مسؤول
عربي :
سوريا
في دائرة الخطر وأمن المنطقة
أهم من مصير نظام الأسد
عبد
الكريم أبو النصر
أكد مسؤول عربي
كبير ان استقرار المنطقة
العربية اكثر اهمية من مصير
نظام الرئيس بشار الاسد
واستقراره، وان بقاء هذا النظام
لن يكون على حساب انظمة او دول
عربية اخرى تتعرض لتهديد القوى
المتشددة المرتبطة بالمحور
السوري – الايراني. وشدد هذا
المسؤول الكبير، خلال مشاورات
عربية جرت اخيرا حول مسار
الاوضاع في لبنان وفلسطين
والعراق، على ان النظرية التي
سادت طوال سنوات والقائلة
بضرورة المحافظة على النظام
السوري واستقراره بأي ثمن،
قد
سقطت ولم تعد الدول المعنية
بالامر تأخذ بها، اذ ان القيادة
السورية استغلت هذه الحماية
العربية لها للعمل على زعزعة
الاوضاع الداخلية في عدد من
الدول العربية باشكال ووسائل
مختلفة، واعتمدت سياسة الاذى
والتخريب بالتعاون مع قوى العنف
ومع تنظيمات ارهابية
كـ"القاعدة" و"فتح
الاسلام" لإحداث تغييرات
لمصلحتها في عدد من الساحات
ابرزها لبنان وفلسطين والعراق،
كما انها اقدمت على تدعيم
تحالفها مع ايران الساعية الى
الهيمنة على الخليج العربي وعلى
المنطقة عموما. واوضح المسؤول
ان الاعمال والسياسات السورية
السلبية مشكلة عربية قبل ان
تكون مشكلة دولية او
اسرائيلية".
هذا ما كشفته لنا
مصادر ديبلوماسية عربية وثيقة
الاطلاع في باريس، في الوقت
الذي اوضح ديبلوماسيون غربيون
ان دولا اوروبية بارزة تلقت
معلومات من سفاراتها في تل ابيب
وعواصم اخرى تفيد "ان نظام
الرئيس بشار الاسد دخل دائرة
الخطر الاسرائيلي وان
القيادتين العسكرية والسياسية
في الدولة العبرية وضعتا مجموعة
خطط لمواجهة أسوأ الاحتمالات مع
سوريا في المرحلة المقبلة من
دون تسليط الاضواء على هذه
الخطط".
وذكرت هذه المصادر
ان الاتصالات الاوروبية
الاميركية التي جرت في الفترة
الاخيرة مع دول عدة في المنطقة
اظهرت وجود اقتناع عربي واسع
بان "نظام الاسد هو المسؤول
عن اوضاعه الصعبة والمعقدة بسبب
الاخطاء الكبيرة التي ارتكبها
ولا يزال ويرتكبها في تعاطيه مع
عدد من القضايا الاقليمية ومع
اشقائه العرب، وان على هذا
النظام ان يتحمل عواقب ومسؤولية
اخطائه لانه يرفض الاستماع الى
كل النصائح التي قدمت اليه
وخصوصا خلال السنوات الثلاث
الماضية. ولن تكون الدول
العربية حريصة على استقرار
سوريا اكثر من حرص نظام الاسد
نفسه على استقرارها".
وضمن هذا الاطار
اكدت المصادر ان الحكومة
الاسرائيلية وجهت سرا تحذيرا
رسميا الى القيادة السورية، عبر
طرف ثالث، جاء فيه انه ليس كافيا
ان تكون جبهة الجولان هادئة
وخالية من اي نشاطات او اعمال
عسكرية "لكي تطمئن اسرائيل
الى النيات السلمية لنظام الاسد
حيالها، بل ان الهدوء الامني
الحقيقي يجب ان يشمل ايضا لبنان
وفلسطين وجبهة التحالف مع
ايران. وتضمن هذا التحذير ايضا
تشديد الحكومة الاسرائيلية على
انها ترى نفسها في حال مواجهة
فعلية مع سوريا، لان نظام الاسد
بالتعاون الوثيق مع ايران، يدعم
عسكريا "حزب الله" خلافا
لما نص عليه قرار مجلس الامن رقم
1701، كما ان هذا النظام يتحمل
مسؤولية ما تقوم به "حماس"
والتنظيمات المتحالفة معها في
غزة وفي الاراضي الفلسطينية
عموما لان قيادة هذه الحركة
الاسلامية مقيمة في دمشق وتتلقى
التعليمات ومختلف انواع الدعم
من السوريين والايرانيين. وعلى
هذا الاساس ترى اسرائيل ان هناك
"اختراقا سورياً جدياً
لأمنها وان عليها بالتالي اتخاذ
التدابير اللازمة لمواجهة هذا
التهديد".
وقد ذهب مسؤول
اسرائيلي كبير الى حد ابلاغ
مبعوثين اوروبيين زاروا تل ابيب
اخيرا "ان جبهة الخطر
الرئيسية بالنسبة الى اسرائيل
ليست غزة بل الجبهة السورية –
الاسرائيلية التي تتمركز فيها
قيادات وعناصر "حزب الله"
و"حماس" و"الجهاد
الاسلامي" وتنظيمات متشددة
اخرى تنفذ تعليمات دمشق
وطهران".
في هذه الاجواء
تكتسب عملية الاختراق
الاسرائيلي للاجواء السورية
التي تمت يوم 6 ايلول الجاري
اهمية خاصة ودلالات عدة، وسواء
ادت الغارة الجوية الاسرائيلية
الى قصف قاعدة صواريخ او تدمير
شحنة اسلحة مرسلة الى "حزب
الله" او اصابة مركز مرتبط
بنشاطات نووية، فان هذه العملية
"تنقل العلاقة السورية –
الاسرائيلية من اجواء
الاستعداد لدرس فرص السلام بين
البلدين، الى اجواء الاستعداد
للمواجهة العسكرية بينهما وهي
بذلك تشكل تحولا مهما في مسار
هذه العلاقة" على حد ما قاله
ديبلوماسي اوروبي مطلع. كما ان
ما حدث بعد هذه العملية يظهر
بوضوح عدم وجود اي تعاطف عربي او
دولي مع نظام الاسد او اي
استعداد لمساندة هذا النظام ما
دام لم يبدل سياساته جوهريا
وجذريا.
خطة اسرائيل
الجديدة
وكشفت مصادر
ديبلوماسية اوروبية وثيقة
الاطلاع على تفكير القيادة
الاسرائيلية ان هذا التطور
الخطر في العلاقة بين تل ابيب
ودمشق حدث نتيجة توصل القيادة
الاسرائيلية الى ثلاثة
اقتناعات اساسية:
اولا، ان النظام
السوري ليس راغبا جديا في تحقيق
السلام مع اسرائيل وفي اجراء
تغييرات جذرية في سياساته بل
انه يمارس "عملية خداع
واسعة" اذ انه يبعث برسائل
الى المسؤولين الاسرائيليين
عبر جهات مختلفة يؤكد فيها
رغبته في السلام والتفاوض حول
مصير الجولان وقضايا اخرى، لكنه
فعليا يستخدم هذه الاجواء
السلمية كتغطية لتدعيم مواقع
"حزب الله" و"حماس"
وتنظيمات ارهابية تنشط في
المنطقة وتخوض حربا غير مباشرة
مع الدولة العبرية عبر هؤلاء
الحلفاء.
ثانيا، ان
المعلومات التي تملكها اسرائيل
تؤكد ان النظام السوري ليس
راغبا في فك تحالفه مع ايران وإن
في مقابل بدء المفاوضات مع
الاسرائيليين، بل انه يعمل على
تعزيز هذا التحالف مع الجمهورية
الاسلامية الساعية الى امتلاك
السلاح النووي مما يشكل
"تهديداً جدياً" لوجود
الدولة العبرية. وبذلك تصبح
سوريان في نظر المسؤولين
الاسرائيليين، جزءا من الخطر
الايراني الذي يهدد اسرائيل
وموازين القوى القائمة في
المنطقة.
ثالثا، ان النظام
السوري مصمم على تغيير الاوضاع
بالقوة وبوسائل العنف المختلفة
في لبنان وفلسطين وفي ساحات
اخرى في المنطقة عبر حلفائه
والمتعاونين معه مما يشكل، في
تقدير الاسرائيليين،
"تهديدا" جديا لهم
ولمصالحهم الامنية والحيوية
ليس ممكنا التساهل معه.
واكدت المصادر
الاوروبية ذاتها انه نتيجة هذه
الاقتناعات وضعت القيادة
الاسرائيلية خطة جديدة للتعاطي
مع النظام السوري تتضمن العناصر
الرئيسية الآتية:
اولا، ان اسرائيل
قررت الانتقال من مرحلة
"الشكوى" من اقدام النظام
السوري على تزويد "حزب
الله" السلاح وعلى تأمين
مختلف انواع الدعم
لـ"حماس" وقوى متشددة
اخرى، الى مرحلة تحميل هذا
النظام "مسؤولية وعواقب"
اعمال ونشاطات حلفائه
اللبنانيين والفلسطينيين وبحيث
يتم الرد على ذلك، بوسائل
مختلفة. وفي هذا المجال اكدت
المصادر الاوروبية ان الحكومة
الاسرائيلية حذرت دولا غربية
بارزة من انها ستعمد الى قصف
الشاحنات التي تنقل الاسلحة
السورية – الايرانية الى
"حزب الله" خلافا للقرار 1701
اذا لم يتم وضع حد لهذه
العمليات، كما انها حذرت من
احتمال اقدامها على اغتيال
قيادات "حماس" في دمشق وعلى
تنفيذ عمليات كوماندوس داخل
الاراضي السورية ردا على دعم
نظم الاسد لـ"حماس"
و"حزب الله" وتنظيمات اخرى.
ثانيا، ان اسرائيل
لم تعد مهتمة فعليا بتحقيق
السلام مع سوريا والتفاوض معها
حول مصير الجولان وقضايا اخرى
بسبب رفض نظام الاسد القيام
باعمال وخطوات تعكس رغبته
الجدية في حل النزاع سلميا مع
الدولة العبرية. وهذا الموقف
الاسرائيلي "ينزع من الاسد
ورقة مهمة كان يعتمد عليها
لاعطاء الانطباع بان هناك
"فرصة متاحة او محتملة"
للتوصل الى تسوية سلمية للنزاع
مع الدولة العبرية تكون لها
انعكاسات لمصلحته ولمصلحة
الدور السوري في لبنان وفلسطين
والمنطقة عموما.
ثالثا، اسرائيل لم
تعد حريصة على استقرار النظام
السوري وعلى بقائه خوفا من ان
يؤدي سقوطه الى وصول "الاخوان
المسلمين" الى السلطة والى
قيام نظام اسلامي في سوريا. وقد
استغل النظام السوري، بطرق
مختلفة، هذا الدعم الاسرائيلي
غير المعلن له ولوجوده، خلال
السنوات الماضية، فراهن على
احتمال عقد "صفقة تفاهم ما"
مع اسرائيل تتيح له العودة بشكل
او بآخر الى لبنان تحت ذريعة ضبط
نشاطات "حزب الله" والقوى
والتنظيمات المختلفة المهددة
لامن الدولة العبرية، واقناع
الاميركيين بمثل هذه الصفقة.
والآن تخلت اسرائيل عن اهتمامها
بمصير نظام الاسد واصبحت تعطي
الاولوية لمواجهة الهجمة
السورية – الايرانية عليها من
جبهات مختلفة.
رابعا، ان هناك
قرارا اسرائيليا، مدعوما من بعض
الجهات الدولية المؤثرة، بعدم
السكوت من الآن فصاعدا على
"ازدواجية السياسة
السورية"، اذ لم يعد مقبولا
اسرائيليا ان يبعث نظام الاسد
بتطمينات وبرسائل تهدئة الى تل
ابيب ويغلق جبهة الجولان امام
كل النشاطات العسكرية لكنه في
الوقت نفسه يعمل على ابقاء
الجبهتين اللبنانية
والفلسطينية في حال مواجهة
مسلحة مع اسرائيل وعلى تأجيج
نار الصراعات في المنطقة، "بل
تجب محاسبة النظام السوري على
اعماله هذه وليس على سلامه
المخادع" على ما قاله وزير
اسرائيلي لوزير اوروبي زار تل
ابيب اخيرا".
لبنان والمواجهة
السورية – الاسرائيلية
المعلومات الواردة
من دمشق الى جهات غربية بارزة
تكشف ان المسؤولين السوريين
"في حال من القلق الشديد غير
المعترف به علنا"، وانهم
"يطرحون الكثير من التساؤلات
حول العملية الاسرائيلية
الاخيرة وما اذا كانت هناك خطة
اسرائيلية لتفجير المواجهة
العسكرية بين البلدين"،
ووفقا لمصادر ديبلوماسية
اوروبية وثيقة الاطلاع فان
الحكومة الاسرائيلية قررت
اعتماد سياسة التشدد هذه مع
سوريا في هذه المرحلة نتيجة
العوامل الرئيسية الآتية:
اولا، ان القيادة
العسكرية الاسرائيلية اكملت
استعداداتها الحربية على جبهة
الجولان واتخذت مجموعة تدابير
واجراءات ضرورية تحسبا
لاحتمالات المواجهة العسكرية،
من دون ان يعني ذلك ان الحرب بين
سوريا واسرائيل ستقع بشكل اكيد،
اذ ان مستقبل العلاقة بين
البلدين متوقف على طريقة تعاطي
نظام الاسد مع "حزب الله"
و"حماس" والاوضاع في لبنان
وفلسطين وفي المنطقة عموما في
المرحلة المقبلة.
ثانيا، ان اسرائيل
تريد ان تستغل بطرق مختلفة حال
الضعف الشديد الذي يعانيه نظام
الاسد عربيا ودوليا، اذ ان
الدول البارزة والمؤثرة لن تؤمن
اي حماية حقيقية لهذا النظام في
حال انفجرت المواجهة العسكرية
بين سوريا والدولة العبرية، ذلك
ان سياسات النظام السوري
المهددة للامن والاستقرار في
المنطقة ادت الى رفع الغطاء
العربي والدولي عنه مما يجعله
فعلا في دائرة الخطر.
ثالثا، ان الدول
الكبرى والمؤثرة لن تسمح في اي
حال للنظام السوري ولحلفائه
بالسيطرة على لبنان وفلسطين عبر
استخدام القوة ووسائل العنف
المختلفة ولن تسمح بتدعيم مواقع
المحور السوري – الايراني في
المنطقة لان هذا الاحتمال يفجر
نزاعات مسلحة عدة ويهدد المصالح
الحيوية للاميركيين
وللاوروبيين وللكثير من
الانظمة والشعوب العربية ويشكل
تهديدا للامن والسلام الدوليين.
رابعا، ان ايهود
اولمرت رئيس الحكومة
الاسرائيلية يواجه معارضة
داخلية شديدة لأي قرارات مهمة
قد يتخذها لتحقيق تقدم ملموس
على صعيد حل النزاع مع
الفلسطينيين. والتشدد
الاسرائيلي في التعاطي مع سوريا
يمكن ان يشكل "تغطية
ملائمة" لما يتم التوصل اليه
بين اولمرت والرئيس محمود عباس
بمساعدة الاميركيين ويضع اسس او
عناصر الحل النهائي للنزاع
الفلسطيني – الاسرائيلي ويؤمن
بالتالي انعقاد ونجاح المؤتمر
الدولي الذي تعلق عليه ادارة
الرئيس بوش اهمية خاصة وتريد
عقده في واشنطن في تشرين الثاني
المقبل في غياب سوريا ومشاركة
عدد من الدول العربية البارزة
وعلى رأسها السعودية.
وحذر ديبلوماسي
اوروبي مطلع من ان اولمرت
ومسؤولين اسرائيليين آخرين
"قد يدلون بتصريحات مخادعة
مطمئنة ظاهريا لسوريا هدفها
الحقيقي محاولة التغطية على
العملية العسكرية الاخيرة. لكن
هذه التصريحات لن تبدل الموقف
الاسرائيلي الحقيقي المتشدد
حيال شروط التعاطي والتفاوض مع
نظام الاسد". واكد هذا
الديبلوماسي "ان القيادة
السورية يجب ان تدرك انها ستدفع
ثمنا باهظا اذا ما شجعت حلفاءها
على تعطيل انتخابات الرئاسة في
لبنان لان ذلك سيمهد لقيام
المعارضة بقيادة "حزب
الله" بمحاولة تسلم السلطة
بالقوة مما سيفجر اقتتالا
داخليا واسعا ويفتح الباب امام
نزاع مسلح محتمل مع اسرائيل لن
تكون سوريا هذه المرة في منأى او
في معزل عنه كما حدث صيف 2006،
وخصوصا مع تزايد احتمالات
المواجهة بين ايران والدول
العربية الكبرى. والخيار الافضل
لسوريا هو التجاوب مع الدعوات
الدولية والعربية الموجهة
اليها والتي تحضها على عدم
التدخل سلبا في الشؤون
اللبنانية بما يؤدي الى انتخاب
رئيس استقلالي يلتف حوله
اللبنانيون".
موقع
أحرار سورية
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|