ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 26/03/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

25-03-2013

استقالة الخطيب تحرج القمة

عبد الباري عطوان

2013-03-24

القدس العربي

مقعد سورية سيكون الحدث الأبرز في القمة العربية التي ستبدأ اعمالها غدا في الدوحة، اما باقي المداولات والقرارات فهي عمل روتيني تقليدي ممل لا يحمل اي جديد، فالبيانات نفسها، والمؤتمر الصحافي نفسه، والاسئلة نفسها، بل وسائلوها انفسهم.

نشرح اكثر ونقول، ان ما يميز هذه القمة عن جميع القمم واجتماعات وزراء الخارجية العرب السابقة، محاولة تسجيل سابقة جديدة في العمل العربي المشترك، اي تسليم مقعد دولة الى حركة معارضة لحكومتها، والمقصود هنا المعارضة السورية.

عدسات التلفزة يوم الافتتاح ستركز على هذا المقعد، ونوع العلم المرفوع عليه، سواء كان خاليا مثلما حدث في اجتماعات مجلس الجامعة السابقة، طوال العام ونصف العام الماضيين، او متربعا عليه ممثل المعارضة السورية، والائتلاف الوطني خصوصا، بعد الاعتراف به كممثل شرعي 'وحيد' للشعب السوري اثناء لقاء مؤتمر اصدقاء سورية في مراكش العام الماضي.

وزراء الخارجية العرب فشلوا في التوصل الى اتفاق بشأن مسألة التمثيل هذه بسبب معارضة الجزائر والعراق وتحفظ لبنان، وصمت دول عربية اخرى، الأمر الذي جعل العلم السوري الرسمي بألوانه الاحمر والاسود والابيض، ونسره الذي يتوسطه، مرفوعا امام المقعد الخالي حتى يوم امس.

الشيخ احمد معاذ الخطيب افسد العرس العربي عندما فجّر قنبلة استقالته من رئاسة الائتلاف الوطني، قبل انعقاد القمة بثمان واربعين ساعة، لتبدأ حملة ضغوط مكثفة من قطر الدولة المضيفة لإقناعه بالعدول عنها وانقاذ القمة بالتالي، ولم يطرأ اي تغيير حتى كتابة هذه السطور.

الشيخ الخطيب تأخر في تقديم استقالته التي كانت مقررة قبل بضعة اسابيع، وبالتحديد منذ ان تعرض لحفلة شتائم وسباب وتخوين غير لائقة، كرد فعل على مبادرته التي عرض فيها الحوار مع نظام الرئيس بشار الاسد لحقن الدماء والافراج عن 160 الف معتقل، وتسهيل تمديد جوازات السفر لعشرات الآلاف من السوريين الذين يعيشون في الشتات.

' ' '

من الواضح ان الشيخ الخطيب الطارئ جدا على عالم السياسة ودهاليزه المليئة بالمناورات والأكاذيب واللعب على الحبال، لم يدرك حجم المأزق الذي وقع فيه عندما قبل باختياره رئيسا للائتلاف، فهناك فرق كبير بين الخطابة في الجامع الاموي، والتعاطي مع حيتان القوى المتصارعة على الكعكة السورية، العربية منها والاجنبية. فقد بدا مرتبكا عندما تعرض لهجمة تخوين شرسة، ولجأ الى 'الفيس بوك' للشكوى وبثّ الهموم، والتعبير عن يأسه واحباطه، واخترق اكثر من خط احمر عندما التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الايراني علي اكبر صالحي على هامش مؤتمر امني في ميونيخ.

تسرّع الشيخ الخطيب في نظر حلفائه وداعمي ائتلافه عندما رفض قرارا امريكيا بوضع جبهة النصرة على قائمة الارهاب، والمرة الثانية عندما رفض المشاركة في الاجتماع الاخير لأصدقاء الشعب السوري في باريس 'حردا'. هاتان الخطيئتان دفعتا الجهات الداعمة للمعارضة السورية، والعربية منها على وجه الخصوص، الى السعي لإيجاد البديل 'المطيع' المناسب، وكان اجتماع الائتلاف السوري في اسطنبول يوم الاثنين الماضي (مشاركة 66 عضوا) وانتخابه السيد غسان هيتو رئيسا للوزراء (حصل على 35 صوتا) هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

تقارير وتسريبات اعلامية اكدت اكثر من مرة ان السيد هيتو سيحتل مقعد سورية في مؤتمر القمة باعتباره رئيس الحكومة (دون وزراء) وليس الشيخ الخطيب، الأمر الذي اثار حساسية الاخير، وادراكه بان ايامه،وليس الاسد، باتت معدودة، ففاض كيله وفجر قنبلة الاستقالة في توقيت محسوب بعناية، وكأنه اراد ان يثأر لنفسه وكرامته التي اعتقد انها هدرت.

الشيخ الخطيب وقف ضد تشكيل حكومة مؤقتة، وكان يتطلع الى حكومة وحدة وطنية انتقالية تضم المعارضة وشخصيات من النظام الحاكم، ولكن معارضيه ارادوا حكومة تحلّ اشكالا دستوريا يسمح بتولي الائتلاف مقعد سورية في القمة، ويتماشى مع الاعلان التأسيسي للجامعة العربية.

موقفان عزّزا موقف الشيخ الخطيب، الاول رفض الجيش السوري الحرّ الاعتراف بالسيد هيتو وحكومته لغياب التوافق حوله، والثاني تجميد اكثر من 15 شخصية سورية بارزة لعضويتها في الائتلاف لعدم رضائها على الطريقة التي جرت فيها عملية انتخاب السيد هيتو المقرّب من حركة الإخوان المسلمين.

النقطة اللافتة للنظر في بيان الشيخ الخطيب، ولا يمكن للمراقب تجاهلها او القفز فوقها، تلك التي تقول 'كثيرون هم من قدموا يد عون انسانية صرفة ونشكرهم جميعا، الا ان هناك امرا واقعا مرا وهو ترويض الشعب السوري، وحصار ثورته، ومحاولة السيطرة عليها'. وتابع 'من هو مستعد للطاعة سوف يدعمونه، ومن يرفض فله التجويع والحصار، ونحن لن نتسول رضا احد'، مضيفا: 'وان كان هناك قرار بإعدامنا كسوريين فلنمت كما نريد نحن، فباب الحرية فتح ولن يغلق'، مشددا 'ان رسالتنا الى الجميع ان القرار السوري سوف يتخذه السوريون، والسوريون وحدهم'.

' ' '

هذا الكلام يبدو موجها الى دول عربية، ووجد صدى لدى الادارة الامريكية، ووزير خارجيتها جون كيري على وجه الخصوص، الذي علق بقوله 'ان استقالة الخطيب لم تكن مفاجئة وانا (اي كيري) معجب به، واقدّر قيادته'.

هذا الكلام لكيري يبدو على درجة كبيرة من الاهمية اذا تذكرنا تصريحه الشهير الذي اطلقه قبل عشرة ايام، ووقع وقع الصاعقة على الكثيرين في المنطقة، وقال فيه ان على الرئيس بشار الاسد وممثلي المعارضة الجلوس سويا الى طاولة الحوار للبحث عن حلول سياسية تقوم على اساس تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة وفقا لبروتوكول اتفاق جنيف.

الوزير الامريكي بهذا التصريح الصريح يعترف بشرعية الرئيس الاسد ونظامه، في وقت تصرّ الجامعة العربية ومؤتمر قمتها على نزعها. والسؤال الذي يطرح نفسه عما اذا كان الشيخ الخطيب ينسق مع الامريكان، ام ينطلق من قناعات شخصية، ام ان التفكيرين التقيا على ارضية مشتركة، اي الحوار مع النظام ورئيسه باعتباره الخيار الافضل لحقن الدماء؟

لا نستطيع تقديم اجابة جازمة، لكن اول تصريح ادلى به السيد هيتو فور انتخابه رئيسا للحكومة واكد فيه على رفض الحوار كليا تحت اي ظرف من الظروف مع النظام السوري، قد يفيد في تحديد الاجابة الاقرب الى الصحة، خاصة انه كان المفضل لتولي مقعد الاسد في القمة العربية.

استقالة الشيخ الخطيب، وبالنظر الى تداعياتها والنتائج المترتبة عليها، تمثل زلزالا هزّ المعارضة السورية، واحدث شرخا كبيرا يضاف الى شروخ اخرى، في وقت حرج للغاية يتطلب توحدها تحت راية جامعة.

بعد 24 ساعة سنرى لمن سيؤول مقعد سورية الشاغر، وسنتعرف على لون العلم الذي سيوضع امامه، لكن التطور الاخطر في رأينا هو ما سيحدث بعد انتهاء القمة، سواء على صعيد المعارك في سورية، او المعارك داخل صفوف المعارضة، في الخارج على الاقل، للفوز بمقعد آخر مختلف، اي مقعد قيادتها.

===================

أي خبر يقين عند بثينة؟

صبحي حديدي

2013-03-24

القدس العربي

للمرء أن يدع جانباً ما تقوله بثينة شعبان عن افتخار حافظ الأسد بها، كـ'أستاذة جامعية وكاتبة'؛ وكيف كان يضعها في مصافّ كوليت خوري، 'رغم فارق السنّ بيننا'، كما تقول في مقدّمة كتابها الجديد 'مفكرة دمشق: عرض من الداخل لدبلوماسية حافظ الأسد حول السلام، 1990 ـ 2000'، الذي صدر مؤخراً بالإنكليزية. ثمة، في المقدّمة ذاتها، ما هو أكثر طرافة، وأدعى للاقتباس هنا: الأسد، الأب دائماً، زار شعبان في المنام، بعد عام على وفاته، في حزيران (يونيو) سنة 2000؛ وسألها: 'بثينة، لِمَ لم تكتبي، بعدُ، عن فترة عملك معي؟'، التي تمتدّ على عقد من الزمان، كما تُعْلمنا شعبان، بين 1991 وحتى ساعة الوفاة.

'أجبتُ قائلة: لأنني لم أعرف من أين أبدأ، وأي نوع من الكتب ينبغي أن أكتب. هل يتوجب أن أكتب عن طفولتك، عن شبابك، عن عائلتك، عن مسارك المهني؟'؛ تقول شعبان، ثمّ تتابع ما أوصاه بها الأسد في الحلم: 'كلا، كلا. ليس مطلوباً منك أن تكتبي عن هذا كلّه. أربعة فصول سوف تكفي. شرح لي أنّ تلك الفصول ينبغي أن تركّز على سورية والغرب، وعلاقته بالغرب، ودوره في عملية السلام، وأخيراً: حافظ الأسد وبيل كلنتون. فهمت أنه يريدني أن أكتب الحقيقة عنه، وأن أبدّد نقاط سوء الفهم الهائلة التي سادت في الغرب حول سمعته ودوره في عملية السلام، وكذلك سوء الفهم حول دور بيل كلنتون، الذي كان الأسد قد منحه ثقة تامة'...

لكنّ شعبان، وبدل الفصول الأربعة، كتبت 11 فصلاً، غير المقدّمة والخاتمة، وملاحق مراسلات الأسد ـ كلنتون، فانتهى الكتاب إلى 245 صفحة ونيف. ثمة، كما للمرء أن يتوقع، تفاصيل مسهبة عن مؤتمر مدريد، و'شهر العسل' بين النظام وكلنتون، و'وديعة رابين'، ومحادثات رونالد لودير (الذي أجرى حوارات مع الأسد، بتكليف من بنيامين نتنياهو سنة 1998، وتواصلت بعد انتخاب إيهود باراك)، ومحادثات شبردزتاون؛ فضلاً، بالطبع، عن تضخيم شخصية الأسد إلى درجة مقارنته بوزير الدفاع السوري يوسف العظمة، الذي استُشهد في معركة ميسلون، صيف 1920، ضدّ الجنرال هنري غورو وجيوش فرنسا الغازية. أمّا ذاك الذي لن يعثر عليه القارىء، العادي المحايد الباحث عن 'حقيقة' بشّرت شعبان بأنها ستسردها طيّ فصول مكرورة إنشائية وصفية، ما، فإنها هذه بالضبط: الحقيقة!

ذلك لأنّ تلك الحقبة شهدت جديداً، غير مسبوق والحقّ يُقال، هو حكم القيمة الشخصي ـ الأخلاقي الذي أطلقه الأسد على باراك ('رجل قوي وصادق')، وحكم القيمة الشخصي ـ السياسي الذي ردّ به الأخير على الأوّل ('استطاع أن يبني سورية قوية ومستقلة وواثقة بنفسها'). الجديد الثاني، المتفرّع عن الأوّل، هو أنّ الأسد وباراك قلبا المنطق الدلالي البسيط لهذا النوع من أحكام القيمة: إذا افترض المرء أنّ 'حالة العداء' كانت ناظم علاقات القوّة بين البلدين، فإنّ وجود رجل 'قويّ وصادق'، خصمه دولة 'قويّة ومستقلة وواثقة بنفسها'، ينبغي أن يقلق الدولتَين المتحاربتَين، كلّ منهما على حدة؛ أليس كذلك، وفق المنطق البسيط؟

تلك، أيضاً، حقبة شهدت تصريح الأسد الشهير، في لقاء مع عضو الكونغرس الأمريكي توم لانتوس: 'إنّ مفهومي عن السلام واضح، وحين أتحدث عن السلام الكامل فإنني أقصد السلام الطبيعي من النوع القائم اليوم بين 187 دولة في العالم'. وبالفعل، منذ عام 1973 وافق الأسد على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 338، فاعترف عملياً وحقوقياً بأنّ إسرائيل جزء لا يتجزأ من تكوين المنطقة السياسي والجغرافي؛ ومنذ عام 1974، إثر توقيع 'اتفاقية سعسع'، لم تُطلق في هضبة الجولان طلقة واحدة تشي بانهيار السلام المبرم؛ وبعد ثماني سنوات، وافق النظام على مبادرة الملك فهد التي اعترفت عملياً بحقّ إسرائيل في الوجود؛ وفي عام 1991 ذهب النظام إلى مؤتمر مدريد، ثمّ أرسل حكمت الشهابي، وبعده فاروق الشرع، إلى مباحثات مباشرة مع الإسرائيليين، برعاية أمريكية...

ما لا تقوله شعبان، حول 'فشل' قمّة جنيف بين الأسد وكلنتون، هو أنّ تحوّلاً عميقاً طرأ على تقديرات باراك لأوضاع النظام السوري، مفاده أنّ عزم الأسد على عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل لم يعد مجرّد 'خيار ستراتيجي'، كما يقول الأسد نفسه؛ بل صار حاجة ستراتيجية تخصّ الوضع السوري الداخلي، ومستقبل النظام، وتسريع إجراءات التوريث في ضوء اشتداد المرض على الأسد الأب. لقد أدرك باراك أنّ العدّ العكسي للعمليتين، ترتيب التوريث وترتيب السلام، لم يعد يتناسب مع العدّ العكسي الثالث: ما تبقى للأسد من زمن على قيد الحياة. وما دام التوريث له الأسبقية، وتنظيف بيت النظام الداخلي، تمهيداً لوراثة سلسة ما أمكن، لا تعلو عليه أولوية؛ فما حكمة تقديم تنازلات، أو أيّ تنازل في الواقع، مهما كان ضئيلاً؟

وهكذا، لم يكن تراث يوسف العظمة هو الذي حال دون توقيع الأسد على اتفاقية سلام، كما تزعم شعبان، بل هو الحرص على منجاة الوريث، وحفظ نظام الاستبداد والفساد، وإدامة شبكات الولاء. لا عجب، إذاً، أنّ طراز الخبر اليقين هذا، لم يجد طريقه إلى منام بثينة!

===================

كلمة السر في زيارة اوباما * ماهر ابو طير

الدستور

25-3-2013

المصالحة التركية الإسرائيلية التي جرت قبل أيام باعتذار رئيس الحكومة الإسرائيلية عن حادثة السفينة مرمرة،ليست مجرد مصالحة عادية،اذ جاءت توطئة لترتيب اقليمي يخص الملف السوري تحديدا.

المحللون لزيارة اوباما الى المنطقة يقولون: إن كلمة السر في زيارة اوباما الى المنطقة تتعلق بالملف السوري،فيما الملف الفلسطيني غائب فعليا ولم يحظ الا بتعليقات تشابه التعليقات الامريكية السابقة،من حيث التأكيد على عملية السلام،وغير ذلك من مفردات،وبهذا المعنى فإن زيارة اوباما الى المنطقة خلفها سيناريو يتعلق بسورية تحديدا.

ليس صحيحا ان الاعتذار الاسرائيلي لتركيا جاء بعد خروج وزير الخارجية الإسرائيلي السابق من الحكومة الاسرائيلية، وهذا كلام يأتي من باب ذر الرماد في العيون،والواضح ان الملف السوري بحاجة الى توافقات بين دول الجوار لسورية،وابرز الاشكالات القائمة يتعلق بالبوابة التركية الإسرائيلية، وعبر فتح هذه البوابة يمكن الحديث لاحقا عن ترتيب اقليمي تتشارك فيه اسرائيل وتركيا،ازاء الملف السوري؛خصوصا اذا وضعنا في الحسبان وجود سيناريوهات متعددة لنهايات الازمة السورية.

الملف السوري في الاغلب سيكون سببا في حرب اقليمية، وادارة الملف السوري تخضع لحسابات معقدة من جانب واشنطن وتل ابيب ودول المنطقة؛ لان التعقيدات تتناول ورثة الاسد،اذا بقي النظام ذاته، وورثة النظام اذا سقط كليا، واحتمالات التقسيم والتفتيت لسورية،اضافة الى حسابات تتعلق بجماعات المعارضة السورية وصراعاتها،وحصة الجماعات الاسلامية المعتدلة والمتشددة وسط هذا المشهد.

يضاف الى ماسبق الواقع العسكري الميداني في سورية، من حيث وجود مخزون كيماوي،وسلسلة التحالفات السورية في لبنان والعراق وايران، والامتداد الدولي نحو موسكو وبكين.

زيارة اوباما الى المنطقة خلفها سيناريو محدد للازمة السورية، ومن اجل تطبيق هذا السيناريو لابد من ترتيبات اقليمية سياسية ولوجستية، وابرز الترتيبات السياسية اعادة تعميد المنطقة باعتبارها تحت حماية واشنطن من جهة،وترتيب المعسكر الاقليمي التابع لواشنطن، وفك عقد الخلافات بين الاتراك والاسرائيليين؛ لكون فك العقد له دور وظيفي يتعلق بالتنسيق المقبل بين الطرفين في سيناريو الفترة المقبلة.

واشنطن تجد نفسها امام حاجة ملحة لمداخلة من نوع ما يتجاوز سقوف الفترة الماضية؛ اقل من حرب،واكثر من تهريبات السلاح للثوار،خصوصا أن الازمة السورية باتت تنتج خصومات جديدة، بدأت بنظام الاسد،وامتدت لتشمل عواصم كبرى، ووصلت الى القاعدة وجبهة النصرة ، وسلسلة الخصومات مفتوحة، بما يضغط لاعادة ترتيب سلاسل الاصدقاء والخصوم على حد سواء.

هذا يعني ان المنطقة دخلت فترة حساسة جدا،على خلفية الملف السوري،وسنشهد خلال الفترة المقبلة تغيرات جوهرية في الصراع، وقد لايخلو الامر من مفاجآت لوجستية وعسكرية ضمن مستويات متدرجة، ولعل التساؤلات تنصب حول طبيعة الذي سنراه قريبا في كل المنطقة، وسط تأكيدات كثيرة تقول: ان الملف السوري سيكون سببا في انفجار الوضع الاقليمي، ولو دون تخطيط مسبق لهكذا مآلات.

كلمة السر في زيارة اوباما الى المنطقة تتعلق بالملف السوري تحديدا،وواشنطن لايمكن ان تذهب لسيناريو الحسم في سورية،وظهرها مكشوف،من زوايا متعددة ومن بينها الخلاف التركي الإسرائيلي.

===================

رأي الراية ... استقالة في غير توقيتها

الراية

25-3-2013

قرار استقالة أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من رئاسة الاتئلاف قرار جاء في غير توقيته وأنه مهما كانت الدوافع والأسباب فانه غير مبرر ويضر بخطوات الثورة السورية ولذلك فان المطلوب كما دعا معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن يعيد الخطيب النظر في هذه الاستقالة والتى جاءت في وقت دقيق ومهم خاصة أنها جاءت متزامنة مع تحضيرات القمة العربية التي تستضيفها الدوحة والتي كان يرجو العرب والمؤيدون للثورة السورية أن تضع الخطوات اللازمة للاعتراف الدولي بالمجلس وبالحكومة السورية المؤقته التي تم اختيار غسان هيتو رئيسا لها خلال اجتماع للمعارضة السورية باسطنبول.

من المؤكد أن قرار معاذ الخطيب بالاستقالة من رئاسة المجلس سيكون له انعكاسات سالبة خاصة وأن الخطيب قد أجمع عليه الجميع لرئاسة الائتلاف باعتباره شخصية مقبولة لجميع مكونات المعارضة السورية وأنه أنجز مهام عديدة لصالح الثورة التي نالت الاعتراف العربي والإقليمي ولذلك فانه من المهم أن يعيد الخطيب النظر في قضية الاستقالة خاصة وأن التحضيرات تجري لمنح المعارضة المقعد السوري في القمة العربية، الأمر الذي يمكن الائتلاف الوطني من نيل الاعتراف الدولي والإقليمي بعدما نال رسميا اعتراف العرب.

الثورة السورية تمر حاليا بمنعطف خطير فاستقالة الخطيب المفاجئة قد تتسبب في شرخ داخلي لدى مكونات الائتلاف وإن رفض الائتلاف قبول الاستقالة موقف إيجابي يؤكد انه لابديل أمام الخطيب إلا الانصياع لرغبة الثوار والتراجع عن استقالته لان الائتلاف هو المسؤول عن هذه القضية وليس رئيسه منفردا.

من المهم أن يدرك قادة الائتلاف الوطني ومن بينهم رئيسه معاذ الخطيب أن الشعب السوري أمام فرصة تاريخية مهمة بعد عامين من التضحيات ضد نظام الطاغية بشار الاسد واقتراب قطف ثمار النضال وأن هذه المرحلة الدقيقة لاتتحمل اية هزة سواء كانت استقالات او خلافات داخلية، فالمطلوب تكاتف جهود الثوار والمعارضين بمختلف تشكيلاتهم لإنجاح الحكومة المؤقتة حتى تتمكن من تولي مسؤوليتها في إدارة المناطق المحررة وتنال الاعتراف الدولي والذي من خلاله يمكن حشد الدعم العسكري للجيش الحر لدحر قوات الاسد وتحرير ما تبقى من أراضي سوريا.

المطلوب حاليا وبشكل فوري عدم منح نظام الاسد والداعمين له من قوى إقليمية او دولية أي مبرر للنيل من الثورة،فاستقالة الخطيب في هذا التوقيت الحساس والدقيق الذي تعيشه الثورة ومحيطها العربي اذا لم يتراجع عنها ستمنح النظام الآيل للسقوط الفرصة للتنفس كما أنها تعيد خلط الأوراق من جديد خاصة أن المتربصين بالثورة كثر ولا يهمهم إلا خلق الفتن الداخلية وسط مكونات الائتلاف لغايات خاصة بهم وتراجع الخطيب عن الاستقالة يفوت الفرصة عليهم.

===================

صراع الهواجس... حول سوريا!

تاريخ النشر: الإثنين 25 مارس 2013

ترودي روبن

الاتحاد

تضغط فرنسا وبريطانيا حالياً على الاتحاد الأوروبي حتى يلغي حظر الأسلحة المفروض على المعارضة السورية، على أمل أن تستطيعا تشجيع الرئيس الأميركي على الحذو حذوهما. وكان إحباط الزعيمين الفرنسي والبريطاني تجاه موقف الولايات المتحدة بشأن سوريا محسوساً في بروكسل الأسبوع الماضي. إذ بينما ارتفع تدفق اللاجئين من سوريا إلى مستويات كبيرة جداً، مهدداً بزعزعة استقرار معظم المنطقة، أعلن الرئيس الفرنسي صراحة أن «أكبر خطر هو عدم فعل أي شيء».

وفي رد فعله، قال وزير الخارجية الأميركي إن واشنطن لن تقف في طريق الخطوات التي يتخذها حليفاها من أجل تسليح المعارضة السورية، لكن الإدارة الأميركية مازالت ترفض تزويد مجموعات الثوار السوريين الرئيسية بأسلحة، في وقت يحصل فيه الإسلاميون المتشددون على المال والسلاح.

والواقع أن الفرنسيين يقدمون حججاً مقنعة بشأن ضرورة إعادة النظر في هذا الموقف. وفي هذا السياق، قال مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الفرنسية جيستان فيس، في منتدى بروكسل، وهو مؤتمر سنوي ينظمه صندوق مارشال الألماني التابع للولايات المتحدة، قال: «نعتقد أنه لن يكون ثمة مخرج للأزمة إلا عندما يتغير الوضع العسكري على الميدان».

ويرى فيس أن حظر الأسلحة الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على الثوار حالياً يأتي بنتائج عكسية، فقوات النظام تحصل على الأسلحة من إيران وروسيا، بينما المعارضة المعتدلة غالباً ما تفتقر للسلاح والذخيرة. كما أن النظام يستطيع قصف المدنيين السوريين بدون خوف من الحساب، فيما تجاوز عدد القتلى 70 ألف سوري حتى الآن. وقال فيس في هذا الصدد: «إن حظر السلاح أخذ يفرز نتائج عكسية الآن»، مضيفاً أن «ميدان اللعب غير متساو، فالمعارضة تقاتل وأيديها مقيدة وراء ظهورها». «ولهذا السبب ستطلب بريطانيا وفرنسا إنهاء الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي عندما ينتهي أجله في نهاية شهر مايو». وإذا فشل الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على إنهاء الحظر، فإن فرنسا قد تقوم بإرسال أسلحة إلى الثوار مع ذلك.

المسؤولون الأميركيون يقولون، وعن حق، إن الأزمة السورية لا يمكن حلها إلا عبر تسوية سياسية، وليس بواسطة حل عسكري. لذلك، فإن واشنطن مازالت تأمل في أن تضغط موسكو على النظام حتى يتفاوض، ومازالت تدعم جهود الأمم المتحدة لرعاية المفاوضات.والواقع أن فرنسا وبريطانيا تسعيان أيضاً وراء حل متفاوض بشأنه. لكن المفاوضات، يقول فيس، «لن يلجأ إليها الأسد إلا عندما لا يكون لديه خيار آخر. فالعملية السياسية... تراوح مكانها، لأن الوضع على الأرض غير موات». وهو محق في ذلك؛ فالمأزق العسكري الحالي يدفع الرئيس السوري إلى الاعتقاد بأنه يستطيع الصمود ومواصلة القتال. وخلال زيارة قام بها إلى موسكو مؤخراً، حاول أولاند سدى إقناع الرئيس الروسي بتسهيل المحادثات بين زعماء المعارضة والمسؤولين الأقل تلوثاً في الحكومة السورية. لكن عدم اهتمام بوتن أقنع الفرنسيين بأن روسيا لن تلعب دوراً إيجابياً.

وتعتقد فرنسا أنه إذا قام الحلفاء بتزويد قادة المعارضة الذين خضعوا للتدقيق بأسلحة أرض -جو، المعروفة بـ«مانبادز»، فإن ذلك يمكن أن يكسر حالة الجمود الحالية. وقال فيس في هذا السياق: «إن أحد أكبر عوامل تفوق النظام هو السيطرة الجوية»، مضيفاً: «لكن عندما يتم إسقاط طائرة أو طائرتين، قد تتغير الظروف».

وهو ما يحيلنا إلى التخوف الرئيسي الثاني لإدارة أوباما: إمكانية أن ينتهي الأمر بأسلحة متطورة بين أيدي إسلاميين متشددين. و«هذا ما حدث منذ بعض الوقت في الواقع»، كما قال رئيس الوزراء البريطاني خلال مؤتمر صحفي في بروكسل الأسبوع الماضي. ونظراً لحصولهم على معظم المال وأفضل الأسلحة، فإن الإسلاميين هم الأقدر على الاستيلاء على مثل هذه الأسلحة من الجيش السوري، أو شرائها من السوق السوداء.

غير أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أمضت عاماً في التدقيق مع قادة المعارضة غير الإسلاميين وتعتقد أنها تعرف لمن يمكن تقديم مثل هذه الأسلحة. وبالتالي، فلماذا لا تقوم بتزويد قادة المعارضة الذين تم التدقيق معهم بأسلحة «مانبادز» بدلا من انتظار حصول إسلاميين متشددين عليها؟

ثم أليس من المنطقي أكثر السماح للمعارضة بفرض منطقة حظر طيران باستعمال أسلحة «مانبادز» بدلا من استعمال قاذفات أو قوات أميركية «كما يدعو إلى ذلك بعض السيناتورات الأميركيين حالياً»؟

وخلال منتدى بروكسل، تساءلت لويز آربر، رئيسة منظمة الأزمات الدولية، حول ما إن كان الفرنسيون مستعدين لإمكانية عدم استسلام الأسد رغم تسليح المعارضة. فماذا عساهم يفعلون في تلك الحالة؟

والواقع أن السؤال في محله، لكن السؤال الأهم هو: ماذا ستفعل واشنطن في حال أدى عدم تحركها إلى قيام دولة سورية فاشلة يخترقها جهاديون يضعون أياديهم على أسلحة الأسد؟ الواقع أن فرنسا وبريطانيا مستعدتان للمجازفة والسعي لتجنب هذا السيناريو. غير أنهما لا تستطيعان إقناع الأسد (أو موسكو) بأن أيامه معدودة إلا إذا ساعدتهما الولايات المتحدة على تغيير ميزان القوى على الأرض.

ترودي روبن

محللة سياسية أميركية

===================

الثورة السورية.. ملاحظات نقدية

التاريخ: 25 مارس 2013

حسين العودات

البيان

ارتكبت السلطة السورية خلال عامين، أي منذ قيام الثورة، كما ارتكب قادة الثورة، أخطاءً عديدة كان من شأنها أن تزيد الأزمة السورية تعقيداً، وتكلف الشعب السوري مئة ألف قتيل على الأقل، ومثلهم وأكثر من المعتقلين، إضافة إلى المفقودين، ومليون لاجئ في البلدان المحيطة، ومليوني مشرد داخل البلاد، وتدمير بلدات وقرى ومدن، إضافة إلى دمار اقتصادي واجتماعي ونفسي، وإقامة حواجز عالية بين التشكيلات الاجتماعية والمذهبية السورية، ودق أسافين تمزق النسيج الاجتماعي السوري.

بدأ الحراك الشعبي بانتفاضات سلمية عمت مختلف المحافظات السورية، وكانت مطالبها متواضعة: استعادة الكرامة التي هدرتها أجهزة الأمن، ورفع القمع والحيف عن الشعب السوري. ولم تلتقط السلطة الظروف الجديدة، فتجاهلت هذه المطالب ثم رفضتها، فرفع المنتفضون سقف مطالبهم إلى توسيع هامش الحرية، ووضع النظام السياسي على طريق الديمقراطية، ومحاربة الفساد.. وأخيراً.

وأمام صلف السلطة وعسفها وعنادها ورفضها أي إصلاح، طالب المنتفضون بتغيير النظام إلى نظام ديمقراطي تعددي تداولي، وصولاً إلى إسقاط جميع رموز السلطة القائمة.

ولم تدرك السلطة لا أحقية المطالب ولا خطورة رفضها، وبدلاً من دعوة تيارات المعارضة وأحزابها وقادة الحراك الشعبي إلى الحوار، قررت مواجهة أمنية كاملة، بل مواجهة عسكرية ضد المنتفضين والمدنيين الأبرياء والأطفال والنساء، وبدأت عملية منهجية لتدمير المساكن والمنشآت العائدة للناس، فتحولت الانتفاضة إلى ثورة.

كان من نواقص استراتيجية المعارضة، أنه لم يكن لها برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي واضح ومفصل، ولا برنامج مرحلي للنضال، ولا أساليب واضحة للوصول إلى أهدافها. وعلى ذلك مارست عدة نشاطات ورفعت شعارات غير مدروسة ولا تقع ضمن إطار واحد منسجم ومنسق، كما لم تستطع فصائل المعارضة والانتفاضة، أن تشكل قيادة مركزية واحدة قادرة على تحريك الانتفاضة في جميع أنحاء البلاد.

وزاد المشكلة سوءاً أمران: أولهما أن أجهزة الأمن اعتقلت الصف الأول من قادة الانتفاضة، ثم اعتقلت الصف الثاني وأصبح صف القيادة الأخير شباباً صغار السن قليلي الخبرة كثيري الحماس، مما أوقع الحراك المجتمعي في إرباكات عديدة. والأمر الثاني أن المعارضة السياسية، رغم خبرتها التاريخية ونضالاتها الطويلة وتضحياتها الكبيرة، لم تستطع أن تتوحد وأن تضع برنامجاً موحداً لأهدافها وأساليبها باستثناء شعارات عامة.

ولا أن تعقد صلات جدية مع الحراك الشعبي. وقد هرع سياسيون سوريون في الخارج، إلى تشكيل تنظيم خارجي معارض تحت اسم "المجلس الوطني"، الذي اعتقد أنه يمثل الثورة السورية، وأعلن متظاهرون عديدون في الداخل أنه يمثلهم. ولكي يثبت المجلس أنه قادر على تحقيق الأهداف وإسقاط النظام، بدأ يبيع الوهم للثورة؛ مثل قرب التدخل العسكري الخارجي الذي سيسقط النظام بكل رموزه، مما جعل هذا الهدف هو الحد الأدنى الذي دخل في وعي الجماهير

وقد اعتقد المجلس أنه حصل وحده على ثقة فصائل الثورة السورية، فتجاهل المعارضة الداخلية، وهي أكثر من عشرة أحزاب تاريخية تضم مناضلين أمضوا ردحاً طويلاً من أعمارهم في السجون. وأمام الشعارات المتطرفة ونقص الخبرة، اعتقد أبناء الثورة في الداخل أن النظام قاب قوسين أو أدنى من السقوط، ولم يعودوا يقبلون أقل من سقوطه بكافة رموزه، ويرفضون أية مفاوضات لتغييره أو إصلاحه إلا بعد سقوطه. وربما كان تشكيل المجلس بهذه الصيغة، وعدم توحيد المعارضة، وفقدان البرنامج الموحد والمنهاج المرحلي للنضال.

وعدم التأكيد على أن الحل يكون داخل الحدود، وعدم رؤية مخاطر التحالف مع الخارج، وتصرف المجلس الوطني كمجموعة من الهواة غير المسيّسين، شكلت جميعها أخطاء كبيرة أسست لتمزيق المعارضة وإضعافها وتيهها.

أما النظام، فلم يتخذ قراراً واحداً صحيحاً منذ بداية الثورة حتى الآن، وتصرف ومازال على أن الحل الأمني والعسكري والقمعي هو الحل الوحيد الذي يخمد الثورة، وأن لديه القوة العسكرية والأمنية القادرة على إخمادها، واستهان بالثورة والثوار. وكان أصحاب القرار في السلطة قصيري النظر صلفين يعشقون الاستبداد ويحتقرون الشعب.

ولم يستطيعوا تخليص أنفسهم من المستنقع القمعي والبطش واحتقار المواطنين، وكأنهم لم يسمعوا بمعايير الدولة الحديثة، فرفضوا الحوار، ولم يقبلوا أي تغيير لأهداف النظام ونهجه المعمول به منذ أربعة عقود، أو إجراء أية إصلاحات جدية فيه، ثم فيما بعد رفضوا كل المبادرات الداخلية للإصلاح، التي قدمها سياسيون معارضون عديدون، وتقوم أساساً على الحوار بين جميع فئات المجتمع، لإيجاد صيغة معقولة لنظام سياسي ديمقراطي تعددي.

كما رفضوا المبادرات العربية ممثلة بمبادرة الجامعة العربية، وكذلك المبادرات الدولية، واستهانوا بالرأي العام العالمي الذي يرى ممارسات السلطة وأعمالها ويشجبها، وهان على السلطة ورموزها ممارسة القمع والاعتقال والقتل والتدمير، تحت شعارات مفتعلة دعمتها فئات داخلية مستفيدة، وجهات خارجية لها مصالح مشبوهة.

وهكذا وقع الشعب السوري بين حجري الرحى؛ معارضة أخطأت ولم تستطع تصحيح أخطائها وتبعثرت وخسرت إمكانية تحقيق الحل السياسي وأوكلت أمرها إلى الصراع العسكري، وسلطة استمرأت تجاهل الشعب والولوغ في الفساد وممارسة القمع والقتل والتدمير ورفض الإصلاح والاستهانة بالرأي العام العالمي.

فوصلت الأمور الآن إلى اقتصاد منهار، وإنتاج زراعي وصناعي شبه معدوم، ومعامل مدمرة أو مهربة إلى الخارج، وبطالة وغلاء أسعار، وانعدام خدمات عامة (صحية واجتماعية وتعليمية وغيرها)، وملايين المشردين في الداخل والخارج.

===================

"المعارضة".. بين استقالة الخطيب والقمة العربية

التاريخ: 25 مارس 2013

الوطن السعودية

استقالة معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض تضع الكثير من علامات الاستفهام أمام مستقبل الائتلاف السوري، ودوره المحوري فيما يتعلق بالأزمة السورية على الصعيد السياسي. وما يدعو إلى القلق في بيان الاستقالة لرئيس الائتلاف هو اكتفاؤه بالتلميح إلى حجم الصعوبات والمعوقات التي دفعته إلى الاستقالة، ومنها تبريره هذه الخطوة بقوله: "حتى يتسنى لي العمل بحرية".. وتأكيده: "قد وعدت أبناء شعبنا العظيم وعاهدت الله أنني سأستقيل إن وصلت الأمور إلى بعض الخطوط الحمراء، وإنني أبر بوعدي اليوم..".

لا نعلم ما هي الخطوط الحمراء التي يرى فيها رجل كمعاذ الخطيب، بصفته الرسمية، حدودا ينبغي عدم تجاوزها، لأنها قد تضر بالمصلحة الوطنية للشعب السوري، ولم يوضح رئيس الائتلاف أسباب استقالته، وهل هي أسباب تتعلق باختلافات داخل المعارضة أم تتعلق باختلافات أخرى بينها وبين بعض القوى المؤثرة في المجتمع الدولي، ولكنه اكتفى بالإشارة إلى حجم الضغوطات الكبيرة والتحديات الأكبر التي يواجهها الائتلاف المعارض.

لا نشك في أن هذه الخطوة تنبئ عن أزمة سياسية تتعلق بالمعارضة السورية، سواء على مستوى تمثيلها الدولي، أو على مستوى التنظيم الداخلي للائتلاف الوطني، كما أن هذه الاستقالة تعكس حالة من العجز الدولي تجاه الأزمة السورية، فالائتلاف الوطني هو الممثل الشرعي للمعارضة السورية، والأسباب التي ذكرها الخطيب تدل دلالة واضحة على عدم التوافق على نقاط صعبة اكتفى بالإشارة إليها، ولم يوضحها، ونحن نعلم أن التوقيت غير مناسب لعرض الصعوبات والإشكالات التي تواجه المعارضة السورية.

الآن وبعد هذه الخطوة نرى أن الأزمة السورية هي الملف الأبرز في القمة العربية المقبلة، التي بدأ التحضير لأعمالها في الاجتماع الوزاري بالدوحة أمس، والتي أكد فيها نائب وزير خارجية المملكة الأمير عبدالعزيز بن عبدالله عجز الهيئات والمنظمات الدولية عن إيقاف آلة القتل والدمار في سورية، والقيام بواجبها وفقاً للمواثيق الدولية الخاصة بحفظ الأمن والسلام الدوليين. إن المقعد السوري في القمة العربية الذي يمثله الائتلاف الوطني السوري المعارض سيسهم، مع أشقائه العرب، في محاولة إيجاد السبل لإيقاف نزيف الدماء الذي يتعرض له الشعب السوري، والضغط على المجتمع الدولي للخروج من الأزمة السورية بأسرع وقت، وهي مرحلة يجري الاستعداد لها بإذن الله.

===================

مقتل البوطي يكشف عمق الانقسام في سورية

وائل السواح *

الإثنين ٢٥ مارس ٢٠١٣

الحياة

ما إن أعلن عن مقتل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، أهم رجل دين سنّي مؤيد للرئيس بشار الأسد، حتى ضجّت الساحات الواقعية والافتراضية بالخبر وكُتبت عشرات آلاف التعليقات وجَرت آلاف الاتصالات الهاتفية والإلكترونية لنقل الخبر والتعبير عن عواطف السوريين تجاهه.

الصادم هو هذا الانقسام الكبير بين معسكرين من السوريين، رأى الأول في الرجل دمية بيد النظام وذكّر بدعمه المستمر له وبإدانته للثورة واعتبارها عملاً تخريبياً ومتآمراً مع الغرب على سورية وعلى الإسلام، ورفع المعسكر الثاني البوطي إلى مستوى القديسين، وذكّر بعلمه الرفيع ومنزلته العالية في الفقه الإسلامي.

والحق أن أحداً لا ينكر على الرجل عمق معرفته بالفقه الإسلامي ورسوخ قدمه في الدراسات القرآنية، ولكنه كان بالتأكيد مؤيداً للنظام السوري من دون مواربة أو تحسّب. وتحسب عليه كثرة من السوريين وصْفه الرئيسَ الراحلَ حافظ الأسد بـ «صاحب المواقف التي انبعثت عن إلهام رباني»، وابنه البكر باسل الأسد بـ «الشهيد الذي بكت عليه السماء»، والرئيس الحالي بشار الأسد بـ «المعين الذي لا ينضب».

وعندما خرج السوريون إلى الشوارع في آذار (مارس) 2011 طلباً للحرية والكرامة والمساواة، خرج البوطي يقول بحق من ضُربوا وعذِّبوا واعتُقلوا إن «جباههم لا تعرف الصلاة». وكان أول من أعطى ثورة السوريين بعداً طائفياً لم يكن وارداً في حساب المنتفضين، عندما خرج على شاشة التلفزيون ليقول إن الرئيس الأسد وافق على مطالب المحتجين، فأمر بإعادة المنقبات إلى وظائفهن وبإنشاء محطة تلفزيونية دينية ومعهد ديني، على رغم أن أياً من ذلك لم يكن وارداً في مطالب السوريين. وفي خطبته التي عنونها بـ «الإسلام والسياسة»، وألقاها يوم الجمعة 2 كانون الثاني (يناير) 2011، قال البوطي: «لم يشهد التاريخ مؤامرة على الأمة بحجم ما تتعرض له سورية اليوم، بما فيها الحروب الصليبية واحتلال المغول والتتار بلادَ المسلمين». وبعد ذلك بعامين، بقي الرجل على موقفه، فقال في خطبة يوم 4 كانون الثاني 2013 إن كل الذي يجري في سورية «من إرهاب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة وقتل للأبرياء على يد المجرمين الحاقدين القادمين من كل أصقاع الأرض يتم تحت غطاء قانون الحقد الذي شرعن كل الوسائل لتدمير الدولة السورية التي وزعت الأمن والسلام على كل جيرانها».

لا يمكن أحداً أن يجزم بهوية من قتل البوطي. النظام اتهم مباشرة المعارضة المسلحة بقتله، بينما اتهمت المعارضة النظام بتصفية الرجل. وبينما قال وزير الأوقاف السوري إن القتلة أرادوا قتل «صوت سورية وحق سورية وصورة سورية وليكسروا به ثبات سورية وصمودها». ودان الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني المعارض التفجير ورجح أن يكون النظام هو من قام بذلك.

يصعب تصديق أن النظام قتل داعيته ورجله وأهم مؤيديه من السنّة في سورية، ليس لأن لديه رادعاً أخلاقياً يمنعه، ولكن لأن ذلك يضعف هيبته المنهارة أساساً ويحرمه من سند قوي له في أوساط المتدينين السوريين الذين يكنون للبوطي تقديراً كبيراً.

ليست هذه أول مرة ينقسم فيها السوريون حيال أمر بعينه، فهم منذ اندلاع الثورة متخندقون حول موقفين متناقضين لا مجال للتلاقي بينهما. ولكن الشخصية الرمزية للشيخ البوطي أعطت هذا الانقسام بعداً آخر. فالرجل بتاريخه ومكانته بين المسلمين السنّة في سورية والعالم وبالأربعين مؤلفاً التي تركها خلفه، من جانب، وتأييده غير المحدود أو المشروط لنظامٍ قتل ما يزيد عن السبعين ألفاً من مواطنيه، جعل انقسام السوريين جرحاً غير قابل للاندمال.

وعلى ضوء اغتيال البوطي، ثمة حقائق من الخطأ الكبير تجاهلها. من هذه الحقائق أن النظام السوري واحد من أسوأ الأنظمة القمعية في العالم، فإضافة إلى السوريين الذين قضوا خلال العامين الفائتين، ثمة مليون مهجر في الدول المجاورة وضعفهم من المهجرين في الداخل، ومئات آلاف المعتقلين والجرحى. ومنها أن الثورة السورية بدأت انتفاضة سلمية مدنية ديموقراطية للمطالبة بالحرية والكرامة والمساواة، ولكن جزءاً كبيراً منها انجرف إلى مستوى قد يهدد في المستقبل القصير بدخول البلاد في حرب أهلية كارثية. وبلغ تهديم البنية التحتية مستوى صارت قضية إعادة الإعمار مسألة في غاية الصعوبة إن لم تغد أمراً مستحيلاً على المدى المنظور. ولكن الأدهى هو الخراب في البنية المجتمعية والأخلاقية التي قسمت السوريين عمودياً، وفي شكل يزداد عمقاً ومأسوية في شكل يومي، خراب صار يبرر القتل ويسمح للسوريين بالشماتة بعضهم من بعض حتى في مسائل كالموت والمصائب الكبيرة.

وباتت مصطلحات من مثل «العفس» و«الفطس» هي اللغة السائدة لدى شريحة واسعة من السوريين على صفحات التواصل الاجتماعي، التي أخرجت النميمة من مجالها الضيق المعهود في البيوت والمقاهي إلى مجال علني أوسع وأرحب.

إلى ذلك، فإن غالبية السوريين هي ضد النظام الحاكم في دمشق، ولكن نسبة السوريين التي تؤيد النظام ليست صغيرة لكي لا يحسب حسابها. فالنظام سواء، أحب المعارضون ذلك أم كرهوه، يتمتع بنسبة لا تقل عن 30 في المئة من السوريين. ويزيد الأمور تعقيداً أن هذا الانقسام يتخذ يوماً بعد يوم وجهاً طائفياً ومذهبياً يزيد في الانقسام المجتمعي ويجعل إعادة اللحمة أمراً شبه مستحيل.

من هنا، فإن الأطراف التي تستهتر بالسوريين وبمواقفهم السياسية ينبغي لها أن تعيد حساباتها لأن ما يقف في الميزان الآن ليس النظام السوري ولا عائلة الأسد وإنما الوطن بمجمله. لذلك، فإن استسهال رفض الحوار والمفاوضات حول مستقبل سورية لن يؤدي إلى مخرج من المأزق الدموي الذي يجد السوريون أنفسهم فيه. لقد جاء اغتيال البوطي، إذاً، ليبيِّن حجم الانقسام المخيف في المجتمع السوري، فهل يكون مقدمة لقناعة بأن الأوان قد آن لكي تتم مفاوضات جادة تؤدي إلى رحيل رموز النظام الأساسية، مع حل يضمن وجود وسلامة مكونات المجتمع السوري كافة؟ حل يقوم على العدالة والمساءلة بمقدار ما يقوم على المسامحة والمصالحة، وإدراك أن الحل ليس للثأر من الماضي وإنما لبناء المستقبل.

===================

آخر العلاج

د. عبد العزيز حسين الصويغ

الإثنين 25/03/2013

المدينة

ظلت مسألة تسليح المعارضة السورية موضوعاً لم ينقطع التفكير فيه من الأطراف المعنية بالأزمة السورية منذ الشهور الأولى لاندلاع الانتقاضة السورية ضد نظام بشار الأسد وزمرته، خاصة بعد أن ازدادت شراسة القوات الحكومية على الانتفاضة الشعبية التي ظلت ولأمد طويل سلمية حتى انشق أفراد من الجيش ليُكونوا ما أصبح يُسمى بـ"الجيش الحر" الذي تنامى ليقارع جيش السلطة، فيستخدم السلاح كي يرد على السلاح .. والقوة كي يردع القوة.

***

وقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أخيراً أن الولايات المتحدة "لن تقف في وجه" الدول الأوروبية التي تريد تسليح المعارضة السورية لمواجهة نظام بشار الأسد. علماً أن المملكة كانت من أول الداعين إلى تسليح المعارضة السورية حيث وصف وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ذلك بأنه "واجب .. لأنها ما تقدر تدافع عن نفسها إلا بالأسلحة للأسف". لكن ظل هذا الموضوع بين أخذ ورد ومثار تحفّظ لكثير من الأطراف الدولية التي رأت أنه مع عدالة المطلب، إلا أن هناك مخاطر كبيرة يمكن أن تفاقم من الوضع المأساوي في سوريا. لذا تأتي التحركات الدولية الأخيرة إيذاناً بدخول قضية تسليح المعارضة السورية في منحنى جديد أكثر حسماً.

***

ورغم حماس كل من بريطانيا وفرنسا أخيراً لخيار تسليح المعارضة السورية، فإن الدول الأوربية لم تنجح في اجتماعها الأخير يوم الجمعة الماضي (22/03) في الاتفاق على إرسال أسلحة الى المعارضة السورية، اذ اعتبر عدد كبير من عواصم الاتحاد الاوروبي هذه المبادرة محفوفة بالمخاطر. وتنظر لندن وباريس إلى خيار تسليح المعارضة السورية كوسيلة للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية. فرغبة فرنسا وبريطانيا برفع الحظر الأوروبي على تسليح المعارضة السورية، كما يؤكد مصدر رسمي فرنسي، يندرج في رؤية حل سياسي لن يتحقق الا بمواكبة قوات المعارضة على الأرض لقلب ميزان القوى. كما ترى الدبلوماسية الفرنسية أن أي حل سياسي لن يتحقق سوى بالمساعدة في قلب ميزان القوى كون النظام السوري لا يمكن ردعه إلا بالقوة، وعلى أرض المعركة.

***

وأخيراً ... رغم إيماني بأن تسليح المعارضة سيؤدي إلى مزيد من الخسائر للمقدرات السورية واستنزاف للقوة السورية، حيث أن كل طائرة تُسقط، وكل دبابة تُدمر، وقبل هذا وذاك كل دماء سورية تُراق من المعارضة، أو من المؤيدين لنظام الأسد، هي دماء عزيزة من العار أن تُهدر في قتال بين سوريين وسوريين لأن كل الأطراف في النهاية خاسرة، فإن الوضع وصل إلى درجة لابد أن تتخذ فيها قرارات حاسمة حتى ولو كانت مؤلمة. وكان ينبغي أن يأتي الحل للأزمة السورية من داخل سوريا نفسها، أو من داخل المحيط العربي على أكثر تقدير. لكن النظام السورى تحدى الجميع، وعزل نفسه عن الجوار الجغرافي واستعداه، قبل أن يتحدى ويستعدي العالم كله. لذا فليس أمام السوريين إلا اللجوء إلى آخر العلاج وهو الكي.

 

نافذةصغيرة:

[من الأفضل للغسيل الوسخ أن يغسل في البيت.] اران كوثراني - الممثلة السينمائية والمسرحية الإيرانية

===================

تداعيات الموقف في سورية

أنور ماجد عشقي

عكاظ

25-3-2013

دخل السلاح الكيماوي على خط الأزمة في سوريا، وتبادل الطرفان المعارضة والسلطة الاتهامات، حيث استهدف صاروخ كيماوي بلدة خان العسل بحلب يوم الأربعاء الماضي، واختلطت الأمور، والشعب السوري المناضل يدفع الثمن، ففي الوقت الذي تطالب فيه السلطة رسميا من الأمم المتحدة بتحقيق دولي في استخدام الجماعات الثورية للأسلحة الكيماوية، تتهم المعارضة السلطة في ذلك، لكن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية يقولون بأنه لا يوجد ما يفيد بوقوع مثل هذا الهجوم.

وسط هذه الأجواء، يعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية في دبلن يوم الخميس القادم، مستهدفا تحديد موقف مشترك حيال تسليح المعارضة السورية بتزويد مسلحي الجيش السوري الحر بتجهيزات أكثر فعالية، خصوصا صواريخ أرض جو لمواجهة الهجمات الجوية التي يشنها الجيش السوري.

فبريطانيا وفرنسا هما الدولتان الوحيدتان في الاتحاد الأوروبي اللتان لديهما طموح استراتيجي، وتلعبان دورا محركا لإقناع الاتحاد الأوروبي بتسليح المعارضة، أو على الأقل رفع الحظر عن تسليحها، لكن الجانب الأوروبي يبدي ترددا حيال ذلك، كما أن بعض الدول مثل النمسا تعتبر ذلك خطأ جسيما.

أما الولايات المتحدة فتجد صعوبات متزايدة في استيعاب واقع المعارضة السورية، ولا تعلم أي الخيارات العسكرية أفضل، وهو ما صرح به رئيس هيئة الأركان الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي مؤخرا.

إن اختيار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لغسان هيتو رئيسا للحكومة المؤقتة، رغم التحفظ من بعض رموز المعارضة، يمهد الطريق للاعتراف الدولي بهذه الحكومة، وقد يوقف الترددين الأوروبي والأمريكي في دعم وتسليح المعارضة؛ لأن تشكيل الحكومة سوف يغير الموقف في سورية من حرب أهلية إلى حرب تحرير، ويشجع دول العالم على الوقوف إلى جانب الحكومة السورية المؤقتة التي سوف تمهد لانتخابات ديمقراطية في أعقاب سقوط الأسد. الشعب السوري ما زال يناضل من أجل إسقاط النظام، وسينتصر في نهاية المطاف؛ لأن الظلم قد يستمر لفترة، ولكن لن يبقى على الدوام، ونظام الطاغية سيسقط عاجلا أو آجلا.

===================

علويون مع الثورة والوطن..

يوسف الكويليت

الرياض

25-3-2013

    لماذا تعايشت المكوّنات الشعبية في طول وعرض الوطن العربي زمن الاستعمار وما بعده ودون أي خلافات تصل إلى التقاتل وتمزيق الوطن، في حين مع رقي الثقافة والتعليم، وتقليص الأمية وانتشار تقنيات التواصل الاجتماعي، برزت التصنيفات الاجتماعية، وصار الحفاظ على جغرافية الوطن قضية معقدة وصعبة؟!

نماذج عربية كثيرة جرى فيها بروز الفئوية والطائفية والقومية وغيرها، وقد جرت حروب أهلية في العديد من البلدان العربية، وعندما نبحث عن الجذور لهذه الأسباب نجد أنه في معظم الحكومات التي طالما رفعت شعارات الأمة الواحدة واتخاذ الخط العلماني الشكلي، والذي في داخله حدثت تلك التقسيمات جاءت حالة الاحتقان، والافتقاد لحكم وطني يشارك فيه أطياف المجتمع كله، وحصره بفئات موالية فقط أدت إلى تمزيق الخارطة الوطنية، وقد حدث هذا في اليمن والسودان والعراق ولبنان، وتجذر بشكل حاد مع الثورات العربية الجديدة، أو ربيعها الذي لم يزهر بعد..

سورية كانت نموذج التعايش رغم أن أول رحم دفع بجنين الانقلابات كان سورياً، ومع ذلك بقيت المشاعر الوطنية متدفقة، والعروبة الأساس الذي جعل سورية كلّ من يدخلها من مواطني العرب بدون تأشيرة، وكان اللاجئون الفلسطينيون يعاملون معاملة المواطن، والدخول للمواطنين بينها وبين لبنان بالهوية، وفي أجواء كهذه عاش المجتمع متماسكاً رغم التعددية الدينية والقومية والطائفية، لكن مع انقلاب الأسد الأب على ضباط من طائفته، ومحاولة تعزيز الجانب الوطني شكلاً رسخ حكم الطائفة كأكثرية في الجيش وأجهزة المباحث والاستخبارات والشرطة، ومع التوريث للابن أخذ المسار منحى أسوأ من الماضي بحيث صار الانتماء الطائفي والمحاسيب من بقية الفئات الأخرى التي تساند النظام، هو ما هيأ للثورة أن تنفجر وتتجه إلى الاعتماد على المسلمين السنة كأكثرية طبيعية، بينما بعض العناصر نأت بنفسها إما خوفاً من النظام أو التشكيك بنوايا الإسلاميين السنة، أو حياداً بين متقاتلين..

وسط هذا الاحتقان واحتمال نشوب حرب طائفية، جاء العلويون ليعلنوا في اجتماع القاهرة أنهم ليسوا مرتهنين لنظام الأسد في وقت تم سجن رموز منهم، ولا يزال بعضهم إما قيد الإقامة الجبرية أو السجن، ومع ان الاجتماع تأخر، إلاّ أن المبادرة جاءت لتسبق سقوط الأسد، وأن الدعوة إلى حوار وطني يؤسس لعمل ديمقراطي يحوي كل القوى الوطنية، هي الطريق الوحيد الذي ينقذ سورية من الانزلاق إلى صراعات عسكرية..

فالعلويون كان لهم دور تاريخي في أحداث سورية فقد ساهموا في طرد الاستعمار الفرنسي، وبرز منهم الشعراء والمثقفون ممن كانوا دعاة للعروبة والوحدة، وعارضوا إقامة وطن يختص بهم على الساحل السوري مناقضين الأصوات الشاذة التي سعت إلى تقسيم الوطن الواحد..

لا ندري هل تورط العلويون بنظام الأسد الأب والابن حينما حارب بعضهم مع النظام، وحالات القتل الجماعي بحماة، ثم سقوط أربعين ألفاً من جيش الأسد قد تكون الأغلبية منهم من هذه الطائفة؟

ثم إن مدار النزاع الراهن وما فجر من ثارات ونفوس محتقنة قد يدفع بالبعض للانتقام، بمعنى أن الأسد كارثة على وطنه وطائفته، لكن بوجود قيادات رافضة للنظام بكل سلوكياته الدموية والطائفية من العلويين قد يفتح الباب لحوار عام ينهي الأزمات القادمة بين الفرقاء ليحكتم العقل بدلاً من العاطفة لوطن يحتاج الجميع من المواطنين..

===================

ما تخفيه العمامة!

محمد أبو رمان

الغد الاردنية

25-3-2013

أثار مقتل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي (في تفجير في أحد أحياء دمشق قبل أيام) جدلاً واسعاً بين أنصار الثورة السورية بصورة خاصة، وفي الأوساط الثقافية والفكرية العربية بصورة عامة. ومصدر هذا الجدال والاختلاف هو المقارنة بين الجانب العلمي والفكري الذي يمتلكه الرجل، مما يضعه في مصاف العلماء الكبار، وبين الجانب السياسي؛ إذ عُرف الرجل خلال حياته بممالأة نظام الأسد الأب والابن. إلاّ أنّ أكثر المواقف (الصادرة عن الرجل) سوءاً لدى السوريين عموماً، هو هجومه على الثوار والتنديد بهم في خطب الجمعة، ما اعتبروه بصورة غير مباشرة "فتوى مفتوحة" للنظام بالبطش والتنكيل بالمتظاهرين!

الموقف من مقتل البوطي تباين حتى بين فقهاء وعلماء الأردن. إذ قرأنا "تصريحات" على حائط (فيسبوك) وزير الشباب السابق والداعية محمد نوح القضاة، عن أنّه كان مهدّداً من نظام الأسد، وكان أهله رهائن لدى النظام. وكذلك تصريحات للدكتور شرف القضاة التي يثني فيها على علمه، لكنّه ينتقد فيها مواقفه الموالية للأسد، وهي الظاهرة للجمهور، أمّا ما في نيّة الشيخ وما تخفيه العمامة من أفكار وأسرار، فهو عند الله!

ثمة مبررات للاختلاف والنقاش حول الموقف من البوطي. لكن الأهم أنّنا يجب ألاّ نختلف على تجريم ورفض عملية الاغتيال التي حدثت، وهو الموقف الجيّد والحضاري الذي أبداه معاذ الخطيب وأعلنه الجيش الحرّ؛ فما حدث مدان وغير مقبول، إذ إن مواجهة الفتوى والعلم والفكرة لا تكون بالقنبلة والسلاح ولا بالحزام الناسف، أيّاً كان الفاعل، بل بالفتوى والعلم والفكرة.

هذا في الموقف الأخلاقي والإنساني الوطني. لكن من زاوية أخرى، يمثّل البوطي نموذجاً للعلماء والفقهاء الذين "تذاكوا" في العلاقة مع السلطة السياسية، فاختاروا المراوغة والتقية في محاولة لجلب المصالح الممكنة، بدلاً من القطيعة أو المواجهة، كما حدث في الصدامات التي وقعت بين الإخوان والبعث في سورية بداية من الستينيات وصولاً إلى الذروة في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وأسفرت عن عشرات الآلاف من القتلى والمشرّدين والمفقودين!

بالضرورة، لا تقوم معادلة جميع الفقهاء على الموازنة بين المصالح والمفاسد، فهنالك من لهم مآرب شخصية ومصالح ذاتية علت فوق الاعتبارات الدينية والسياسية. إلاّ أنّنا لو تخلّصنا من الضغوط السياسية، والزاوية الحرجة التي يقف فيها العلماء والفقهاء ما بين خيار المواجهة السياسية وكلفتها عليهم وعلى الرأي العام، وبين مهادنة السلطة وكلفتها الرمزية والسياسية والإنسانية، لخرج العلماء (في حقول المعرفة المختلفة) إلى فضاء واسع من الفكر والعلم والعطاء السياسي والمعرفي!

لو تغيّرت الظروف السياسية والتاريخية، لوجدنا حالاً مختلفة ومغايرة بالكلية، وربما المقارنة بين حالة الأزهر في عهد حسني مبارك، وبين حالته اليوم، تعكس هذه الفرضية بوضوح. إذ عندما تحرر الأزهر من ضغوط الدولة والأمن التي تحسب عليه أنفاسه، ساهم خلال فترة وجيزة بدور إيجابي وحضاري بنّاء في المرحلة الانتقالية، وقدّم وثائق متقدّمة، وطوّر من دوره وحضوره، وحتى من بنيته الداخلية، وهي القضية التي يجب أن نضعها في الاعتبار عندما نحاكم ونسائل العلماء والمثقفين.

مهما كانت الاختلافات السياسية كبيرة ومشروعة، فالموقف يجب أن يكون واضحاً بحماية العقول العلمية. وربما ما حدث من "تفريغ صامت" (قتل وتهجير وشراء) لعلماء العراق في الفيزياء والذرّة، وكل عقوله المبدعة بعد الاحتلال، يمنحنا مؤشّراً رئيساً على هذه القيمة الكبرى للعلماء والمفكرين والمثقفين بعيداً عن الظرف السياسي القاتل.

لا يستوي العلماء والمفكرون والمثقفون المناضلون، ممن اختاروا طريق الكفاح من أجل الحرية، بمن تراخوا واختاروا طرقاً أسلم ومهادنة، لأسباب براغماتية أو حتى شخصية. لكن هذا وذاك يقع تحت مطرقة ظروف سياسية قاسية!

 

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ