ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فشل
في جولة وليس في معركة فهمي
هويدي انتخابات
نقابة المحامين المصريين اتسمت
بطرافة فاضحة، ذلك أن الحزب
الوطني ألقى بكل ثقله وراء
النقيب السابق سامح عاشور، فشكل
غرفة عمليات أدارها أمين
التنظيم بالحزب أحمد عز،
واستنفر أمناء المحافظات
وأعضاء مجلسي الشعب والشورى
لاستدعاء أكبر عدد من المحامين
من أجل التصويت لعاشور. وكان ذلك
الاحتشاد سببا في سقوط الرجل
ونجاح مرشح آخر لم يسمع به أحد
خارج محيط المحامين هو حمدي
خليفة، الذي عرفنا لاحقا أنه
كان نقيبا لمحامي محافظة الجيزة.
ولا تقف
الطرافة عند ذلك الحد، لأن سامح
عاشور الذي سانده الحزب الوطني
بكل قوة حتى نفر الناس منه ليس
عضوا بالوطني. ولكنه عضو بالحزب
الناصري. أما المرشح الفائز
الذي جرى الاستنفار ضده واستهدف
الاحتشاد إسقاطه، فهو من أعضاء
الحزب الوطني بالجيزة، ومن
الطرائف الفاضحة أيضا في تلك
الانتخابات أن أحد كبار
المحامين الذين دأبوا على خوض
معركة النقيب في الانتخابات
السابقة، رجائي عطية، كان سامح
عاشور يتهمه بأنه مرشح الحكومة،
وكان ذلك أحد أسباب سقوطه في كل
مرة. وحين وقفت الحكومة والحزب
إلى جانب عاشور بشكل سافر في
الانتخابات التي جرت هذا
الأسبوع، فإنه لقي المصير نفسه! من
الطرائف كذلك أن بوادر المفاجأة
حين لاحت في الأفق أثناء فرز
الأصوات وتأكد تقدم المرشح
المغمور على مرشح الحزب، فإن
ارتباكا حدث في غرفة العمليات
التي تصوّرت أن نجاح سامح عاشور
مضمون، وجرت اتصالات مع أمناء
المحافظات لمحاولة «تدارك
الأمر» من خلال التدخّل في مسار
فرز الأصوات. ولم يحل دون نجاح
المحاولة سوى أن تقدُّم حمدي
خليفة على عاشور كان كبيرا (خمسة
آلاف صوت) بصورة يتعذَّر معها
التدخُّل لتغطية الفرق وإنقاذ
الموقف، وبالتالي لم يكن هناك
مفر من التسليم بالنتيجة. هناك
حديث قوي عن أن أصوات الإخوان
ذهبت لمصلحة خليفة. وقيل لي إن
ذلك لم يكن قرارا من جانب
الجماعة. مع ذلك فإن أعضاءها
امتنعوا عن التصويت لمصلحة
عاشور لسببين، أولهما
أنه ظل مشتبكا معهم ومضيِّقا
عليهم طوال سنوات رئاسته
للنقابة، والثاني
أنه جمَّد نشاط النقابة في
المجال العام على الصعيدين
المحلي والعربي. إذ لم يعد يُسمع
لها صوت في قضايا الإصلاح
السياسي أو القضايا القومية،
وعلى رأسها المقاومة
الفلسطينية. واكتفى في ذلك
بمقابلة الرؤساء والحكام العرب
والمشاركة في الوفود النقابية
الرسمية، ما أدى في النهاية إلى
تغييب النقابة عن ساحات اعتادت
أن تثبت حضورها فيها داخليا
وعربيا. لم تكن
أصوات الإخوان هي العنصر الوحيد
الذي أسهم في فوز حمدي خليفة،
لأن هناك عنصرا آخر لا يقل
أهمية، وربما كان أقوى تأثيرا.
هو أن الرجل ليس مشغولا
بالقضايا العامة، ولكنه اكتسب
تأييدا وشعبية من أنه يجيد
تقديم الخدمات للمحامين. هو لا
يجيد الكلام وليس ناشطا سياسيا،
وإنما هو عضو عادي ومغمور في
الحزب الوطني، كما أنه ليس
محاميا لامعا، لكنه رجل مثابر
ودؤوب، شرب المهنة منذ كان
موظفا صغيرا بإحدى محاكم
الجيزة، عُيِّن في وظيفة سكرتير
جلسة بشهادة دبلوم التجارة التي
كان يحملها، لكنه ثابر وأكمل
تعليمه حتى نال ليسانس الحقوق،
في حين ظل طوال الوقت يعيش وسط
القضايا والمتقاضين والمحامين.
وحين رشح نفسه لنقابة الجيزة،
فإنه حصر اهتمامه في خدمة
المحامين وتلبية رغباتهم
الخاصة، في السكن والسفر
والعمرة والتصييف وتوفير
مستلزمات البيوت وغير ذلك،
الأمر الذي أكسبه شعبية أدت إلى
انتخابه مرتين نقيبا لمحامي
الجيزة، وأسهم في ترجيح كفته في
انتخابات النقابة العامة، وإذا
صح ذلك التحليل فمعناه أن
الانتخابات الأخيرة لن تكون
خطوة إلى الأمام، ولكنها تكريس
للتراجع إلى الوراء، لكي يطمئن
الحزب الوطني إلى أن فشله في
إنجاح مرشحه كان فشلا في جولة،
وليس فشلا في معركة إخصاء
النقابات المهنية وتكبيلها. ولعله
تعلم من هذه التجربة أن بوسعه
إسقاط أي مرشح بغير تزوير، إذ
يكفي أن يعلن تأييده له، حتى
يوجّه إليه ضربة قاضية تفقده
الأمل في الفوز! ـــــــــــ المصدر
: صحيفة الرؤية الكويتيه 3/6/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |