ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من
المرأة المتعلمة إلى المرأة
المثقفة ذبول
المعرفة أو الانفتاح على
الثقافة؟! أمهات
بلا حدود الظاهرة
التي نقارب
تسود في عالمنا الناهض، وهي
لا تخص النساء وحدهن، وإن تكن في
عالمهن أظهر. مرحلة من الطلب
العلمي أصبحت جزء من الديكور
الاجتماعي تتوج بالتخرج
وبالوظيفة، أو العمل أو الزواج،
مع شعار: وداعا للقراءة، وطلاقا
بائنا أو خلعا من الكتاب. وسواء
كانت المرأة أو الرجل عاملَين
أو كانت المرأة قعيدة بيت أب أو
بيت زوج فإن المتبادر إلى الذهن
أن العلاقة مع المعرفة منذ
النجاح في الامتحان الأخير إلى
ذبول. حتى عندما يضمكِ مجلس مع
جمع من النساء الخريجات، ربما
لا تميزين فارقا نوعيا في موضوع
الدردشات: الأزياء، الموضة،
طرائق الطبخ الأطيب، والتنظيف
الأفضل، ودائما تكون تدخلات
الأمهات والجدات هي كلمة الفصل
لاسيما في حديث الطعام والشراب... لقد
ناضلت مجتمعاتنا
طويلا من أجل فتح أبواب
المدارس والجامعات
أمام البنات. ولم يكن
ذلك عبثا بل كان وما يزال
ضرورة من
ضرورات البناء. ويكلف تعليم
البنات ميزانية الدولة مبالغ
ربما تفوق التصور في عملية
الحساب، ومع ذلك يخيل إلينا أن
الحصاد لا يعود على المجتمع
بقيمة البذار. ولكي لا
يُساء فهم
الكلام فإن المقصود ليس
طي بساط عملية التعليم ،
وإظهار الأسف على ما ينفق عليها
من وقت وجهد ومال، وإنما
المقصود قرع الأجراس لتمضي
عملية التعليم إلى مداها لتحقيق
المقصود منها، ويبلغ المجتمعَ
جناها. حتى
عندما توظف المعلومة المعرفية
في إطار مهني محدود ومبرمج
بطريقة روتينية محضة،
ودون أن تتحول المعرفة
إلى حالة من التفاعل
الإيجابي المتطور
مع المستجد العلمي الذي لا
يكاد يثبت عند
حال والتغير الواقعي
بأبعاده؛ فإن لنا
أن ننظر بمزيد من الريبة إلى
مهنة المهندس
والطبيب والصيدلي الذي لن
يكون في مثل
هذه السياقات أفضل حالا من
الخياط والنجار
والعطار... واليوم
تعج البيوت السورية بالنساء
الخريجات أو المؤهلات
المتعلمات.كثيرات حصّلن تحصيلا
جامعيا في فرع من فروع المعرفة
الإنسانية أو العملية، ثم أصبحن
مجرد عاملات أو أمهات أو شيئا من
هذا وذاك.وانقطع بذلك النسب
بينهن وبين مصادر المعرفة، ولم
يعد يُسقى ما استقر في عقولهن أو
في وعيهن بماء النماء أو
البقاء، فأتى على ما حُفظ
النسيان، وعلى مافهم الذبول
والتغير بتغير الزمان. أصبح
المخزون المعرفي عند الكثيرين
والكثيرات كالوجبة ( الفايتة
البايتة ) ولم تعد تلك المرأة
تذكر أنها ترددت يوما على معهد،
أو حفظت فصلا من كتاب. حالة من
الخطأ المنبوذ
تصبح قاعدة قياس!! يفجؤك من يريد
أن يختصر الطريق بالفتاة إلى
عالم الأمومة قبل الأوان بالقول:
وهذه فلانة قد تعبت وجدت وتخرجت
ثم كان ماذا؟ ها هي في بيتها
منغمسة في أمومتها أة يقول في
خدمتها مما يؤكد أن البيت
للمرأة والمرأة للبيت!! بمثل هذا
الشاهد يظن القائل أو القائلة
انه أو أنها قد قطعا بشهادة
الواقع قول كل خطيب. إن أقل
ما يمكن أن يساق لتفنيد مثل هذا
المقال أن العلم لشرفه يطلب
أولا لذاته، وليس لكي يكون
خادما او مؤديا لغيره. ثم إن
المرأة المتعلمة مهما انغمست في
شئون أمومتها ستكون الأقدر على
إدارة بيتها، وتربية أبنائها،
وتنظيم أوقاتها، وبناء
علاقاتها الاجتماعية بين
أسرتها وأسرتها، وترتيب الكثير
من أولوياتها الاجتماعية
والاقتصادية.. بمعنى أن
الرأسمال المعرفي يعيد تلقائيا
ريعه الأولي، بحيث لا تكون
المسيرة التعليمية للرجل
والمرأة موضع مراجعة أو إعادة
نظر من حيث هي، وإنما المطلوب
التأسيس على المنجز حتى الآن
للذهاب صعدا في سماء الأوطان. إن
الدعوة في هذا
المقام للتصدي للعطالة
المعرفية لا يمكن أن يساق
تسويغا كما أسلفنا لمصادرة
مسيرة المعرفة. بل إنها سعي جاد
لإطلاق صرخة في آذان الرجال
والنساء للمبادرة للتعامل
الإيجابي مع نتائج الإحصاءات
التي تشير إليها تقارير المنظمة
الدولية للتنمية البشرية فيما
يتعلق بحركة ترجمة المعرفة
وتسويق الكتاب، أرقام تثير
القلق ليس فقط على صعيد الرواج
النظري للمعرفة؛ وإنما أيضا على
صعيد الظل الواقعي العملي لهذه
المعرفة. بمعنى أننا نتحدث عن ظل
المعرفة على أنماط السلوك
وتجارب الحياة. مصدر ثر للخبرة
الإنسانية تحرم منه شعوبنا
نتيجة الإضراب عنه. مجتمع
يعج بالمتعلمين الذين
لا يتابعون ولا يقرؤون ولا
يهتمون، ومسجوعة من المهد إلى
اللحد أصبحت جدارية تاريخية كما
كانت كلمة (كتبية) في بيوتنا
القديمة خزانة لعرض المزهريات.. تشارك
العطالة المعرفية وحالة الصدود
الثقافي في صنع تخلفنا وعجزنا
عن البناء، وترددنا عن
المبادرة، وقعودنا عن الإنجاز،
وقصورنا عن الإتقان. حقل
الشوك هذا كيف
يكون بستانا؟! زهرة مني
وزهرة منكِ، ألم نكن نغنيها
إذ نحن صغيرات. هذه الأنهار
العظام هي مجاميع القطرات.
والبداية من الفرد حتى لا نظل في
دوامة الحديث عما يجب على
الآخرين؛ على الحكومة والمجتمع
والمنظمة والإعلام والمدرسة
والمسجد... لسنا نسقط حقا عن أحد
وإنما نأخذ بسنة من قال: ابدأ
بنفسك ثم بمن تعول.. في
الأمر الذي نحن
فيه ينبغي أن نكرر مع
الأولين أن الثقافة
أن تأخذ من كل علم
أو فن بطرف. وان نعلم أن
الثقافة معلومة وموقف، موقف من
العقائد والأفكار
والأحداث والأشخاص.. البداية
للانتقال من عتبة المعرفة إلى
صدارة الثقافة ينبغي أن يتقدم
الكتاب على المجلة، كما على
المسلسل والفيلم، وأن تكون له
في كل يوم حصة على جدول
الأولويات.. وسيكون
من الضروري تجديد
المعلومات التخصصية في
الميدان الذي انطلقنا
منه، ولكن من الضروري
أيضا أن نفتح النوافذ
على العلوم والفنون، فنحن
في مدرسة الحياة الكبرى سنقدم
امتحانات عملية أشد من امتحانات
الوزارات وأقسى... ومن
الضروري ونحن في القرن
الحادي والعشرين أن نتابع
بجدية وقصد ما يكتبه الموافق
والمخالف، وأن
نستقبل ما يطرحه الجميع
بعقل منفتح قادر على
القبول والرد، والأخذ
والعطاء، والخروج من سحر الحرف
المطبوع، وأسر المؤلف الموثوق،
ولنستحضر دائما أنه لا يصح
إيمان بالله إلا بحد أدنى من
النظر، فكيف يكون الحال فيما
سواه.. يقال
سوء الظن عصمة فلا
تقبلي قولا لمخلوق مهما
وثقت بقائله إلا
بعد تحقيق، ويقال
إن سوء الظن حجاب فلا
تجعلي سوء ظنك بقائل حجابا
يمنعك من قبول حقيق القول
فيفوتك من الخير كثير. كل
متعلم أو متعلمة هما
مشروع مثقف ومثقفة...والمثقف
كما يقال إنسان
وشيء ما، إنسان
ومعلومة أو خبرة او تجربة،
إنسان وموقف إلى إحياء أكرم ما
في الإنسان عقله وقلبه، وما سوى
ذلك يبقى شراكة بين الإنسان
والحيوان يضبطه ضابط الغريزة في
قوله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى
أنتَ وأنتِ وهو وهي كلكم تشعرون
بالجوع والعطش والراحة والتعب
والري والشبع ـــــــــــ المصدر
: الرابطة الأهلية لنساء سورية أمهات
بلا حدود 11\7\2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |