ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
صيام
منزوع التقوى فهمي
هويدي اطرف ما قرأت من
أخبار رمضان أن الجمعية المصرية
لمكافحة الإدمان أعلنت عن
مسابقة لإقامة سهرات رمضانية
خلال الشهر الفضيل خالية من
التدخين، بلا سجائر أو نرجيلة )شيشة(
أو غير ذلك من المكيفات بحيث
يجوز للمتسابق ان يفعل أي شيء
خلال السهرة، باستثناء التدخين
وهذا أمر مفهوم، لأن الجمعية
إذا كانت معنية بمكافحة الإدمان
فإننا لا نستطيع ان نطالبها
بتبني الدعوة الى الانتظام في
صالة التراويح ولابأس من أن
تحاول أن تنتهز اي فرصة لتحقيق
رسالتها، علماً بأن التدخين في
خيام رمضان وسهراته مما يهون
امره إذا ما قورن بالاشياء
الأخرى التي تحدث حين تمتد
السهرة ويتناوب المطربون
والراقصات على تقديم الفقرات
ويتجاوب الجمهور معهم بأقوال
وأفعال أغلبها مما يخدش الحياء
العام، في عز الإفطار وليس في
شهر الصيام فقط. ذكرني الخبر بما يحدث
في بانكوك عاصمة تايلاند التي
تعد احدى المدن الآسيوية التي
تجذب شرائح معينة من السياح
العرب الذين يجدون فيها الكثير
مما لا يباح في بلادهم بأرخص
الأسعار )تجارة الجنس بوجه اخص(.
ولأن المطاعم والملاهي تسعى
لجذب أولئك السياح بمختلف
الوسائل فإنها تضع على واجهاتها
صوراً ملونة للفتيات اللاتي
يقدمن الخدمات للزبائن وتحرص
المطاعم وهي تستعرض انشطتها على
أن تعلن لزبائنها أنها لا تقدم
لحم الخنزير وهذا الإعلان
بالذات يكتب بحروف عربية كبيرة
لتنبيه الزبائن إلى الالتزام
بالخطوط الحمراء عند المسلمين،
وأنه باستثناء هذا المنكر فإن
المطعم يقدم لزواره كل الخدمات
من شرب الكحوليات إلى التدليك
وتوابعه، ذلك كله مباح وحلال
مادام المسلم «المتلزم » لم
يقرب لحم الخنزير أو يذقه. المنطق واحد في
الحالتين رغم أننا نتحدث عن
كراهة مقابل تحريم إذ في الحالة
الأولى أنت بخير ما لم تدخن
وافعل ما بدا لك بعد ذلك وفي
الحالة الثانية فأنت في السليم
ما لم تقرب لحم الخنزير إذ فيما
عداه فكل شيء محتمل ومتصور. من المفارقات انه في
الوقت الذي تطلق فيه الدعوة الى
سهر بلا تدخين بعد الافطار
فإننا طالعنا في العام الماضي
رأيا يبيح التدخين اثناء الصيام
الأمر الذي وضعنا أمام معادلة
مقلوبة تعطينا انطباعاً بأن
التدخين يضر اثناء الإفطار في
حين أنه لا يفسد الصيام. الشاهد أن صورة رمضان
تعرضت للتآكل خلال
السنوات الأخيرة بحيث اصبح
فرصة لممارسة أشياء كثيرة ليس
بينها التقرب الى الله، وصفاء
الروح وتنقيتها حتى بات مرتبطاً
في الثقافة الشعبية السائدة،
وفي الإعلام ايضاً بالمسلسلات
والسهرات والخيام وموائد الرحمن
والبطالة في النهار التي تقترن
في بعض الأحيان بضيق الصدر وسوء
الخلق، علماً بأن نجوم الشهر في
البرامج المذاعة عادة يكونون من
فناني السينما والمسرح ولاعبي
كرة القدم. هذه الثقافة السائدة
ومعها التحبيشة الإعلامية
المستمرة طوال الشهر تفرغ رمضان
من مضمونه وتفقده بعده الروحي
المفترض الأمر الذي يكاد يحوله
الى مناسبة فنية وترويحية وليس
مناسبة عبادية إن شئت فقل أنه
بصورته الراهنة يمكن ان يتحول
الى شيء اشبه «بالكريسماس »
الذي يفترض انه ذكرى ميلاد
المسيح عليه السلام وقد حولته
الثقافة الغربية الى مهرجان
للتسوق ومناسبة للمنافسة في
الإبهار والاحتفالات الصاخبه. ـــــــــــــــ الدستور
المصرية 1/9/2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |