ـ

ـ

ـ

الثلاثاء 13/05/2008

رئيس جمعية الحوار الحضاري يطالب

الإمام السيستاني بتعديل بعض الفتاوى الطائفية

جمعية الحوار الحضاري 10/5/2008

سماحة الإمام السيد علي السيستاني حفظه الله

الحوزة العلمية، النجف الأشرف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نود في البداية أن نقدم لكم شكرنا الجزيل على دوركم التاريخي الكبير في المحافظة على وحدة الشعب العراقي، ومنع الانغماس في الفتنة الطائفية المقيتة التي أراد أعداء الأمة في الداخل والخارج تأجيجها وتمزيق وحدتها التي أمر الله تعالى بتمتينها. ونخص بالذكر تصريحاتكم القيمة المستمرة  المؤكدة على هامشية الخلافات بين الشيعة والسنة، والتي كان آخرها تصريحكم في افتتاح الملتقى الأول لعلماء السنة والشيعة في العراق الذي انعقد في مدينة النجف الأشرف بتاريخ 28/11/2007، بعدم وجود خلافات حقيقية بين السنة والشيعة، ودعوتكم للشيعة بالدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية للسنة قبل أبناء السنة أنفسهم. وتوصيتكم للشيعة بأن لا يقولوا "إخواننا السنة" وأن يقولوا بدلا من ذلك:" أنفسنا أهل السنة". وكذلك قولكم "بأن الإسلام هو الذي يجمعنا معا، وأننا  متحدون في کعبة واحدة وصلاة واحدة وصوم واحد".  وسؤالكم ممن يريد التحول إلى التشيع من أهل السنة: لماذا؟ وتأكيدكم له بأن   أئمة السنة دافعوا عن ولاية أهل البيت.

وكل ذلك يكشف عن عمق إيمانكم بالوحدة الإسلامية، وبضرورة تجاوز الصراعات الطائفية القديمة والبائدة.

ويسرنا أن نعلمكم بأن مجموعة من الأخوة المؤمنين، المؤمنين بالوحدة الإسلامية والرافضين للطائفية، قد شكلوا في بريطانيا مؤخرا جمعية للحوار الحضاري بين الأديان والمذاهب، بهدف تأسيس أكاديمية مختلطة تجمع بين السنة والشيعة على مستوى البرامج والأساتذة والطلاب، وتوفر جوا من الحوار الحضاري والنقد البناء، من أجل تذويب الخلافات الطائفية أو ما تبقى منها في العقول والنفوس.

وقد لفت أحد أعضاء الجمعية نظرنا إلى بعض الفتاوى الموجودة في موقعكم في قسم الأسئلة والأجوبة وتتعلق بالصلاة خلف أهل السنة، وزواج الشيعية من سني، حيث توصون بالصلاة ظاهريا معهم ، وتفتون "بعدم جواز الزواج من السني لا دائما ولا متعة للخوف من الضلال"، وذلك جوابا على سؤال فتاة  "مستبصرة" عن الزواج المؤقت من رجل سني. 

ولا ندري مدى صحة هذه الفتاوى؟ وهل هي بقلمكم وعلمكم؟ أم بقلم مكتبكم؟ وهل هي فتاوى قديمة لكم؟ أم هي جديدة وتصرون عليها الآن؟

ونظراً لأن هذه الفتاوى تخالف نهجكم التوحيدي وسعيكم الجاد للقضاء على الفتنة الطائفية، فقد أثارت استغرابنا ودفعتنا لطرح عدد من الأسئلة والنقاط على مائدة الحوار الحضاري مع جنابكم الكريم:

1- ما هو تعريفكم لـ"الشيعي" و"السني"؟ وما هو الحد الفاصل بينهما؟ هل هو حب أهل البيت؟ وعامة المسلمين يحبونهم ويكنون لهم أسمى آيات المودة والتقدير.. أم هو الإيمان بحق أهل البيت بالحكم؟ وهذا أمر لا يستطيع السنة ولا الشيعة تنفيذه اليوم لعدم وجود أئمة من أهل البيت حتى يسلموهم الحكم، ولذلك فقد اتفق السنة  والشيعة على إقامة نظام ديموقراطي عادل ، كما هو الحال في العراق مثلا.. أم هو الالتزام بفقه أهل البيت؟ وهو لا يختلف كثيرا عن الفقه السني إلا في مسائل معدودات، في حين يختلف الشيعة فيما بينهم في مسائل أكثر مما يختلفون مع غيرهم.

2- ما هو تعريفكم للهدى والضلال؟ وهل لديكم تعريف خاص غير ما يوجد في القرآن الكريم الذي يصف في بداية سورة البقرة من يؤمن بالله وبالغيب وبرسله واليوم الآخر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة بأنه من المفلحين " أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون". وهل تعتقدون أن الإيمان بولاية أهل البيت شرط الهداية والفلاح؟ وأن من لا يؤمن بها من الضالين؟

3- على ماذا بنيتم حكمكم بعدم جواز زواج الشيعية من السني؟ وقد جعل الإسلام الإيمان  أساس التكافؤ في الزواج وقال رسول الله (ص): إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.

4- وإذا كنتم قد بنيتم حكمكم على أحاديث منسوبة إلى أئمة أهل البيت، فهل حققتم بسندها؟ وهل عرضتم تلك الأحاديث على القرآن الكريم؟ كما يوصي أئمة أهل البيت، وهل وجدتموها مطابقة له؟

5- وهل تحكمون ببطلان زواج الشيعيات من أهل السنة؟ ووجوب طلاقهم؟ وكيف يمكن للسني أن "يهتدي" ويحافظ على زواجه من الشيعية؟ وماذا يجب أن يقول أو يعمل أو يعتقد؟

سماحة السيد علي السيستاني حفظه الله

إن إطلاق وصف "الضلال" على المخالفين من الفرق الإسلامية والشيعية المختلفة، يشكل مقدمة للقطيعة معهم وإقصائهم وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية والإسلامية الأولية، كما يشكل قاعدة فكرية للتقسيم الطائفي البغيض الذي تعملون من أجل محاربته والقضاء عليه. في حين أن الاعتراف بالآخر واحترام وجهة نظره في القضايا التي تقولون أنها جزئية وهامشية وبسيطة، وتخفيف مستوى الاختلاف الى مستوى الاجتهاد الظني الذي لا يصل الى درجة الحق والباطل أو الهدى والضلال، أو الكفر والإيمان، يشكل أساسا متينا لبناء وحدة إسلامية حقيقية، نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى.

ومن هنا فان الصلاة المشتركة بين السنة والشيعة، والمفعمة بروح الإيمان والمحبة والصدق والإخلاص، ضرورية جدا لتوحيد المسلمين، كما الزواج المختلط بين السنة والشيعة يشكل عاملا مهما في مقاومة الفتنة الطائفية وإفشالها. وإذا كانت الفتنة الطائفية التي ضربت العراق في السنوات الماضية، قد أثرت سلبا على الزيجات المختلطة، مع الأسف الشديد، فإن دعاة الوحدة الإسلامية والوطنية يصرون اليوم على إشاعة الزواج المختلط وتشجيع الشباب من الفريقين عليه، وكسر الحواجز النفسية بين أبناء الشعب الواحد. ويأملون من سماحتكم تشجيع مقلديكم على ذلك وإصدار فتوى خاصة به.

ونأمل أن تكون الفتوى المضادة المحرمة لزواج الشيعية من السني من الفتاوى القديمة التي صرفتم النظر عنها الآن، وأن تعيدوا النظر فيها، أو تبادروا إلى حذفها من موقعكم على شبكة الإنترنت. كما نأمل أن تقوموا بمراجعة بقية الفتاوى التي تفرق بين المسلمين، والتي تخالف توجهكم السياسي الإيجابي الداعي لوحدة المسلمين، مثل موضوع الصلاة جماعة خلف أهل السنة.

وإننا في جمعية الحوار الحضاري، إذ نقدر نواياكم الطيبة المخلصة وجهودكم الخيرة لتوحيد الشعب العراقي والأمة الإسلامية، نعتقد بأن القضاء على الفتنة الطائفية يمر عبر ثورة ثقافية تعيد النظر بمخلفات الصراعات السياسية "الطائفية" القديمة والبائدة، وتعمل من أجل التخلص منها بصورة جذرية، وذلك من خلال الدراسة الدينية المختلطة التي تجمع بين الطلاب والأساتذة السنة والشيعة، وتوفر جوا حرا من النقاش والنقد العلمي البناء، ونأمل من سماحتكم المبادرة إلى فتح أجواء الحوزة العلمية في النجف الأشرف أمام الطلاب والأساتذة من الطائفة الأخرى، كما يسرنا التعاون معكم من أجل استقبال الطلاب والأساتذة الشيعة في جامعتنا التي نعمل من أجل تأسيسها في لندن، قريبا بإذن الله.

ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحمد الكاتب

رئيس جمعية الحوار الحضاري

لندن، 7-5-2008

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ