ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
شعورنا
بالخزي والعار فهمي
هويدي هكذا
مرَّ العيد علي المحاصرين في
غزة، أوقفت محطة توليد الطاقة
الكهربائية توربيناتها ظهر يوم
«الوقفة» - الأحد - بعد نفاد كمية
الوقود المتوفرة لديها، وفي
اليوم نفسه منعت إسرائيل سفينة
العيد التي كان يفترض إبحارها
من يافا، وعلي ظهرها بعض
الناشطين من أبناء عرب 48، الذين
حملوا معهم كميات من الأدوية
والأغذية وهدايا الأطفال،
وكانت سلطات الاحتلال قد سمحت
في وقت سابق بإيصال كمية محدودة
من الوقود للقطاع، توفر الحد
الأدني للاستهلاك حتي وقفة
العيد، وهو ما يعني إغراق
القطاع في بحر من الظلام نتيجة
لانقطاع التيار الكهربائي عنه،
وليت الأمر قد وقف عند ذلك الحد،
لأن الشموع وبقية أجهزة الإنارة
وأدواتها نفدت بدورها لأن
إسرائيل لا تسمح للفلسطينيين
باستيرادها!. مع حلول
العيد أيضاً أصرَّت سلطات
الاحتلال علي عدم إرسال السيولة
النقدية اللازمة من عملة
«الشيكل» إلي القطاع، وترتب علي
ذلك أن البنوك المحلية لم تتمكن
من فتح أبوابها لليوم الرابع
علي التوالي، الأمر الذي يعني
أن 77 ألف موظف يعملون لدي
الحكومة حُكم عليهم باستقبال
عيد الأضحي وجيوبهم خاوية
تماماً، نظراً لعدم استلام
رواتبهم!. ولأن
سلطات الاحتلال لم تسمح منذ
فترة طويلة بإدخال العجول
والأبقار إلي القطاع، فلم يعد
أمام أبناء غزة سوي «الخرفان
المصرية المهربة عبر الأنفاق»،
والتي تباع بأسعار خيالية!. في حين
ارتفعت أسعار لحوم العجول إلي
أرقام غير مسبوقة، إذ وصل سعر
الكيلو جرام الواحد إلي 16
دولاراً «حوالي 90 جنيهاً مصريا»
وكان المهربون قد قاموا بتهريب
آلاف من العجول صغيرة السن بسبب
ضيق فوهات الأنفاق التي لا تسمح
بمرور الأحجام الكبيرة منها،
وهناك اعتقاد سائد يري أن صغر سن
العجول يجعل ذبحها غير شرعي!. حتي إذا
توفَّرت العجول والأبقار بسعر
أقل، فإن أهالي غزة لن يجدوا
الغاز اللازم لطهيها، لأن الغاز
نفد بدوره من القطاع بسبب رفض
إسرائيل السماح باستيراده!، وقد
عمد المهربون إلي تهريب الغاز
من مصر عبر الأنفاق، أسوة
بالديزل والبنزين، ودخل
المهربون في سباق مع الزمن
لتوفير ما يمكن توفيره منه قبل
العيد، لكن المحاولة فشلت، لأنه
يصل متجمدا!، ولم تفلح محاولات
تسييله بالماء الساخن تارة،
وبغيره من الوسائل الأخري تارة
أخري. الفحم
اللازم للشواء أو تدخين الشيشة
«الأرجيلة» غير متوفر بدوره،
وإن توفر فإن نوعه المطروح في
الأسواق رديء جداً، ويكاد يعيد
أهل غزة إلي الوراء عشرات
السنين، حيث أصبحوا مضطرين
لاستخدام «وابور الجاز» الذي
كان قد أصبح شيئاً من التراث حتي
أشهر خلت!، ولكن بسبب ضغط الحاجة
فإن المهربين لجأوا إلي استقدام
أعداد كبيرة منه من مصر التي
لاتزال تصنعه، ونظرا للجوء
كثيرين إلي استخدامه فإن ما تم
استجلابه نفد أيضا من الأسواق!. المدهش
في الأمر أنه في الوقت الذي
تصرُّ فيه إسرائيل علي التنكيل
بغزة وإذلال أهلها حتي في أيام
عيدهم، فإن معبر رفح ظل مغلقا
وحائلا دون وصول المواد
الإغاثية إلي القطاع، في حين أن
بعض السفن العربية تجوب البحار
الآن في انتظار التصريح
الإسرائيلي لها بالوصول إلي غزة!. وسط هذه
الصورة القاتمة فإن
الغزَّاويين لم يفتهم في العيد
أن يسخروا من واقعهم المرَّ،
فتبادلوا نكاتاً عديدة ورسائل
ساخرة علي الهواتف النقالة،
تقول واحدة منها: رغم الرواتب
المنسية، والعيدية الملغية،
وغلاء الخرفان المصرية
والكهرباء المطفية، هنعِّيد
علي شمعة مصرية، وعيدكم مبارك،
تقول رسالة أخري: كل سنة
وجرِّتكو «من الجرة» مليانة
غاز، وبابوركو طافح جاز،
وكهربتكو 3 فاز، وحجاجكو رايحين
الحجاز! .إنهم
يحاولون تغطية أحزانهم بمثل هذه
الرسائل التي تسخر من الواقع،
لكننا لا نستطيع أن نكتم شعورنا
بالخزي والعار، سواء لأن
حكومتنا تشارك في حصارهم، أو
لأننا مازلنا عاجزين عن أن نمد
يد الغوث لهم، أو لأن شيخ الأزهر
ذكر إنه لا يعرف أن غزة محاصرة
أصلاً! ـــــــــ المصدر
: الدستور المصريه 12/12/2008 ------------------------- المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |