ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مراجعات
رأسمالية فهمي
هويدي عن
الدستور المصرية 14/10/2008 إن القطاع العام
المحبط والذي لا يحظي بما
يستحقه من اهتمام وتمويل، بحاجة
لأن يعاد النظر في وظيفته ودوره
من جديد، علي نحو يثبت حضوره،
ويرد إليه اعتباره وكبرياءه،
لأن التجربة أثبتت أن هناك مهام
معينة لا يمكن أن تتحمل
مسئوليتها سوي الحكومة، هذه
العبارة لم يقلها ماركسي
أواشتراكي، أو واحد من أعداء
الرأسمالية والشامتين فيها،
ولكنها صادرة عن «فرانسيس
فوكوياما»، أستاذ الاقتصاد
السياسي، والمفكر الأمريكي
البارز، الذي ذاعت شهرته خلال
السنوات الأخيرة، منذ أطلق
مقولته عن «نهاية التاريخ» في
أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي
وقد جاءت كلماته تلك في مقالة
نشرتها له مجلة «نيوزويك» في
عددها الأخير «14/10»حول دروس
وعبر انهيار الاقتصاد الأمريكي. هذا الرأي الذي يطالب
باستدعاء القطاع العام ويشدد
علي أهمية تدخل السلطة في
المجال الاقتصادي، نموذج
للمراجعات الحاصلة الآن في
تقييم التجربة الرأسمالية،
والتي امتدت لتشمل فكرة العولمة
إلي جانب إعادة النظر في مجمل
التفكير الاقتصادي الذي ساد
خلال العقود الثلاثة الأخيرة،
وهي المراجعات التي تتفق علي أن
الصورة التقليدية للرأسمالية
التي تنطلق من أن السوق يصحح
نفسه بنفسه لم يعد لها محل الآن،
تمامًا بقدر ما أن تدخل الدولة
في الاقتصاد أصبح أمرًا مسلمًا
به. وإذا كان هناك اتفاق
علي أن «الأصولية الرأسمالية»
أثبتت فشلها، إلا أن صيغتها
الجديدة أوالمعدلة لم تتبلور
بعد، وسيكون هذا الموضوع هو
محور دراسة المنتدي العالمي
لإعادة النظر في الرأسمالية،
الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي
ساركوزي. كما انطفأت فكرة
الرأسمالية المفرطة، وانهارت
سمعة الاقتصاد الأمريكي، فإن
فكرة العولمة التي ظل كثيرون
يهللون لها ويعتبرونها قفزة إلي
الأمام في تاريخ العالم، فقدت
بريقها أيضًا، حتي قال جورج
سوروس -الملياردير ورجل الأعمال
الشهير- إن نموذج العولمة
وإزالة القيود قد انهار، ونقلت
«نيوزويك» عن أنجيلا ميركل -مستشارة
ألمانيا الاتحادية- قولها إنها
كانت ومازالت تعارض الفكرة
القائلة بأن العولمة من شأنها
أن تضعف الحكومات، وقد أثبتت
التجربة أنه لم يعد هناك غني عن
وجود حكومات قوية. من المفارقات أنه في
حين تتعدد الأصوات وتتواتر
الدعوات المطالبة بزيادة
فاعلية دور الحكومة، بعدما أدرك
الجميع فداحة الثمن الذي يدفعه
المجتمع جراء غياب ذلك الدور،
فإننا نشهد في مصر تراجعًا
ملموسًا لدور الدولة في مختلف
المجالات، بما في ذلك المجالات
الثلاثة الأساسية، التعليم
والصحة والإسكان، وإلي جانب ذلك
فكلنا نعلم الذي جري في القطاع
العام الذي رفعت الحكومة شعار
اغتياله والتخلص منه، وتم تجاهل
الأصوات التي دعت إلي ترشيده
بإعادة النظر في مجالاته وتنشيط
دوره، فيما ينبغي أن تنهض
الدولة به لخدمة مصالحها العليا
ورعاية للفئات الضعيفة
والمهمشة في المجتمع. إن الأصوليين الذين
يرفعون شعارات الليبرالية
والرأسمالية، في طبعاتها التي
أسهمت في وقوع الزلزال الراهن،
أصبحوا مطالبين بأن ينحوا
شعاراتهم جانبًا ليقولوا لنا أي
ليبرالية أو رأسمالية يريدون،
شأنهم في ذلك شأن غيرهم من
الأصوليين الذين تعلمنا ألا
نكتفي باللافتات التي يرفعونها
والشعارات التي يهتفون بها،
وإنما أدركنا أننا قبل أي كلام
معهم، يجب أن نتساءل عن
التفصيلات والعناوين المدرجة
تحت الشعار، التي تدلنا علي
محتواه الحقيقي ومقاصده
التفصيلية، ينطبق ذلك علي الذين
يقولون «الإسلام هو الحل» بقدر
ما ينطبق علي الذين يرفعون
صوتهم عاليًا مبشرين بأن
الليبرالية أو الرأسمالية هي
الحل، أما الذين يصرون علي
إقناعنا بأن الرأسمالية
الأمريكية مازالت نموذجًا، وأن
الأزمة الاقتصادية الراهنة
نتجت عن قدرة الرأسمالية
الفائقة علي إنتاج الوفرة دون
أن يفسروا لنا لماذا حدث ما حدث،
فإنهم يقدمون لنا نموذجًا لتعصب
الأصوليين الليبراليين الذين
يحلمون بأن يحولوا مصر إلي «إمارة»
ليبرالية ورأسمالية غامضة
الوسائل والأهداف يجرونها
وراءهم علي طريق الندامة. ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |