ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 16/04/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

أقوياء بالله

مليون رسالة

Sms

 لرفض المحاكمة العسكرية لقيادات الإخوان المسلمين

دعت جماعة الإخوان المسلمين الشعب المصري إلى رفض المحاكمة العسكرية لقيادات الإخوان المسلمين، خاصةً أن الثلاثاء القادم 15 أبريل هو اليوم المحدَّد لإصدار الحكم من المحكمة العسكرية بحق 40 مصريًّا مدنيًّا من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والمحاسبين والصيادلة وغيرهم.

 وتضمَّنت الدعوة إنجاز حملة إرسال مليون sms، فضلاً عن استخدام الإنترنت للتعبير عن التضامن مع المحالين إلى القضاء العسكري، واقتُرحت بعض النماذج من تلك الرسائل، مثل (محاكمة المدنيين عسكريًّا ظلم فادح وزور فاضح.. اللهم انصر المظلومين واخذل الظالمين).

 وأكَّدت الحملةُ في بيانٍ لها أن الزجَّ بمنصب رئيس الجمهورية لإحالةِ أية قضية إلى جهةٍ قضائيةٍ يراها هو، يُحوِّله إلى خصمٍ من خصوم الدعوى الجنائية؛ يناله ما ينال الخصوم، ويجعل قراره مجرد قرار إداري يمكن الطعن عليه؛ لاستهدافه غايةً غير مشروعة؛ وهي حرمان المتهمين من حقهم في المثول أمام قاضيهم الطبيعي.

 

أفرجوا ... رسالة كل إنسان يحترم قيمة الحرية والإنسانية لكل البشر

أفرجوا ... نداء ضمير لكل مسئول بيده أن يرفع ظلما ويعيد حقا ويرد ظالما

أفرجوا ... حملة دولية لإطلاق سراح 40 إصلاحيا مدنياً من أبناء مصر يحاكمون عسكريا

أفرجوا ... صيحة سجين خلف قضبان الظلم ومن قلب المحنة يستصرخكم

أفرجوا ... دعوة للجميع من أجل دور فاعل للإفراج عن سجناء الإصلاح في مصر

شارك معنا .. ساند معنا .. انصر الحق.


أرسل للرئيس المصري رسالة.

 ( اضغط هنا )

أرسل لكافة منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية للمطالبة بالإفراج عن الإصلاحيين في مصر.

( اضغط هنا )

شارك برفع شعار الحملة على موقعك وأرسل بها عبر القوائم البريدية لكل من تعرف .

( اضغط هنا )

شارك بكلمة للمحاليين للمحاكم العسكرية ولأسرهم وأبنائهم ممن حرموا منهم ظلما

(اضغط هنا)

كما ندعوك من خلال هذه الحملة التعرف على القضية ورجال مصر الشرفاء فساندهم وانضم لركب الاصلاح لخير مصر

(من هنا)

 

شارك معنا

NO TO MILITARY TRIBUNALS FOR CIVILIANS

لا لمحاكمة المدنيين عسكريا

 

موعدنا الثلاثاء 15 ابريل القادم

 

To all Human Rights Organizations all over the world,

To freedom and human rights defenders

 To freemen all over the world

 We call on you

 For the sake of justice

For the sake of Egyptian scientists, researchers and university professors

 For the sake of noble businessmen who after years of toil are awaiting a decision that freezes their assets

 For the sake of the children, wives, mothers, workers and students of these freemen who are a source of pride for their nation

We call on you to take action

 

لن نصمت

We will not be silent

مطلبنا العدالة

Justice

تابع الحملة على مواقع

www.ikhwanweb. com

www.freedomcost. com

http://ensaa. blogspot. com/

 

الحملة الدولية للتضامن مع  المحالين عسكريا من المدنيين

 

 

رسالة من زوجة

المهندس محمود المرسي

 

"أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) " العنكبوت.. صدق الله العظيم.

 أكتب هذه الرسالة مع اقتراب صدور الأحكام على زوجي والشرفاء الذين معه في القضية العسكرية، التي سِيقوا إليها ظلمًا وعدوانًا بدون أي ذنبٍ فعلوه، غير أنهم يريدون إصلاح الوطن؛ فالبعض يظن أنني والأولاد مترقِّبون صدور الأحكام بقلقٍ وخوفٍ، وسبحان الله..!!

عندما يتصل بي أحدٌ يجد عكس ما كان يظن، ويجد في كلامي من الطمأنينة والثبات اللذين منَّ الله بهما عليَّ؛ فكلما دعوتُ الله أقول: "يا رب .. قدِّر لنا الخير حيث كان، ثم رضِّنا به".

 وأما زوجي فأقول له: عندما قرَّروا إحالتكم إلى المحكمة العسكرية صبرْنا ولم نجزع، وقلنا "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وعندما حضرنا الجلسات وشاهدنا ما فيها من ظلم وبهتان للشرفاء، أحسست أن التاريخ يعيد نفسه؛ فالتهم هي نفس التهم، والظلم هو نفس الظلم في المحاكمات العسكرية السابقة والمحاكمات الظالمة في الماضي.

 فأقول لك يا زوجي الغالي:

نحن صابرون وثابتون بإذن الله، وراضون بقضاء الله وقدره، فلم نخَف أو نحزن؛ فمن هو في حمى الله لن يضرَّه شيءٌ بإذن الله.. قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157)) (البقرة)، هذا حال من يختارون السير في هذا الطريق؛ فإن الجنة ليس رخيصةً ولكنها ثمنٌ غالٍ.. وأحمد الله كثيرًا أن اختارنا أن نكون من أصحاب الدعوات والمحن والابتلاء.

 وإلى شركاء زوجي في المحنة، إلى الشرفاء خلف الأسوار.. لا أجد أبلغَ من قول الله تعالى "الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " (آل عمران: 173)، فهذه المحنة هي ثمنٌ للجنة، فقد بذلتم العمر في سبيل الله وإصلاح الوطن، وضحَّيتم بالمال، فنعم الصفقة الرابحة بإذن الله.

 إلى العائلة الكبيرة.. الكبيرة جدًّا.. أهالي المعتقلين وزوجات، وأنا أتشرَّف بانتمائي إلى هذه العائلة، فكنا مثل الجسد الواحد؛ "إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".. أقول لكل أخواتي زوجات المعتقلين.. رأيتكنَّ كالجبال الشامخة، ربما تكون المحنة هي التي جعلتكن هكذا، ولكنني كلما أنظر إلى وجوهكن المشرقة بالأمل والتفاؤل والرضا بقضاء الله، أستمدّ منكن الهمَّة العالية والصبر والجلد، أدعو الله أن يلهمنا جميعًا الصبر والثبات على الحق، وأن يقدِّر لنا الخير حيث كان ثم يرضِّيَنا به، "إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ" (الأعراف: 56).

 

أقول لهيئة المحكمة والقاضي.. معذرةً؛ فنحن أتينا إلى محكمتكم خطأً؛ لأننا مدنيون، وكيف نحاكم أمام المحكمة العسكرية؟! يشهد الله أن الذين يحاكَمون أمامك هم خيرة أبناء هذا الوطن، وأنت تعلم ذلك، فاتَّقِ الله فيهم وحاول ألا تكون أداةً للظلم والاستبداد، واعلم أنه سيأتي يوم سنقف فيه جميعًا أمام الحكم العدل، وستقام محكمة أخرى وسيُحكَم فيها بالعدل بإذن الله، ولكل ظالم نهاية.. قال تعالى" وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال: 30).

*******

كلمة زهراء الشاطر

في مؤتمر الحملة الدولية

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ومَن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.

إ نَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. أما بعد..

فإنه منذ أن بدأت الخليقة وعلى مرِّ الزمان والحق والباطل يتصارعان، وعلى مرِّ العصور يقيِّض الله للحق رجالاً يعرفون قيمته ويبذلون الغاليَ والنفيس في سبيل نصرته، ويقاومون من أجل رفع رايته.. هذه الراية التي لا ترتفع إلا بهذه التضحيات، وهذه المقاومة التي هي شعاع ضوء في هذا الظلام، شعاعٌ يتوهَّج بتضافر جهود الأحرار الشرفاء حتى يُعيد فجر الحق ساطعًا وتنقشع معه ظلمة الباطل الدامس؛ لذلك فإنه يشرفني أن أحضر بينكم اليوم لنزرع سويًّا بذرة هذا الفجر؛ فإن اجتماعنا اليوم هنا هو الأمل الحقيقي وهو الدليل القاطع على أن الباطل مهما انتفش أو طغى فإنه غير قادر على كسر إرادة المقاومة بداخلنا.

   تحيةً من القلب لكل من حضر اليوم من شرقٍ ومن غربٍ وقَطَعَ هذه المسافات الطويلة ليجدِّد العهد على تكوين رابطة عالمية تكافح الظلم وتسعى لإقرار الحق والعدل والسلام، والذي هو جوهر رسالة الإسلام الذي يدعو لنشر قيم الحضارة ويقاوم الظلم والفساد والاستبداد.

 

أبدأ كلمتي بأن أعرِّف نفسي إليكم؛ فأنا ابنة هذا الرجل الذي أفخر بالانتساب إليه وأحمل اسمه وسامًا مُشرِّفًا على صدري، والذي يحز في نفسي غيابُه أو تغيُّبه عن هذا الحفل للعام الثاني على التوالي؛ لكونه معتقلاً ومحالاً ظلمًا للقضاء العسكري رغم تبرئته من القضاء المدني أكثر من مرة، لولا أن عزائي أنه معنا دائمًا لا يغيب بفكره وروحه.

   والدي هو المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، والذي قضى من عمره ما يقرب من عشرة أعوام خلف قضبان السجون، والذي يحال اليوم إلى المحكمة العسكرية للمرة الثانية، وما أقساها من كلمة!!.

   يُحال خيرت الشاطر إلى المحاكمة للمرة الثانية لبعض أعوام أخرى خلف الأسوار؛ لا لجريمة أو ذنب جناه، بل لما قدَّمه من خيرٍ لهذا الوطن.. خيرت الشاطر الذي وصفوه بالعقلية البارزة هو الذي جلب الشركات وجلب الاستثمارات وحمل تاريخه سجلاًّ حافلاً من الإنجازات والجهود الإصلاحية التي شهد بها الجميع؛ فما كان من النظام إلا أن يكرمه بالحبس والاعتقال.

   كما أني أيضًا زوجة الإصلاحي والمناضل المهندس أيمن عبد الغني الذي أفخر به أبًا لأبنائي والمحال أيضًا للقضاء العسكري.. زوجي الذي اعتُقل ثمانيَ مراتٍ وقضى من عمره ما يقرب من خمس سنوات خلف الأسوار ليدفع فاتورة جهوده الإصلاحية ونضاله وما حمل لهذا الوطن من خير.

   لم أحضر هنا اليوم لأتحدَّث باسم والدي وزوجي فحسب، بل باسم أربعين إصلاحيًّا مدنيًّا محالين ظلمًا للقضاء العسكري، ورغم آلامنا العميقة لهذا الظلم إلا أننا نؤمن في نفس الوقت بأن ما نعانيه من ظلمٍ واستبدادٍ ما هو إلا جزءٌ بسيطٌ مما يحدث لهذا الوطن.

   فالقضية ليست قضية خيرت الشاطر أو قضية أيمن عبد الغني ومن معهم، القضية أكبر من ذلك بكثير.. هي قضية وطنٍ تُكبَّل إرادتُه وتُصادَر حريتُه وتُحتَقر مقدَّراتُه.. وطنٍ أصبحنا نفتقد فيه الأمن والأمان.. وطنٍ نعيش فيه في ظل نظام أمني قمعي مستبد؛ ينظر للأمور من منظور واحد، هو منظور بقائه واستمراره.. نظامٍ بات يحمي نفسه وكل من يدين له بالولاء أيًّا كانت فضائح هؤلاء أو جرائمهم، حتى لو كانوا قد جلبوا المواد المسرطنة أو أغرقوا المئات في العبَّارات، أو أهدروا المليارات من قوت هذا الشعب المسكين.. لا مانع عند هذا النظام من أن يترك هؤلاء جميعًا لينعموا بالحرية والأمان طالما أدانوا له بالولاء، وفي الجهة المقابلة هو يصفي معارضيه ويصادر حرياتهم ويلقي بهم في غياهب السجون حتى لو كان هذا على حساب مصلحة هذا الوطن ورخائه، وحتى لو كان هؤلاء هم خيرة أبناء هذا الوطن من العلماء والمفكرين والباحثين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال الشرفاء الذين حمل تاريخ كلٍّ منهم سجلاًّ حافلاً من الإنجازات والمساهمات الفعَّالة في بناء ونهضة هذا الوطن.

 

أيها السادة.. بدلاً من أن يُكرَّم هؤلاء الشرفاء، ويُرفعون إلى منصات التكريم كما هو الحال في أغلب البلدان المتقدِّمة، يُزجُّ بهم في السجون، وتُغلق شركاتهم، وتُجمَّد أموالهم ليفقد مئات العمَّال مصدر رزقهم، وليستبدل الأستاذ الجامعي بمنصته العالية زنزانةً حقيرةً ويُحرَم منه طلابه، ويستبدل الطبيب بعيادته قيدًا حديديًّا ويهجرها مرضاه.

   لا مانع أن يحدث كل ذلك طالما أن هؤلاء قد عارضوا هذا النظام ولم يدينوا له بالولاء، ويجدر بي هنا أيها السادة أن أوضِّح أن أبي ومَن معه ليسوا معارضين، بل مصلحون وأصحاب مشروعٍ حضاري لنهضة هذا الوطن.. مشروعٍ لا يتم إلا في أجواءٍ من الحرية؛ هذه الحرية التي يخشى النظام منحهم إياها؛ حرصًا على بقائه ومصالحه الشخصية، ضاربًا بمصلحة هذا الوطن عرض الحائط.

   كما أن قضيَّتنا أيضًا هي قضيَّتكم؛ فما نعانيه من ظلمٍ من الاستبداد الجاثم على صدورنا ما هو إلا نسخةٌ للعنصرية الأمريكية الصهيونية على مستوى العالم والسيطرة المهيمنة للرأسمالية المتوحشة على موارد ومقدَّرات الشعوب، وكذلك الغطرسة "الإسرائيلية" وما تفعله بالشعب الفلسطيني الثابت الصامد؛ فإن الاستبداد في بلادنا وغيرها يوفِّر البنية الأساسية من القهر والتخلف والقابلية للاستعمار، ونحن عندما نقاوم الاستبداد نمثِّل من المنظور الإستراتيجي خطَّ المقاومة لهذه الغطرسة الصهيونية الأمريكية.

   منذ عام أيها السادة جئنا إلى هذا المكان أنا وأسر الـ40 إصلاحيًّا.. جئنا لنسطِّر بكلماتنا بدء هذه المأساة وكيف حدث القبض على هؤلاء الشرفاء.. جئنا لنتحدث عن لحظات الاعتقال وقسوتها وكيف فزَّعت الأسر وروَّعت الأطفال؛ سرقت الأموال حتى من حقائب البنات الصغار.. سردنا فصولاً مؤلمة تُصوِّر كيف سرق منا هذا النظام أربع إفراجات حصلنا عليها من محاكم مدنية يوجب كلٌّ منها الإفراج الفوري عنهم، وكيف عشنا لحظاتٍ قاسية من إعادة الاعتقال بعد البراءة، فكنا نتلقَّى في اليوم الأول مكالمات التهاني من كل مكان لنتلقَّى في اليوم التالي مكالمات المواساة من الأهل والجيران.. كيف كانت صدمة الأطفال وقد فرحوا وارتدَوا حُليَّهم.. كيف تحوَّل الإفراج من محكمة مدنية إلى إحالة إلى محكمة عسكرية ليُحرَموا من أبسط حقوقهم ودون أن يُعاقَب من عطَّل أحكام القضاء؟!.

   واليوم نحضر مرةً أخرى بفصول أكثر إيلامًا تعجز الكلمات عن وصفها، والجدران عن تحمُّلها.. أحداث جسام جاوز فيه الظالمون المدى.. عام كامل أيها السادة غبتم فيه عنا ثم عدتم من جديد وما زلنا نُحاكَم ونقضي فعليًّا مدة العقوبة دون أية إدانة.

   كيف أصف لكم؟! وماذا أقول؟! ماذا أقول لكم عن أكثر من 70 جلسةً سريةً في صحراء منطقة عسكرية؟! 70 جلسةً دون أن يتمكَّن ملفِّقو هذه القضية من تقديم دليل واحد يدين أيًّا من المتهمين فيها.. 70 جلسةً يُمنَع عنها المراقبون ومنظَّمات حقوق الإنسان التي جاءت من كل أنحاء العالم، ويُمنَع عنها الجمهور والإعلام، بل حتى الأقلام صادروها منا حتى لا يسطر أحد الفضائح والمهازل التي تحدث بالداخل؛ حتى لا يسطر جريمة اغتيال القانون والمنطق وكل الثوابت التي خالفوا فيها كل قواعد اللعبة.

 

طوال 70 جلسةً وهم يرتدون غطاءً شرعيًّا لقرارٍ سياسي اتخذوه مسبقًا لحبس هؤلاء الشرفاء الذين ثبتت براءتهم مسبقًا، إلا أن محاولاتهم مكشوفة.. فهل كانت إحالتهم إلى القضاء العسكري عدم ثقة في أحكام القضاء المدني الطبيعي؟! وإذا كان قرار حبسهم قرارًا سياسيًّا فلماذا أجبرونا أن نشارك في هذه المسرحية الهزلية بدون الكومبارس؟!

   ماذا أقول أيها السادة عن معاناةٍ قاسيةٍ للأمهات والأطفال والأبناء عن زواج الابنة دون أبيها؟! عن وفاة الأم دون وداع ابنها؟! وعن ولادة الابن دون نظرة أبيه؟!.

   ماذا أقول عن عامٍ ونصف العام طرقنا فيها كل الأبواب، حاولنا فيه بكل الطرق السلمية رفع الظلم الواقع علينا: مجلس الشعب، مجالس حقوق الإنسان ومجالس المرأة وغيرها من المؤسسات الحكومية، هل أخبركم أن أحدًا لم يستمع إلينا وأن مَن استقبلنا في كل مرة كانوا ضباط أمن الدولة الذين اقتحموا بأنفسهم منازلنا من قبل في منتصف الليل؟!.

   ماذا أقول عن معاناة أطفالنا ومعاناتنا في سبيل تعزيز القيَم السلمية المعتدلة بداخلهم، والتي علَّمنا الإسلام إياها وهم يتربَّون في هذا الجو السلبي الذي يشاهدون فيه كمَّ الفوضى التي نعيشها؛ من ضابط يسرق الأموال ويلفِّق الأحراز، وقاضٍ لا يحترم كلمته، ووسائل سلمية لا تجدي ولا تنفع؟!.

كيف أقص هذه الصفحات السوداء من الظلم والاستبداد والزيف التي تليق بالغاب لا بالقرن الواحد والعشرين؟! لن أقول إلا كما علَّمني خيرت الشاطر: إن الحرية الحقيقية ثمنٌ لا يدفعه إلا الأحرار والشرفاء، وللإصلاح ضريبةً لا يدفعها إلا المناضلون، وما أرى إلا أنه ومن معه رهائن لهذا الإصلاح.

   لا يفوتني في الختام أن أنقل لكم باسمي واسم كل أسر المعتقلين تحيةً حارَّةً من خلف الأسوار من خيرت الشاطر وإخوانه تحمل لكم معانيَ الشكر والعرفان على ما قدَّمتموه لنا بعد مؤتمر العام الماضي الذي كان انطلاقةً لحملةٍ دوليةٍ على مستوى العالم لدعم قضيَّتنا وفضح الممارسات القمعية من خلال وقفاتكم الاحتجاجية السلمية في كثيرٍ من عواصم العالم، وكلنا أمل في أن تستمر جهودكم في الدعم للتعريف بقضيَّتنا التي هي قضيَّتكم وقضية كل حرٍّ شريفٍ حتى ينشأ أبناؤنا في أجواءٍ أفضل من الحرية والعدل والسلام.

وأفوض أمري لله، إن الله بصير بالعباد.

*******

رسالة إلى الأستاذ جهاد الخازن

من م. ممدوح الحسيني - أحد الإخوان المسلمين المحالين إلى المحاكمة العسكرية

الأستاذ/ جهاد الخازن- جريدة الحياة

بعد التحية ...

أتابع زاويتك في جريدة الحياة منذ فترة، وقد أوافقك في بعض التحليلات والآراء، وأخالفك في بعضها الآخر، ولكني ولأول مرة بكيت عند قراءتي لزاويتك في عدد الأحد 2 مارس؛ فقد أحسستُ أنك ذقت مرارة الظلم وشعرت بأنك تعيش هموم أمتنا العربية وشعوبها المظلومة التي تئنُّ تحت تسلُّط ساستها، الذين افتقدوا الرؤية السديدة، بل تخلَّوا عن أبسط مبادئ العدل والحق والشرف والكرامة والرعاية والأمانة التي تعلَّقت برقابهم، وسيسألهم الله عنها يوم القيامة، ولقد ساءني كثيرًا ما ذكرت من أنك تعرَّضت لمحاكمات عسكرية بسبب آرائك وعملك الصحفي.

   أتفق معك في كل ما قلت في زاوية اليوم، وخاصةً اتهامك للبعض بسرقة تضحياتنا لصالحهم وضد مصالح الأمة، بَيدَ أن لي إضافةً بسيطةً، وهي أننا حين نضحِّي فإننا لا نضحِّي من أجل هؤلاء الساسة، بل نضحِّي في سبيل كرامة شعوبنا وحريتها.. في سبيل أن نتخلَّص من الفساد والخور.. في سبيل أن يعيش أبناؤنا داخل الوطن في عزَّةٍ وإباءٍ وسعادةٍ وأمنٍ وسلامٍ.. في سبيل أن نعذر إلى الله ليرضى عنا، فنحن نجعل من أنفسنا شموعًا نضيئها لنقهر الظلام وننشر السلام والمحبة والعدل والحرية.

   وليس هذا كلامًا إنشائيًا، فكاتب هذه الرسالة يدفع ثمن تلك الأفكار من حريته وأمنه وراحته ورزق عياله؛ فهو يقبع في سجن طرة منذ أكثر من أربعة عشر شهرًا، لا لشيء إلا لأنه يدعو إلى هذه الأفكار الإصلاحية السلمية، ويحاكَم بدون جريمة، بل حصل على البراءة من المحاكم المدنية ثلاث مرات، ورغم ذلك يحال إلى المحاكم العسكرية بدون أي دليل على أي تهمة وجِّهت إليه، بل لم تحقِّق معه النيابة العسكرية، ونحن الآن في انتظار الأحكام بناءً على الأوامر العسكرية، وليس بناءً على الأدلة الثابتة أو الإجراءات السليمة أو ضمير القاضي.

   فماذا ننتظر من قادة الوطن بعد أن أغرقونا في الذلِّ والهوان والحرق في القطارات أو الغرق بالعبَّارات أو طعومًا للأسماك بحثًا عن فرصة عمل أو بالموت البطيء بالمسرطنات أو المياه الملوّثة أو الأمراض الفتاكة؟! فلا ننتظر إلا الظلم تلو الظلم، ولكن الله من ورائهم محيط، ولن ننسحب من المعركة السلمية، ولكن نضع أيدينا في أيدي المخلصين من أبناء هذه الأمة، ونستمر في التضحيات حتى تفيق الشعوب العربية من غفوتها، وليس من موتها، وتنتفض للتخلُّص من هؤلاء الساسة الذين لا يبحثون إلا عن مكاسب دنيئة فردية؛ بضياع مصالح هذه الشعوب.

 ولست وحدي في هذه القضية العسكرية، ولكني أحد أربعين من رجالات مصر الأخيار، كلهم مدنيون؛ من رجال أعمال، وأساتذة جامعات، وأطباء، ومهندسين، وصحفيين، ومهنيين، جمعهم العمل السلمي الإصلاحي لنصرة هذه الأمة.

ونحن في انتظار فجر العدالة والحرية والنصر حقًّا بإذن الله، وإن غدًا لناظره لقريب.

(قبل الحُكم) سيدي القاضي.. ترفَّق!!

 

ليس بالإخوان المحالين للعسكرية؛ فإن لهم مع الله في جميع أحوالهم عبادة وعبادات؛ فسجنهم خلوة، ونفيهم سياحة، وقتلهم شهادة.. فماذا يفعل أعداؤهم بهم؟!!

 لكن سيدي القاضي ترفَّق بنفسك واعلم أنك أحد ثلاثة قضاة؛ أحدهم في الجنة، والثاني في النار، والثالث في النار.. "القضاة ثلاثةٌ: واحدٌ في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة: فرجلٌ عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجلٌ قضى للناس على جهلٍ فهو في النار" (صحيح مسلم- كتاب الأقضية).. فأيُّ القضاة أنت، وأنت تعلم الحق يقينًا بأن معتقلي الإخوان مظلومون ومبرَّؤون؟! أفبعد أن عرفت الحق تقضي بالباطل؟!

 سيدي القاضي.. اعلم أن الله من عليائه ينادي المؤمنين عامةً وعليك وعلى من ولي من أمرهم شيئًا خاصةً وذلك في المادة (90) من قانون سورة النحل فيقول: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) والمادة (58) من قانون سورة النساء (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)؛ لذا أدعوك سيدي القاضي أن تكون من حزب المقسطين، الذين قال فيهم رسول الله: "إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَىَ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ، وَمَا وَلُوا" (رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص- كتاب آداب القضاة).. أتعدل عن هذا الأمر الرباني والهدي النبوي لأجل مكافأة زائلة أو منصب متروك أو بشر لا يملك لنفسه شيئًا؟!!

 سيدي القاضي.. أنت خليفة الله على مصالح المسلمين، تصون مصالحهم بسياج الحق، وتذبُّ عنهم كل مفسدة بسيف العدل، وأنت سندُ كل مائل، ودليلُ كل حائر، ونجاة كل مظلوم، ودواء كل مكلوم، ولذا أذكِّرك بالمادة (26) من قانون سورة ص (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)) فلتكن داود المحكمة العسكرية، تحكم بالعدل ولا تشطط، وتقول الحق ولا تُفرِط، وليكن لك في النبي داود خير قدوة، ولتحكم بإخلاء سبيل الإخوان.. الآن.

 أيها القاضي .. يقول الإمام الغزالي: "إن القضاء أفضل من الجهاد؛ لأن طباع البشر مجبولة على التظالم، وقلَّ من ينصف من نفسه، والإمام مشغول بما هو أهم منه، فوجب من يقوم به، فإن امتنع الصالحون له منه أثِموا وأَجبر الإمام أحدهم"؛ لذا كان القضاء في الإسلام ومن أشرف المقامات رتبةً وأعلاها منزلةً وكيف لا والله يقول (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ) (غافر: من الآية 20)، ولست تنكر سيدي أن كبح الإخوان ومحاصرتهم والتصدي لهم ضد مصلحة الوطن، كيف لا وهم من أشرف الرجالات وأخلص العلماء وأحرص المواطنين على النهوض ببلدهم والرقي به.

 أيها القاضي.. يا خليفة أبي موسى الأشعري وعليٍّ ومعاذ وعمر وغيرهم من هؤلاء المقسطين أنت مؤتمن ومسئول، فإن أخذت الأمانة بحقها أُعِنت عليها وإن أنت فرَّطت فيها وُكِلتَ إليها.. "يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها"، وليكن لك في هذا الخبر خير راشد:

(( رَوَوا أن أمير المؤمنين كلَّف عدي بن أرطأة بأن يختار أحد هذين الرجلين إياس بن معاوية والقاسم بن محمد لتولي قضاء البصرة.

 فقال كل منهما عن صاحبه: إنه أولى منه بهذا المنصب، وذكر من فضل أخيه وعلمه وفقهه ما شاء الله أن يذكر.

 فقال عدي لن تخرجا من مجلسي هذا حتى تحسما أمركما.

فقال له إياس: أيها الأمير، سل عني وعن القاسم فقيهَي العراق: الحسن البصري ومحمد بن سيرين؛ فهما أقدر الناس على التمييز بيننا، (وكان القاسم يزورهما ويزورانه، وإياس لا صلة له بهما)!!

 فعلم القاسم أن إياس بن معاوية أراد أن يورِّطه في الأمر، وأن الأمير إذا استشارهما- الحسن وابن سيرين- أشارا عليه به دون إياس، فما كان من القاسم إلا أن التفت إلى الأمير وقال: أيها الأمير، لا تسل أحدًا عني ولا عنه، فو الله الذي لا إله إلا هو إن إياسًا أفقه مني في دين الله وأعلم بالقضاء؛ فإن كنت كاذبًا في قسمي هذا فما يحلُّ لك أن توليني القضاء وأنا أقترف الكذب، وإن كنت صادقًا فلا يجوز لك أن تعدل عن الفاضل إلى المفضول!!.

 فالتفت إياس إلى الأمير وقال: أيها الأمير، إنك جئت برجل ودعوته إلى القضاء فأوقفته على شفير جهنم فنجَّى نفسه منها بيمين كاذبة لا يلبث أن يستغفر الله منها وينجوَ بنفسه مما يخاف!!.

 فقال له عدي: إن من يفهم مثل فهمك هذا لجديرٌ بالقضاء حرِيٌّ به، ثم ولاهُ قضاء البصرة)).

 أيها القاضي.. لا يحملنَّك سوطُ سلطان ولا جاهُ حاكم مهما كان أن تحكم بالباطل أو تبطَرَ الحق، ولتعلم أن" أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر"رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ من حديث أبي سعيد الخدري باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من كتاب رياض الصالحين: رقم 194)، وليكن لك من موقف القاضي مع المأمون خير شاهد:

 

(( روَوا أن المأمون لما جاء إلى المدينة ومعه الحمَّالون الذين يحملون متاعه، ما إن وصل المدينة واستقر في قصر عامله بها إلا واستدعاه القاضي (انظر: القاضي يستدعي رئيس الدولة)؛ حيث إن الحمالين اشتكوا المأمون إلى القاضي، فجاءه رسول القاضي: إن القاضي يدعوك إلى مجلس القضاء؛ حيث حضر خصومٌ لك!!.

 فما كان منه إلا أن بعث حاجبه، وقال له: إذا خرجت فمر الناس ألا يقوموا، فإني ماضٍ إلى مجلس القضاء!!.

فلما مضى إلى مجلس القضاء فُرِشَت له الأرائك، فقال له القاضي: يا أمير المؤمنين! لا تترفَّع عن خصمك (ومن خصومه؟ إنهم الحمالون!! الذين يحملون متاعه)، فإما أن تفرش لك ولهم وإلا جلست معهم على أرض المسجد!!.

لكن الخليفة الذي يبغي الحق ويرجوه يجلس معهم على أرض المسجد، فلما استقر معهم واستويا، قال: ما خصومتهم؟ قال: إنهم لم يأخذوا حقوقهم، فقال: إني قد أمرت وكيلي أن يدفع إليهم، قال: فلتدفع إليهم الساعة؟! قال: أفعل.

 فما كان من القاضي بعد أن انتهى هذا الأمر إلا أن ذهب وجلس وراء المأمون، فقال له: ويحك!! ما الذي تفعله؟ .. قال: يا أمير المؤمنين! كنتُ في حق الله وقضيت، فالآن أبقى في حق أمير المؤمنين)).

 أيها القاضي.. لتكن تقوى الله قرينك وكتاب الله دليلك، والعدل سبيلك، وإقامة الحق بين الناس مبتغاك ومَعِينك، فاتق الله واعدل؛ لأن الحكم قوامه العدل.. فالقويُّ ضعيفٌ عندك حتى تأخذ الحق منه، والضعيف قويٌّ حتى ترد الحق إليه، ولا تأخذك في الله لومة لائم، وتذكَّر معونة الله لك، وتأييد الله لك، وأنه لا يزال لك من الله نصير وظهير ما دُمت تطلب الحق وتنشده، لأنك إذا طلبت الحق وتجرَّدت له لا يزال الله لك نَصيرًا وظهيرًا.

سيدي القاضي.. لا يخدعنَّك بريق المنصب، ولا يغرنَّك علوُّ المركب، أن تحكم ظلمًا لأحد على حساب آخر من أجل منصب أو سلطان أو جاه أو مال أو إرضاء فلان أو.. ولو كان على نفسك أو الأقربين فضلاً عن رئيس أو وزير أو.. واجعل (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) و(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا) و(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) دستورك وملاذك.

 أيها القاضي.. تعلم أنَّ الأمة لا تحتاج إلى شيء من القيم والأخلاقيات كحاجتها إلى العدل والمساواة والحرية والأمن، وأن القضاة الذين بهم تحيا الأمم، وبعدلهم تشرق الحياة، وبهم راية الحق قد علت، وبعدلهم طابت الدنيا وسعدت.. هؤلاء القضاة ما وقف أمام حكمهم أمير، ولا خالف أمرهم وزير..

(( كتب أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة كتابًا جاء فيه: "انظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر فادفعها إلى القائد".

فكتب إليه سوار: "إن البينة قد قامت عندي أنها للتاجر، فلست أعطيها لغيره إلا ببينة"، فكتب إليه المنصور: "والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى القائد".

فكتب إليه سوار: "والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجها من يد التاجر إلا بحق".

فلما وصل كتابُه إلى المنصور قال: ملأتها والله عدلاً، فصار قضاتي تردني إلى الحق)).

 سيدي القاضي ..  وإنما ذكرت لك ما ذكرت ليس مرافعةً ولا مدافعةً ولكنها نصيحة وذكرى، أحسبك أحوج الناس أجمعين إليها الآن من غيرك.

وأختم بصرختي إليك؛ حرصًا على نفسك وإبراءً لذمتك:

سيدي القاضي.. ترفَّق بنفسك وأطلق الشرفاء!!.

*******

أخواتي زوجات المعتقلين..

لن يغلب عسرٌ يسرَيْن

جمعتني جلسةٌ طيبةٌ مع زوجات بعض المعتقلين في محافظتي سمَّيناها "جلسة رضا وشكر"؛ كانت بيننا صفةٌ واحدةٌ هي أننا زوجات معتقلين حاليين أو سبق لنا أن مررنا بتجربة اعتقال الزوج.

جلسنا نتذكر نِعَم ربنا ونتعرَّف على "اليسرَيْن" اللذَين نعيشهما في عسر اعتقال الأزواج؛ فقد قال الله- تعالى- (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) (الشرح)، وعن هذه الآية قال نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-: "ولن يغلب عسرٌ يسرَين" (رواه ابن جرير).

كانت النية هي تذكُّر نعم الله الظاهرة والباطنة والمنح الربانية في محنة اعتقال أزواجنا؛ حتى نحب الله- سبحانه- ونرضى بقضائه فينا؛ لعل الله- تعالى- يرضى عنا: "فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط".

بدايةً.. حمدنا الله- تعالى- أن جعلنا الله زوجاتٍ لأزواجٍ دعاة يسعون للإصلاح ويسيرون على طريق الحق، وتلك خاطرةٌ جالت بخاطر إحدانا حينما ذهبت لزيارة زوجها فنودي عليها في زوجات السياسيين ولم تكن من زوجات الجنائيين، فالحمد لله رب العالمين.

تذكَّرنا نعمة الاطمئنان على أزواجنا؛ فهم في معية الله- سبحانه- ينعمون بالصحبة الصالحة وكأنها فرصةٌ للاعتكاف واستعادة راحة النفس والطمأنينة بالله، لسان حالهم يقول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية الذي حُبس أيضًا في سبيل الله:  "نحن في سعادةٍ لو علمها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف".

قالت إحدانا إننا نستشعر معية الله- سبحانه- وأقسمت أنه كان لديها مشكلات استعصت على الحل، ولكنها تيسَّرت بحَوْل الله وقوته وجاء الفرج والحل بعد اعتقال زوجها، وأنها تستشعر لطف الله بها في أي مأزقٍ أو مشكلة تقابلها.

لذة المناجاة والدعاء

أجمعنا على أننا أحسسنا بلذة القرب من الله ومناجاته سبحانه، وأن دعاءنا أصبح نابعًا من القلب، وهو شعورٌ لا يعرف قيمته إلا من ذاقه، فالحمد لله رب العالمين، ونرجو أن يكون الدعاء مستجابًا؛ فإنها دعوة مظلوم؛ ليس بينها وبين الله حجاب.

قالت أم رضوى إنها كانت لا تتصوَّر مجرد تخيُّلٍ اعتقال زوجها، وأنّى لها أن تتحمل التفتيش ثم خروج زوجها مع قوات الأمن؟! ولكن عندما مرَّت بالتجربة أمدَّها الله بقوةٍ عجيبةٍ وصبرٍ؛ بحيث كانت قويةً وثابتةً تذكر الله على مسبحتها؛ تنظر لرجال الأمن بطمأنينة وثبات وسكينة أنزلها الله وحده في قلبها، ففرحت بالله وتثبيته لها.

أقوياء بالله

أمَّا أم أسامة فالتقطت الحديث من أختها وقالت إنها كانت تشعر بالقوة، وكانت ترى الضعف والتخاذل في عيون قوات الأمن إذا تحرَّك طفلٌ صغيرٌ وأحدث صوتًا بسيطًا نظروا نحوه في ذعرٍ وخوفٍ، وليس هناك دليلٌ على خوفهم وضعفهم أقوى من أنهم حشدوا كل هذه الأعداد المجهَّزة بالأسلحة والآليات من جنود الأمن لاعتقال شخصٍ واحدٍ فقط.

أخوَّةٌ وترابط

جميع الحاضرات أجمعن على أنهن أحسسن بنعمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين؛ فقد شعرن بالحب والأخوة والترابط، وكيف أن الكل يعتبر نفسه في خدمتهم ويبذل أقصى جهده لقضاء مصالحهم، بل إن أبناء المعتقلين زاد إحساسهم بالانتماء والحب لهذه الجماعة المباركة، وهنا أضافت إحداهن أنها لم تكن على صلةٍ قويةٍ بالأخوات، ولكن بعد اعتقال زوجها زارها الكثير منهن، فأحبَّتهن وسوف ترتبط بهن إن شاء الله تعالى.

اصطفاء

تذكَّرنا قول الله- تعالى- في سورة آل عمران: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران: 140) ووقفنا نتدبَّر قوله- تعالى-: (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) فإن الله تعالى إذا شاء اصطفى واتخذ من عباده من يرزقهم شرف الشهادة في سبيله، وهذا المعنى هو ما يستشعره إخواننا في غزة، أما نحن في مصر فإن جهادنا من نوعٍ آخر غير جهادهم في غزة، فاصطفى الله البعض من الإخوان وحَبَاه بالاعتقال ليزيده وأهله في الأجر والاحتساب.

بركة العمر

تحدَّثت إحدى الأخوات اللاتي سبق اعتقال زوجها عن البركة التي شعرت بها في صحة زوجها وأبنائها بعد اعتقال الزوج، وتذكَّرنا أمثلةً كثيرةً عن بركة العمر التي وهبها الله لمَن طالت مدة اعتقاله، مثل الأستاذ مصطفى مشهور والأستاذ عبد المنعم سليم جبارة اللذين زادت مدة اعتقالهما عن خمسة وعشرين عامًا، رحمهما الله وتقبلهما في الصالحين، والأستاذ علي نويتو بارك الله في عمره وجهاده.

وذكرت أختٌ أخرى تؤمِّن على كلام أختها أن بناتها قد يسَّر الله لهنَّ الزواج والذرية بعد اعتقال زوجها، وقالت: "إنني ندمتُ على حزني على اعتقال زوجي بعدما رأيتُ ما ادَّخره الله لنا من لطفٍ وسعةٍ بعد اعتقاله".

أنت عظيم يا زوجي العزيز

"لقد عرفت قيمة زوجي وقد كنت ألفت وجوده معنا- هكذا أضافت أخت أخرى- بل إن مقامه عندي وفي قلبي زاد والحمد لله، وأصبحت أعتز أني زوجة هذا الرجل العظيم المجاهد الذي اختار هذا الطريق رغم معرفته بأشواكه.. إني أتمنَّى أن يفرِّج الله عن زوجي حتى أقبِّل قدمه قبل يديه؛ تكريمًا له" وضحكت إحدى الحاضرات وقالت: "إن الاعتقال أحسنُ فرصةً لتجديد الروح في الحياة الزوجية".

هينة وبسيطة

أما أم أحمد فقاطعتنا جميعًا بقولها: "تتكلمن عن الاعتقالات.. والله إنها لهينةٌ وبسيطةٌ جدًّا بالنسبة لما يقدمنه أخواتنا في غزة، نحن نخجل أن نشتكيَ وأختنا في غزة تقدِّم ما تقدِّمه من تضحيات.. إن اعتقال زوجي وصبري على ذلك يريح ضميري أني أقدِّم تضحيةً بسيطةً بجانب أختي في غزة".

حتى لا يضيع وقت اعتقال الأزواج هدرًا!!

أما مسك الختام فكان من أختنا أم عبد الله؛ فقد قالت: "احرصن يا أخواتي ألا يضيع اعتقال أزواجكن هدرًا؛ بمعنى أنه يجب أن يعود الزوج وقد زاد حرص الابن على فرائضه أكثر وأكثر، خاصةً صلاة الفجر، وأن يعود وقد حسَّنت الابنة من حجابها، وارتفعت في تفكيرها واهتماماتها، وتفوَّق الجميع في دراسته وعمله الدعوي في سبيل الله، وزادت علاقتهم بالله- تعالى- قوةً من خلال المواظبة على القيام وتلاوة القرآن.. كوني معينةً لزوجك يا أختاه في نشر فكرته بين أهله وأهلك ومعارفكم، وأعطي لهم مثلاً قويًّا في الثبات.

احرصن يا أخواتي على اعتزاز الأبناء بآبائهم وطريقهم، وأن يفخروا بهم بين أصدقائهم، وأن يكونوا خير مثالٍ لأبناء المعتقلين في سبيل الله الذين يريدون إصلاح المجتمع، وبذلك لن يضيعَ الوقت الذي يقضونه خلف الأسوار هدرًا، بل تكون ثمراته أكثر وأعظم من أوقاتٍ كانوا يقضونها معهم بحول الله وقوته سبحانه".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والله أكبر ولله الحمد

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ