ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
في
الفضاء الوطني
زهير
سالم:خاص
كلنا شركاء ، 12/2/2009، فقست
بيضة الضفدع في بئر صغير، تنقل
في أطوار خلقه في ذلك البئر. كبر
في ذلك البئر. كان ذلك البئر
بالنسبة إليه هو العالم بكل ما
فيه. ألجأ
الموج ضفدعاً يعيش في ملتقى
البحرين /الفرات والأجاج/ فقذف
به في قاع البئر. بدأت النجوى
بين الضفدعين.. يسأل صاحب العالم
الصغير الضيف القادم: من أين
جئت؟ يجيب الضيف من البحر.. يسأل
صاحب العالم الصغير: وما البحر؟!
يجيب الضيف: البحر ماء كثير..
يسأله الأول أهو هكذا؟! ويخط
دائرة في وسط البئر، ويتكرر
السؤال والجواب مرة بعد مرة،
حتى يقول صاحب العالم الصغير
وقد مرر أصبعه على محيط عالمه،
وهل أكبر من هذا يكون؟! قبل أن
نلج إلى عالم السياسة في هذه
الحكاية الرمزية المعبرة
لنتصور حقيقة المحنة التي
يعيشها طرفا المعادلة.. الدماغ
المحدود بظروف النشأة وعوامل
التكوين، والمعاناة التي
يقتضيها تبادل فكري معرفي مع
طرف تنقصه (القدرة على التصور)
في معطاها الأولي. قيل لأبي تمام
لم تقول ما لايفهم؟! فأجاب لم لا
تفهم ما يقال؟! ستزداد المشكلة
عمقا في عصر مشاعية المعرفة. لا شك
أن ضفدع البئر هذا أنموذج حي
لكثير من الأشخاص الذين يحكمون
ويسوسون ويتصرفون يفسرون
ويؤرخون من خلال رؤاهم المحدودة
بعوالم نفوسهم وسقوف عقولهم. تقرأ في
ثمرات عقول بعض هذه الضفادع
تفسيراً لموقف السيد رجب طيب
أردوغان بكل ما فيه من نبل
وإنسانية وتضحية ومغامرة
بالمستقبل والمصير على أنه
محاولة للحصول على كسب انتخابي
رخيص على صعيد الانتخابات
البلدية أوالقومية القادمة في
تركية.. التفسير ـ المحدود ـ هذا
لا تنقصه العلمية والموضوعية
فقط، وإنما تنقصه بالأصل (أداة
التفكير) التي تفرز معطيات
منسجمة أو متسقة مع سياق عقلي
عام يعيش بعيداً عن قعر البئر
المظلم الرطب. فأردوغان
عندما يقدم على موقف يعجز أو
يتخلف عنه جميع القادة العرب
بلا استثناء، ويتحدى ليس
إسرائيل والمؤتمرين بدافوس
فقط، وإنما حكومة (العالم
الخفية) أيضاً، وهو يعلم أن
مطرقة ماتزال مرفوعة منذ نصف
قرن فوق رأسه ورأس حزبه، وأنه ما
أسهل أن تبادر الصهيونية
بأذرعها الطويلة أن تفتعل طريقة
تهز به ليس أردوغان وحده وإنما
حزب العدالة والتنمية وما يمثله
على الساحة التركية. ما أقدر
هؤلاء القوم أن يعودوا بتركية
إلى عهد كنعان ايفرين. وما هو
أشد من كنعان أيفرين أنموذج على
الطريقة العربية الخاصة إذ أن
الحزام كلما اقترب من واسطة
الخصر الصهيوني ينبغي أن يكون
أكثر تلبية لمتطلبات الأمن
الإسرائيلي. على
غرار التفسيرات الصغيرة
بأدواتها ومنطلقاتها أيضاً
تعيش أمتنا منهجاً من هذا
التفسير. منهج كتيم ومظلم وقاس
يطمس الأبصار ويغشي على العقول.
ففي حالة تاريخانية تستلب نور
العقل وبهائه تجد الرجل يفسر
الواقع بحادث وقع له قبل خمسين
عاماً إيجابياً كان هذا الواقع
أو سلبياً، وبعض مناهج التفسير
هذه مناهج نفسية تقوم على
العاطفة وعلى الحب والكره أكثر
مما تقوم على العقل والبصر
والبصيرة أو أكثر مما تقوم على (المصلحة)
في إطارها العام المتسامي (المصلحة
المرسلة) في فضاء أمة ليختصر
التفسير في إطار مصلحة فرد
ذاتية، أو في إطار إرضاء غروره
النفسي لأنه قال منذ عشرين سنة
أن عمره أربعون عاماً فكيف يغير
اليوم أو يزيد؟! في
مناهج التفسير هذه، أو تحديد
المواقف من المواقف، وفهمها قصص
كثيرة.. تردك إلى حقيقة النشأة
وطبيعة التكوين والتثقيف. يروى إن
أحد أمراء المؤمنين في الحديث ـ
وأظنه الشعبي ـ وليصحح ـ أصحاب
الاختصاص ـ يروى أنه سأل أحد
المحدثين هل تروي عن فلان؟! قال
المسؤول: لا. قال فلم ؟ قالوا
فكره المسؤول أن يجيب على
عادتهم في كراهية الجهر بالجرح..
فقال له الشعبي.. (لعله حدثك عن
عيش له خلا فزاد فيه وأنقص..!!)
بمعنى أن مثل هذا الحديث لا يقدح
برواية راوي الحديث، ولا يهدر
العلم الشريف عن حامله لمثل هذه
المستصغرات. أوليس من هدر العلم
ما نرويه تمدحاً أن محدثاً قصد
أحد الرواة فوجده ينادي على
دابته ويوهمها أن في طرف ثوبه
بعض (العلف).. قالوا فترك حديثه!! من عالم إلى عالم سنجد دوماً أن عالم الكبار رحب كبير متسامح قابل مرن مطواع وأن عالم الآخرين محاصر في آبار أنفسهم الضيقة المظلمة الرطبة. كيف تخرج من بئر ذاتك تلك هي مشكلتك التي لن يساعدك عليها أحد
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |