ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  18/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عن الانتماء وسنينه

فهمي هويدي

هذه قصة أهديها الى اثرياء زماننا في مصر والعالم العربي. فقد قام المصرفي الاميركي المعروف ليونارد ابيس ببيع نصيبه في مصرف «سيتي ناشيونال» بولاية ميامي. و كانت حصيلة البيع 60 مليون دولار، لكن الرجل لم يسعده ان يستحوذ وحده على هذا المبلغ الكبير، ولم يسترح الا حين وزعه كله على 399 شخصا يعملون معه في البنك و 71 آخرين كانوا حوله. لم يحدث احدا بما فعله، و لكنه وزع هذه الثروة و عاد الى بيته مستريح الضمير. الا ان احدى الصحف المحلية علمت بالنبأ فنشرته، وحينئذ تلقى سيلا من الاتصالات التي يبدو انها سببت له ازعاجا، فقال في اتصال هاتفي لصحيفة ميامي هيرلد، ان ما اقدم عليه لا يستحق الاصداء التى احاطت به ولاحقته، حيث ما كان لوسائل الاعلام ان تبالغ في اهتمامها بالموضوع.

المبلغ ليس استثنائيا لكن الحالة استثنائية- فقبل ثلاث سنوات (فى عام 2006) اعلن رجل الاعمال الاميركى وارن بافيت صاحب مؤسسة بيركشاير للاستثمارات تبرعه بمبلغ 37 مليار دولار لخمس مؤسسات خيرية، منها 31 مليارا لمؤسسة «بيل و مليندا جيتس» (صاحب شركة ميكروسوفت) المعنية بابحاث الايدز و الملاريا والسل وتحسين جودة التعليم. وكان بيل جيتس قد تبرع بنحو 28 مليار دولار لهذه المؤسسة، قبل ان يترك رئاسة شركاته فى عام 2008، ليتفرغ تماما للاشراف على انشطتها الخيرية. كذلك اعلن السيد ريتشارد برانسون صاحب مجموعة شركات النقل الدولية فيرجن، التى تملك شركة للطيران واخرى للقطارات عن تبرعه بكل ارباح شركاته (حوالى 3 مليارات دولار) لمكافحة التغيير المناخي وحماية البيئة من التلوث.

وتضم قائمة المتبرعين الكبار للاعمال الخيرية في الولايات المتحدة خلال القرن الماضى اسماء رجال اعمال مثل اندرو كارنجي الذى وجه 350 مليون دولار لتلك الانشطة وجون روكفلر الذي تبرع بمبلغ 475 مليون دولار، وهي مبالغ تعادل عدة مليارات باسعار هذا الزمان. صحيح ان هناك اثرياء في الولايات المتحدة قدموا للمجتمع مبالغ اكبر مما قدمه ليونارد ابيس الا انه تميز عنهم بأمرين، اولهما انه تبرع بالستين مليون دولار في صمت ودون اي اعلان، و ثانيهما انه اراد بها ان يسعد من حوله وان يرد الجميل الى الذين عملوا معه، معتبرا ان لهم حقا في تلك الثروة التي حققها.

بُهرنا بالصورة التي ذكرتنا بنبل الاثرياء المصريين قبل قرن من الزمان، الذين تسابقوا في وقف العقارات والاراضي لأوجه البر والخير. وهو ما رصده الدكتور ابراهيم البيومي غانم في كتابه المهم عن «الاوقاف و السياسة في مصر». وذكر فيه ان من بين اثرياء تلك الفترة الذين وقفوا اراضي تراوحت بين الف و 4500 فدان، على باشا مهنى و احمد باشا المنشاوي و محمد باشا البدراوي عاشور وعلى باشا شعراوي و محمد بك حسن الشندويلي و لملوم بك السعدي... و آخرين كثيرين.

من الملاحظات المهمة التي اوردها المؤلف في بحثه ان جميع اهل الحكم في مصر، منذ ايام محمد على باشا حتى الملك فاروق اوقفوا اطيانا لا حصر لها على اوجه الخير في المجتمع، وهي الظاهرة التي اختفت وانقطع حبلها منذ قامت ثورة عام 1952 حتى الآن.

من تلك الملاحظات ايضا ان إسهام متوسطي الحال في العطاء للمجتمع والتعبير عن الانتماء اليه كان حاضرا بقوة، الامر الذي يعني ان دائرة الشعور بالانتماء كانت شديدة الاتساع، فشملت المنشاوي باشا الذي اوقف 4600 فدان من الارض في محافظة الغربية كما شملت سيدة مجهولة اوقفت نصف قيراط تقام عليه طلمبة مياه تروى العطاشى في المنوفية. وهي الصورة التي انقلبت رأسا على عقب الآن، حيث شح عطاء الجميع سواء كانوا من اهل القمة او اهل السفح، الامر الذي يستدعي بقوة السؤال التالي: اين ذهبت روح التعبير عن الانتماء للمجتمع، و الى اي مدى اسهم غياب المشاركة السياسية في بلوغ هذه النتيجة؟!

ــــــــــ

المصدر : صحيفة الشروق الجديد المصريه – 16/3/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ