ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/03/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مقالات مختارة من الصحف العربية ليوم

27-03-2013

الخطيب يخاطب القمة بلغة ربيعية

طاهر العدوان

الرأي الاردنية

27-3-2013

شغل رئيس ائتلاف المعارضة السورية معاذ الخطيب مقعد سوريا في قمة الدوحة والى جانبه جلس غسان هيتو رئيس وزراء الحكومة المؤقتة . وهذه خطوة مهمة على صعيد المواقف العربية تجاه سوريا لكن من يدري إذا كان معاذ الخطيب سيجد ترجمة عملية من الدعم السياسي والعسكري والمالي بعد خطابه الثوري أمام القمة !.

لقد تحدث رئيس المعارضة أمام الزعماء في الدوحة بلغة الربيع العربي واصطلاحاته ، فبعد المقدمة العاطفية والإنسانية عن معاناة السوريين في سجون النظام وميادين الرماية في المدن والأرياف عرض مواقف الثورة من مفاصل رئيسية تشغل بال واشنطن وإسرائيل وعواصم أوروبا ، وفي مقدمتها ( مصير سلاح النظام الكيميائي ) حيث كشف وجود عروض قدمها عدد من الدول الى المعارضة حول ما اذا كان بإمكانها تدمير مواقع الأسلحة الكيميائية . لكنه اوضح بان المعارضة لن تبيع وطنها وان مصير السلاح الكيميائي في حالة سقوط النظام سيقرره مؤتمر وطني في إطار حل إقليمي لأسلحة الدمار الشامل .

وفي سياق متصاعد من اللغة الربيعية وجه الخطيب كلامه إلى القادة العرب « بأن يتقوا الله في شعوبهم « وان يمنحوها الحرية والكرامة داعيا إلى مبادرة منهم بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين من السجون العربية . مثل هذه الدعوة قد تجد صدى إيجابيا في الدوائر الأوروبية لكنها ستلاقي الإهمال في أحسن الأحوال في الانظمة العربية التي لا تزال تمارس سياسة القمع وكبت الحريات وتكميم الأفواه.

بعض الدول لم تر في الربيع العربي إلا مناسبة لمزيد من القمع لشعوبها ولم يكن تأييدها للثورات إلا من باب تصفية الحسابات مع هذا النظام أو ذاك ، والواقع ان مخرجات هذه الثورات في البلاد التي انتصر فيها الربيع وحيث أقيمت أنظمة جديدة لم تساهم في تعزيز مطالب الشعوب بالحرية والديموقراطية ومن يستمع إلى الخطاب السياسي للقيادات في مصر وليبيا وتونس في كثير من المناسبات لا يجد فيها خروجا عن نص الخطاب العام السابق للنظام العربي ، انه خطاب خال من اي بعد قومي ومن روح الاهتمام بالقضايا على مستوى الامة وليس فقط على المستوى القطري كما نرى ونسمع .

من هنا سجل الشيخ معاذ الخطيب اختراقا في كلمته أمام قمة الدوحة وقد يرجع ذلك إلى أسباب منها ، ان ما تعرض ويتعرض له الشعب السوري من مذابح على مدى عامين خلقت بين صفوفه تيارا عارما من السخط على المواقف الرسمية العربية التى وقفت عاجزة عن تقديم أي مساندة حقيقية له من اجل وقف المذبحة . ولقد سمعت من معارضين سوريين كلاما قاسيا بحق العرب والعروبة كلاما كالذي كنا نسمعه من الفلسطينيين أثناء تعرضهم للاعتداءات والغزوات الإسرائيلية .

لقد شكل حجم الضحايا المروّع الذي يدفعه الشعب السوري وعيا مختلفا بالحرية ، فهي لن تأتي على طبق الناتو ولا على صحن مجلس الأمن وإنما تتطلب شلالات من الدماء لهذا فان المعارضة السورية لن تبيع وطنها كما قال الخطيب من اجل كيميائي وغيره ، وتخطئ الدوائر الأمنية الغربية ان اعتقدت بانها ستنجح في تشكيل سوريا المقبلة حسب المواصفات الإسرائيلية والأمريكية لان ما تكوّن على الأرض خلال العامين الماضيين لا يجعل ثورة سوريا في عهدة أحد إنما في يد توافق الشعب السوري وإرادته .

===================

 موقفٌ لا أهم منه!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

27-3-2013

لو أن أهل القمة العربية ، التي بدأت أعمالها على مستوى القادة أمس في الدوحة في قطر، يستمعون لآراء الذين يمتهنون الكتابة والقراءة لقلنا لهم إنَّ الأفضل لهم ولسورية وللشعب السوري ألاَّ يذهبوا إلى مجلس الأمن الدولي بأي اقتراح يتفقون عليه لوضع حدٍّ لكل ما يجري في هذه الدولة العربية الشقيقة العزيزة فهذا المجلس أُختبر على مدى نحو عامين متواصلين وثبت أنه عاجز عجزاً تاماً وأنه غير قادر على فعل أي شيء ما دام أنَّ روسيا مصممة ومستمرة في استخدام سلاح «الفيتو» ضد أي مشروع حلٍّ ما لم يكن لمصلحة نظام بشار الأسد وما لم تكن نتيجته تثبيت هذا النظام ككابوس ثقيل على صدور السوريين لثلاثين سنة قادمة.

لا جدوى من الذهاب إلى مجلس الأمن بأي إقتراح ، اللهم إلاَّ إذا كان يضمن بقاء بشار الأسد وبقاء نظامه وإلاَّ إذا كان يعزز التآمر على الشعب السوري والمعارضة السورية، قبل التأكد من إسقاط «الفيتو» الروسي إمَّا من خلال شراء الذمم والأساليب الملتوية المعروفة وإما بتهديد موسكو بمصالحها في المنطقة العربية وخاصة بمصالحها الحيوية والإستراتيجية في دول الخليج العربي فالروس لا يفهمون إلاَّ هذه اللغة..ولغة أخرى هي ان يتمكن العرب وهم لن يتمكنوا من إقناع الولايات المتحدة بالإستجابة لما يطلبه فلاديمير بوتين من تنازلات أميركية إن في إتجاه الجمهوريات الإسلامية التي تعتبر ملحقاً بما يعتبر إتحاداً روسيا وإن بالنسبة لمسألة قواعد أميركا الصاروخية في بعض الدول التي كانت جزءاً من الإتحاد السوفياتي السابق وفي بعض دول أوروبا الشرقية.

إنها ستكون مجرد محاولة «رفع عتب» ومجرد تهرّبٍ من الموقف الصادق والصحيح ،الذي هو دعم المعارضة السورية الدعم الذي يوفر لها التفوق على نظام بشار الأسد، أنْ يذهب العرب بمشروع عرض حالٍ جديد إلى مجلس الأمن الدولي سيكون مصيره بالتأكيد كمصير عروض الحال الذي سبقته فهذا المجلس ثبت أنه معطل وأنه سيبقى معطلاً وسيبقى عاجزاً تجاه الأزمة السورية ما لم تغير روسيا مواقفها وما لم تتخل عن دعمها لهذا النظام البغيض وتتوقف عن مدِّه بكل الأسلحة التي يريدها ومن بينها حتى الأسلحة المحرمة دولياً.. والواضح انها مستمرة في مواصلة الإستفادة من عامل الوقت وانها لن تتخلى عما ألزمت نفسها به وبدأت بممارسته منذ اللحظة الأولى.

ثم وأنه من غير الممكن أن يتراجع بشار الأسد خطوة واحدة عن مواقفه التي بقي يعلنها وبقي يصر عليها منذ بداية هذه الأحداث التي تعصف بسوريا ما دام أن روسيا تقف فعلاً إلى جانبه وتحارب حربه بالسلاح والرجال وبكل شيء ومادام أنَّ الولي الفقيه علي خامنئي يفرد قماش عمامته السوداء فوق دمشق وفوق الأراضي كلها وما دام أن عمليات التهريب للأسلحة والذخائر وللمقاتلين من اللون الطائفي المعروف مستمرة عبر الأراضي والأجواء العراقية.

لا يجوز أن تنتهي هذه القمة بالنسبة لدولة عربية ،أقحمها نظام بشار الأسد في هذه الحرب الضروس المدمرة التي من الواضح أنه لا نهاية لها إلاَّ بإنتصار أحد الطرفين على الآخر، بمجرد إرسال عرض حالٍ جديد إلى مجلس الأمن الدولي الذي ثبت وخلال عامين متلاحقين وأكثر أنه بات عاجزاً وغير قادر على فعل أي شيء ولو من قبيل ما يسمى «وهم الحركة» ما دام أن هذا الـ»فيتو» الروسي مستمرٌّ بالإرتفاع فوق رأسه.. وأيضاً ما دام أن الولايات المتحدة تواصل إتخاذ هذه المواقف المائعة وتواصل التذرع بحجج غير صحيحة.

إنه إذا أرادت هذه القمة ،التي من المفترض أن تنهي أعمالها اليوم، أن تعزز خطوة إعطاء مقعد سوريا للمعارضة السورية وهي خطوة شجاعة وفي غاية الأهمية فإن عليها أن تقدم لهذه المعارضة كل ما تحتاجه من أسلحة وذخائر ومواقف سياسية صلبة فالأمور باتت مكشوفة وبات من غير الممكن تغطية عين الشمس بغربال فهذا هو الموقف الذي سيعجل في حسم هذه المعركة المصيرية المحتدمة والذي سينهي عذابات هذا الشعب العزيز وهو موقف لا موقف أهم منه.

===================

 قمة الدوحة..سورية بامتياز

سلطان الحطاب

الرأي الاردنية

27-3-2013

استمعت لكلمات الجلسة الافتتاحية في القمة.والجديد كان في كلمة رئيس القمة الشيخ حمد آل ثاني أمير دولة قطر، إذ بدأ التصفيق لدخول وفد المقاومة السورية بقيادة معاذ الخطيب.فقد بدأ الشيخ حمد بالتصفيق ليتبعه من كانوا في القاعة. ولأن القمة في الدوحة فقد أرسل رئيسها إشارات واضحة الى ما يتطلع إليه الحاضرون من دعم.

كنت أنظر إلى وجه الرئيس الفلسطيني الذي لم يكن مرتاحا حتى مع ما وعد به الشيخ حمد من اعادة تحريك صندوق القدس الذي طال جمود مخصصاته منذ اكثر من قمة وقد اعيد له الامل بتبرع قطر ب(250) مليون دولار من أصل مليار قال الشيخ حمد انه يطلبها من الدول القادرة كما دعا الى مواصلة اعمار غزة وفتح باب لذلك.

في بعد القضية الفلسطينية دعا الى ان تعقد من اجلها قمة مصغرة في القاهرة ويبدو أن ذلك تم بالاتفاق عليه في الليلة السابقة مع وصول الرئيس مرسي الى الدوحة وأن تتزعم القمة مصر وان لا تخرج الاطراف الفلسطينية فتح وحماس من اللقاء إلا وقد قامت المصالحة المرحلة من لقاء القاهرة 2011 ولقاء الدوحة 2012 وأن تشكل حكومة محايدة من المستقلين للاشراف على انتخابات تشريعية ورئاسية ويبدو انه اراد للقمة المصغرة المقترحة مطبخا مرافقا للبت في خطوط وتفاصيل ذلك..

وظل السؤال هل ترحيل بحث القضية الفلسطينية والجانب المتعلق بالمصالحة والدعم فيها الى قمة القاهرة المقترحة شكل من ابعادها عن هذه القمة التي جاءت سورية بامتياز أم تعزيز لها أم ماذا؟

وماذا لو لم تعقد القمة المقترحة أو جرى تأجيلها أو عدم وضع جدول لها ومن ستكون دول هذه القمة.. وماذا عن الدعم السياسي للفلسطينيين في المحافل الدولية وعن ازالة الاحتلال الذي تحدث عنه اوباما وهل ستطلق قمة القاهرة آليات أخرى غير التي اقترحها الشيخ حمد حين أراد أن يكون قادة عرب مشتركين من القيادة الفلسطينية في فريقيها فتح وحماس وتكوينات أخرى؟هل سيقوم مثل هؤلاء القادة العرب بالسعي لدى عواصم الفيتو للانتصار للقضية الفلسطينية التي يرهن حلها الاحتلال الاسرائيلي وقيادته وحلفاءه وعلى رأسهم الولايات المتحدة؟ وهل تراوح مساعدة الفلسطينيين في حدود الدعم المالي ان حدث ام ان هناك عناصر جديدة وقرارات ستتخذ في الجلسة المغلقة وما هي سقوفها؟

الملك عبدالله الثاني كان أكثر القادة العرب تفاعلا مع كلمة الوفد السوري الذي أخذ كرسي النظام السوري وحل محله فقد واصل هزّ الرأس وكان يشعر بالألم لمضمون كلمات رئيس الوفد السوري عن المذابح والقتل والتشريد..

في جديد كلام المندوب السوري حيث نزعت القمة الشرعية عن النظام السوري وغيبته ما دعا إليه الخطيب من دعوة القادة لانصاف شعوبهم ودعوته لاطلاق سراح السجناء العرب في السجون العربية ليكون لدعوته مصداقيتها وهو يدعو لاطلاق سراح السجناء السوريين وقد جاء هذا الجزء من خطبة الشيخ وكأنها من خطب الجمعة ودعوة فوق قطرية اعتذر عنها الخطيب مسبقا حتى لا تصنف في باب التدخل في شؤون الانظمة العربية مما ميزه كقائد لحركة تحرير تحدث باعتدال وبنفس اسلامي يذكر بمضمون كلام عبد الاله بن كيران في المغرب.

مضمون كلام الخطيب كان أعجب الشيخ الدكتور مرسي الرئيس المصري الذي أعيد له أن يلعب دورا في القضية الفلسطينية وليس السورية التي تعهدتها قطر.

والسؤال ما دامت القمة قد هزت قطعة القماش الحمراء في وجه «الأسد» وسحبت عنه الشرعية وزادت في حصاره عبر حدود شبه مغلقة إلا مع العراق الذي تحفظ في مواقفه لصالح نظام الاسد..فماذا بعد ؟ كيف يمكن التعاطي مع النظام السوري بعد القمة هل سيقدم دعم مالي وعسكري للمقاومة ..هل يجري تسليح المقاومة على ضوء ما سمعنا في كلمة رئيس القمة وعلى ضوء المقترحات المحددة في الجلسة السرية ؟واذا كان في المقترحات مناطق حظر جوي ومناطق محررة وتسليح وتدريب فمن اين ياتي العبور الى دمشق؟ على من يرسو العطاء ومن اي حدود سيكون هذا العبور حين يبدأ النظام يترنح وهل هناك ضمانات لردود فعل نظام الاسد الذي زاده قرار القمة في الدوحة جراحا واصابات خطيرة..أين سيهجم من حلاوة الروح واين سيضرب وهل سيكون قادرا؟

هل يبدأ أم ينتظر أن يبدأ عليه الهجوم؟.. هذه سيناريوات سألنا عنها ولم نجد اجابات قاطعة.

كنت اتمنى ان اسمع في جلسة الافتتاح تخصيص مساعدات لاكثر بلد منكوب باللاجئين وان اسمع من الخطيب نفسه ثناء مميزا للاردن الذي تحمل الكثير وما زال حين ذكرت تركيا وضرورة الدفاع عنها بصواريخ باتريوت.. ثمة مربعات لم توضع فيها حروف لنستطيع قراءة وحل الجمل المتقاطعة..لكن الأمل هو ان تحيي الدوحة شيئا من الأمل..

===================

قمّة المَقْعَد...

 الياس الديري

2013-03-27

النهار

لم يبالغ الذين سمّوا القمة العربيّة الرابعة والعشرين "قمّة المقعد"، ولا أخطأ، كذلك، الذين وجدوا في مسار قمة الدوحة ما يوحي أنها قمة سوريا بلا منافس، أو قمة المأساة السورية، أو قمة محنة الشعب السوري، أو قمة التراجيديا التي يعيشها العالم العربي حديثاً والمجسَّدة بما تعيشه سوريا وشعبها من ظلم وإجرام وأهوال منذ سنتين، وبلا هوادة.

بل، حتى بلا تلك الهدنة التي تُسمّى عادة "استراحة المحارب".

إنما مهما قيل، وأيّاً تكن الآراء والتحليلات، فإن قمة الدوحة هي باستحقاق وموضوعية قمة سوريا والسوريين، وفي وقتها، وخصوصاً بعد الموافقة شبه الاجماعية على إعطاء المعارضة السورية الممثَّلة برئيس ائتلاف المعارضة أحمد معاذ الخطيب المقعد المخصّص لسوريا. لمندوب سوريا. لممثّل سوريا.

وقد جاءت هذه اللفتة بمثابة تكريس للاعتراف بواقع سوري جديد، وبمتغيّرات سياسيّة ورسميّة تكرّس "البيعة" العربيّة للمعارضة، مع دعوة الشرعية الدولية، والمجتمع الدولي المؤثّر والفعّال، للاعتراف بـ"شرعيّة" تمثيل المعارضة للشعب السوري، وحلولها في السلطة، ولو معنوياً، محل النظام السابق.

هذه الخطوات استحوذت على اهتمام المتابعين من قريب وبعيد، مثلما جعلت مندوبي الصحافة ووسائل الاعلام يأخذون في الاعتبار، وعلى محمل الجدية و"الشرعيّة"، ما حصل خلال جلسة الافتتاح، وما تلاها من تفاهمات واتفاقات، سواء خلال الجلسة المقفلة، أوفي الخلوات والكواليس.

صحيح أن القضية الفلسطينية لم تكن مركونة في زاوية الاهمال، وقد حظيت بقرارات ووعود ومساعدات مالية لا بأس بها، وبعضها خصص للقدس وانقاذها، وبإسم أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إلا أن كفّة سوريا بقيت هي الراجحة. ولألف اعتبار واعتبار.

في رأس القائمة، أو الجدول، أو اللائحة، كون هذا البلد العربي، الذي يتعرّض لحرب لم تشهد مثل ضراوتها الحروب العالمية المعروفة، لم يحظ حتى الساعة بما كان متوقعاً أن يلاقيه من الدول العربيّة والشعوب العربيّة، التي يكتفي معظمها حتى اللحظة بارسال المزيد من "التحيّات" و"التمنيّات"، مع إبداء الأسف الشديد على الضحايا وحجم الدمار... إنما من بعيد لبعيد.

لا شكّ في أن قمة الدوحة فتحت الباب السوري، باب المأساة المدويّة، على مصراعيه. إلا أن هذه القمة، وما قيل خلالها، وما شهدت، ليست سوى مقدّمة، أو تمهيد لما تحتاج إليه سوريا، ولما يفتقر إليه وينتظره السوريون من مساعدات فعليّة وفعالة، تمكنهم من مغادرة هذا الجحيم هم وسورياهم... لتبدأ الرحلة الجديدة الى سوريا الدولة الحديثة، سوريا الحرية، سوريا الانفتاح على الديموقراطية والحياة.

===================

اللغز القطري

 موناليزا فريحة

2013-03-27

النهار

بقدر ما نجحت قطر حتى الان في فرض رؤيتها على التغيرات التاريخية التي تشهدها المنطقة العربية، ازداد دور هذه الامارة الصغيرة الغنية غموضاً، وازدادت التساؤلات عن أهدافها وتطلعاتها.

كما في ليبيا ومصر، اضطلعت قطر بدور رأس حربة ضد النظام في سوريا. كانت الدولة الاولى تقفل سفارتها في دمشق، قبل أن تكر سبحة الدول الاخرى.سحبت دعمها الديبلوماسي لبشار الاسد بعدما فتحت له الابواب المغلقة أمامه في الغرب. ومذذاك، نزلت بثقلها خلف المعارضة السورية،  واضطلعت بدور حاسم في حشد تأييد دولي للثورة، بتحويلها هواء "الجزيرة" عينا على عمليات القمع التي يمارسها النظام ضد شعبه. الا أنها  في المقابل، أثارت حساسيات كبيرة حيالها في صفوف المعارضة، بدعمها فصائل على حساب أخرى، وترجيحها كفة قوى على حساب أخرى.

خالفت قطر التحفظات الغربية عن تسليح الثوار، ومدت أكثرهم تشددا بالعتاد والمال. انحازت بوضوح الى "الاخوان المسلمين" فوفرت لهم الحصة الكبرى في "المجلس الوطني السوري" أولا ثم في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية". دفعت في اتجاه تأليف حكومة موقتة، خلافاً لرأي أحمد معاذ الخطيب. ولم تتوان عن دعم غسان هيتو رئيسا لحكومة موقتة، في مناورة انقلبت فيها على السعودية ومرشحها أسعد مصطفى.

ليست استقالة الخطيب بعد يومين من انتخاب هيتو الا انعكاسا واضحا للضيق الذي بات يسود صفوف المعارضة السورية. وقد أقر معارض سوري من قلب الدوحة بأن الخطوط الحمر التي تحدث عنها  الامام السابق لمسجد الامويين ليست الا محاولة بعض الدول، وتحديدا قطر، السيطرة على المعارضة وفرض هيتو رئيسا للحكومة الموقتة. حتى أن ثمة من أدرج اعلان لؤي المقداد عدم اعتراف "الجيش السوري الحر" بهيتو في اطار التنافس الذي يعود الى الواجهة بقوة بين الدوحة والرياض.

منذ بدايات الثورة نشط المحور السعودي – التركي - القطري لاطاحة النظام. تعاملت الرياض مع النزاع السوري كحلقة في اطار صراعها الاوسع مع ايران، ورأت فيه أنقرة خطرا مباشرا على أمنها واستقرارها.أما حماسة الدوحة فبقيت بمثابة لغز،  خصوصا أن سوريا لا تشكل جزءا من حساباتها الاستراتيجية المباشرة، ونزاعها المعقد استعصى على دول أكبر من قطر بكثير.

ليست جديدة الطموحات الكبيرة للامارة الصغيرة التي تتطلع حتما الى دور في رسم  معالم منطقة قيد التحول. ولعل الابتسامة التي ارتسمت على وجه الشيخ حمد في قمة الدوحة أمس بينما كان يدعو أحمد معاذ الخطيب الى تسلم مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، تعكس جانبا من هذا الدور الطموح والملتبس في آن واحد. ولكن عسى الا يغيب عن قطر وغيرها أن للشعب السوري الفضل الاكبر في هذا النجاح، ولو الرمزي، وان له وحده الحق في رسم مستقبل دولته.

===================

الخطيب في مقعد الأسد!

 راجح الخوري

2013-03-27

النهار

تنشط بالتوازي مع المعارك العسكرية في سوريا معركة سياسية بين مسارين، مسار يسعى الى تشكيل "حكومة انتقالية" استناداً الى الاتفاق بين روسيا واميركا على قاعدة "اعلان جنيف"، ومسار "الحكومة الموقتة" التي شكّلت في اسطنبول قاطعة الطريق على "الانتقالية" واختارت غسان هيتو رئيساً لها ما احدث انشقاقاً في صفوف المعارضين.

الفرق كبير بين مسار "الحكومة الانتقالية" التي تريد ان يجلس بشار الاسد الى الطاولة مع المعارضة بحثاً عن حل، وبين مسار"الحكومة الموقتة" التي شكّلت على اساس اسقاط النظام ومحاسبة اركانه على المذابح التي شهدتها سوريا حتى الآن.

القمة العربية التي تستضيفها قطر تنعقد كما هو واضح عند مفترقات دقيقة بالنسبة الى عالم عربي متغيّر، لكنها شكّلت منذ اجتماعات وزراء الخارجية محطة لعض الاصابع بين المسارين المذكورين. فبعد توجيه الدعوة الى "الحكومة المؤقتة" للمشاركة في القمة والجلوس في المقعد السوري إنفاذاً لقرار الجامعة السابق اعتبار المعارضة الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، فجّر معاذ الخطيب مفاجأة من العيار الثقيل، عندما اعلن استقالة معلّلة من رئاسة الائتلاف لمحت الى تدخلات وضغوط تتعرض لها المعارضة السورية، وهو ما فسّر بأنه اعتراض على ضغوط من قطر و"الاخوان المسلمين"، لكن اتصالات حثيثة استمرت حتى ساعة متقدمة من صباح امس انتهت باقناعه بالمشاركة في القمة حيث جلس في المقعد المخصص لسوريا امام غسان هيتو  وألقى خطاباً قال انه باسم الشعب السوري، لكنه لم يتراجع عن استقالته التي قال انها ستبحث في وقت لاحق.

ولفهم السباق بين المسارين المذكورين يجب التوقف عند الموقف الصريح الذي كان جون كيري قد اعلنه من العراق بقوله: "ان استقالة الخطيب لم تكن مفاجئة وانا معجب به واقدر قيادته"، بما يعني انه معجب بالإستقالة او صانعها ويأمل في أن تقطع الطريق على "الحكومة الموقتة" التي تعني مواصلة القتال ضد النظام لاسقاطه، وهو ما يعمّق المخاوف من امكان سيطرة الاسلاميين ومن تأجج حرب مذهبية تنتقل الى دول الجوار مما قد يجرّ اميركا في النهاية الى التورط في نزاعات على مستوى الاقليم الذي تحاول مغادرته من البوابة العراقية. والمفاجأة الثانية جاءت من سوريا، ففي حين وصل هيتو لتفقد المناطق المحررة في حلب اعلن "الجيش السوري الحر" انه يرفض الاعتراف به وبحكومته مشترطاً قيام توافق عليها وهو ما لم يحصل في اسطنبول!

ولم يكن اجتماع "المعارضة العلوية" في القاهرة من خارج السباق بين المسارين المذكورين، ولم تعق استقالة الخطيب مشاركته مع هيتو في قمة الدوحة والجلوس في مقعد الاسد "وراء علم الثورة السورية"، ولكن هذا لا يعني ان انقسام المعارضة السورية انتهى لكنه يعني ان القتال مستمر الى النهاية!

===================

مفاجآت قمة الدوحة

رأي القدس

2013-03-26

القدس العربي

جرت العادة ان ينتظر المرء البيان الختامي للقمم العربية لكي يتعرف على قراراتها، لكن قمة الدوحة العربية جاءت استثناء، حيث انتهت رسميا وعمليا بعد جلسة الافتتاح الاولى العلنية اما الباقي فاصبح تفاصيل.

نشرح اكثر ونقول ان تسليم مقعد سورية للائتلاف الوطني السوري المعارض، وجلوس السيد معاذ الخطيب على هذا المقعد والوفد المرافق له هو الانجاز الابرز الذي حققته هذه القمة من وجهة نظر رئيسها والدول الداعمة لقرار سحب الشرعية العربية من النظام السوري.

القمة عقدت، وفي الدوحة على وجه التحديد، وفي مثل هذا التوقيت لتكثيف الضغط السياسي والدبلوماسي على النظام السوري، واعطاء منبر اعلامي وسياسي مهم للشيخ الخطيب لكي يخاطب الرأي العام العربي وليس الزعماء العرب المشاركين فيها، وهذا الهدف تحقق، واستطاع الشيخ الخطيب ان يلتقط هذه اللحظة التاريخية، ويلقي خطابا مؤثرا وقويا اتسم بنبرة عاطفية، واحتوى على رسائل عديدة بعضها الى الولايات المتحدة التي طالبها بتوفير مظلة صواريخ باتريوت لحماية الشمال الغربي السوري، وبعضها الآخر الى الزعماء العرب عندما طالبهم بالافراج عن المعتقلين في سجونهم، واكد لهم ان السوريين هم الذين سيقررون من يحكمهم رافضا الوصاية، والبعض الثالث الى النظام السوري محذرا من المزيد من سفك الدماء.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عما سيحدث بعد انقشاع غبار هذه القمة، والكلمات التي صدرت من على منبرها، فهل سيتم التجاوب مع نداءات الشيخ الخطيب بالمزيد من السلاح للجيش الحر، ومطالب امير قطر لمجلس الامن الدولي بالاعتراف بالمعارضة السورية ومنحها مقعد سورية في المنظمة الدولية؟ ثم ما هو موقف الدول التي تقف في الخندق الآخر والداعمة للنظام السوري مثل روسيا وايران على وجه الخصوص؟

القضية الفلسطينية احتلت المرتبة الثانية على جدول اعمال القمة، وقد بذل امير قطر رئيس القمة جهودا لتسليط الاضواء عليها في كلمته الافتتاحية مثل تخصيص صندوق بمليار دولار لدعم القدس المحتلة، واستعداده لدفع ربع هذا المبلغ، ومطالبته بعقد قمة مصغرة من اجل تحقيق المصالحة الفلسطينية بين قطبي المعادلة السياسية الفلسطينية اي حركتي فتح وحماس.

لا شك ان انشاء هذا الصندوق خطوة مهمة في ظل عمليات التهويد المستمرة التي تتعرض لها المدينة المقدسة من قبل حكومة الاحتلال الاسرائيلي، لكن المشكلة ان معظم الوعود العربية تتبخر ويتم تناسيها بعد ايام او اسابيع من اطلاقها، والمأمول ان يتجاوب الزعماء العرب مع هذه الدعوة من خلال خطوات عملية جادة.

قمة الدوحة العربية هذه تعتبر واحدة من اهم واخطر القمم العربية، وترتقي الى مستوى القمة التي اسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، والقمة العربية السابقة التي عقدت في الرباط واعترفت بها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني عام 1974 وقمة القاهرة آب (اغسطس) عام 1990 التي شرعت الاستعانة بالقوات الامريكية لاخراج القوات العراقية من الكويت.

هذه القمة سجلت سابقة في العمل العربي المشترك عندما سحبت الشرعية من نظام لتمنحها وكرسيها لمعارضيه، وقد تتكرر هذه السابقة في قمم عربية مقبلة اذا استمرت الجامعة كممثلة ومظلة للعمل العربي المشترك.

قمة الرباط اعترفت بالمنظمة وتمثيلها ولكن الاراضي الفلسطينية ما زالت محتلة، فهل يكون قرار قمة الدوحة باعطاء مقعد سورية للائتلاف الوطني السوري اكثر حظا؟

قرار الاعتراف بالمنظمة رفضته امريكا بينما قرار قمة الدوحة تدعمه ولهذا ربما تكون فرصه في النجاح افضل نظريا على الاقل، ولكن كل الاحتمالات واردة، فالشرق الاوسط هو المنطقة الوحيدة في العالم التي لا يمكن التنبؤ بدقة بتطوراتها.

بعد انقشاع غبار القمة وعودة الامور الى طبيعتها سيكتشف الشيخ معاذ الخطيب ان طموحاته في ابعاد الوصاية عن ائتلافه ستكون صعبة التحقيق. وان طلبه بالحماية العسكرية الامريكية قد يكون باهظ الثمن، فأمريكا تريد القضاء على الجماعات الجهادية حماية لاسرائيل.

===================

هل ستوقف النخب السورية حروبها؟

2013-03-26

القدس العربي

دفع الشيخ عبد الرحمن الكواكبي حياته، ثمنا لكشفه 'طبائع الاستبداد'. منذ قرون ودلالات ضعف المنظومة الأخلاقية الجمعية للعرب والمسلمين، تتظاهر واشية بأحجار فاسدة في أساس عمارتها. هل صنعت النخب ذلك الضعف واختارت تلك الأحجار، لتضمن تحكمها بالعامة؟ وهل سيعف جشع يشتم رائحته عن استثماره؟

في الحديث الشريف: 'كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته'. من نافلة القول، كون حماية الدولة والوطن وظيفة رئيسة للعامة وللنخب، ويفترض بالنخب كونها المؤهلة لاستيعاب المشهدين الإقليمي والدولي، والعارفة، نظريا، أن الدول القوية قد حولت أخرى ضعيفة إلى فاشلة.

من شأن باحث محايد القول: ان ما قدمته النخب السورية من كفاءة وحكمة كان أقل بكثير من المطلوب لحماية الدولة من مخاطر تتهددها.

قد يطرح سؤال نفسه على مؤرخ: هل صار المجتمع السوري بعد سنتين من آذار /2011/، أقل قابلية للاستبداد، أم أكثر؟ وهل سيختار: عزز الحراك (الانتفاضة الثورة) فرصة نشوء هيئات مجتمع مدني تمتلك قوة تمكنها من مراقبة أداء النخب، ومن حماية حقوق المواطن البسيط ؟ أم: عمليا.. نقل المجتمع إلى تشكيلات ما قبل مدنية. الأمر الذي يكرس هيمنة النخب وإضعاف المجتمع؟

في الحسابات التي تبنى عليها الاستراتيجيات، يحتل الكادر البشري المؤهل المقام الأول، باعتباره أساس الثروة والقوة. وتقدر خسائر سورية بعشرات مليارات الدولارات، بدون إدراج خسائرها في الكادر البشري المؤهل. هل تحتاج سورية كي تحفظ ما تبقى لديها من كادر بشري مؤهل، لثقافة تفتح بوابات تشاركية تقوم على الشفافية وحماية حق الآخر؟ لصوت ينشد: 'روحي فـدا وطني وإني مفيدا لم أكن بالمستفيد'.

لولا التشاركية لما وجد الماء، وأضعف الإيمان أن يرى العقل النخبوي، ولو متأخرا، أن المسارات التي اعتمدها لإدارة الصراع أنتجت خرابا، وقد تنتج المزيد منه. وأن الخروج منها ومن قواها الجاذبة بات ضرورة. ربما على المجتمع وكي يسهم في إنتاج 'بيئة مناسبة'، أن يقول: ليست ظاهرة النخب الفاسدة والمزورة حصرا على تشكيلات السلطة، إذ ثمة شخصيات معارضة في مواقع قيادية تتصرف كما مدير مؤسسة عينته أجهزة السلطة بشهادة دكتوراه تعلم أنه اشتراها، وتلك ضمانة خضوعه لها. مديرا يغدو همه الرئيس، طرد من هو مؤهل وشفاف من المؤسسة التي يدير.

في المعارضة من يطرح صيغا على مؤسسة هي الدولة، لا يمكن للواقع أن ينتج احتمالا لتحقيقها. عمليا هي وصفة من أجل أن يستمر الصراع المدمر للبلاد. تكاد الدولة تسقط، وهو مصر على أنه لا يحاور من يده ملطخة. شفاف هو لا يقبل ولو أسال العنف مزيدا من الدماء! هل يرفض، لأن وقفا للعنف تتبعه تسوية سياسية، قد يحولان دون تضاؤل قامة سورية لتغدو بمستوى قامته؟ ثمة سؤال رئيس هنا. هل هذه النقطة وعمليا، هي تلك التي يتلاقى فيها مسار ذلك المعارض المتأبط شهادة حسن سلوك من مؤسسات أجنبية 'مانحة'، مع مسار ذلك المدير السلطوي المتأبط لشهادة دكتوراه 'رومانية'. والذي يرفض بدوره أية تسوية مع من طردهم من 'مؤسسته' بتهمة فرط الكفاءة والشفافية. عمليا برهنت النخب السورية (مستقلة، سلطة، معارضة) النرجسية بامتياز، على كفاءة عالية في الكذب والنفاق وفعل البشاعة. وعمليا لم يعد ممكنا ستر ذلك المشترك بنيويا وموضوعيا في مكوناتها. اعتادت نخب المعارضة ولعقود، أن تشير في أدبياتها السياسية إلى السلطة ك'مافيا أمنية مستبدة'. لكن أطرافا منها تحالفت مع رموز سبق وصنفتها من 'مافيا السلطة'، بل وقبل بعضها في مجالس قيادية 'للثورة'، من غير رد فعل كالذي يتسبب به عادة دخول جسم غريب. وعادة يغادر رجل المافيا أسرته إلى السجن أو إلى القبر، أو لينضم لأسرة أخرى أو ليشكل أسرته هو، أو ليعقد صفقة. على من تتلى المزامير؟

نقتبس من نص للشيخ معاذ الخطيب: ' وهناك من يجلس على أريكته ثم يقول اهجموا .. لا تفاوضوا'. 'وهناك مئات الصبايا بدأ بعض الأنذال يبيعونهن مثل الإماء'. 'وهناك من يخطط لأن تختفي سورية من العالم خلال حرب طاحنة تستمر بضع سنوات'. 'هل صرنا لا نفكر إلا بمعادلة من الدرجة الأولى؟'.

نتساءل مع الشيخ الخطيب، لماذا اعتمدت أطراف من المعارضة 'منهج' معادلة من الدرجة الأولى وفقط؟ ونضيف، لماذا سفهت من نبه لكونه ينبع ويصب في مستنقع الاستبداد؟ ثمة في الأمر ما يذكر بما أضاءه كل من الكواكبي وأبو ريشة. سيتناول عشرات الباحثين لاحقا قول الشيخ معاذ. ومرجح أن 'اهجموا' تلك، ستحرض للظهور شهادات مكبوتة وأخرى مقموعة عن ثمانينيات القرن الماضي. 'هناك من يخطط لأن تختفي سورية'، ثمة استهداف واضح. قربانا لماذا يهدر دم سورية؟ أصباغ لشعر نخب تفترسها شهوة التألق؟ أم لاستعادة دول العدوان الثلاثي لمجد غابر؟

سورية أمام احتمالين. عنف ينتج صوملة، أو حوار يقود لتسوية سياسية ومصالحة وطنية.. قد تؤسسان لدولة مدنية ديمقراطية.

هل ستخلع النخب دروعها وأحزمة مسدساتها وتدخل قاعة الحوار؟

ربوع الأماني وخفق الفؤاد على علم ضم شمل البلاد.. فلا حد يفرقنا ولا دين يباعدنا. هل أراك.. سالما منعما وغانما مكرما.

علي محمد - دمشق

===================

دعوة لاحتضان جبل العرب اللاجئين السوريين بدل الدول المجاورة

2013-03-26

القدس العربي

لم يعرف السوريون بلادهم، على مدار تاريخهم المعاصر، إلا وطناً واحداً موحداً، فلا المناطقية أو الطائفية أو العرقية، كانت مصطلحاً سورياً في يوم من الأيام، في الوقت الذي دأب الكثيرون من الجوار الإقليمي على تقسيمات ما قبل وطنية، وما قبل قومية، من أعراق وأديان ومذاهب وقبائل.

وأكثر ما تميّزت به الشام تاريخياً، هو أنها بلد الغريب، فالغريب في سورية، 'ابن بلد' و'صاحب بيت'، خاصة اذا كان عربيا.. بلادنا لم تنصب خيمةً لعراقي حين فاقت أعداد نازحيهم المليوني نازح هارب من الموت.. ولم نستقبل لبنانياً هارباً من جحيم الحرب الأهلية إلا في منازلنا، أما الفلسطيني فكان له صدر البيت دائماً..

ربما ينتابنا اليوم، الكثير من الأسف، وأهلنا يعيشون محنة اللجوء والنزوح.. نُصبت لنا الخيام في الصحارى وعلى الحدود غير الصالحة للسكن الادمي، عانينا برد الشتاء وأمراضه، قاسينا حر الصيف وأوبئته.. تعرضنا لشتى أنواع الإذلال وامتهان كرامتنا الإنسانية، مات الكثيرون من أطفالنا داخل مخيمات لا تُشبع ولا تروي، تعرضت فتياتنا للتجارة والإغواء الرخيص، من خلال تقدّم 'عرسان' الخليج والأردن من صغيراتنا!

وكم تمنينا لو قُتلنا تحت سقوف منازلنا المدمرة، قبل أن نسمع حشوداً من 'الأشقاء' الأردنيين يهتفون: الشعب يريد طرد السوريين!! والحال ليس أفضل عند 'الأشقاء' في لبنان وليبيا وبعض دول الخليج، والأكيد أن أحوالنا عند الأتراك أكثر سوءاً.. وأكثر مدعاة للحزن والأسف.

لا نريد هنا أن نبحث في الأسباب التي أدت إلى وجود مليون لاجىء سوري في دول الجوار، وأربعة ملايين نازح داخل سورية، تركوا مدنهم وقراهم، هرباً من جحيم القصف والقتل العشوائي، بعد أن دُمرت أحلامهم بالأمن والأمان، والطموح بوطن حر كريم.. معظمهم فقد أهلاً وأبناء وأقارب وأصدقاء.. يحملون آلامهم مع القليل من الأمتعة الخفيفة، ويبحثون داخل بلاد 'الغريب' عن زاوية يستندون إليها.. وهم أهل البلد!

إننا الان ومع دخول البلاد عامها الثالث من الحرب إزاء كارثة وطنية، بكل ما للكلمة من معنى، ملايين السوريين يعانون من محنة اللجوء والنزوح، مع كل ما يرافق هذه المحنة من آلام.

ولا أعتقد أن هناك من يشكك بأن جبل العرب، وحاضرته السويداء، كان على الدوام الحضن الحصين للغريب قبل القريب، وأن مكارم الأخلاق، والخصال الحميدة، عُرفت في الجبل وأهله، وربما كان أكثرها حضوراً، إكرام الضيف، والفزعة، والنخوة، والدم الحامي، إزاء من يطرق بابنا. فقد احتضن الجبل ايام الثورة السورية 25 الف لاجئ وكان الاكبر في كل الدول العربية والغربية حينها، ومن ضمن هؤلاء اميرة ايطالية وشيخ مشايخ الرشيد السعودي وشيوخ من العراق وفلسطين ولبنان.

ولقد قدّمت السويداء ما بوسعها، في مجال أعمال الإغاثة واستقبال النازحين، وتوفير جميع الخدمات اللازمة لأهلنا من مختلف المناطق، وقد تجاوزوا عشرات الآلاف.. وهو واجب لا ترنوا من خلاله ثمناً ولا صيتاً.

لكن تفاقم الأوضاع داخل البلاد، واستشراء العنف والتدمير، وتسارع حركة النزوح، والتخوف من ارتفاع أعداد النازحين إلى أرقام تفوق أي توقع، يدعو إلى مضاعفة الجهود في مجالات عدة.

وعلى اعتبار أنه لا شيء ينبئ باقتراب انتهاء هذا الجحيم، فإننا ندعو إلى إقامة مشروع إنساني جامع لكل أبناء الوطن، ضمن الفضاء الوطني السوري، بعيداً عن أي انحياز أو تحزب، إلا للبلد، والوطن، ويحرم به الاقتتال ويكون ملاذا انسانيا وطنيا ساميا.

ونرى مسؤولية أبناء الجبل في هذا المشروع كبيرة، حيث أن المحافظة ما زالت آمنة نسبياً، ولم يلحقها من الدمار ما لحق بباقي المحافظات، فهي مؤهلة للقيام بهذه الجهود، ويمكن ان تكون منطقة محمية وطنيا وخالية من التقاتل. ونرى في ذلك استمراراً لدور أهل الجبل الوطني الجامع، الذي يرفض الوضع المزري وغير الادمي للاجئين السوريين خارج الوطن، فتبقى سويداء الوطن.. لكل أبناء الوطن. وهنا سيكون مرفوضا أن يكون السلاح وسيلة للتخاطب بين الإخوة، والتأكيد على قدسية التراب السوري وحرمة الدم السوري، وأن لا فرق بين السوريين.. ونرجو الله ألاّ يكون عمر المحنة طويلاً، وأن تنعم البلاد بدولة مدنية واحدة موحدة لجميع السوريين.

===================

تركيا لن تسمح باستمرار التدخل الإيراني في سوريا

الدستور

27-3-2013

قال الباحث التركي محمد زاهد غول إن أنقرة ساهمت بشكل غير مباشر في تهيئة الظروف لانطلاق الربيع العربي، مشيرا إلى أن الدول العربية “كانت فاقدة للبوصلة السياسية، ما جعل المواطن العربي يحقد على النظام السياسي الذي عجز عن الدفاع عن نفسه”.

وأكد في حوار خاص مع صحيفة “العرب” اللندنية ان بعض الأنظمة العربية سارعت لإقامة تحالفات مع من يعتبرهم المواطن العربي أعداءه التاريخيين والمعاصرين “مما جعل المواطن العربي يتلفت في كل اتجاه، باحثاً عن منقذ أو مخلص يصحح المسار ويصوب العقول”.

وتتهم بعض الدول المجاورة (وخاصة دمشق)، أنقرة بالتدخل في شؤونها الداخلية، في وقت تستضيف فيه تركيا عدد كبير من المعارضين السوريين.

وتؤكد دمشق أن بعض مقاتلي المعارضة وخاصة “جبهة النصرة” الإسلامية تتلقى دعما مباشرا من أنقرة التي تستضيف أيضا منظومة لصواريخ الباتريوت على الحدود مع سوريا، فيما تؤكد أنقرة أن تدخلها في سوريا يقتصر على “الجانب الإنساني والحلول دون تكرار التجربة الليبية في البلاد”.

وتقيم تركيا مخيمات في الجنوب تستقبل آلاف اللاجئين السوريين، وتواجه ضغوطا من قبل المعارضة السورية وبعض الدول الغربية لإقامة معسكر أميركي لتدريب المقاتلين. وقال غول إن طهران تراهن على حصان خاسر من خلال دعمها المستمر للنظام السوري، مشيرا إلى أنقرة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء التدخل الإيراني “الذي يهدد بإشعال المنطقة بالحروب المذهبية”. وأضاف “من الأفضل لطهران أن تلتفت لحل مشاكلها مع المجتمع الدولي ووكالة الطاقة الذرية، وتترك الشعوب العربية تحل مشاكلها بنفسها مع حكامها المستبدين”.

ويؤكد مراقبون أن طهران تمد النظام السوري بالمقاتلين والأسلحة عبر لبنان والعراق، مشيرين لوجود عناصر من الحرس الثوري وحزب الله يقاتلون إلى جانب الجيش السوري، فيما تؤكد دمشق أن المساعدة الإيرانية تقتصر على الدعم الاقتصادي والإنساني.

وقال غول إن إيران بحاجة إلى مساعدة تركيا والدول العربية في حل مشاكلها مع المجتمع الدولي ومنع أي عمل عسكري ضدها، مشيرا إلى أن العرب لم يحاولوا حتى الآن دعم المعارضة الإيرانية ضد النظام “بخلاف ما تفعل طهران اليوم في العالم العربي”.

وأضاف “إن العقل والدين والضمير يدعو تركيا وإيران والعرب للعمل أكثر لمنع الحروب الأهلية بين المسلمين عموما والسوريين بشكل خاص، وعلى طهران أن تتوقف عن دعم الأقليات المذهبية في العالم العربي بحجم دعم حق الشعوب بالتحرر”. ويرى البعض أن “الميكيافيلية التركية” بدأت تتخلى عن سياسة “صفر من المشاكل” التي اعتمدها مهندس السياسة التركية وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو وخاصة بعد صعود حكومات إسلامية في “دول الربيع العربي”.

ويدلل هؤلاء على فكرتهم بقول أوغلو إن ما يحدث في العالم العربي هو “بمثابة تدفق طبيعي للتاريخ، وحدث عفوي وضروري كان ينبغي أن يحدث في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي”. ويقول غول “لقد كانت دبلوماسية تصفير المشاكل ناجحة بكل المقاييس، لأنها دعت إلى التفاهم والتعاون بين الدول والشعوب معاً، وسرعان ما حققت بعض ثمارها الاقتصادية والسياسية عند العرب والأتراك”. لكنه يؤكد أن ضخامة المظاهرات في الربيع العربي أذهلت العالم والأتراك بشكل خاص، مشيرا إلى أن الحكومة التركية كانت ستستمر بتأييد المظاهرات ومساندة الحكومات في معالجتها لها بنفس الوقت “لو لم تقوم الحكومات العربية بمواجهة هذه المظاهرات السلمية بالعنف والبطش وإراقة الدماء والقتل المفرط للمتظاهرين”.

كلام غول قد لا يجد أذنا صاغية لدى بعض الأطراف الذين يتهمون “العثمانيين الجدد” بمحاولة الاستفادة من “الربيع العربي” عبر دعم الحكومات الإسلامية والترويج للثقافة التركية (افتتاح مدرسة تركية في تونس) والسيطرة الاقتصادية (الاتفاقيات التي وقعها أردوغان مع تونس وليبيا). لكن غول يؤكد أن فكرة “العثمنة” ظلت نائمة طوال عقود، لكنها أوقظت وتم استدعاؤها في أعقاب فوز حزب العدالة والتنمية وتوليه للسلطة، و”منذ ذلك الحين استُخدمت في تشويه تجربة الحزب ووصف رئيس الجمهورية عبدالله غول ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ورفاقهما بـ’العثمانيين الجدد’ في رسالة تخويف للداخل والخارج”.

ويستغرب اعتراض البعض على انفتاح حكومة أردوغان على العالم العربي والإسلامي، ومحاولتها مد الجسور وإلغاء تأشيرات الدخول مع العالم العربي “في تجاوز للسياسات التي اتبعتها الحكومات السابقة التي دأبت على توثيق العلاقات مع العالم الغربي، وفي إعلان ضمني عن أن تركيا أمامها بدائل وخيارات أخرى”.

===================

لك الله يا سوريا

أمل وعمل

د. إبراهيم محمد باداود

الأربعاء 27/03/2013

المدينة

بالأمس انطلقت القمة العربية بحضور رؤساء وممثلي الدول العربية، ومع انطلاق فعاليات تلك القمة والتي تسيطر عليها الأوضاع في سوريا تواصل آلة القتل والقصف عملها في سوريا، وعلى الرغم من مرور قرابة العامين قتل فيها أكثر من 70 ألف فرد من الشعب السوري، ونزح منها أكثر من 4 ملايين نازح، ووجود أكثر من مليون شخص في الملاجئ، لا يزال النظام السوري يعمل جاهدًا على البقاء، ولا يزال المجتمع الدولي يراوح مكانه من مبادرة إلى مبادرة، ومن مبعوث إلى مبعوث، ومن قمة إلى أخرى، ونتائج ذلك كله مزيد من القتل والضحايا على أرض الشام.

من الواضح أن سر صمود هذا الإجرام الموجود اليوم على الأراضي السورية هو وقوف العديد من القوى الدولية ظاهرًا وباطنًا مؤيدة لهذا النظام وداعمة له، خصوصًا وأن هذا النظام يسعى منذ زمن لحماية الحدود الإسرائيلية، كما أنه يواصل قتله وتشريده لشعبه المسلم الذي هو أمنية وهدف لبعض تلك القوى الداعمة.

انطلقت القمة بالأمس وممّا قيل فيها: إن حماية الشعب السوري مسؤولية المجتمع الدولي، ومن غير المقبول أن يبقى صامتًا، أمّا الأمين الحالي فلا يزال يشكو حال جامعته ويؤكد فشل كافة المبادرات التي تم تقديمها للآن، ويدعو لإعادة الهيكلة لتناسب المتغيرات التي تشهدها المنطقة، كما أنه يسعى للوصول لمنطقة خالية من الأسلحة النووية، وكأنه نسي أن هناك كيانًا غاصبًا اسمه إسرائيل، أمّا مجلس الأمن فقد أكد عجزه عن القيام بأي دور فاعل على الرغم من اختلاف موقفه تمامًا للأوضاع التي حدثت في مالي مطلع هذا العام.

لك الله يا سوريا.. فأنت منذ أكثر من عامين تقدمين الشهداء يوميًّا وتصرخين بأعلى صوتك ولكن لا حياة لمن تنادي.

لك الله يا سوريا.. فدماء عشرات الآلاف تسيل على أراضيك يومًا بعد يوم والعالم كله ينظر لك ولا يحرك ساكنًا.

لك الله يا سوريا.. فشعبك الحر الأبي يدفع اليوم ثمن عزته وكرامته وانتفاضته، ومهما طال الزمن، وزاد الألم، وكثر الأعداء، وبعد الأصدقاء، فيجب أن يكون يقيننا بالله أكبر (فإن مع العسر يسرًا)، و(سيجعل الله بعد عسرٍ يسرًا).

===================

هل كان الأسد يتفرج؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

27-3-2013

يفترض أن بشار الأسد كان يشاهد التلفاز يوم أمس، ويتفرج بأم عينيه على كلمة الشيخ أحمد معاذ الخطيب وهو يجلس على كرسي الوفد السوري في القمة العربية بالعاصمة القطرية الدوحة مرفوعا أمامه علم الاستقلال السوري، لا علم المرحلة الأسدية، مما يقول للأسد: أن اللعبة انتهت!

منح المعارضة مقعد «الجمهورية العربية السورية» بقمة الدوحة، رغم تحفظ، أو رفض، كل من العراق ولبنان والجزائر، يعني أن الأسد يشاهد ما قد يكون الفصل الأخير من فصول نظامه القمعي، حيث إن نظام الطاغية يتعرى، ويتفكك، أمام عينيه، وعلى مدى ثلاثة أعوام. فجلوس الخطيب على مقعد الدولة السورية بالقمة العربية يعد بمثابة رسالة ستهز الأسد المنكر للحقائق. كما أنها رسالة للدوائر الضيقة للطاغية، وكل من يسانده. وكم هو طريف تعليق وسائل الإعلام الأسدية الفوري على منح مقعد سوريا بالقمة العربية للمعارضة حيث اعتبرته عملية «سطو» وأنه «جريمة قانونية وسياسية وأخلاقية»! والحقيقة أن جلوس الخطيب على مقعد سوريا بالجامعة هو الخطوة القوية والمستحقة، من قبل الجامعة العربية، والتي يجب أن يتبعها تسليم المعارضة السفارات السورية في كل الدول العربية.

وبالطبع فإن الأسد ليس المتفرج الوحيد يوم أمس، فمن المؤكد أن حسن نصر الله، ونظام الملالي بطهران، كانا يشاهدان تلك اللحظة التاريخية التي تعنيهما كثيرا، حيث انتهت مرحلة جلوس الأسد في القمم العربية محاضرا عن العروبة، والمقاومة والممانعة، التي اتضح أنها لا تحدث إلا بقتل الأسد للسوريين وبمساعدة إيران وحزب الله، فالبديل اليوم للنظام الأسدي، وعلى مقعد الجامعة العربية، هو معارضة ذاقت مرارة آلة القتل الأسدية، وعانت الأمرين من دعم إيران وحزب الله لطاغية دمشق. وهذا وحده كفيل بأن يقول لحسن نصر الله، وإيران: إن اليوم ليس مثل الأمس، وإن القادم لن يكون كالعقود الأربعة الماضية! ورسالة جلوس الخطيب في مقعد الجمهورية العربية السورية لا تخص الأسد وإيران وحسن نصر الله فقط، بل كل من باع وطنه وعروبته لإيران.

صحيح أن الطريق في سوريا طويل، وخصوصا مرحلة ما بعد الأسد، لكن وبجلوس الخطيب على مقعد سوريا في القمة تكون المنطقة كلها قد دخلت مرحلة جديدة، صعبة نعم، لكنها ستكون أصعب على إيران وعملائها في المنطقة، والذين اعتقدوا، خصوصا بعد سقوط نظام صدام حسين، أن المنطقة قد دانت لهم، وأن بوسعهم اليوم اللعب في منطقتنا ودولنا كيفما شاءوا. وهذا هو الخطأ الجسيم الذي وقع فيه الأسد، طوال السنوات العشر الماضية، وتحديدا بعد سقوط صدام، واغتيال الحريري الذي أفلت من عواقبه الأسد، حيث اعتقد الطاغية أن بمقدوره أن يحكم المنطقة، ويعيد ترتيب أوراقها. لكن ما حدث هو العكس تماما، حيث انقلب السحر على الساحر، ومن يعلم فربما لم يتسن حتى للأسد مشاهدة وقائع القمة العربية بشكل متواصل، وذلك لدواع أمنية تتطلب تنقله بين كل لحظة وأخرى!

===================

حركة التصحيح السورية الحقيقية!

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

27-3-2013

دائما ما يقدم لنا القدر مفاجآت فيها من الحِكم والعبر الشيء الكثير للتدبر والاتعاظ؛ فالقمة العربية التقليدية كانت دوما مسرحا مفضلا لبشار الأسد ليستعرض فيه أمام الزعماء العرب والشعوب العربية بخطابات «بعثية» عقيمة طويلة خالية من المعنى والمضمون، ولا هدف ولا مغزى منها سوى «العلاك» وتسجيل موقف أمام الناس فقط لا غير.

أما في القمة التي افتتحت في العاصمة القطرية الدوحة، أمس، يحدث المشهد الحلم لتخرج «سوريا الأسد» من الجامعة العربية للأبد، وحلول، وباستحقاق مؤكد، للائتلاف السوري المعارض وعلم الثورة السوري الأخضر، وبرئاسة معاذ الخطيب، الذي نال القبول والاحترام العريض، لأنه رجل يمثل شعبه وليس مفروضا على شعبه، ورث الحكم بفوهة السلاح وتحت مقصلة المخابرات والشبيحة. إنه يتحدث بعفوية وآدمية وصدق واحترام، وهي مسائل لا يمكن أن تقال بالأسلوب ذاته عن بشار الأسد وزبانيته. إنها مشاهد التحول التاريخي في حكم الشعوب ومصير الأمم. إنها الأيقونات الأخلاقية التي تأتي باعثة للأمل والكرامة وتحقق آمال الشعوب بشكل متكامل وعادل ومثالي.

التاريخ شهد هذا الأمر من قبل، واحتفى بنيلسون مانديلا وهو يحرر بلاده من طغاة التمييز العنصري الطبقي البغيض، واحتفى من قبل بالمهاتما غاندي وهو يحرر بلاده من سلطة الاحتلال البريطاني ويضرب المثال العظيم على قدرة الشعوب على تحرير نفسها من الظلم وقهر الشعوب على أيدي الطغاة والجبابرة ونصرة العالم الحر لها متى ما تحققت الرؤية والإرادة. من المقعد السوري نفسه الذي كان يتبوأه بشار الأسد، ومن قبله أبوه حافظ الأسد، ومعهم وفود ذات وجوه غاضبة تثير الذعر في وجوه من ينظر إليها، كان الوفد السوري الذي مثل بلاده في الدوحة واجهة حضارية ومشرفة وإنسانية فيها الوجوه السمحة الشريفة التي تعكس عظمة وتاريخ وتراث سوريا الحقيقية، وهذا بحد ذاته إنجاز مهم ورمزي طال انتظاره.

حالة الفخر والزهو والاعتزاز التي شعر بها السوريون وهم يرون علم بلادهم الجديد، ووفد بلادهم «السوي»، وكلمة معاذ الخطيب المليئة بالوطنية والمنطقية والحكمة والعاطفة والطمأنينة والنابعة من صميم القلب، هي كفيلة بزرع جرعات الطمأنينة والأمل والقوة لأجل مستقبل أفضل للبلاد، بعد أن بلغ اليأس والقنوط والخوف والحزن حدوده العظيمة في نفوس الناس وقلوبهم جراء سنين من التنكيل والقتل والتعذيب والقصف والتدمير بشكل وحشي لم تعرف له الإنسانية مثيلا ولا شبيها.

مسامير نعش نظام الأسد تزداد، وكلها تسير في اتجاه واحد، ولا غيره، وهو أن مسألة الخلاص من نظام بشار الأسد لم تعد فقط مطلبا سوريا ولا عربيا ولا إقليميا ولا إسلاميا، بل هي قرار أخلاقي إنساني في المقام الأول، لأنه لم يعد بالإمكان الحوار ولا التفاهم ولا النقاش مع نظام أفلس سياسيا وأخلاقيا، وحجز مكانه في أرشيف التاريخ مع الطغاة الذين وجب الخلاص منهم. رأينا بجلاء ووضوح نوعية الناس الذين من الممكن أن تقدمهم سوريا لقيادة البلاد بدلا من الترويج السطحي والمضلل والساذج بأن سوريا هي كلها سوريا الأسد، وبالتالي هي بلاد أصابها العقم السياسي ولم يعد بالإمكان أن تنتج من يحكمها إلا من آل الأسد أبا ثم ابنا.

جاء حافظ الأسد إلى الحكم في سوريا بحركة غريبة سماها زورا وبهتانا «حركة تصحيح»، وجاء بعده ابنه بشار الأسد في مهرجان توريث عدل فيه الدستور في عملية «سلق بيض» برلمانية تاريخية، والآن ها هي سطور تصحيح التاريخ تُكتب في الدوحة لتكون أولى خطوات ميلاد سوريا الجديدة، وتكون بالفعل حركة التصحيح التي انتظرها الشعب السوري كله.

===================

وساوس سياسية!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

27-3-2013

عند إجراء الحسابات السياسية، من الأهمية بمكان أخذ جميع الاحتمالات بعين الاعتبار. فعندما يكون هناك حدث معقد ومركب ومتداخل كالثورة السورية، تصير الحاجة أكبر إلى سبر أغوار السياسات والخطط الدولية الموجهة نحو وطننا وشعبنا، الذي أثبت أنه لا يتردد في دفع أي ثمن من أجل حريته والتخلص من نظام تحول إلى رمز للوحشية في عالم يجد صعوبة في تصديق ما تقع عيناه عليه من وحشية، يمارسها نظام يفعل بشعبه ما لم يسبق لأي نظام آخر أن فعله بشعبه.

لا بأس أيضا في أن يكون التحسب زائدا عن الحد ومبالغا فيه تجاه بعض القوى والجهات المعادية، إن كانت متورطة إلى جانب النظام الأسدي ضد شعب سوريا. ومن الفطنة أن نقلب الأمور على كل وجوهها، تقصيا لمنطوياتها، إنقاذا لوطن تعاديه حكومته إلى الحد الذي يمكن أن يدفعها إلى استخدام الأسلحة المحرمة دوليا ضده. ولا بد من أن نتخذ كل التدابير والإجراءات الضرورية لإحباط ما يخطط ضد شعبنا من خلال قيامنا بسد الثغرات التي قد تظهر في مواقفنا ورؤانا، فليس هناك ما هو أشد خطورة علينا من تجاهل نقاط ضعفنا والقفز عن مشكلاتنا، التي يمكن أن يفيد منها عدونا.

لكن التحسب شيء والهلوسة شيء آخر: التحسب صحة والهلوسة مرض، ومن المحال معالجة نقاط ضعفنا بواسطة هلوسات مرضية تجافي الواقع وتنط عنه، وتجعلنا نقوم بقفزات في الفراغ يمكن أن تنتهي بكسر أعناقنا. من هذه الهلوسات تلك الصورة القاتمة التي نرسمها لواقعنا بحجة أنها خيارات محتملة، تنبع من تحفظات بعض القوى الخارجية وخوفها مما يجري في بلادنا، وتؤكد ما يقال هنا وهناك عن أن سوريا ستقسم في مرحلة ما بعد الأسد، وأن التقسيم صار أمرا واقعا منذ اليوم، والدليل: ما تشهده الأرض من تدابير وإجراءات تذهب في هذا الاتجاه، وإن اتسمت بالغموض.

لا أعتقد شخصيا أن سوريا ستقسم أو أنها قابلة حقا للتقسيم. قد تكون هناك بالفعل محاولات تستهدف تقسيمها، وقوى خارجية تريد التخلص من وحدتها كدولة وكمجتمع، إلا أن هذه المحاولات لن تنجح لأسباب كثيرة، أهمها أن الشعب الذي يطرد النظام القائم وأدواته المسلحة من كل ركن في وطنه لن يسمح له بانتزاع جزء تكويني مهم وحساس منه، وسيهزمه إن هو حاول ذلك، بعد أن يكون قد أخرجه من بقية مناطق بلاده وطرد رئيسه من كرسي الحكم في دمشق.

وأرجح شخصيا أن النظام لن يختار التقسيم ما دام قادرا على التمسك بالسلطة في عموم سوريا، وما دام جيشه يقاتل في المناطق الرئيسة منها، فإن فقد قدرته وعجز عن ضمان سيطرته على البلاد والعباد، فكر في الانسحاب إلى جزء من الأرض السورية، لإقامة دويلة خاصة به عليها، ليبدأ تقسيم البلاد.

يتناسى أصحاب هذا الرأي أن من هزم جيش النظام القوي في مجمل الأرض السورية لن يعجز عن دحر فلوله وبقاياه في منطقة تسيطر عليها دويلة في طور التأسيس، تفتقر إلى كل شيء على وجه التقريب، بما في ذلك الجيش المتماسك والقادر على حمايتها، كما تفتقر إلى القدرة على توفير مقومات النجاح، ليس فقط لأن الشعب يرفضها وجيشها سيكون عاجزا عن الدفاع عنها، بل كذلك لأن الوضع الدولي والإقليمي لا يستطيع إنقاذها، وحتى إيران لا مصلحة حقيقية لها فيها لكونها لن تتمكن من التمركز فيها بطريقة تعينها على تحقيق مرام استراتيجية أكبر من أن تتمكن من حملها أقدام دولة قيد الإنشاء: ضيقة المساحة، كثيفة السكان، فقيرة الموارد، هي دولة ناقصة لم يكتمل نموها بعد، نشأت عن انهيار نظام فشلت في الحفاظ على سيطرتها عليه عندما كانت تمسك بأعنة الوطن السوري بأكمله، يستحيل أن تتمكن من مقاومة قوى منتصرة هزمت جيشا أكبر وأشد بأسا بكثير من بقاياه التي ستلملمها من هنا وهناك، وستكون مبلبلة التشكيلات عديمة القيادة، منخفضة المعنويات، لم يتوفر لها الوقت الكافي للانتظام في جيش حقيقي: مدرب ومقاتل.

تقول الهلوسات السياسية إن إيران هي التي ستعمد إلى تقسيم سوريا وإقامة دولة موالية لها في منطقة الساحل، وتزعم أن الدولة الجديدة يجب أن تكون على تماس مع إسرائيل، لأن حزب الله سيحتل بالنيابة عنها حمص وحوض العاصي ومنطقة الزبداني، فتتصل بذلك مع المناطق التي يسيطر عليها داخل لبنان، ولها حدود مع فلسطين المحتلة. من الجلي أن حزب الله لن يتمكن من المحافظة على حوض العاصي وحمص ومنطقة الزبداني، إذا ما انسحب جيش النظام منها إلى المنطقة الساحلية، هذا إن صدقنا أنه سيتمكن من احتلالها. في هذه الأثناء، ستكون المنطقة الساحلية في حال من الفوضى ترقى إلى مستوى حرب أهلية، ليس فقط لأن 40% من سكانها سيرفضون الدولة الطائفية، وسيقاتلون مع بقية السوريين للحيلولة دون قيامها، بل كذلك لأن قوى إقليمية كتركيا وإسرائيل لن تقبل قيام دولة إيرانية على حدودها أو قريبا منها، بعد سقوط نظام دمشق.

ولا تخبرنا الهلوسات كيف ستحافظ إيران على دولة هذه حالها، إن كانت قد فشلت في الإبقاء على نظام أقوى بكثير من نظامها هو نظام الأسد الحالي، مع أنه كان في جيبها، وكانت له حدود مع إسرائيل، ورغم أنها قاتلت إلى جانبه بصورة كثيرة مباشرة وغير مباشرة، ويتوهم مروجو الهلوسات السياسية أنها في حال مجابهة معها، رغم أن صمت حزب الله العسكري في جنوب لبنان مستمر منذ قرابة ثمانية أعوام، وأن إسرائيل لم تترك مزارع شبعا التي تعهد مرارا وتكرارا بعدم وقف معركته قبل تحريرها كاملة غير منقوصة!

من الضروري وضع حد فاصل بين التحسب والهلوسة، وإلا استحالت السياسة إلى فاعلية تنتج أوهاما نتيجتها الوحيدة الخروج من الواقع والفشل في تحقيق أي هدف من أهداف شعب سوريا.

لن تقسم سوريا لأن تقسيمها يتخطى قدرات إيران والنظام، ولأن العلويين لن يتخلوا عن وطنيتهم العميقة الجذور، التي أسدت خدمات جلية لدولة ومجتمع سوريا. وإذا كان الأسدية قد تلاعبت بهم في سياق تلاعبها بالسوريين، فإن ذلك لا يعني أنهم يوافقون على تقسيم وطنهم والدخول في حرب أهلية خاسرة من أجل إيران أو آل الأسد ومخلوف. لن تقسم سوريا لأن مكونات جماعتها الوطنية لن تصل إلى نقطة تجعل عيشها المشترك مستحيلا، وستبقى بلادنا موحدة بإرادة شعبها، الذي لن يكون على ما هو عليه من تنوع جميل وآسر دون أبنائه العلويين!

===================

سوريا بين الحلول الخلاقة والصبر الاستراتيجي

علي بن حسن التواتي

عكاظ

27-3-2013

ما فتئت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تتحف القاموس السياسي العالمي بمصطلحات ومفاهيم جديدة لتبرير عدائها لبعض الدول والجماعات أو تقاعسها عن القيام بواجباتها تجاه دول وجماعات أخرى. فمن محور الشر إلى الفوضى الخلاقة والدول المارقة في عصر بوش الصغير لتبرير العداء لدول بعينها، ومن الحلول الخلاقة التي ابتكرتها وزيرة الخارجية السابقة إلى (الصبر الاستراتيجي) الذي يتمسك به خلفها الحالي لتبرير تقاعس الإدارة الأمريكية الحالية عن القيام بدورها الإنساني والأمني، تعيش سوريا والمنطقة العربية برمتها حالة من الفوضى وسفك الدماء والتشريد والدمار.

والحقيقة أن علامات الاستفهام تتزايد وتكبر يوما بعد يوم عن حقيقة النوايا الأمريكية في المنطقة. وحتى الشركاء الأوروبيين لم يعودوا يفهمون اعتراض وزير الخارجية الأمريكي على تدخل الاتحاد الأوروبي في مصر الإخوان التي تعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية وتصاعد انتهاكات حقوق الانسان أو اعتراضه على قيام دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا على تسليح المقاومة السورية المسلحة وحتى قبوله على مضض للتواجد الفرنسي في غرب أفريقيا.

ولذلك نرى عدوى (الصبر الاستراتيجي) وهي تنتشر بين الحلفاء لتعبر عنها المفوضة العليا للأمن والعلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في استخدام هذا المصطلح في خطابها أمام مجلس الاتحاد في وصف الموقف الأوربي من المسألة المصرية بأنه إظهار «للصبر الاستراتيجي». ورغم استخدام السيدة أشتون للمصطلح إلا أنها شكت في مناسبة أخرى من أن هذا الصبر الذي تعدى حدوده كان بنصيحة من الوزير الأمريكي كيري.

والحقيقة أن إدارة الرئيس أوباما تلتزم بهذا النوع من الصبر منذ تسلمها مقاليد الأمور في كل ما يتعلق بسياستها الخارجية بطريقة لا تبعد كثيرا عن الطرفة العربية الشهيرة لرجل أتاه من يجرده من ملابسه قطعة قطعة وهو يقول لنفسه (نصبر نشوف حايعمل إيه) حتى انتهى به الأمر إلى نهاية كارثية. ففي الشأن الكوري الشمالي قاد الصبر الاستراتيجي إلى قيام كوريا الشمالية بعدة تجارب إطلاق لصواريخ بالستية وتفجيرين نوويين كان أحدثهما في 12 فبراير الماضي وإلى إلغائها لاتفاقية الهدنة القائمة بين الكوريتين منذ أكثر من 60 عاما، وإلى تصريح مسؤول صيني، فيما يبدو أنه تحذير موجه لإدارة أوباما، بضرورة أن تكف كل دول العالم عن التدخل في شؤون غيرها. أما فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية فقد قاد الصبر الاستراتيجي إلى تجاوز إيران مسألة القنبلة النووية إلى تغلغل نفوذها السياسي والعسكري في المنطقة بشكل غير مسبوق، وفرض نفسها ضمن أي معادلة حل لقضاياها. فلقد نجحت الاستراتيجية الإيرانية في تركيز الانتباه في اتجاه الملف النووي وتحركت بحرية في مختلف الاتجاهات.

وحتى زيارة الرئيس أوباما الأخيرة لإسرائيل لا أراها في إطار آخر غير التهدئة والتوطئة لترميم علاقات الحزب الديمقراطي معها على أمل مساندتها لمرشحه الرئاسي الجديد للفترة القادمة 2017-2021م.

وتحت مظلة الصبر الاستراتيجي سلمت السيدة كلينتون مفاتيح المسألة السورية لنظيرها الروسي لافروف. وتوالت بعد ذلك الحلول الخلاقة ومنها حل من الجامعة العربية رفضه النظام السوري وحلفاؤه الأجانب ويقوم على إرسال قوات سلام عربية كما حدث في لبنان ربما يتبعها «طائف سورية» على غرار الطائف اللبنانية. وحل آخر طبخ بين إيران ومصر الإخوان ورفضه الجيش الحر والقوى المقاتلة على الأرض يضمن لبشار البقاء على رأس السلطة مع رئيس وزراء إخواني. وآخر الحلول الخلاقة هو الحل الأمريكي/الروسي/الإسرائيلي الذي أسقطه الجيش الحر قبل يومين واستقال على إثره الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري المعارض. وهذا الحل لا يختلف كثيرا عن الصيغة العراقية مع بعض التعديل بحيث يكون رئيس البلاد عربيا سنيا ولكن بلا سلطات، ورئيس الحكومة كردي بيده كل السلطات التنفيذية بدعم تركي وكردستاني عراقي ومحلي، أما السلطة التشريعية فتبقى في أيدي العلويين.

ووأضح أن هذا الحل الخلاق لا يبعد كثيرا عن ترتيبات أخرى اتخذت مؤخرا في المنطقة منها المصالحة التركية الكردية والاعتذار الإسرائيلي لأنقرة وتدخل عناصر الاستخبارات المركزية الأمريكية المكثف بين صفوف المعارضة المسلحة لتمييز الموالين من الأضداد وربما الاعتداء على حياة قائد الجيش الحر..

وبفشل هذا الحل الخلاق في مقدار غبائه تبقى المنطقة تحت مظلة (الصبر الاستراتيجي) بانتظار حل خلاق آخر حتى تتفتت سوريا وتدخل في نفق التقسيم العرقي والطائفي الذي أدخلت فيه العراق ولا يبدو لها منه مخرج أو تنتهي فترة هذه الإدارة الضعيفة دون أن تستفز إسرائيل بحلول لا ترضيها.

===================

لا وقت لقمم الكلام

حمود أبو طالب

عكاظ

27-3-2013

صحيح أن سوريا هي أهم ملف في القمة العربية لكن لا يعني هذا أنه لا يوجد غير هذا الملف إلى جانب الملف الأزلي للقضية الفلسطينية. معظم العالم العربي الآن ملفات ساخنة وخطيرة، صحيح أنه لا يمكن معالجتها كلها في هذه القمة ولكن لا بد من إثارتها ووضعها على قائمة مباحثات الزعماء واستكمالها لاحقا بالتفصيل. وللتدليل على أن الساحة العربية مأزومة في كثير من جغرافيتها، صوبوا أنظاركم باتجاه اليمن وما يحدث فيه، فالحوار الوطني الذي يعلق عليه اليمنيون آمالهم يبدو أن السياسيين لا يريدون الخروج منه بنتيجة، رغم أن اليمن لم يعد يتحمل المزيد من المعاناة، ورغم أن الوضع لو انفجر فيه فسوف يشعل الحريق هذه المرة بشكل كارثي. دعوات الانفصال مرتفعة، والأصابع الأجنبية الظاهرة منها والخافية تسرح وتمرح لتجعل اليمن ساحة نموذجية لفوضى لا نهاية لها لو لم يتنبه القادة العرب إلى هذا الوضع. الساحة المصرية تشهد مزيدا من التصعيد والتأزيم، وإذا قال قائل هذا شأن مصري داخلي فجوابه أن ما يحدث في مصر برمزيتها وأهميتها لا يمكن فصل الداخلي فيه عن الخارجي، كل مشكلة داخلية لا بد لها من انعكاسات خارجية.

لبنان مهدد بانفجار وشيك إذا لم تتم الإحاطة بالوضع ونزع الفتيل، وإذا لم يتعامل العرب بحزم وعقلانية مع أوضاعه فسيدفع لبنان ومعه كل العرب ثمنا غاليا. العراق بعد عشر سنوات من تحريره الوهمي واحتلاله الحقيقي يتمزق بالانفجارات والتجاذبات السياسية والفساد ونهب ثرواته وتأريخه. ليبيا، تونس، الجزائر كلها أيضا تمر بأوضاع في غاية الحساسية، كما أن بعض الدول الخليجية تواجه مخاطر المؤامرات على أمنها واستقرارها من أطراف لا تحتاج جهدا لمعرفتها حتى لو لم تعلن أسماؤها.

خلاصة الكلام، نتفق جميعا أن الوضع السوري لا بد أن تتم مناقشته بوضوح وبعيدا عن المزايدات والاستقطابات لأنه إذا لم يعالج بجدية وإذا لم يتم اتخاذ موقف جماعي واضح يكون ممثلا للعرب في أي مناقشات مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية، فإن كرة النار في سوريا لن تنطفئ أبدا وسوف يتطاير شررها في كل الاتجاهات.

لا بد أن يدرك الزعماء العرب أن أوطانهم مهددة، وأنه لم يعد هناك وقت لمزيد من ترف القمم البروتوكولية المليئة بالخطب الإنشائية والخالية من القرارات العملية.

===================

الثورة السورية.. خطوة تاريخية نحو الشرعية

اليوم السعودية

27-3-2013

خطت الجامعة العربية يوم أمس خطوة على الطريق الصحيح ، حينما مكنت الثورة السورية من شغل مقعد سوريا في الجامعة العربية، فالآن الثورة السورية تحقق انتصاراً ديبلوماسيا جديداً بعد تحقيق انتصارات ميدانية لتحرير سوريا من أسرها الطويل في ظلمات نظام طائفي عبثي ووحشي يعمل وكيلاً لطهران طوال فترة سوداء من تاريخ سوريا الحرة. وكان يوم أمس  حدثاً سعيداً للثورة السورية، كما كان يوم حداد وسواد واختناق لنظام الأسد ورعاته وموجهيه، فقد خطت الثورة السورية الخطوة الأولى نحو اكتساب الشرعية الدولية الكاملة لتمثيل سوريا سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، وبعدها سوف تكون كتائب الأسد ليست أكثر من ميلشيات متمردة على الشرعية الوطنية لسوريا، واختارت أن تكون في خدمة القوى الأجنبية التي تدير نظام الأسد وتحرضه على قتل مواطنيه وتدمير مدن بلاده. وتحتم هذه الخطوة على أعضاء الائتلاف السوري أن يسموا بأعمالهم وتصرفاتهم إلى مستوى هذه المسئولية الكبرى التي لا تتحمل الاختلافات الحادة العنيفة وسلوكيات مناظرات المقاهي. فهي مسئولية شعب ووطن يواجه أشرس الهجمات وأفظعها في العصر الحديث.

ولكن الاعتراف العربي بالثورة السورية وتمكين سوريا الحرة من مقعد الجامعة العربية ليس كافياً لأن السوريين الأحرار يواجهون مشاكل كثيرة وأولها مساعدتهم على حل خلافات وألا تكون هذه الخلافات عقبة تنسف كل انتصارات الثورة السورية وتدخل الثورة السورية في انفاق مظلمة.

وواضح أن معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري يعرف تشخيصا دقيقا لهذه المشكلة حينما أعلن أمام القمة العربية أن السوريين سوف يتصرفون وفقاً لإرادتهم الوطنية وليس طبقاً لرغبات وإرادات دول. ومهم جداً أن تمتنع الدول الداعمة للثورة من التدخل في الشئون السورية أو تقريب فصائل على حساب أخرى أو التعامل مع جيوب داخل الثورة، وإنما عليها أن تتعامل مع رئاسة الائتلاف التي يتعين أن تملك الحرية الكاملة لإدارة السيادة السورية في الداخل و الخارج. وتحتاج الثورة السورية إلى مساندة دبلوماسية عربية قوية لإقناع الدول الكبرى بضرورة السماح بتسليح نوعي للجيش السوري الحر، ليتمكن من الدفاع عن الثورة وحرية سوريا ومقاومة بطش النظام ووحشيته ووحشية ميلشيات رعاته. كما يجب على الدول العربية مجتمعة وفرادى المساعدة على حث المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات عملية لمنع الميلشيات الإيرانية سواء في لبنان أو العراق أو إيران من التدخل في الشئون السورية ومساعدة السوريين على الدفاع عن أنفسهم بوجه هذه الميلشيات التي تتقيد بأوامر طهران وترتكب جرائم شنيعة في سوريا.

===================

الجامعة: التمثيل والإصلاح

عبدالله إسكندر

الأربعاء ٢٧ مارس ٢٠١٣

الحياة

دأب الوزير هوشيار زيباري على تبرير تحفظ العراق عن تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية، وعن منح المعارضة السورية حق تمثيل بلدها في الاجتماعات العربية، بأنه لا يمكن أن توضع المعارضة السياسية في موقع التمثيل الرسمي، وإلا ستدخل الجامعة في متاهة لا مخرج لها. إذ أن كل معارضة عربية ستروح تطالب بمقعد بلدها. وأشار زيباري في هذا الصدد إلى «جبهة الإنقاذ» المصرية المعارضة، متسائلاً عن موقف الجامعة إذا طلبت «الإنقاذ» الاستحواذ على المقعد المصري.

لقد شغل أخيراً «الائتلاف» مقعد الجمهورية العربية السورية في القمة العربية، وهي خطوة لم تكن لتتم على النحو الذي شهدناه لولا انعقاد القمة في الدوحة وتدخل أمير قطر. وهذه مسألة أخرى.

بالتأكيد، لا يعبر زيباري عن حقيقة موقفه، وهو العليم بمعنى النظام السوري وممارساته السابقة والحالية وهو يعي جيداً معنى أن يستخدم نظام كل أنواع الأسلحة ضد شعبه. لقد عانى زيباري مثل كثيرين من العراقيين، خصوصاً الأكراد منهم من ممارسة أقل ضراوة من النظام العراقي السابق الذي منع كل أشكال المعارضة. وسعى، مع غيره، إلى المقاومة بالسلاح عندما هاجمهم النظام، وبالسياسة وصولاً إلى السعي إلى تعبئة أي فراغ يتركه النظام في أي موقع ديبلوماسي. فالحق الذي أعطته المعارضة العراقية لنفسها، في ظل النظام السابق، لن تبخل به، وهي اليوم في الحكم، عن نظيرتها السورية في ظل نظام بطاش وقاتل.

لكن التبريرات التي أوردها زيباري تتصل أكثر بحسابات وحساسيات داخلية عراقية، وليس بالمسألة المبدئية المتعلقة بتمثيل المعارضة السورية في الجامعة. إذ لا يمكن لوزير الخارجية العراقي أن يتخذ علناً موقفاً متعارضاً مع رئيس حكومته نوري المالكي الذي يدافع عن النظام السوري ويدعمه ويسهل وصول المساعدات الإيرانية بكل أشكالها إلى القوات السورية النظامية، ما يشكل موضوعاً خلافياً عراقياً، على المستويين المذهبي والقومي بشكل خاص.

ونتيجة لهذا الموقف للمالكي الذي كان سيسبب أزمات ديبلوماسية في حال تمثيله العراق في قمة الدوحة، ارتؤي أن يرأس نائب الرئيس خضير الخزاعي الوفد العراقي. على رغم أن أحداً لا يشكك في الشرعية الشكلية للمالكي.

بكلام آخر، عندما يتعلق الأمر بنزاع داخلي يتخذ طابعاً أهلياً ومرشحاً لتصعيد، يصبح التمثيل الرسمي عرضة للشك. وهذه هي الإشكالية التي تطرح نفسها على أجندة إصلاح الجامعة. خصوصاً لجهة استمرار الاعتراف بنظم تستولي على السلطة بالقوة أو عبر انقلاب، أو تتمسك بها عنوة ومن دون أي سند شعبي. فما كان ممكناً قبل عقود، عندما كانت مجموعة من الضباط تستولي على الحكم، يجب أن يكون مرفوضاً ومداناً اليوم، وأن يسحب منه الاعتراف. ليس لأن التجارب الانقلابية ومضاعفاتها كلها كانت كارثية وصولاً إلى الجمهوريات الوراثية، وإنما لأن الانقلابات، وما ينتج منها، انتهاك لأول حق من حقوق الإنسان، وهو اختيار نظام الحكم.

فأول إصلاح ممكن في الجامعة العربية يجب أن يكون على قاعدة احترام حقوق الإنسان، السياسية والاقتصادية. وأي انتهاك لهذه الحقوق ينبغي أن تكون عاقبته سحب الاعتراف والمقاطعة.

النموذج السوري فاقع في هذا المعنى. ولن يأخذ إعطاء المقعد السوري للمعارضة، ممثلة بـ «الائتلاف»، كل معناه ما لم يقترن بواجب احترام حقوق الإنسان، هذا الواجب الذي ينبغي أن يتحول شرطاً أساسياً من شروط الإصلاح المقبل للجامعة.

===================

أهوال ما بعد الصورة

غسان شربل

الأربعاء ٢٧ مارس ٢٠١٣

الحياة

كانت الصورة هي الحدث في القمة العربية في الدوحة أمس. صورة غير مسبوقة. قاطعة. وقاسية. ليس بسيطاً أن يتقدم وفد المعارضة السورية، وعلى دوي التصفيق، ليشغل مقعد بلاده في القمة. وليس بسيطاً أن يجلس معاذ الخطيب وراء علم الثورة لا علم الجمهورية السورية التي نعرف منذ عقود. وليس بسيطاً أن أياً من قادة الوفود لم يغادر القاعة. لم يكن من عادة القمم العربية أن توجه هذا النوع من الرسائل إلى النظام الحاكم في دولة عضو. لم تكتف بتكريس المقعد الشاغر. ذهبت أبعد ومنحته لوفد يمثل الثورة السورية.

لا بد من الالتفات إلى أن الصورة تتعلق بما يجري في دولة عربية أساسية. كانت سورية شديدة الحضور في القمم العربية بعدما ساهمت في تأسيس الجامعة. وكان من الصعب على المشاركين تجاهل موقفها حتى في المواضيع التي لا تمسها كدولة. كان لها حق النظر، وربما حق النقض، في كل ما يتعلق بلبنان وفلسطين وملفات أخرى.

كانت الصورة كثيرة الدلالات. إنها رد عربي صارم على عودة الأخضر الإبراهيمي صفر اليدين من زيارته الأخيرة إلى دمشق. وعلى الخسائر البشرية والمادية المذهلة التي تلحقها آلة النظام العسكرية بالمدن والقرى وسكانها. وعلى استمرار الدعم الروسي والإيراني للنظام ما ينذر بتحويل المواجهة الدائرة على أرض سورية إلى مبارزة داخلية وإقليمية ودولية تهدد ما تبقى من سورية وتهدد وحدتها أيضاً.

جاءت الصورة في سياق قناعة متزايدة لدى أطراف عربية وغربية أن النظام السوري ليس في وارد قبول تسوية سياسية إلا إذا أرغم عليها. هكذا اتخذ قرار السعي إلى تعديل ميزان القوى لمصلحة الثورة. وترجم القرار بالعودة إلى التمويل والتسليح من جهة وباستكمال نزع الشرعية عن النظام من جهة أخرى وهو ما بدأته صورة البارحة.

جاءت الصورة أيضاً في وقت تحدث فيه «الجيش الحر» عن نجاحات يحققها في جنوب البلاد أي في الخاصرة الأخطر على عاصمة النظام. كما جاءت في وقت صار تساقط القذائف في قلب دمشق نفسها حدثاً شبه يومي.

الصورة حدث فارق يعني كل أطراف المواجهة في سورية. لا بد من الانتظار لمعرفة كيف ستقرأ دمشق الرسائل المتضمنة في ترؤس الخطيب وفد سورية إلى القمة. ماذا ستستنتج دمشق وهل لديها خيار آخر غير ما تفعله حالياً وهو خيار ينذر بأثمان باهظة للمتمسكين به؟ كيف ستقرأ طهران الصورة التي ترافقت أيضاً مع اتهام أجهزة استخباراتها بإدارة شبكة تجسس على الأرض السعودية؟ هل ترى في الصورة إصراراً على اقتلاع موقعها في سورية وسد طريقها إلى لبنان؟ وهل تستنتج أن وقت التراجع أو التعديل قد تأخر؟ وماذا سيقرأ «حزب الله» في الصورة وهل يستطيع لبنان احتمال مزيد من الانخراط في النزاع السوري من «حزب الله» وآخرين؟ وماذا يقرأ نوري المالكي في الصورة بعدما فضل أن يشاهدها من بغداد؟ وماذا ستقرأ موسكو في الصورة خصوصاً أن الخطيب تحدث عن تطلع المعارضة إلى شغل المقعد السوري في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية؟.

لا بد أيضاً من السؤال عما ستفعله المعارضة السورية بالنجاح الذي حققته أمس. هل تقع في إغراء الرهان على الضربة القاضية أم تسعى إلى تعديل ميزان القوى لفرض تسوية تحفظ ما تبقى من الدولة السورية ومن فرص التعايش بين المكونات؟ هل توظف الثورة هذا النجاح لبلورة توافق واسع يطمئن القلقين في الداخل والخارج من تنامي الانقسامات وتضارب التصورات وتزايد نفوذ المقاتلين الجوالين؟.

المتابع لمجريات الأحداث السورية ينتابه قلق جدي من أن يكون ما بعد الصورة أشد قسوة وهولاً مما شهدناه قبل التقاطها. ثمة من يتحدث عن معركة رهيبة ومدمرة في دمشق تضخ أمواجاً جديدة من اللاجئين ونهراً من الجنازات والمجازر. ثمة من يعتقد أن ما رأيناه، وهو فظيع، ليس سوى عينة مصغرة مما يمكن أن نراه.

أغلب الظن أن ما بعد الصورة سيكون أفظع مما قبلها. دخلت الثورة السورية الفصل الأصعب والأخطر. واضح أن الدول المجاورة تسعى إلى ربط الأحزمة. قد تكون الصورة نذيراً باقتراب موعد الزلزال. ولا شيء يمنع تطاير الحمم السورية إلى ما وراء الحدود الدولية. وبانتظار الأهوال التي تلوح في الأفق يجدر بأفرقاء المواجهة الاحتفاظ برقم هاتف رجل اسمه الأخضر الإبراهيمي فقد يحتاجون إليه لإقرار التغيير وضبط الخسائر والمجازر.

===================

الثورة السورية والمؤمل من قمة الدوحة

علي الرشيد

الشرق القطرية

27-3-2013

شكرا لدولة قطر ولدول الخليج، ولكل الدول العربية التي وقفت إلى جانب الثورة السورية، ومطالبها العادلة، ودعمت الائتلاف السوري المعارض ليكون هو الممثل الحقيقي للشعب السوري، ودفعت بهذا الاتجاه بقوة.

كانت لحظة تاريخية لي، وأظنها كانت لكل الأحرار في بلادي وفي العالم العربي والعالم بكل معنى الكلمة تلك التي دعا خلالها سمو أمير دولة قطر رئيس القمة العربية كلا من الشيخ معاذ الخطيب رئيس ائتلاف المعارضة، والمهندس غسان هيتو رئيس الحكومة السورية المؤقتة لحضور الجلسة الافتتاحية للقمة، وأخذ مقعدهما والوفد المرافق لهما كممثلين عن الجمهورية العربية السورية، لقد دمعت العين فرحاً، لهذا النصر السياسي والدبلوماسي المؤثِر الذي سيكون له ما بعده بإذن الله.

لأول مرة منذ خمسين عاما يعود جزء من الشرعية لأصحابها الحقيقيين، للشعب السوري، وليس للعائلة الأسدية التي اغتصبت الحكم في بلادنا قرابة 43 عاماً من الأب إلى الابن، وليس لنظام الحزب الحاكم (البعث)، الذي صادر الحريات ومنع التعددية السياسية وأنتج برلمانات هزيلة من المنافقين والمنتفعين المزيفين على مدار عقود من الزمن.

ولأول مرة ينجح النظام الرسمي العربي، عبر بيته الكبير ومظلته الجامعة في رفع الغطاء السياسي الشرعي عن النظام الأسدي الاستبدادي، ويحيله إلى مجرد عصابة منبوذة من اللصوص وقطاع الطرق، تنبغي على الجميع مقاطعتها، ونبذها، وإفساح المجال عوضا عنها للممثلين الشرعيين والحقيقيين، الذين أفرزتهم الثورة المباركة وتضحيات الشعب السوري البطل.

إن هذه الخطوة تعتبر نصرا سياسيا للثورة السورية ولثوارها على الأرض على طريق الخلاص الكامل من النظام الأسدي المجرم، فمن شأن هذه الخطوة أن تتلوها خطوات لعل أهمها: فتح الباب واسعا لتمثيل الثورة السورية في كل من منظمة التعاون الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة وكافة المؤسسات الإقليمية والدولية، مقابل طرد النظام وممثليه من المؤسسات التابعة للجامعة العربية، والدفع بطرده من المحافل العربية والإقليمية والدولية ونزع الشرعية عنه، والسعي لنقل السفارات لعهدة الائتلاف وحكومته والاعتراف العربي والدولي بأي وثائق والتزامات صادرة عنهما. وفي هذا الصدد يفترض أنه قد تم يوم أمس الثلاثاء أول تسليم رسمي لسفارة سورية إلى ائتلاف المعارضة، في حفل خاص سيجري فيه تسلّم مقر هذه السفارة بالدوحة. ولعل هذه الخطوة تكون أول الغيث بإذن الله وفاتحة خير لتمثيل الشعب السوري، من خلال ممثلي الثورة وتشكيلات المعارضة.

ورغم تعقيدات الأزمة السورية بسبب التدخلات الإقليمية الضخمة، وفشل المبادرات الدولية والأممية لإنقاذ الشعب السوري من براثن نظام دموي، وحمايته من الأسلحة الفتاكة والمحرّمة، منذ ما يزيد على عامين فإن على الجامعة في قمتها التي تتنسم عبير ربيع الثورات العربية، أن تخرج ببدائل عملية قوية لإنقاذ الشعب السوري من محنته، وليس من المعقول بعد كل هذا الزمن أن يترك السوريون لمواجهة مصيرهم لوحدهم، قبالة نظام لا يرقب في شعبه إلاّ ولا ذمة، وليس مستساغا أن تحشر أطراف إقليمية ودولية أنفها في الأزمة السورية حفاظا على مصالح أمنها القومي، أو تحقيقا لأجنداتها الطائفية، عبر كل أشكال الدعم المالي والسياسي والعسكري، ويتخلى العرب عن مسؤولياتهم الأخلاقية والأخوية، وإلا فإنهم سيؤكلون كما أكل من قبلهم الثور الأبيض.

لذا يفترض أن المعارضة قد طالبت أو أنها ستطالب بدعم الشعب السوري عسكريا وإغاثيا، وبوفاء الدول العربية بتعهداتها إزاء قضايا النازحين واللاجئين الذين يصل عددهم لما لا يقل عن 4.5 مليون شخص، وهذا الدعم من شأنه أن يعزز صمود الشعب الثوري على أرضه، وصمود ثورته، ويسرّع في عملية انتصار الثورة، أو إحداث نوع من التوازن العسكري مع نظام يحظى بكل أشكال الدعم العسكري، بينما يعجز العالم أو يمتنع عن تقديم أسلحة نوعية محدودة للثوار، توقف أو تحدّ من قصف جيش النظام للمدنيين العزل وإيقاع مزيد من الضحايا والجرحى في صفوفهم. وهو ما يصبّ في نهاية المطاف في هزيمة عصابة القتل في دمشق أو إجبارها على الرحيل.

ما حدث في القمة يعد أحد أساليب الضغط السياسي العربي على نظام يحتضر، وقفت وراءه وحرّكته دول عربية محدودة كقطر والسعودية وتركيا، فكيف لو تعضدت هذه الإرادة العربية مجتمعة أو شبه مجتمعة، وخرجت بآليات أكثر ضغطا على الأسد، وأكثر دعما لحماية السوريين، عندها سنكون أمام نقلة نوعية حقا، تختصر معاناة الشعب السوري الذي قدّم ـ ومازال ـ وضحّى بما يفوق الوصف، وتخلِّصه من نظام فاشي بغيض، لا تنحصر تهديداته وشروره على القطر السوري بل تتعداه إلى دول الجوار والإقليم، وما يحدث في لبنان وتركيا ما هو إلا مستصغر الشرر. وما يطلبه الشعب السوري ليس فوق طاقة الأنظمة العربية فرادى أو مجتمعة بكل تأكيد.

نتفاءل ونؤمل خيرا من لقاء الدوحة، أما إذا بقي الدعم في حدود الأقوال لا الأفعال ـ لا سمح الله ـ فإن ذلك سيزيد من إحباط الشعب السوري، وسيتأكد له أنه يقف وحيدا في مواجهة أعتى أنظمة الإجرام، بلا ظهير عربي أو إسلامي أو دولي، وعلى الكل آنذاك أن يتحمل عواقب تخليه عن مسؤولياته الأخلاقية والأخوية والإنسانية، وخروج الأمور عن نطاق السيطرة.

===================

درس العراق والأزمة السورية

المصدر:    صحيفة واشنطن بوست الأميركية

البيان

التاريخ: 27 مارس 2013

مرت الذكرى العاشرة لحرب العراق بهدوء، وهذا ليس شيئاً سيئاً، فمعظم الأميركيين لا يرغبون في الاحتفال بذكرى تلك الحرب، التي خاضوها تحت ذرائع زائفة إلى نهاية مكلفة وغامضة. ولكن في واشنطن، تظهر مؤشرات مرحب بها، على أن الدروس المستفادة من العراق تم استيعابها أخيرا، بين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

لقد كانت أخطاء الحروب الماضية حاضرة في عقول أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب وعلى ألسنتهم، أثناء استجوابهم لشهود من الإدارة الأميركية.

ولم يدر موضوع الجلسة حول العراق، وإنما حول سوريا المجاورة. ومع ذلك، فإن الأسئلة والأجوبة، كانت صادرة عن أميركيين مهانين من العراق، ومرتابين بشأن حرب أخرى.

وأقر النائب آدم كينزنغر، الذي يعمل في الحرس الوطني الجوي، بأنه "حائر بشأن الحل في سوريا"، وقال: "سأكون صادقا معكم، إنني لا أعرف الحل. أعني أن هذا مأزق صعب". ووافق جمهوري آخر، وهو النائب دوغ كولينز، على عدم وجود "حل سهل" في سوريا. وقال: "أخشى أننا نسير مجددا على الطريق نفسه الذي سيجلب لنا المشكلات نفسها، وليس هذا شيئا يمكننا تحمل أن نعبث به على مدى السنوات العشر أو العشرين المقبلة".

يذكر أن الجمهوريين كانوا أكثر ترددا من الديمقراطيين بشأن تسليح الثوار في سوريا، حيث لقي ما يقرب من 70 ألف شخص حتفهم وشُرد الملايين. إلا أن جميع أعضاء اللجنة تقريبا، ساورتهم شكوك بشأن حدود القوة الأميركية، وهي شكوك لم تكن حاضرة قبل عقد من الزمن.

والشخص الذي أجاب عن العدد الأكبر من الأسئلة نيابة عن الإدارة الأميركية، هو روبرت فورد سفير الولايات المتحدة لدى سوريا، وهو دبلوماسي محترف جلس منحنيا على منصة الشهود، واضعا يديه في حضنه، وبصوت خافت، عبر عن مشاعر غير تهديدية مثل "إننا، في نهاية المطاف، نرى أن الانتقال السياسي التفاوضي هو أفضل حل طويل الأجل للأزمة السورية". وخلافا لما حدث في عام 2003، فقد شكك فورد وسائلوه، في تقارير مفادها أن سوريا تستخدم الأسلحة الكيميائية.

وحين سئل عما قد يحدث لو تجاوز الرئيس السوري بشار الأسد "الخط الأحمر"، المتمثل في استخدام الأسلحة الكيميائية، اكتفى فورد بالقول إن ذلك "ستكون له عواقب".

وحين سأل إدوارد رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: "ما طبيعة تلك العواقب؟"، أجاب فورد بقوله: "لا شك أنني لا أريد أن أخوض في افتراضات"، ورفض الإجابة على سؤال عضو آخر حول "نطاق العواقب المحتملة".

ولكن النائب سكوت بيري، مستحضرا درس العراق، رد على ذلك بقوله إنه من المهم أن يعرف الجمهور عن الإجراءات المحتملة مسبقا، وذلك "لأننا لا نريد أن ينتقد بعضنا بعضا بعد فوات الأوان".

 وفي أماكن أخرى، أيد مشرعون واختصاصيون في السياسة الخارجية، التدخل العسكري الأميركي المباشر في سوريا. ولكن إمكانية ذلك لم تحظ بذكر ملموس في جلسة الاستماع التي عقدتها اللجنة، وحتى احتمال الدعم العسكري غير المباشر للثوار أثار قلق النواب.

===================

 أزمة الثورة السورية!

خالد الجابر

27-3-2103

صحت الطائفة العلوية قبل عدة أيام مضت، وأعلنت براءتها من النظام الذي يحكم باسمها بعد الدخول في السنة الثالثة بحصيلة 70 ألف قتيل وملايين المهجرين!

ما الفرق بين الثورتين السورية والفرنسية؟ لقد نجحت الثورة الفرنسية، لان الفلاحين والبورجوازيين كانوا في حرب ضد عدو واحد، أما في حالة الثورة السورية، وهي أن الثوار كانوا هم العدو الأوحد بالنسبة للنظام وللبورجوازيين. وهذا أول اختلاف كبير بين الثورة السورية والثورة الفرنسية، مما يجعها أكثر تعقيداً وأشد صعوبة في مسارها، وهو ما يشير إليه منذر عيد الزملكاني، بالإضافة إلى استخدام القوة المفرطة لقمع الثورة البنية الطائفية والعرقية المتنافرة المصالح في سوريا وفي دول الجوار على رأسها لبنان، وتضارب المصالح الإقليمية والدولية.

في كتابه أعيان الشام في سوريا، يشير صقر ابو فخر، الى أن مثلث ملاك الأرض والتجار ورجال الدين وهم أعيان دمشق وآخرهم محمد البوطي الذي قتل في حادث انفجار، أعاقوا التقدم في سوريا أيما إعاقة جراء الطابع المحافظ لهذا الثالوث التاريخي. وهذه العملية كانت على الأرجح الأساس الذي أدى إلى ظهور الدولة التسلطية المعاصرة في سوريا. وبهذا المعنى فان التسلط (أو الاستبداد) لم يكن مجرد خيار للحاكم أو للجماعة الحاكمة بقدر ما كان نتيجة غير محسوبة تماما لهيمنة الأعيان على السياسة والثروة في المدينة العاصمة، لا لسوريا وحدها بل لبلاد الشام تقريباً.

الآفاق المستقبلية معتمة ومجهولة، فالمنظومة التي تحكم المجتمع خلال العقود الماضية أسست على الطائفية والتقسيمات الطبقية، لذلك يتضح بعد الصراع الطائفي العشائري في الثورة السورية، وهو تحول إلى تصفية حسابات بين مختلف الطوائف الدينية والمذهبية وربما سيستمر حتى بعد رحيل الرئيس وزبانيته وتصفية النظام. مستقبل العلويين مرتبط بالنظام، الدروز قد يطالبون بأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، والأكراد قد يلجأون إلى الانفصال ويسعون إلى المطالبة بالاستقلال الذاتي، أما المسيحيون فقد يلجأون إلى الهجرة خارج الوطن. أزمة الثورة في سوريا تكمن في أنها تواجه دويلات داخل الدولة الواحدة والسيناريو في دمشق قد يتكرر في أي مكان، ولبنان ليس بعيدا عن الحدود، والدول العربية الأخرى.

 

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ