ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 23/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هل ستتمكن المعارضة السورية من إسقاط النظام السوري ؟ 

داود البصري

dawoodalbasri@hotmail.com

بعد إختتام المؤتمر الثاني لجبهة الخلاص الوطني المعارضة السورية في برلين خرجت التصريحات المثيرة و الساخنة لتقويم نتائج و إرهاصات و نوايا المعارضين بدءا من السيد عبد الحليم خدام أحد الرجال الأقوياء السابقين و التاريخيين في نظام البعث السوري و ليس إنتهاءا بزعيم جماعة الإخوان المسلمين السيد البيانوني بكل ما هو معروف عن هذه الجماعة من عداء تاريخي دموي و شديد ضد النظام السوري مع كل ذكريات حروب التصفية و الإبادة الشاملة بين الطرفين و التي طبعت شكل العلاقة بلون أحمر قاتم لا يمكن تجاوز صفحاته و لا ذكرياته و لا إشكالياته .

 

و لغة التصريحات الساخنة المليئة بالوعود المعسولة و بالأماني العراض و بالتفاؤلات المشرقة هي اللغة الدائمة للمعارضات العربية التي لم تستطع للأسف حتى اللحظة أن تثبت وجودها الميداني الفاعل في الصراع ضد أنظمتها بسبب عوامل كثيرة لعل أبرزها حالة التخلف السياسي العربي الشامل ، و ضعف القواعد السياسية و الجماهيرية للمعارضين رغم كون غالبيتهم يعبر عن هموم و شجون الشعب العربي في أقطاره المختلفة و لكن دون التوصل لحلحلة شفرة فك العلاقة التامة بين الأنظمة و الشعوب التي تتحكم بها وفق قواعد هيمنة أبوية تتيح للأنظمة التحرك و التعتيم و مصادرة و إغلاق الداخل بقوة و إفشال كل خطط العصيان المدني الشامل إن وجدت مثل تلك الخطط أصلا..؟

 

و لعل في تجربة المعارضة العراقية السابقة ضد نظام البعث العراقي البائد العبرة و العظة و التجربة التاريخية المؤلمة و التي شوهت في نتيجتها النهائية كل صيغ العمل العربي السياسي المعارض ووصمته بصفات ظالمة لا تعبر عن حقيقته ، و المعارضة السورية الراهنة لا تختلف في كثير أو قليل عن شقيقتها العراقية السابقة ، فأطراف فاعلة و مهمة منها كانت تحالفاتها السابقة مرتبطة بحالة التنافس الإقليمي و كانت بعض التيارات كالإخوان المسلمين مثلا تجد المأوى عند النظام العراقي السابق البائد لأسباب طائفية أو لأسباب موضوعية أخرى كإحتضان نظام دمشق لقوى المعارضة العراقية أيضا!!

 

و الطريف أن النظامين البعثيين اللدودين كانا يدعمان قوى و تيارات دينية ممنوعة في نظاميهما بقوة القوانين البعثية ذاتها و لكنهم يدعمونها عندما تكون في حماية الطرف الآخر!! فالنظام العلوي السوري كان يدعم الأحزاب الشيعية العراقية و يأخذ ثمن الدعم مباشرة من نظام طهران رغم أن شعارات تلكم الأحزاب هي ضد حزب البعث الحاكم في دمشق و بغداد!! و لكن لا شيء يهم أمام الدفع و القبض و المصالح!!

 

فكل التحركات في النهاية تحت السيطرة الأمنية الشاملة و حيث تمكنت المخابرات السورية من خلال الهيمنة على تلكم الأحزاب أن تشفي غليلها من خصمها البعث العراقي و نفس الإشكالية تنطبق على قوى المعارضة السورية في العراق بدءا من يمين البعث مثل جماعة أمين الحافظ أو جماعة عبدو الديري و ليس إنتهاءا باليمين الديني المعادي لفكر البعث أيضا وهم جماعة الإخوان المسلمين الذين دعمهم البعث العراقي ليس حبا بعلي و لكن كرها لمعاوية!!

 

لذلك فإن فترات الإنفتاح و التقارب بين النظامين كما حصل في أعوام 1978 و بعد عام 1997 قد أثر على مستوى الدعم لقوى المعارضة في البلدين ، فالنظام العراقي قد حجم نشاط المعارضة السورية و كذلك فعل النظام السوري بالمعارضة العراقية بعد عام 1997 حينما تم منع طباعة و توزيع حتى صحف المعارضة العراقية في الشارع السوري في أخريات أيام حافظ الأسد بعد أن فتحت الحدود التجارية و نهل قادة نظام البعث السوري من رحيق صفقات النفط مقابل الغذاء بكل رشواتها الخيالية و صفقاتها النفطية المغرية التي أسالت لعاب الرفاق المتخاصمين تاريخيا!!

 

و المعارضة السورية في صراعها الراهن هي في وضع لا تحسد عليه بالمرة ، فمطالباتها تاريخية بالتغيير و هي مطالبات مشروعة و تعبر عن ضمير الشعب السوري بغالبيته الصامتة ، و لكنها لا تمتلك الأدوات اللازمة و القادرة على فرض التغيير خصوصا و أن تدهور الحالة في العراق بعد إنهيار نظام البعث العراقي تحت الأحذية الأمريكية الثقيلة قد رسم صورة ثقيلة بددت كل أحلام الحالمين بالتغيير التاريخي!!

 

فتحديات الواقع الميداني تفرض خيارات تختلف بالمرة عن التصورات النظرية و الرومانسية لعملية التغيير ، كما أن الخلافات بين قوى و شخصيات المعارضة السورية هي من الحدة و الشراسة بحيث يصعب تجاوز إشكالياتها و مصائبها و ملفاتها الثقيلة وهي واحدة من أهم العناصر التي يعتمد عليها نظام دمشق في إستمراريته ، ثم أن أي معارضة في العالم لا تستطيع العمل بدون تغطية إقليمية و دولية تحمي تحركها و تضغط من خلالها على النظام الذي ما زال ممسكا بكل الخيوط الرئيسية في ظل وضع لم تحسم فيه القوى الدولية خياراتها النهائية بعد!! و عوامل إقليمية تتريث في التحرك في الداخل السوري إنتظارا على مايبدو لأي إنفراج قريب في العراق لن يحدث في الأمد المنظور على الأقل!!

 

 ثم أن هنالك حقيقة تاريخية و إجتماعية تتمثل في كون المجتمع السوري و منذ عام 1963 لم يعرف نظاما حاكما غير نظام البعث الذي طبع بثقافته العامة رغم تدنيها و ضحالتها الهوية الثقافية و الفكرية لأجيال سورية عديدة تحتاج هي الأخرى لفترات كي تستوعب عملية التغيير الحتمية ، كما أن النظام السوري بخبرته الأمنية المتراكمة و أساليبه المخابراتية يمتلك هوامش حركة واسعة في الداخل السوري تتيح له الحركة شبه المطلقة و التي يستطيع أن يلعب خلالها بكل الأوراق الوطنية و الدولية من أجل إفشال جهود و تحركات مناوئيه ، و لكن العامل الحاسم هو في طبيعة الإرادة السياسية للقوى الدولية المهمة التي بيدها وحدها حسم مستقبل النظام ضمن صراع الإرادات الشهير!!.. و تلك القوى غارقة اليوم بالكامل في ( البالوعة العراقية )!!

 

وهي ليست مستعدة على ما يبدو لفتح مجاري أخرى قبل حسم الموقف في إيران!! ، وهكذا فإن التعقيد قد فرض نفسه بشراسة على كل الملفات المتراصة بفوضوية تاريخية لا نظير لها ؟ أما المراهنة على ما يسمى بتحريك الداخل أو عن طريق العصيان المدني!! فإنها مراهنة على الوهم المطلق! فاللنظام أساليبه القادرة على إفشال أي عصيان مهما كانت مرجعيته..!

 

وحدها القوة هي القادرة على كنس النظام و لكنها ليست بقادرة أبدا على تشييد نظام عصري وحضاري على أنقاض الفاشية البعثية الطائفية العشائرية المنهارة... كما أثبتت ذلك بكل جلاء التجربة العراقية المرة و الدموية!! فالتغيير الآمن مواصفات و شروط على المعارضة السورية و كل القوى الحرة التحرك داخليا من أجل ضمان قيام البديل الديمقراطي الحضاري التوافقي الحر الذي يمنع إنهيار الداخل السوري الحافل بالعجائب و الغرائب و المتناقضات...

 

 لا نملك إلا أن ندعو لقوى الحرية بالنصر مع تجنيب الشعوب العربية خيبات الوكسة العراقية ،و يبقى ملف الصراع السوري مفتوحا ، فكل الخيارات قائمة! كما أن كل المفاجآت محتملة !.. و لكن قاطرة التغيير التاريخية قد أطلقت صافرة البداية لا محالة !. فالرحلة شاقة.. شاقة.. يا ولدي ؟  ، و لكن الطريق ليس بمسدود ؟ .

موقع آرام 20/9/2007

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ