ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لا
ينهاكم الله د.
صالح المبارك أيام
قلائل قبل بدء إسرائيل عدوانها
الآثم الأخير على قطاع غزة ، وصف
السيد ريتشارد فالك Richard
Falk–مفوض الأمم المتحدة لحقوق
الإنسان- الحصار الإسرائيلي
لغزة بأنه جريمة حرب و قد أزعجت
انتقادات السيد فالك إسرائيل
لدرجة أنه طُرد لدى وصوله إلى
مطار تل أبيب يوم 17 ديسمبر
الماضي . ريتشارد فالك هو أستاذ
قانون متقاعد في جامعة برينستون
العريقة ومؤلف للعديد من الكتب
وشخصية لها احترام واسع في
أوساط القانون وحقوق الإنسان
وهو أميركي يهودي. وموقف السيد
فالك هذا ليس بجديد عليه إذ أنه
وقف مواقف شجاعة ومنصفة من قبل
فعارض حربي ڤييتنام والعراق
ودافع عن حقوق المحتجين على
الحروب كما طالب يكشف حقائق
أحداث 9/11 واتهم إدارة الرئيس
بوش بطمس الحقائق. خلال
العقود الثلاثة الماضية عرفت
الكثير من الشخصيات التي تناصر
الحق وتسبح ضد التيار الصهيوني
الاستعماري القوي هناك ، كثير
منهم يهود أذكر منهم نعوم
تشومسكي Noam
Chomsky الأستاذ في جامعة MIT والذي ترعرع في الحركة
الصهيونية عند قيام دولة
إسرائيل ثم انقلب ضد الصهيونية
واسرائيل وضد استغلال الحكومة
الأميركية لبلاد العالم الثالث.
من تلامذة تشومسكي الأستاذ
نورمان فينكلستين وهو ينحدر من
أبوين يهود ذاقا مرارة المحرقة
النازية ومات فيها عدد من
أقاربه وقد جعل فينكلستين
المحرقة محور دراسته العليا في
جامعة نيويورك SUNY ثم ألف كتابه المشهور صناعة المحرقة Holocaust
Industry والذي اتهم فيه المنظمات
اليهودية والصهيونية باستغلال
المحرقة لمكاسب مالية وسياسية
وكان آخر كتبه Beyond
Chutzpah الذي تحدث فيه عن إساءة اليهود
الصهاينة لتعبير معاداة
السامية وتغييرهم للتاريخ وقد
ضغط اللوبي الصهيوني على جامعة
ديبول DePaul University
حيث كان فينكلستين يدرّس فيها
حتى تم انهاء خدماته فيها. وكان
لفينكلستين أعمال مشتركة مع
المؤرخ الإسرائيلي المشهور
إيلان پاپيه Ilan
Pappé الذي اشتهر بمواقفه الشجاعة
إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني
بل إنه أنكر حق إسرائيل في أي
بقعة من أرض فلسطين وتعرض
لمضايقات جمّة أثناء عمله
كأستاذ في جامعة حيفا فاضطر
للإستقالة وانتقل إلى جامعة
ايكستر University
of Exeter في
بريطانيا وقد أيد المقاطعة
الأكاديمية لإسرائيل ومثله
أيضا السياسي المخضرم
والصهيوني السابق يوري
أڤنيري Uri Avnery الذي تعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل
يهود متطرفين لمواقفه المنصفة
والمؤيدة لنضال الشعب
الفلسطيني هناك
أيضا إيمي غودمان Amy
Goodman الإعلامية الأميركية المشهورة
التي ينقل برنامجها الرائع Democracy Now مئات المحطات الإذاعية وهي من أشد
المنتقدين للسياسة الخارجية
الأميركية والمناصرين لحقوق
الإنسان ومنها حقوق
الفلسطينيين كما خصصت حلقات من
برنامجها لفضح انتهاكات
غوانتانامو وأبو غريب ومجزرة
مخيم جنين وغيرها. هناك أيضا
الصحافية الإسرائيلية اليهودية
أميرة هاس Amira
Haas المراسلة لجريدة هاآريتز التي
كتبت الكثير من التحقيقات عن
الإنتهاكات الإسرائيلية لحقوق
الفلسطينيين وقد ذهبت إلى غزة
أثناء الحصار وكتبت عن معاناة
السكان هناك ثم طلبت حكومة غزة
منها الخروج لأسباب أمنية قبيل
العدوان الكبير ومثلها أيضا
زميلها غيديون ليڤي Gideon
Levy ولا
ننسى أعضاء جماعة ناطوري كارتا Neturei Karta
اليهودية الدينية المعادية
للصهيونية وإسرائيل والذين
يرون أن إنشاء دولة إسرائيل قبل
مجيء المسيح كان مخالفا لتعاليم
التوراة ومغضبا للرب ولذا فإنها
ستزول قريبا وهم يخرجون مع
العرب والمسلمين في مظاهراتهم
ضد جرائم إسرائيل أقليات
يهودية أصرت على البقاء في
بلادها مع الأغلبية المسلمة (المغرب
– تونس – لبنان – اليمن– تركيا
– إيران وغيرها) رغم حملات
الترغيب والترهيب الصهيونية بل
إن بعض من هاجر إلى إسرائيل ولم
ير “الجنة الموعودة” هاجر إلى
أميركا أو بلاد أخرى وأذكر
مقابلة سمعتها في إذاعة NPR
الأميركية منذ أكثر من عقدين مع
يهودي سوري في نيويورك يتحسر
فيها على أيامه في دمشق ويحن
للعودة. هذه الجاليات يضاف
إليها العديد من الجاليات غير
المسلمة التي يعيش أفرادها في
وئام وتكاتف مع إخوانهم في
المواطنة من المسلمين وقد وقف
الكثير من زعماء نصارى العرب
مواقفا مشرفة دفاعا عن الوطن
جنبا إلى جنب مع إخوانهم
المسلمين وغيرهم كالزعيمين
الوطنيين الراحلين مكرم عبيد في
مصر وفارس الخوري في سوريا
وهاهو المطران المناضل حنا
عطاالله والدكتور عزمي بشارة
وغيرهما من مسيحيي فلسطين يقفون
الآن جزءا لا يتجزأ من النسيج
الفلسطيني المناضل المجاهد في
وجه المحتلين الظالمين هناك
جمعيات حقوق انسان وناشطين
سياسيين وحقوقيين اسرائيليين
أو يهود خارج الأرض المحتلة
يمارسون انتقادات لاضطهاد
لإسرائيل للشعب الفلسطيني منها
بيت سالم BTselem التي كشفت الكثير من الممارسات الوحشية
للحكومة الإسرائيلية ضد
الفلسطينيين والسلام الآن Peace Now وهناك جمعيتا تيكون Tikkun والأصوات اليهودية للسلام Jewish
Voices for Peace الأميركيتين، وهذه الجمعيات
والأفراد على درجات متفاوتة
نوعيا وكميا من التوافق مع
مواقفنا وهنا لابد أن ننوه أن
علينا ألا نتوقع من الآخرين
مواقف مطابقة لمواقفنا فقد تكون
دوافعهم دينية أو إنسانية أو
قانونية أو حتى مصلحية ولا بأس
بهذا فالتحالفات تبنى على أساس
القاسم المشترك الأدنى فإن توفر
هذا القاسم (وهو العدل للجميع
وبمقياس واحد على مبدأ حلف
الفضول) دخلنا معهم في التحالف
رغم الاختلافات وكما يقول المثل
العربي (كما تدين تدان) فلا بد
لنا من اتخاذ مواقف عادلة تجاه
قضايا الآخرين حتى يحق لنا أن
نتوقعهم في صفنا عندما نحتاج
المناصرة. الأمثلة عن
المتعاطفين مع قضايانا وقضايا
المظلومين كثير ، قد لايشكلون
أغلبية لكن مشاركتهم ومناصرتهم
لنا لها أثر في الأوساط
العالمية بالتأكيد ولابد من
شكرهم على مواقفهم وتقديرها. مامناسبة
هذا الكلام الآن؟ أليس اليهود
يقتلون إخواننا في فلسطين
ويفعلون الأفاعيل؟ ألا يقف بعض
خطبائنا على المنابر يدعون
بالموت على اليهود والكفار؟ هل
المشكلة في يهوديتهم وكفرهم أم
أن المشكلة في أعمالهم
الإجرامية؟ لقد بحثتُ في القرآن
الكريم وسيرة الرسول صلى الله
عليه وسلم فوجدت أن هناك نوعين
من الذنوب: ذنوب مع الخالق
وأشدّها الكفر وذنوب مع الخلق
ونختصرها بالظلم (فكل ذنب مع
الآخرين يندرج تحت الظلم وحتى
الذنوب مع الله تعالى فهي ظلم
والكفر أسوأها: “إن الشرك لظلم
عظيم” سورة لقمان – آية 13) أما
الذنوب مع الخالق فحسابها معه
وليس مع الخلق رغم أنه قد يترتب
بعض الأحكام الشرعية على
العقيدة كالزواج والميراث وأكل
الذبائح لكن الله تعالى هو وحده
من يعاقب على الذنوب معه –بما
فيها الكفر- وهو وحده يُدخِل
الجنة والنار: “إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ
هَادُوا وَالصَّابِئِينَ
وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ
وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ
اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ
اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
شَهِيدٌ ” سورة الحج – آية 17.
وقد منح الله تعالى الحرية
الدينية لعباده بما فيها خيار
الكفر: “لا إكراه في الدين قد
تبين الرشد من الغي” سورة
البقرة – آية 256 وأخبرهم عز وجل
بمسؤوليتهم عن اختيارهم فهناك
الحساب يوم القيامة وهناك
الثواب والعقاب: “وَقُلِ
الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن
شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء
فَلْيَكْفُرْ إِنَّا
أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ
نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ
سُرَادِقُهَا وَإِن
يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا
بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي
الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ
وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً . إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا
نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ
عَمَلاً. أُوْلَئِكَ لَهُمْ
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ
يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ
أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ
وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً
خُضْراً مِّن سُندُسٍ
وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ
فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ
نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ
مُرْتَفَقاً ” سورة الكهف –
آيات 29-31 ولكن
الحدود والعقوبات لأولي الأمر
جُعِلت لحقوق الخلق سواء البشر
من مسلمين أو غيرهم أو الحيوان
أو النبات والطبيعة ، وسواء كان
الذنب مع فرد أومجموعة
أوالمجتمع ككل وحتى بعض
العقوبات لذنوب تبدو مع الخالق
في ظاهرها ذكر بعض العلماء أن
العقوبة متعلق بالإساءة إلى
المجتمع فعقوبة الزنى إذا أخذنا
في الاعتبار شروط تطبيقها شبه
المستحيلة وجدناها في الواقع
عقوبة للمجاهرة بالزنى وعقوبة
الردة يراها الكثير من العلماء
تطبق فقط في حالة اقتران الردة
مع خيانة الأمة ويستدلون على
ذلك بقول الرسول صلى الله عليه
وسلم (التارك لدينه المفارق
للجماعة) ولم يكتف –وهو الذي
أوتي جوامع الكلم- بـ “التارك
لدينه”. وتطبيقا
لهذا المبدأ فعلاقتنا مع غير
المسلمين يجب أن تكون محكومة –من
حيث الودّ أو العداء- بالعلاقات
البشرية الدنيوية وليس الأمور
العقدية والأخروية وهذا ما
أمرنا به الله تعالى: “لا
يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ
الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ
فِي الدِّينِ وَلَمْ
يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ
أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا
إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ
عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ
فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم
مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا
عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن
تَوَلَّوْهُمْ وَمَن
يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ” سورة
الممتحنة – آية 8-9 وكلا الفئتين
اللتين ذكرهما الله في هذه
الآيات الكريمة من غير المسلمين
وقد أمرنا الله تعالى بالتفريق
بينهما على أساس المعاملة
الدنيوية فحسب فأمرنا بالبر
والقسط بالفئة الأولى التي لم
تقاتلنا في الدين ولم تخرجنا من
ديارنا بينما نهانا أن نتولى –أي
نحالف ونناصر ونصادق- الفئة
الثانية التي قاتلتنا في الدين
وأخرجتنا من ديارنا وظاهرت –أي
أيّدت أو ساعدت- على إخراجنا من
ديارنا. أما مقولة “ملة الكفر
واحدة” فهي قول مأثور وليست
بحديث فإن قُصد بها المصير
الأخروي فهي صحيحة أما في أمور
الدنيا فلا تصح بل تتعارض مع
قوله تعالى “ليسوا سواء من أهل
الكتاب أمة قائمة يتلون آيات
الله آناء الليل وهم يسجدون”
سورة البقرة – آية 113 والملفت
للنظر أن الآيات التي سبقت هذه
الآية مباشرة كانت تتحدث عن
عصاة بني إسرائيل وأنهم باءوا
بغضب من الله بكفرهم بآيات الله
وقتلهم الأنبياء وعصيانهم
وعدوانهم ، فجاءت الآية التالية
لتوضح: ليسوا سواء ، والضمير هنا
يعود على أهل الكتاب ويؤكد عدم
تساوي أهل الكتاب في معاملتهم
الدنيوية لنا قوله تعالى “ومن
اهل الكتاب من ان تامنه بقنطار
يؤده اليك ومنهم من ان تامنه
بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت
عليه قائما” سورة آل عمران –
آية 75 عاتبني
أحد الإخوة معترضا ومستشهدا
بالآية “وَلَن تَرْضَى عَنكَ
الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى
حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ”
سورة البقرة – آية 120 وسألني
مستغربا كيف لا نلعن اليهود
ونعاديهم ونحاربهم والله
سبحانه وتعالى قد لعنهم في
القرآن في عدة مواضع كما أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا
أننا سنقاتل اليهود وسنهزمهم في
الحديث المعروف “لا تقوم
الساعة حتى يقاتل المسلمون
اليهود فيقتلهم المسلمون حتى
يختبئ اليهود من وراء الحجر
والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا
مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي
تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من
شجر اليهود”. أجبته: إظهار
العواطف جيد ومفيد ولكن تركها
تغلب العقل والحكمة والعلم
الصحيح خطأ فادح. يا أخي الكريم:
المفسرون ذكروا أن الرضى
المقصود في الآية هو الرضى
الديني وهذا طبيعي فكل نحلة
تعتقد أنها على حق وأن غيرها على
باطل ولا ضير في هذا فالله يحكم
بيننا يوم القيامة واعتقادي
بأنك على دين باطل يجب ألا يغيّر
معايير العدل التي أعاملك بها
فمقاييس العدل للبشر في الدنيا
يجب ألا تُلبس مع معايير الله
عزوجل في الآخرة فقد اختصم علي
بن أبي طالب كرّم الله وجهه
ويهودي إلى أمير المؤمنين عمر
بن الخطاب رضي الله عنه فلم
يلتفت الفاروق إلى إسلام –بل
سبق إسلام وفضل- علي ولا إلى كفر
اليهودي ، بل نظر إلى حيثيات
القضية والبراهين الملموسة
فحكم لليهودي مما أدى إلى
إسلامه لاحقا. ونلاحظ أنه كلما
لعن القرآن اليهود أو غيرهم،
قرن هذا اللعن بأعمال إجرامية
محددة: ” فَبِمَا نَقْضِهِم
مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم
بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ
الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ
وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا
غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ
عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ
يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
“… إلى قوله تعالى ”
فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ
هَادُواْ حَرَّمْنَا
عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ
أُحِلَّتْ لَهُمْ
وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ
اللّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ
الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ
عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ
النَّاسِ بِالْبَاطِلِ
وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ
مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً”
سورة النساء – آيات 155-161 وقوله
تعالى “لُعِنَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ مِن بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا
وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ
عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ
لَبِئْسَ مَا كَانُواْ
يَفْعَلُونَ” سورة المائدة –
آية 78-79 والآيات والأحاديث في
ذلك كثيرة بل إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لم يؤثر عنه سب
أولعن أو الدعاء إلا على من أتى
بفعل شنيع ولم يعرف عنه التعميم
في ذلك، أما
الدعاء المعروف ” اللهم أحصهم
عددا واقتلهم بددا ولاتغادر
منهم أحدا” فهو ليس من كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم بل
من كلام خبيب بن عدي رضي الله
عنه قبل قتله في قصة بعث الرجيع
حين قدم على رسول الله صلى الله
عليه وسلم قوم من عَضَل
وقَارَة، وذكروا ان فيهم
اسلاماً، وسألوا ان يبعث معهم
من يعلمهم الدين، ويقرئهم
القرآن، فبعث معهم نفرا من
أصحابه فغدروا بهم وقتلوا تسعة
منهم وبقي خُبَيب وزيد بن
الدَّثِنَّةِ فباعوهما بمكة
ليقتلوهما بقتلى بدر. أما ما ورد
عن أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم دعا على الكفار بعد غزوة
أحد فقال: “اللهم قاتل الكفرة
الذين يكذبون رسلك ويصدون عن
سبيلك واجعل عليهم رجزك وعذابك،
اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا
الكتاب إله الحق” فقد ضعّف
العلماء هذه الرواية وقال
الذهبي: الحديث مع نظافة إسناده
منكر أخاف أن يكون موضوعا
والرواية -وان صحّت- لا تتناقض
مع ما ذكرناه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم دعا على الذين
يحاربون الله ورسله ويسعون في
الأرض فسادا ويملأون الأرض
جورا، ولم يكن دعاؤه مبنيا على
عقيدتهم بل إنه في كثير من
الأحيان كان يدعو لأعدائه
بالهداية: “اللهم اهد قريشا” و”اللهم
اهد ثقيفا” و “اللهم اهد دوسا
وائت بهم” كما قال صلى الله
عليه وسلم: “إن الله لم يبعثني
طعانا ولا لعانا ولكن بعثني
داعيا ورحمة اللهم اهد قومي
فإنهم لا يعلمون”. أما
حديث “لا تقوم الساعة حتى يقاتل
المسلمون اليهود…” فهو نبوءة
من الرسول صلى الله عليه وسلم
وليس أمرا لنا كما تنبأ بكثير من
الأمور “إنكم ستقاتلون بني
الأصفر…” وموقفنا من كل
النبوءات أن نصدقها ان صح
الحديث كما هي دون تدخل منا أو
محاولات لتأويل أو تسريع (كما
يفعل بعض النصارى في محاولتهم
تسريع ملحمة أرماغيدان والتي –حسب
زعمهم- ستؤدي إلى عودة المسيح)
فمما لاشك فيه أن مقاتلتنا لهم
وانتصارنا عليهم سيحصل حسب
السنن الكونية والمكان والزمان
والظروف التي أرادها الله تعالى
ونجهلها نحن –كلها أو جلها. على
المسلم أن يتذكر أن وظيفته
الأولى هي الدعوة إلى الله ورغم
أن الجهاد –بالقتال وغيره من
الأساليب- جزء أساسي من عقيدة
المسلم لكن من المتفق عليه أن
العنف هو الأسلوب الأخير ومحدد
بضوابط شرعية فالظلم لا يبرره
ظلم سبقه والتزام الرسول صلى
الله عليه وسلم وصحابته والكثير
من السلف الصالح بهذه الضوابط
والأخلاق الإسلامية النبيلة
أدى إلى دخول ملايين البشر في
الإسلام رغبة لا رهبة وها نحن
اليوم نخوض حربا مع عدو مجرم لا
يعرف ضوابطا ولا أخلاقا ولا
يراعي مواثيقا أو عهودا فلنا
الحق الشرعي والقانوني
والأخلاقي في قتاله وهزيمته
واحقاق الحق وابطال الباطل ولكن
لنتوقف عند حدود الشريعة ولنتق
الله ونتذكر قوله “يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ
شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ
قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ
تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ
اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ” سورة المائدة –
آية 8 وقوله “فَمَنِ اعْتَدَى
عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ
عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا
اعْتَدَى عَلَيْكُمْ
وَاتَّقُواْ اللّهَ
وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ
مَعَ الْمُتَّقِينَ” سورة
البقرة – آية 194. ــــــــــ المصدر
: مدرسة
دمشق المنطق الحيوي ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |