ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رسائل
أوجاع الناس فهمي
هويدي وقعت
على تقرير شائق يروي كيف يتواصل
الرئيس باراك أوباما يوميا
وبشكل مباشر مع نبض الناس
وهمومهم، عرفت منه أن ثمة مكتبا
خاصا للمراسلات في البيت الأبيض
يمثل جسرا للتواصل مع الناس،
هذا المكتب يتلقى آلاف الرسائل
البريدية والإلكترونية كل
صباح، وهي تُقرأ جميعا بحيث يتم
اختيار أهم مئة رسالة منها،
توضع على طاولة مستديرة في مكتب
مدير المراسلات مايك كليهر،
الذي يبلغ من العمر 47 عاما، من
جانبه يتولى صاحبنا اختيار عشر
رسائل، تكون الأكثر وجعا
وإزعاجا بحيث إذا قرأها الرئيس
فإنه يصدم ويشعر بالقشعريرة. والجملة
الأخيرة منسوبة إلى كليهر، الذي
قال إن أوباما يريد أن يطلع
دائما على الرسائل غير المريحة،
والمنغصة التي تعبر عن معاناة
الناس والانطباعات المزعجة
التي يرددونها خاصة به أو
بسياسة الحكومة، وفي بعض
الأحيان فإنه يحتفظ بهذه
الرسائل ويقرأ بعضها في
الاجتماعات التي يعقدها، لكي
يضع رجال إدارته في صورة ما يحدث
على أرض الواقع، بعيدا عن
الانطباعات والصور التي تنقلها
الأجهزة الرسمية. نقل
التقرير عن أحد مساعدي الرئيس
الأميركي قوله انه وجده ذات مرة
ساهما يفكر بهدوء فسأله عما
يشغله، فما كان منه إلا أن أشار
إلى ملف الرسائل الموضوع أمامه
وقال هذه الرسائل تحطمك، لقد
تلقيت توا خطابا مؤثرا من أسرة
تعاني وعليّ أن أفعل شيئا
لأجلها. إحدى
الأمهات من ولاية بنسلفانيا
اسمها سينثيا أرنولد بعثت إليه
برسالة قالت فيها إن ابنها
الجندي أخبرها هاتفيا بأن وحدته
ستسافر إلى الشرق الأوسط وأنه
أخذ يستشيرها في بعض الترتيبات
التي يتعين تسجيلها قبل السفر،
المتعلقة بالمسؤول عن جنازته
إذا مات والمكان الذي يفضل أن
يقضي فيه فترة النقاهة إذا ما
أصيب. وختمت رسالتها قائلة
للرئيس: أرجوك اجعل جنودنا ضمن
أولوياتك، وبعد
بضعة أسابيع تلقت السيدة سينثيا
رسالة خطية من أوباما قال فيها:
سأفعل كل ما في استطاعتي لجعل
جنود مثل ماثيو الابن في
أولوياتي، قولي له شكرا على
خدمتك من القائد الأعلى للقوات
المسلحة. حين
فرغت من قراءة التقرير قلت إن
خلفاء المسلمين الأوائل كانوا
يفعلون مع الناس مثل ذلك وأكثر، فسيدنا
أبوبكر الصديق هو من طلب الناس
أن يراقبوا أفعاله ويقوّموا أي
اعوجاج يصدر عنه، فوعده أحد
سامعيه بأن يقوّمه بسيفه، وخليفته
عمر بن الخطاب لم يكتف بتحسس
أوجاع الناس في زمانه، ولكنه
قال إنه لو عثرت بغلة في شط
الفرات لخشيت أن أسأل عنها يوم
القيامة لِمَ لم تعبّد لها
الطريق، وفي ذلك
الوقت المبكر تعامل المسلمون مع
حكامهم باعتبارهم حراسا على
رعايتهم وخدمتهم، حتى دخل أحدهم
على الخليفة معاوية بن أبي
سفيان وحيّاه قائلا: السلام
عليك أيها الأجير. ذلك كله
صار ماضيا يكاد يُنتسب إلى عالم
الأسطورة، لأن حكام زماننا
يرسلون ولا يستقبلون. ولذلك
يلجأ كثيرون من الناس إلى
مخاطبتهم من خلال النداءات
والاستغاثات التي تنشرها
الصحف، ومنهم من يرفض الاستماع
إلى ما يكدر خاطره، حتى بات
الداخلون عليه من أعوانه ينصحون
من قبل الحاشية بألا يحدثوه إلا
فيما يسره، أما من
يقامر بإرسال خطاب أو شكوى إلى
أغلبهم، فإنه يتلقى الرد دائما
من أجهزة الأمن، كل بما يستحقه، وقيل لي
والعهدة على الراوي إن أحد
الرؤساء عنّ له أن يؤدي العُمرة
في إحدى زياراته للمملكة
العربية السعودية، وفي الطواف
لمحه واحد من رعيته، فقال له على
مسمع ممن حوله: اتق الله في
شعبك، ثم أكمل الرجل طوافه وهو
مطمئن إلى أنه أوصل رسالته وقام
بواجب النصيحة، لكنه حين عاد
إلى بلده اختفى ولم يظهر له أثر
منذ خمسة عشر عاما. ـــــــــــ *صحيفة
الرؤية الكويتيه 14/5/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |