ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رسل
وليسوا حكاما فهمي
هويدي شهادة العقيد
القذافي لصالح الرئيس التونسي
زين العابدين بن علي مسوغ كاف
لمنحه شهادة الدكتوراة الفخرية
من جامعة الثامن من نوفمبر، وهو
اليوم الذي انقلب فيه بن علي علي
الرئيس بورقيبة، وأخذ مكانه في
عام 1987، ومنذ ذلك الحدث «التاريخي»
قرر الرجل أن يبقي في داخل
التاريخ، مصراً علي ألا يغادره
إلا بقرار إلهي! لقد رشح بن علي نفسه
لرئاسة البلاد للمرة الخامسة،
وعدل الدستور خصيصاً ليس فقط
لكي يضمن بقاءه في السلطة مدي
الحياة، ولكن أيضاً لكي يضفي
حصانة أبدية علي كل ممارساته
أثناء توليه السلطة سواء تعلقت
بثروة البلد الذي سلم مفاتيحه
لقرينته وأسرتها أو بنظام
الحكم، بعد ذلك دعا العقيد
القذافي إلي زيارة تونس وتدشين
حملته الانتخابية، وتم الإخراج
علي النحو التالي: إضافة إلي
البرنامج الرسمي للزيارة، فإن
الأخ العقيد استُقبل في الجامعة
ليتسلم الدكتوراة الفخرية يوم
الثلاثاء 5/8 ولكي يلقي محاضرة
علي أساتذة الجامعة وطلابها،
ورغم أنه استعرض آراءه في أمور
كثيرة، تعرضت للوضع العربي
والدولي، إلا أن بيت القصيد في
كلامه كان الشق الذي امتدح فيه
الرئيس بن علي، وصوت لصالحه،
ماذا قال؟ قال إن قرار الرئيس
بن علي ترشيح نفسه هو قرار
تاريخي أسعده شخصياً بقدر ما
أسعد الشعب الليبي الذي هلل حين
سمع الخبر، وأضاف أنه يهنئ
الشعب التونسي بهذه المناسبة، «فنحن
مستأنسون به ومرتاحون إليه،
ومطمئنون إلي وجوده في تونس». قال أيضاً إنه من
جانبه كان يلح عليه منذ زمن أن
يرشح نفسه، ويقول له إن بقاءه
تكليف من الشعب وليس تشريفاً،
وإنه قاد معركة التحول في تونس
في السابع من نوفمبر،وينبغي ألا
يتراجع عن موقعه في قيادة هذه
المعركة لضمان استمرارها. هذا الكلام لا
يفاجئنا، لأن الأخ العقيد سبقه
إلي قيادة «تحول» مماثل في
ليبيا منذ تولي السلطة في
الفاتح من سبتمبر عام 69، أي أنه
في شهرسبتمبر من العام القادم
سيكمل أربعين عاماً في قيادة
معركة للتحول لم تحقق أهدافها
إلى الآن، ولذلك فهو ينبغي أن
يبقي لكي يكمل رسالته، ولا
غرابة، والأمر كذلك أن يلح علي
الرئيس بن علي لكي يستمر في
ترشيح نفسه «رغم أنه لم يكن
بحاجة إلى إلحاح»، وأن يعرب عن
سعادته حين أقدم علي تلك الخطوة. ما قاله الأخ العقيد
في العلن يقوله كل رئيس في
المنطقة لنفسه ولمن يصادفهم من
الرؤساء الآخرين «هل تذكر ما
نشر عن المحاولة المصرية لإقناع
بوتين بإعادة ترشيح نفسه
للرئاسة في روسيا»، ذلك أن
القيادة في العالم العربي لم
تعد اختياراً، ولكنها تحولت إلي
قدر، فالحكام لأنهم ليسوا
منتخبين من الناس يعتبرون أن
الأقدار هي التي اختارتهم،
بالتالي فإن الله هو الذي
انتخبهم، ووحده القادر علي
إبعادهم عن مناصبهم، ذلك أنه
سبحانه الذي يؤتي الملك من يشاء
وينزع الملك عمن يشاء، وكما ذكر
العقيد القذافي فإنهم يؤمنون
بأنهم أصحاب رسالة، وصاحب
الرسالة لا يتقاعد، ولا مدة
معينة له، هل رأيت رسولاً طلب
منه أن يتنحي ويتخلي عن دوره بعد
خمس أو عشرأو حتي عشرين سنة، أم
أنهم ظلوا حاملين «رسالتهم» حتى
اختارهم الله إلى جواره. صحيح أنهم جميعاً
يقولون في العلن إنهم لم يسعوا
إلي السلطة ولكنها التي سعت
إليهم «من باب التواضع لا
يذكرون أن الأقدار اختارتهم»،
وأنهم لولا ضغط الجماهير
وإلحاحها لآثروا أن يستريحوا
ويستمتعوا بحياتهم في الظل مع
الأبناء والأحفاد، لكننا
جميعاً نعلم أن كل واحد منهم ما
إن تمكن من السلطة حتى جند كل
الطاقات واستخدم كل الحيل
والألاعيب لضمان احتكارها له
ولأسرته. من الطرائف التي تذكر
في هذا الصدد أن الرئيس بن علي
ما برح يردد في كل مناسبة أنه لم
يعد هناك في تونس مجال للعودة
للرئاسة مدى الحياة، في الوقت
الذي تكرس اجراءاته المتلاحقة
رغبته الجامحة في تأبيد بقائه
في السلطة، ولا تفسير لذلك سوى
أنه يعتبر نفسه مستثنى من ذلك
الحكم لأنه رسول وليس رئيساً،
الأمر الذي يعني أن كلامه يسري
على غيره ولا ينطبق عليه. الدستور
المصرية 8/8/2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |