ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لماذا
أنقرة وليس القاهرة ؟ فهمي
هويدي لم نجب
بصراحة عن السؤال، لماذا توجه
الرئيس أوباما إلى أنقرة وليس
إلى القاهرة حين أراد أن يخاطب
العالم الإسلامي ويصالحه، رغم
أن أي مطلع يعرف أن تعلق مسلمي
هذا الزمان بمصر الأزهر، أقوى
بكثير من تعلقهم بتركيا، التي
مازالت تتحكم في مقدراتها
العلمانية المتطرفة؟ ليس سرا
أن القاهرة تمنت أن يوجه الرئيس
الأميركي خطابه من فوق منبرها.
ومن العارفين من يقول، إنه منذ
أعلن عن عزمه مخاطبة العالم
الإسلامي فإن مصر شرعت في «مسح
الطاولة» وتنظيفها كما يقال.
وفي هذا الإطار صدر العفو الصحي
عن أيمن نور، وتم تجميد
الإجراءات القضائية المتخذة
بحق د.سعدالدين إبراهيم. وهما
الموضوعان اللذان كانا من بين
العقبات التي اعترضت طريق تحسين
العلاقة بين القاهرة وواشنطن،
لكن من الواضح أن ذلك لم يكن
كافيا. رأى
البعض أن أوباما اختار أنقرة
لأنها أقرب إلى واشنطن من
القاهرة، باعتبار أن تركيا
حليفة للولايات المتحدة، وعضو
في حلف الناتو. وهذا سبب غير
مقنع، لأن علاقة التحالف قائمة
أيضا بين مصر والولايات
المتحدة، ورئيسها من قال مرة إن
99 ٪ من الأوراق في يد أميركا،
وهو ما لم يقله أحد من أهل الحكم
في تركيا. ثم إن هناك شواهد تدل
على أن أنقرة لديها استعداد
للتمرد على واشنطن بدرجة أكبر
منها في حالة مصر. ورفض الحكومة
التركية مرور القوات الأميركية
بأراضيها أثناء غزو العراق دال
على ذلك. وكلنا نذكر التوتر الذي
ساد علاقات البلدين بسبب ذلك
الرفض. كما أننا ندرك جيدا أن
واشنطن ليست راضية أو سعيدة
بالسحابات، التي تخيم على
علاقات تركيا وإسرائيل، بسبب
موقف رئيس الوزراء طيب أردوجان
في مؤتمر دافوس، وبسبب انفتاح
أنقرة على «فتح» و«حماس» في
الوقت ذاته. ولعلي لا أبالغ إذا
قلت إنه من هذه الزاوية، فإن
القاهرة تبدو أقرب إلى واشنطن
من أنقرة. وهو ما يعني أن ثمة
أسبابا أكثر أهمية دفعت الرئيس
الأميركي إلى تفضيل مخاطبة
العالم الإسلامي من أنقرة. إذا جاز
لي أن أجتهد في تحري هذه الأسباب
فأزعم أن في المقدمة منها
سببين، أولهما
أن تركيا بلد ديموقراطي تجرى
فيه انتخابات نزيهة، ويتم فيه
تداول السلطة، وتمارس فيه
الحريات العامة بغير قهر أو
تعذيب أو طوارئ. ولأن الوضع في
مصر على النقيض تماما من كل ذلك،
فإن أي رئيس في دولة ديموقراطية
لابد أن يختار البلد
الديموقراطي منصة لتوجيه
رسالته، وإلا فقد صدقيته. السبب
الثاني، أن تركيا بلد يتنامى
دوره الإقليمي وثقله الدولي،
على العكس من مصر التي تقلص
دورها حتى أصبحت مشغولة بمخاصمة
قناة «الجزيرة» وملاحقة حزب
الله وبتغليب طرف على آخر في
الموضوع الفلسطينى. وفي حين
كبرت تركيا عندما حلت مشكلاتها
مع جيرانها، ونشطت في محيطها
الإقليمي حتى توسطت بين روسيا
وجورجيا وبين سورية وإسرائيل
وبين باكستان وأفغانستان،
ودخلت على خط الوساطة بين
الفلسطينيين، فإن مصر التي غاب
رئيسها عن آخر قمتين عربيتين لم
تحل أيا من المشكلات المحيطة
بها. إذ بعدما كانت مشتبكة مع
إيران وسورية، فإنها أضافت
إليهما قطر أخيرا. حتى بعض
الملفات المتعلقة بأمنها
القومي خرجت منها (دارفور وجنوب
السودان مثلا). بالتالي فقد كان
منطقيا حين تمت المقارنة بين
الأوزان أن تستبعد القاهرة
وترجح كفة أنقرة على الفور. هذه
الخلفية تستدعي السؤال التالى:
هل كان من الممكن أن يغير أوباما
رأيه لو أنه اطلع على ما تنشره
صحفنا القومية عن خطورة الدور،
الذي تقوم به مصر إقليميا
ودوليا، في ظل «قيادتها الحكيمة»،
التي صنعت «أزهى عصورها»؟ ـــــــــ المصدر
: صحيفة الرؤية الكويتيه – 11/4/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |