ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أولويات
السياسة الأمريكية في عهد
أوباما محمد
ماضي - واشنطن بعد سنوات سبع
عِـجاف، أمسك فيها صقور
المحافظين الجُـدد بمقاليد
إدارة الرئيس بوش، وخاصة في
أعقاب هجمات سبتمبر 2001، التي
استغلّـوها لتبرير الحروب
الاستباقية والانفراد الأمريكي
بالقرار، وأدّت إلى تدهْـور
صورة الولايات المتحدة في
العالم العربي والإسلامي، بل في
العالم أجمع، طفا على سطح
الاهتمام الدولي التساؤل
التالي: كيف ستكون السياسة
الخارجية للولايات المتحدة بعد
فوز باراك أوباما بانتخابات
الرئاسة الأمريكية؟ وفي محاولة للإجابة
على هذا التساؤل، نظّـم مركز
الحِـوار العربي في واشنطن،
ندوة شارك فيها الدكتور إدموند
غريب، أستاذ العلاقات الدولية
بالجامعة الأمريكية في واشنطن،
والسيد جورج حشمة، خبير شؤون
الشرق الأوسط والصحفي السابق
بالـ "واشنطن بوست"
والمحلل السياسي بصحيفة ديلي
ستار. في البداية، أكّـد
الدكتور غريب أن الأزمة المالية
التي سُـرعان ما تحوّلت إلى
أزمة اقتصادية، تُـعدّ الأسوأ
من نوعها منذ الكساد العالمي
الكبير (1929)، ستفرض نفسها
كأولوية أولى على جدول أعمال
الرئيس الجديد، ويتّـضح هذا من
تركيزه على تشكيل فريقه
الاقتصادي والاستعانة بخِـبرات
مسؤولين سابقين لهم سِـجلّ واضح
من النجاح في إدارة شؤون المال
والاقتصاد في عهد الرئيس
كلينتون. لكن البروفيسور غريب
نبّـه إلى أن الولايات المتحدة،
بحجمها وثقلها الدولي، لا يمكن
أن تكون بلدَ الاهتمام
المُـنفرد بأحوالها، دون
الاهتمام بقضايا السياسة
الخارجية، خاصة ما يتعلّـق منها
بالمصالح القومية الأمريكية
والأمن القومي، لذلك، توقّـع أن
تشكل منطقة الشرق الأوسط عدّة
تحدِّيات، تقتضي اهتماما خاصا
من إدارة أوباما بدءً بالعراق،
كوعد انتخابي رئيسي بتحقيق
الخروج الأمريكي المسؤول
وإنهاء الحرب في العراق ومعارضة
بقاء قواعد عسكرية أمريكية
دائمة على أرض العراق، والتركيز
على أفغانستان التي يعتبِـرها
أوباما مَـيدان المعركة الأصلي
مع تنظيم القاعدة، الذي شنّ
هجمات سبتمبر واختبأت قيادات
التنظيم في منطقة القبائل
الوعْـرة في باكستان على الحدود
مع أفغانستان. وسيحاول أوباما
الضّـغط على باكستان لتتحرّك
عسكريا ضد مخابِـئ خلايا تنظيم
القاعدة أو شنّ هجمات أمريكية
على تلك الملاذات الآمنة، إذا
لم تتعاون باكستان في ذلك
الصدّد مع الاعتماد على الجنرال
ديفيد بيتريوس، قائد القيادة
الأمريكية الوسطى، في انتهاج
أسلوب التفاهم مع العناصر
المعتدلة من حركة طالبان، لكسب
تعاونها في التخلّـص من العناصر
المتطرّفة، التي تنتهج العُـنف
سبيلا لتحقيق أهدافها السياسية. كما سيكون الملف
النّـووي الإيراني محطّ اهتمام
إدارة أوباما، ولكن قد تختلف
أساليب التعامل مع إيران، خاصة
مع استعداده للحوار مع خصوم
أمريكا، لكنه سيُـحافظ على
معارضة أمريكا القوية والحاسمة
لامتلاك إيران برنامجا
للتسلّـح النووي. حل الصراع يخدِم
المصالح الأمريكية وعن القضية
الفلسطينية، قال الدكتور غريب:
"سيُـدرك الرئيس الجديد كيف
أنّ تسوية الصِّـراع الفلسطيني
الإسرائيلي يخدِم مصالح
الولايات المتحدة في المنطقة،
وسيحدد أوباما طبيعة الدّور
الذي يريده لنفسه في التوسّـط
الأمريكي للتوصّـل إلى تسوية
للصراع الفلسطيني الإسرائيلي،
خاصة بعد أن يرى عن قُـرب كيف
بدأ النفوذ الأمريكي في المنطقة
في الانحسار وكيف تحاول أطراف
دولية أخرى ممارسة نفوذ متزايد،
مثل فرنسا وروسيا، بل الصين
والهند، ممّـا سيغيِّـر من
الثِّـقل الدِّبلوماسي
الأمريكي في الفترة القادمة". ونصح الدكتور غريب
الدّول العربية بتفعيل مبادرة
السلام العربية من خلال الاتحاد
الأوروبي، مستغلين في ذلك رغبة
أوباما في التعاون مع المجتمع
الدولي والتنسيق والعمل
المشترك مع الاتحاد الأوروبي. وأشار في حديثه بندوة
مركز الحوار العربي في واشنطن،
إلى أن المستشارين المقربين
لأوباما نصحُـوه بضرورة
التَّـعامل بشكل عَـملي مع
عملية السلام في الشرق الأوسط،
باعتبارها مِـحورا أساسيا
يُـمكن أن يُـسفر عن سلسلة من
الآثار الإيجابية المتعاقبة،
بل وإلى تحسين صورة الولايات
المتحدة في العالمين، العربي
والإسلامي، إذا تمكّـنت من
القيام بدور نشِـط ومُـتوازِن،
يفضي إلى حلٍّ سِـلمي، إلا أن
أوباما لن يقامِـر بالمشاركة
الأمريكية بدور نشِـط في عملية
السلام، إلا إذا توفّـرت
مقوِّمات النجاح لها، وساعتها
يُـمكنه استخدام رصيده السياسي
لإقناع الرأي العام الأمريكي
والكونغرس، بأن حلَّ الصِّـراع
العربي الإسرائيلي، يخدم أفضل
المصالح القومية الأمريكية. وقال الدكتور إدموند
غريب: "سيواجه الرئيس أوباما
العديد من التحدِّيات الخطيرة
في السياسة الخارجية إزاء الشرق
الأوسط، لأنه سيتعيَّـن عليه
إعادة صياغة تلك السياسة، إذا
كان راغبا حقا في إخراج
الولايات المتحدة من النّـفق
المُـظلم الذي دخلته في عهد
الرئيس بوش، وبالتأكيد
سيتخلّـى أوباما عن انفراد
الولايات المتحدة باتِّـخاذ
القرار في مواجهة الأزمات
الدولية، وسيُـودع مبدأ الحروب
الاستباقية، ولكن يجب أن لا
يتوهّـم أحد أن أوباما سيَـفي
بكل ما وعد بخ أثناء حملته
الانتخابية"، وعاد الدكتور
غريب بذاكرته إلى وعود بوش
الانتخابية بأن لا تصبح أمريكا
شُـرطي العالم وتتدخّـل عسكريا
وتتورّط في بناء الأمَـم بعد
الحروب، وإذا به يفعل كل ما وعد
بأن لا يفعل! توجّـهات أوباما أمْ
واقع الحال ونبّـه الدكتور
إدموند غريب إلى أن السياسة
الدولية لها موازينها
ومتطلباتها، ولذلك، فستفرض
الحقائق على أرض الواقع في
أنحاء العالم توجّـهات
وممارسات أمريكية تقتضيها كل
حالة بعينها. ففي ظل أزمة مالية
طاحِـنة، ستشكل النفقات
الباهظة للحربيْـن المفتوحتين
في العراق وأفغانستان ضغوطا على
أوباما لعمل شيء بخصوص ذلك
النزيف المادي، كما ستفرض أحداث
دولية وإقليمية طارئة على
أوباما صِـياغة سياسات تنسجِـم
مع توجُّـهه بمشاركة المجتمع
الدولي، ولكن ستعبّـر عن أساليب
جديدة في مواجهة تلك الأزمات
بالدِّبلوماسية، عوضا عن القوة
العسكرية أو التهديد
باستخدامها. وردا على سؤال لسويس
إنفو عما إذا كان أوباما
سيُـواصل سياسة نشر
الديمقراطية في العالم العربي،
قال الدكتور غريب: "لا أعتقد
أننا سنشهد في عهد أوباما
تِـكرارا لسياسة أجندة نشر
الحرية والديمقراطية التي روّج
لها الرئيس بوش، ولكن سيواصل
التشديد على ضرورة انفتاح النظم
السياسية في العالم العربي
والتحوّل نحو الديمقراطية
والشفافية، خاصة وأنه من
الناحية التاريخية، كان
الديمقراطيون عندما يتولّـون
سدَّة الرئاسة الأمريكية، أكثر
استخداما لفكرة حماية الحرية
والديمقراطية وحقوق الإنسان في
العالم ونشر القِـيم الأمريكية
والنّـموذج الأمريكي في
الديمقراطية، وهُـم في ذلك أكثر
نشاطا من الجمهوريين، إلا أن
المحافظين الجُـدد استخدموا
فِـكرة نشر الديمقراطية في
الشرق الأوسط لتغيير المنطقة
بشكل جِـذري، لخدمة أهدافهم
السياسية". إعرف أوباما مِـمّـن
حوله وركّـز السيد جورج
حشمة في ندوة مركز الحوار
العربي في واشنطن، على قراءة
توجّـهات أوباما في السياسة
الخارجية، خاصة إزاء الشرق
الأوسط، من خلال فريق العمل
المُـحيط به ومَـن يمكِـن أن
تضمه حكومته من شخصيات، فأشار
إلى أن عددا كبيرا من اليهود
الأمريكيين وجدوا طريقا لهم بين
مستشاريه المقرّبين ولم يكُـن
بينهم عربي أمريكي واحد، ويكفي
كمؤشِّـر على ذلك، اختيار
أوباما لعُـضو الكونغرس رام
مانويل لمنصب رئيس هيئة موظّـفي
البيت الأبيض. وأعرب السيد حشمة عن
عدم ارتياحه لذلك الاختيار، لأن
رام مانويل من أصل إسرائيلي
وسبق له أداء الخِـدمة العسكرية
لمدّة قصيرة في الجيش
الإسرائيلي عام 1997، كما سبق له
التطوّع في مكتب تجنيد تابع
للجيش الإسرائيلي في الفترة
التي سبقت حرب الخليج الأولى
عام 1991، كما أن والده بنيامين،
الذي هاجر مع أسرته إلى مدينة
شيكاغو في الستينات، كان عضوا
في منظمة الأرغون السرية
الصهيونية، التي قامت بأعمال
العنف والإرهاب في فلسطين بين
عامي 1931 و1948. وصرّح الأب لدى
اختيار ابنه لهذا المنصب، بأنه
سيتمكّـن بالتأكيد من التأثير
على أوباما ليكون مُـساندا قويا
وصديقا لإسرائيل. وضرب السيد حشمة عدّة
أمثلة أخرى على الثقة غير
العادية التي يوليها أوباما
لمستشارين من اليهود
الأمريكيين، مثل كبير المخططين
الاستراتيجيين لحملته
الانتخابية ديفيد آكسل رود
ومستشاره لشؤون السياسة
الخارجية دينيس روس، المنسق
السابق لعملية السلام في الشرق
الأوسط والمدير السابق لمعهد
واشنطن لسياسات الشرق الأوسط
المروّج لسياسات اللوبي
الإسرائيلي. انتظار الآخرين أم
العمل الإيجابي لكن السيد جورج حشمة
قال: "هناك مؤشرات مبدئِـية
على اهتمام باراك أوباما بدوْر
أمريكي نشِـط للتوصّـل إلى
تسوية للصِّـراع العربي
الإسرائيلي، يستنِـد إلى إقامة
دولة فلسطينية مستقلة، ولكن
نظرا للصُّـعوبات التي جابهت
العديد من الرؤساء الأمريكيين
من قبله، فسيكون حريصا على
توفّـر متطلّـبات نجاح، أي
وساطة أمريكية، وما لا نعرفه هو
مدى صلابة أوباما في مواجهة
الضغوط من الكونغرس ووسائل
الإعلام والمقرّبين منه إزاء
السياسة الأمريكية، فيما يتعلق
بالصراع العربي الإسرائيلي". وأعرب السيد جورج
حشمة عن اعتقاده بأن اختيار
أوباما لوزير خارجية، ذي دراية
بالوضع في الشرق الأوسط وله
مواقِـف متوازنة، سيكون له أثر
كبير أيضا في النّـهج الذي
يُـمكن أن تسير عليه أي وساطة
أمريكية لتسوية الصِّـراع،
وضرب مِـثالا على ذلك، بأنه قد
يختار لمنصب وزير الخارجية
السناتور الجمهوري تشاك هيغل،
الذي رافق أوباما في رحلته
للشرق الأوسط، التي التقَـيا
فيها بالرئيس الفلسطيني محمود
عباس، وهيغل معروف بصلابته أمام
اللُّـوبي الإسرائيلي ودعوته
إلى حلٍّ عادل ومتوازنٍّ
للصِّـراع، كما قد يختار
الجنرال كولن باول لمنصبٍ له
علاقة بالسياسة الخارجية أو
الأمن القومي أو كمبعوث أمريكي
للتوسّـط لحلّ الصراعات
الإقليمية والمشاكل الدولية. ونبّـه السيد جورج
حشمة إلى أن العالم العربي
يجِـب أن يتوقّـف عن سياسة
الانتظار لما سيجيء به الرئيس
الجديد، ثم تضيع سنوات فترة
رئاسته الأربع وعملية السلام
تُـراوح مكانها، واقترح أن
يتحرّك الزّعماء العرب وينشط
العرب الأمريكيون في جُـهد
منسّـق لدفع عملية السلام، بدلا
من انتظار الآخرين. وخلّـص السيد حشمة
إلى أنه، يجب ألا يتوقّـع العرب
أن يقدِّم لهم أوباما الكثير في
ظلّ ثبات أهداف السياسة
الأمريكية في الشرق الأوسط مع
تغيير الرؤساء، وفي ظل تغلغل
النفوذ الإسرائيلي واللوبي
المساند لإسرائيل في كافة
المستويات. 9تشرين
الثاني/نوفمبر2008 مواقع ذات علاقة مركز الحوار العربي
في الولايات المتحدة http://www.alhewar.com البيت الأبيض http://www.whitehouse.gov باراك أوباما http://www.barackobama.com الحزب الديمقراطي
الأمريكي http://www.johnkerry.com الكونغرس الأمريكي http://www.congress.org/congressorg/home الجامعة الأمريكية http://www.american.edu/index1.html اللّـوبي الإسرائيلي
AIPAC http://www.aipac.org وصلة إلى الموضوع: http://www.swissinfo.ch/ara/swissinfo.html?siteSect=106&sid=9941914 لمزيد من المعلومات
عن "مركز الحوار العربي" في
واشنطن: Mailing
Address: EMAIL:
alhewar@alhewar.com Telephone:
(703) 281-6277 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |