ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عتب
المغاربة في محله فهمي
هويدي معهم حق
عرب المغرب إذا شعروا بأن أهل
المشرق يتجاهلونهم، ويتعاملون
معهم بحسبانهم عربا من الدرجة
الثانية، لذلك فإنني أتفهم
الأسباب التي دفعت صحيفة «الشمس»
الليبية إلى الاحتجاج على هذا
الوضع والدعوة إلى إعادة النظر
في انضمام الدول المغاربية إلى
الجامعة العربية التي تحولت إلى
منظومة يسيطر عليها المشارقة،
قلت إنني أتفهم أسباب الغضب
والعتب، لكنني لا أوافق على
الصيغة الانفعالية التي طرحت
بها الفكرة وانتهت بتبني الخيار
الأسوأ، المتمثل في الانسحاب من
الجامعة والبحث عن مظلة أخرى
غيرها. وحتى
نضبط الفكرة ونضعها في إطارها
الصحيح فلعل الأدق والأصوب أن
يوجه العتب إلى الأنظمة،
والحكومات المشرقية، لأن
التلاحم بين الشعوب قائم
والتفاعل حاصل بين النخب
الثقافية، فالشعوب المغاربية
حاضرة دائما في معظم منتدياتنا
الثقافية، والمثقفون والمهنيون
المغاربة أصبحوا يحتلون موقعا
متميزا في الأنشطة العربية
المختلفة، فالأمين العام
لاتحاد المحامين العرب مغربي،
وكذلك الأمين العام للمؤتمر
القومي العربي، والأمناء
العامون لاتحادات الصيادلة
والمعلمين والفلاحين، والشباب
العرب ليبيون، والأمين العام
للمنظمة العربية للثقافة
والعلوم تونسي، والأمين العام
لاتحاد العمال العرب جزائري
ونائبه ليبي، وهكذا. وقد شهدنا
أثناء العدوان على غزة حضورا
قويا لشعوب المغرب العربي سواء
في مظاهرات الاحتجاج العارمة
التي خرجت إلى الشوارع، أو في
المعونات التي أرسلت للمحاصرين
أو وفود الأطباء الذين تطوعوا
لعلاج الجرحى والمصابين في
القطاع. مع ذلك،
فلا مفر من الاعتراف بأن النشاط
الحكومي في المشرق لا يولي نفس
القدر من الاهتمام بدول المغرب
العربي، الاستثناء الوحيد على
ذلك هو تونس التي اتخذت مقرا
لاجتماعات وزراء الداخلية
العرب وهو أمر مفهوم، باعتبار
أن ذلك هو المجال الوحيد للعمل
العربي المشترك الذي يمكن أن
ترحب به تونس. من حق
المغاربة أن يستاءوا حين يجدون
أن جهود تنقية الأجواء العربية
تركز على ما يحدث في المشرق،
ولكنها لا تقترب من المغرب،
وكأنه خارج الأجواء العربية.
وكانت النتيجة أن ظلت الحدود
مغلقة منذ عام 1994، أي طيلة 15
عاما بين المغرب والجزائر مثلا،
دون أن يبذل أي جهد عربي لإصلاح
ما بين البلدين، ومن حقهم أيضا
أن يعتبوا علينا لأن كل اجتماع
عربي يتحدث عن احتلال إيران
للجزر الإماراتية الثلاث، في
حين لا يأتي أحد على ذكر احتلال
إسبانيا لسبتة ومليلية
المغربيتين. ومن حقهم كذلك أن
يستغربوا وقوف العالم العربي
متفرجا على مشكلة الصحراء
والبوليساريو، التي تؤرق
المملكة المغربية ولم تحل إلى
الآن. إن أهل
المغرب أبدوا تبرما من إصرار
مصر على احتكار منصب الأمين
العام للجامعة العربية. وكلنا
يذكر تعليقات الاحتجاج التي
صدرت عن أكثر من عاصمة حين رشحت
مصر السيد عمرو موسى لهذا
المنصب قبل عدة سنوات. كما ترددت
تلك الاحتجاجات حين رشحت مصر
وزير الثقافة السيد فاروق حسني
لمنصب مدير اليونسكو، في حين
رشحت المغرب د.عزيزة بناني وهي
أستاذة جامعية مرموقة، كانت
عميدة لكلية الآداب وهي الآن
مندوبة المغرب لدى اليونسكو.
وقد اضطرت الحكومة المغربية إلى
سحب ترشيحها مجاملة لمصر
واستجابة لضغوطها. هذه
الأجواء جعلت حكومات المغرب
العربي تستشعر عزلة عن المشرق،
الأمر الذي دفعها لأن تقترب
أكثر من أوروبا والاتحاد
الأوروبي، في حين أن حكومات
المشرق بدا تعويلها أكبر على
الولايات المتحدة الأميركية.
لكن المشكلة أبعد من ذلك وأعمق
لأنها لا تكمن في عدم اكتراث
المشرق بالمغرب بقدر ما تكمن في
أن الحكومات القائمة لا تعبر عن
نبض شعوبها، كما تكمن في غياب
مشروع عربي يظلل الجميع ويستنهض
همتهم. لذلك
فإن الشرخ لم يعد قائما فقط بين
المشرق والمغرب، ولكنه أصاب
الصف المشرقي أيضا، حتى تصالحت
بعض دوله مع إسرائيل في حين
تخاصمت مع أشقائها. ـــــــــــ المصدر
: صحيفة الشروق الجديد المصريه
29/3/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |