ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ليس
في التطبيع إباحة وقباحة! فهمي
هويدى استغربت
سؤال د.زقزوق: ماذا جرى حين جلس
شيخ الأزهر على منصة واحدة مع
بيريز في مؤتمر «حوار الأديان»،
في قازاقستان. واستغربت أيضا
تهوينه من المنظر وقوله إن
الاثنين لم يتبادلا أي كلام، ثم
إشارته إلى أن الشيخ تجاهل
محاولات حاخامات إسرائيل
مصافحته، وجه الغرابة فيما قاله
وزير الأوقاف المصري أنه لم ير
أي دلالة غير عادية في جلوس
الرئيس الإسرائيلي على طاولة
واحدة مع شيخ الجامع الأزهر، لم
ينتبه إلى رمزية الإمام الأكبر،
وإلى كون الصورة تبعث برسالة
إلى العالم الإسلامي تبرئ ساحة
إسرائيل وتبيض صفحتها، وتغسل
أيديها من دماء الفلسطينيين
التي ما برحت تريقها منذ ستين
عاما على الأقل. دعك من
أن الرجلين لم يتبادلا أي كلام،
لأن ذلك مما يصعب إثباته، ومع
ذلك فإنه إذا صدق فلا يغير من
الأمر شيئا. إذ الصورة هي الأهم،
الأمر الذي يسوغ لي أن أقول إن
بيريز ربما شارك في المؤتمر،
فقط لكي يظهر مع شيخ الأزهر في
صورة واحدة، لم يكن ينقصها سوى
أن يخرج الرجل للأمة الإسلامية
التي لم تنس لإسرائيل جرائمها،
تماما كما ذهب إلى مؤتمر الحوار
الذي رعته السعودية في واشنطن
لكي يظهر في صورة واحدة مع شيمون
بيريز، ويخرج لسانه للأمة
العربية بأسرها. إن د.زقزوق،
وهو وزير الأوقاف وشؤون الأزهر،
لابد يعرف أن شيخ الأزهر ليس
مسؤولا مصريا عاديا، ولكنه يجلس
على رأس مؤسسة لها حضورها
ونفوذها في مختلف أنحاء العالم
الإسلامي. لست أشك
في أنه يدرك الفرق بين الوزير في
الحكومة المصرية، والإمام
الأكبر الذي يجلس على رأس مشيخة
الأزهر، والأول
موظف حكومي أولا وأخيرا، إذا لم
يلتزم بسياسة الحكومة فيتعين
عليه أن يغادرها، باعتبار أن
ذلك الالتزام ضرورة مفروضة بأمر
الوظيفة، أما
الثاني فالحكومة المصرية تعينه
حقا في منصبه وتعطيه راتبه،
لكنه موظف من نوع شديد
الخصوصية، بمعنى أنه عابر
للحدود بطبيعة موقعه، وكلمة
الأول لا قيمة لها خارج حدود
مصر، أما الثاني فله مقامه
الخاص في محيط الأمة الإسلامية،
وكلمته ومواقفه لها رنينها
المعتبر في جميع أرجاء العالم
الإسلامي، وحين يصبح الأمر كذلك
فإن تهوين وزير الأوقاف من شأنه
يثير الدهشة والتعجب. أدري أن
الأزهر تم تقزيمه، فصغر حجمه
وتراجعت فاعليته، وانكسرت
هيبته، بعدما أصبحت الكلمة
العليا فيه للأجهزة الأمنية،
التي أحكمت سيطرتها على كل
مفاتيح ومفاصل الخطاب والتأثير
الديني في مصر لأسباب مفهومة،
لكني أتصور أن وزير الأوقاف
يعرف قيمته التاريخية، ويفترض
فيه أن يكون حريصا على تلك
القيمة، على الأقل في خطابه
المعلن على الملأ. تستمر
دهشتنا حين نطالع في تصريحات
الوزير قوله إن شيخ الأزهر تجنب
الحديث مع بيريز، وإنه تجاهل
محاولات حاخامات إسرائيل
مصافحته، ذلك أن الكلام هنا
يبدو متناقضا، لأن الوزير لا
يجد غضاضة في أن يجلس الإمام
الأكبر مع بيريز على طاولة
واحدة، بينما يشير إلى انه لم
يتحدث مع الرئيس الإسرائيلي أو
أحد من الحاخامات، كأن الظهور
في الصور تشمله الإباحة، في حين
أن تبادل الحديث معهم هو عين
القباحة. وهي مفارقة تبعث على
الرثاء بقدر ما تثير من الضحك،
ذلك أن من حق أي أحد أن يتساءل:
أي مؤتمر حوار هذا الذي لا
يتبادل المشاركون فيه الكلام؟
وبأي منطق يقبل الظهور مع
الإسرائيليين في الصور، ثم
يستهجن الحديث معهم؟ إن
التطبيع مثل الحمل، يكون أو لا
يكون، إذ ليس هناك نصف حمل، إلا
أن يكون فقه التطبيع قد تطور،
وأصبح فيه ما هو شفوي وتحريري،
أو شرعي وعرفي! ـــــــــ المصدر
: صحيفة الرؤية الكويتيه 8/7/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |