ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  11/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ضيعوا هيبة القوانين

فهمى هويدى

تلقيت أكثر من تعليق علي ما كتبته في هذا المكان تحت عنوان «شرعية ملعوب فيها» بعض هذه التعليقات أنصبت علي العنوان، والبعض الآخر أنصب علي المضمون، فقد أرسل إليّ أحد الأكاديميين منتقداً العنوان، الذي قال إنه محمل بإيحاءات «غير سوية»، وأنه كان يفضل أن تكون الشرعية مشكوكاً فيها وليس ملعوباً فيها، ولأنه ترك هاتفه الجوال فقد اتصلت به وقلت له إن الأهم أنه اتفق معي علي أن ثمة عبثاً بالشرعية، لكنني اخترت عامداً عبارة «ملعوب فيها» لاقتناعي بأن ما لحق بها في بر مصر بدوره غير سوي وغير معقول، فقد تم الاعتداء عليها بصور شتي، بعضها اتسم بجرأة بالغة، وبعضها لا يمكن أن يوصف بأقل من أنه من قبيل الأفعال السياسية الفاضحة، من هذه الزاوية فإن مصطلح «ملعوب فيها» يبدو تعبيراً دبلوماسياً ورقيقاً إذا ما قورن بحجم وطبيعة الانتهاكات التي استهدفت الشرعية خلال ربع قرن من الزمان

 

فيما يخص المضمون، تلقيت اتصالاً هاتفياً من أحد الشخصيات الوطنية المرموقة أبدي خلاله ملاحظتين مهمتين، الأولي: أن العبث بالشرعية تجاوز التحايل علي الإجراءات واللعب بالقوانين إلي العبث بالدستور ذاته، فتزوير الانتخابات والتحكم في الأحزاب وإخضاع النقابات المهنية للحراسة ووضع النشاط الأهلي تحت رقابة الأمن يجسد التحايل علي الإجراءات وإساءة استخدام السلطة، كما أن تفصيل القوانين علي أيدي «الترزية» المعروفين، وتمريرها من خلال الأغلبية المرتبة سلفاً في مجلس الشعب يؤدي إلي افتعال شرعية قوانين تستجيب للهوي السياسي،

 

 وفي رأيه أن مالا يقل خطورة عن هذا وذاك هو العبث بالدستور ذاته، الذي تابعناه مثلاً من خلال استخدام مادة تضمنت شروطًا للترشح لرئاسة الجمهورية، بدا «التفصيل» فيها مكشوفاً إلي حد كبير، ومع ذلك وافقت عليها الأغلبية ذاتها دون مناقشة أو تعديل، وحين ظهر الحرج واضحاً بعد إجازة المادة، تم تعديلها مرة ثانية خلال نفس العام، بحيث تم تخفيف التفصيل وتحول إلي تضييق وتعجيز، فوافقت عليها نفس الأغلبية أيضاً دون مناقشة أو تعديل، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، وإنما طالت التعديلات الدستورية المواد المتعلقة بالحريات العامة والمحاكم العسكرية، فقلصت من الأولي ووسعت في الثانية، بل إن توسيع اختصاص المحاكم العسكرية وتخويل رئيس الجمهورية حق إحالة أي شخص للقضاء العسكري، تم بالمخالفة للدستور ذاته، الذي يقرر حق كل مواطن في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي، الأمر الذي يحول دون إحالة المدنيين إلي القضاء العسكري، مثل هذا العبث الذي شمل الإجراءات والقوانين والدستور، أفقد الشرعية هيبتها في نظر المجتمع، وكانت النتيجة ـ أضاف محدثي ـ أن شاعت بين المصريين ظاهرة عدم احترام القوانين، وهو أمر لا يخلو من منطق، لأن السلطة حين تعبث بالقوانين فلا غرابة في أن يستهين بها الناس ولا يأخذوها علي محمل الجد، وكانت تلك ملاحظته الثانية

 

من بين الرسائل الأخري التي استوقفتني في التعقيبات واحدة قال صاحبها إنني انتقدت وضعاً ولم أقدم حلاً للمشكلة وطرح عليّ السؤال التالي: ما الذي تستطيع عمله أمام الاعتداءات المستمرة علي الشرعية؟ ـ وردي علي السائل ـ الدكتور عبدالفتاح الفويل ـ إخصائي التحاليل ـ ثلاث نقاط، الأولي أن الكاتب أحياناً يكون حائراً بدوره، وحين يقدم التشخيص دون العلاج فإن ذلك لا يخلو من فائدة لأنه بذلك يؤدي دوره في التبصير والإبلاغ، النقطة الثانية أنني تعلمت من خبرة المهنة أن المرء إذا لم يستطع أن يغير منكراً فينبغي ألا يتردد في أن يشير إليه ويكشفه، لأن سكوته سيعد تستراً عليه وإخفاء للقبح فيه، الثالثة أنني مقتنع بأن الديمقراطية هي الحل، وأنه في غيبة الحريات العامة فإن كل ما تتخذه السلطة من إجراءات وما تدخله من تعديلات علي النظم القانونية يصبح مشكوكاً فيها، وملعوباً فيها أيضاً.

ــــــــــ

المصدر : الدستور المصرية 6/10/2008

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ