ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
خاطرة
: حياة بعد الولادة بقلم
د. عدنان وحوّد
قبل سنوات ، عشرون ، ثلاثون ، أو
أكثر ، قرأت كتاب « تعريف عام
بدين الإسلام » للعالم الجليل
علي الطنطاوي - رحمه الله - وقد
استفدت منه لنفسي الشيء الكثير
، لكن تصوير العالم الجليل
للانتقال من الحياة الدنيا إلى
حياة الآخرة ، عن طريق تشبيه هذه
النقلة ، بحياة توأمين في بطن
الأم ، وخاصة في لحظات الولادة ،
بأن يظن أحدهما ، بأن صاحبه
قد فارق ، وغادر الحياة . وأن
الحياة الدنيا من الناحية
الزمنية ، هي حياة أطول بأكثر من
مائة ضعف من حياة الجنين في بطن
أمه ، وقس على ذلك ، طول الحياة
الآخرة ، إذا كان هناك مجاز
للقياس . خلال هذه السنوات ، كان
الاستشهاد بهذا الشرح ، الذي
اكتسبته عن طريق قراءة هذا
الكتاب النفيس ، يتخلل حديثي مع
جلسائي ، وخاصة الشباب منهم . قبل بضعة أسابيع ، راجعني أحد
هؤلاء الشباب ، الذي سمع مني هذا
التصوير قبل سنوات ، قائلاً :
بأنه حصل على نصّ أشمل ، لمثل
هذا التصوير . فقد استطاع
العاملون والعالمون بوسائل
العصر الحديثة ، التي تمكننا من
التقاط ، وتحليل معاني الإشارات
الإلكترونية عن طريق استخدام
المجسّات الحسّاسة ، التي
تستشعر هذه الإشارات عن بعد ، أن
يحصلوا على إشارات موثقة
بالحركات لحوار جرى بين ثلاثة
أجنّة ، تواجدوا في بطن أمهم .
بعد إخضاع هذه الإشارات لبرامج
الحواسيب الحديثة والمعقّدة ،
استطاعوا ، أن يعاملوها ، وأن
يفسروا تفاصيل الحوار ، وأن
يصوغوا الحوار في أحد لغات بني
آدم . لكنّ هذا الشاب قال لي - وهو شديد
التحفظ - : لا أخفيك سراً ، إن قلت
لك ، إنني لا أعرف بالضبط : أين
تواجد هذا الفريق ؟ ومتى قام
بالتقاط هذه الإشارات ؟ وأضاف
قائلا : إنه لم يصل إليه علم عن
معتقدهم! أو في أيّ لغة دوّنوا
حوار الأجنة لأول مرة ؟ فالأغلب
، أن النص الذي وصل إلينا باللغة
الألمانية ، هو عبارة عن نسخة
مترجمة لعدة مرات عن النص
الأصلي . أنا بدوري ، أقوم
بترجمة النسخة الألمانية إلى
اللغة العربية ، عسى أن يجد
القارئ العربي شيئاً من الفائدة
. تواجد في بطن أم حامل ثلاثة
أجنّة . كان أولهم المؤمن الصغير
، وثانيهم المرتاب الصغير ،
وثالثهم المتشائم الصغير . المتشائم الصغير :
يسأل : هل تعتقدان حقاً
بالحياة بعد الولادة ؟ المؤمن الصغير :
نعم ، وبكل وضوح ، حياتنا
هنا ليست إلاّ للنموّ ، ونكبر ،
ونتهيأ للحياة بعد الولادة . عندها سوف
يكون لدينا ، ما يكفي من القوة
لنواجه ما سوف ينتظرنا . المرتاب الصغير :
يا لهذا الهراء ، كيف يمكننا
، أن نتصور حياة بعد الولادة ؟ المؤمن الصغير :
أنا أعرف كيف ، ولكن ليس
بالدقة . سوف يسطع النور علينا
أكثر مما هو نحن عليه الآن . ربما
أصبحنا نمشي
وعبر فمنا نأكل . المرتاب الصغير :
ما هذه السخافة! نمشي ،
ونأكل عبر الفم ، يا لها من فكرة
غريبة . لا يوجد سوى حبل السرة ،
الذي نتغذى عن طريقه . وحبل
السرة قصير جداً ، لكي نمشي هنا
وهناك . المؤمن الصغير :
بلى ، من المؤكد أنه سوف
تكون حياة بعد الولادة . سوف
يحدث تغييراً كلياً لبعض شؤون
أوضاعنا . المرتاب الصغير :
لم يحدث على الإطلاق ، أن
عاد أحد بعد الولادة . بالولادة
تنتهي الحياة . والحياة هنا ليست
إلاّ عناءاً وظلمة . المؤمن الصغير :
أيضاً وعلى الرغم أنني لا
أعرف بدقة ، كيف ستكون الحياة
بعد الولادة ؟ سوف نرى على كل
حال أمنا ، وسوف تقوم على
رعايتنا . المرتاب الصغير :
أنت تؤمن بأم ؟ أرجوك وضّح
لي أين هي ؟ المؤمن الصغير :
هه هنا ، في كل مكان من حولنا
. نحن بها ونعيش فيها ومنها . المرتاب الصغير :
سخافة ، أنا لم أشعر على
الإطلاق بأمّ ولذلك لا وجود لها
. المؤمن الصغير :
أحياناً ، وعندما نكون
هادئين ، بإمكانك أن تسمعها ،
وهي تغني . أو تحسّ بها ، وهي
تربت أو تلحمس على عالمنا . المتشائم الصغير :
يسأل : هل عندما سوف تكون
حياة بعد الولادة ، سوف يعاقب
المرتاب الصغير ، لأنه لم يؤمن
بالحياة بعد الولادة ؟ المؤمن الصغير :
لا أعرف بالضبط ، ربما يأخذ
صفعة على قفاه ، ليفتح عينيه ،
ويتمكن من بدء الحياة . ــــــــــ المصدر : الدار
الإسلامية للإعلام ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |