ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 05/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


في الذكرى العشرين لانطلاقتها:

تقويم السياسة الإسرائيلية لتجربة حماس في الحكم

عدنان أبو عامر*

- صعود حماس للحكم أفضى لحدوث ارتباك في العقل الاستراتيجي الإسرائيلي

- خيارات إسرائيل في التعامل مع حماس غلب عليها الطابع السوداوي التشاؤمي

- إسرائيل فشلت في توقع فوز حماس، كما فشلت في قراءة سلوكها السياسي

منذ اليوم الأول لفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية، أشعلت الأضواء الحمراء داخل أروقة مؤسسات صنع القرار الإسرائيلي، السياسية والعسكرية منها على حد سواء، ففوز الحركة لم يعد شأنا فلسطينيا داخليا، بل يصب في صميم طبيعة العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما استدعى عقد العديد من اللقاءات والحوارات داخل مؤسسات البحث والدراسات الإستراتيجية لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور داخل الساحة الفلسطينية التي غدت تسيطر عليها حماس.

أولا: مسوغات التخوف من فوز حماس:

1- تعزيز البيئة المعادية لـ"إسرائيل"

أفضى صعود حماس لسدة الحكم إلى حدوث ارتباك في العقل الإستراتيجي الإسرائيلي، خصوصا بعدما أصبحت البيئة الإستراتيجية الأمنية المحيطة بالدولة العبرية غير مريحة خلال عام 2006م، عبر عدد من الشواهد، والعلاقة بين صعود حماس واحتمالات تغير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط، ومدى استقلالية الحركة أو تبعيتها للسياقات الإقليمية، وفي المقابل، سبل تجنيد التأييد الدولي لتدعيم سياسة عزل حكومتها، ومن أهم هذه الشواهد:

أ‌- العدو الداخلي ممثلا بحماس، التي غدت تكتسب شرعية دستورية، وخاضت معها حربا أسمتها "أمطار الصيف"، بعد أسر مقاتلي الحركة للجندي "شاليت" في عملية الوهم المتبدد،

ب‌- الهزيمة التي مني بها الجيش خلال حرب تموز أمام حزب الله، التي أطلق عليها "تغيير الوجهة"، ردا على عملية "الوعد الصادق" التي نفذها الحزب وأسر اثنين من الجنود،

ت‌- تنامي الخطر النووي الإيراني، وافتتاح عهد جديد من العلاقات الفلسطينية الإيرانية بعد الزيارات التي قام بها نواب حماس ووزراؤها لطهران، وما قيل عن مساعدات مالية، وتدريبات قتالية لعناصر الحركة،

ث‌- تزايد الحديث بصورة مركزة أكثر من أي وقت مضى، عن قرب المواجهة الحربية بين تل أبيب ودمشق، وهي أكثر المستفيدين والمرحبين بفوز حماس في الانتخابات،

ج‌- ربط مسيرة المقاومة الفلسطينية ببعض التيارات الإسلامية التي تناصبها "إسرائيل" والعالم الغربي العداء، خاصة تنظيم القاعدة، فلم تتورع عن وضع صور الشيخ أحمد ياسين إلى جانب صور أسامة بن لادن، من قبيل رسم الصورة الذهنية والنمطية أمام الرأي العام العالمي، بل أن فوز حماس وتسلمها لمقاليد السلطة جاء فرصة لأن تعلن تل أبيب أن السلطة الفلسطينية غدت توازي سلطة طالبان، وبدأنا نسمع نغمة دولة "حماستان"!

كما روجت "إسرائيل" لمقولة أن السلطة غدت مكوناً رئيساً فيما يعرف بـ"قوس الشر" المكون من إيران وسوريا وحزب الله وحماس! وهكذا تنامت البيئة المعادية لـ"إسرائيل" بصورة متسارعة أعقبت فوز حماس، وأسفرت عن دخول متغيرات جديدة مؤثرة لم تستعد لها بالقدر الكافي، أو لم تتوقع حدوثها أصلا.

2- وقف التفاوض والحل أحادي الجانب:

دعم انتصار حماس الانتخابي الشكوك الإسرائيلية بشأن انسداد آفاق تجديد الشراكة مع الفلسطينيين في المفاوضات، وأكد على عملية فك الارتباط أحادي الجانب، كما زاد من التشكيك في أن الانسحاب من الضفة الغربية سيتيح لحماس فرصة السيطرة على مناطق شديدة القرب من قلب "إسرائيل".

وبالرغم من عدم وضوح ما إذا كان باستطاعة حماس التغلب على جميع المعوقات التي تواجهها، إلا أنها إذا فعلتها، فسيلعب دورا رئيسا في تطوير التفكير الإسرائيلي، وبالرغم من عدم تصديق معظم مفكري الأمن الإسرائيليين لإمكانية أن تصبح حماس شريكا لـ"إسرائيل" يوما ما، فإن هناك من يرى أنه آجلا أم عاجلا سيكون من المحتم إجراء محادثات مع حماس، لأنها قد تصبح موثوقا بها أكثر من الشركاء الآخرين.

وهكذا تزايدت القناعة الإسرائيلية وترسخت حالة الفصل مع الفلسطينيين الذين غدوا تحت سيطرة حماس، حيث شعرت "إسرائيل" أنها في حالة تأييد لمبدأ إنهاء السيطرة على الفلسطينيين عبر اتخاذ خطوات يتم التفاوض بشأنها أو بطريقة أحادية، وتنتقل بموجبها السلطات والصلاحيات منها إلى السلطة الفلسطينية شريطة أن تتولّى الأخيرة المسؤولية الكاملة عن أراضيها وسكانها، بمعنى أكثر وضوحا ساد مبدأ "الجمود السياسي" من خلال لجوء الحكومة الإسرائيلية إلى زيادة حدة "المشكلات البنيوية" المتأصلة في العملية السياسية، عبر تفعيل خيار عدم التفاوض، فقد عجز الجانبان ـ حتى قبل وصول حماس للسلطة ـ عن ردم الهوة بين خلافاتهم السياسية والتفاوضية، وجاءت الأيديولوجيا التي تؤمن بها حماس لتزيد من صعوبة تنفيذ الاتفاقيات القائمة، أو إحراز تقدم في العملية السياسية.

3- حتمية رفع السقف السياسي الفلسطيني

رجع منبع القلق الإسرائيلي بالأساس من فوز حماس، إلى نفوذها المتصاعد في الشارع الفلسطيني، بفعل تبنيها خطابا وانتهاجها سلوكا ميدانيا أكثر تعبوية في وجه الاحتلال، وبعد الفوز مباشرة زاد منسوب القلق في ظل المخاوف الإسرائيلية من أن يؤدي دخول حماس للنظام السياسي لإبداء المزيد من التعنت والصد أمام ما تطرحه من شروط وحلول جزئية للقضية الفلسطينية، وتبدى ذلك في ميدانين اثنين: السياسي والميداني، بحيث حافظت حماس، حركة وحكومة، على مواقفها الثابتة، رافضة التسليم "الواضح والصريح" بالشروط التي رفعتها الرباعية الدولية، وإن حاولت الاستعانة بالمفردات اللغوية من إيحاءات واستعارات، حاولت من خلالها عدم تحميل الشعب مسئولية مواقفها وثوابتها، مما جعل "إسرائيل" تزداد قناعة بتصلب الموقف الفلسطيني، أو على الأقل الرفع من سقفه.

أكثر من ذلك، فقد تبدى خوف "إسرائيل" الحقيقي من إطلاق حماس وقادتها ووزرائها بين الحين والآخر، بالتلويح بخيار حل السلطة الفلسطينية من أساسها، وبغض النظر عن جدية التهديد من عدمه، فقد بات أن السلطة، وهي المشروع الدولي الذي اتفق العالم كله على قيامه بدور وظيفي يحمي مصالح "إسرائيل" أصبح رهينة بيد أكبر عدو لها في المنطقة، مما جعلها تخوض حملة دعائية تحريضية لجميع دول العالم لتبني موقفها بمحاصرة حكومة حماس ومقاطعتها وفرض القيود والشروط عليها، بعد الإعلان عن تحول السلطة الفلسطينية لـ"كيان إرهابي"! والسعي نحو إفقادها "الشرعية الدولية"!

• ثانيا: خيارات "إسرائيل" تجاه علاقتها مع حكومة حماس:

بعد الصدمة التي أصيبت بها الأوساط السياسية والعسكرية تجاه فوز حماس، كان على "إسرائيل" أن تختار بين عدة طرق وخيارات للتعامل مع الواقع الجديد، مضطرة مكرهة، وهي:

1- سياسة كشف الحصار، من خلال السماح للسلطة الفلسطينية بأداء دورها في الحكم، حتى وإن كانت حماس تسيطر عليها، أو تشارك فيها، وإدارة الصراع ضد حماس باستخدام الوسائل السياسية، بحيث تضع هذه الوسائل حاجات السكان الفلسطينيين في مواجهة أيديولوجية الحركة، والأمل بأن يرتقي الاعتراف بها لدى الحركة، من المستوى العملي الواقعي إلى المستوى الخطابي الرسمي،

2- إدارة الظهر، وكأن شيئا لم يتغير في الخارطة السياسية، والتعامل بمنطق "فك الارتباط"، واقتصار العلاقة مع "الجيران الجدد" على إدارة الشؤون اليومية، وما يتطلبه من اتصال هنا ولقاء هناك، ليس أكثر،

3- اعتماد إستراتيجية مؤقتة تقوم على عنصرين: عدم التسبب في كارثة إنسانية خلال فترة رئاسة أبو مازن، والسماح بتحويل قدر ضئيل من عائدات الضرائب لمؤسسة الرئاسة، وإظهار الصلابة مع الفلسطينيين، حتى لو كان الضرر الذي سيلحق بهم كبيرا، خصوصا أن الموقف الدولي يساند هذه الإستراتيجية،

4- الحاجة لمراجعة السياسة الأمنية وبلورة سياسة جديدة مبنية على نظرية الردع، واستعمال القوة العسكرية من داخل الحدود والمناطق الإسرائيلية، مع منع حماس وعناصرها من السيطرة على المعابر حتى لا تتمكن من نقل وإدخال الأسلحة،

5- سياسة المواجهة، من خلال افتعال أحداث داخلية بين الخصوم المتنافسين، لاسيما بتحريض "أصدقائها" الذين خسروا السلطة، ولم تجد تل أبيب حرجا في إمكانية توجيه ضربة قوية ضد حماس، بالتعاون مع فتح ومصر والأردن، بهدف ضمان إضعافها بالقدر الذي يمكن خصمها، في الضفة الغربية على الأقل، لتصبح قادرة على حل المجلس التشريعي والحكومة، ودعم أبو مازن، وتثبيت استقرار النظام السياسي، وينبع المنطق الذي يقف خلف هذه السياسة من إدراك "إسرائيل" أنها عاجزة عن إسقاط حكومة حماس سواء عبر الوسائل الديمقراطية المتاحة، أو بإجبارها على تغيير إيديولوجيتها، وهو ما تم في مرحلة ما بعد الحسم العسكري.

ومع ذلك، حذر عدد من الخبراء الإسرائيليين من نقاط ضعف رئيسة تكتنف "سياسة المواجهة"، أهمها:

أ‌- خطر تداعي السلطة وإلقاء المسؤولية على "إسرائيل"، ورحيل المنظمات الدولية عن المنطقة، ومن المرشح أن يؤدي هذا التطور لإلقاء المسؤولية على كاهلها،

ب‌- انتصار فتح غير مضمون، وربما كشفت المواجهة الأخيرة مع حماس عن ضعف فتح الناتج عن انقساماتها الداخلية، وهو أمر صرحت به المحافل الأمنية الإسرائيلية التي عبرت عن قلقها من أداء فتح الميداني في مواجهات 2007م، وفي المقابل إعجابها بـ"أداء حماس" المنظم،

ت‌- عودة حماس إلى "العمل المسلح"، فمن المحتمل أن تؤدي مواجهة فلسطينية داخلية إلى حملها على إنهاء التزامها بضبط النفس الذي ألزمت به نفسها عندما تولّت السلطة، واللجوء بشكل كامل للصراع المسلّح وشنّ حملة كبيرة من المقاومة المسلحة، وهذا ما تم فعلا في خضم المواجهات مع حركة فتح وإطلاق مئات من صواريخ القسام تجاه البلدات المجاورة لقطاع غزة،

ث‌- الشك في تحقيق فتح لما هو متوقع منها، لأنها تشهد حالة من الانقسام وعدم الانضباط، والعديد من أعضائها لهم علاقة بالعمل المسلح، ولذلك، لن يضمن انتصارها في هذه المواجهة بالضرورة إلى وضع حد للعمل المسلح، كما أن الدعم الإسرائيلي المكشوف ربما يدفعها لتنفيذ عمليات مسلحة لتثبت أنها ليست لعبة بيد "إسرائيل"، وفي النهاية، ربما تتأذّى شرعيتها إذا اعتُبر نصرها ناجماً عن الدعم الإسرائيلي.

• ثالثا: السلوك الصهيوني تجاه حكومة حماس:

في ظل القراءات "السوداوية" التي قدمتها مختلف الأوساط الإسرائيلية لفوز حماس، الرسمية منها والإعلامية والبحثية، آن الأوان لإلقاء نظرة فاحصة على الأداء السياسي والميداني تجاه الحركة التي شكلت الحكومة الأولى من نوعها في المنطقة العربية، أولا لأنها إسلامية التوجه والفكر، وثانيا، وهو الأهم لأنها ترفع شعار المقاومة سبيلا أساسيا للتخلص من الاحتلال، وقد تركز السلوك الإسرائيلي في هذه النواحي:

1- الصعيد السياسي:

أ‌- تعاملت "إسرائيل" مع صعود حماس للحكم من خلال استخدام مصطلحات تاريخية في الذاكرة الجماعية اليهودية ذات صلة بالمرحلة النازية، بغرض حشد الرأي العام خلف السياسة الرسمية للحكومة، حيث اعتبر فوزها مشابهاً لفوز النازيين في ألمانيا، وبمثابة "هزة أرضية" و"كارثة جديدة"، مما دعا عدداً من السياسيين لمعاملة قادة حماس كما قادة النازية! وشبهوا ميثاقها بكتاب "كفاحي" لهتلر، مما وجد طريقه في استطلاع للرأي أجري بين الإسرائيليين، ورأى 55% منهم، أن فوز حماس يشكل خطراً وجودياً على الدولة، وقال 42% منهم، إن سياستها تجاه حكومة حماس متساهلة جداً!!

ب‌- اعتبر هذا الموقف السياسي تمهيداً لتقبل العالم لأي سلوك ميداني قد تقدم عليه "إسرائيل" ضد الحكومة "الحمساوية"، التي أعلنت أنها ليست شريكاً في أي مفاوضات، بحيث أنها حين أقدمت على الكثير من التهديدات والإجراءات الميدانية، لم تقابل بردود فعل حقيقية باستثناء تصريحات إعلامية خجولة.

ت‌- إرهاق الحكومة "الوليدة" بالعديد من المقترحات السياسية، لاسيما إعلان الثالوث في وجه حماس وهو: الاعتراف بـ"إسرائيل"، الالتزام بالاتفاقات، نبذ "الإرهاب"! مما جعلها تدير اشتباكات سياسية عديدة مع أطراف فلسطينية وعربية ودولية، ووقوعها في دائرة رد الفعل على ما يمارس بحقها من ضغوط سياسية.

2- الصعيد العسكري

أ‌- التصعيد الميداني غير المسبوق الذي اعتبر "هدية" إسرائيلية لحكومة حماس، من خلال تصعيد سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات، وقد استبقت المصادقة على الحكومة في منتصف مارس/آذار 2006م بالعملية العسكرية التي استهدفت إلقاء القبض على أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات المعتقل في سجن أريحا، أكثر من ذلك فقد سقط العشرات من الشهداء وأصيب المئات واعتقل الآلاف خلال عام كامل من عمر حكومة حماس، وهي السياسة المسماة "إبقاء الأرض مشتعلة" تحت أقدام الحكومة،

ب‌- خطا الجيش الإسرائيلي خطوات متقدمة حين بادر إلى شن حملات اعتقال بحق العشرات من نواب ووزراء حكومة حماس، تفسيراً لما أعلنه سابقاً من أنه لا حصانة لها ولممثليها، وهو سابقة خطيرة لم تقدم عليها أي من حكومات العالم في وقت سابق، بل والتهديد بتصفية رئيس الحكومة ووزرائها لاتهامهم بـ"تلطخ أيديهم بالدماء الإسرائيلية"! وزادت التهديدات حدة مؤخرا مع تزايد سقوط صواريخ القسام على المستوطنات،

ت‌- من خلال العناصر المرتبطة بها، واصلت تل أبيب برنامج الفلتان الأمني "المنظم"، عبر افتعال حوادث القتل والاختطاف والسطو، هادفة من ذلك لإشغال حكومة حماس بالملفات الطارئة بين الحين والآخر، بدلاً من التفرغ لتطبيق برنامجها الانتخابي "التغيير والإصلاح"، الأمر الذي نجحت فيه إلى حد بعيد.

3- الصعيد الاقتصادي:

أ‌- أولت "إسرائيل" اهتماماً بالغاً للحصار الاقتصادي والمالي الذي فرضته على حكومة حماس، عبر تعطيل اتفاقية العائدات الجمركية، في ظل وجود ما يزيد عن 125 ألف موظف في صفوف السلطة الفلسطينية الذين يحتاجون صبيحة كل آخر شهر ما قيمته 150 مليون دولار كرواتب شهرية،

ب‌- بثت "إسرائيل" دعاية إعلامية موجهة بالأساس للرأي العام الدولي والمؤسسات المالية المانحة، مفادها أن الأموال التي تأتي لـ"سلطة حماس" لن تذهب لرواتب الموظفين ومشاريع البنية التحتية وتحسين ظروف الفلسطينيين، بل ستجد طريقها لمخازن السلاح وتصنيع المتفجرات التي تملكها الحركة، مما منع الكثير من الدول الغربية من دفع مستحقاتها، وتلكؤ الأطراف العربية عن الإيفاء بوعود قطعتها في قمم عربية حتى في ظل رؤيتها للفلسطينيين يتضورون جوعاً.. خشية اتهامهم بالمساهمة في تمويل "الإرهاب" من جهة، ومن جهة أخرى قطع "الأوكسجين" عن حكومة حماس المتمثل بالأموال،

ت‌- استخدمت "إسرائيل" سيطرتها على المعابر التجارية من وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة للضغط على الحكومة في إعاقة وصول البضائع والسلع الأساسية والأدوية، وشل حركة البناء وشيوع الركود الاقتصادي، بمعنى أنها مارست عليهم حصاراً غذائياً، فضلاً عن الحصار المالي، مما أوقع حكومة حماس في حرج أمام جماهيرها يتعلق بـ"توفير لقمة العيش"!

أخيرا.. فإن علاقة حماس بـ"إسرائيل" والعكس، يمكن تلخيصها في أنه وبالرغم من حجم الضغط الشديد الذي مورس عليها، والصعوبات التي واجهتها أول حكومة تقودها حركة مقاومة وتعلن تمسكها بها، إلا أن أكثر من عام كامل من السياسة الإسرائيلية كشف عن فشل نسبي، يرتفع حينا وينخفض حينا آخر، وفقا لطبيعة الميدان الذي حوربت فيه حماس وحكومتها، سياسيا كان أو اقتصاديا أو أمنيا ميدانيا، ولذلك جاءت الدعوات من داخل "إسرائيل" لإعادة تقييم هذه السياسة.

وإجمالا، يمكن استخلاص أن تجربة حماس في السلطة، أظهرت قصور الفكر الإستراتيجي الإسرائيلي الذي بات يدير الصراع بإجراءات عسكرية عاجزة عن تحقيق أهداف سياسية؛ وهو قصور في إدراك معنى صعود حماس وأفضى إلى الفشل في توقع سلوكها، ما انعكس على إرباك التخطيط الإسرائيلي في التعامل مع القضية الفلسطينية عموما.

*باحث فلسطيني في الشؤون الإسرائيلية

العصر14-12-2007

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ