ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أحداث
الإيجور.. مدخل لاكتشاف "الصين
المسلمة" بدا
للكثيرين أن الأحداث الأخيرة
التي شهدها "إقليم شينغيانغ"
الواقع غربي الصين ذو الأغلبية
المسلمة مفاجأة من نوع مختلف،
فهم لم يتوقعوا أن يكون هناك من
يشاركهم الدين في ذلك الاتجاه
من الدنيا، وهو ما يدلل على عمق
حالة الجهل العربي والإسلامي
بواقع الأقليات المسلمة في
أنحاء العالم المترامي.. ذلك
الجهل أو لنقل "حالة اللا
معرفة" (بتعبير مهذب) هو نفسه
ما يدعو بعمق لتحقيق تواصل
حضاري وثقافي، تواصل يهدف إلى
مد جسور مع من يتشابهون معنا
بالدين وبالإنسانية أيضا، بهدف
إعادة اكتشاف أنفسنا وامتدادنا
وعمقنا... وفي هذا
"الريبورتاج / الاستطلاع"
المنقول عن مجلة "العربي
الكويتية"
- عدد سبتمبر 2008-
للزميل أشرف أبو اليزيد،
نحاول أن نجول بكم في رحلة
استكشافية مفصلة داخل هذا
الإقليم، إنها جولة حية داخل
بيوت وقلوب وعادات المسلمين في
إقليم شينغيانغ، ولتكن أرواح
المسلمين الذين سقطوا في أحداث
الإيجور قبل أيام وصرخات السكان
محاولة لاكتشاف مسلمي الإيجور...
فتفضلوا يرعاكم الله: سواء
كان شيخًا «أويغوريًا» يتجه
لصلاة الظهر في جامع «عيد كاه»،
بمدينة «قشغر»، شمال غرب الصين،
أو كان شابًا «قرغيزيًا» يبني
خيمته بين كفي جبل «موزتاج آتا»
الذي غطت الثلوج قمته بمنطقة «شينج
يانغ»، أو كان موسيقيًا «قازاقيًا»
يعزف على قيثارة «الدو نغ بولا»،
ذات الوترين، في قلب «بازار
الأحد»، فإن ما يجمعُ بينهم دين
واحدٌ هو الإسلام،
يوحدهم مع أكثر من عشرين
مليون آخرين، يمثلون عشر قوميات
في أكبر بلدان العالم: الصين! على خطى
الإسلام لزمان:
الخامس والعشرون من أغسطس العام
651 الميلادي. المكان: الصين تحت
حكم الإمبراطور تانغ قاو تسونج،
سليل أسرة تانغ (التي حكمت بين
عامي 618 و907م)، وتحديدًا في مدينة
تشانغآن، عاصمة الصين في ذلك
الزمان قبل أكثر من 13 قرنًا.
الحدث: وصول مـــــبعوث ثالـــث
الخلــــفاء
الرَّاشـــديــــن؛
عــــُثــــمان بن عفان للقاء
الإمبراطور للتعريف بأحوال
الخلافة الإسلامية، وعادات
المسلمين. إنه الحدث الذي اعتبر
- رسميًّا - تاريخ دخول الإسلام
إلى الصين، وخلال 148 سنة لاحقة،
سجّلت المصادر التاريخية أن
العرب أوفدوا 39 مبعوثا إلى أسرة
تانغ الملكية! الزمان:
صيف العام 2008، والمكان: الصين؛
الإمبراطورية لا تغيبُ عن
منتجاتها الشمس، وتحديدًا في
عهد سلالة الحزب الشيوعي للرئيس
ماو، والحدث:
وصول بعثة «العربي» إلى
أكثر المناطق الصينية قربًا إلى
ذلك الدين الحنيف في مهده،
ولكنها أبعدها في الوقت نفسه
جغرافيًا عن العاصمة بكين على
تخوم الحدود الدولية مع
كازخستان، وأوزبكستان،
وباكستان (التي تصلها بقشغر
طريق دولية)، وقيرغيزيا. لرحلة
بدأت من الكويت، ومنها إلى
كراتشي (1949 كلم)، ثم بكين، وصولا
إلى أورومجي، وأخيرًا قشغر (3861كلم).
تساءلتُ وأنا أحسب مجموع
المسافة
(5810 كلم) كيف كانت قوافل طريق
الحرير تصل على ظهور الجمال .
نستعيدُ هنا مهد الرحلة مع
مسلمين لايزالون يعيشون على
الفطرة الأولى، بل ويكتبون
لسانهم وأبجديتهم بحروف تشبه
أبجديتنا العربية. نحن على
أول الطريق البرية التي تسميها
المراجع بطريق الحرير، حيثُ
نُسِجت علاقات الصين بجيرانها
برًّا. كانت تلك الطريق تبدأ في
تشانغآن، وتمر بآسيا الوسطى
وأفغانستان وبلاد فارس حتى تصل
إلى بلاد الشام بجزيرة العرب،
قبل أن تصل إلى قلب أوربا. وقد
مهَّد انتشار الإسلام في هذه
البقاع إلى قدوم كثير من التجار
المسلمين يحملون إلى الصين، إلى
جانب البضائع، العقيدة
الإسلامية والعادات الخاصة بها.
يقال إن أكثر من 4000 أسرة من
التجار الأجانب أقاموا في مدينة
تشانغآن في عهد أسرة تانغ، كان
معظمهم من بلاد فارس وبلدان
العرب. وإلى جانب التبادل
التجاري طلب حكام أسرة تانغ -
أحيانا - مساعدات عسكرية من بلاد
العرب لقمع الاضطرابات
الداخلية، فجاء الجيش العربي
إلى الصين عبر الطريق الحريرية
أيضا، ومكث بعض هؤلاء الجنود
المسلمين في الصين، فتركوا
نسلهم حيث وصلنا. ينتشر
الإسلام تدريجيا في أنحاء
البلاد خلال الفترات التاريخية
التالية، من أسرة سونغ (960-1279م)،
وأسرة يوان (1206- 1368م) حتى أوائل
أسرة مينغ (1368- 1644م). وهو تاريخ
طويل تعرض المسلمون خلاله
لتقلبات السياسة وتغيرات
المجتمع وتبدلات الاقتصاد.
ويتحول المسلمون إلى أقليات
متفرقة نتيجة لهذه الصراعات،
تشكل مجموعتين، إحداهما تتكون
من ست قوميات تتناثر في منطقة
شينج يانغ ذات الحكم الذاتي في
شمال غرب الصين، والأخرى تتكون
من أربع قوميات تعيش في مختلف
الأماكن داخل الصين. الإسلام..
وقوميات عشر رجع
تاريخ قومية الأويغور إلى القرن
الثالث قبل الميلاد، وكلمة
أويغور تعني «التضامن» أو «الاتحاد»
باللغة الأويغورية، وهم
يتوزعون في منطقة شينج يانغ
الأويغورية الذاتية الحكم
رئيسيا وعددهم نحو ثمانية
ملايين نسمة. في
اليوم الأول من الوصول إلى قشغر
تأخذنا أقدامنا إلى ساحة مسجد «عيد
كاه» حيث نعيشُ ساعاتٍ نراقبُ
الحياة اليومية التي يمضي بها
المتنزهون الأويغوريون أوقاتهم.
إنهم يأتون للوقوف أمام عدسات
عشرات المصورين المنتشرين في
الساحة، يحمل كل منهم كاميرا
رقمية، ويحتفظ بديكور التصوير
اللازم وفق الطلب، فمنهم من
يصوِّر زبائنه فوق الجمل أو
الحصان، ومنهم من يجذب أفراد
الأسرة بنزهة مصورة في الساحة
فوق عربة يجرها الخيل وتجاوره
فيها سيدة متبرجة بالزي
التقليدي، وآخرون يجتذبون
الأطفال بعربة تجرها عنزة برية!
الجميع متأنق، ليس فقط هنا
استعدادًا للتصوير، بل في كل
مكان. نصلُ
موسم الفاكهة، درجة الحرارة
تتجاوز صباحًا في قلب المدينة
الثلاثين مئوية، وهي تنضج
الثمار التي تشتهيها بقاع الصين
جميعًا. طماطم بحجم التمر،
شمامٌ بطعم السكر، برتقال بلون
الشمس، وعنب وخوخ وبرقوق وموز،
ومشمش بلا حدود، إن قشغر سلة
فاكهة تحرِّكُ الحواس جميعها. يحكي
لنا دليلنا إنه في أواسط القرن
العاشر، مع اعتناق شاتوك
بوراخان ملك مملكة قراخان
المحلية الإسلام
بدأ دخول الدين الجديد إلى
شينج يانغ، وكانت قشغر (قه شغه
ر، كما تُكتب هنا) أولى محطاته
هناك، لينتشر بعدها في
يارتشيانغ وكوتشار، ثم شمال
شينج يانغ بعد القرن الرابع
عشر، وحتى القرن السادس عشر
الذي شهد دخول الإسلام في شينج
يانغ كلها. أحدها مسجد عيد كاه،
الذي شيده حاكم قشغر، شيخ
اسميرزا، للمرة الأولى في 1442م،
حيث كان يصلي على أرواح
الراحلين من عائلته. تجديد
المسجد، وتطويره، على مدى أكثر
من خمسة قرون، جعله يمتد اليوم
140 مترًا طولا، من الجنوب إلى
الشمال، و120 مترًا من الشرق إلى
الغرب، ليغطي مساحة 16800 متر
مربع، وأقسامه النموذجية تتكون
من قاعة للصلاة، وبرج للبوابة،
مع عدة أبنية ملحقة به، لعل
أطرفها برجان قصيران حولهما
باحتان كبيرتان، يستخدمهما
المؤذنون للدعوة إلى الصلاة،
مثلما يستخدمهما الوعاظ للدروس
الدينية، وعلى جانبي البوابة
الضخمة، عمودان يمثلان منارتين
متصلتين بزاويتي الجدار، طول
الواحد منهما 18 مترًا. أصابنا
حزن شديد لرؤية الغدران
الداخلية في المسجد قد جفت. أصبح
المسجد مزارًا مجانيا لأهل
البلاد، ولغير أهل المدينة
يدخلونه بعشرين يوانًا للفرد،
وهي أقل الرسوم بين المزارات
الأخرى التي مررنا بها ويصل
بعضها إلى 60 يوانًا (ما يعادل 7
يورو). هناك بعض الأواني
الفخارية التي تستخدم للشرب،
والصنابير التي تصلح للوضوء. في
الأعياد، وفي أيام المهرجانات
الشعبية، تمتلئ ساحات المسجد
الداخلية، والخارجية، وهي أضخم
بنحو خمس مرات، بنحو 50 ألفا
يأتون وعلى وجه كل منهم ملامح
قوميته التي تنصهر في بوتقة
الإسلام. قبل عدة
أعوام تقدم المصمم دان زياو، من
معهد منطقة شونجنج للعمارة
والهندسة لجائزة الملك فيصل في
العمارة، لمصلحة مدينة قشغر،
التي فازت باعتبارها مدينة
إسلامية نموذجية تهدف إلى جمع
السكان فيها بدلا من انتشارهم
خارجها، فقد عُرف في
المدينة الإسلامية بناء
مساكنها حول المسجد وميادين
الأسواق بعكس المدينة في
الأديان الأخرى مثل البوذية،
ورأى أن ذلك قد ساعد على انتشار
الإسلام في الصين. تذكرك
المحلات الممتدة على جانبي سور
المسجد بتلك التي مررت بها في
أسواق المدن الإسلامية، في
القاهرة ودمشق واستنبول،
وغيرها، فالمسجد كان قلب
المدينة، تنقضي الصلاة فيه،
فيسعى الجميع إلى الرزق. باعة
جوالون، ورجال كثيرون يلعبون
الورق ليس في الساحة وحدها،
ولكن على الأرصفة الظليلة
بالشجر. أوراق الأشجار الملونة
كقوس قزح تعطيك التفاتة سحرية
إلى حكايات ألف ليلة وليلة. هنا
لا يتسم اللهو وحده بالبساطة،
بل المهن التي تكاد تندر أن
تجتمع في مكان واحدٍ: باعة
الجلود الطبيعية للحيوانات
البرية وأكثرها شهرة الثعالب
ثلجية اللون، وباعة الأحجار
التي يبلغ أحجام بعضها المتر،
إنهم يتفاءلون بالأحجار
الطبيعية، ومنهم فنانون
يشترونها ليصنعوا منها مقتنيات
يصل ثمن بعضها إلى ألف دولار.
وهناك مهن طريفة كذلك، فلا يكاد
يخلو شارع من معمل أسنان، يقوّم
الأسنان ويبيضها ويزرع بدل
التالف عاجًا وربما ذهبًا!
وهناك ندَّاف القطن، أو
المنجِّد، وبائع المسواك،
وأصحاب المكتبات التي تحتشد
بكتب باللغة الأويغورية، ولا
تخش فهناك قواميس عربية
وإنجليزية قشغرية! وبجوار عربات
تبيع أنواع العصير، هناك عربات
أخرى تبيع لك البطيخ، وإذا لم
تكن ميزانيتك تتحمل شراء بطيخة
كاملة، فلك أن تشتري شريحة (شقة)
وفق الطلب. سَنُّ
السكاكين له زاوية، وتركيب
حدوات الخيول له ركن، وزيت
الشعر أيضا له دكاكينه، أما
المطاعم فحدّث ولا حرج، فأنت
تعيش في ملتقى الطرق بين قوميات
الصين وثقافات الإسلام وأعراق
العالم، ستجد كل شيء، وعليك أن
تدقق في صورة الأطباق التي
تصاحب الحروف غير المفهومة،
فربما تطلب طبق أرز، وتأتيك
سمكة ضخمة فوقها غطاء وهمي من
الأرز. ألم تر ذيلها تحت الأرز
في الصورة، فتدفع ثمن ما لا
تأكله! يتسم المسلمون من قومية
الأويغور بالحماسة والحفاوة
بضيوفهم، وهم موهوبون في الغناء
والرقص. لذلك فإن هناك محلات
لبيع الآلات الوترية
والإيقاعية المصنوعة من جلود
الثعابين. تجد أيضا محلات تبيع
الأسطوانات الأصلية والمنسوخة،
للمقامات الشرقية الأويغورية
التي تتماس مع الموسيقى التركية.
يقول دليلنا إن اهتمام
الأويغوريين بالموسيقى تخطى
حاجز الإعجاب، إلى الشغف، حتى
أنها تكاد تشغلهم عن العلم
والعمل! قازاقي
وموسيقي من
القوميات العشر المنتشرة في
منطقة شينج يانغ الأويغورية
الذاتية الحكم: القازاق، وعددهم
نحو مليون وربع المليون نسمة. في
أواسط القرن الخامس عشر تشكلت
قومية القازاق بعد تأسيس مملكة
قازاق خان. وقد وصل الإسلام
حينها إلى مروج قومية القازاق،
وانتشر فيها على نطاق واسع بعد
القرن الثامن عشر، وأضيفت
الشريعة الإسلامية في «قانون
توكه»، المستخدم قاعدة لحكم هذه
القومية. وفي تاريخ قومية
القازاق ظهر علماء وأئمة بارعون
في اللغة العربية والعلوم
الإسلامية. في سوق
الأحد بمدينة قشغر، وهو يحمل
تلك التسمية لكنه يُفتح طوال
أيام الأسبوع، نرى أحد القازاق
يحمل الدو نغ بولا، إنه يبيع
الآلات الموسيقية، ويعزف
عليها، ببراعة، أليس ابن
القازاق الموهوبين في الغناء
والرقص. إن الآلة عبارة عن
قيثارة ذات وترين (دو) (نغبولا).
ويقول لنا إنه يغني بعض أبيات
صالح وسلمى، وهي من الملاحم
الشعبية عندهم، وتمثل قصة عشق،
كما لدينا قيس وليلى. يشتغل هو
بالتجارة، ولكن معظم عائلته
يعملون بتربية المواشي،
والزراعة. بالإضافة
إلى الآلات الوترية، يزخر السوق
في قشغر (البازار) بعديد الآلات
الموسيقية، منها الطبول التي
يصنع بعضها من جلود الثعابين،
ومنها أيضا البزق. ويستخدم
القشغريون جدار ثمرة القرع لبعض
هذه الآلات، كما يزخرفونها،
ويزينونها وتوضع في البيوت
ملونة ومرسومة، والطريف أنهم
يشبهون الشخص الأخرق بالقرعة،
لأن رأسه كبير وفارغ! إلى سقف
العالم في
الصباح الباكر انطلقنا خارجين
من قشغر. وللتوقيت في المدينة
قصة. فهم لا يعترفون بتوقيت
بكين، وهم يسألونك حين تحدد
موعدًا: بتوقيت قشغر أم بتوقيت
بكين؟ ألا يذكرنا ذلك بالريفيين
في مصر حين تغيرت الساعة
الشتوية والصيفية، وتسألهم عن
الوقت فيقولون: حكومة أم أهالي؟
إن الحكومة هنا هي بكين الصين،
أما الأهالي فهم الأويغوريون في
قشغر! كان
مقصدنا للرحلة سقف العالم، وهو
ليس تعبيرًا مجازيا بل تلك
التسمية الحقيقية
لقمة أبي الجبال الثلجية
موزتاج آتا، الذي يبلغ ارتفاعه
7500 متر، ويعده الخبراء الأيسر
صعودًا بين أقرانه مثلما
يعتبرونه مرحلة أولية لصعود قمة
إفرست، وتنظم رحلات للوصول إلى
قمته الثلجية على مدى 23 يومًا
بكلفة ثلاثة آلاف يورو، شاملة
كل شيء، حتى الوجبات الساخنة،
مع قائد محنك! لكننا كنا نبحث
عند سفح موزتاج آتا عن قوميات
القرغيز، إحدى القوميات
الإسلامية العشر في شينج يانغ،
وقد وجدناهم! عاش
القرغيز في شينج يانغ منذ
القدم، وشاركوا في عهد أسرة
تشينغ الملكية مع القوميات
المحلية الأخرى في المعارك التي
كان يقودها الجيش الحكومي
لإخماد محاولات الانقسام
والانفصال من بعض الممالك
الصغيرة في شينج يانغ. يشتغل
معظمهم بتربية المواشي إلى جانب
الزراعة. يتجول شبابٌ منهم على
صهوة الجياد، وآخرون فوق
دراجاتهم الهوائية والنارية.
هبطنا إلى حيث يقيمون خيامهم
وعشنا ساعات نراقب تقاليدهم،
بدءًا من بناء مسكنهم الخاص. يبدأ
بناء الخيمة القرغيزية
الدائرية الشكل، التي تشبه قبة
مسجد، على أرض ممهدة، يختارها
القرغيزيون بعناية لأنها ستصبح
بيتهم لشهور قبل أن ينتقلوا
لمكان آخر لدواعي المناخ. هيكل
الخيمة التي تستند إلى عمود في
المنتصف عبارة عن خشب يشبه شبكة
سياج الحدائق، وعليه يضعون
طبقات من السجاد الملون. يهم
القرغيزي أن يكون بيته من
الداخل كثير الألوان بهيج
الهيئة. يستند إلى عمود الخيمة
الأوسط الفرن الذي يستخدم
الوقود. كثير من الخيام بها مصدر
للطاقة الشمسية، أو مولد
للكهرباء، يعمل عليه التلفزيون
الذي لا تكاد خيمة قرغيزية تخلو
منه. دعانا «ومرزاق»
القرغيزي لتناول الشاي في خيمته.
كان سقف الخيمة الدائري
مفتوحًا، حين بدأ الثلج يسقط،
فقامت زوجته «طورغان» بشد بساط
بحبل ممتد فأغلقت السقف في حين
بقي الباب مصدرًا للضوء. الشاي
بحليب الماعز مع الخبز كانا
علامة الترحيب بنا. يدعو «ومرزاق»
زوجته «طورغان» وابنته «جولميرايا»
لفتح بازار قيرغيزيا، وهو جرابٌ
يضم منتجات مصنوعة يدويا. في حين
تعرض «طورغان» ما حاكته يداها
من تطريز للسجاد المعلق،
والجراب الصوفي من وبر الجمل،
ويعرض لنا «ومرزاق» نتاج يديه
من نحت دقيق على قرن حيوان الياك! توقف
المطر الثلجي، فخرجنا إلى
السيارة، كانت تصدر عن الخيمة
المجاورة أصوات مختلفة؛ ميزنا
فيها أصوات سيدات يغنين، وامرأة
تصرخ، قيل لنا إن السيدة تلد،
وإن القرغيز من عائلتها يأتون
للتسرية عنها ومساعدتها في
الولادة. لم نر سوى قدور الماء
الساخن وهي تُحمل إلى غرفة
الولادة! أوزبك
وطاجيك يقول
دليلنا عن «الأوزبك» حين نسأله
في طريق العودة عن باقي
القوميات المسلمة في شينج يانغ
إنهم موزعون بين أورومتشي،
وقشغر، ويينينغ، وتاتشنغ،
وإنهم قومية بدوية استوطنت
الصين في القرن الخامس عشر،
واعتنقت الإسلام، وتشبه لغتهم
اللغة الأوزبكية نطقًا وكتابة،
مما يسَّر عليهم فهم الإسلام
وقبوله. أنشأ الأوزبكيون مساجد
كبيرة في قاشر وييلي ويارقند
وتشتاي، ويبلغ عددهم نحو خمسة
عشر ألف نسمة، يشتغل معظمهم
بالتجارة، وهم في جنوب شينج
يانغ ينسجون الحرير، وفي شمالها
يمارسون تربية المواشي. نتوقف
عند أبناء قومية أخرى، يقطنون
بيوتا من الحجر، وهم من أبناء
قومية الطاجيك، الذين يبلغون
نحو 33 ألف نسمة في الصين. نعرف
أنه في القرن الحادي عشر اعتنق
أسلاف الطاجيك مذهب الطائفة
الإسماعيلية. وهم يشتغلون
بتربية المواشي والزراعة،
وعندهم ملاحم شعرية مثلما تعرف
عندهم ملحمة الشعر التاريخية
الفارسية القديمة «وانغتشوو»،
كما يحلق الصقر، الذي يسكن
الهضاب مثلهم، في أعمالهم
الأدبية. ...
وتتار .. حين
زرنا نهر الفولجا، وتعرفنا إلى
تتار مدينة قازان، عاصمة
جمهورية تتارستان، في عدد سابق
من مجلة العربي (أكتوبر 2007)،
تساءلنا عن مهد هؤلاء التتار.
إنهم هم أحفاد قبائل بدوية
تركية كانت تحكمها مملكة ترجو
خان في شمال الصين في عهد أسرة
تانغ. وقد هاجرت قومية التتار من
الحدود المشتركة بين الصين
وروسيا إلى منطقة شينج يانغ، في
الفترة ما بين عشرينيات
وثلاثينيات القرن التاسع عشر،
وكان أكثرهم تجارًا ورجال دين،
فأنشأوا التعليم الإسلامي في
يينينغ وتاتشنغ وغيرهما. لا
يتجاوز عدد أبناء قومية التتار
6000 نسمة، ويمارسون التجارة أو
الأعمال الثقافية والطبية،
داخل مدن شينج يانغ أما
في المناطق الرعوية
فيشتغلون بتربية المواشي،
وتربية النحل. ويمثلون أعلى نسب
عدد المتعلمين إذا قورنوا
بالقوميات الأخرى. وتجمع
أعمالهم الأدبية مزيجا قوامه
فنون الأويغور والروس والأوزبك. ...
وقوميات أخرى! ما
قومية هوي فهم أسلاف المسلمين
من العرب والفرس، الذين جاءوا
الصين في سفارات ديبلوماسية أو
رحلات تجارية، في عهد أسرتي
تانغ وسونغ (العام 618 م العام 1127م)
وحملوا معهم الإسلام إلى الصين.
وفي القرن الثالث عشر أتى بعض
المسلمين من آسيا الوسطى مع جيش
منغوليا إلى الصين واستوطنوا في
أنحاء البلاد حرفيين وتجارًا
وعلماء، وأطلق عليهم «أبناء
هويهوي». بدأت
قومية هوي تستخدم اللغة الصينية
(لغة هان) بعد أسرة مينغ (العام
1368م - العام 1644م)، ولكن أئمة
المساجد مازالوا يستخدمون
اللغة العربية في الشئون
الدينية حتى اليوم. يمارس أبناء
قومية هوي في الأرياف الزراعة
إضافة إلى التجارة والحرف
اليدوية، ويشتغل أبناؤها في
المدن بتجارة السلع الصغيرة أو
التجارة الجوالة، إضافة إلى
صناعات المأكولات
والمجوهرات والجلود وتجارتها،
يبلغ عدد أبناء هذه القومية
أكثر من 8.6 مليون نسمة، وبجانب
تشينج يانغ، ينتشرون في أنحاء
الصين، خاصة في منطقة نينغشيا
الذاتية الحكم لقومية هوي
ومقاطعة تشينغهاي ومقاطعة
قانسو، ومقاطعة شنشي، ومقاطعة
يوننان الواقعة في جنوب غربي
الصين، ومقاطعات خبي، وخنان،
وشاندونغ، ومنطقة منغوليا
الداخلية الذاتية الحكم. وتوجد
في الصين منطقة خاصة لقومية هوي
- منطقة نينغشيا الذاتية الحكم
لقومية هوي، وولايتان ذاتيتا
الحكم لقومية هوي، و11 محافظة
ذاتية الحكم لقومية هوي! القوميات
المسلمة في الصين تمتلك لغتها
الخاصة، لكن ذلك يتهدد بخطر
تنظيمي تمارسه مؤسسات الحكومة
الصينية التعليمية بشكل تدريجي.
فعلى الرغم من أن اللغة العربية
هي لغة الدين الذي ينتمي له معظم
هذه القوميات، فقد فرضت بعض
القواعد القسرية لإغلاق
المدارس التي تدرس اللغة
العربية، وقد تحولت إحداها إلى
مستشفى زرناه في قلب المدينة
القديمة من قشغر. والأكثر من ذلك
هو أن تعليم اللغة العربية يعد
جريمة يعاقبُ عليها من يمارسها.
والآن يبدو أن الدور على اللغات
القومية مثل الأويغورية،
فالحكومة الصينية جعلت تعليم
تلك اللغة يبدأ من الصف الثالث،
وليس عند دخول المدرسة، كما
كان، وبديلا فهم يبدأون بتعليم
اللغة الصينية. ويتوقعون أن
الأويغورية ستلقى مصير اللغة
العربية أيضا بعد سنوات، حيث إن
الوظائف التي يعلن عنها تعطي
الأولوية لدارسي العلوم باللغة
الصينية! وكان
تعليم اللغة العربية قد استقر
في المساجد مع انتشار الإسلام
وزيادة عدد المسلمين في عهد جيا
جينغ لأسرة مينغ (1522 1566م)، على يد
السيد خو دنغ تشو (1522 1597م) العالم
والمعلّم المسلم من قومية هوي
في مقاطعة شانشي، وكان يستقبل
الطلاب في بيته ويعلمهم مجاناً
اللغة العربية والعلوم
الإسلامية، قبل أن ينتقل إلى
المسجد. فبدأ هذا النوع من
التعليم في مقاطعة شانشي وامتد
تدريجيا إلى مقاطعات خنان
وشاندونغ ويوننان وقانسو وبكين
وغيرها. وبعد
ثورة العام 1911، بدأ المسلمون
الصينيون بإنشاء مدارس حديثة،
تدرس فيها اللغتان الصينية
والعربية، تقبل أولاد المسلمين
وتدرس المواد الثقافية الصينية
والعربية في وقت واحد. بعض هذه
المدارس ابتدائية، منها
المدرسة الابتدائية الإسلامية
الأولى من الدرجة الثانية في
العاصمة (1908)، ومدرسة سيهجين في
شاويانغ (1906)، ومدرسة مويوان في
تشينج يانغ (1906)، والمدرسة
الابتدائية الإسلامية للدرجة
الثانية في تشيتشيهار؛ وبعضها
متوسطة منها المدرسة العامة في
شمال غربي الصين (كانت المدرسة
الإسلامية العام 1928)، ومدرسة
داتشنغ للمعلمين في جينان (انتقلت
إلى بكين العام 1925)، والمدرسة
الإسلامية للمعلمين في شانغهاي
(1928)، ومدرسة مينغده المتوسطة في
كونمينغ بمقاطعة يوننان (1930).
وواضح أن هذه المدارس والمعاهد
العلمية اليوم - بالإضافة إلى
انتقال معظمها إلى العاصمة - قد
أصبحت تمهد لتخريج من يمارسون
اللغة العربية لخدمة الدولة،
كما في السفارات الخارجية، ولم
تعد، كما نشأت، لغة حوار تمارس
في الحياة العامة. هكذا
انتقلت اللغة من المساجد إلى
المدارس، ومن المدارس إلى
الجامعات، وأنشأت وزارة
التعليم في الصين العام 1982 «لجنة
تأليف ومراجعة الكتب المنهجية
للغات الأجنبية بالجامعات»
سميت لاحقا «اللجنة الوطنية
لتوجيه أعمال تدريس اللغات
الأجنبية في الجامعات»،
وتتبعها فرقة اللغة العربية
التي أعدت «منهج تعليم اللغة
العربية في الجامعات الصينية»
للتنسيق بين الأقسام العربية في
الجامعات، كما أنشئ «مجمع اللغة
العربية بالصين للتدريس
والدراسات» العام 1985، لوضع خطط
تنفيذية خاصة بتدريس اللغة
العربية ودراساتها. وقد أنشئ
بموافقة الحكومة الصينية معهد
العلوم الإسلامية في شينج يانغ،
وهو ضمن معاهد مماثلة في بكين
ولياونينغ وتشينغهاي ونينغشيا
وقانسو وخنان ويوننان وخبي.
ويتبع معهد بكين - الذي أنشئ
أولا في 1955 - الجمعية الإسلامية
الصينية وتحت رئاسة لجنة الدولة
لشئون القوميات مباشرةً، ويقبل
المعهد الطلبة المسلمين من
أنحاء الصين، ومدة الدراسة فيه 4
سنوات (معاهد العلوم الإسلامية
في خارج العاصمة تكون مدة
الدراسة فيها سنتين أو ثلاث
سنوات فقط)، ومن مقررات هذه
المعاهد الرئيسية اللغة
العربية والمواد الدينية. من
القوميات التي لها لغتها قومية
سالار، التي تستوطن محافظة
شيونهوا الذاتية الحكم لقومية
سالار بمقاطعة تشينغهاي، ويبلغ
عدد أبنائها نحو 90 ألف نسمة،
ولها لغتها الخاصة - لغة سالار،
ولكنها ليست مكتوبة، لذلك
تستخدم لغة هان في الكتابة.
ويحافظ مسلمو قومية سالار على
كثير من الروايات الشعبية
الرائعة، وتمثل أوبرا الإبل
التقليدية تاريخ هجرة أسلاف
قومية سالار من آسيا الوسطى إلى
شيونهوا، وهي شائعة على نطاق
واسع بين أبناء القومية. أما
قومية دونغشيانغ فتقطن منطقة
تحمل اسمها تابعة لولاية لينشيا
بمقاطعة قانسو، ويبلغ عدد
أبنائها نحو 370 ألف نسمة. وطوائف
مسلمي قومية دونغشيانغ متعددة،
ولكل طائفة مسجد خاص، وتتأثر
عادات أبناء قومية دونغشيانغ
بمذاهب هذه الطوائف. وهم
لايزالون يحتفظون بأول نسخة
مخطوطة من القرآن الكريم الذي
أتى به أسلافهم من آسيا الوسطى.
وهناك لغة شفهية أيضا لقومية
باوآن التي تقطن منطقة جبل جيشي
بلينشيا في مقاطعة قانسو، ويبلغ
عددهم نحو 150 ألف نسمة. ويوجد في
كل قرية تقطنها قومية باوآن
مسجد كبير. مستقبل
الإسلام في شينج يانغ من صور
التعليم الديني في منطقة شينج
يانغ الكتاتيب الصغيرة،
والمدارس الملحقة ببعض المساجد
الكبيرة. إنها تشبه إلى حد كبير
التعليم الإسلامي في دول آسيا
الوسطى من حيث الطرق الإدارية
والتعليمية وكذلك مواد التدريس. بدأ
تعليم الإسلام في البيوت بمواد
التدريس متفرقة وغير موحدة،
وعملية التدريس غير منتظمة. ثم
تطور الأمر، وانتقل التدريس إلى
داخل المسجد، حيث تتسع ساحة
التعليم لعدد أكبر من طلاب
العلم، والأئمة، وأضحت ساحة
التعليم الديني جزءا لا يتجزأ
من التخطيط المعماري للمسجد،
حيث توجد عادة في كل مسجد قاعتان
ملحقتان تقع إحداهما في جنوب
قاعته الرئيسية والأخرى في
شمالها، وهما مخصصتان للتعليم
الديني. خلال
القرون الثلاثة الماضية كان
التعليم في المساجد يتم على
مرحلتين؛ الأولى مخصصة للأطفال
الذين يبدأون دراستهم من تعلم
الحروف العربية قراءة وكتابة،
حتى يمكنهم تلاوة القرآن
بالعربية بلغة صحيحة. وفضلا عن
ذلك يدرسون الأحكام الإسلامية
الأساسية وأداء الصلاة
بالحركات والتعبيرات السليمة،
وقراءة كتابات دينية عامة،
وتستغرق هذه المرحلة ثلاث أو
أربع سنوات. وعندما يكمل
التلميذ دراسته في المسجد يصبح
مسلما مخلصا أمينا. أما المرحلة
الثانية للتعليم في المساجد
فتستمر ست أو سبع سنوات، وعلى
الطالب أن يبذل جهودًا شاقة في
دراسته الطويلة، وتحت إرشاد
الأئمة يتعلم نوعين من
المحتويات المدرسية: المواد
الأساسية مثل اللغة العربية
واللغة الفارسية وعلم الفلسفة
وعلم البلاغة، وكذلك المواد
الدينية التي يبلغ عددها ثلاث
عشرة مادة، منها القرآن الكريم
وتفسيره، والحديث النبوي، وعلم
الكلام، وعلم السنة، ومذهب
الصوفيين وغيرها. وبعد أن يُتم
دراسته في المسجد، ويقر الأئمة
تخرجه يصبح مؤهلا ليكون إماما
يقود الأعمال الدينية
والتعليمية في المساجد. ولكن
هذه صورة من الماضي، بعد أن
اجتذبت المعاهد الرسمية - التي
لها حق التأهيل - الراغبين في
دراسة التعليم الإسلامي.
المستقبل قد يكون غامضا إذا لم
تول العناية الكافية لهؤلاء،
وغيرهم من أبناء المسلمين،
فمنطقتهم تملك الكثير، ولكن لا
يحصلون في معيشتهم إلا على
القليل. في
مدينة قشغر نصعد إلى ربوة تشاهد
فيها قسمي المدينة القديم
والمعاصر، فتكتشف التناقض
وتتنبأ بالمستقبل. فالمدينة
القديمة شقتها طريق عصرية تفضي
بك إلى القسم الجديد، الذي يشبه
عمائر بكين العصرية، حيث يسكن
أصحاب الوظائف المرموقة،
ومعظمهم من غير أبناء قشغر.
تلتفت للوراء، فتجد المدينة
القديمة وسكانها المسلمين وقد
تحولت أرضهم وبيوتهم إلى مجرد
مزار للفرجة، بل تحول هؤلاء إلى
جزء من متحف مفتوح، يعاني صعوبة
الحياة. كانت
هناك أربع لوحات صغيرة ملونة قد
تجتمع على أبواب البيوت في قشغر
القديمة، التي بنيت على هضبة
لتحميها من الفيضان. تشير
اللوحة الأولى إلى عنوان البيت،
والثانية إلى الرقم الخاص
بالإطفاء، والثالثة إلى وصف
أصحاب البيت بالود، ترحيبا
بالزوار، أما الرابعة فهي إشارة
إلى أن ترميم البيت أو بناءه، تم
بدعم من الحكومة! أليست تلك
تذكرة للساكن والمار بأن أصحاب
البيت أصدقاء للعوز؟. رعاة
عشرة ملايين رأس راع
يحمل عصاه ويهش بها على غنمه وهو
يصيح فيها حتى لا تتفرق الشياه
التي تكتنز بالصوف. الصوف الذي
يصنع منه كل شيء - تقريبا - من
السترات إلى القبعات إلى السجاد
والأحذية وأغطية المقاعد
والوسائد والأغطية والقفازات،
وما لم تسعفنا به الذاكرة. يتقدم
القطيع الذي يتجاوز عدده المائة
رأس كبش ضخم لابد أنه أثبت تفوقه
بقرنيه في أحد التنافسات
الكثيرة التي تتم بين الزعامات
الغنمية. تسير
قطعان الغنم بحوافر
منفصلة، مجترة وماضغة، تهتز فوق
رؤوسها القرون المجوفة.
ويكاد يتجاوز وزن أكبرها 200
كيلوجرام كما يترجم لنا الدليل
على لسان الراعي. قد يصل
عمر الخروف إلى عشرين عاما. وتضع
النعجة من
واحد إلى ثلاثة حملان بعد فترة
حمل تصل إلى 150 يوما، ويقف الحمل
فور ولادته، بل ويعدو ويلهو
خلال أيام، حتى يصل عمره أربعة
أشهر فيقف راسخا، وهذه الغنم
البرية تتمتع بقوة حاستي البصر
والشم، وسيلتيها للهرب والفكاك
من الحيوانات المفترسة.
في القرى تحيك النساء الصوف
بالإبرة، حتى في أثناء الحديث
أو المشي أو رعاية الأطفال،
ومراقبة الحيوانات. وقبيل موسم
حصاد المحاصيل أو جمع الخشب
تبدأ النساء حبك سترة جديدة، أو
قبعة أخرى أو زوجًا من غطاء
الأذن. لتوفر الدفء لأفراد
الأسرة في الشتاء البارد القادم.
يرتدي الرجال في شينج يانغ
معاطف سوداء ثقيلة مبطنة بجلد
الغنم. وتبطن قبعاتهم أيضا
بالجلد، كما يصنعون أغطية من
الخامة ذاتها. ولا عجب أن يوجد
بالصين أكبر رؤوس الأغنام في
العالم (130 مليونًا). وفي
شينج يانغ وحدها 10 ملايين رأس من
الغنم المرينو الأسترالي
الأصل، الذي يربى لأجل الصوف،
والحليب، والأجبان، فضلا عن لحم
الضأن الذي يقدم كخروف كامل في
شينج يانغ، ويؤخذ منه الكباب
الذي يسمونه يانغروتشيوان،
الذي يشوى مع قطع من الدهن. ومن
التعبيرات الشائعة التي تتخذ
الغنم مادة لها قولهم «الغنم
الأسود في الأسرة»، وكأنه شخص
غير مرغوب (البطة السوداء في
التعبير العربي الدارج)، وذلك
لأن صوف الغنم الأسود لا يمكن
صبغه ومن ثم فإنه أقل قيمة. كما
يقولون: «شد الصوف على عينيه»،
لارتداء قبعة كبيرة الحجم تنزلق
دائما على العيون، مسببة عدم
الرؤية، ويقولون أيضا «مصبوغ
بالصوف»، أي أن الصوف الخام
مصبوغ وليس الملابس، مما يعني
جودة أفضل وقوة أكبر، وأخيرًا
يقولون، «مكسو بالصوف»، وهو قول
معناه أن تُخدع أو أن تُسرق
أغراضك. اسم
الحجر وابتسامة الحرير يمارس
أبناء قومية الأويغور الزراعة
نشاطًا رئيسيًا، ولهم خبرة
وفيرة في زراعة القطن وفنون
البستنة. نحنُ في الطريق إلى
سوزاق، وهو اسم قرية ندر فيها
الماء فاستحقت الاسم الذي يعني
باللغة الأويغورية الماء
البعيد. يضيّفنا صاحب البيت
وعائلته، اسمه طاش ومعناه الحجر.
رغم اسمه كانت ابتسامة طاش
ناعمة مثل الحرير. عرفنا سر
التسمية، لقد كانت أمه تفقد
أبناءها بعد ولادتها لهم، لكن
مضيفنا عاش، فأسموه طاش، أي أنه
الرجل الصلد الذي قاوم الموت!
للأسماء هنا معانيها، فمنهم من
يسمي ابنته بما يعني (كفاية)،
وهو دلالة على أن تكون تلك آخر
المعاناة التي كان يعانيها
سابقا الأب. الاسم نفسه يتكرر في
العائلة الواحدة، أما الأجيال
الجديدة فتميل لتسمية ثنائية،
مثل محمد علي، ومحمد صالح، مثل
حفيد المزارع طاش. هناك
قول شهير في قشغر، إن القروي إذا
امتلك مالا بنى بيتًا، أما
القرغيزي، فيشتري حصانا. عدا
الأرض التي يزرعها بالمشمش، فإن
بيت «طاش» بستان صغير، وبهو
مماثل له في الحجم، وقاعة
استقبال كبيرة تمتد على جوانب
ثلاثة منها طاولة أرضية، وضع
عليها الرجل أطايب ما عنده،
ووقفت زوجته تقدم الشاي،
بالياسمين، وهو الشراب الذي
تجده في كل مكان، يشبه الشاي
الأخضر، طعمًا ولونًا،
وأنواعًا من الخبز المحلي
سانزاه، وبلتقويمق، ونان.
الزخارف المحلية على الجدران
والأسقف الخشبية تنقل لك روح
البهجة، وتعتبر صورة للبساتين
التي عبرتها في القرية، بثمارها
وأوراقها وغصونها اللاهية. الطريف
أن أصحاب البيت ربطوا ساق قطتهم
بثقل كيلو جرام، إن القطط تنظف
البيوت من الفئران، وقد قل
عددها في القرية، ووجب عليهم أن
يحافظوا على قطتهم! البيت في
تصميم بيت المسلم، تقع غرفة رب
الأسرة في أقصى الغرب حتى إذا
قام للصلاة خمس مرات بغرفته
موليا وجهه شطر البيت الحرام
كان باقي أفراد الأسرة خلفه.
الغرفة التي استقبلنا فيها صاحب
البيت المسلم هي الأكبر،
والأكثر اتساعًا، مبرزة مكانة
صاحب البيت بين أفراد الأسرة
وهي أكمل أماكن البيت زخرفة،
تتوسط غرف البيت في مكان يغمره
نور الشمس، تمتد فيها طاولة
طويلة على هيئة مستطيل ينقص
ضلعًا. عليها مزهريات ومباخر،
نحاسية أو فخارية، وجدران
الغرفة لامعة ونظيفة حتى لدى
الذين يسكنون في البيوت الطينية
(ياودونغ) في شينج يانغ. يقدم
الشاي الساخن، الأخضر عادة، أو
شاي الياسمين، قبل تقديم أطايب
الطعام، بعد أن تمد ربة البيت
طستا من النحاس ذا قاعة خفية
وإبريق مياه تغسل بها يدي
الضيف، مثلما تستخدم في الوضوء.
وتوضع القنينة في أحيان كثيرة
على موائد المطاعم الإسلامية
ليغسل الزبائن أيديهم قبل تناول
الطعام، لذلك فهي من العلامات
المميزة للمطاعم الإسلامية في
شمال غربي الصين. ومثل
غرفة الفرن في الريف المصري،
حيث توجد مصطبة دافئة فوق الفرن
للنوم وقت البرد، فإن بيت
المسلم الصيني لديه مصطبة
مجوفة، (كانغ)، تمثل سريرًا، في
جوفه مدخنة متصلة بموقد. وإذا
كان المندوس أو الصندوق معروفا
في بيوت دول الخليج
العربي قديمًا حيث تحتفظ
العروس بأشيائها الثمينة، فإن
ذلك الصندوق الخشبي الكبير، لا
يخلو منه بيت المسلم في شينج
يانغ، يشتريه الشاب عند الزواج
إن لم يكن قادرا على شراء
مستلزمات عش الزوجية الأخرى. يبلغ
طول هذا الصندوق عموما مترًا
وعرضه ستين سم، وارتفاعه سبعين
سم. الصندوق الذي يصنع من ألواح
خشبية سميكة وله أربع أرجل
يستخدم لجملة واسعة من الأغراض:
لتخزين الحبوب أو لحفظ الملابس
وغير ذلك. يطلى الصندوق بدهان
أحمر فاتح، وترسم عليه أشكال
ورسوم تقليدية ذات خصائص
إسلامية. لصندوق،
وجدران الغرف، والسقوف ومصطبة
كانغ تتميز بالزخارف الإسلامية
التقليدية، التي تدمج مع بعض
العبارات بالحروف العربية. حين تمر
على بيوت قشغر القديمة قد تجد
الباب مفتوحًا وبعده ستارة
زرقاء، وهي عادة قديمة لمسلمي
الصين، يرجع تاريخها لأواسط عهد
أسرة تانغ الإمبراطورية (618-907)
عندما وقعت اضطرابات اجتماعية
في أنحاء البلاد، جعلت إمبراطور
الصين يطلب دعما عربيا لاستعادة
النظام في ملكه فجاءه جيش عربي
قمع المتمردين وأعاد الهدوء إلى
البلاد. بعد إنجاز مهمتهم استقر
أفراد الجيش العربي في الصين،
وتزوجوا من صينيات. وقد أصدر
الإمبراطور وزوجته مرسوما كُتب
على الحرير الأزرق يطلب من جميع
المواطنين عدم إزعاج
المستوطنين الجدد وأفراد
أسرهم، ومن يومها اعتاد
المسلمون الصينيون تعليق ستائر
زرقاء على أبواب بيوتهم
لتمييزها عن بيوت أبناء
القوميات الأخرى. وتفضل الستائر
الخضراء للنوافذ، باعتبار
الأخضر رمزا للحياة الطيبة في
الدنيا والسعادة في الجنة.
ولهذا السبب يستخدم اللون
الأخضر كثيرا في البنايات
الإسلامية، مثل المساجد وقباب
المباني الإسلامية المهمة
وغيرها. وهذا اللون يظهر دائما
في بيوت المسلمين أيضا، مثل
إطارات النوافذ ولوحات فن الخط
المعلقة على جدران الغرف
الرئيسية وأوجه الأثاث. وعلى
هذا فإن الأخضر هو اللون المفضل
في ستائر نوافذ بيوتهم، وإن كان
القماش الذي تصنع منه الستائر
يختلف، من الحرير الغالي إلى
الأقمشة الرخيصة، فإن الأخضر
يجمع بينها. وقد أضيفت إلى
الستائر الخضراء في السنوات
الأخيرة الستائر البيضاء،
رمزًا للحداثة من جانب الجيل
الجديد من مسلمي الصين. ويعلق
المسلمون سجاجيد ذات ألوان
زاهية، ومن لا يقدر على ثمنها
يزين المصاطب بأشرطة قماش ملونة
عليها رسوم لأشكال إسلامية
تقليدية مثل الدائرة والمعين
والأشكال المتعددة الزوايا،
وفي وسط هذه الأشكال يوجد عادة
رسم لزهرية جميلة فيها نباتات
خضراء وثمار يانعة. كما تزين
البيوت لوحات باللغتين العربية
والصينية أو رسوم للأماكن
الإسلامية المقدسة كبيت الله
الحرام. تجارٌ
بلا حدود عشر
قوميات، وعشرون مليون نسمة،
هذان هما الرقمان اللذان يصفان
المسلمين بشكل عام، لكن هناك
خصوصيات ربما تصف كل مسلم حين
يتعلق الأمر بالاقتصاد، لأنهم
يتفوقون في عدة مجالات أهمها
التجارة، التي ورثوها عن
الأسلاف الذين جابوا القارات
والبلدان بحثا عن تسعة أعشار
الرزق! وكثيرٌ من التجار يمثلون
أسلاف هؤلاء الذين عركوا الحياة
في قوافل طريق الحرير. وكانت
تجارة الرسول الكريم (صلى الله
عليه وسلم) وعمل الخلفاء
الراشدين بالتجارة دافعًا لعشق
هذه المهنة المربحة للمسلمين في
الصين. ولا
يمكن فهم ثقافة شينج يانغ
ومجتمعها واقتصادها وحياتها
ككل بمعزل عن جيرانها، لأنها
أرض حدود جغرافية شتى.
الباكستانيون التجار لم يأتوا
بتجارتهم وحسب، بل بعاداتهم
الإسلامية أيضا، وهم الذين
قدموا الحجاب في أسواق قشغر،
وهو الأمر الذي لم يلحظه رحالة
القرن الثامن عشر إلى شينج
يانغ، مثلما قدم الجيران الروس
عادات وتقاليد أخرى، ليس كلها
صالحًا. اتساع البرية في شينج
يانغ جعل من المتاح شراء جلود
الحيوانات وفراءها، وقرونها،
مثلما أتاح شراءها محنطة! مع
بضائع أخرى تحمل رائحة طريق
الحرير. وتقدم
الأماكن الدينية حول المزارات
الإسلامية فرصة للمسلمين
لممارسة السياحة الدينية
نشاطًا تجاريًا مربحًا، هكذا
رأينا في القرى والمدارس
والأضرحة. في
الثقافات التقليدية، والحضارات
الموغلة في القدم، تجتاز
القلادة حدود الإطار الجمالي،
لتصبح رسالة إيروتيكية حسية،
ولتنتقل بصاحبتها إلى إطار
مجتمعي مغاير أو طبقة اجتماعية
مختلفة، حيث تجسد القلادة حينئذ
المكانة، والعنصر القبلي،
والنسيج العائلي، وكذلك القيمة
المادية، فضلا عن المعتقدات
الدينية الأسطورية في حماية هذه
القلائد للنساء من عيون
الحاسدين، مثلما هي حماية لهن
أيضا من الأرواح الشريرة. وفي
الثقافات الشرقية العربية قد
يبدو الذهب والفضة والمعادن من
الخامات المألوفة، لكن قلائد
القرغيزيات تقدم التنوع
اللانهائي في الشكل والخامات
والألوان، وبقدر ما نجد هذه
القلائد جميلة، بقدر ما تحمله
من ثراء غامر من المعاني. سنجد
ثيمة زخرفية مشتركة أو موتيفة
متكررة مع ابتكارها لصياغة تجمع
بين أكثر من خامة معا، كالأصداف
والخرز الزجاجي، وتستمد هذه
الخامات نفاستها من ندرتها، حيث
إنها تصنع من مادة قد لا تتوافر
في المحيط القبلي، ولذلك فإن
سفرها الطويل حتى تصل إلى
صانعيها وتكون بأيدي صائغيها
يجعلها بمنزلة ثروة. ويدخل أكثر
من نوع واحد من الأحجار في صناعة
هذه القلادة، الأمازونيت،
والكوارتز، والحجر الطبيعي،
والأحجار العتيقة وخرز الزجاج
الملون، وبعضها يضيف الفضة،
وفيها ـ كما هو واضح من الصور ـ
بعض التأثيرات الصينية، حيث نرى
صورة تنين على حجر شفاف، وغيرها
من الأنماط المصنوعة من الفضة
والزجاج الملون، التي تأثرت
بتجارة درب الحرير لذا تتضح
فيها تأثيرات كوزموبوليتانية
كثيرة. لحظة
بناء الخيام القرغيزية، بجانب
تجمع كبير من هؤلاء المسلمين
الرحَّل. في زخارف السجاد
بالخيام القرغيزية تتواتر
موتيفات مصورة تختزل البيئة حول
صانعي هذه الخيام، فنجد رموز
الطيور كالبجع والصقور، أو
أجنحتها، مثلما نجد توقيعات
لصور الحيوانات كالماعز
والوعول والذئاب أو أجزاء منها
كالرؤوس والقرون، وربما ظلالها
وهي تعدو، أو آثارها التي
تركتها وراءها. الصورة لسيدة
وابنتها تغطيان سياج الخيمة
بالبسط، قبل أن تنقلا للداخل
محتويات السكن. هناك
فارق بين «أتراك» اليوم في
تركيا المعاصرة، حفدة
العثمانيين، و«تُرك» الأمس في
شينج يانغ، رغم أن الأتراك
يقولون بأن أصولهم بدأت هناك.
الترك القدامى في شينج يانغ
قبيلة عاشت تحت إمرة روان روان،
أسست إمبراطورية بداية من منتصف
القرن السادس الميلادي يتحدث
أفرادها لغة واحدة،
رغم الاختلافات الشكلية
التي جعلتهم أقرب إلى
المنغوليين شبهًا. في سنة 583
يثور الترك على إمرة روان روان
وتنقسم إمبراطوريتهم إلى خانات
شرقية وغربية، فيحكم الترك
غربًا زنجاريا، ووادي فرغانة،
وبقاعًا من أفغانستان، وشمال
الهند، وحوض سلسلة جبال تاريم
في الغرب، ويقيمون علاقات
ديبلوماسية مع البيزنطيين،
وتقوم بينهم وبين الساسانيين في
فارس معارك، بينما بقي الجزء
الشرقي من إمبراطورية الترك
صينيا. على هاتين الصفحتين صورة
بانورامية للمدينة القديمة في
قشغر، وطريق يشقها يصل إلى
المدينة الجديدة، وإلى اليسار
صورة من ميدان الشعب لتمثال
الرئيس ماو. بيت
وحصان ودراجة نارية إذا كان
الريفي يوفر لبناء بيت،
والقرغيزي لشراء حصان، فإن
المرأة منذ صباها تدخر لاقتناء
دراجة نارية. إنهن يعتبرنها
جزءًا مكملاً من أسلوب الحياة،
يذهبن بها إلى الأعمال والأسواق
والمدارس، ويبتكرن مهارات في
قيادتها، وحماية الوجه والرأس
والذراعين، سواء كن بمفردهن، أو
صحبن أولادهن. مدرسة
أصبحت مستشفى الى
اليسار صورة لصبي يراجع صفحة
اختبار بلغة أجداده بعد خروجه
من الامتحانات الدراسية، حيث
يبدأ تعليم اللغة الأويغورية من
الصف الثالث، وتقدم عنها عوضا
منذ الصف الأول اللغة الصينية،
عكس ما كان متبعًا منذ زمن قريب،
أما اللغة العربية فقد انحسرت
تمامًا، بعد ما انحصرت في
المعاهد الرسمية (العليا) التي
تتبع بكين، وأغلقت مدارسها
الأولية. وفي الصورة أعلاه
مدرسة كانت للغة العربية أصبحت
اليوم مستشفى! تمثال
محمود بن الحسين بن محمد قشغري،
المولود في سنة 1005 ميلادية، في
مدينة قشغر، أمام متحفه ومسجده
وضريحه (الصورة أعلاه)، حيث يعد
ذلك اللغوي أحد أعلام الإسلام
والأدب في شينج يانغ. أبرز ما
قدمه هو تحويل اللهجات التركية
المتداولة إلى أول قاموس مكتوب
للغات التركية، باسم ديوان لغات
الترك (الذي يمسكه بيمينه)، وكان
ذلك سنة 1072 ميلادية، وضم كتابه
رباعيات شعرية، تقدم الأصول
الأدبية للملاحم والأغاني، كما
ضم كتابه أول خريطة للشعوب
التركية القاطنة في شينج يانغ.
وقد توفي في سنة 1102 ميلادية عن 97
عامًا، في مدينة أوبال الصغير
حيث زرنا ضريحه ومتحفه والشجرة
المائلة التي تستند إلى عصاه! أحد
أشهر الأضرحة في شينج يانغ،
ويقع على بعد خمسة كيلومترات من
قشغر، إلى الشمال الشرقي، ويسمى
مجمع آباك خوجة، ويضم رفات 72
علمًا يمثلون خمسة أجيال من
الحكام المسلمين لشينج يانغ.
وقد بني حوالى العام 1640 ميلادي،
وظل التجديد والترميم ينالانه
حتى القرن العشرين، وقد استخدم
جزء من المجمع مسجدًا، ويؤمه
اليوم سياح وحجاج كثيرون. مجمع
أضرحة ملوك وملكات هوي
المسلمين، في غرب مدينة هامي،
البوابة الشرقية لشينج يانغ،
وهو الضريح الذي شيد في سنة 1838
ميلادية، ويختلف تصميمه عن باقي
المنشآت المعمارية الإسلامية
في شينج يانغ، حيث يمزج بين
ملامح العمارة الإسلامية، وتلك
المستقاة من العمارة الصينية
المحلية العتيقة، ويقع بجوار
الضريح مسجدٌ يعد الأكبر في
شينج يانغ من بين المساجد
المقامة داخل مبنى، وقد زينت
جدرانه بنقوش من الزهور
والأعشاب والآيات القرآنية،
وتزخرف الأسقف أزهار اللوتس. بجانب
الحروف العربية للغة
الأويغورية التي تستخدم محليا،
فإن هناك سماتٍ معمارية مشتركة
بين المباني التجارية والعمارة
الإسلامية في قشغر، أولها
القبة، وثانيها الركن
الأسطواني الذي يشبه المئذنة
المجوفة عند أركان المباني،
وثالثها السلم الخارجي الذي
يصعد إلى طوابق عليا من خارج
المبنى، ورابعها النوافذ
المقوسة التي تتماهى مع كل هذه
العناصر مع تصميم المساجد في
شينج يانغ. ـــــــــــ المصدر
: إسلام أون لاين 9/7/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |