ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هواء
طلق ماذا
عن المُمْتلكات؟! رشاد
أبوشاور السؤال موجّه لأعضاء مؤتمر فتح السادس،
جميعهم، قادةً وكوادر، وطامحين
انتظروا بفارغ الصبر هذا الحدث
الموعود الذي سينقلهم من موقع
المشاغبين إلى منصّة الآمرين
الناهين المتحكمين، في شراكة مع
عواجيز الحركة السابقين
المتهمين بأنهم لم يفسحوا
الطريق أمام (الشباب)الذين
باتوا على أعتاب الستين، وما
بعد الستين. والممتلكات المقصودة هي ممتلكات حركة
فتح، من أراض ،وعقارات، وما
غيرها، وهي تثمّن بمئات
الملايين، وتنتشر في لبنان،
وسوريّة، هذا ناهيك عن (مشاريع)
في بلاد بعيدة. الممتلكات في سوريّة، استحوذ من انشقّوا
عن الحركة عام 83 _ واتخذوا لما
فعلوه اسم (فتح الانتفاضة)_ على
بعضها، ولكنهم عجزوا عن وضع
أيديهم عليها كلّها، وخّاصةً
المسجّلة بأسماء أشخاص من خارج
إطار الحركة، ومن هؤلاء محامون،
وتجّار، منهم الفلسطيني، وغير
الفلسطيني. هناك ممتلكات كثيرة في لبنان، وقد علمت،
كما علم غيري، أن بعضها مسجّل
باسم وزير لبناني سابق، وهو
محام كان مقرّبا وموثوقا من
قيادة الحركة، وهذه الممتلكات،
وجلّها أراض وعقارات، تقدّر
بمئات الملايين. وشوشةً، وهمسا، وتسريبا بقصد وبغير قصد،
بنوايا تنطلق من الحرص، وبنوايا
تشكّك، وتصفيةً لحسابات،
وحسدا، تتداول المعلومات سرّا،
ولكن، وكما يقال : لا دخان بلا
نار. الصراع يدور منذ فترة بين ثلاثة أطراف،
على وضع اليّد على الممتلكات،
وكّل طرف يدّعي أنه الشرعي،
والأحّق في (استعادة) ممتلكات
الحركة، ولكّل طرف من هذه
الأطراف أوراق قويّة في منطقة
ما، ولذا يدور الصراع بدون
فضائح معلنة، بما يشبه الهدنة،
حتى لا يتأذّى (الجميع)! هناك وسطاء يلعبون بين المتصارعين
المتسابقين على الممتلكات،
وهؤلاء الوسطاء فاز بعضهم
بالكثير، لأن بعض هذه الممتلكات
سجّلت بأسمائهم، أو بأسماء
يمونون عليها، ويتحكمون بها،
ويسترضونها بالقيل بينما
يفوزون هم بالكثير! بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، انقّضّ
(الرفاق) القدامى المتنفذين،
وبخّاصة في الدول التي وصفت
بالمستقلّة، فوضعوا أيديهم على
كل الممتلكات في بلادهم،
وكشّروا عن أنيابهم، فسقط اللون
الأحمر عن وجوههم، وتلاشى
خطابهم الاشتراكي، ودشّنوا حقب
الأسر الحاكمة التوريثيّة،
وصارت الدول المستقلّة ممتلكات
خّاصة لمن ادّعوا في حقبة سابقة
أن كّل الممتلكات للعمّال
والفلاحين، وأنه لا مكان
للرأسماليين الطغاة اللصوص
مصّاصي دماء البروليتاريا! يشبه الحال راهنا ما جرى في الاتحاد
السوفييتي، والدول المستقلّة،
فبعض القادة، ومن تحكّموا
بالمال ، والأقوياء في الأجهزة،
والمؤسسات، أثروا فجأةً، هم
الذين وفدوا إلى الحركة،
والثورة، بملابسهم الشخصيّة،
وبقروش قليلة في جيوبهم، وبروح
جاهزة للتضحية... انتهى زمن التضحية والفداء والسباق على
الاستشهاد، ووضع فلسطين فوق كّل
اعتبار، كهدف أسمى، هي التي
شّدت إليها الرحال، وتنادى
لإنقاذها النساء والرجال، وجاء
زمن المناصب، والمال،
والنجوميّة، والبزنسة،
والشطارة ! الشطّار لا يموتون، ولا يضحون، ولا يلقون
بأنفسهم إلى التهلكة، ومواقع
الخطر، وهم يمتدحون كل الأنظمة
حتى لو قتلت الفلسطيني وهو يعبر
إلى وطنه فدائيّا، أو مواجها
خطر الاختناق في نفق، أو مرميا
في الصحراء مطرودا من بغداد إلى
حدود الدول الشقيقة التي لا
تلقي إليه بالاً، بل وتتشكك به،
وتتركه لشفقة دول أمريكا
اللاتينيّة، وآيسلندة ... الشطّار يربحون الدنيا، ولا يشغل بالهم
ثواب الآخرة، فهم واقعيّون،
تتلمذوا وارتقوا في مدرسة ( دبّر
راسك) وشعارهم : اللي بيروح
بتروح عليه، ولذا تراهم يسخرون
من الذين يعيشون في (الماضي)،
ويرفعون شعار المقاومة، ويحنون
للزمن الفدائي، وأيام
الانتفاضة الكبرى المجيدة،
أيّام الشجاعة، وتقاسم الرغيف،
وتعرية وحشر المشروع الصهيوني
أمام العالم، وفضحه كمشروع
عنصري إجرامي آثم قاتل للأطفال،
مكسّر للعظام، معتقلاته تبّز
معتقلات النازيّة ... هؤلاء هم من يهجون انتفاضة الأقصى،
ويتهمونها بأنها دمّرت الحياة
الاقتصاديّة، وتسببت في سقوط
الضحايا، وأبعدت(حلم) قيام
الدولة! هؤلاء يتنصلون من مسئوليتهم في التسبب
بتضييع شعبنا في متاهات أوسلو،
وخارطة الطريق، وآنا بوليس... تعلّمنا منذ بداية وعينا أن المال عصب
الثورة، وأن المدن مفسدة
الثوّار، وأن مال الثورة
للثوّار! وفي مسيرة ثورتنا، ومن خلال الوقائع،
والحقائق السافرة، عرفنا أن
المال هو مفسدة للثورة، وأن
هناك في الثورة من وظّف المال
للإفساد عن عمد، لا عن براءة
وعفويّة، وهذا ما أفسد ثوريين
جاءوا طهرانيين، وانقلبوا
أبالسة ملاعين. وها نحن نرى أن ثوارا شجعانا، كانوا قادةً
ميدانيين، لا يملكون شيئا، فهم
يعملون كباعة (بالة) _ ملابس
قديمة_ أو عندهم ( بسطات) خضار،
يتعيشون منها، وهؤلاء ألقي بهم
كحمولة زائدة، بعد أن هرول من
هرول في سباق (العودة) إلى
الدولة الموعودة ببركات
(أوسلو)، وحفل سلام الشجعان الذي
تمّ في حديقة البيت الأبيض! أفل زمن الثورة، وها قد انبلج فجر الدولة،
وثوّار الأمس اهتبلوا الفرصة،
فزمن البزنسة بدأ، وشريحة
الشطّار ما عادت تحلّل أو
تحرّم، وقليل العقل من يتوقّف
عند الماضي الثوري، فالعدو آخر،
والآخر يحاوَر ولا يحارب، بل هو
حتّى ابن عّم، و( نحن وإيّاه
أبناء إبراهيم!)..للعلم فقد
تشكّلت جمعيّة حملت اسم ( أبناء
إبراهيم)، من يهود وفلسطينيين،
والعجب العجاب أن الفلسطينيين
المشاركين بدأوا حياتهم
يساريين علمانيين غير مؤمنين لا
بإبراهيم ولا بغير إبراهيم! لا أستطيع أن أورد أسماء المتصارعين على
ممتلكات الحركة، لأنني لا أريد
أن أجرّ على ( القدس العربي)
مشاكل قانونيّة، ولكنني متيّقن
من أن عددا غير قليل من أعضاء
المؤتمر السادس لديهم معلومات
مؤكدة عن ما يجري من سباق على
نهب وتبديد أموال الحركة ... كل واحد من هؤلاء يجب أن يقف أمام ضميره،
فلا يتخاذل، ولا يتردد في
المساءلة، لا كرفع عتب، ولكن
بما يرتقي إلى مستوى التحقيق
الجّاد، فالمال الذي هو عصب
الثورة، يحتاجه شعبنا المحاصر
المجوّع... من المال يمكن أن ينطلق مؤتمر فتح في
عمليّة تصحيح للمسار، باستعادة
مال الحركة الذي سيساعد على
إعادة البناء والخّط والدور،
والتحرر من الابتزاز، و..تطهيرا
للحركة من الذين فقدوا الإيمان،
والنزاهة، والذين يستمدون
قوّتهم من ( مال) ليس لهم، ومن
دعم يأتيهم من خارج شعبنا. ممتلكات الحركة هي ممتلكات شعبنا، ولا
بدّ أن تستعاد، ويشهّر بمن
اختلسوها، وعقدوا الصفقات
عليها، وهذا أدنى درجات العقاب. ألا ينطبق هذا على كل الفصائل التي لا
يعرف أحد _ أو يعرف ولا يقول_
مقدار ممتلكاتها، وبأسماء من
تسجّل في البنوك، وهل هناك لجان
مشرفة عليها، أم إنها تسجّل
بأسماء (الورثة) من أفراد
العائلة! وماذا عن ممتلكات حماس؟ أهي ممتلكات
للحركة وحدها، أم هي تبرعات،
وأموال زكاة من مسلمي العالم،
وجبايات تّتم باسم فلسطين وشعب
فلسطين ؟ هل تصل إلى شعب فلسطين
في غزّة بالتساوي بين (أبناء)
الحركة وأبناء شعبنا في القطاع
المحاصر و(الرهينة)، أم تراها
تصل المقرّبين، والأجهزة التي
تضخّمت أسوةً بما سبقها من
أجهزة سيئة الصيت والسمعة
والممارسات ؟! ــــــــــــــ * جريدة "القدس العربي"
ـ الأربعاء 22 تشرين أوّل 2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |