ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رئيس
منظمة صحفيون بلا صحف لـ"آفاق":
النظام
السوري يعيش خارج عوالم الزمن جهاد
صالح قد يكون من الغريب أن تطلق
منظمة على نفسها اسم (صحفيون بلا
صحف) ولكن بمجرد أن يُعرف بأنها
سورية تتلاشى الغرابة وتزول
وتنتقل الدهشة باتجاه آخر .. فهل
يسمح النظام السوري بتأسيس هكذا
منظمة على الأراضي السورية؟ إلا
أن المراقب لحال الحريات هناك
يستطيع الحكم بإنها منظمة منفية
قسراً ونشطاؤها مغيبون عن وطنهم
كما غيبوا عن ملامسة مهنتهم في
وطنهم الأم فراحوا يطبعون الذات
في جغرافيات الآخر. في هذا
الحوار الخاص يروي رئيس المنظمة
الأستاذ جهاد صالح لـ"آفاق"
تجربته ويرسم ملامح جرحها
الدامي. آفاق:
صحفيون بلا صحف اسم لافت ويثير
بحد ذاته أكثر من سؤال، فهل من
نبذة موجزة عن منظمتكم، ولماذا
في بيروت؟ صحفيون
بلا صحف منظمة خرجت للنور في
بدايات عام 2006 من مدينة قامشلو
ولو بشكل سري، وأطلقنا هذا
الإسم إنطلاقا من واقع الإعلام
والصحافة المأساوي في سوريا،
كصرخة للكلمة والأفكار والآراء
الباحثة عن جدار ما، أو ورقة، أو
بقعة فسيحة للكتابة بكل حرية،
لعلنا نوصل أوجاع وآلام مجتمعنا
إلى العالم.. وأصدرنا عدة بيانات
على الأنترنت، وهي منظمة مدنية
في إطار إحياء المجتمع المدني
السوري، وليست لها أية غايات
سياسية أو اقتصادية ربحية،
وتنبذ العنف، وهي حرة مستقلة،
وتفتح أبوابها لكل صحافي يستطيع
أن يرفض معنا قيود وسلاسل
الحديد التي تكبل أقلامنا
العطشة لحرية الكلمة والفكر. طبعا
المقر الرئيسي للمنظمة هو
باريس، ويوجد لنا مكاتب غير
رسمية في ( سوريا- بيروت-كردستان
العراق-استنبول-لندن- برلين)
ونأمل أن نتوسع أكثر لأننا نطمح
أن نكون منظمة دولية تدافع عن
الصحافيين والصحافة في كل أنحاء
العالم. أما بيروت فقد كانت
وماتزال الوطن المؤقت والمنفى
القسري لي ولبعض الزملاء ،حين
تعرضنا لسياط الجلاد البعثي
وأجهزته القمعية في وضح النهار،
بهدف صلب أقلامنا وأحلامنا
الصحافية على أبواب دمشق. آفاق:
أصدرتم مؤخراً بياناً يدين بشدة
ما أسميتموه الإجراءات
البوليسية التي يمارسها النظام
السوري ضد الحريات كحجب المواقع
الالكترونية وملاحقة الصحفيين
وغير ذلك ، إلى أي مدى تعتقدون
أن مثل هذه البيانات تلعب دوراً
في تغيير الواقع؟ حقيقة
إن النظام وأجهزته يعيشون خارج
عوالم الزمن، ويحاولون أن يخفوا
تمزقهم خلف أقنعة ضبابية،
فيتحدثون عن تحديث وتطوير
وتكنولوجيا وإصلاح.. وإعلام..
ولكن ترتعد أوصالهم حين صدور
بيان على الأنترنت يتحدث عن
الفساد أو الإعتقال أو التعذيب،
ولو لم تكن لبياناتنا صدى
وتأثيرا، لما أقدمت أجهزته على
ملاحقة زميلنا الصحفي سيروان
قجو، حين أصدرنا بيانا تضامنيا
مع الصحفي البريطاني آلان
جونسون، ولما قامت بإستجوابي
مرات عديدة والضغط النفسي
والإجتماعي والإقتصادي علينا،
وعلى بعض زملائنا الذين مازالوا
يمارسون طقوس الكتابة تحت رياح
خريف الإستبداد. وأرى أن
الكلمة في عصرنا هذا أقوى من
الرصاصة.. وملاحقة نشطاء الرأي
والصحفيين والكتاب والمحاكمات
الجارية في كل زمن دليل على أن
أقلامنا بدأت تؤتي ثمارها،
وسنحصد في القريب العاجل. آفاق:
كيف تقيمون الواقع السياسي
والإعلامي في سوريا في الوقت
الراهن، وهل تعتقدون أن الظروف
الإقليمية والضغوط على سوريا
أخرت الإصلاحات وخاصة السياسية
كما يقول مسؤولون سوريون؟ لقد بات
واقعنا السياسي والإعلامي
كغابة مفتوحة الجهات لرموز
الفساد، الذين يعيثون فسادا
وإضطهادا بحق المواطن.. ويعملون
على تشتيت صفوف المعارضة
السورية وتمزيقها، كل ذلك لأجل
أن يحافظ النظام على
الإستمرارية والديمومة،
والهروب العلني من أي إصلاح أو
تغيير، وهذا موقف نهائي إتخذته
قيادة دمشق، والرسالة وصلت
للمعارضة التي مازالت تتفرج على
الوطن الممزق وجراحاته كمسرحية
لن تسدل ستارتها أبدا، كما أن
النظام سخر كل شيء لحسابه..
الدولة ومؤسساتها – الشعب-
الإعلام. ويطلب من الجميع أن
يشاركوه في حربه الدونكيشوتية
ضد المنطقة والمجتمع الدولي،
ولا يهمه جوع الشعب وآلامه
وتمزقه، ونزوحه إلى المهاجر
بحثا عن الحرية والكرامة
والإنسانية. آفاق:
هناك من يثبت تمايز بين عهدي
الرئيسين الأسد الأب والأسد
الإبن، فهل أنتم مع وجود هكذا
تمايز وفي أي اتجاه بالضبط؟ لا
تمايز بين العهدين، والعهد
الجديد هو إستمرار لما سبق، ولو
أن جرعات الإستبداد وثقافات
العنف والقمع تمارس في وضح
النهار، وأمام أنظار الجميع،
وكل من يحاول أن يتباكى على
الأيام الغابرة، دليل ضعف وتشتت
وهروب من المسؤولية، الظلم ظلم
والنظام هو نفسه لكنه يغير جلده
في كل حقبة وزمن. آفاق:
هناك معارضة سورية موجودة في
الداخل، ولها مواقف ربما ليست
أقل من مواقف بعض من في الخارج
لجهة إصدار البيانات التنديدية
أو مقاطعة الانتخابات كما حصل
في آخر انتخابات، إلى أي مدى
تقيمون دور هذه المعارضة
الداخلية، ورأيكم بالمعارضة في
الخارج التي تتهمها السلطة
بالعمالة وبالخيانة وما إلى
ذلك؟ المعارضة
السورية الديمقراطية كلها تعمل
لهدف واحد (التغيير)، لكن كل طرف
له أجندة خاصة به، ولكنها في
الأخير تتقاطع في إتجاه
واحد،ألا وهو إنقاذ الوطن
والشعب من عبثيات السلطة
المجنونة. ولكنني
أرى أن المعارضة الداخلية لها
دور ومسؤوليات أوسع من قوى
المعارضة في الخارج، لأنها تعيش
بين الشعب وداخل الوطن، وتستطيع
تحريك الجماهير نحو التظاهر
والإحتجاج والوقوف بشجاعة في
وجه آلة القمع والإستبداد، وقد
إستطاعت الكثير منها كسر حواجز
الخوف،وباتت تتظاهر بشكل
مستمر، وتعود هذه القفزة
الشجاعة للمعارضة الكوردية
وبعض القوى العربية الأخرى (ولو
بهوامش) مازالت تحتاج لأن تتحول
إلى نهج وأيديولوجيا
يومية،كأبسط مظاهر التغيير
الديمقراطي السلمي،ومعارضة
الخارج لها دورها الآخر في
إيقاظ صوت وضمير العالم النائم
الذي مازال يرسم آلام الوطن
السوري على الغيمات، دون أن
يفكر يوما بتضميد جراحاتنا. أما
عن التخوين والعمالة فهذا شأن
النظام وهم لايثقون حتى بذاتهم،
والوطنية ليست هبة أو شعار أو
ملك للسلطة أو غيرها.تمنحه متى
تشاء؟؟؟!!! آفاق:
شهدت الشهور الأولى من ولاية
الرئيس بشار الأسد طفرة نسبية
في الحريات وخاصة منظمات
المجتمع المدني وما سمي بربيع
دمشق، ولكن مالبث أن سقطت أوراق
التوت وتحول الربيع إلى معتقل،
ما رأيكم بذلك الربيع وماآل
إليه؟ ربيع
دمشق كان بداية لإنطلاقة نحو
مجتمع مدني ديمقراطي، وأراد
النظام أن يجس نبض الشارع
السوري، وحينما وجد أنه يعيش
خارج الزمن والجغرافيا السورية
الوطنية، حوّل ذلك الربيع إلى
خريف عاصف فأصبحت زهور الربيع
من خلف القضبان، لكن أعتقد أن
النظام فشل في القضاء على ذلك
الربيع، لأن الربيع ما زال
مستمرا، وتحول إلى فصول عديدة
أثمرت في الإنتفاضة الكوردية في
قامشلو 2004، وفي الإحتجاجات
والمظاهرات التي شهدتها شوارع
دمشق وبوابات المحاكم، ذلك
الربيع تحول إلى ثورة مابين
الصرخة والعمل النوعي،وما
علينا جميعا سوى العمل بموضوعية
ومبدأية ووطنية لأجل أن يتحول
ربيع دمشق ربيعا للوطن كله. آفاق:
وضمن ربيع دمشق أيضاً لا ننسى أن
ثمة معتقلين على ذمته، كالكاتب
ميشال كيلو والمحامي البني
والبروفيسور دليلة وغيرهم ، هل
لديكم معلومات عن واقعهم وكيف
تنظرون إلى مستقبل الاعتقال
السياسي في سوريا؟ كيف هي
واقع السجون السورية برأيك، هي
ليست فنادق خمس نجوم، تستطيع أن
تتصور كل ماهو مقزز ولا إنساني
في تلك السجون برد وحر، وفقدان
العلاج،والرطوبة
والعفونة،وحرمان من الزيارات
وسماع الأخبار أو مشاهدة
التلفاز، ناهيك عن المضايقات
الأمنية اليومية. إنهم
يدفعون ثمن ممارستهم لحقهم في
حرية التعبير.. الأستاذ أنور
البني ضرب وحلق شعره وأهين مرات
عديدة، ونهبت أمواله
وومتلكاته، وتعرضت زوجته
لإرهاب فظيع ، وتجريده من
الجنسية، وإغلاق مكتبه، وهو
اليوم يحاكم مرة أخرى لأجل تهم
ملفقة ومطبوخة في أقبية
المخابرات.. وكذلك ميشيل كيلو
وعارف دليلة رغم كبر سنهما ،شاء
الجلادون أن يضعوهم في
الزنزانات الموحشة... وظروف
وآلام الأمراض التي يعانونها من
السكري وداء المفاصل وارتفاع
الضغط ووو... إنهم يدفنونهم
أحياء بكل اختصارات الكلمة
ومعانيها المؤلمة!! مازالت
أبواب السجون والمعتقلات
مفتوحة لإستقبال المواطن
السوري، والنظام بات يعشق سياسة
الباب الدوار،يخرج معتقل ليدخل
آخر وهكذا،ومحكمة أمن الدولة
وغيرها دخلت في كتاب غينس لكثرة
الإعتقالات والمحاكمات الجائرة.والإعتقال
سيستمر، لأن النظام لايملك في
حقائبه سوى العنف وكبت الحريات
والقضاء على حقوق الإنسان
السوري ، فهو يعتقد أنه قد وصل
إلى درجة الألوهية والعظمة..
وينظر للشعب وللقوى المعارضة
الديمقراطية على أنهم أعداء
وخونة يجب إنهائهم. آفاق:
ماذا عن قانون الصحافة وقانون
الأحزاب هل تتوقعون انفراجاً في
هذا الملف المؤجل؟ لا
أعتقد أية إنفراجات.. سواء حول
قانون الصحافة أو قانون
الأحزاب،لأن النظام لايريد أن
يفتح مثل هذه الأبواب على نفسه،
وإن كان هناك حديث عن مشروع
قانون للأحزاب، إلا أن النظام
يريد قانونا على مقاسه ووفق
نظرته الشمولية، ودون أخذ رأي
الشارع السوري،وأرى أن أي تغيير
سواء في مجال القوانين، أو
التشريعات، أو الإصلاحات.. يجب
أن يبدأ بإنهاء وإلغاء قانون
الطوارىء والأحكام
العرفية،وإطلاق سراح سجناء
الرأي والضمير،وصياغة دستور
ديمقراطي جديد للبلاد. آفاق:
إلى أي مدى بتقديركم لا يزال
لسوريا نفوذ وقدرات في لبنان في
ظل الظروف الراهنة؟ وكيف تقيمون
نشاطكم ضمن هذه الظروف وماهي
رؤيتكم لمستقبل نشاطكم من
بيروت؟ نظام
دمشق حين فقد بيروت من بين يديه
لحظة إرغامه على الإنسحاب من
لبنان، وإنهاء ثلاثون عاما من
الهيمنة والعنف والتسلط
والوصاية، شعر أنه سيسقط في
جحيم الهاوية، لهذا نجده يغذي
مواليه لوجستيا، ويساعده في ذلك
نظام الملالي، وما وقوف
الموالين له من حزب الله وأمل
وغيرهم في وجه قيام دولة
لبنانية مستقلة ذات سيادة بحجج
وذرائع افلاطونية، إلا دليل على
أن هذا النظام مازال يعتبر
لبنان جزءا من مملكته الشمولية،
ويسعى لأن يظل لبنان هكذا وطنا
للحرب والفقر والويلات، ويعمل
جاهدا لوقف أية ديمقراطية
لبنانية، فهذا نهاية له. في
بيروت إستطعنا أن نقوم بنشاطات
عديدة.. رغم حذرنا وتقديرنا لما
يجري للوطن لبنان، أضربنا عن
الطعام لأجل وقف العنف ضد
الصحفيين في كل مكان..،تضامنا مع
آلان جونسون، شاركنا في يوم
المفقودين العالمي وأضربنا
يوما واحدا أمام مقر الأمم
المتحدة ببيروت.. أضربنا عن
الطعام في يوم السجين السياسي
السوري، وأصدرنا بيانات كثيرة،
ولو تحررت بيروت ودمقرطت،لشهد
العالم أقلامنا وأصواتنا كيف
ترسم أطياف الكلمة الحرة
والجريئة وحلم الصحافة
اللامتناهي. آفاق:
هل من كلمة أخيرة تودون أن نختم
بها هذا الحوار؟ حبرنا
هو خبزنا وملح يداوي نزيف
الكتابة، وأقلامنا ستظل ترفع
هاماتها نحو السماء، وإن لم
نملك أوراقا بيضاء وصحافة حرة،
سنكتب على السحاب وعلى جدران
السجون كلمة الحرية
والديمقراطية وحقوق الإنسان،
وستزفنا شوارع أوطاننا الحزينة
شهداء في سبيل إستقلال القلم
وحريته، حلمنا مازال يمتطي صهوة
الزمن، يطرق الأبواب
المغلقة،التي سنحطمها بقوة
الكلمات يوما لنكتب في أول
سطرإسم (الوطن). شكرا
لكم والى مزيد من العمل نحو
صحافة حرة ومتطورة بيروت-
آفاق - خاص – 8/12/2007 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |