ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الشيخ
المناسب للزمن المناسب! فهمي
هويدى خذلنا
شيخ الأزهر وأغرقنا في بحر
الخزي والحزن، حين رأيناه جالسا
على منصة واحدة مع الرئيس
الإسرائيلي شمعون بيريز، ورغم
أن الصورة التي نشرتها صحيفة «الدستور»
لهما أمس ناجحة صحافيا، إلا
أنها مهينة سياسيا وشرعيا لشخص
شيخ الأزهر، ولمقام المشيخة،
وللرأي العام العربي والإسلامي.
لا أظن
أن أحدا يمكن أن يصدق لافتة «حوار
الأديان»، التي كانت عنوانا
لذلك المؤتمر المشبوه، الذي دعت
إليه «كازاخستان»، فلم يعرف عن
السيد بيريز أنه من علماء
الأديان، كما لم يعرف أنه متدين
أصلا، وكل ما نعرفه أن الرجل من
أبالسة السياسة، وأنه دخل
التاريخ من باب التنكيل
بالفلسطينيين والعداء للعرب،
وحين يجلس بصفته رئيسا لدولة
إسرائيل على منصة واحدة مع
الإمام الأكبر شيخ الجامع
الأزهر، وبينهما رئيس الدولة
المضيفة، فإن الصورة تثبت بحق
شيخ الأزهر حالة التلبس بارتكاب
فعل سياسي فاضح بكل المعايير. أفهم
لماذا يحرص بيريز على حضور مثل
هذه المناسبات، التي تتخفى وراء
حوار الأديان، كما حدث في مؤتمر
العام الماضي، الذي رعته
المملكة العربية السعودية،
وعقد في واشنطن. فتلك كلها خطوات
للتطبيع تتعجلها إسرائيل وتلح
عليها، خصوصا مع العالم العربي
والإسلامي، لا فرق في ذلك أن
تكون المناسبة حوارا بين
الأديان أو مؤتمرا للشاذين
جنسيا، والصورة مهمة للغاية، أن
يصافح الرئيس الإسرائيلي ملك
السعودية أو الإمام الأكبر، لأن
المصافحة التي تسقط من الذاكرة
سجل العداء المجلل بالدم، هي
الهدف في نهاية المطاف. ذلك
أنها تقصي ضمنا، وبعيدا، كل ملف
القضية الفلسطينية، وتسدل
ستارا على مشهد الجرائم
الإسرائيلية المتلاحقة، منذ
عام 48 وحتى هذه اللحظة. أما
الذي يتعذر فهمه فهو لماذا يقبل
شيخ الأزهر بأن يوضع في هذا
الموقف؟ لماذا يرضى بأن يستخدم
كمحلل يمكن إسرائيل من القفز
فوق تلال الجثث، التي سحقتها
وعبور بحار الدماء التي
أراقتها، وإدعاء البراءة التي
ترنو إلى صفحة جديدة مع العالم
الإسلامي تتطلع إلى المستقبل
وتتحرر من إسار الماضي، وهو ما
يعد سقطة سياسية لا تغتفر
للشيخ، وإهانة وابتذالا
للمشيخة، حين صافح شيخ الأزهر
بيريز في مؤتمر واشنطن، ادعى أن
المصافحة كانت مصادفة، وأنه لم
يكن يعرفه، ولا أظن أن الذين
صدقوا ذلك الادعاء في العام
الماضي يمكن أن تنطلي عليهم
القصة هذه المرة. فسيري
أن شيخ الأزهر تصرف كموظف في
الحكومة المصرية، وليس كإمام
أكبر وشيخ لأقدم منارة علمية في
العالم الإسلامي، وقد احتلت تلك
المنارة مكانتها لأنها ظلت
دائما رمزا للأمة وراية خفاقة
على ربوعها. نسي شيخ الأزهر
مكانته في المؤسسة العريقة،
التي يمثلها، وتجاهل مشاعر
ملايين المسلمين الذين
لايزالون يعتبرون إسرائيل عدوا
أجرم بحق الأمة، فاحتل جزءا من
أرضها وشرد شعبها، كل ما تذكره
وكان حاضرا في ذهنه أن هناك
معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل،
بل غاب عنه أنه حتى في ظل
المعاهدة فإن هناك موظفين في
الدولة يجدون أنفسهم مضطرين
للتعامل مع العدو، في حين أن
هناك رموزا ثقافية ودينية ليست
مضطرة إلى ذلك، ولها خياراتها
التي تمكنها من رفض التعامل مع
الإسرائيليين مادامت الأرض
العربية محتلة، واستمر التعنت
الإسرائيلي الذي يرفض أي حل
عادل للقضية الفلسطينية. لقد
أمضى شيخ الأزهر في منصبه خمسة
عشر عاما، يفترض أن يكون قد
تجاوز خلالها مرحلة الغيبوبة
السياسية، وأصبح أكثر نضجا
ورشدا، وحين يتصرف بهذا الشكل
في الوقت الراهن فإن ذلك يحرج
مروءته، وينتقص من شرعيته كإمام
أكبر، ولو كنا في زمان آخر يعرف
معنى العزة والاستقامة
السياسية والفكرية، لكان تصرفه
مسوغا لمساءلته وإعادة النظر في
أهليته للاستمرار في شغل منصبه
لإهداره قيمة المروءة في موقفه،
وهو ما قد لا يقف عند عزله من
منصبه، ولكنه ربما ذهب إلى حد
عدم جواز سماع شهادته أيضا،
لكنه تصرف مطمئنا إلى أن شيئا من
ذلك لن يحدث. إنه حقا
الشيخ المناسب للزمن المناسب. ــــــــــ المصدر
: صحيفة الرؤية الكويتيه 6/7/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |