ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الاحتلال
في عامه السادس.. الانسحاب
الأمريكي واللعب بالكلمات! محمد
العبد الله قبل ست
سنوات، في مثل هذا اليوم
"الأسود"، احتلت قوات
الغزو الإمبريالي بقيادة
الولايات المتحدة الأمريكية،
العراق. ومع "كرنفال" النصر
"الموهوم" الذي مارسته
قوات الغزو، وأدواتها المحمولة
جواً وبراً، في ساحة
"الفردوس" البغدادية، تكون
قد تعرّت تماماً جريمة "السطو
المسلح" الدولية، على قطر
عربي، شكّل على مدى آلاف السنين
موئل الحضارة البشرية، ومارس
أبناؤه، دورهم القومي في عدة
ساحات عربية، دفاعاً عن المشروع
القومي التحرري، وإسهاماً في
البناء العلمي والتقني. لم تكن
عمليات "الصدمة والترويع"
معزولة عن مشروع الهيمنة
والنهب، الذي صاغته وحرصت على
تطبيقه، عصابات المحافظين
الجُدد، أمراء الظلام في مراكز
صنع القرار الرأسمالي. جاء قرار
الغزو، وتدمير الدولة الوطنية
العراقية بكل مكوناتها،
تتويجاً للممارسات العدوانية
الممتدة خلال عقدين من الزمن. مع
سـقوط كل الأكاذيب المعروفـة عن
أسـلحـة الدمار الشـامل،
ومخابىء تنظيم "القاعدة"،
و"دولـة الشـر" بالمنطقـة،
تكون الولايات المتحدة
وبريطانيا، قد فقدت كل
المبررات، التي شـحنت من خلالها
مشـاعر الملايين بالعالم، عبر
أكبر عمليـة تضليل وتزييف
إعلاميـة، وتكون بالتالي قد
توضحت علناً أهداف عمليـة
السـطو المسـلح على العراق ـ
الموقع، الثروات البشـريـة
والإقتصاديـة ـ لتأتي عمليـة
نهب النفط والغاز، والتحكم
بكمياتـه المسـتخرجـة
وأسـعاره، ومهمات حمايـة
الكيان الصهيوني، من خلال تأمين
شـروط "السـلامة" لوجوده،
أحد أبرز الدوافع الرئيسـية
للغزو والاحتلال. الواقع
اليومي المباشر على مدى السنوات
الست، كشف عن أن
"الديموقراطية" المحمولة
على الصواريخ، وقناديل
الفوسفور الأبيض، وأدوات
التعذيب في أكثر من ثلاثين
سجناً، ناهيك عن مراكز الاعتقال
والموت بالمثاقب والمناشير
الكهربائية، الخاصة بميلشيات
الأحزاب والقوى
الطائفية/المذهبية، والإثنية،
التي تجاوزت عدد المعتقلات
الحكومية. وهذا ما
أكده "نيك موتيرن" مدير
منظمة "كونسيو مرزفوربيس"
(هناك أكثر من مليوني عراقي قد
عانوا من الاعتقال أو الاحتجاز
مرة واحدة على الأقل منذ عام 2003).
بالإضافة إلى أكثر من مليون
وربع المليون من القتلى، وربع
مليون من المعاقين، وملايين
الأيتام والأرامل والمهجرين
خارج وطنهم، أو المجبرين على
النزوح بداخله، والمحاصرين
بأكثر من 200كم من الجدران
الإسمنتية ـ إعادة إنتاج لجدار
الفصل والضم الإحتلالي/العنصري
في فلسطين المحتلة ـ كما تريد
قوى الفصل المذهبي والإثني
المشبوهة. لقد رسمت كل هذه
الحقائق والأحداث صورة المشهد
الإحتلالي بواقعيته المتوحشة.
هذا الواقعية التي تزداد في كل
يوم أعداد المحتجين على
استمراريته. في ذكرى الغزو ـ كما
في كل عام ـ شهدت شوارع واشنطن
وكاليفورنيا ولوس أنجلس وسان
فرانسيسكو، مظاهرات حاشدة،
شارك فيها عشرات الآلاف من
المتظاهرين تلبية لدعوة تحالف
"اعمل الآن من أجل وقف الحرب
وإنهاء العنصرية" "انسر"
الذين توجهوا صوب (البنتاغون)
فضلاً عن شركات في ولاية
فيرجينيا مثل "بوينج"
و"لوكهيد مارتين"
و"جنرال ديناميكس" و"كي
بي آر" والتي وصفها
المتظاهرون بأنهم "تجار
الموت". وأوضح
المنسق الوطني للتحالف
"بريان بيكر" لوسائل
الإعلام (هذه مظاهرة مهمة
للغاية لأنها تُعتبر الأولى من
نوعها منذ انتهاء فترة ولاية
"الرئيس السابق". كما أنها
مهمة لأنها جاءت في الوقت الذي
نأمل فيه أن يُنهي "الرئيس
الجديد باراك" أوباما احتلال
العراق). مضيفاً (بوش رحل، لكن
احتلال العراق مايزال مستمراً
والحرب في أفغانستان تتصاعد
وشعب فلسطين يعيش تحت الحصار)..
وحمل المتظاهرون لافتات ضخمة
كُتب عليها "الاحتلال
جريمة" و"أعيدوا القوات
إلى الوطن الآن" و"نحتاج
لعمل ومدارس وليس للحرب"
و"مولوا احتياجات الشعب وليس
آلات الحرب." مع دخول
العراق عامه السابع تحت
الاحتلال، لا بد من قراءة أبرز
المستجدات، التي ستُحدد راهناً
وفي المستقبل القريب، خطة عمل
المحتل والقوى المتحالفة معه،
وعلى الجانب الآخر، الفاعل
والمؤثر دور القوى الوطنية
الرافضة للمحتل ولما يُسمى
بالعملية السياسية، ولذلك
الحراك الإقليمي الذي يستهدف
ضبط ايقاع التطورات الداخلية
والمحيطة بالعراق، بأجواء
المصالحات، أو بعبارة أخرى،
كيفية إدارة الاختلافات حول
رؤية كل طرف، بهدف الوصول إلى
توافقات محددة. مع وصول
"أوباما" إلى البيت
الأبيض، من خلال حملته
الإنتخابية التي انطلقت من
قضيتين أساسيتين شغلتا الرأي
العام الأمريكي مؤخراً،
الأزمـة الإقصاديـة الكارثيـة،
والحروب الخارجيـة التي تعني
للمواطن الأمريكي، الأبناء
القتلى والمعاقين، والمزيد من
الضرائب. خاصة وأن الخسائر
الأمريكية "الرسمية" قد
وصلت للرقم 4260 من القتلى، وبما
يُقارب من خمسة أضعاف من
الجرحى، لكن أرقام الخسائر
الحقيقية تكشف عدم دقة ما تسوقه
أجهزة (البنتاغون) والدعاية
الإعلامية، كما نستنتج من حديث
قائد الفيلق الثامن عشر في جيش
الاحتلال "لويد أوستين" مع
نهاية خدمة الفيلق "منذ قدوم
الفيلق إلى العراق في شهر كانون
الثاني 2008، كان الطريق إلى
النجاح بالنسبة للفيلق طويلاً،
إذ كان يجري في العراق ما يزيد
عن 700 هجوم خلال أسبوع... عندما
وصلنا إلى العراق، فوجئنا بأن
أعمال العنف في أوجها وفي أعلى
المستويات، حيث حصل في عام 2008
أعلى نسبة من الهجمات
والتفجيرات.) كما أن موقع "
تي.بي.آر "الإخباري الأمريكي
المتخصص بمتابعة أعداد القتلى
والجرحى من الجنود الأمريكيين
في العراق، يتحدث من خلال نشرة
دورية يُصدرها، عن أكثر من
عشرين ألف قتيل، وحوالي أربعين
ألف جريح. كما أن المقالة
المنشورة، المدعمة بالوثائق،
على موقع "غلوبال
سيكيورتي" للمحلل والباحث
العسكري "براينغ هارينغ"
أكدت ان عدد القتلى من الجنود
الأمريكيين في العراق منذ الغزو
في آذار/مارس 2003 ولغاية
تموز/يوليو 2005، بلغ عشرة آلاف
قتيل. ويُمكننا القياس على تطور
هذه الخسائر خلال السنوات الست
من عمر الغزو والاحتلال، لنقترب
من الأرقام التي تُعلنها قوى
المقاومة العراقية البطلة،
والتي تُشير إلى نحو أربعين ألف
قتيل وضعفهم من الجرحى
والمعاقين. إن
الخطابات، والأحاديث المتكررة
للرئيس الأمريكي منذ وصوله
للبيت الأبيض قبل عشرة أسابيع،
تُشير إلى تراجع فعلي عن تنفيذ
الوعود الانتخابية بالسحب
الفوري للقوات من العراق. فما
بين حملاته الانتخابية التي قال
فيها "إن الحرب على العراق ما
كان ينبغي أبداً تفويضها وما
كان ينبغي شنها أبداً"،
والخطاب الذي ألقاه (أوباما) في
"كامب ليونى" أمام الآلاف
من قوات المارينز في السابع
والعشرين من الشهر الماضي،
وأعلن فيه خطته "للانسحاب"
من العراق، تنكشف حقيقة موقف
الإدارة الجديدة. فقد أعاد
إنتهاج لغة الخطاب السياسي
لسلفه، من أن ("تحرير"
العراق قد وفرَّ فرصة ثمينة
لشعب العراق.. ضد الطغيان
والفوضى). وهذا ما أكد عليه
أثناء "تسلله" إلى العراق
قبل يومين، عندما التقى
قواته الغازية في معسكرهم
قرب مطار بغداد، مخاطباً إياهم
عن (إنجازات قواته وبزوغ
الديموقراطية بما يُشكلانه من
نجاحات إستثنائية). وهذا ما كشفه
"سكوت هورتون" المحلل
السياسي في شبكة "ضد
الحرب/أنتي وور" بقوله (أليس
في سياسات أوباما ما يقطع بأنها
سياسات إدارة بوش المتكررة
بصياغة أجمل أبهرت العالم). إن
خطة (اوباما) تدعو لإنهاء
العمليات القتالية وسحب معظم
الجنود الموجودين في العراق
والبالغ عددهم 142 ألف جندي
بنهاية آب عام 2010، وهي أكثر
قليلاً من الشهور الـ 16 التي وعد
بها خلال الانتخابات. لكن الخطة
تتضمن علامة رئيسية يجب أن تكون
مثار قلق لكل من يُعارض الحرب
ويدعم الانسحاب الكامل للقوات
الأميركية: سوف تُترك في العراق
قوة تُقارب 50 ألف جندي حتى نهاية
عام 2011، وهو التاريخ الذي نصت
عليه الإتفاقية
الأمريكية/العراقية "سوفا"
لإخراج كافة القوات الأميركية.
وهو يعني إلتزامه بالجدول
الزمني الذي أعلنه سلفه لإنهاء
إعادة نشر قوات الاحتلال بنهاية
العام ذاته. ووفقاً للرئيس، هذه
القوة سيكون لديها ثلاث مهام:
تدريب قوات الأمن العراقية،
محاربة "الإرهاب"، وحماية
المدنيين الأمريكيين والقوات
العسكرية. لكن الخطط التي
تُعدّها وزارة الدفاع، تتضمن
مواصلة الجهود لتوسيع قواعدها
العسكرية، بما فيها قواعد
"بلد" و"عين الأسد"
بمدارج جديدة لهبوط وإقلاع
الطائرات بما يزيد طولها على 4
كيلومترات لاستخدامها من قِبل
القاذفات الضخمة وطائرات الشحن.
وإلى جانب التواجد الأمريكي
داخل "المنطقة الخضراء"
فإن القيادة العسكرية تعمل على
الاحتفاظ بـ 58 قاعدة عسكرية
دائمة في العراق، بالإضافة إلى
"الثكنة/المدينة" السفارة
الأمريكية في بغداد، والتي
تُعتبر الأضخم في العالم. بجانب
تلك القوة المختارة من النخبة
المقاتلة، المُسماة تارة بقوات
"الدعم والإسناد" وتارة
أخرى بـ "ألوية المشورة
والمعاونة"، يتم حشد أكثر من
مائة ألف من المرتزقة
"المتعاقدين الأمنيين"
العاملين في شركة "بلاك
ووتر" التي غيَّرت اسمها إلى
"أكس أي" في محاولة تضليلية
مكشوفة. الناشط
الإعلامي والباحث في مجال شركات
المرتزقة "جيريمي سكاهيل"
كشف قبل أسبوعين تقريباً بـ
"أن إدارة (أوباما) أقدمت على
توقيع عقد جديد بقيمة 22 مليون
دولار مع شركة (بلاك ووتر)
للتزويد بالمرتزقة، على اختلاف
خدماتهم وجنسياتهم، ودفعت لها
مبلغ 70 مليون دولار في شهر شباط
وحده." في هذا
الجانب تُشير افتتاحية "ذي
نيشن" الأمريكية الواسعة
الانتشار، إلى "الفجوات
الهامة في خطة (اوباما) للعراق
التي تستحق التدقيق." فالحملة
ضد التبذير والإنفاق غير
القانوني الذي أطلقها الرئيس في
بداية مارس/آذار الفائت، تتطلب
إجراءات أخرى لتقليص حجم
الإنفاق العسكري، وهذا ما
ناقضته الأرقام الجديدة التي
أعلنها وزير الدفاع "غيتس"
قبل أيام حول ميزانية التسليح
للقوات الأمريكية. إن زيادة ما
يُقارب المائتي مليار دولار
لتغطية نفقات الوجود العسكري في
العراق وأفغانستان لعامي 2009/2010،
وضخ ما يُقارب الخمسين مليار
دولار في موازنة الاستخبارات
المركزية الأمريكية للأهداف
ذاتها، مما يضع أمام "إجراءات
وقف التبذير" علامة استفهام
كبرى، لأنها تأتي جميعها في
ذروة الأزمة
المالية/الإقتصادية/الاجتماعية
التي تضرب البنية الرأسمالية
العالمية، وفي قلب مركزها
الأمريكي. ويبدو أن كلفة الحرب
التي تجاوزت ثلاثة تريليونات من
الدولارات، والتي انعكست
آثارها ـ مع أسباب أخرى ـ على
إمبراطورية النهب" لم تكن
كافية، فالرأسمال المتوحش، لا
يتوقف جشعه ونهبه، إلاّ بعد
هزيمته الكاملة والشاملة، وهذا
ما تتجمع نذره بالأفق. على
الجانب الآخر من المشهد، تعمل
المقاومة الوطنية المسلحة
والسلمية، على فرض وجودها على
كل اللاعبين "الكبار
والصغار" على الساحة
العراقية. وإذا كانت عمليات
المقاومة المسلحة، تمر في بعض
مساراتها بالمُراوحة أو
الإنكفاء المؤقت، فإن ذلك لا
يعني ـ كما يُحاول البعض ـ تجهيز
المقابر لإعلان وفاتها، وتقبل
العزاء بها! إن القوى المسلحة
المقاتلة بمختلف تكويناتها
ومرجعياتها، تُعيد من جديد رسم
المشهد العراقي بكامله، على
الرغم من الأزمات التي تُعاني
منها أطرافها جميعاً، خاصة، كما
يبرز في عجزها عن تحقيق قيام
جبهتها الوطنية المتحدة، أو
هيئة التنسيق المركزية
الميدانية بين أطرافها. إن
أهمية رفع مستوى التنسيق بين
قواها المقاتلة والسياسية
الآن، تفرضه استحقاقات المرحلة
الراهنة والمقبلة. فالحديث
عن إعادة انتشار القوات المحتلة
"الإنسحاب"، حسب الصيغة
التضليلة المتداولة، وحمى
التحركات والحوارات العلنية
والسرية، المندرجة تحت عنوان
"المصالحة" تتطلب يقظة
سياسية عالية، من أجل تفويت
الفرصة على المتعاونين مع
الإحتلال، والوكلاء المحليين
لمشروع الهيمنة والنهب، الذي
يسعون جاهدين، للبقاء على قمة
السلطة السياسية، كحراس
معتمدين لإدارة البلاد والعباد. إن
مستقبل العراق وشعبه، يجب أن
تُقرره قواه الوطنية المناهضة
للإحتلال، وفصائله المقاتلة،
التي رسمت بتضحياتها جميعاً،
طريق الخلاص لشعبها. ــــــــ المصدر
: كنعان النشرة الإلكترونية - 9
نيسان (ابريل) 2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |