ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أكثر
تشوهاً وأقل ديموقراطية فهمي
هويدي «الانقلاب
الأبيض» الذي حدث في لبنان جاء
مفاجئا لكثيرين، أنا أحدهم. ذلك
أننا طوال الأسابيع التي سبقت
الانتخابات في السابع من شهر
يونيو الجاري، كنا نسمع من
المعنيين بالشأن اللبناني أن
النتيجة ستتراوح بين أحد
احتمالين، الأول أن تفوز قوى
المعارضة (تحالف حزب الله ــ عون)
أو أن تفوز الموالاة (الحريري ــ
جعجع) بفارق مقعد أو اثنين. لكن
الذي حدث تجاوز بكثير تلك
التوقعات، حيث حقق فريق
الموالاة فوزا كاسحا، وتقدم على
المعارضة بأربعة عشر صوتا دفعة
واحدة، الأمر الذي قلب التوقعات
وأحدث صدمة للذين حصروا
تنبؤاتهم في الحدود السابق
ذكرها. منذ ذلك
الحين وحتى اليوم. تابعت سيلا من
التحليلات والتفسيرات لما جرى.
بعضها تحدث عن أخطاء في بنية
التحالف المعارض وسياسته،
والبعض ركز على أخطاء في أداء
وخطاب حزب الله ذاته. آخرون
تحدثوا عن أزمة النظام اللبناني
وطائفيته التي تستبعد أى ممارسة
ديموقراطية حقيقية، في حين
أشارت كتابات عنه إلى التدخل
الخارجي والمالي والسياسي
ونجاح حملات التخويف الإعلامية. ولست في
وارد التحقيق في تلك الأسباب
ومدى صحة بعضها أو كلها، لكنني
لا أخفي قلقا من أمرين أظهرتهما
الانتخابات بصورة لافتة للنظر. الأمر
الأول هو الحفاوة الإسرائيلية
والأميركية والغربية بشكل عام
بالنتيجة، التى بدا فيها
التهليل لخسارة فريق حزب الله
أقوى من الترحيب بنجاح الآخرين.
تجلى ذلك في عناوين الصحف
الإسرائيلية التي صدرت في اليوم
التالي لإعلان النتيجة، إذ كانت
العناوين كما يلي: هزيمة لحزب
الله في انتخابات لبنان (هاآرتس)-
هزيمة لنصرالله (معاريف) - حزب
الله: خسرنا (يديعوت أحرونوت) -
لبنان: ضربة لحزب الله (إسرائيل
اليوم) - (بالمناسبة، فى اليوم
نفسه 6/8 كان عنوان صحيفة «الشرق
الأوسط اللندنية» كالتالي:
انكسروا وانتصر لبنان، وهو
توافق لا تخفى دلالته). الصحف
الغربية عبرت بصورة أو أخرى عن
الموقف ذاته، فذكرت «الجارديان
البريطانية» أن نجاح الموالاة
في لبنان «قدم لأوباما أول نجاح
كبير لسياسته الإقليمية». أما
نيويورك تايمز فقالت «إن
التحالف الذي تؤيده الولايات
المتحدة الأميركية تمكن من
السيطرة على البرلمان».. وذكرت
واشنطن بوست أن «التحالف
المدعوم من الغرب فاز
بالانتخابات». لا تنس
في هذا السياق الضغوط الغربية
التي مورست طوال الأسابيع التي
سبقت التصويت. وكان أبرزها
زيارة نائب الرئيس الأميركي جو
بايدن لبيروت، التي اجتمع
خلالها بأركان الموالاة، وقال
صراحة قبل مغادرته بيروت إن
المساعدات الأميركية للبنان
ستتوقف على طبيعة حكومته
القادمة، في إيحاء لا يقبل الشك
بأن استمرار تلك المساعدات
مشروط بنجاح فريق الموالاة. هذه
الخلفية تدلنا بوضوح على أن
الذي انتصر فعلا ليس فريق 14 آذار
كما يقال. وإنما هو واجهة لأطراف
عدة لا يجمع بينها سوى العداء
للمقاومة والحرص على إلحاق
لبنان بالسياسات الغربية
المهيمنة. الأمر
الثاني الذي يبعث على القلق، أن
لبنان خرج من المعركة
والانقسامات الطائفية فيه أعمق
وأشد مما سبق. وبدا الانقسام
السني الشيعي أكثر حدة من غيره.
وثمة إجماع على أن ذلك
الاستقطاب الحاد أسهم بشكل كبير
في توسيع الفجوة بين الطرفين
لصالح تجمع 14 آذار. صحيح أن
النظام ذاته طائفي في الأساس،
ولكن جسور العلاقة بين السنة
والشيعة بوجه أخص- ظلت ممتدة
طوال الوقت. ولكن من الواضح أن
تلك الجسور انقطعت في الآونة
الأخيرة، وحلت محلها فجوة
مسكونة بالمرارة والتوجس وسوء
الظن. الأمر
الذي يعني أن لبنان خرج من تجربة
الانتخابات وهو أكثر تشوها وأقل
ديموقراطيـة. ـــــــــــ *المصدر
: صحيفة الرؤية الكويتيه 13/6/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |