ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قراءة
ميدانية في مخطط محرقة غزة محمد
عبدالله / غزة محرقة قطاع غزة،
رُسمت ملامحها العسكرية بمساحة
أوسع وأشرس مما حدث بغطاء
أمريكي، وتحت سمع وبصر عربي
وفلسطيني. وسعى الاحتلال
لتهيئة الأجواء الإقليمية
للمحرقة قبل إشعالها، عبر
التصريحات لكبار المسئولين
الإسرائيليين، والتي كان آخرها
تصريح ايهود باراك، وزير الحرب
الإسرائيلي، حول ضرورة تغيير
الواقع الذي فرضته حماس في غزة،
وإرسال الولايات المتحدة
الأمريكية المدمرة الأمريكية Uss
cool
إلى المياه الإقليمية
اللبنانية، لشغل الأنظار عما
سيحدث في غزة أولاً، ولتوجيه
رسائل تهديد لكل الأطراف التي
قد تساند المقاومة الفلسطينية،
مثل سوريا وحزب الله وحتى
الشعوب العربية، مع تواطؤ
فلسطيني رسمي، حين يتم التحريض
بأن حماس أدخلت القاعدة في قطاع
غزة، وأنها تسعى لإقامة إمارة
ظلامية، وأن المقدمة لإنهاء
الحصار الإسرائيلي على غزة،
ضرورة وقف الصواريخ. من خلال تحليل مجريات
العملية، واستناداً لشهود
العيان في أرض المعركة، يمكن
قراءة الخطة التي كانت ستنفذ،
حيث كان واضحاً أنها ستكون
متدحرجة، تتطور يوماً بعد يوم،
وصولاً إلى إنهاك المقاومة،
واحتلال القطاع مؤقتاً لإنهاء
حكم حماس فيه، ويبدو أن كل عناصر
الخطة تم اختيارها بعناية وعن
دراسة مسبقة. وإجمالاً، كانت
الخطة تعتمد على دخول قوات خاصة
بكثافة في منطقة "عزبة عبد
ربه"، للسيطرة على المنطقة
وصولاً إلى شارع صلاح الدين
غرباً، ومنها ستتجه شمالاً نحو
بيت حانون وجنوباً نحو مدينة
غزة وحي الشجاعية بالتحديد
ووصولاً لمفترق الشهداء (نتساريم)،
والاتجاه غرباً حتى شاطئ البحر. ليتم بذلك محاصرة
شمال مدينة غزة، حيث تشكل مركز
الثقل السياسي والعسكري الأكبر
لحركة حماس، وليتم إنهاكها
جوياً وإشاعة الفوضى الداخلية
من خلال العناصر العميلة
للاحتلال، التي تم ضبط بعض
مجموعاتها، إذ كانت تعمل لتنفيذ
هذا السيناريو، أما وسط وجنوب
القطاع، فسيكون التعامل معه
أسهل، إذا ما تم انهيار حكم حماس
في شمال غزة. من الملاحظ أنه تم
اختيار موقع العملية بعناية،
وذلك لعدة اعتبارات: ـ منطقة مرتفعة يمكن
أن تكشف من خلالها كل قطاع غزة. ـ الكثافة السكانية
قليلة وأغلب الأراضي مكشوفة. ـ منطقة ضعف عسكري
للمقاومة، وإمكانيات المناورة
فيها ضعيفة. ـ الدخول من خلالها
إلى عمق القطاع، والوقوف على
أبواب أكبر تجمع سكاني فيه (معسكر
جباليا). برغم كل التكنولوجيا
التي تمتلكها إسرائيل، وعدد
العملاء، يبدو أنها لم تكن
تمتلك معلومات مهمة عن تحركات
المقاومة وتكتيكاتها، الأمر
الذي أدى إلى إجهاض العملية
العسكرية الإسرائيلية وإفشالها
من بدايتها، وهي نقطة جوهرية
تحسب للمقاومة، ولكتائب القسام
على وجه الخصوص. بدأت العملية الساعة
الثانية عشر صباحاً من يوم
الأربعاء الموافق 27/02/2008م،
عندما اندفع مئات الجنود
الإسرائيليين من الوحدات
الخاصة نحو مسرح العمليات. ®
يبدو أن عملية الرصد التي تقوم
بها كتائب القسام، كانت ناجحة
إلى حدٍ بعيد، حيث تم تسهيل مهمة
دخول القوات الخاصة في بعض
المحاور، لإيقاعها في شرك تم
نصبه في المنطقة. ®
بالفعل حدث ما تم التخطيط له من
قبل المقاومة، ووقعت القوات
الإسرائيلية الخاصة في الكمين،
حيث تم إطلاق النار على القوات
الإسرائيلية من مسافات قريبة
جداً، أدت إلى قتل وجرح
الكثيرين منهم، بخلاف ما اعترفت
به قوات الاحتلال. ®
أوشكت المقاومة على أسر جنود
إسرائيليين، لولا كثافة
النيران التي تعرض لها
المقاومون من قبل طائرات
الأباتشي، التي تدخلت لإنقاذ
الموقف، لكنها لم تستطيع الهبوط
لإنقاذ الجرحى، وأُجبرت على
التقهقر، ومن ثم تم استدعاء
الآليات العسكرية من دبابات
وناقلات جند، وقد استطاعت
المقاومة أيضاً أن تتعامل معها
من خلال تدمير بعض هذه الآليات. ®
حجم الخسائر غير المتوقع
للاحتلال والصدمة التي تلقتها
القوات الإسرائيلية المتوغلة،
دفعا قيادة الجيش لارتكاب مجازر
ضد الأطفال والمدنيين الآمنين
لموازنة خسائرها. ®
ولما أدركت الحكومة
الإسرائيلية، أن خطتها فشلت
أمام بسالة المقاومة، خصوصاً
بعد بث الصور المروعة التي بدأت
تتسرب للإعلام عن المذابح التي
يتعرض لها الأطفال، كان لا بد من
إنهاء العملية العسكرية، لحفظ
ماء الوجه أمام الشارع
الإسرائيلي، حيث أعلنت الحكومة
الإسرائيلية أن المرحلة الأولى
من العملية العسكرية قد انتهت،
وأنها ستقوم بتقييم الموقف
والنتائج قبل استكمال باقي
المراحل. هل هناك بقية من
مراحل؟ أم أنه الخروج بماء
الوجه؟ وهل الاحتلال ذاهب إلى
تهدئة المهزوم، خاصة بعد عملية
القدس الفدائية؟ نحن في الانتظار... العصر
08-3-2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |