ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من
حقهم أن يفرحوا فهمي
هويدي الفرح لهم والغم لنا،
فهم ـ الأميركيون ـ يملكون
ناصية الأمل، وعلى ثقة من أن
أحلامهم في التغيير في قبضة
أيديهم. ورئيسهم له مدة صلاحية
لا يستطيع أن يتجاوزها فهو رمز
يحترم وليس صنما يعبد. وقبل ذلك
فهو بشر يخطئ ويصيب ويؤخذ منه
ويرد. وهو اختيار يأتي بأصوات
الناس، وليس قدرا مكتوبا أو
مفروضا على الخلق، ولانهم
مطمئنون إلى أنهم قادرون على
تغيير الحاضر وصياغة المستقبل،
فمن حقهم ان يفرحوا وينبغي ألا
نستكثر عليهم الزهو والخيلاء،
ولا أعرف إن كانوا وهم في تلك
الحالة يعبأون بالإطلال على
امثالنا ام لا، لكن احدا منهم لو
فعلها لاكتشف ان هوة سحيقة تفصل
بينهم وبيننا، ولأدرك انهم هناك
يصنعون التاريخ، ولكننا هنا نقف
خارج التاريخ. ادري انه لا وجه
للمقارنة، ولكن ادعوك لأن
تتحامل على نفسك وتصبر لحظة ثم
تستحضر مشاهد مؤتمر الحزب
الوطني الاخير التي لم تغب عن
ذاكرتنا بعد وتقارنها بالمشهد
الذي اعقب اعلان النتائج في كل
من شيكاجو مقر حملة باراك
اوباما واريزونا مقر حملة جون
ماكين، وماذا قال كل منهما عن
الآخر، وعن الحلم الاميركي، وعن
الثقة في الشعب الاميركي الذي
هو المنتصر الحقيقي في المعركة،
ولا تنس ان تدقق في وجوه الحضور
خصوصا في شيكاجو ملاحظا عيونهم
التي يشع منها بريق الأمل او تلك
التي انسابت منها دموع الفرح، في
مقابل ذلك، حاول ان تستعيد صورة
اللاامل في اجتماعات مؤتمر
الحزب الوطني، حيث تجد على
المنصة وفي الصفوف الأولى،
الوجوه نفسها التي اعتدنا ان
نراها في واجهات مصر السياسية
طوال ربع القرن الاخير وهناك من
يريد لها ان تستمر لربع القرن
المقبل. ستجد ايضا في القاعة
الفسيحة صفوفاً من المبتهلين لا
المشاركين، الذين يصفقون
ويهتفون ويستقبلون ولا يرسلون،
وغاية مراد كل منهم ان يحظى
بنظرة رضى او لمسة عطف علها تفتح
أمامه أبواب القبول والسعد في
الدنيا. حين اصدر اوباما
كتابه «جرأة الأمل» قبل عشر
سنوات، فإن الشاب القادم من
المجهول كان يعبر عن حلمه
كأميركي أسود له أصوله
الافريقية، الذي يتطلع لان
ينطلق من سجن لونه واصله، لكي
يحلق بعيداً في الفضاء الأميركي
الواسع، وحين جعل شعار حملته ان
التغيير هو ما نريده، فإنه مارس
جرأة الامل، وألقى بطاقته في
ظرف يتوق فيه الأميركيون الى
التعلق بمخلص يقود لهم عملية
التغيير، وبدا ان الظرف موات
تماما لاطلاق الشعار، سواء بسبب
الهزائم والاحباط التي مني بها
الأميركيون جراء حربي العراق
وافغانستان، او بسبب الزلزال
الاقتصادي الذي ضرب البلاد
واذهل العباد ودمر السمعة
الاقتصادية للولايات المتحدة.
لقد ظل اوباما ومنافسه ماكين،
يرتب كل واحد منهما امر حملته
الانتخابية طوال واحد وعشرين
شهرا، ظل كل واحد منهما خلالها
يخاطب المجتمع ويحاول كسب
الانصار من اقصى الولايات
المتحدة الى اقصاها ومع كل واحد
منهما ما بين 800 ألف ومليون
متطوع، وظل السباق مفتوحا
والسلطة الجمهورية محايدة
تماما طوال تلك الفترة. وحين يستعيد المرء
هذه الخلفية فانه لا يستطيع ان
يمنع نفسه من المقارنة بما يحدث
مع المنافسين في الانتخابات
الرئاسية ببلادنا، وكيف انهم
يقمعون ويحبسون عقابا لهم على
تطاولهم وجرأتهم. واذا سمح لهم
بالمشاركة فانهم يستخدمون
للتجميل وإنجاح اخراج الفيلم
الديموقراطي، باعتبار ان غاية
ما يسمح لهم به هو «شرف
المحاولة» لا اكثر. بقيت عندي كلمتان،
الاولى أنني افرق بين المشهد
الديموقراطي في أميركا وغطرسة
السياسة الأميركية، وأعتبر ان
حفاوتنا بالاول لا تنسحب على
الثانية. الثانية انه ورغم
الاحباط الذي نتقلب فيه ونحن
نقارن ديموقراطيتهم الاصلية
ونظيرتها المغشوشة في بلادنا،
إلا أننا لا نريد ان نستسلم
لليأس، لان بعض ظروف اوباما لها
نظائرها عندنا. فالشعب المصري
كما السود في أميركا من جنس
الاقلية المرذولة والمضطهدة في
البلد، ثم اننا أيضا من أصول
افريقية، ولم يبق امامنا سوى
«الديموقراطية» لكي يصل واحد
منا إلى منصب الرئاسة يوما ما..
بسيطة! ــــــــــــــ المصدر
: صحيفة الدستور المصرية 6/11/2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |