ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  04/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لقاء مع الخبير المغربي يحيى اليحياوي:

الأزمة الحالية سببها انفراط الحلقة الرفيعة بين المادي الواقعي, وبين المالي الوهمي

أجرى الحوار: عبد العزيز عبد اللطيف

  ما هو السبب الرئيسي وراء الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم الآن ؟

  يحيى اليحياوي: ليس ثمة سبب واحد لتفسير الأزمة المالية الحالية, والتي تتحول بالتدريج لتغدو أزمة اقتصادية حقيقية, وبكل المقاييس. لو حاول المرء أن يحصر الأسباب باختصار كبير, لقال التالي: أولا, هي أزمة منظومة فكرية تدعى الرأسمالية, وتأزم مرجعية إيديولوجية تسمى الليبيرالية, بكل تموجاتها ومستوياتها, سيما المتطرفة منها, التي تقدس السوق, تمجد أطروحة العرض والطلب, تتقزز من أي دور للدولة, وتؤمن بقوة, بجدوى ونجاعة المبادرة الخاصة, والتنافسية في أقصى أشكالها. الأسواق هنا لم تعد تشتغل ببراءة أو بعفوية, بل غذت موجهة بتصورات في الفعل الاقتصادي, يطلقها على عنانها, في غياب وتغييب لكل سبل تدخل الحكومات للجمها, أو مراقبتها أو تقييم أدائها, أو محاسبة القائمين عليها, فاعلين ذاتيين ومؤسسات. ثانيا, هي انعكاس لتأزم الطروحات والسياسات الاقتصادية, التي دفعت بالعولمة إلى أقصى مدى لها, من بين ظهراني الاقتصادات الوطنية, كما فيما بين البلدان سيما المتقدم منها, فبات الكل بظل العولمة والانفتاح, وتراجع القيود الجمركية والحدود الجغرافية, بات الكل مع الكل ضد الكل, وباتت الشركات المتعددة الجنسيات تصوغ الخيارات, بما فيها الخيارات السياسية, تصوغها وفق مصالحها الذاتية الصرفة. العولمة هنا, أفرزت ثلاثة مفارقات كان بها مقتلها: أفرزت طلاقا تاما بين حلقة الإنتاج والحلقة المالية, فباتت هذه الأخيرة تدور في استقلالية تامة, بدليل أن المحك لم يعد الإنتاج المحيل على الربح, بل ترك الإنتاج والتوجه للمضاربات بكل أشكالها, الضامنة للمردود السريع, والغير مكلفة بجانب الاستثمار المادي المعهود. فخلال العقود الثلاثة الماضية مثلا، توسعت الخدمات المالية بالولايات المتحدة, من 11 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي, إلى 21 بالمائة، في الوقت الذي تراجع فيه قطاع الصناعة وبنفس الفترة, من 25 بالمائة إلى 13 بالمائة. ثم إن العولمة, بالتزاوج مع ثورة الشبكات الألكترونية, خلصت الرأسمال من العوائق الجغرافية والزمنية التقليدية, فباتت الملايير تتنقل بالشبكات ليل نهار, ترتكز على المضاربات, تتجه بجهة المناطق المعفية من الضرائب, ولا تعير كبير اعتبار للاستثمار في الإنتاج. بمعنى أن رجال المال اندفعوا بقوة, للبحث عن أماكن لتوظيف الأموال والمدرة لأرباح كبيرة خارج القطاع الصناعي، فكانت أسواق المال, الوهمية و الافتراضية, والمرتكزة على المشتقات المالية الوفيرة, في معظم جوانبها. والعولمة أفرزت بالمحصلة ثقافة جديدة مؤداها الاستهلاك من أجل الاستهلاك, حتى وإن كان ذلك على حساب الادخار أو تأمين المستقبل. وقد ساعد على ذلك تعدد المشتقات المالية المغرية, وتنوع سبل وأشكال الاقتراض السهل, وما سوى ذلك. بالتالي, فأنا أتصور أن الأزمة المالية للشهور الأخيرة, ما هي بالحقيقة إلا مظهرا من مظاهر أزمة النظام والمنظومة برمتهما: النظام هو العليل, فيما الأزمة المالية ما هي إلا عرض من الأعراض التي تبين أن ثمة علة حقا وحقيقة. 

  بعد انهيار السوق المالية وبعض البنوك في أمريكا، وكأن تسونامي اقتصادي ضرب العالم، فهل السوق المالي الأمريكي تعد مركزية لأسواق المال العالمية وان كان ذلك، فما هو دور أسواق مال الدول الصناعية الكبرى ؟

  يحيى اليحياوي: ليس ثمة أدنى شك أن السوق المالي الأمريكي هو الأكبر والأضخم حجما. لا يجب أن ننسى هنا أيضا أن الاقتصاد الأمريكي هو الأضخم أيضا, بأكثر من 14 تريليون دولار, مع 10 بالمائة ضمن المبادلات التجارية العالمية. لو علمنا أيضا قوة الولايات المتحدة العسكرية والتكنولوجية, ومركزها الأساس في تحديد السياسات الكبرى للمؤسسات الدولية الكبرى (من قبيل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية), ناهيك عن نفوذها كجغرافيا استقطاب للرساميل الجوالة عبر العالم, لو علمنا ذلك لعلمنا أن أي اهتزاز في هذا الجسد الضخم, سيكون من شأنه خلق اهتزازات وارتدادات بكل دول العالم. وقد لاحظنا كيف انتقلت عدوى الإفلاسات باليابان كما بأوروبا, حتى وإن بدا لنا لأول وهلة, أنها قد تكون محصنة بهذا الشكل أو ذاك, بالقياس إلى صلابة اقتصاداتها.  من زاوية أخرى, فالولايات المتحدة الأمريكية, غالبا ما تجد السبل والآليات لتبتز الآخرين, وتدفعهم لاقتسام الخسائر معها (مع سلوكها المعروف بحصر الفوائد على مستواها هي, لا غيرها). بهذه الجزئية, يبدو لي أن الولايات المتحدة لن تتلكأ في ابتزاز حلفائها قبل الأعداء, وقد برز ذلك تحديدا مع أوروبا, وبرز أكثر مع الريع النفطي الذي تحصلت عليه دول الخليج, وبعض دول المغرب العربي. الغاية هنا هي الحصول على السيولة المالية, لضخها في النظام المالي الأمريكي المعتل, على أساس من القول بأنه لو انهار هذا النظام, لانهارت بجريرته كل النظم المالية الأخرى.

  لماذا كان قطاع صناعة السيارات هو الأكثر تضررا في هذه الأزمة الاقتصادية ؟

  يحيى اليحياوي: قطاع السيارات بأمريكا كما باليابان كما بأوروبا, هو قطاع أساسي, تعمل به شركات كبرى, وبه الملايين من اليد العاملة, ويرهن فوق كل ذلك صناعة النفط هنا وهناك. ثم إن سوق السيارات يتفاعل بحساسية كبرى مع واقع الأزمات, قياسا مثلا إلى صناعة الطائرات أو البوارج البحرية أو ما سواها. بالتالي, فذهاب العديد من الشركات لحد اعتماد مخططات تقشفية, بجهة تسريح الآلاف من العمال, إنما تذكيه مشاكل مالية قائمة, لكن تعمقت أكثر مع الأزمة المالية. للتذكير فقط فشركة جنرال موطورز قد بلغت خسائرها حوالي 70 مليار دولار منذ العام 2005. وهو ما دفعها لإغلاق أكثر من فرع لها بالعالم, أو التخلص من بعض الأنشطة التي كانت مدرجة في برامجها المستقبلية. وهو ما سلكته شركة فولفو السويدية أيضا, وإن بمستويات أقل. يبدو لي أن سوق السيارات تأثر أكثر من غيره, كونه مرتكز على نظام الاقتراض والدين, والدليل أن ثلاثة أرباع مبيعات السيارات تأتي عن طريق التسهيلات, التي يتمتع بها المستهلكون لاقتناء سيارات جديدة. هذه التسهيلات لم تعد قائمة مع الأزمة, إذ باتت الأبناك والمؤسسات المالية متشددة في طلب الضمانات على الاقتراض. من جهة أخرى, فالملاحظ بالولايات المتحدة تحديدا, أن الشركات الكبرى كجنرال موتورز وفورد وكرايزلر راهنت بعز الطفرة النفطية, على السيارات الرباعية الدفع, لكن عندما أتت الأزمة وارتفع سعر البنزين تراجع الطلب عليها, وتحول لفائدة السيارات اليابانية الصغيرة. بكل الأحوال فتقييم أثر الأزمة المالية على سوق السيارات يتطلب بحثا لوحده.

  اختار الناخب الأمريكي اوباما رئيسا لأمريكا بناء على الوعود الاقتصادية التي طرحها في حملته الانتخابية، باعتقادك سيكون اوباما قادرا للإيفاء بهذه الوعود ؟

  يحيى اليحياوي: الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورث عن سلفه الجمهوري وضعية صعبة ومعقدة. فبالإضافة لحربين لا تزال تداعياتهما طاغية على الميزانية الأمريكية, جاءت الأزمة المالية, والإفلاسات المتتالية, ومستويات في البطالة لم تعهدها أمريكا, من أكثر من نصف قرن, ناهيك عن تعب الاقتصاد الأمريكي العام, أمام منافسين صاعدين يتعاملون وفق مقاييس السوق, لكن برقابة وتدرجية وبراغماتية هائلة. يبدو لي أنه لو تسنى للرئيس الأمريكي أن يحترم وعوده, فسيكون ذلك مقابل سياسات في الإصلاح باهظة التكاليف, وصادمة للمواطن الأمريكي. لكن الذي يشفع لأوباما هو تواضع التجربة لديه, وكونه صارح مواطنيه بصعوبة الوضع, عكس جورج بوش الذي أخفى عن ذات المواطنين تعب اقتصاد بلادهم, وتمادى في الوعود غير المبنية, وإدارته السيئة والمتعجرفة, إلى حين اقترابه من الرحيل. ويشفع له أيضا جانب الحزم الذي يمتلكه, ولربما الرؤية التي يحتكم إليها. ويبدو لي أيضا أن الرئيس أوباما نجح لحد الساعة, في تمرير خطته لدعم الاقتصاد عبر دفعه للتوافق بغرض ضخ بعض مئات من الملايير. بالتالي, فقد ينجح أوباما في تهدئة الوضع المالي, والعودة به إلى درجة الاستقرار. لكني لست متأكدا أن وعوده فيما يتعلق بملف الطاقات البديلة أو الاحتباس الحراري أو نظام الصحة سيمر بسهولة ويسر, سيما لو علم المرء بقوة ونفوذ اللوبيات, والمعارضة بالبرلمان, وضغط غرفة التجارة الأمريكية أو الجمعية الوطنية للصناعيين وغيرهم. بكل الأحوال, فكيف ما تكن الوعود, فإن الأمر يتطلب وقتا طويلا لإعادة ترتيب البيت.

  الرئيس الأمريكي الجديد طالب الكونجرس الأمريكي المصادقة لدعم خطة الإنقاذ الاقتصادية التي رسمتها إدارة اوباما، فهل ستكون هذه الأموال على حساب موازنة الدفاع الأمريكية ؟

  يحيى اليحياوي: ليس لدي معطيات محددة بهذا الجانب, لكن الرائج أنه سيتم خفض ميزانية البنتاغون بحوالي 10 بالمائة في ميزانية العام 2010. لكن هذا التخفيض يأتي ضمن ميزانية عامة تتزايد بما يناهز ال 3 بالمائة, وضمن مصاريف عسكرية تمثل 50 بالمائة بما ينفقه العالم كله على هذا الجانب. وهذا يؤشر على أن المقصود هنا هو بعض البرامج التي كانت تراهن عليها أمريكا, من قبيل النظام المضاد للصواريخ, الذي كلف 9 مليار دولار, ونظام الحرب المستقبلي (إف.سي.إس) الذي كلف ما يناهز الأربع مليارات, ناهيك عن معارضته للسباق العسكري الفضائي. إن الميزانية العسكرية الأمريكية هي الأضخم في العالم على الإطلاق: 568 مليار دولار كنفقات عسكرية للعام 2008 و 515 مليار دولار كميزانية للعام 2009. وهذه مستويات لا يستطيع رئيس كيفما كان لونه السياسي, أن يقلصها بقوة, سيما في ظل نظرية القوة العسكرية الأمريكية التي يعتمدها معظم الرؤساء. صحيح أن باراك أوباما وعد باقتصاد بعض الملايير من خلال الانسحاب النهائي من العراق (الذي يكلف 3 ملايير شهريا) والتقليص من المصاريف الغير مهمة كثيرا, لكنه اقترح مبادرات مكلفة إضافية أيضا, من قبيل توظيف أكثر من 90 ألف فرد بالقوات المسلحة, لمواجهة طالبان والقاعدة بأفغانستان. لست متأكدا حقا من أن هذه الأموال المحصل عليها عبر هذا التقليص الفرعي أو ذاك, على أهميتها وضخامة مستواها, كافية لمواجهة المصاعب الاقتصادية التي تطاول الولايات المتحدة الأمريكية.

  العرب تأثروا بالأزمة المالية التي ضربت العالم، ألا يعتبر النفط بمثابة مخزون استراتيجي لمواجهة أي أزمة اقتصادية قد تواجهها الدول العربية ؟

  يحيى اليحياوي: معظم الاقتصادات العربية هي اقتصادات هشة في بنيانها, وتابعة في بنيتها, ومنفتحة بقوة على الاقتصاد العالمي, بحكم غياب سوق عربية مشتركة. ثم إن بناها التحتية و"اختياراتها", سيما بالنسبة للدول النفطية, إنما تدفع بجهة تدويل وتدوير المداخيل المحصل عليها من صادرات النفط. هي بالتالي, مرتهنة, وموهم بالقطع من يدعي أنها ستكون بمنأى عن الأزمة, على اعتبار تخصصها في مادة مطلوبة بحالات النمو وبوضعيات الأزمة. للتذكير فقط هنا, فخسائر العرب جراء هذه الأزمة تقدر بأكثر من 2500 مليار دولار, نسبة كبيرة منها تأتت من تبخرات البورصات المحلية, المرتبطة ببورصات العالم الكبرى. بالمقابل, فمداخيل الريع بالأصل ليست معطى استراتيجيا, بقدر ما هي مداخيل عابرة, سرعان ما ستتبخر, عندما تنضب, أو يتم التبرم عنها لصالح طاقات بديلة, كل دول العالم تعمل من مدة على استنباتها. صحيح أن الاحتياطات من العملة الصعبة المتأتية للعرب, أو لبعض منهم على الأقل, من النفط, تخفف من وطأة الصدمة بالمدى القصير, لكنها لا تستطيع مواجهة تحديات المستقبل, إذا لم تبحث لها هي الأخرى على بدائل استراتيجية حقا وحقيقة.  

  الولايات المتحدة الأمريكية متخوفة من التنين الصيني باستقطاب كبرى الشركات العالمية ومنافسة السوق الأمريكية، فهل للصين القدرة لخوض مثل هذه المنافسة ؟

  يحيى اليحياوي: الصين تعرف من مدة بعيدة نسبيا, مستويات نمو اقتصادي هو الأعلى بالعالم. وهي نسب نمو تجعل بعض الدراسات الاستشرافية تؤكد أن الصين ستكون, بمؤشر حجم الناتج الداخلي الخام, القوة الأولى بالعالم في العام 2020, والقوة الأولى على المستوى التكنولوجي والعلمي بالعام 2035. صحيح أن الدخل المتوسط للإنسان الصيني لا يتجاوز بالوقت الحالي, ربع ما يحصل عليه الأوروبي أو الأمريكي المتوسط, وصحيح أن هذه النسبة المرتفعة من النمو تتخللها لاتوازنات على مستوى البيئة, وتزايد التقاطب الاجتماعي, بين البادية والمدينة, وبين الرجل والمرأة, لكن بمقياس القوة والفعل في التوازن العالمي, فإن الصين ستكون بالقطع القوة العالمية الأولى, أواسط هذا القرن على أبعد تقدير. ثم إن الصين لا تتأثر كثيرا بتقلبات أسعار المواد الأولية, بل تستفيد منها. ثم هي تحتكم على رصيد من العملة الصعبة ضخم (حوالي 1500 مليار دولار), وعملتها صلبة, وصادراتها تغزو العالم بكل جهاته. ثم إن الدولة هناك لا ترتكن لمنطق السوق, بل تؤطره بسياسات محددة, وبرقابة صارمة, وبمرونة وبراغماتية قل نظيرهما. وهذا ما يجعل العديد من الشركات الغربية الكبرى, بميدان النسيج أو الجلد أو الألكترونيات الجماهيرية, أو ما سواها, يجعلها تنتقل للصين للإفادة من اليد الوفيرة والرخيصة السعر, ومن السياسات المرنة التي تعتمدها الحكومة في تحويل الأرباح, أو ضمان استقرار عالم الأعمال. كيف يمكن لأمريكا ألا تتخوف من هذه القوة القائمة والقادمة؟

  هل سيتمكن العالم من التغلب على الأزمة الاقتصادية خلال وقت قصير, أم أن الأمر سيتطلب سنين طويلة ؟

  يحيى اليحياوي: هذه الأزمة هي أزمة ملازمة للاقتصاد الأمريكي, ولم تغدو عالمية إلا بالعدوى. بمعنى أن العالم لم يسهم في تفجيرها, بقدر ما طاولته دون إذن منه, أو أن يكون له بها دخل كبير. ومع ذلك, فلو سلمنا بأن الأزمة هي مالية صرفة, أي أن المعاملات بالسوق, هي معاملات ورقية وشكلية, ولا تقوم على أية مبادلات فعلية للسلع والخدمات, وهذا رأي لا أشاطره, فإن الحل كامن على المدى القصير, في إصلاح المنظومة المالية على مستوى الولايات المتحدة, وعلى المستوى الدولي, فيما يتعلق بالمنظمات الدولية التي أنشئت في إطار بروتون وودز, والتي لم تعد اليوم ناجعة. بالتالي, وجب التفكير في صيغ جديدة على النقيض من هاتين المؤسستين. في حين لو سلمنا بأن الأزمة تطاول النظام الرأسمالي والمنظومة الليبيرالية برمتهما, وهذا ما أعتقده, فإن الحل يختلف جذريا, ويجب أن يطاول ليس فقط العلاقة بين السوق والدولة, وضرورة ضخ بعض من الحكامة في علاقتهما, بل وأيضا البحث في سبل تخليق الأسواق ذاتها, بما يضمن القليل من الغش والتدليس والكذب والتحايل والعمل بمنطق المضاربات. إن المطلوب اليوم كامن في جزء كبير منه, في تخليص الاقتصاد العالمي من الفقاقيع المالية التي تطاوله كالسرطان, ومحاولة إيجاد أطر جديدة, ليكون المال مرآة فعلية لمستوى الإنتاج الواقعي والملموس, لا الرأسمال الهلامي أو الوهمي.

ــــــــــ

يحيى اليحياوي

الرباط, 23 فبراير 2009

www.elyahyaoui.org

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ