ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  15/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


القنابل التي تهزّ غزة.. هل تهزّ الشريط الشائك في الجنوب؟

وائل نجم

لم يبقَ نوع من أنواع الأسلحة الجديدة والمستحدثة والقديمة إلا وتمّ استخدامه في العدوان على قطاع غزة أثناء العمليات الجارية. أحدث الطائرات السمتية وصواريخها وقذائقها. أفضل أنواع الدبابات ولهيب النار الذي تقذفه. أهم الزوارق الحربية والغواصات التي حاولت تلويث شواطئ غزة. كل ذلك استخدم في العدوان، استخدمه العدوّ الصهيوني غير عابئ بما يخلفه من دمار هائل، وضحايا أبرياء، من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، فترك غزة دماراً بواراً خراباً. لقد هزّت تلك القنابل المدوّية التي ألقيت من الطائرات الأمريكية الصنع، وحملت أطناناً من المتفجرات، لقد هزّت أبنية غزة، وأبراجها، ودورها، وملاعب الأطفال فيها، وأشجار نخيلها، إلا أنها رغم قوتها، وقوة إرادة القتل والتدمير والموت عند مطلقها، لم تستطع أن تهزّ جفناً لمقاوم وقف وسط الركام ينتظر دبابة غازية يحيلها إلى رماد بمن فيها، ولا هزّت يد مقاوم يصوّب صاروخه نحو تلك الآلات التي تنشر الموت والبوار. لم تخف طفلاً يعيش بين اكوام الأجساد المتفحمة جراء استخدام أحدث انواع القتل، ولا امرأة ماجدة ما زالت تحتضن بحنانها وعطفها وقوة إرادتها أبناءها من حولها، بل وكل أبناء القطاع. وإذا كانت هذه القنابل لم تهزّ جفن الأطفال غير الخائفين، فإنها أيضاً، وعلى بشاعتها لم تهزّ ضمير العالم العربي الرسمي من الأنظمة والحكام، وممن يجلس على الكراسي والعروش، ولا ضمير العالم الآخر الذي يدعي الحضارة إلا أنه لا يرى إلا بعين صهيونية منحازة. الشعب العربي والمسلم في كل مكان كان أسرع وأقوى من تلك القنابل الحاقدة، فوقف إلى جانب أهالي العزة، بما اتيح له من إمكانيات ولم يبخل بشيء، وهذا ما تجلّى على مدار الأيام والأسابيع الفائتة، وهو جسّد لوحة فريدة من التعبير عن الوحدة والتواصل. ولكن يبقى لبنان، وتبقى حدوده الجنوبية، فهل تهزّ هذه القنابل التي هزّت أبراج غزة وأبنيتها، ولم تهزّ ضمائر الحكام والمسؤولين، هل لها أن تهزّ السياج الشائك عند نقطة الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة؟

 

قبل عامين ونصف تقريباً عاث المحتل فساداً ودماراً في لبنان، حتى وصل إلى قناعة بأن إرادة المواجهة لن تنكسر، وكانت هزيمته المدوّية التي اعترف بها قبل العالم. اليوم يريد الانتقام، يريد الثأر من غزة أولاً، ومن لبنان ثانياً. لقد وجّه نار حقده إلى غزة وها هو يدّمر كل شيء حتى الطفولة البرئية. وربما غداً يوجّه نار حقده نحو لبنان ليغتال البراءة والطفولة فيها أيضاً. لقد توعّد قادة الكيان الاسرئيلي كثيراً لبنان ومقاومته. لقد وجّهوا تهديداتهم المباشرة وغير المباشر للنيل من لبنان. وهم عندما ينتهون من غزة قد يديرون أفواه بنادقهم وفوهات مدافعهم إلى بيروت ولبنان. فهل تسمح الظروف بذلك؟

 

الإسرائيلي يتحين الفرصة المناسبة على المستوى السياسي لتوجيه ضربة شديدة للبنان على غرار ما يفعل بغزة، ولطالما انتظر ذلك. الأمر عنده رهن بمدى الانجازات التي سيحققها في غزة. وحجم الخسائر التي سيتكبدها هناك. فإذا وجد انه قد حقق مراده، ولم تكن خسائره كبيرة، فإنه سينتقل إلى الجبهة الثانية. واما إذا فشل في الأولى فإن معركته ستنتهي هناك.

 

الأجواء المرافقة لعدوانه على غزة من غطاء دولي كبير، ومن انقسام عربي وغض للبصر، إن لم نقل خيانة وصلت حدود التآمر واضحة للعيان وهي تساعده على الاستمرار. ما من أحد يستطيع وقف عدوانه سوى التصدّي له وتكبيده أفظع الخسائر، وهذا وحده يجعله يفكر مرتين في مواصلة العدوان. إن هذه ضربة جديدة، لذا فإن الاسرائيلي قد يلجأ في هذه الظروف الى مواصلة عدوانه، في ظلّ تأييد منقطع النظير من الإدارة الأمريكية، ومن الاتحاد الأوروبي، وفي ظلّ صمت روسي وصيني.

 

في مقابل ذلك هل يلجأ حزب الله إلى هزّ شباك هذه الحدود؟ الحزب والمقاومة اللبنانية، تعيش وقتاً صعباً تحصي فيه كل شيء وكل حركة، لأن ما يجري سيكون له ما بعده، مهما تكن النتائج التي سيتمخض عنها هذا العدوان. البعض يرى أن ما يجري في غزة سيرسم صورة ومستقبل المنطقة لعقد كامل على أقل تقدير، وربما هذا حقيقة ساطعة، لذا فإن الحزب يحصي كل ما يجري، ويتريث في اتخاذ أية خطوة في هذه الأوقات، ولربما يكون الرهان الأساسي عنده هو على صمود قطاع غزة وإرهاق واستشراف قدرة الجيش الصهيوني، وفي هذه الحالة سيبقى واقفاً موقف المناصر عن بعد، اما إذا بدأت جبهة غزة تتصدّع، وبدأ الاسرائيلي تحقيق أهدافه وفرض شروطه، فإنه في تلك الحالة قد يعمد إلى تخفيف الضغط عن تلك الجبهة من خلال فتح جبهات أخرى، وإن لم تكن بطريق مباشرة، بل من خلال بعض الحلفاء، وفي هذا السياق قد يكون تهديد أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد جبريل، قد اتى عندما تحدّث عن جبهات أخرى قد تفتح على الكيان الاسرائيلي. إلا أن الأمر سيظل رهناً بمدى التطورات الميدانية في قطاع غزة، ولا يخفى أن الحزب راغب في تغيير قواعد الاشتباك الذي فرضه القرار الدولي 1701، إلا أنه يفتش ويبحث عن الآليات التي لا تصيبه بشظايا هذا التغيير، وقد تكون اليوم الفرصة سانحة. إذاً الجبهة الجنوبية مهددة فعلاً في كلتا الحالتين. سواء حقق العدوان الصهيوني أهدافه، أو لم يحقق. ومن هنا يأتي الحديث الاسرائيلي الدائم عن استنفار لحزب الله عند الحدود، وكذلك عن استدعاء أكثر من ثلاثين ألف جندي من الاحتياط، وكل ذلك قد يفتح الجبهة الجنوبية في أية لحظة. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعل المنطقة برمتها تعود إلى هدوئها هو إيجاد تسوية جديدة يخرج منها الكيان الصهيوني وحركة حماس بنصف هزيمة ونصف انتصار وهذا ما لا يبدو متحققاً إلى الآن، لأن حماس بعد هذا الثمن الكبير والشهداء  الجرحى والدمار، لن تقبل بذلك لأن من شأن ذلك الوقوع في المحظور الذي طالما حاذرته، وهو إيجاد دولتين فلسطينيتين، وهي لطالما أكدت إصرارها على الانتصار في هذه المعركة، رغم ارتفاع فاتورة المواجهة بأعداد الشهداء والجرحى والدمار. وكل ذلك قد يزيد من احتمال اهتزاز الشريط الشائك في الجنوب اللبناني او في غيره من حدود المنطقة.

ـــــــــ

المصدر : الأمان 9/1/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ