ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ليست
هذه مصر الكبيرة فهمي
هويدي لماذا
لا نخاطب مخالفينا برقي
واحترام، يليق بمقام الكبار
وشمائل المتحضرين؟ كان ذلك أول
سؤال خطر لي بعدما شاهدت حوارا
تلفزيونيا تم بثه مساء الأحد
الماضي (12 ابريل) كان موضوعه
قضية خلية حزب الله التي تحدث
عنها بيان النائب العام المصري
خلال الأسبوع الماضي. لست من
متابعي برنامج «البيت بيتك» ولا
أستطيع الحديث عن اللغة التي
يستخدمها عادة، ولكن الحوار
الذي سمعته كان صاعقا وغير قابل
للتصديق. إذ لم أتصور أن يتدنى
مستوى الخطاب إلى ذلك الحد في
برنامج يبثه التلفزيون الرسمي،
الذي استضاف اثنين ينتميان إلى
أهل الخبرة في مجاليّ الدفاع
والإعلام. لم تكن
هناك مناقشة في حقيقة الأمر.
إنما كان الحوار كله تنافسا في
السب والتجريح والسخرية
الهابطة، التي استخدمت لغة
مبتذلة لم تبق على شيء من
الكرامة والاحترام لأحد رموز
النضال والمقاومة الشريفة التي
رفعت رأس الأمة العربية عاليا،
وردت الروح (بالانتصار الذي
حققته في عام 2006) إلى جماهيرها
التي كاد الإحباط يلقي بها في
هوة اليأس ومشارف الهلاك. حتى لا
يلتبس الأمر على أحد، فإنني
أحدد موقفي من الموضوع على
النحو التالي: أولا:
أمامنا روايتان للواقعة، واحدة
تقول إن المجموعة جاءت لمساعدة
الفلسطينيين وإيصال السلاح إلى
غزة. وهو الخبر الذي نشرته صحيفة
«الدستور» المصرية في 12 فبراير
الماضي وأكدته صحيفة «المصري
اليوم» في 8 ابريل الجاري. والرواية
الثانية أن المجموعة استهدفت
زعزعة الأمن في مصر والقيام
بأعمال تخريبية فيها، وهو ما
ذكره بيان المدعي العام الذي
نشر في 9 ابريل ـ ورغم أن
الأقوال، التي أدلى بها المتهم
الأول في القضية اللبناني سامي
شهاب، التي نشرتها «المصري
اليوم» في 12أبريل الجاري عززت
الرواية الأولى وأكدت أن الذين
أوفدوه ذكروا له أن أمن مصر خط
أحمر يجب عدم المساس به، إلا
أنني مازلت عند رأيي في أننا يجب
أن نكبح الانفعال ولا نستبق،
وننتظر كلمة القضاء في تحديد
هدف المجموعة. ثانيا:
إنني أعتبر أن حزب الله أخطأ في
كل الأحوال حين أوفد المجموعة
إلى مصر. وحتى إذا كان هدفه
نبيلا وأراد أن يسهم في مساندة
المقاومة المحاصرة في غزة، فإن
الخطأ يظل قائما، لأن الهدف
النبيل ينبغي أن يتحقق بوسائل
مشروعة.. ولا جدال في أن ذلك
الخطأ يصبح خطيئة إذا ما ثبتت
صحة الاحتمال الثاني. ثالثا:
إن الخطأ يستحق عقابا والخطيئة
تستحق حسابا. لكن ذلك لا ينبغي
أن يكون مسوغا لهدم تاريخ الحزب
وتلويث صفحته أو لاغتيال قيادته
سياسيا ومعنويا وإطلاق جوقة
اللاعنين بحملة السباب
والتجريح. وفي هذا السياق فليس
معقولا ولا مقبولا أن نذهب في
الملاعنة، إلى حد قلب الأولويات
بالكامل والتعامل مع حزب
باعتباره عدوا ينبغي القضاء
عليه باستخدام مختلف الأسلحة
القذرة من القصف الإعلامي إلى
الحملات العسكرية التي جرى
التلويح بها. فيما نشر يوم
الاثنين الماضي (12 ابريل). رابعا:
إنه ليس من مصلحة مصر ولا العرب
عموما أن تفتعل معركة إعلامية
أو سياسية (هل أقول أو عسكرية
أيضا؟) مع حزب الله. الذي لا
يجادل منصف في أنه جزء من الحركة
الوطنية العربية والإسلامية،
التي نحن أحوج ما نكون إلى
الحفاظ عليها، وتصويب مسيرتها.
ومن لديه ذرة شك في ذلك، فليراقب
حملة التهليل واسعة النطاق التي
عبرت عنها وسائل الإعلام
الإسرائيلية حين تفجرت المشكلة
بين القاهرة وحزب الله. وليس
لذلك التهليل سوى دلالة واحدة
هي أن الفائز الوحيد في هذه
المعركة هو العدو الصهيوني،
الذي يختزن مشاعر الثأر من
السيد حسن نصر الله وحزب الله
منذ هزيمة جيشهم في عام 2006. خامسا
وأخيرا، فرغم أنه لا وجه
لمقارنة، فإنني أستحيي أن أدعو
إلى التعامل مع القضية بنفس
الأسلوب الرصين والمسئول الذي
تعاملت به مصر مع الجاسوس
الإسرائيلي عزام عزام، مثلا،
الذي ثبت عام 1997 أنه كان يتجسس
ضد مصر وحكم عليه بالسجن 15عاما.
وبعد أن قضى نصف المدة شملته
الرعاية وأطلق سراحه بإفراج
صحي، ثم عاد إلى بلاده معززا
مكرما بعد ذلك. لم تكن
مصر الكبيرة والعفيفة هي التي
تحدثت على شاشة التليفزيون مساء
الأحد، لكنها كانت بلدا آخر،
غريبا في حجمه وفي لغته. ــــــــــ صحيفة
الرؤية الكويتيه / 15-04-2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |