ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مفاجأة..
إرهابي ليس مسلماً! فهمي
هويدي توقيت
الحادث بدا شديد الحساسية، فقد
كان الرئيس أوباما عائدا لتوِّه
من رحلته التي زار فيها الرياض
والقاهرة، ووجَّه خلالها إلى
العرب والمسلمين خطابا تصالحيا
أثار لديهم درجات متفاوتة من
الترحيب والتفاؤل. في هذه
الأجواء المعطرة، حاول رجل
اقتحام متحف «الهولوكوست» في
واشنطن وأطلق الرصاص على ضابط
الحراسة الواقف عند باب الدخول،
فأرداه قتيلا، كما استمر في
إطلاق النيران على باحة داخلية
قبل أن يردّ عليه الحراس ويلقون
القبض عليه. حين
وقعت عيناي على «الخبر العاجل»
الذي تم بثه على شاشة التلفزيون
يومذاك. كان أول ما خطر لي أن
يكون الفاعل واحدا من الشباب
العرب أو المسلمين المهووسين
الذين فتنوا بفكرة محاربة
الصليبيين واليهود التي سوقها
تنظيم «القاعدة»، ومن ثم تصور
أنه يمكن أن يدخل الجنة إذا ما
أسهم في تلك الحرب «المقدّسة». ولا
تستغرب، فأمثال هؤلاء الشباب
لهم وجود في الولايات المتحدة
وغيرها من الدول الغربية، خصوصا
بين الذين ولدوا في تلك الدول
واتجهوا إلى التديّن البسيط،
وعانوا من كونهم مضطهدين لأنهم
مسلمون أو ملونون، ومن ثم
أصبحوا مسكونين بمشاعر الرفض
والمرارة والنقمة على
المجتمعات الغربية التي يعيشون
فيها. لم
أتحمّس لهذه الفكرة، ليس فقط
لظني أن المسلمين في الولايات
المتحدة تعلموا درسا قاسيا من
أحداث ١١سبتمبر، ولكن لأن
«سيناريو» آخر خطر لي. وأعترف
بأن ما جعلني أكثر قبولا لهذا
السيناريو الآخر، أنني التقيت
قبل أيام واحدة من الناشطات
المسلمات في الولايات المتحدة،
حدثتني عن صور اضطهاد المباحث
الفيدرالية لهم، وكيف أن
عملاءها أصبحوا يندسّون في
أوساط المسلمين المترددين على
المساجد بوجه أخص، لكي يتخيّروا
أكثرهم ضعفا وخفة، ويقنعوهم
بوجوب «الجهاد» ضد الأميركيين
الكفار. وحين يجدون منهم قبولا،
فإنهم يحددون لهم الأهداف التي
يتعيّن الهجوم عليها، ويوفرون
لهم «عدة الشغل» من خرائط
وأسلحة ومتفجرات، لينتهي الأمر
بهم إما إلى السجن أو الترحيل. استرحت
لهذا السيناريو، وقلت إن «أبالسة»
المباحث الفيدرالية لابد أنهم
ورَّطوا أحدا من المسلمين في
الهجوم على متحف الهولوكوست،
لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد،
فمن ناحية تفسد القصة الأجواء
التي أحدثها خطاب أوباما في
أذهان الرأي العام الغربي، بما
يعيد إلى الواجهة صورة العربي
أو المسلم «الإرهابي»، وتهدم في
الوقت ذاته الصورة المنصفة التي
رسمها له أوباما في خطابه الذي
ألقاه بجامعة القاهرة، ومن
ناحية ثانية، فإن افتعال حادث
من ذلك القبيل الذي وقع، من شأنه
أن يساعد على إحياء فكرة الحرب
على الإرهاب التي أعلنها الرئيس
السابق بوش، ومن ناحية ثالثة،
فإن تلفيق الحادث يمكن أن يكون
ذريعة لإبعاد المسلمين من
الولايات المتحدة، باعتبارهم
خطرا يهدد الأمن القومي. لم أكن
الوحيد الذي تشكك في أن يكون
الفاعل مسلما، فقد قرأت أن
الإدارة الأميركية «حبست
أنفاسها» لذات السبب حين تلقت
الأنباء الأولى التي تحدّثت عن
محاولة الاقتحام والقتل،
المفاجأة أن كل ما خطر على بالي
لم يكن له أساس من الصحة، إذ
تبين أن الشخص المهاجم (جيمس فون
برين) أميركي أبيض عمره 88 سنة،
وله موقع إلكتروني سجل فيه
كراهيته لليهود والسود. كما
تبيّن أنه قضى سنتين في ولاية «إيداهو»
التي بها مقر منظمة «النازيين
الجدد» ولم تستبعد مصادر الشرطة
أن يكون الرجل من أعضائها. حمدت
الله وتنفست الصعداء حين عرفت
هذه التفاصيل، لكن شعورا بالخجل
غمرني، لأنني أدركت أن التعبئة
الإعلامية المضادة، التي
ندينها ونقاومها حققت نجاحا في
اللعب بمشاعرنا، حتى أن واحدا
مثلي تصور للوهلة الأولى أن
الفاعل عربي أو مسلم، ولم يخطر
على باله أنه يمكن أن يكون
أميركيا «قحا» ولا شأن للعرب أو
المسلمين به، وحينئذ قلت إنه
إذا كان ذلك التشويه المتعمد
أثر على سلوكنا وخيالنا، فلابد
أن نعذر المواطن الغربي العادي
إذا ظل مسيئا الظن بنا، وخائفا
ومتوجسا من تلك الوجوه «الشرق
أوسطية» التي مازالت تلاحقها
لعنة «11 سبتمبر». ــــــــ المصدر
: صحيفة الرؤية الكويتيه 15/6/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |