ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 16/08/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تحقيق عن الطائفة الموسوية في سوريا

رامي منصور

لم أكن أعلم أننا اليوم في العام 5767 عبري قبل أن أزور هذا الحي الدمشقي القديم الذي اشتهر باسم حي اليهود نسبة لوجود موسويين كانوا يقيمون في هذا الحي، ولكن هل مازالوا يقيمون في هذا الحي؟ هذا السؤال الذي يجب علينا الإجابة عليه.

حي ثقافي

المعروف أن اليهود السوريين هم طائفة جذورها ضاربة في عمق الأراضي السورية وهناك لغط في المصطلحات حيث يخلط بعض السوريين كلمة يهودي بكلمة إسرائيلي، والحي الذي كانوا يعيشون فيه هو كسائر الأحياء الدمشقية القديمة من حيث الممرات الضيقة للحارات فيه كما أن منازله تحمل مزايا التصميم الدمشقي، فالفسيفساء والليوان والعلية واليوك حال هذه البيوت كحال باقي البيوت الدمشقية، ولكن المميز في بعض تلك البيوت وجود عبارات خُطّت باللغة العبرية فوق الأبواب، إضافة إلى وجود فندق خمسة نجوم في الحي الآن وهو مصمم على الطريقة الدمشقية.

(مصطفى علي) نحات سوري يملك منحتاً ومرسماً في حي اليهود كان من أول أصحاب رؤوس الأموال الذين قدموا إلى الحي، حدثنا عن فترة وجوده في هذا الحي وعن السبب الذي دفعه للعمل به فقال:

اشتريت هذا المنزل في بداية عام 2004 وكان الحي شبه مهجور، ووصف الحي عندما جاء إليه بأنه كان أشبه بالحي الذي يمنع فيه التجول ولا يوجد فيه سوى سكانه أما الآن فيوجد زوار ونحن لدينا بحدود 200- 250 زائر يومياً من أنحاء العالم يأتون إلى مؤسستنا، ومع ذلك لا يزال نحو 50% من البيوت مهجورة ومغلقة.

مضيفاً أنه كان لديه فرصة لأخذ مرسم في حي آخر سواء في باب توما أو باب شرقي ولكن لمعت في ذهنه فكرة هي أن هذا الحي هو فرصة ليصبح تجمعاً للفنانين، وكانت الأسعار رخيصة آنذاك فقال: أنا أول من غامرت ولم ينصحني أحد باستثناء أحد أصدقائي فعملت بنصيحته واشتريت في هذا الحي، وسمونا في البداية «المغامرين الأوائل»، ولكن مع الوقت أصبح هناك فنادق في هذا الحي، ومن حسن حظي وبحكم طبيعة عملي كفنان يوجد لدي علاقات جيدة فتحدثت مع الدبلوماسيين والإعلاميين هنا وراسلت من في الخارج وأعلمتهم أنني أصبحت في هذا الحي من دمشق القديمة، وأخبرتهم أن هذا الحي غني بالقصور وقد كان ثمة أسباب جعلته شبه مهجور. وفعلاً جاء الدبلوماسيون والإعلاميون وقمنا بنشاطات مختلفة وبدوري حولت هذا المرسم إلى مؤسسة فنية تدعم الشباب والفن وتقيم المعارض وبات السائح الذي يزور دمشق يعلم أن هذا الحي أحد معالم دمشق القديمة.

وعند سؤالنا له عن السكان الموجودين في هذا الحي أخبرنا أن هذا الحي كما هو معروف من اسمه فهو حي اليهود وسكانه اليوم ليسوا فقط من اليهود فقد أصبح فيه سكان مسلمون ومسيحيون من مناطق مختلفة، كما يوجد هنا لاجئون فلسطينيون، واصفاً العلاقة بينه وبين اليهود في الحي بالعلاقة الطيبة لكونهم يترددون لزيارته بشكل دائم، وكلامه هذا أكد لنا أن هناك يهوداً يعيشون في الحي، فبدأنا البحث علنا نجد أحداً ونستفسر منه .

مجتمع منغلق

بينما كنت أتجول برفقة (المصور) حاولت جاهداً البحث عن أحد السكان اليهود في المنطقة إلا أني لم أفلح في العثور على أحدهم لكون المعلومات التي حصلنا عليها من الجوار كانت شحيحة، سألنا السكان في الحي: هل مازال هناك يهود يقطنون هنا؟

البعض أجابنا بأنه لا يوجد أي يهودي في الحي فجميعهم هاجروا، ولكن هناك من أكد لنا أن ثمة عائلات يهودية لا تزال موجودة، ولكن من الصعب الحديث معهم لأنهم مجتمع منغلق حسبما أخبرنا أحمد أحد السكان المسلمين في هذا الحي، وأضاف أن أحد السياح ذهب إلى منزل أحد اليهود في المنطقة ولكن صاحب المنزل لم يستفسر منه عن سبب زيارته ورفض استقباله، فما كان مني إلا أن سألته عن طبيعة العلاقة بينه وبين جيرانه اليهود فأجاب بأنه ولد في هذا الحي منذ 42 عاماً وتربطه هو وعائلته مع اليهود علاقة صداقة وجوار ويتبادلون التهنئة في الأعياد ولكن عاد وأكد لي أنهم يرفضون الحديث مع الغرباء.

عائلة يهودية في الحي

أحبطني قليلاً حديث أحمد عن علاقة اليهود بالغرباء ولم أرغب بالحديث مع اليهودي الذي طرد السائح من منزله كي لا أكون في الموقف الحرج الذي وقع به السائح، ولكن سرعان ما عاد الأمل لي عندما التقيت بائع مشروبات كحولية يقع محله على زاوية الحي فسألته عن منازل اليهود في الحي وعما إذا كان من الممكن الحديث معهم فدلني على منزل عائلة يهودية تعيش في الحي، مشيراً إلى أنه من الممكن سؤالهم عما إذا كانوا يرغبون في الحديث معنا ولن يكونوا فظين معنا لكون هذه العائلة لطيفة جداً ومسالمة، وسرعان ما توجهنا إلى منزلهم ولكن ما من أحد كان في المنزل، وعندما سألنا الجوار أين العائلة؟ أخبرونا بأن هذه العائلة عبارة عن سيدتين متقدمتين في العمر وقد خرجتا من منزلهما منذ بعض الوقت لإحضار كلأ للخروف، لم أفهم سبب وجود الخروف في منزل دمشقي، فانتظرتهما حتى تعود ا إلى المنزل ولكن الوقت تأخر ولم تعودا فقررنا العودة في اليوم الثاني كي نتحدث معهما، ولكن أهم ما في الأمر أننا وصلنا إلى عائلة يهودية تعيش في الحي.

روزة

في اليوم التالي عدنا إلى الحي والتقينا صاحبتي المنزل وهما روزة وشقيقتها هدية شطاح وهما يهوديتان دمشقيتان طلبنا منهما الحديث معنا فلم تمانعا، أخبرتانا عن منزلهما كيف كان مزروعاً بالنارنج والياسمين والليمون في السابق، واليوم لا تستطيعان الاعتناء في المنزل لتقدمهما في السن، سألت هدية: هل سافرت خارج سورية قالت لي: ذهبت إلى أميركا مرتين وإلى تركيا مرة واحدة ولكنني عدت واستقررت في سورية فهنا ولدت وهنا توفي والدي عام 1946 وهنا نشأنا في منزلنا، وقالت إن السفر جميل ولكنهم في الخارج لا يعرفون بعضهم ولا توجد بينهم علاقات جوار وصداقة بينما نحن هنا لدينا جوار ونزورهم يومياً.

أخبرتنا روزة عن عملها في السابق قالت: إنها كانت تقوم بصناعة الجوارب بينما كانت هدية خياطة، وعندما سألتها ألم تتعلمي الكتابة والقراءة بالعربي فقالت: لم أتعلم العربي ولا العبري.

واليوم لا تريد السيدتان المتقدمتان في العمر سوى تربية أولاد إخوتها، ويريدون العيش بهدوء وسلام ، أما عن الخروف الذي ذهبتا لتحضرا له الطعام في اليوم السابق فقد كان خروفاً كبيراً للغاية لأنهما تربيانه في منزلهما منذ سنوات وحجمه ضخم للغاية أخبرتنا روزة بأن هذا الخروف من أجل الذبح في العيد، ولكن مضت أعياد ولم يذبح حتى الآن.

تايوان سورية

تابعنا السؤال عن المزيد من اليهود في الحي فاستطعنا لقاء السيد ألبير قمعو رئيس الطائفة الموسوية في سورية، وعن المنطقة كيف كانت في السابق أخبرنا السيد قمعو أنها كانت مكتظة بالسكان وكان فيها حركة تجارية قوية منذ العام 1980 وحتى العام 1993، لأن خلف كل منزل مشغلاً للخياطة وكانت العائلة اليهودية تعمل فيه بكاملها، كما كانت العائلات اليهودية تستقطب عمالاً من غير اليهود، وقد شهد الحي إقبالاً كبيراً من تجار كانوا يأتون من أوروبا والاتحاد السوفييتي السابق، وكان يأتي تجار وزبائن من ريف دمشق والمحافظات البعيدة في سورية للتسوق، وخاصة الألبسة الجاهزة التي كانت تصنع في هذا الحي، ولشدة الحركة التجارية في هذا الحي أطلق عليه البعض اسم: تايوان، فقد كان يزود ما يقارب نصف سورية من الألبسة الجاهزة.

وإضافة للكميات الكبيرة من الألبسة التي كانت تصنع في هذا الحي فقد اعتمد اليهود ومنذ القدم مبدأ في تجارتهم وهو (بع كثيراً واربح قليلاً) وهذا المبدأ كان معتمداً في هذا الحي ما ساعد على تكثيف الحركة التجارية، ناهيك عن جودة الألبسة المصنعة وأناقتها، إضافة إلى عملهم في الألبسة كانوا يتاجرون بالذهب ويعملون في حرفة النقش على النحاس والفضة.

وكان يوجد ما يقارب ألف عامل من اليهود وغيرهم يعملون في هذا الحي، وعن سبب اختفاء هذه الحركة التجارية في نهاية العام 1993 أخبرنا السيد قمعو أن السبب كان هو بداية هجرة اليهود من سورية.

أما عن توزع اليهود السوريين وأعدادهم في ذلك الوقت فقال قمعو: إنهم كانوا حوالي ثمانية آلاف يهودي أغلبيتهم في دمشق وحلب والقامشلي وإضافة إلى أعداد قليلة في بعض المحافظات السورية الأخرى.

وأشار قمعو إلى أن عدد اليهود المتبقين اليوم من الصعب إحصاؤه بدقة لكون أغلبيتهم غير مستقرين في سورية ويسافرون إلى الولايات المتحدة ثم يعودون فهم غير مستقرين في الولايات المتحدة وغير مستقرين في سورية، كما يعملون في التجارة ما بين سورية وأميركا. فيأخذون القطنيات من سورية ويبيعونها هناك، لكنهم وبحسب قمعو يتواصلون مع أقاربهم في الولايات المتحدة الأميركية الذين سيعود معظمهم بعد حصولهم على البطاقة الخضراء GREEN CARD.

يهود 1950

راشيل قمعو وهي سيدة يهودية متقدمة في العمر أخبرتنا عن الحياة في هذا الحي في العام 1950 وكيف كانت ووصفتها بأنها كانت أكثر جمالاً من اليوم حيث لم يكن هناك أجهزة تلفزة ولا وسائل للترفيه وكانت العائلة تجتمع في البيت العربي بعد نهاية العمل وتبدأ بالأحاديث كما كانوا يقيمون احتفالات ويرددون الأغاني في فسحة البيت العربي، بينما اليوم باتت هذا الأشياء معدومة وكل ما يقومون به هو الذهاب إلى المطاعم فقط، وفقدت نكهة الاجتماع العائلي، وفقدت الألفة والمحبة. وحول طبيعة علاقاتهم اليوم مع جوارهم من غير اليهود قالت راشيل إنها علاقة متميزة، فالجميع يهب لمساعدتها عندما تكون بحاجة إلى مساعدتهم وقالت: إن الأحياء الدمشقية القديمة لا تزال تحافظ على علاقات الجوار بينما هذه العلاقة فقدت نكهتها في الأبنية الحديثة لكون الجار لا يعلم عن جاره شيئاً.

مؤسسة أملاك اليهود

يوجد في الحي مؤسسة لمتابعة أمور أملاك اليهود الذين غادروا سورية وهي تقوم بتأجير المحلات التجارية العائدة للطائفة وذلك بعد أن تقيم مزاداً علنياً على هذه المحلات ولكنها لا تبيع هذه المحلات كما أنها لا تؤجر ولا تبيع المنازل فللمنازل والمحلات مالكون ولكنهم غير موجودين الآن وقد يعودون في وقت ما ويسكنون في أملاكهم، إلا أن عدم فتح المنازل وبقاءها مغلقة لم يفسحا المجال إلى إعادة ترميمها فالهطولات المطرية وتسرب المياه تسببا في حصول تصدعات وتشققات في الأبنية القديمة.

المنازل المهجورة

وعما يتعلق بواقع منازل اليهود المهجورة منذ عام 1948 والتي أصبحت عرضة للسقوط في أي لحظة أخبرنا السيد قمعو أن المؤسسة مسؤولة عن تلك الأملاك، أما أملاك الطائفة- ممن هاجروا في بداية التسعينيات- وهي ما نسميه (الوقف) فنحن مسؤولون عنها وهي لا تباع وهناك منازل لليهود أيضاً ممن سافروا في التسعينيات لا تزال أبوابها مغلقة وقد يعود أصحابها إليها في أي وقت، وهناك منازل ومحلات هي للطائفة يمنحها اليهود المهاجرون «هبة» لنا ونحن نقوم بتأجيرها واستثمار أموالها في ترميم المدرسة (ابن ميمون) والكنائس اليهودية، إضافة إلى توزيع معونات على الفقراء ونحن الآن بصدد ترميم كنيس جوبر وسيكلف ترميمه ثلاثة ملايين ليرة سورية.

يذكر أن بلدة جوبر في سورية فيها أول كنيس في العالم وهو كنيس إلياهو الذي تم بناؤه في زمن النبي إيليا كما ورد في (سفر الملوك في كتاب التوراة).

على أمل عودة الطلاب

(ابن ميمون) فيلسوف وطبيب يهودي ولد في قرطبة ببلاد الأندلس في القرن الثاني عشر الميلادي واستقر في مصر حيث عمل هناك نقيباً للطائفة اليهودية، وطبيباً لبلاط الوزير الفاضل السلطان صلاح الدين الأيوبي ويوجد معبد باسمه في العباسية في القاهرة، أما في سورية وتحديداً في حي اليهود فيوجد مدرسة باسمه تقع في حي اليهود تأسست في العام 1935 وجددت في العام 1990 ميلادي هذه المدرسة كانت بمثابة مفاجأة بالنسبة لنا عندما زرناها فلا يوجد فيها طالب واحد وقد كانت في السابق مدرسة للطلاب اليهود واليوم أصبحت مكتباً لرئيس الطائفة اليهودية بعد أن كان طالباً من طلابها في فترة من الفترات، حيث يعقد فيها الآن اجتماعاته ويستقبل زوار الطائفة فيها، ورغم عدم وجود طلاب فيها فهي لا تزال تحتفظ بالمقاعد الدراسية والألواح.

وأطلعنا السيد قمعو على وضع المدرسة اليوم فقال: نحن قمنا بترميم المدرسة وإعادة تأهيلها على أمل عودة الطلاب اليهود الذين يعيش معظمهم في أميركا حيث ظروف المعيشة هناك مكلفة وباهظة وإذا عادوا فستكون المدرسة أبوابها مشرعة لهم ليدرسوا لغة أهلهم أي اللغة العربية.

عادات لليهود

لم يعد في سورية أي حاخام يهودي حسبما أكد لنا اليهود الذين قابلناهم وعندما يصلون في الكنيس فإنهم يصلون بغياب حاخام إضافة إلى أنهم لا يأكلون سوى اللحوم التي ذبحها لحام يهودي، لأن هذا الذبح وبحسب معتقدهم يحتاج إلى دراسة فالسكين يجب أن تكون حادة جداً ولا تمر إلا مرة واحدة على رقبة الذبيحة فيجب ألا تعود بعد أن مررت لمرة واحدة على رقبة الذبيحة كي لا تشعر الذبيحة بالعذاب، ويجب أن يكون هناك صلاة دينية أثناء تنفيذ عملية الذبح.

كما يجب فحص الذبيحة والتأكد من خلوها من الإصابات وذلك بعد ذبحها.

وإذا ظهر فيها أي مرض ظاهر للعيان فلا يوافق اللحام على ذبحها ولا يضع عليها الخاتم الذي يحلل أكلها واليوم ولغياب اللحامين فإن اليهود يقومون بإحضار حاخام من تركيا يقوم بعملية الذبح وتوضع لدى صاحب محل جزارة وهو من أبناء الطائفة الموسوية لحمة، ولكن رغم أنه يملك محل جزارة للحمة في منطقة باب توما فلا يقوم بعملية الذبح وإنما يبيع فقط اللحوم، حيث يضع اللحوم التي ذبحها الحاخام التركي في غرفة تبريد خاصة حتى يبيعها فقط لليهود ويقوم ببيع اللحوم الأخرى للزبائن الآخرين ولكن ليس من اللحمة المخصصة لليهود.

وعندما تنتهي كميات اللحوم المخصصة لليهود يحضرون الحاخام مرة أخرى من تركيا، كما أنه من المعروف أيضاً أن اليهود في سورية لا يأكلون لحم الخنزير.

ولا يضع اليهود اللحوم في نفس الطبق الذي يأكلون فيه الحليب أو مشتقاته لأن ذلك لا يجوز بحسب معتقداتهم فللحوم طبق خاص لا توضع فيه منتجات الحليب ومشتقاته مطلقاً ولا يكتفى بتنظيف الأطباق كي يوضع فيها تارة لحوم وتارة حليب وبالعكس بل يخصصون أطباقاً للحليب وأخرى للحوم.

حتى إن لهم أطباقاً خاصة يضعون فيها خبز الفطير غير المخمر وهي مختلفة عن أطباق اللحوم والحليب ويقدمون خبز الفطير في فترة عيد الفصح لمدة ستة أيام في السنة.

كنيس الفرنج

لدى مرورك بالحي سترى مجموعة من الكنائس اليهودية المغلقة وإذا نظرت إلى داخلها فسترى أنها مهجورة منذ مدة طويلة، وحول هذا الموضوع أخبرتنا السيدة راشيل أن عدد الكنس كان سبعة في الحي ولكن لقلة عدد اليهود اليوم فلم يعد هناك اهتمام بها، ومن جهته أشار السيد قمعو إلى أن الطائفة في سورية اليوم بصدد إعادة ترميم هذه الكنس والهدف من ذلك هو الحفاظ على واجهة البلد ناهيك عن كونها أماكن للعبادة فيجب الحفاظ عليها، ولكن رؤساء الطائفة السابقين لم يدركوا أهمية هذا الأمر مضيفاً أن السياح يهمهم أن يروا الكنس بمظهر لائق.

قررنا زيارة كنيس الفرنج في يوم السبت لنحضر الصلاة معهم فوافقوا على طلبنا بكل رحابة صدر، ذهبنا إلى كنيس الفرنج الذي لا تفتح أبوابه إلا أيام السبت وفي الأعياد، وسبب عدم فتح الكنيس إلا في هذه الأوقات هو قلة عددهم حسب ما أخبرونا.

وضعنا على رؤوسنا القبعات المخصصة للصلاة وذلك احتراماً للمكان كما طُلب منا.

بدؤوا بقراءة التوراة ومن ثم قاموا بالالتفاف في داخل الكنيس حاملين معهم أحد الأسفار (التوراة) كتب بخط اليد على ورق البردي وهو موجود داخل حافظة من الفضة نقش عليها جميل الزخارف، وحسب ما علمنا منهم فيما بعد أن أحداً لم يعد اليوم يقوم بكتابة الأسفار بتلك الطريقة (أي بخط اليد) كما أن هذه الأسفار غير منقوطة ومن الصعب قراءتها ويحتاج إلى تعليم من يقرؤه.

فؤاد ليس حاخاماً ولكنه يعرف القراءة بالعبري، لذلك كان هو من يقرأ التوراة، وعندما انتهوا تحدثنا معهم قليلاً، وأخبرونا أن فؤادا هو من يذبح الدجاج ولكنه لا يذبح الذبائح الكبيرة، لكونه لم يتعلم بعد الطريقة الصحيحة لذبح الذبائح الكبيرة كما أنه وشقيقه أمينا لديهما فرن صغير يقومون فيه بإعداد الخبز الخاص بعيد الفطير والذي يصنع من دون تخمير.

صلواتهم هي ثلاث صلوات في اليوم ومن أعيادهم الفصح وعيد رأس السنة العبرية ويوم الغفران حيث يصومون عن الطعام والشراب مدة ست وعشرين ساعة إضافة إلى عيدي نزول التوراة والمظلة. واليهود السوريون هم يهود شرقيون يسمون (السيفرديم) أما اليهود الغربيون فيسمون (الأشكناز) وأعياد اليهود الشرقيين والغربيين هي نفسها وصلاتهم هي نفسها أيضاً:

كان عدد المصلين في كنيس الفرنج سبعة أشخاص فقط بينما لم يكن هناك نساء يصلين وعند سؤالنا لهم عن سبب غياب النساء عن الكنيس قالوا لي إن قلة من النساء المسلمات يذهبن إلى الجوامع وكذلك الحال بالنسبة لليهود.

التقينا داخل الكنيس السيد أمين حلواني وشقيقه فؤادا اللذين يعملان في تجارة الألبسة وأخبرانا بأنهما سوريان وقد زارا الولايات المتحدة عدة مرات ولكنهما لا يفكران إلا بالعيش في سورية والعمل في مهنتهما، في حين كان هناك شخص اسمه جوزيف همداني وهو يهودي إيراني الجنسية ولكنه ولد في سورية وهو من أم سورية وأب إيراني الجنسية وقال: لم أزر إيران في حياتي ونحن نعيش في سورية منذ سنوات طويلة ولكن حتى الآن لم يمنحوني الجنسية السورية، الأمر الذي يشكل عدة إرباكات لي لكوني لا أستطيع تملك المنازل والمحلات في سورية رغم أني من سكان دمشق ولكنني بحاجة كل عام لتجديد الإقامة.

انتهى حديثنا معهم وأنهوا صلاتهم فطلبوا مني إطفاء الإنارة داخل الكنيس فاستغربت طلبهم هذا وقلت لهم: لماذا أنا أطفئ إنارة الكنيس وبإمكانكم ذلك؟ فقالوا: نحن اليهود لا نمارس أي عمل في يوم السبت سوى الصلاة والراحة، فرب العالمين خلق الأرض والسماوات في أيام: ستة منها عمل والسابع كان للراحة.

في العادة ثمة شخص من خارج الطائفة ينير الكنيس ويطفئ أنواره.

عن اليهود في سورية

لا يوجد هناك أي معلومات دقيقة عن أعداد اليهود في سورية ولكن يقدر عددهم بالمئات أو ربما بضعة آلاف وقد بدأت رحلة تناقص اليهود في سورية منذ العام 1947 ميلادي أي عندما صدر قرار بتقسيم فلسطين، فبدأ اليهود بالتناقص ويروى أنه، والكلام غير مؤكد، قد تم حرق كنيس يهودي في مدينة حلب عام 1949 ميلادي، وحسبما أخبرنا اليهود أنه لم يكن هناك تواصل مع الحكام الذين سبقوا وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى الحكم أي ما قبل عام 1970 ميلادي حيث جرى لقاءات معه وتم تحقيق معظم طلباتهم وحظوا بمعاملة خاصة، لدرجة أن هناك حتى اليوم مفرزة أمنية لحمايتهم مع تأكيدهم عدم وجود أي إشكال أمني يذكر.

في الفترة التي سبقت تولي الرئيس الراحل حافظ الأسد كان يكتب على بطاقاتهم الشخصية عبارة (موسوي) ولكن هذه العبارة ملغاة اليوم، وفي العام 1992 سُمح لليهود بالمغادرة خارج سورية من دون قيود فبدأت أعدادهم بالتناقص حيث سافر معظمهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية

صحيفة الاقتصادية

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ