ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
القمة
النسائية فهمي
هويدي يلح عليَّ منذ زمن
سؤال ترددت في البَوْح به خشية
سوء التأويل والفهم، خصوصاً في
ظل التنامي المشهود لدوائر
النمامين والخبثاء، الذين لم
يعودوا يستقبلون أو يسمعون
كلاما إلا وأخرجوه من سياقه،
وأنزلوا آراءهم علي مقاصده، لكن
هذه المرة لم أستطع أن أكتم
السؤال أو أؤجل طرحه، سواء بسبب
من ضعف مقاومتي مع التقدم في
العمر، أو بسبب وقع الحدث الذي
صادفته في الأسبوع الماضي، ذلك
أنني وقعت علي صورة كبيرة
لزوجات الحكام العرب في مؤتمرهن
الذي عقد في «أبوظبي»، ووصف
بأنه «قمة نسائية».. لا أخفي أن «السيدات
الأوائل» ظهرن في أبهي صورة،
واستعرضن في لقاء القمة أحدث
الأزياء وتسريحات الشعر، وأفخر
الثياب الوطنية، وأجمل
المجوهرات وأغلاها، ذكرتني
الصورة بما سمعته ذات مرة من
زميلتنا الأستاذة إنجي رشدي ـ
متعها الله، بالصحة والعافية ـ
وهي من الجيل الذي سبقنا في
الصحافة، إذ قالت إنه في عصر
الملكية المصرية كان بالقصر
الملكي «ترزي» مهمته تغيير شكل
فساتين الأميرات، بحيث تستطيع
الواحدة منهن أن تظهر بالفستان
الواحد أكثر من مرة ترشيداً
للإنفاق، وحتي لا تضطر الأميرة
إلي شراء ثوب جديد في كل مرة،
وهو التقليد الذي اختفي ضمن ما
اندثر من أعراف العهود «البائدة». أخرجني السؤال الملح
من أجواء الصورة المنشورة
وإسقاطاتها، فاستسلمت وقلت: ما
جدوي تلك القمم النسائية التي
أصبحت تحتل مساحات متزايدة في
الإعلام الرسمي بكل بلد؟ بحيث
بدا أن الصور الجماعية
واللقاءات الشخصية هي أهم ما
تسفر عنه تلك اللقاءات، ناهيك
عن أننا لم نعرف كم تتكلف،
خصوصاً أن زوجات الحكام العرب
أصبحت لهن مراسم ومواكب وحاشية،
وطقوس وبروتوكولات وإجراءات
أمنية، لا تقل في أعبائها عما هو
متبع مع أولئك الحكام، الذين لا
نعرف أيضاً شيئاً عن تكاليف
جولاتهم. صار السؤال الكبير عن
الجدوي، والأسئلة الأخري التي
تولدت عنه، أكثر إلحاحا حين
قارنت بين القمة «الرجالية»
التي عقدت في دمشق والقمة
النسائية التي عقدت في «أبوظبي»،
ووجدت أن الأولي كانت محدودة
الجدوي، ثم إنها كشفت عن هشاشة
الوضع العربي وانقسامه العميق
حول القضايا الأساسية، الأمر
الذي دعاني إلي القول بأنه إذا
كان ذلك هو حال القمة الرجالية
بجلالة قدرها، فهل نتوقع جدوي
تذكر من القمة النسائية؟لا أعرف
ما الذي يدور في اجتماعات القمم
النسائية؟ وهل وصلت إليها
خلافات الرؤساء العرب أم لا؟
ومِن هؤلاء من نعرف أنه خاصم
الآخر وتجنب الحديث معه أو
مصافحته في أكثر من مناسبة
علنية؟ وهو ما دعاني إلي
التساؤل عما يدور بين زوجات
أولئك الرؤساء في هذه الحالة،
هل تخاصمن بدورهن؟ أم تجنبن
الخوض في موضوع الخلاف؟ أم
تفاهمن حول إصلاح ذات البين بين
الأزواج المتخاصمين؟ وهي
التداعيات التي أثارت لدي
سؤالاً آخر عن إمكانية قيام
القمة النسائية العربية بتنقية
الأجواء العربية، وهو الأمل
الذي إذا تحقق فسوف يعد إنجازاً
كبيراً، يرشح النساء الأُوَل
لما هو أبعد مما يقمن به حالياً. لا أستطيع أن ألغي
تماماً أي أثر لتلك الاجتماعات،
ذلك أن توثيق العلاقات الشخصية
بين زوجات الحكام أمر مفيد لا
ريب، ثم إن ظهور السيدات
الأُوَل في لقاءات دورية أو غير
دورية يثبت حضوراً للمرأة
العربية المهمشة نسبياً، والتي
يتصور البعض في الخارج أنها
مازالت تعيش في عالم «الحريم»،
وربما ساعدت تلك اللقاءات علي
تبادل الخبرات في مجالات العمل
العام التي تباشرها أو تشرف
عليها أولئك السيدات في
أقطارهن، وربما أدي ذلك إلي
التنسيق والتعاون بين تلك
الأنشطة. راودتني تلك الأفكار
لبعض الوقت، لكنها لم تقنعني
ببدعة «القمم النسائية» التي لا
نظير لها في الغرب أو الشرق، إذ
اعتبرت أن كل تلك الإيجابيات
يمكن أن تتحقق بوسائل أخري، ولم
يغير ذلك من اقتناعي بأن
الإنجاز الحقيقي والأفضل هو ما
تحققه كل سيدة أولي في بلدها وفي
خدمة شعبها، لأن موقعها يمكنها
من أن تفعل الكثير علي أرض
الواقع، في حين أن إنجازات
القمة النسائية لا تتجاوز
كثيراً الظهور علي شاشات
التليفزيون. ــــــــــــ المصدر
: الدستور المصرية 25/11/ 2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |