ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 25/12/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صحيفة السياسة : 

مشكلة سوريا مع "الرئيس" ميشال سليمان

مواجهة دولية مع نظام الأسد لمنعه من استعادة لبنان

عبد الكريم أبو النصر 

"لن تربح القيادة السورية معركة استعادة لبنان سواء عبر تعطيل انتخابات الرئاسة، او عبر دفع البلد نحو الفوضى والاقتتال الداخلي، او عبر استخدام اساليب ترهيبية مختلفة، ولن تفلت من المحاسبة والعقاب الدوليين. فمجموعة الدول الغربية والعربية الداعمة لبنان المستقل، وعلى رأسها اميركا وفرنسا، مصممة على احباط هذا المخطط السوري الخطر على لبنان والمنطقة والدخول في مواجهة مع نظام الرئيس بشار الأسد تتركز على ثلاثة محاور:

أولاً فضح الدور السوري السلبي والتعطيلي في الساحة اللبنانية، والشاهد الاكبر على ذلك الرئيس نيكولا ساركوزي الذي يمتلك مع مساعديه معلومات مفصلة عما يفعله السوريون وحلفاؤهم لعرقلة انتخاب العماد ميشال سليمان كرئيس للجمهورية.

ثانيا، اتهام النظام السوري بانتهاك القانون الدولي وقرارات مجلس الامن ذات الصلة التي تلزم كل الدول باحترام استقلال لبنان وسيادته وبعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وتدعو الى اجراء انتخابات رئاسية حرة وفقا للدستور، مع ما يمكن ان ينتج من ذلك من عواقب.

ثالثا، اتخاذ اجراءات وعقوبات متنوعة عربية ودولية يجري التشاور في شأنها حاليا ضد النظام السوري تضعه في موقع صعب للغاية داخليا وخارجيا".

هذا ما اكدته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية وعربية وثيقة الاطلاع في باريس، واوضحت ان النظام السوري يريد تمكين حلفائه من شل قدرة الاستقلاليين على الحكم وايصال العماد ميشال سليمان الى الرئاسة مقيدا بشروط والتزامات تحددها دمشق، وهذا ما يرفضه سليمان نفسه وما ترفضه الغالبية وسائر الدول الداعمة لبنان.

وكشفت المصادر ان مجموعة عوامل دفعت القيادة السورية الى وضع عقبات امام انتخاب سليمان ابرزها:

اولا، هناك انزعاج سوري حقيقي من الرعاية العربية والدولية للعماد سليمان، ومن الدعم الواسع لترشيحه، ومن الاتصالات العربية والدولية التي اجريت معه في الفترة الاخيرة، ووفقا لما قاله ديبلوماسي اوروبي مطلع: "ان اطمئنان الجهات العربية والدولية الداعمة لبنان الى ترشيح قائد الجيش للرئاسة يعني بالنسبة الى نظام الاسد ان سليمان لن يكون رجل سوريا في لبنان، ولن ينفذ بالتالي سياساتها ومطالبها كما كان يفعل الرئيس اميل لحود، ولن يساعدها على تحقيق اهدافها القاضية بالهيمنة مجددا على هذا البلد، وتعطيل المحكمة الدولية، وعرقلة تطبيق قرارات مجلس الامن التي تؤمن الحماية للبنان المستقل وتحاسب السوريين على اعمالهم وتدخلاتهم في شؤون هذا البلد".

ثانيا، ما عزز هذا الانزعاج السوري هو انه لم يتم التوصل الى اي تفاهمات سرية بين ميشال سليمان والقيادة السورية حول ادارة شؤون لبنان في المرحلة المقبلة بما يتلاءم ومصالح دمشق وحلفائها. وقد رافق ذلك رفض سليمان اتخاذ اي موقف معاد لحكومة فؤاد السنيورة واي قرار في معزل عن هذه الحكومة، كما رافق ذلك تصميم قيادة الجيش على احباط أي اعمال عنف يمكن ان تقوم بها المعارضة لزعزعة استقرار البلد وفي محاولة منها للسيطرة على السلطة بوسائل غير شرعية وغير ديموقراطية.

ثالثا، استغلت القيادة السورية انفتاح باريس عليها وعلى حلفائها لمحاولة تقليص الدعم الفرنسي للغالبية النيابية ودفع الحكم الفرنسي الى تبني مواقف النظام السوري والمعارضة اللبنانية. ووفقا لما اكده لنا ديبلوماسي اوروبي معني بالملف اللبناني: "لقد لجأ المسؤولون السوريون الى اساليب عدة لتحقيق هدفهم هذا. فهم طلبوا، اولا، من قطر تشجيع الحكم الفرنسي على الانفتاح على نظام الاسد وتكثيف الاتصالات معه على اساس ان ذلك سيساعد على تسوية الازمة اللبنانية وسيؤمن انتصارا ديبلوماسيا للرئيس نيكولا ساركوزي، ثم طلب السوريون، ثانيا، من قياديين في المعارضة اعتماد اسلوب التهويل والتخويف في محادثاتهم مع الفرنسيين وتحذيرهم باستمرار من خط سقوط لبنان في حال من الفوضى الواسعة والاقتتال الداخلي ومن خطر تعرض قوة اليونيفيل لعمليات ارهابية في حال لم يتم انتخاب رئيس تطمئن اليه دمشق فعلا. واعتمد السوريون، ثالثا، على شريكهم و"صديقهم" المسيحي العماد ميشال عون زعيم "التيار الوطني الحر" الطامح بأي ثمن للوصول الى الرئاسة، لمنع مجيء اي رئيس في معزل عن ارادة دمشق، وذلك من خلال طرح شروط تعجيزية ومتعارضة مع الدستور واطالة امد الفراغ في موقع الرئاسة". لكن هذه المحاولة السورية باءت بالفشل اذ ان فرنسا متمسكة الى اقصى حد بدعم القوى الاستقلالية ومنع سقوط لبنان مجددا في ايدي السوريين. وقد اصر المسؤولون الفرنسيون باستمرار خلال اتصالاتهم مع السوريين على ان انفتاحهم على نظام الاسد مشروط بتأمين انتخاب رئيس توافقي يلتف حوله اللبنانيون فعلا ومشروط ايضا بوقف الاغتيالات واعمال العنف وبحدوث تغيير جوهري في سياسات سوريا حيال لبنان بما يساهم في تعزيز استقلال هذا البلد واستقراره وامنه وتسهيل عمل المحكمة الدولية. وهذا ما اثار استياء دمشق.

 

السيناريو السوري لترشيح سليمان

رابعا، راهنت القيادة السورية على ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيقوم بدور الوساطة بينها وبين الادارة الاميركية لانه مقرب من الرئيس جورج بوش ولان ذلك سيساعد على تحقيق تقارب بين واشنطن ودمشق. وتوقعت القيادة السورية ان تشكل مشاركة وفدها في مؤتمر انابوليس الخطوة الاولى في اتجاه تحسين العلاقات مع واشنطن مما يعزز موقعها في لبنان. لكن الادارة الاميركية رفضت وترفض احداث اي تغيير في سياستها الحازمة حيال نظام الاسد وتعارض اي تقارب معه وانفتاح عليه قبل ان يثبت هذا النظام فعليا وباجراءات محددة انه تخلى عن زعزعة الاوضاع في لبنان وعن محاولة الهيمنة مجددا عليه، وانه مستعد فعلا لدعم الاستقرار والامن فيه من خلال المساعدة على تطبيق قرارات مجلس الامن ذات الصلة.

وهذا الموقف الاميركي المتشدد حيال نظام الاسد دفع السوريين ايضا الى عرقلة انتخاب سليمان كرئيس للجمهورية.

وفي هذا الاطار كشفت المصادر الاوروبية والعربية المطلعة ان المسؤولين السوريين كانوا يرغبون في ان تتم عملية ترشيح سليمان للرئاسة على مرحلتين:

المرحلة الاولى تقضي بالتوصل الى اتفاق فرنسي – سوري مسبق على ترشيح سليمان للرئاسة قبل صدور اي اعلان في هذا الشأن ويرافق ذلك التفاهم على مجموعة مسائل اساسية تتعلق باختيار رئيس الحكومة الجديدة وبتوزيع الحصص والحقائب في هذه الحكومة وبقيادة الجيش وبامور اخرى مهمة بالنسبة الى السوريين.

المرحلة الثانية تقضي بان يتم الاعلان رسميا عن ترشيح سليمان للرئاسة، بعد هذا التفاهم الفرنسي – السوري، في بيان مشترك يصدر اثر اجتماع يعقده زعيم كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وبحيث يبدو واضحا ان المعارضة قامت بدور اساسي في دعم وصول قائد الجيش الى الرئاسة.

واوضحت المصادر ان ما كانت تريده القيادة السورية فعلا هو ان تثبت للافرقاء اللبنانيين ولمختلف الجهات المعنية انها هي التي سهلت اجراء انتخابات الرئاسة وانها لا تزال صاحبة قرار في ما يتعلق بقضايا اساسية في لبنان، وهو ما يمكن ان يحقق مكاسب للسوريين ولحلفائهم.

لكن ما حدث ونسف هذا "السيناريو" السوري هو ان المسؤولين الفرنسيين، وفقا للمصادر المطلعة ذاتها، رفضوا هذا الاقتراح الذي قدمته دمشق لانه يكرس وجود تدخل سوري مباشر في اختيار الرئيس اللبناني وفي تشكيل السلطة الجديدة، ولانه يعطي الانطباع بوجود تواطؤ فرنسي – سوري على حساب القرار اللبناني الحر والمستقل. وما حدث ايضا هو ان قيادات بارزة في الغالبية توصلت الى اقتناع منذ فترة، في ضوء ما تملكه من معلومات، بان ميشال سليمان جدير فعلا بان يتولى منصب رئيس الجمهورية وانه لن يسلم لبنان مجددا الى سوريا. لكن الغالبية اعطت الاولوية لمحاولة تأمين انتخاب رئيس من صفوفها بالتوافق مع المعارضة وبدعم من فرنسا ومن جهات عربية ودولية اخرى. وحين وصلت المساعي الفرنسية في هذا الشأن الى طريق مسدود نتيجة رفض المعارضة لها اتخذت القيادات البارزة في الغالبية، وبمبادرة من الحريري، قرار دعم ترشيح سليمان للرئاسة بسرعة واعلان هذا الترشيح من طرفها ومن دون التفاهم مسبقا مع الرئيس نبيه بري ادراكا منها انه يصعب على المعارضة رفض هذا الترشيح وتجنبا للدخول في عملية مساومة حول ترشيحه وطريقة انتخابه وحول متطلبات المرحلة المقبلة. واكدت المصادر المطلعة ان مسار الامور في هذا الشكل اثار استياء السوريين وهو ما انعكس على الموقف الحقيقي للمعارضة من ترشيح سليمان للرئاسة.

 

أين فشلت المعارضة؟

والواقع، وفقا لديبلوماسي اوروبي معني بالملف اللبناني، "ان المعارضة تتصرف فعليا، وبقطع النظر عن تصريحاتها العلنية، على اساس انها ليست مطمئنة الى اقدام الغالبية على ترشيح سليمان للرئاسة وانها ليست واثقة من توجهات قائد الجيش وسياساته، ولذلك تماطل وتضع العقبات وتطرح الشروط التعجيزية لتأمين انتخابه، وتحاول خصوصا ان تفرض عليه وعلى الغالبية مجموعة تفاهمات قبل اجراء الانتخابات ابرزها التفاهم على رئيس حكومة مقبول منها ومن دمشق، وعلى امتلاكها الثلث المعطل في الحكومة الجديدة، وعلى توزيع الحقائب الاساسية، وعلى التعيينات في الجيش وقوى الامن وعلى مسائل اخرى، وهي امور تنتهك الدستور وصيغة الطائف وتنتقص من دور رئيس الجمهورية الجديد ومن صلاحياته وتضعفه قبل ان يتولى مهماته. ولو كانت المعارضة واثقة تماما من ميشال سليمان، كما كانت تثق بالرئيس السابق اميل لحود وتريد فعلا تأمين فرص النجاح له، لما تصرفت بهذا الشكل ولما وضعت كل هذه الشروط الصعبة والتعجيزية".

وأكد هذا الديبلوماسي الاوروبي العائد اخيرا من بيروت "ان المعارضة تحاول بتصرفاتها ومواقفها هذه تعويض فشلها في تحقيق مجموعة اهداف سعت الى تحقيقها ابرزها الآتية: فقد فشلت في تأمين انتخاب رئيس ضعيف تحركه كما تشاء وتدفعه الى تنفيذ سياساتها وفشلت ثانيا في تأمين انتخاب رئيس مرتبط سلفا بتفاهمات سرية مع القيادة السورية. وفشلت ثالثا في تبني وطرح اسم مرشح رئاسي تواف قي جديد كميشال سليمان اذ ان الغالبية انتزعت المبادرة منها.

وفشلت رابعا في دفع قيادة الجيش الى التحرر من سلطة الحكومة. وفشلت خامسا في اضعاف سلطة حكومة السنيورة عبر تشكيل حكومة ثانية في نهاية عهد لحود. وفشلت سادسا في وضع الدول العربية والاجنبية المعنية بالامر الى عقد صفقة حقيقية مع نظام الاسد تؤدي الى اضعاف الاستقلاليين وفشلت سابعا في منع تشكيل المحكمة الدولية وفي عرقلة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي جرائم سياسية وارهابية اخرى. وتحاول المعارضة الآن تعويض فشل خططها ورهاناتها بوضع عقبات امام وصول سليمان الى الرئاسة او بتقييده بالتزامات مسبقة خلافا للدستور.

لكن المعارضة لن تستطيع تحقيق مطالبها هذه لانها مرفوضة من سليمان ومن قيادة الجيش ومن الكنيسة المارونية ومن الغالبية الواسعة من اللبنانيين ومن سائر الدول الداعمة لبنان".

وشدد هذا الديبلوماسي الاوروبي على ان "لبنان دخل مرحلة الصراع الخطر المباشر بين الارادة الاستقلالية التي تمثلها الغالبية والارادة السورية التي تمثلها المعارضة والدول الداعمة لبنان لا تزال في مرحلة تحذير النظام السوري من عواقب تعطيل انتخابات الرئاسة ودفع البلد نحو الفوضى العامة والاقتتال الداخلي. ولكن اذا رفض نظام الاسد استجابة المطالب الدولية والعربية المقدمة اليه واصر على محاولة إلحاق الهزيمة بالاستقلاليين وبلبنان المستقل، فسيجد نفسه في حال مواجهة مع الدول العربية والغربية البارزة والمؤثرة والمصممة بوسائل مختلفة على حماية هذا البلد واستقراره وامنه وعلى اعادة الحياة الى مؤسساته الشرعية والدستورية بما يعزز دور الدولة والوحدة الوطنية والسلم الاهلي.

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ