ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أفيقوا
أيها السادة فهمي
هويدي في حين ظل الإعلام
المصري مشغولا بمحاكمة رجل
الاعمال المتهم بقتل المطربة
اللبنانية كانت غزة تختنق تحت
وطأة الحصار الذي منع الوقود
وقطع التيار الكهربائي عن
القطاع وأدى الى وقف علاج عشرات
المرضى الذين اصبحوا مشرفين على
الموت. اضافة الى تجويع
الفلسطينيين وإذلالهم، من خلال
منع وصول الأغذية ومستلزمات
الحياة الاساسية إليهم. عدة جهات في العالم
حذرت من الكارثة الانسانية في
غزة، خصوصا منظمة «الاونروا» (غوث
اللاجئين) ومنظمات أخرى أوروبية
معنية بحقوق الإنسان، لكن هذه
التحذيرات لم تجد لها صدى
عندنا، على الأقل في أوساط
اتخاذ القرار. فلا نحن قررنا ان
نخفف من وقع الكارثة وفتحنا
معبر رفح لتمكين المحاصرين من
التزود ببعض احتياجاتهم من
السوق المصرية، ولا نحن سمحنا
للهيئات الإغاثية المصرية
بتوصيل ما تقدر عليه من اغذية
وادوية إلى الاهالي في القطاع،
ولا نحن نددنا بوحشية الحصار
وضغطنا على اسرائيل لكي تفتح
المعابر المغلقة في وجه البضائع
والمؤن. وحين التزمنا الصمت
ولم نحرك ساكنا، فإن اسرائيل
تمادت فيما ذهبت اليه ولم تكتف
بإحكام الحصار والاصرار على
تركيع الفلسطينيين وتجويعهم،
وإنما اطلقت قواتها الخاصة،
التي توغلت في داخل القطاع
وخطفت سبعة من النشطاء
الفلسطينيين، ذلك انها اعتبرت
الصمت العربي، والمصري بوجه
اخص، ضوءا اخضر شجعها على ان
تواصل القمع والعربدة، دون ان
يساورها القلق من حدوث اي رد فعل
عربي. ليت الامر وقف عند
هذا الحد، لأن الدور المصري
تجاوز الاشتراك في الحصار
وإغماض الأعين عن الجرائم
الاسرائيلية التي ترتكب بحق
المناضلين الفلسطينيين، وانما
ذهب الى حد بذل جهد ملحوظ في
تدمير الانفاق التي اضطر
الفلسطينيون الى حفرها
بأظافرهم للحصول على احتياجات
الغذاء والدواء ومستلزمات
الحياة التي اصرت اسرائيل على
حرمانهم منها. ولم يكن هناك
تفسير بريء لبذل ذلك الجهد،
الذي لم يعد يحتمل سوى تفسير
واحد، هو مضاعفة الحصار وتضييق
الخناق على الفلسطينيين لكسر
صمودهم وسحق ارادتهم. ثمة تفاصيل كثيرة في
هذه الجريمة المستمرة سكت عنها
الاعلام المصري، او لم يجد فيها
مادة للاثارة تجذب الناس وتثير
فضولهم. ولا أستبعد ان يكون
الاعلام قد مل الحديث في
الموضوع، حيث اصبح إظلام القطاع
خبرا عاديا، وتوقف حياة مليون
ونصف مليون مواطن امرا لا غرابة
فيه، وتوقف المستشفيات عن علاج
مرضى القلب والفشل الكلوي
والاطفال المبتسرين، حدثا لا
مفاجأة فيه. اعتبر الاعلام ان
تدمير حياة الفلسطينيين
وإماتتهم هو الأصل وأن بقاءهم
على قيد الحياة استثناء، وان
يعيشوا بكرامة في وطنهم حلم
بعيد المنال، وأمنية خرافية
اقرب إلى الغول والعنقاء والخل
الوفي. بسبب من ذلك فإن اعلامنا
«الهادف» (؟!) وجد في موضوع
محاكمة هشام طلعت مصطفى ومغامرة
السكري وحكايات المطربة
اللبنانية مادة اكثر جاذبية
واثارة، لذلك فإنهم شغلونا
باتصالات هشام والملايين التي
أنفقها او عرضها لإشباع نزواته،
وبقمصان السيد السكري وعمليات
التجميل التي اجرتها المذكورة
في شعرها ومواضع اخرى من جسمها،
لتفتن اثرياء العرب وتدغدغ
احاسيسهم المراهقة. لا اظن ان اجراء
المحاكمة في هذا التوقيت قصد به
مداراة الموقف البائس الذي تقفه
مصر، وصرف انتباه الناس عن
فظاعة الكارثة الحاصلة في غزة،
وان كنت أعذر انصار فكرة
المؤامرة اذا قالوا بذلك، لكنني
ارجح احتمال التسابق على
الاثارة من جانب البعض وفساد
الأجواء الذي سبب خللا في
الرؤية وترتيب الاولويات لدى
البعض الآخر، ولا استبعد ان
يكون بين الاعلاميين فريق ثالث
ممن يكرهون أمتنا ويوالون
اعداءها في اعماقهم وان تخفوا
وراء شعار «مصر اولا وليذهب
الآخرون إلى الجحيم». ليس عندي اي تبرير
لهؤلاء ولا هؤلاء، لكنني فقط
اقول انه اذا كان موقف السلطة
بهذا الشكل الذي نراه، فإن سلوك
الأخيرين يظل صدى طبيعيا له. ـــــــــــــ المصدر
: الدستور المصرية 17/11/2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |