمقاربة هنا جلية مع
الحرب في سورية)، لم تتوقف لحظةً
العملية الديبلوماسية المملة
والمسوفة، التي سعت لحلٍّ سلمي بين
المتقاتلين، اجتماعات ومفاوضات بين
الأميركيين والأوروبيين من جهة،
والروس الذين كانوا يدعمون الجانب
الصربي المعتدي ويقدمون له شتى
المبررات (تاريخ يعيد نفسه في سورية).
في الوقت نفسه وعبر قنوات سرية، كان
السعوديون والأتراك والماليزيون
والسودانيون، بل والإيرانيون أيضاً
يُرسلون الأسلحة لإخوانهم في البوسنة. كل يوم
كانت ثمة قصة للإعلام: مذبحة سوق
سراييفو الشهيرة.. حصار موستار.. تدمير
جسرها الشهير.. اجتماع في واشنطن أو
فيينا.. تهديد بإحالة القيادات الصربية
إلى محكمة الجنايات الدولية.. قرار
بحظر السلاح عن كل الأطراف.. مجاهدون
عرب يغرون كتّاب أعمدة في الصحف
الأوروبية للتحذير من قيام جمهورية
إسلامية أصولية في قلب أوروبا، في
مقابلهم النازيون الجدد من ألمانيا
والسويد ينضمون إلى الكروات في حربهم
ضد المسلمين في بداية الحرب، ويعترفون
لاحقاً بأنهم شاركوا في مذابح (مقاربة
هنا مع مشاركة «حزب الله» والأصوليين
الشيعة مع النظام ضد الثورة). أحياناً
كانت تلوح في الأفق لحظات توحي بأن ثمة
مخرجاً للأزمة بعد اجتماع بين وزيري
خارجية روسيا الاتحادية الناشئة
وقتذاك والولايات المتحدة، ولكن سرعان
ما تتلاشى الآمال. كان الأوروبيون
يُظهِرون اهتماماً، بل أرسلوا حتى
قوات حفظ سلام، ولكنهم كانوا يتحاشون
المواجهة مع الصرب حتى عندما تجري
مذبحة هائلة تحت أبصارهم. كان مسلمو
البوسنة الحلقة الأضعف، فتحالف حتى
الكروات الذين يكرهون الصرب ضدهم لضم
بعض من أراضيهم الى جمهوريتهم
الناشئة، ولكن صمود المسلمين أدى إلى
أن يحترمهم العالم الغربي الذي كان
سيقبل باقتسام الصرب والكروات جمهورية
البوسنة لو لم يصمد المسلمون، على رغم
أن كل الظروف والاحتمالات كانت ضدهم.
إنه العالم نفسه الذي كان مستعداً أن
يعيد بشار الأسد إلى رحابه لو انتصر في
صيف 2011 على شعبه. الآن
يبدو أن ثمة لحظة فارقة في أفق الصراع،
فالقوتان العظميان اتفقتا على ضرورة
التوصل إلى حل سلمي، فبدأتا بالضغط على
النظام لتشكيل فريق مفاوض تقبله
المعارضة، ثم سيفرضون على المعارضة أن
تقبله. مَن المستعد أن يراهن أن مسعى
كهذا يمكن أن ينجح؟ إذا افترضنا أن
المعارضة السورية لم تنقسم، أو قبلت
على مضض بتكليف زعيمها معاذ الخطيب
الذي تزداد شعبيته بفضل صراحته
واستعداده أن يقود، فيترأس فريقها إلى
مفاوضات تجرى في موسكو، لمعالجة عقد
النقص الروسية المستفحلة، يجلس أمامه
وليد المعلم وبثينة شعبان، ولا بد من
اثنين على الأقل يمثلان المنظومة
الأمنية الأخطبوطية في سورية، ولا بد
من أن يكونا من الطائفة العلوية. عن
يمين الخطيب بعض قيادات «الجيش الحر»
من الداخل وممثلون للأقليات، علوي
ومسيحي وهؤلاء موجودون في صفوف
الائتلاف، «الإخوان المسلمون» لن
يصروا على التمثيل، فهم يراهنون على
الداخل والمستقبل. من الضروري لإظهار
جدية المجتمع الدولي أن يكون على رأس
الطاولة وزيرا الخارجية الأميركي
والروسي، وبينهما الأمين العام
للجامعة العربية ومبعوث الأمم المتحدة
الأخضر الإبراهيمي. أول بند
سيكون بالطبع وقف إطلاق النار، ستقبل
به المعارضة، أما وفد النظام فسيحاول
أن «يتشاطر» كما لو أنه في حوار
تلفزيوني، سيقول أحدهم إن الدولة
مسؤولة وفق الشرعية الدولية عن حماية
أمن مواطنيها، وإنهم سيقبلون بوقف
إطلاق النار، وعليه يجب أن يحتفظوا بحق
الرد في حال تعرضت منشآت الدولة أو
المواطنون «لاعتداء من العصابات
المسلحة»، حينها لا بد من أن «يشخط»
الوزير الأميركي جون كيري بوضوح ويقول
إن النظام هو الذي يقتل، وإنهم هنا طرف
وليسوا ممثلين لدولة، ثم يضيف أن وقف
إطلاق النار ستتم مراقبته من بعثة على
الأرض وعبر الأقمار الاصطناعية، لتحدد
من الذي سينتهك الاتفاق. لا بد من أن
يكون ثمة اتفاق مسبق على ذلك بينه وبين
نظيره الروسي لافروف حتى لا يختلفا
أمام الكاميرات، فلا معنى لاتفاق وقف
إطلاق نار من دون آلية أممية لمراقبته
ومعاقبة منتهكيه، ويشمل ذلك القصف
بالطائرات وصواريخ «سكود» قبل معارك
الزواريب التي تصعب السيطرة عليها
تماماً. وفد
النظام يعلم أنه إذا تم الاتفاق على
قرار بوقف إطلاق النار يضمنه قرار أممي
يصدر عن مجلس الأمن، فإن ذلك يعني
نهاية النظام، فحينها عليه الانتقال
إلى البند الثاني وهو إجراءات نقل
السلطة إلى حكومة انتقالية، فالنظام
عاش بالبندقية ولن يستمر من دونها، إنه
يعلم ذلك. السلام
يعمل لمصلحة المعارضة، وليس النظام،
ففي اللحظة التي يتوقف فيها قصف
الدبابات والقصف الصاروخي والقنص في
المدن الثائرة، ستشتعل ثورة شعبية من
جديد حتى في المناطق التي لا تزال تحت
سيطرة النظام، بل حتى دمشق التي تبدو
موالية في الغالب ستعود إليها أجواء
الربيع العربي، هذه الثورات رأيناها
في مصر وتونس واليمن. إنها شعبية تتحرك
من دون زعيم، قد تتوجه نحو المقار
الأمنية تحرقها، نحو القصر الرئاسي
وتعتصم أمامه وتصرخ في الرئيس إن كان
لا يزال هناك وعاجزاً عن قراءة المشهد
«ارحل.. ارحل». هل يمكن
أن يتحول الجيش السوري الطائفي الذي
استمرأ القتل، أن يتحول فجأةً وبعد «اتفاق
السلام» إلى «جيش مصري» يحتضن
الأطفال، ويسمح للمتظاهرين بالتقاط
الصور التذكارية، وهم يعتلون
دباباتهم؟ أشكك في ذلك، بل أشكك في أن
يوافق لافروف على أن يصدر اتفاق وقف
إطلاق النار بقرار من مجلس الأمن، وهو
قرار لن يصمد إن لم يصدر بضمانة دولية
تحت البند السابع. إذاً
ستستمر الحرب التي بدأت «تطفح» إلى
خارج سورية، إلى العراق ولبنان وتركيا
(قامت الأخيرة بعملية خاصة الأسبوع
الماضي داخل سورية لتعقب عنصر
استخبارات سوري فجّر سيارة مفخخة في
معبر باب الهوى داخل الأراضي التركية).
أما الأردن فتورطه «السري» يزداد كل
يوم. سيستمر الزحف البطيء نحو دمشق،
ويتبادل النظام والمعارضة السيطرة على
بابا عمرو في حمص، وتستمر دول المنطقة
في تسليح المعارضة، وستدخل على خط
التسليح دول غربية لعمل توازن بين
النظام والمعارضة مثلما قال وزير
الخارجية البريطاني وليم هيغ، ويزداد
تدفق المغامرين الشيعة من العراق،
وعناصر «الحرس الثوري» و»حزب الله»
على سورية لإضفاء بعد طائفي على
الصراع، ومثلهم مغامرون سعوديون
وشيشان وأتراك ومصريون وليبيون، بعضهم
يأتي إيماناً بالحرية، وآخر يبحث عن
الدولة الإسلامية المفقودة. أو أن
تأتي لحظة رئيس شجاع مثل بيل كلينتون
ليأمر بقصف مواقع القوات الصربية
مثلما حصل في 30 آب (أغسطس) 1995. بعد
أسبوعين رضخ الصرب وتخلوا عن صلفهم
وغبائهم وتوجّه بشار الأسد... عفواً
سلوبودان ميلوسوفتش إلى دايتون
الأميركية ليوقع بعد شهر اتفاقاً ينهي
حرباً كان يمكن إيقافها قبل أربع سنوات
وقبل تدمير مدن البوسنة التاريخية
وقتل 200 ألف مواطن، واغتصاب 50 ألف امرأة. =================== بيسان
الشيخ * السبت
١٦ مارس ٢٠١٣ الحياة بين
نداء لمفتي الجمهورية السورية بالجهاد
والنفير العام، ونداء لـ «عقلاء» من
الطائفة العلوية لوقف اطلاق النار من
الجانبين، وقعت حادثة اقتتال «داخلي»
في بلدة القرداحة أوقعت عدداً من
القتلى، بسبب امتناع عائلات علوية عن
ارسال أبنائها الى جبهات القتال،
وتذمر واضح من الاوضاع الصعبة التي
تعيشها المنطقة. وبغض النظر عن تلك
الحادثة تحديداً، وهي ليست الاولى من
نوعها، إلا أن اخباراً متواترة ترشح من
معاقل النظام السوري تشي بتململ واضح
وسط الطائفة العلوية من جرّها ككتلة
موحدة إلى حمام الدم الذي تغرق فيه
سورية اليوم. وإذ لا يرقى ذلك التململ
ربما إلى حد اعلان الانفصال التام عن
النظام، إلا أن شيئاً من التذمر و «النأي
بالنفس» بدأ يطفو على السطح أكثر
فأكثر، محدثاً بعض الشقوق في بنية «أقلوية»
بدت لوقت قريب منسجمة ومتماسكة إلى حد
بعيد. وفيما
تبدو تلك الدعوة إلى الجهاد محاولة لشد
عصب سنّي ما وللقول إن جزءاً من
الطائفة السنية لا يزال داعماً للأسد،
وهو صحيح، إلا أنها تكشف عن إفلاس
حقيقي بدأ يعانيه النظام داخل بيئته
نفسها. فهو الذي يسوق نفسه حامياً
الأقليات ويخوض معركة العلمانيين
المزعومة ضد «الجهاديين»... إذا به
يستعين بهم في حربه عليهم! وإلى ذلك، لم
نعرف بعد كيف تلقى المسيحيون والدروز
والعلويون أنفسهم تلك الدعوة
الجهادية، وهي التي نفّرت جزءاً منهم
من الثورة. والواقع
أن المعضلة الفعلية التي تواجه
الأقليات في شكل عام، والعلويين في شكل
خاص، هي تلك التي تخص بيئة الثورة
نفسها حيث يتم إشعار هؤلاء بأنهم موضع
توجس وشك، فيدفعون الى التنصل الدائم
من «هويتهم الطائفية» ومن ورائها
النظام ورموزه بصفتهم «أبناءه
الطبيعيين» والمسؤولين المعنويين عن
أفعاله. وحتى التجمع الذي كان على وشك
أن يولد باسم العلويين المؤيدين
للثورة، أُجهض مبكراً بصفته «طائفياً»
وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي
بعبارات التنديد والشجب، من دون أن
تمتد لهم في المقابل يد مرحبة أو يخرج
عليهم خطاب جدّي يجعلهم مكوّناً
حقيقياً من مكونات الثورة وشريكاً «لا
طائفياً» فيها. لكن
النظام يجند، ويدعو إلى التعبئة ولا
يكترث لكل ذلك، كما لا يكترث للثمن
المزدوج الذي ستدفعه الطائفة العلوية
جراء توريطها اكثر من غيرها بهذا الكم
الهائل من الدماء. وإذا كانت الارقام
التي تتحدث عن نحو 40 ألف قتيل من الجيش
النظامي صحيحة، فذلك يعني أن ما يصلنا
من «تململ» الطائفة اقل بكثير مما هو
واقع الامر. وليس نداء رجال الدين
العلويين بنقاطه العشر، على ضبابيته،
إلا مؤشراً واضحاً لاستعداد الطائفة
للانشقاق عن آل الأسد مقابل ضمانات
بحمايتها... فهل من ثورة تستجيب؟ =================== التاريخ:
16 مارس 2013 رأي
البيان دخلت
الثورة في سوريا أمس عامها الثالث
مقدمة زهاء الـ70 ألف قتيل، وسط ارتباك
دولي وتخبط في المواقف السياسية يحول
دون وقف هذا الشلال من الدم العربي. عامان
مرا على الثورة في سوريا، والنظام لا
يزال يواصل نهجه في القتل والتعذيب
والقصف.. عامان مرا على الثورة في
سوريا، وقد تحول كثير من مدن هذا البلد
العربي الشقيق إلى مدن أشباح هجرها
أهلها.. عامان مرا على الثورة في سوريا،
وقد غدا بعض المدن أثرا بعد عين لسان
حالها «كان هنا يوم بشر وحجر»! إن شلال
الدم السوري الذي تزداد حدته يوما تلو
الآخر، فيما الساسة منشغلون بأفق حل
سياسي لا يبدو قريبا، سيظل وصمة في
جبين المجتمع الدولي والعالم بأسره. إن
التقارير تشير إلى سقوط أكثر من 70 ألف
قتيل، وحدث ولا حرج عن المفقودين أو
اللاجئين، سواء في الداخل أو الخارج.
أما عن الأطفال ومعاناتهم، فالكارثة
أكبر من أن توصف. يكفي أن تقريرا صدر عن
منظمة الـ«يونيسف» حذر من أن جيلا
كاملا من الأطفال السوريين عرضة لخطر
الضياع. وأوضح
رئيس صندوق الأمم المتحدة للطفولة
أنتوني ليك في تقريره، أن «ملايين
الأطفال داخل سوريا شاهدون على ضياع
ماضيهم ومستقبلهم، وسط الحطام
والتدمير الذي تشهده البلاد»، مضيفا
أن «الأربعة ملايين شخص الذين بحاجة
ماسة للمساعدة داخل سوريا، نحو نصفهم
من الأطفال دون سن 18، وهناك 536 ألف طفل
دون سن الخامسة». إن
سوريا تدخل مرحلة حرجة، وعلى النظام
السوري أن يدرك أن إرادة الشعوب أقوى،
وأنه لا يمكن أن يستمر في دك مدن بلده
بقذائف الصواريخ والهاون والمدفعيات
الثقيلة.. إلى ما لا نهاية. إن
العام الثاني للثورة في سوريا شاهد على
مأساة دامية، فصولها ملايين المدنيين
المشردين، وعشرات الآلاف من القتلى
والبيوت المهدمة والمدن المهجورة، لا
لشيء إلا أن شعبا أراد أن ينال حريته من
نظام استعذب القتل والدمار. إن
العالم بأسره عليه مسؤولية تاريخية
إزاء وقف الدم في سوريا، وأن يضغط بكل
الوسائل لوقف أعمال القتل والدمار في
بلد عانى ما يكفي ويزيد، ولم يعد
مقبولا أن تستمر معاناته أكثر. =================== لماذا
يريدون ثورة مهزومة ونظاما أيضا؟! *
ياسر الزعاترة الدستور 16-3-2013 من
الصعب علينا أن نمرّ بحال مرور الكرام
على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي
جون كيري الأخيرة التي أطلقها خلال
مؤتمر صحفي مع نظيره النرويجي في
واشنطن قبل أيام، وإن بقينا في انتظار
مزيد من التوضيحات اللاحقة التي ستؤكد
الموقف أو تنفيه، لاسيما أن من الصعب
الاعتماد على تصريح واحد في قضية شائكة
من نوع الثورة السورية، فضلا عن تأييد
كيري نفسه الضمني لدعوات تسليح الثوار
القادمة من لندن وباريس. ما قاله
كيري بالنص هو “ما نريده ويريدونه،
ويريده العالم بأسره هو وقف العنف،
ونريد أن نتمكن من رؤية الأسد
والمعارضة جالسين إلى الطاولة لإنشاء
حكومة انتقالية بحسب إطار العمل الذي
وضع في جنيف (بروتوكول جنيف) الذي يتطلب
موافقة متبادلة من كلا الطرفين على
تشكيل تلك الحكومة الانتقالية”. بعد ذلك
زاد كيري الأمر توضيحا بقوله “هذا ما
ندفع من أجله، وحتى يحصل ذلك، لا بد أن
يغير الأسد حساباته، فلا يظن أنه قادر
على إطلاق النار إلى ما لا نهاية، ولا
بد أيضا من معارضة سورية متعاونة تأتي
إلى الطاولة، ونحن نعمل من أجل ذلك
وسنستمر في ذلك”. والسؤال
الذي يطرح نفسه هنا، هل يشير ذلك إلى
تغير في الموقف الأمريكي الذي كان يصر
سابقا على رحيل الأسد عن السلطة من أجل
تسوية سياسية، في حين كانت روسيا ترى
غير ذلك، وتصر على مسار سياسي يتم من
خلال التفاوض مع الرئيس، أي حكومة في
ظل بقائه؟! إذا صحّ
أن كلام كيري الجديد سيكون عنوان
التحرك الأمريكي فيما يتصل بالملف
السوري خلال المرحلة المقبلة، فنحن من
دون شك أمام تحول بالغ الأهمية سيلقي
بظلاله على المسألة برمتها، من دون أن
يكون بوسعنا القول إن ذلك سيعني أن
واشنطن ستنجح في فرض ما تريد على
المعارضة والثورة في سوريا، وأن تنجح
تبعا لذلك في إخراج حكومة انتقالية في
ظل بقاء الأسد، بصرف النظر عن
صلاحياتها. ما
ينبغي أن نتذكره في هذا السياق هو أن
السياسة الأمريكية فيما يتصل بالملف
السوري، وعموم الملف الشرق أوسطي لا
تتحرك البتة من دون إذن، وأقله تشاور
مع الحكومة الإسرائيلية، وهنا يمكن
القول إن حلا كالذي يقترحه كيري سيكون
هو الأفضل من دون شك للكيان الصهيوني،
هو الذي سيعني بكل بساطة هزيمة للثورة
والنظام في آن معا، إذ ستبقى المؤسسة
الأمنية والعسكرية التي يطمئن إليها
الإسرائيليون، فيما سيكون الرئيس
ضعيفا، والبلد مدمرا، ولن يأتي نظام
جديد يصعب الجزم بهويته، ولا يتم
التورط مع جماعات تصعب السيطرة عليها،
ولا حاجة تبعا لذلك إلى الخوف؛ لا من
الأسلحة الكيماوية، ولا من الصورايخ
بعيدة المدى ومنصاتها، ولا من
الصواريخ المضادة للطائرات. ثمة
جانب مهم في حل كهذا بالنسبة للأمريكان
والكيان الصهيوني، إذا بالإمكان جعله
جزءا من صفقة مع إيران تضمن تخليها عن
المشروع النووي مقابل رفع العقوبات
والإبقاء على نظام الأسد، ولو في وضع
ضعيف بعض الشيء، لأن الخيار الآخر (خيار
سقوطه) سيفضي إلى التأثير على
المكتسبات الإيرانية في العراق
ولبنان، ولذلك سيكون ثمن التخلي عن
المشروع النووي مناسبا، لاسيما أنه
يسهم أيضا في إبعاد شبح الثورة الشعبية
الذي يطارد المحافظين منذ شهور، بخاصة
قبل انتخابات الرئاسة في حزيران. على أن
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو هل
سيقبل الثوار بذلك، وهل ستقبل به القوى
الداعمة للثورة أيضا ؟ لا إجابة مؤكدة،
لاسيما أن استجابة هذه الدول للضغوط
تبقى واردة، وهي يمكنها في حال قررت
خنق الثورة أن توقفها، مع بقاء شكل من
أشكال العمليات على غرار ما يجري في
العراق بين حين وآخر، والأمل أن تتمرد
على التوجه الأمريكي، لاسيما أن
أمريكا لم تعد تلك القوة التي تأمر
فتطاع. لذلك
كله يبدو الأمر في غاية الخطورة،
والأمل أن يجري تسريع العمل العسكري
على الأرض من أجل إسقاط النظام بأسرع
ما يكون قبل أن يُفرض شيء كهذا، ويبدو
أن الدولة العبرية باتت تستشعر مخاطر
السقوط القريب، فهذا أهم خبير في الشأن
السوري في الدولة العبرية (البروفيسور
إيال زيسر) يقول للمرة الأولى في مؤتمر
(هرتسيليا) إنه لم يتبق سوى أشهر معدودة
على سقوط بشار أو رحيله. في ضوء
ذلك ينبغي صبُّ الجهد؛ كل الجهد في
معركة دمشق، ونقل الكثير من الثوار من
الأرياف الهادئة إليها، وصولا إلى
حسمها قبل أن يؤتي التآمر على الثورة
أكله، مع ضرورة التنسيق في ذلك مع
القوى الداعمة للثورة. يبقى
اننا نجد من واجبنا ازدراء ذلك
الاحتفاء بتصريحات كيري من لدن شبيحة
النظام، وحلفاء إيران وأتباعها،
متسائلين أين هي المؤامرة التي شبعوا
لطما في سياق التأكيد على وجودها؟! =================== رأي
الدستور لا بديل عن الحل السياسي
لإنقاذ سوريا الدستور 16-3-2013 في
الذكرى الثانية للثورة السورية تأكد
للجميع معارضة ونظاما ولكافة الدول
المعنية بالازمة السورية ان لا بديل عن
الحلول السياسية للخروج من مستنقع
الدم، وانقاذ الشعب السوري من الموت
وإنقاذ القطر الشقيق من التقسيم. هذه
الحقيقة الاولى، أما الحقائق الأخرى
التي أصبحت مسلمات لا يمكن تجاوزها،
فأهمها استحالة انتصار المعارضة
والنظام انتصاراً حاسماً، فلقد مضى
على الأزمة، وبالاحرى على نشوب الحرب
بين الطرفين اكثر من عام ونصف العام،
أزهقت خلالها أرواح اكثر من 80 الف
سوري، وتم تهجير اكثر من مليون لاجىء
الى دول الجوار، ومليونين الى الداخل،
وتدمير البنية التحتية، حيث قدرت كلفة
اصلاحها بـ “12” مليار دولار، واصبحت
المدن السورية مدناً منكوبة تفوح منها
رائحة الموت والخراب. أما
المسلمة الاخرى فهي استحالة العودة
الى الوراء، فلا النظام ولا المعارضة
قادرين على التراجع لدخول اطراف في
الازمة، حيث اصبحت الساحة السورية
ميداناً للحرب الباردة بين روسيا
واصدقائها، واميركا وحلفائها، وهذا
يفسر استعصاء الازمة ووصولها الى نطقة
اللاعودة. لقد حذر
الاردن اكثر من مرة وعلى لسان جلالة
الملك من استمرار الازمة السورية،
ودعا مبكراً قبل غيره الى ضرورة حلها
حلاً سياسياً بعد فشل الطرفين،
المعارضة والنظام في تحقيق الانتصار
الحاسم، وحذر جلالته من خطورة تسرب
المتطرفين من اتباع القاعدة الى
سوريا، وصعوبة القضاء عليهم حتى بعد
سقوط النظام، وهذا يستدعي تكاتف كافة
الدول المعنية بالازمة لحلها سلمياً
لتجنيب المنطقة تداعيات خطيرة، لن
تنجو منها دول الجوار. ومن
ناحية اخرى، فالازمة الانسانية التي
خلفتها المأساة السورية تتصاعد يومياً
وبشكل مذهل بعد ان اصبح اللاجئون
السوريون عبئاً كبيراً على دول
الجوار، وعدم قدرة هذه الدول وخاصة
الاردن على القيام بواجباته بشكل تام،
اذ قدر رئيس الهلال الاحمر الاردني
كلفة اللاجئين السوريين على الاردن
بحوالي ثلاثة مليارات دولار، وهذا
مبلغ كبير جداً بالنسبة للاردن، ولا
يستطيع توفيره لأنه بالاصل يعاني من
عجز في الموازنة العامة للدولة، اضطر
معها الى رفع الدعم عن المشتقات
النفطية لسد هذا العجز. مجمل
القول : في الذكرى الثانية للثورة
السورية، يصبح الاحتكام الى الحل
السياسي هو الحل الوحيد لوقف سفك
الدماء وللحفاظ على وحدة الشعب والقطر
الشقيق، والانتقال الى مرحلة جديدة
تتولاها حكومة انتقالية، تقوم
بالاشراف على الانتخابات النيابية
والرئاسية، وصولاً الى اقامة دولة
مدنية حديثة، تنهي الى الابد الدولة
الشمولية، وحكم الحزب الواحد، وتؤسس
لسوريا الحديثة، القائمة على
الديمقراطية والتعددية والعدالة
والمساواة، وتداول السلطة احتكاماً
لصناديق الاقتراع. فهل
تتعظ كافة الاطراف بما حدث، وتضع حداً
لمأساة الشعب الشقيق التي تهدد بزوال
سوريا الدولة..؟ نأمل ذلك. =================== سورية
بين النموذجين الليبي والأفغاني عبد
الباري عطوان 2013-03-15 القدس
العربي لم يجاف
الرئيس السوري بشار الاسد الحقيقة
عندما قال لصحيفة 'وول ستريت جورنال
الامريكية' ان سورية مختلفة كليا عن
مصر وتونس اللتين اندلعت فيهما شرارة
الثورة ضد النظامين الديكتاتوريين
الحاكمين فيهما، فبعد عامين على
انطلاقة الثورة المسلحة ضد نظامه،
تبدو البلاد غارقة في حمامات الدم،
مدمرة بالكامل تقريبا، ومقطّعة
الأوصال. نعم..
سورية مختلفة عن مصر وتونس، واقرب
كثيرا الى النموذج الليبي، فالرئيس
مبارك تنحى او نُحّي عن الحكم في غضون 18
يوما، والرئيس التونسي زين العابدين
بن علي اختار الهروب بعد ستة اسابيع،
بينما لم تدم مقاومة العقيد معمر
القذافي في مواجهة 'النيتو' وغاراته
وقوات المجلس الوطني الانتقالي
المؤقت، الا بضعة اشهر انتهت بالتمثيل
بجثته بطريقة بشعة. الرئيس
الاسد راهن على الحلول الأمنية
والعسكرية، واعتقد، او بالأحرى جاء من
يقنعه، بأنها كفيلة بسحق الثورة،
واعادة المتمردين ضد حكمه الى بيت
الطاعة مجددا، مثلما فعل والده عام 1982
في حماة، ولكنه وهو الذي كان اول من
تحدث عن مؤامرة ضد حكمه، لم يدرك حجم
المعارضة ضد نظامه والدول الغربية
والعربية الداعمة لها. روسيا
وايران تسلحان النظام السوري
وتدعمانه، وفرنسا وبريطانيا تكملان ما
بدأته بعض دول الخليج في تسليح
المعارضة السورية وجيشها الحر، سواء
بشكل مباشر، مثلما فعلت المملكة
العربية السعودية عندما ارسلت صفقة
اوكرانية، او مثلما تفعل قطر والكويت
ودول اخرى بإرسال الاموال لشراء اسلحة
من الاسواق السوداء. الشعب
السوري هو الذي تسفك دماؤه في
الحالتين، سواء وقف في خندق النظام او
المعارضة، ولا يلوح في الافق اي بارقة
امل بحقن قريب للدماء، فالجهود
المبذولة للتوصل الى حل سياسي وصلت الى
طريق مسدود بسبب الهوة الواسعة بين
مواقف النظام والمعارضة، وموت مهمة
المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي،
وافلاس جامعة الدول العربية سياسيا. ' ' ' الولايات
المتحدة التي لا تريد التورط في حرب
ثالثة في الشرق الاوسط بعد هزيمتها في
العراق وافغانستان، تركت أمر الأزمة
السورية لحليفتيها الاوروبيتين، اي
فرنسا وبريطانيا، تماما مثلما فعلت في
ليبيا، للقيام بمهام التسليح، وتوارت
خلف الحديث عن تسوية سلمية على اساس
بروتوكول جنيف الغامض. هناك
عدة تطورات رئيسية يمكن ان تشكل هوية
المشهد السوري مع بدء السنة الثالثة
للثورة، واستمرار حالة الجمود الراهنة
على صعيد الحسم العسكري: *اولا:
بعد تقسيم سورية الى وحدات جغرافية
وإمارات مستقلة، ستبدأ عملية جديدة لا
تقل خطورة، وهي تقسيم المعارضة
السورية المسلحة التي تقاتل النظام
على الارض. أ ـ
التقسيم على اساس اسلام معتدل تمثله
حركة الاخوان المسلمين، واسلام متشدد
تمثله الجماعات الجهادية. ب ـ
التقسيم الجغرافي والعرقي، اي مناطق
للأكراد في الشمال، واخرى للعرب في
الجنوب، ومن غير المستبعد ان نرى حكما
ذاتيا كرديا على غرار ما حدث ويحدث في
العراق. ج ـ
تقسيم على اساس طائفي ومذهبي، عرب سنة،
وعرب علويون وعرب شيعة واسماعيليون
ودروز، وبين هؤلاء جميعا المسيحيون
العرب، وغير العرب (ارمن وآشوريون). *ثانيا:
غرق سورية في حرب طائفية بين النظام
المحسوب على العلويين، والمعارضة التي
هي في غالبيتها سنية، ثم بعد ذلك حرب
ثانية سنية سنية، اي بين الجماعات
الجهادية من ناحية والجيش الحر الذي
يمثل مزيجا من الاسلام 'المعتدل'، وبعض
الجماعات العلمانية التي تطالب بقيام
دولة مدنية. *ثالثا:
سباق محموم لتسليح وحدات عسكرية
جديدة، تشكل قوة ثالثة، تكون على غرار
قوات الامن الفلسطينية التي دربها
وسلحها الجنرال الامريكي دايتون، لكي
تكون القوة الضاربة لاي نظام جديد يقوم
على انقاض النظام الحالي، وتتحول الى
صحوات على غرار نظيرتها العراقية
لتصفية كل الجماعات الجهادية الاخرى.
ومن المفارقة ان قوات 'دايتون' السورية
الجديدة تتدرب في القواعد نفسها في
الاردن التي تدربت فيها نظيرتها
الفلسطينية، وربما على يد المدربين
الامريكيين والاردنيين انفسهم. *رابعا:
من غير المستبعد ان تحدث صدامات بين
جماعات الثوار، اسلامية متشددة او
معتدلة، على مناطق النفوذ والاراضي في
المناطق التي جرى اخراج القوات
السورية الرسمية منها. *خامسا:
هناك مشروعان سياسيان وعقائديان
متناقضان داخل صفوف المعارضة السورية
حاليا: مشروع يطالب بدولة مدنية
ديمقراطية، وآخر يتطلع الى اقامة دولة
اسلامية تطبق الشريعة الاسلامية
تطبيقا متشددا، والصدام بين المشروعين
حتمي في نهاية المطاف، سواء في ظل
استمرار نظام الاسد او بعد رحيله
الحتمي مثلما يعتقد الطرفان. ' ' ' فرنسا
وبريطانيا تريدان تكثيف تسليح
المعارضة والجيش الحر بأسلحة حديثة
متطورة، من بينها صواريخ مضادة
للطائرات من اجل حسم عسكري سريع، وهما
بذلك تقعان في الخطأ الكارثي نفسه الذي
وقع فيه النظام، وادى الى وصوله الى
الوضع المزري الذي يعيشه حاليا. صحيح ان
تزويد المجاهدين الافغان بصواريخ 'ستينغر'
المضادة للطائرات ادى الى شل سلاح الجو
السوفييتي، وبالتالي هزيمة موسكو
ودفعها الى الانسحاب من افغانستان،
ولكن الصحيح ايضا ان هذه القوى 'المعتدلة'
التي تسلمت هذه الصواريخ لم تستطع حكم
افغانستان، وكانت حكومتها المركزية
اضعف من ان تسيطر على البلاد بسبب
خلافاتها الداخلية وفسادها، مما ادخل
البلاد في حرب اهلية وسيطرة لوردات
الحرب، وسلم البلاد على طبق من ذهب
لحركة طالبان. هناك
قناعة راسخة لدى الكثيرين في سورية
والعالم الغربي بان النظام السوري
ساقط لا محالة، ولكن لا احد يستطيع ان
يرسم صورة لما يمكن ان تكون عليه سورية
بعد هذا السقوط. الحرب
على جبهة النصرة واخواتها ستبدأ بمجرد
وصول الاسلحة البريطانية والفرنسية
الى القوات المعتدلة، وتدريب اعداد
كافية من كتائب الصحوات السورية
الجديدة في الاردن. السيناريو
المرعب الذي تخشاه امريكا، اي وصول
الاسلحة الحديثة الى جبهة النصرة هو
الاكثر ترجيحا، لأنها، اي الجبهة،
رسخت وجودها وجذورها في قطاع عريض من
المجتمع السوري، ومثلما انشق الكثير
من الضباط والجنود عن الجيش الرسمي
وانضموا الى المعارضة لاسباب متعددة،
وطنية في معظمها، فلا نستغرب او نستبعد
انشقاق قوات معارضة 'معتدلة' بأسلحتها
وانضمامها الى الجماعات الجهادية
وللاسباب نفسها ايضا. سورية
قدمت سابقتين رئيسيتين في الشرق
الاوسط، الاولى هي الانقلابات
العسكرية التي جاءت بالعسكر الى الحكم
عام 1949 (انقلاب حسني الزعيم)، والثانية
هي توريث الحكم وتحويل الجمهوريات الى
ملكيات. السابقة
الثالثة تتبلور الان، وهي انتشار
فيروس الطائفية في المنطقة، واقامة
دويلات او امارات طائفية متناحرة
تتحكم فيها دول او قوى خارجية عربية او
اجنبية. نأمل ان
تكون تنبؤاتنا هذه خاطئة، ولكن ما نحن
متأكدون منه، ان سورية الموحدة القوية
العربية الاسلامية التي تتعايش فيها
الطوائف والاعراق قد انتهت، ولن تعود
في جيلنا على الأقل. =================== إسرائيل
بين نارين: القلق من رحيل الأسد والخوف
من مجيء الإسلاميين لارا
المحمد 2013-03-15 القدس
العربي أمام
كلّ الشعارات الميتة، وحلقات التهريج
السياسي في استنساخ نظريات المقاومة
والممانعة. وأمام كلّ فقاعات الصمود في
مواجهة الكيان الصهيوني، والمحاولات
الصَّدئة لتلفيق سيناريوهات التصدّي و'الاحتفاظ
بحقّ الردّ'، والتي أخذت بالتآكل منذ
اليوم الأول لحراكنا الوطني. نرى أنّ
هذا الكيان الذي كان نظامُ البعث يقرعُ
طبولَ ممانعتهِ، هو من أكثر الأطرافِ
الدولية قلقاً وتحسباً من انهيارِ
نظام الأسد، وتداعي رموزه. والسؤال
الذي يطرحُ نفسهُ وقد سقطت إجابتهُ
قبلهُ، هو أنه: كيفَ يمكنُ للعدوّ أن
يخشى على نفسهِ من سقوطِ عدوّه؟ في هذا
السؤال وحدهُ تنجلي ملامحُ خمسينَ
عاماً من الخداع الفكري، والتضليل
الإعلامي الذي حاولَ نظام عائلة الأسد
تسويقهُ، وبتنسيقٍ عالميّ يجعل من
نظامهِ في هذه المنطقة نظاماً أبدياً،
غير قابلٍ للسقوط. إلا أنّ
كلّ هذا النفخ في الأبواق على طاولةِ
الصراع العربي الإسرائيلي في محاولةٍ
لصمِّ آذاننا، واستغفالنا، وعزلنا عن
واقعنا الذي أحاطوه بأقفالِ العروبة،
ومفاهيم الاشتراكية التي لم يشركوا
فيها أحداً، تلاشى واستحالَ نفخاً في
القربِ الخاوية أمامَ إرادةِ شعبنا
التي استحضرت كلّ هذا الزيف والنفاق من
غفـــــوةِ اضطهادها في صحوةٍ فاجأت
العالم، وكشفت البدع الملفّقة التي
خبأها ساسةُ هذا العالم تحت قبعاتهم
أمداً طويلاً، إلى أن وجـــدوا أنفسهم
أمام تحدّياتٍ، ومتغيراتٍ خاصّة وصعبة
فرضتها عليهم إرادةُ شعبٍ ما فتئ على
مدار عامين كاملين يصنعُ من جراحهِ
بنادقَ تهاوت عند إصرارها جميعُ
المحاولات الفاشلة لحلفاء النظام في
إخماد هذه الثورة، أو تطويقها. لقد وجد
الغرب نفسه وقد دعم تجربة الربيع
العربي في البلدان التي انتفضت أمام
تحدٍّ عصيب في ثورة الشعب السوري،
تحدٍّ قد تودي المقامرة به إلى رهانٍ
خاسر. إنّ دعم الغرب لثورة البحث عن
الدولة المدنية البديلة لنظام الحكم
الفردي هنا، أقصد في سوريا بالتحديد،
كانت بالنسبة لصنّاع القرار في العالم
مغامرةٌ محفوفةٌ بالمخاطر. فاللعبة
السياسية هنا ستقلبُ الدائرة
المستديرة، وتهزّ الأركان الثابتة
التي عملت القوى العالمية على تحصينها
في هذه المنطقة. وقد
توجّس ساسةُ العالم من هذا الحراك، بمن
فيهم قادة إسرائيل الذين كانوا مركز
القطب في التضليل السياسي
والإيديولوجي الذي قام أطراف المحور
الممانع في اللعبِ عليه. فقد وقفَ
زعماءُ الكيان حائرين أمام تسارعِ
الأحداث في سوريا، التي بدا المشهدُ
فيها مختلفاً عمّا حدثَ زمن الأسد الأب.
فالثورة الآن ثورةُ شعبٍ أسقط عن
كاهلهِ زنزانةَ خوفٍ حمّلها إياهُ
نظامُ البعث، هي ثورةٌ إذا انتصرت سوف
تُسقط معها كلَّ الأسيجةِ الشائكة.
إنها ستكونُ ثورةُ البدء باتجاهِ
الفتوحات الكبرى. هاهم
الآن زعماء الكيان الصهيوني، أعداء
نظام الأسد الممانع يرصدون تطورات
الوضع السوري بقلقٍ كبير، وقد تراءى
لهم الإطارُ المعتم الذي قد يتسبّب به
زوالُ عدوّهم. أليست هذه المفارقة
الكبرى؟ كيفَ يخشى عدوّك من رحيلك؟
إنها ليست المفارقة الكبرى أبداً،
فقراءةُ الموقف الإسرائيلي يجعلنا
نأسف لتلك الحقيقة التي غيّبها عنّا
نظام المقاومة والممانعة، في حين
كشفتها لنا ثورتنا هذه. لقد بدا وبشكلٍ
جليّ وواضح، ومن خلال كلّ المواقف
والتصريحات الإسرائيلية التي يحوطها
الهلع والخوف من رحيل نظام بشار الأسد
أنّ إسرائيل هي المرحّب الأكبر لبقاء
دولته ونظام حكمه. لذلك فإنّ التساؤل
الذي يجب أن نطرحهُ هنا هو: إذا كان
سقوط الأسد لا يخدم مصالح إسرائيل، فما
الذي يقلقها من رحيله؟ إنّ ما
يقلق إسرائيل في التطورات الكبرى التي
شهدها مسرح الثورة السورية ليس رحيل
بشار الأسد، وإنما البديل القادم لهذا
النظام. فبشائر قيام دولة مدنية
ديمقراطية تلوّح بالتهديد لأمن
إسرائيل وأمانها الذي كان بشار الأسد
سادنهُ في هذه المنطقة. بل إنّ الأكثر
خطراً بالنسبة إلى كلّ تلك الأنظمة
الديكتاتورية منها أو الملوّحة
بديمقراطيتها وشعاراتها التي تهدف إلى
حماية حقوق الإنسان هو أن تقوم هذه
الدولة المدنية الديمقراطية على أيدي
المسلمين. فسيطرة الإسلاميين على
الحكم هو ما ينشر الرعب في نفوس
الإسرائيليين، وأسلمةُ حكومات هذه
الرقعة هو ما يقضّ مضجعَ الحكومة
الإسرائيلية. إذ أنّ انتصار الثورة
السورية واحتمال وصول الإسلاميين إلى
سدّة الحكم فيها، بالتزامن مع سيطرة
الإخوان في مصر على ركب القيادة يُثير
مخاوفَ إسرائيل، ويهدّد استقرارها كما
يهدّد مصالح القوى الكبرى في المنطقة.
إن مجرد فكرة وجود هذا الهلال الإسلامي
المطوّق لإسرائيل هو بحدّ ذاته كابوسٌ
مخيف تسعى إسرائيل بالتنسيق مع حكومات
الغرب إلى إحباطه وعرقلةِ نجاحه.
فقراءة متعمّقة للمواقف الإسرائيلية
التي اعتكفت الصمت في بداية الأزمة،
والتصريحات التي باتت تصدر عن زعماءها
مؤخراً، بما فيها الحجج الواهية التي
تذرعت بها لتبرير قلقها من سقوط نظام
الأسد، كلّها تشفّ عن تمسّك واضح
وتأييد تام لبقاء واستمرار هذا النظام
في سورية. إنّ
استمرار حكم الأسد القائم على السياسة
القمعية، والنظام الأمني الاستبدادي
أفضل بالنسبة لإسرائيل والغرب من بناء
دولة جديدة تقوم على الحرية والعدل
والديمقراطية قد تقودها حكومة إسلامية.
فحريّة الشعب السوري التي يسعى من أجل
الحصول عليها مهما كان الثمن باهظاً
سوف تصحّح مسار فرضيات المعادلة
السياسية والاستراتيجية بمفاهيمها
الإيديولوجية في منطقة الشرق الأوسط
لصالح شعوب هذه المنطقة. فقيام دولة
مدنية ذات حكم ديمقراطي يحكم فيها
الشعب نفسه بنفسه من خلال حكومة تقوم
أساساً على حقوق هذا الشعب، وليس على
استعباده. والوصول إلى تلك الحرية،
وقيام تلك الدولة العادلة يعني
بالضرورة سقوط الوصاية الداخلية
للحاكم الفرد، وبالتالي التخلّص من
السيطرة الخارجية، وهذا ما يقلق
إسرائيل والغرب. لذلك فإنها تسعى ومنذ
بدء الثورة في سوريا على خلط الأوراق
السياسية لخلق لبوس احتوى أصلاً حلفاء
النظام والواقفين ضدّه بطريقةٍ التقى
فيها الخصوم على هدفٍ واحد، ألا وهو
إحباط كلّ مسعى من شأنه أن يساهم في
انهيار النظام السوري، وإخماد الثورة
السورية التي سيحرقهم انتصارها قريباً. كاتبة
سورية =================== على
أبواب العام الثالث للثورة.. الوضع
السوري من الاختلاف الى الوحدة فايز
سارة المستقبل 16-3-2013 عند
استعادة الشعارات الاولى للثورة
السورية، فان قدرا طافحا من روح الوحدة
السورية يظهر فيها، وهذا ما عبرت عنه
شعارات التضامن بين ومع المدن
والبلدات التي ترددت صداها من شمال
سوريا الى جنوبها ومن الشرق الى غرب
البلاد على ساحل المتوسط مروراً
بالقلب السوري الممتد بين حمص ودمشق،
وقد تناغمت نداءات التضامن مع هتاف ما
زالت ترن كلماته في العميق من روح
السوريين: واحد واحد واحد الشعب السوري
واحد. ولأن
ترداد هذه الشعارات استمر بكل زخم خلال
الاشهر الاولى للثورة، فان تردادها
اخذ يخف وصار صوت اصحابها اقل زخماً،
واضعف قوة، والسبب الرئيس في ذلك
سياسات الدم والدمار التي تابعها
النظام ضد الثورة وضد اصحاب تلك
الشعارات، لأنها لا تتناقض مع رغبته
المؤكدة في وقف التظاهر حيث تطلق
الشعارات فقط، بل لأنها تتناقض مع
سياسات كرسها العهد البعثي منذ
الاستيلاء على السلطة عام 1963 في تقسيم
السوريين، وتشتتهم الاثني والديني
والطائفي والمناطقي خلافاً لكل
الشعارات والمقولات الفارغة، التي
رفعها النظام حول الوحدة الوطنية. غير ان
سياسات النظام في عمليات القتل
والدمار وفي الحملات الدعائية
والاعلام ضد الثورة، لم تكن كافية
للتحول في شعارات التضامن والوحدة
السورية، لو لم تكن لدى السوريين عوامل
اخرى مساعدة لعبت دورها في دفع روح
الثورة وشعاراتها شيئاً فشيئاً الى
الاهتمامات الخلفية، او تقدم شعارات
اخرى لتحل مكانها سواء في التظاهرات،
او في السياسة، وفي هذا يمكن الاشارة
الى ثلاثة من الاسباب المساعدة: السبب
الاول ضعف الاندماج الوطني في سوريا،
وهو سبب يتعلق بمستوى التطور السياسي
والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، حيث
مازالت علاقات السوريين ببعضهم،
ومعرفتهم عن بعضهم محدودة، بل هي
لاتخلو من معلومات غير صحيحة وربما
كاذبة في كثير من الاحيان، ولعل الاهم
في مؤشرات ذلك ان كثيرا من السوريين
يؤكدون فضل الثورة في تعرفهم على اسماء
مدن وبلدات سورية كثيرة خلال الثورة ما
كانوا يعرفونها قبل ذلك، كما ان كثير
من السوريين، ليست لديهم معرفة كافية
مثلا عن محافظات مثل السويداء والحسكة
والرقة وربما ادلب ايضاً، ومعظم
السوريين لديهم جهل بطوائف اسلامية
ومسيحية تعيش في قلب الوطن السوري، بل
كثيرون لديهم صور مشوهة عن عقائد
وايمانات سوريين آخرين. السبب
الثاني ضعف مستوى قوة ونضوج النخبة
السورية، والامر في هذا لا يتعلق
بالنخبة السياسية فقط، وانما بالاقسام
الاخرى من النخبة الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية. ففي الاقتصاد
وان وجدنا كثيراً من اصحاب رؤوس
الاموال وارباب المشاريع
والمستثمرين، فان هؤلاء معزولون عن
بيئاتهم عزلاً يكاد يكون كاملاً،
وروابطهم في الاغلب الاعم مع اركان في
النظام وهي روابط تبعية ونفعية
لاتتعدى ذلك، وهم يعيشون في عوالم اخرى
مفصولة عن العوالم المحيطة بهم، بل هم
غالباً ما يحيطون انفسهم واعمالهم
وثرواتهم بنطاق سميك من السرية. حتي في
الحالات التي يضطر بعضهم للظهور، فان
اغلب ظهورهم يكون محدوداً، لا يجعلهم
في دائرة الضوء. ويتقارب
وضع النخبة الثقافية في هامشيتها
وضعفها مع وضع النخبة الاقتصادية. ليس
فقط بسبب ضعف بنياتها الفكرية
والابداعية، وهو امر مفهوم في بلد
شمولي مغلق، بالاضافة الى اساليب
الاخضاع والتدجين التي تمارس عليهم
وعلى نتاجهم وحركتهم وعلاقاتهم، وكلها
مرصودة عبرمنظومة رقابية تتمثل بوزارة
الاعلام وادارية تتمثل باتحادي الكتاب
والصحافيين وامنية تتصل بكل الاجهزة
الامنية، وبالتأكيد فإن اي مسعى
لتكوين شخصية ثقافية مستقلة وذات بعد
اجتماعي، كان يقابل بحصار ونبذ
ومحاربة بكل السبل بما في ذلك المنع
والنفي والاعتقال. ولا يقل
الوضع سوءاً وتردياً عما سبق بالنسبة
للنخبة الاجتماعية. ذلك وان اضطر
النظام الى خلق واظهار ملامح لنخبة
اقتصادية وثقافية، فقد منع ظهور نخبة
اجتماعية، لانه صادر حق المجتمع
بالتعبير عن نفسه وقضاياه، وسمح فقط
بوجود تعبيرات ومؤسسات اجتماعية مثل
الاتحادات والنقابات هدفها خدمة
سياساته في القبض على المجتمع واخضاعه
للنظام السياسي والامني، وفي النادر
ما يتذكر السوريون اسماء القادة في
منظمات سورية تضم مئات الآف الاشخاص
مثل اتحادات العمال والفلاحين
والنساء، ومثل ذلك في نقابات مهمة منها
نقابات المحامين والاطباء والمهندسين
وغيرهم، لان كل واحد من هؤلاء ليس اكثر
من موظف تغيب شخصيته عندما ينتهي من
وظيفته ومهمته. والسبب
الثالث، يمثله واقع المعارضة السورية.
اذا هي معارضة ضعيفة ومنقسمة، ولديها
كثير من المشكلات السياسية والتنظيمية
والادارية، وكلها امور مفهومة في ظل
خصوصيات حياة الجماعات السياسية في
الداخل السوري، والتي قوبلت بسياسات
واجراءات همشت الحياة السياسية في
البلاد من خلال مقاومتها لفكر سياسي حر
ومستقل يخرج عن اطار فكر النظام، كما
منعت ظهور نخبة سياسية، بل انها همشت
ودمرت شخصيات سياسية سورية، كانت
حاضرة قبل مجيء البعث الى السلطة عام
1963، وحاصرت ولاحقت بالاعتقال والقتل
احياناً زعماء وكادرات واعضاء جماعات
سياسية، وهذا كله ادى الى ضعف موضوعي،
ثم ذاتي في الجماعات السياسية السورية
وانقسام في صفوفها نتيجة الحياة
السرية التي عاشت فيها، وهو امر تكرس
نمطاً في العمل السياسي في صفوف تلك
الجماعات، لانه وبعد سنوات من امكانية
العمل العلني كأمر واقع عند تلك
الجماعات في العقد الماضي فانها اميل
الى عمل سري، وهذا لم يسمح لها بتجديد
بناها واساليب عملها وعلاقاتها
الداخلية من جهة وعلاقاتها البينية من
جهة اخرى، بل نقلها من شروط في ازمتها
الى شروط اخرى دون تحقيق اي تقدم
تستفيد من المتغيرات الجديدة. ويمكن
القول، ان الامر لم يكن افضل بالنسبة
للجماعات السياسية السورية، التي
انتقلت الى المنفى في العهد البعثي
المديد، او تلك التي اقامت لها تنظيمات
جديدة او فروع لتنظيمات في الداخل،
وكلها لديها نفس الامراض والمشاكل
تقريباً والعجز عن القيام بمسؤولياتها
والسير نحو تحقيق اهدافها. ان
المثال البارز في معضلة المعارضة
وجماعاتها السياسية، يكشفه الى حد
كبير واقع التحالفين الرئيسيين فيها،
هيئة التنسيق الوطنية التي مقرها
دمشق، والمجلس الوطني ومقره استانبول،
وقد كشفت مسيرة عام ونصف من ممارستهما
غرقهما في الصراعات والتناقضات
الداخلية والبينية، واعتمادهما
الشعارات خارج العمل المثمر، وعجزهما
المشترك في وضع برامج سياسية واتخاذ
خطوات اجرائية من شأنها اثبات وجودهما
في الحياة السورية، وتقدمهما او
احدهما لقيادة الثورة، التي علقت
امالها عليهما ولو بقدر متفاوت من اجل
الوصول بالثورة الى اهدافها في اسقاط
النظام وبناء نظام ديمقراطي، يوفر
الحرية والكرامة والعدالة والمساواة
للسوريين. لقد
دفعت الاسباب السابقة، الى تراجع
شعارات التضامن بين ومع المدن
والبلدات السورية، ودفعت الى الخلف
بشعارات عبرت عن وحدة السوريين، او
خففت من ظهور تلك الشعارات، وحولت
التظاهرات الى حضور رمزي بعد ان كانت
وسيلة اساسية للاحتجاج ومقاومة
النظام، بل ان تلك الاسباب ساهمت في
الدفع نحو تحولات اعمق في واقع الثورة
السورية ولاسيما في اتجاهين مكملين
لمحدودية التظاهر ولتراجع شعارات
التضامن والوحدة السورية، وهما انبعاث
نزعات دينية طائفية وقومية في صفوف
الثورة، ثم ظهور تشكيلات عسكرية مؤسسة
على تلك النزعات، وهذه هي الاخطر. غير انه
ورغم التطورات الاخيرة بما فيها من
مخاطر على الثورة ووحدة السوريين،
فانه لايجوز المغالاة في تقدير تلك
الاخطار، والاساسي في ذلك ان هذه
التطورات جاءت في ظروف صعبة
واستثنائية، وهي ظروف الدم والدمار
السوريين، وفي ظل الاهمال الدولي لما
يتواصل من فصول في كارثة مدمرة في وقت
تدعم فيه قوى متعددة وحشية النظام،
وتعجز فيه المعارضة عن تحقيق وحدتها
وتقدمها نحو فتح ابواب امام حلول
ومعالجات تساعد في انتصار الثورة، ولا
شك ان تغيير تلك الظروف سوف يخفف من تلك
المخاطر، بل انه سوف يجعل السوريين
اقرب الى الوحدة واكثر قدرة على معالجة
وتصفية كل السلبيات والدمارات التي
لحقت بحياتهم ووطنهم. =================== سميح
صعب 2013-03-16 النهار في ذروة
التقارب الأميركي – الروسي حيال
الأزمة السورية، تذهب فرنسا وبريطانيا
في اتجاه آخر، فهل ان هاتين الدولتين
فعلا مؤمنتان بأن عسكرة النزاع هي
السبيل الاقصر الى الحل وليس العودة
الى بيان جنيف من اجل وضع خريطة طريق
تخرج السوريين من حربهم التي دخلت
سنتها الثالثة ولم تسفر عن شيء حتى
الآن سوى تدمير سوريا دولة وكيانا
وجعلها عراق آخر ولبنان آخر
وأفغانستان أخرى واسبانيا أخرى وبوسنة
أخرى الى آخر ما في القاموس الحربي من
تسميات. لقد
حققت الحرب كل شيء الا المطالب التي
انطلق بها بعض السوريين مدفوعين بهوس
ما يطلق عليه زوراً وبهتاناً "الربيع
العربي"، فأي ربيع هذا الذي يوقع
اكثر من 70 الف قتيل ويشرد الملايين في
الداخل والخارج ولا يبقي بلداً قابلاً
للحياة كي تتحقق فيه اصلاحات وتقوم فيه
ديموقراطية، وأي ربيع هذا الذي يوقظ
فتنة بين السنة والشيعة ويجرف في طريقه
ما تبقى من اقليات متجذرة في الشرق،
وأي ربيع يحمل في طياته كارثة تتهدد
المنطقة باسرها، حتى الذين يقفون
متفرجين او يساهمون فيها لن يبقوا
بمنأى عنها لأن طبيعة الصراعات في
العالم تقود الى هذا، ومخطئ من يظن ان
في وسعه اذا ما دمرت سوريا ان ينجو
بنفسه. وفي
ذروة اقتراب واشنطن من روسيا من اجل
ايجاد تسوية سياسية تنقذ ما تبقى من
سوريا وتمنعها من الزوال، يقرأ الرئيس
الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء
البريطاني ديفيد كاميرون من كتاب
برنار هنري - ليفي فيعمدان الى تكرار
التجربة الليبية في سوريا بسيناريو
مختلف يقوم على تزويد المعارضة
السورية أسلحة متطورة كي تستطيع
التغلب على الجيش النظامي ودخول دمشق
واقامة نظام جديد! هل
هولاند وكاميرون مقتنعان فعلاً بان
هذا هو العلاج للأزمة السورية وان
التسليح يحقق السلام فيها وينهي
حربها؟ أم انهما يفعلان ذلك بعدما وجدا
نفسهما خارج التسوية الاميركية -
الروسية، ام انهما يفعلان ذلك مسايرة
لدول الخليج العربية وتركيا التي لا
تريد تسوية سياسية يمكن ان تؤمن
استمرار النظام السوري او سوريا ككيان
موحد وقوي بأي صورة من الصور؟ كثيرة
هي الاسئلة المطروحة اليوم حول الحمية
الفرنسية - البريطانية بالنسبة الى
سوريا، وهي تعطي انطباعاً ان الدولتين
قادرتان فعلاً على تنكب مهمة ترددت
الولايات المتحدة في السير بها، فهل من
عاقل يقتنع ان في امكان باريس ولندن ان
تملآ الفراغ الاميركي؟ ربما عاود
الامبراطوريتين السابقتين حنين الى
الزمن الغابر، ولكن هل هما تمتلكان
القدرة والادوات التي يمكنهما بها
تحقيق هذه الرغبة؟ =================== متصلون
بالأميركيين عن موقف كيري: لا
تغيير ولا مكان انتقالياً للأسد روزانا
بومنصف 2013-03-16 النهار هل هناك
اي تغيير في السياسة الاميركية ازاء
الازمة السورية والرئيس بشار الاسد في
ضوء المواقف الاخيرة المعلنة لوزير
الخارجية الاميركي جون كيري؟ سؤال
اثير اعلاميا وسياسيا في الايام
القليلة الماضية بناء على تصريحات
لرئيس الديبلوماسية الاميركية من
شأنها ان تستدرج استنتاجات مختلفة. الا
انه وعلى غير ما ذهبت اليه التفسيرات
المرحبة او المنددة في شأن المواقف
الاخيرة التي اطلقها وزير الخارجية
الاميركي من ضرورة جلوس النظام السوري
والمعارضة الى طاولة المفاوضات من
انها تعبر عن تحول كبير في موقف
الادارة الاميركية واقترابها اكثر من
موقف روسيا التي تصر على مكان للرئيس
السوري في العملية الانتقالية، كشف
متصلون بديبلوماسيين اميركيين اخيرا
ان هذه التفسيرات او التأويلات في
الاتجاهين ليست صحيحة. اذ ان قراءة هذا
الموقف كانت مجتزأة وغير دقيقة لمجمل
ما جاء فيه. يقول هؤلاء نقلا عن
الديبلوماسيين الاميركيين المعنيين
ان لا سياسة اميركية جديدة في شأن
سوريا مختلفة عن الموقف المعلن
للادارة سابقا. وهذه السياسة مع وزير
الخارجية كيري لا تنحو اكثر نحو تبني
وجهة النظر الروسية من هذه النقطة
بالذات وفقاً لقراءات تعتبر ان
الادارة الاميركية جيّرت الى روسيا
العمل على ايجاد حل مع كل من النظام
والمعارضة. اذ ان الديبلوماسية
الاميركية وفق ما ينقل عن هؤلاء لا
تزال ترى ان لا مكان للرئيس السوري في
عملية انتقال السلطة كما كان موقفها
سابقا ومنذ اتفاق جنيف في هذا الاطار.
اذ حين تحدث كيري عن ان "تشكيل حكومة
في سوريا يحتاج الى توافق بين الاسد
والمعارضة ضمن الاطار التوافقي الذي
تم التوصل اليه في جنيف" اعاد الى
الاذهان في الوقت نفسه "ان اعلان
جنيف يتطلب موافقة متبادلة من
الفريقين لتشكيل الحكومة الانتقالية".
اي ان للمعارضة حق الفيتو على من
يسميهم النظام مثلما له حق الاعتراض
عمن تسميهم المعارضة. وهذه الاخيرة
معترضة على الاسد نفسه، علما ان كيري
اكد من ضمن الموقف المعلن نفسه الداعم
للمعارضة ما اعتبره دفاع المعارضة عن
الشعب السوري. وتاليا فان لا مكان
للاسد في هذه المعادلة وفقا للابعاد
السياسية التي اعطيت لمواقف كيري،
خصوصا ان الكثير من هذه الابعاد تبنى
على ما اقامه كيري من علاقة شخصية مع
الاسد ادت الى تريث الادارة الاميركية
في اتخاذ موقف مبكر من القمع الذي قاده
الاسد ضد الثورة لدى انطلاقها نتيجة
خلاصات لقاءات عقدها كيري مع الرئيس
السوري. في حين ان رئيس الديبلوماسية
الاميركية يحاول ان يبتعد عن اشاعة مثل
هذا الاعتقاد راهنا. وبحسب
المتصلين انفسهم بالديبلوماسيين
الاميركيين، فان موقف واشنطن وفق ما
عبّر عنه كيري في اجتماع روما لاصدقاء
سوريا اتجه الى تسهيل اعطاء السلاح الى
المعارضة المعتدلة بناء على معادلة
قوامها ، العمل على الضغط على النظام
من خلال السعي الى تغيير موازين القوى
عسكريا على الارض، وترجيح كفة
المعارضة واتساع نطاق عملها وقوته بما
يفرض على الرئيس السوري "اعادة
حساباته" ويقرر الدخول في مفاوضات
من اجل المساهمة في عملية انتقال سلمية
للسلطة من دون فوضى لكن لا يشكل هو جزءا
من عملية الانتقال هذه، كما لا تستفيد
منه ايضا الجهات الجهادية المتطرفة.
ولا يقتصر تقديم المساعدة في هذا
الاطار على دول المنطقة وفق ما ظهر
خلال جولة كيري على بعض الدول الخليجية
بل شمل ايضا الدول الاوروبية كفرنسا
وبريطانيا اللتين ابدتا الاستعداد
لتقديم اسلحة دفاعية للمعارضة
المعتدلة وليست المتطرفة ومن ضمن
زيادة الضغط على النظام السوري.
واللافت في الموقفين الفرنسي
والبريطاني انهما اتسما بنبرة تصاعدية
اقوى في الآونة الاخيرة على رغم لقاء
للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع
نظيره الروسي فلاديمير بوتين ولقاء
قبل ايام قليلة لوزير الخارجية
البريطاني وليم هيغ مع نظيره الروسي
سيرغي لافروف. بمعنى ان الموقفين
الفرنسي والبريطاني هما ابلغ تعبير عن
بقاء المواقف الدولية على حالها وعدم
حلحلتها من اي من الجانبين اي الغرب من
جهة وروسيا من جهة اخرى وصبت المواقف
الغربية في اطار الاعلان عن زيادة
الضغط على النظام السوري. وليس
واضحا، اذا كان هناك امكان لنجاح هذه
المقاربة الجديدة نحو السعي الى ايجاد
حل للازمة السورية ام لا، نظرا الى
تداخل الحسابات الدولية والاقليمية
والسورية المباشرة في هذه الازمة
ونظرا الى صعوبة التوفيق بين العناصر
المختلفة لهذه المقاربة. اذ تقول مصادر
ديبلوماسية معنية ان المقاربة التي
تفترض قبول النظام بأي حل سياسي
يستبعده عن السلطة قد يكون مبالغا
فيها، في انتظار نتيجة ما يحصل على
الارض من تطورات علها تساهم في ذلك.
وهذا الامر سيستغرق وقتا لا بأس به مما
ينبئ بان الازمة لا تشارف ايجاد حلول
قريبة لها، علما ان الحل لو بدأ البحث
عنه راهنا فانه لن ينتهي على الارجح
قبل انتهاء ولاية الرئيس السوري في 2014.
ومن هنا المواقف التي تقول باعادة
ترشيح الرئيس السوري نفسه للرئاسة
مجددا ردا على معادلة ابعاده من
المرحلة الانتقالية التي لا تزال
قائمة. =================== تحية
من كمال جنبلاط الى أحرار سوريا علي
حماده 2013-03-16 النهار بين
تاريخي السادس عشر من اذار
١٩٧٦ والخامس عشر من اذار
٢٠١١ صلة تكاد تشبه صلة رحم
بين يوم استشهاد اول شهدائنا كمال
جنبلاط وانطلاق ثورة الحرية والكرامة
في سوريا، يوم قامت حفنة من اطفال درعا
بكتابة شعارات تدعو الى اسقاط النظام.
بين هذين التاريخين صلة رحم، فقد قضى
كمال جنبلاط وحيدا على احدى طرق شوفنا
الحبيب لانه قال لا للوصاية، لا لـ"السجن
الكبير"، وذهب الى الموت مشيا على
الاقدام، مسالما وقابلا بقدره الذي
جعل منه اول شهداء الحرية والسيادة
والاستقلال والكرامة في لبنان. قد كرت
سبحة الشهداء الكبار لتصل الى رفيق
الحريري في الرابع عشر من شباط
٢٠٠٥، ليستعيد اللبنانيون
على دمه وحدتهم وايمانهم بالحلم
اللبناني ومعه استقلالهم الثاني. وكما
قال وليد جنبلاط لقد دخلوا فوق دم كمال
جنبلاط، وخرجوا فوق دم رفيق الحريري. في هذا
اليوم نستذكر كمال جنبلاط، ومعه
نستحضر ذكرى انطلاقة الثورة في سوريا
التي بدأت سلمية فأغرقها النظام في بحر
من دماء الاطفال والنساء والرجال، ظل
طوال اشهر متتالية يعمل في الشعب آلة
القتل، الى ان انتهى الشعب الى امتشاق
البنادق للدفاع عن نفسه بوجه قتلة
الاطفال، وذابحي الشعراء، ومغتصبي
النساء. نستذكر
معاني الحرية والكرامة التي مات من
اجلها كمال جنبلاط مقتولا برصاصات
الغدر، فيما نستحضر احلام اطفال سوريا
بالحرية والكرامة التي من اجلها
انتزعت اظافرهم في اقبية مخابرات درعا
وغيرها. فقد كان كمال جنبلاط ذلك
العروبي العصري الذي دعا قبل غيره الى
تحرير الانسان العربي تمهيدا لتحرير
الارض المغتصبة في فلسطين وغيرها. آمن
كمال جنبلاط بالعروبة الحديثة
والانسانية التي تغلب الكرامة
الانسانية على سياط العبودية. وبعد
عقود من السبات العميق قام اطفال سوريا
ليسترجعوا هذا الحلم العربي بالحرية
والكرامة العابرين للحدود والشعوب،
ليواجهوا أعتى آلات القمع في تاريخ
مشرقنا العربي. مات
كمال جنبلاط لكنه لم يمت فقد عاش في
قلوب الاحرار، وانتفض احرار لبنان عام
٢٠٠٥، ثم انتفض احرار سوريا
عام ٢٠١١ لكي يثبتوا مقولة
ان "الحق لا يضيع" وان ما من ظالم
إلا وله نهاية. واليوم وبعد عامين على
بدء الثورة في سوريا نقترب فعلا من
انتصار الحرية والكرامة. فالثوار
يدقون ابواب دمشق، وكل يوم يحررون
مزيدا من ارض سوريا. ولن يمر وقت طويل
حتى تنطلق المرحلة الاخيرة من حرب
تحرير سوريا من هذا النظام الذي لن
يرحل إلا بالقوة. نقول ان
النظام لن يرحل إلا بالقوة لاننا كلما
تحدثنا الى احرار سوريا في كل مكان،
نسمع منهم الموقف ذاته وهم يوجهون
كلامهم الى بشار الاسد: "بشار لا
ترحل، جايينك". فتحية
الى احرار سوريا في يوم كمال جنبلاط… =================== سورية:
عامان على الثورة.. عقود على المؤامرة منار
الرشواني الغد
الاردنية 16-3-2013 "في
سورية ليس هناك معادون للنظام القائم
فيها، وإنما هناك "معارضون" له،
غير أن معارضتهم هذه لا تندفع الى ما هو
أبعد من المطالبة بتحقيق بعض
الإصلاحات السياسية والاقتصادية، مثل
إلغاء حالة الطوارئ، وإنهاء الأحكام
العرفية، وإصدار قانون للأحزاب،
وترشيد توزيع الثروة الوطنية.. ما جرى
في العراق من ركوب بعض المعارضين خاصة
شيوخ العشائر على دبابة أميركية من أجل
استلام السلطات والمناصب، بعيد تماما
عن أخلاقيات ومناقب السوريين..".
كان هذا بعضاً مما كتبه في مقالة
نشرت في صحيفة السفير اللبنانية،
بتاريخ 15/5/2003، اللواء بهجت سليمان؛ رجل
المخابرات السورية الأقوى كما كان
يشاع (والذي يشغل اليوم منصب السفير
السوري في الأردن). وقد رد
عليه المعارض ميشيل كيلو، بمقالة في
صحيفة النهار اللبنانية أيضاً، بتاريخ
21/5/2003، اختتمها بقوله: "تُرى، هل
نقرأ في أيام مقبلة مقالة ثانية
لكاتبنا الجليل والعميق، تفتح باب
الحوار حول الإصلاح، مثلما فتحت
مقالته الحالية باب النقاش حول خيارات
سورية؟ أعتقد جازماً أن أصواتنا
المختلفة ستتناغم أثناء الحوار وستصل
بنا الى مشتركات حقيقية وضاربة،
يحتاجها وطننا من أجل تعزيز حريته
واستقلاله بقوانا مجتمعة؟!". في
العام 2006، تلقى كيلو الرد على وطنيته
وحرصه على سورية الحاضر والمستقبل:
اعتقال، ثم محاكمة وإدانة (مع آخرين من
المعارضة التي كان اللواء سليمان قد
أشاد بها)، استناداً إلى التهمة
الشهيرة لكل معارضي الأسد: "نشر
أخبار كاذبة، وإضعاف الشعور القومي،
وإذكاء النعرات الطائفية". ولينضم
كيلو في الفترة 2006-2009 إلى بقية رموز
المعارضة السورية الوطنية من معتقلي
ما عُرف بـ"ربيع دمشق"، الذين لم
يطالبوا، وبالحوار فقط، إلا بإنفاذ
بشار الأسد وعوده غداة وراثته السلطة
عن أبيه في العام 2000، أي الشروع
بإصلاحات سياسية واقتصادية ما عاد
يمكن لسورية وشعبها أن يستمرا بدونها. هكذا،
لم يعد مجال للشك أن خيار النظام هو
مواصلة مؤامرة الاستبداد والفساد على
سورية وشعبها، والتي كانت بدأت عقوداً
قبل ذلك، وحصدت عشرات آلاف القتلى،
ومئات آلاف المعتقلين والمختفين في
سجون الأسد الأب، وأضعافهم من
المهجرين المجردين من كل حقوقهم جيلاً
بعد جيل. وقد كانت فعلاً مؤامرة كونية؛
عربية-قومية-إسلامية، قبل أن تكون
غربية. لكن بدلاً من أن يكون تأييد سحق
الإنسان السوري يتم، عربياً وغربياً،
بشكل ضمني عبر الصمت والتواطؤ، فقد
تحول في تلك الفترة إلى تأييد علني لا
يستدعي أي خجل من الشعب السوري الذي لم
يعترف به يوماً أنصار الأسدين. ففي
العام 2006 أيضاً، كان المحامون العرب
والأحزاب العربية من كل لون، يعقدون
مؤتمرات بدعوى نصرة سورية (ولبنان) في
مواجهة المؤامرة الأميركية التي تلت
سقوط بغداد. لكنها لم تكن سوى مؤتمرات
لنصرة نظام الأسد على شعبه. فإذ لم
يجرؤ، أو لم يفكر أي من المشاركين في
المطالبة بإطلاق سراح معتقل سياسي
سوري واحد في وقت استعار "المؤامرة
الأميركية" المزعومة، فقد لزم هؤلاء
موقفهم المبدئي بالتنكر للسوريين حتى
بعد أن بات الأسد محج وفود الكونغرس
الأميركي، وضيفاً على الرئيس الفرنسي
نيكولا ساركوزي. تلك هي
فعلاً المؤامرة التي استمرت عقوداً،
فاستوجبت ثورة مشروعة للسوريين منذ
عامين على إذلالهم وقهرهم وقتلهم. وكل
دمار لحق ويلحق بالإنسان السوري
والوطن السوري، يتحمل مسؤوليته
الجميع، إلا الثائرون السوريون الذين
صبروا طويلاً جداً، فما نالوا غير
القتل والمعتقلات والتهجير والخذلان. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |