ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ملاحظات
نقدية لخطاب أوباما محمد
أشرف البيومي* مضت
أربعة أسابيع علي خطاب أوباما
وكتب الكثيرون العديد من
المقالات ومع ذلك أعتقد أنه لا
زالت هناك حاجة لتحليل هذا
الخطاب بطريقة نقدية علمية
تعالج الأمور في إطار أكثر
شمولاً آخذاً في الاعتبار
الممارسات السابقة ويتعدي
الانطباعات أو التصورات أو
التوجهات السياسية الضيقة. أولاً -
أهمية الخطاب وأهدافه يجيء
الخطاب بعد مرحلة فريدة ومؤلمة
من الممارسات الأمريكية،
يسميها البعض مرحلة بوش الابن
والآخرون يعرفونها بمرحلة
المحافظين الجدد والحروب
الإستباقية والتعبير الأخير
أكثر دقة لأن هذه المرحلة انتهت
فعليا في بدايات عام 2007 أي قبل
نهاية رئاسة بوش الثانية
بعامين، وتحديدا بعد تنحية
رامسفيلد وتعيين جيتس سكرتيرا
للدفاع. وكما ذكرت في مجالات
مختلفة أن طريقة التعامل
الأمريكي مع القضايا السياسية
عاد مرة أخري للأسلوب المعهود
في فترة بوش الأب و كلينتون
وكارتر، أي أسلوب تحقيق الأهداف
من خلال مزيج من الدبلوماسية
والضغوط الاقتصادية والسياسية
والعسكرية إن لزم الأمر
والاعتماد علي الوسائل
الإعلامية بما في ذلك الإذاعات
الموجهة والانترنت والفيسبوك
والتويتر..الخ وبالطبع الوسائل
الاستخباراتية من مؤامرات
وقلاقل وتغذية الاختلافات
الإثنية والدينية. لن تستخدم أي
إدارة أمريكية في المستقبل
القريب والمتوسط أسلوب الحروب
الاستباقية واحتلال دول وذلك
لفشلها الذريع وتكلفتها
الباهظة في العراق وأفغانستان.
ليس هناك من شك رغم الدعاية
الكاذبة، بأن المقاومة
العراقية قد أغرقت الجيش
الأمريكي في مستنقع حقيقي تحاول
الآن الخروج منه مع الاحتفاظ
بمكاسب سياسية واقتصادية. لقد
أدمت المقاومة العراقية قوات
الاحتلال الأمريكية بشريا
ونفسيا واستنزفت الاقتصاد
الأمريكي وتستعد هذه المقاومة
لمرحلة جديدة لسلب الولايات
المتحدة من مكاسب تتهيأ لأن
تجنيها عن طريق الحكومة
العراقية التي وضعتها في السلطة.
إن تغيير المنهج الأمريكي أملته
المقاومة العراقية التي أجهضت
مشروع القرن الواحد والعشرون
الأمريكي. نؤكد مرة أخري لقد
تغيرت الوسائل ولكن بقيت معظم
الأهداف. وعلينا أن نتساءل ما هي
العوامل وراء النظرة القصيرة
الأمريكية رغم الإمكانات
الاستخباراتية ووجود مراكز
بحثية وللدراسات الاستراتيجية
المتعددة !!
إذاً
شعار التغيير الذي رفعه أوباما
لم يأت من فراغ. المؤسسة الحاكمة
الأمريكية كانت في حاجة ملحة
إلي وجه جديد وخطاب مختلف حتى
تحقق أهدافها بكفاءة وحتى تتخطي
الأزمات التي تسببت فيها
وبنفسها. يتصور خطأً من يعتقد أن
المؤسسة الحاكمة، وبصورة
ميكانيكية، تختار الرؤساء بشكل
خفي وان لها القدرة المطلقة علي
ذلك. لا بد وان نتذكر أن نجاح
أوباما لم يكن محتوما أو سهلا
وأن منافسه ماكين حصل علي أقل
قليلا من نصف الأصوات. لا شك جزء
أساسياً والأكثر ذكاءً من أصحاب
النفوذ الأمريكيين أراد رئيساً
يستطيع تجميل صورة أمريكا ولا
أظن أن أيا منهم تصور أن شخصية
ماكين تؤهله للقيام هذه المهمة
أو أن يثير حماس الحاضرين في
قاعة جامعة القاهرة. إن أصحاب
النفوذ يدركون أن مهمتهم ليست
سهلة ولكنهم بالطبع ساهموا في
ترجيح كفة أوباما بكافة الوسائل
بدأت باختياره مرشح للحزب
الديمقراطي علي حساب هيلاري
كلينتون، رغم قربها الأكبر
لأصحاب النفوذ في الحزب وذلك
لكونها الأقل مصداقية في تبني
شعار التغيير. إن الحنكة
السياسية لأصحاب النفوذ هؤلاء
ترتكز علي قدرتهم من الاستفادة
من الظروف المتاحة وتوظيفها
لمصلحتهم. فها هو
أوباما بشخصيته الساحرة وقدرة
جذبه للشباب وذكاءه الكبير
وقدرته التنظيمية الهائلة
وانضباطه يظهر علي الساحة. أسود
ولكنه ليس تماما أسود فأمه
بيضاء، شارك في معركة الحقوق
المدنية للسود ولكن ليس في
مواجهات مع النظام مثل جيل جيسي
جاكسون، عاش في اندونيسيا وأبوه
من كينيا. هناك
أيضاً بعض المشاكل فهو أسود
وأبوه مسلم وله بعض الأصدقاء
الراديكاليين ولكن كما يقولون
ليست هناك مشكلة ويمكن التعامل
مع كل هذا بل إنه من الممكن
توظيف هذه المشاكل إيجابيا في
هذه المرحلة خصوصا وأن المجتمع
الأمريكي تطور بعض الشيء وأصبح
هناك شباب من البيض في الولايات
الجنوبية يمكن أن يدلوا
بأصواتهم لمرشح أسود. ليس معني
هذا أن العنصرية انتهت في
أمريكا كما كتب البعض فالعنصرية
لا زالت حية وتشمل قطاعات واسعة
من المجتمع الأمريكي. وبسبب
الأزمة الاقتصادية الطاحنة
فإنه من المفيد أن يكون الرئيس
القادم من الحزب الديمقراطي.
وبذلك سعي أصحاب النفوذ بوضع
ثقلهم السياسي والمادي
والإعلامي وراء أوباما. بالطبع
هناك احتمال الفشل وفي هذه
الحالة سيسعي أصحاب النفوذ
ذاتهم في دفع سياسة ماكين نحو
تلطيف الأجواء والانتظار لجولة
أخري من الانتخابات بعد أربعة
سنوات وهي ليست فترة طويلة،
هكذا تدار الأمور تحت رداء
الديمقراطية. ينجح
أوباما تحت شعار "تغيير
نستطيع تصديقة" وأزف الوقت
للتطبيق أو علي الأصح الإيحاء
بان التغيير علي الأبواب وأن
أمريكا ليست سيئة بل علي العكس
هي ظريفة وشديدة الحب للإنسانية!!!
يجيء أوباما إلي مصر وهو في أوج
شعبيته بأمريكا ليوظف شعبيته
وجاذبيته ليعطي صورة طيبة عن
أمريكا وأيضا ليثبت للمؤسسة
الأمريكية ولشعبها قدرته علي
ذلك. وشتان بين زيارة أوباما
وزيارة نيكسون للسادات،
فنيكسون جاء لمصر وهو مأزوم
سياسياً في محاولة فاشلة
ليستفيد من مظاهر شعبية
وإعلامية وظن مصري أنه سيجلب
الخير كما عبر عن ذلك الشيخ إمام
والشاعر نجم في "شرفت يا
نيكسون بابا". لقد
بدأت فعلاً مرحلة جديدة في
الأسلوب وليست في
الاستراتيجية، مرحلة أملتها
الظروف السياسية والاقتصادية
التي تطلبت تناول الأمور بأسلوب
آخر أكثر نعومة مع استمرار
الأهداف ذاتها ووجه جديد يجعل
الملايين تنتظر وترجو الخير.
مرة أخري تستفيد السلطة
الحقيقية من تداول السلطة ومن
التغيير الهامشي. ثانياً-
الارتكازات الفكرية للخطاب Obama's Doctrine- يرتكز
الخطاب علي عدة نقاط فكرية
أهمها: ـ
التوظيف الديني والتاريخي
الانتقائي والمخادع؛ ـ
التكافؤ المستحيل بين الضحية
والمعتدي؛ ـ واجب
الضحية إرضاء المعتدي والتعاطف
لما أصابه في الماضي من آخرين
ونسيان جرائمه في الحاضر؛ - نعومة
الخطاب وغموضه في بعض جوانبه؛ -
التمسك بالسياسات والأهداف
الإمبريالية التقليدية؛ - أسلوب
الوعظ والأبوية- تغذية آمال
التغيير والارتقاب. ومن
الواضح أن هناك عدم تناسق فكري
بين هذه النقاط بل هناك تناقضات
صارخة لأن الخطاب كان صريحا
وواضحا بالنسبة لتوجهات
السياسة الأمريكية الحقيقية
بعيدا عن المغازلات والتعميمات
الإنسانية المعهودة. ورغم هذه
التناقضات المبدئية فهي
متناسقة مع الأهداف السياسية
التي يسعي إليها الخطاب ونستطيع
أن نقول أن الخطاب يدشن ما يمكن
تسميته "بمنهج أوباما" أو
"عقيدة أوباما"،
"Obama
Doctrine".هذه العقيدة تعتمد علي منهج
"التكافؤ" مساواة الضحية
بالمعتدي كما فعل أوباما بالعرب
عموماً و بالنسبة للفلسطينيين
خصوصاً. وبذلك نحن لسنا بصدد
تغيير حقيقي بل علي العكس تماما
هو تكريس للظلم مما يسبب الغضب
الشديد من قبل الضحية بالإضافة
إلي فقدان مصداقية أوباما. وهذا
يذكرنا بموقف أوباما المشابه
أثناء معركة الرئاسة الأخيرة
عندما كان يتحدث عن الوضع
المتردي للسود في أمريكا وكأنه
يضع المسئولية الأساسية علي
أكتافهم مما جعل جيسي جاكسون
أحد زعماء السود يعبر عن
استيائه بألفاظ جارحة اعتذر
عنها لاحقاً، ورغم ذلك كان
جاكسون محقاً في غضبه وهو الذي
خاض ويخوض المعارك الكثيرة من
أجل الحقوق المدنية
والاقتصادية للسود. كما طبق
نفس مبدأ التكافؤ هذا في مواقع
أخري عندما قال"....لكن نفس
المبدأ يجب أن ينطبق على صورة
أميركا لدى الآخرين، ومثلما لا
تنطبق على المسلمين الصورة
النمطية البدائية فإن الصورة
النمطية البدائية للإمبراطورية
التي لا تهتم إلا بمصالح نفسها
لا تنطبق على أميركا،.....".
وهنا لا بد من الإشارة إلي
الصورة البشعة والغير حقيقية عن
العرب والمسلمين في السينما
والتليفزيون الأمريكية والتي
لا تقل تشويها عن صورة السود
النمطية في عقود سابقة ليست
بعيدة، مثل صورة الأسود في
ولادة أمة أو إيموس وآندي
والمئات من الأفلام التي تحقر
من الأسود وتصوره بالغباء
والبلاهة. أظن أن نقطة البداية
هنا تكون بنقد العنصرية
والإزدراء للعربي وللمسلم في
وسائل الترفيه الأمريكية. أما عن
صورة أمريكا الحالية ليس فقط
عند العرب والمسلمين ولكن
عالمياً فهي لا تستند إلي توجه
عنصري إنما تغذيها الممارسات
العدوانية والجرائم المتتابعة
في أفريقيا (علي سبيل المثال
اغتيال لومومبا وتأييد عصابات
رينامو بموزنبيق ونظام الفصل
العنصري في جنوب أفريقيا)
وأيضاً في أمريكا اللاتينية (محاولات
اغتيال كاسترو والمساهمة في
القضاء علي أيندي ودعم السفاح
بينوشيه) وفي آسيا (حرب فيتنام
وكامبوديا) أما في أمتنا
العربية فالأمثلة كثيرة نسوق
منها التعذيب في سجن أبو غريب
وقصف ملجأ العامرية وعلي رأسها
مساندة الكيان العنصري المغتصب
لفلسطين.
ثالثاً-
التوظيف الديني في الخطاب
إن الهدف من دغدغة المشاعر
الدينية كان دوماً استغلال
العواطف الدينية لإثارة
الإعجاب والقبول بأشياء مرفوضة....ينجح
هذا الأسلوب خصوصاً لدي الذين
يتمتعون بثقافة دينية مسطحة
والذين أصبح التدين لديهم هو
أقرب للعصبية فيعجبهم الأجنبي
الذي يقتبس من القرآن بعض
الآيات المنتقاة رغم
استخداماتها المخادعة أو في غير
السياق المقصود منها. ورغم ذلك
فنجاح هذا الأسلوب وتأثيره
سرعان ما يتلاشي أو يتآكل عندما
تأتي الأحداث فتكشف زيفه وأنه
مجرد علاقات عامة. ويعجب
القاريء عندما يدرك أن المقولات
التي جاءت في خطاب أوباما والتي
تقع تحت باب المناغاة الدينية
هي في الواقع تمثل أكثر قليلاً
من عشر الخطاب الذي شمل العديد
من الموضوعات السياسية
والاقتصادية والاجتماعية. وعلي
سبيل المثال وليس الحصر: .....
بتحية السلام من المجتمعات
المحلية المسلمة في بلدي:
السلام عليكم....... لقد أتيت إلى
هنا للبحث عن بداية جديدة بين
الولايات المتحدة والعالم
الإسلامي...... وينص لقرآن الكريم
على ما يلي "اتقوا الله
وقولوا قولا سديدا"...... كان
والدي من أسرة كينية تشمل
أجيالا من المسلمين،....واستمعت
إلى الأذان ساعات الفجر والمغرب........ أدرك
بحكم دراستي للتاريخ أن الحضارة
مدينة للإسلام......، وأظهر
الأسلام على مدى التاريخ قلبا
وقالبا الفرص الكامنة في
التسامح الديني والمساواة بين
الأعراق......
أن الإسلام
كان دائما جزءا لا يتجزأ من قصة
أميركا، حيث كان المغرب أول بلد
اعترف بالولايات المتحدة
الأميركية،........ ساهم المسلمون
الأميركان في إثراء الولايات
المتحدة.. .....تم
أخيرا انتخاب أول مسلم أميركي
في الكونغرس....... قام...... بأداء
اليمين الدستورية مستخدما.....نسخة..
القرآن الكريم (الخاص ب)...توماس
جيفرسون..........وجود أكثر من 1200
مسجد داخل حدودنا،.....إجراءات
المقاضاة من أجل صون حق النساء
والفتيات في ارتداء الحجاب
ومعاقبة من يتجرأ على حرمانهن
من ذلك الحق...... (في حديثه عن
القاعدة)......ينص القران الكريم
على أن "من قتل نفسا بغير نفس
أو فساد في الأرض فكأنما قتل
الناس جميعا ومن أحياها فكأنما
أحيا الناس جميعاً.........وعندها
تصبح مدينة القدس وطنا دائما
لليهود والمسيحيين والمسلمين،
المكان الذي يستطيع فيه أبناء
سيدنا إبراهيم عليه السلام أن
يتعايشوا في سلام تماما كما ورد
في قصة الإسراء عندما أقام
الأنبياء موسى وعيسى ومحمد سلام
الله عليهم الصلاة معا...........هذه
البداية الجديدة، آخذين بعين
الاعتبار ما جاء في القران
الكريم "يا أيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم
شعوبا وقبائل لتعارفوا"،... لا شك
أن الخطاب مليء باستخدامات
دينية مليئة بالتناقضات
والمغالطات التي يعتبرها
المسلم "المثقف" امتهان
للذكاء فمثلاً ما قيمة استخدام
نسخة القرآن لجيفرسون (المعروف
بعنصريته رغم معاشرته فتاة
سوداء ورثتها زوجته) لأداء عضو
الكونجرس اليمين مؤخراً بل ما
قيمة انتخاب أمريكي مسلم أو
أسود أو إمرأة إذا كانت مواقفهم
لا تختلف عن النمط السائد؟ كولن
باول الأسود هو الذي كذب علي
العالم كله بما في ذلك الشعب
الأمريكي بادعائه أن العراق
تمتلك أسلحة دمار شامل
وكونداليسا رايس سوداء وامرأة
ومواقفها الرجعية معروفة وهناك
العديد من المسلمين الذين خانوا
أوطانهم وذاقوا شعوبهم العذاب
وسرقوا الملايين من أموال
شعوبهم فلا اللون ولا الدين ولا
الجنس وحده دليل علي أي شيء. تحدث
أوباما عن "شراكة بين الإسلام
وأمريكا" أي بين دين ودولة
وهذا أمر يدعو للدهشة! ثم تحدث
كيف أن هناك".. قواسم ومبادئ
مشتركة يلتقيان عبرها ألا وهي
مبادئ العدالة والتقدم
والتسامح وكرامة كل إنسان...".
ولنا أن نتسائل أين العدل في
سياسات أمريكا خصوصاً بالنسبة
إلي تعاملها مع الفلسطينيين؟
إن أوباما ومن صاغوا خطابه
يُعرفُون قضايا هامة ومتعددة
الأبعاد من نافذة دينية. كان بوش
الابن يستخدم الدين ليبرر حروبه
الاستباقية ضد "محور الشر"
التي وصفها ب"Crusade" أي حملة صليبية وأحيانا كان يستمد
الوحي من "الأب" (وكما أكد
لم يقصد والده بل الإله نفسه).
أما أوباما الذي جاء ليلطف
الأجواء بعد الفشل الذريع
للقوات الأمريكية في العراق
وتعثرها في أفغانستان فيستخدم
لغة مغايرة تماماً لسلفه، ورغم
ذلك فكل منهما يعرف القضايا من
منظار ديني ويستخدم لغة الدين
في خطابه. ثم ما علاقة صلاة
الرسل بالقدس بنتنياهو الذي
يحتل القدس، هل يرضي هؤلاء
الرسل جميعا بذلك وبطرد
الفلسطينيين من بيوتهم في القدس
والاستيلاء عليها. إن أي سلام
يقنن هذا الظلم هو سلام ظالم
ومرفوض بالاضافة الي كونه هشاً.
وهل الذين يصرون علي التحرير هم
متطرفون كما وصفهم أوباما، أو
إرهابيون كما نعتهم بوش الابن؟
أم أنهم ينفذون ما يمليه
عليهم الوطن والدين بل
والانسانية بضرورة رد المعتدين
ومقاومتهم وتحرير الأوطان. إن
الأبوية التي غمرت كثير من
فقرات الخطاب قد تتناغم مع
هؤلاء الفاقدين للثقة في أنفسهم
ومبادئهم ولكنها تتناقض بوضوح
مع الاحترام المتبادل الذي ذكره
أوباما نفسه مرارا في خطابه. يبدوا
أن الذين صاغوا الخطاب بما فيه
أوباما نفسه لم يدركوا أن
المصريين سمعوا خطابات سابقة
تستخدم الإسلام للتضليل
والخداع. نسوق هنا مثالين من عدة. ففي
التاريخ القريب أشار الرئيس
كارتر إلي آية قرئانية تقول "
وإن جنحوا للسلم فإجنح لها.."
لتبرير معاهدة أطلق عليها إسم
السلام التي وقعها السادات في
غياب كامل من مشاركة شعبية ولكن
هذا لم يزعج دعاة الديمقراطية.
وممارسات إسرائيل خير شاهد إذا
كانت إسرائيل قد جنحت للسلم أم
جنحت بشدة للحرب ( ضرب المفاعل
العراقي- اجتياح لبنان-
الاعتداءات المتكررة علي لبنان
وعلي الضفة الغربية وغزة ومسلسل
طويل من المؤامرات والاغتيالات!!). وفي
التاريخ الأبعد جاء نابليون
ليحتل مصر وجاء معه المدفع
والمطبعة وخرج نابليون ومعه
المدفع ولكن بقيت المطبعة (كما
كان يقول المثقف المصري العظيم
كامل زهيري). لم يسلم الشعب
المصري من تدمير مدافعه ولم
يسلم أيضا من خداع بياناته التي
أنتجتها مطبعته. لم يحتاج
أوباما للمدافع فهي محيطة بنا
من كل جانب في القواعد العسكرية
وحاملات الطائرات الأمريكية
ولكنه احتاج للإعلام بوسائله
المختلفة خصوصا التليفزيون
الذي استخدمه بحنكة حتي أن
الكثيرون زاد إعجابهم عندما
تصورا أن الخطاب كان ارتجاليا
ولم يدركوا أنه كان يستعمل
التليبرومبتر ويقرأ منه. والآن
سأسوق مقتطفات من بيان بونابرت
الأول كما جاء في الجبرتي: "(
بسم الله الرحمن الرحيم) لا اله
الا الله لا ولد له ولا شريك له
في ملكه من طرف......أمير الجيوش
الفرنساوية بونابرته.....يا أيها
المصريون قد قيل لكم أنني ما
نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة
دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه
وقولوا للمفترين انني ما قدمت
إليكم إلا لأخلص حقكم في يد
الظالمين وأنني أكثر من
المماليك أعبد الله سبحانه
وتعالي وأحترم نبيه والقرآن
العظيم....إن الفرنساوية هم
أيضاً مسلمون مخلصون وإثبات ذلك
أنهن قد نزلوا في رومية الكبري
وخربوا فيها كرسي البابا الذي
كان دائماً يحث النصاري علي
محاربة الإسلام ثم تصدوا جزيرة
مالطه وطردوا منها الكواللرية
الذين كانوا يزعمون أن الله
تعالي يطلب منهم مقاتلة
المسلمين......." بعد
ديباجة طويلة شملت أغلب البيان
انتهت فجأة الممالئة الدينية
وجاءت التهديدات الصريحة وهي
بيت القصيد: "المادة الأولي-
جميع القري الواقعة في دائرة
قريبة بثلاث ساعات عن المواضع
التي يمر بها عسكر الفرنساوية
فيجب أن ترسل.....أنهم أطاعوا
وأنهم نصبوا علم الفرنساوية...المادة
الثانية- كل قرية تقوم علي
العسكر الفرنساوي تحرق بالنار......المادة
الخامسة-.......ينبغي أن- الأهالي-
يشكروا الله سبحانه وتعالي
لانقضاء دولة المماليك قائلين
بصوت عال أدام الله اجلال
السلطان العثماني أدام الله
اجلال العسكر الفرنساوي لعن
الله المماليك.....آخر محرم 1213ه
"( يوليه 1798 ). إن من
يقرأ أكثر من ثلثي بيان بونابرت
يقتنع أنه رجل مثالي جاء لنشر
" الحرية-المساواة-الإخاء)
كما صدقه بتهوفن فألف سيمفونيته
الرائعة تمجيداً له ولكنه لعن
بتهوفن بعد ذلك عندما رأي
أساليبه القهرية. كذلك عندما
نقرأ الجزء الأخير من خطاب
نابليون الجذاب نعرف نواياه
الحقيقية. وهذا يؤكد ضرورة
القراءة المتفحصة للبيانات
والتمعن والتفكير في الخطابات
خصوصاً وإذا كانت جذابة. لم يكن
خطاب أوباما الماكر بفجاجة بيان
نابليون ولم تكن تهديدات أوباما
واضحة. لم يُعِرف أوباما من هم
المتطرفون فتارة يتحدث عن
القاعدة وتارة يجمع بين القاعدة
وطالبان وتارة يتحدث عن عنف
حماس وهو لم يذكر عنف إسرائيل
باختصار نستنتج أن تعريف أوباما
للمتطرفين هو نفسه تعريف بوش
للإرهابيين وهو أيضا تعريف
إسرائيل وبذلك نعتبر أن هذا
الخلط المتعمد يجعلنا نعتبر بعض
مقولاته المعممة تشمل تهديدات
للمقاومة في العراق وفلسطين
وأفغانستان. هذا رغم أن
المواثيق الدولية تعترف بشرعية
المقاومة للمحتل بما في ذلك
المقاومة المسلحة وفي نفس الوقت
تدين وتجرم التفجيرات التي
تستهدف المدنيين سواء من
المقاومة أو من القوات
الأمريكية وقوات حلف الأطلنطي. قال
أوباما في أماكن متفرقة:".....إن
متانة الأواصر الرابطة بين
أميركا وإسرائيل معروفة على
نطاق واسع ولا يمكن قطع هذه
الأواصر أبدا،..." ترجمة ذلك
الواضحة والعملية ان مهما فعلت
إسرائيل من جرائم فهذا مسموح به
بل أننا سنستمر بتزويدها بأدوات
الدمار والقتل بما في ذلك
القنابل الفوسفورية وقنابل
الدايم ومسموح لها ان تغتال من
تشاء وتأسر من تشاء أين العدا
وأين اتقاء الله والقول
السديد؟؟ا أما عن التهديد
الضمني يقول أوباما
"... ورغم ذلك كله لن تشهد
أميركا أي حالة من الضعف
لإرادتها، ولا ينبغي لأحد منا
أن يتسامح مع أولئك المتطرفين....لأ
يمكن ان نتسامح مع عنف
المتطرفين.....عزل المتطرفين مع
عدم التسامح معهم داخل
المجتمعات الإسلامية.....هناك
البعض الذين يسعون إلي تأجيج
نيران الفرقة والانقسام
والوقوف في وجه التقدم، ويقترح
البعض أن الجهود المبذولة في
هذا الصدد غير مجدية ويقولون إن
الاختلاف فيما بيننا أمر محتم." بعد
لهجة المغازلة، بدأت لهجة
وألفاظ أخري مثل "...لا يمكن...
ولا ينبغي.... ولن..." بالإضافة
إلي "...ضرورة عزل المتطرفين..."
وإدانة "..... لمن يسعي إلي
تأجيج نيران الفرقة والانقسام"
أي إدانة الذين يرفضون الرضوخ
للإملاءات الأمريكية
والصهيونية، ثم يؤكد "..... لن
تشهد أميركا أي حالة من الضعف
لإرادتها، ولا ينبغي لأحد منا
أن يتسامح مع أولئك المتطرفين......
إن أعمالهم غير متطابقة على
الإطلاق مع كل من حقوق البشر
وتقدم الأمم والإسلام، إذ ينص
القران الكريم على أن "من قتل
نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض
فكأنما قتل الناس جميعا ومن
أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا". رابعاً
- استخدامات انتقائية للتاريخ إن
استخدامات أوباما الانتقائية
حقا مدهشة! فيقول أوباما: "....
حيث كان المغرب أول بلد اعترف
عام 1778 بالولايات المتحدة
الأميركية بعد استقلال الأخيرة
قبل عامين، وبمناسبة توقيع..........
جون أدامس عام 1796 على معاهدة
طرابلس..... كتب... أن "الولايات
المتحدة لا تكن أي نوع من
العداوة تجاه قوانين أو ديانة
المسلمين أو حتى راحتهم".
ولكن أوباما أغفل ذكر أنه بعد
خمسة أعوام فقط من توقيع معاهدة
طرابلس، بدأت الحرب الطرابلسية
(1801-1805)وهي اولى حربين خاضتها
الولايات المتحدة الأمريكية ضد
دول شمال أفريقيا المعروفة في
ذلك الوقت جماعيا باسم الدول
البربرية. هذه الدول كانت :
سلطنة المغرب المستقلة، وثلاثة
من الولايات (الجزائر، تونس،
وطرابلس )، والتي كانت شبه
مستقلة اسميا والمنتمية
للامبراطورية العثمانية.
وبالتوازي مع الحصار كانت
أمريكا تعمل من خلال قنصلها في
تونس، وليم ايتون، على خطة
لتغير نظام طرابلس عبر استمالة
احمد باشا القراملي شقيق حاكم
طرابلس يوسف الذي وافق بلعب دور
العميل. جهزت قوة من المرتزقة
بقيادة ضابط الجيش الاميركي
وليام دايتون ( دايتون آخر غير
دايتون الذي يدرب قوات عباس-
أبومازن سابقا- الآن في الضفة
الغربية لمواجهة من يعرفهم
أوباما بالذين يسعون ".... إلي
تأجيج نيران الفرقة والانقسام").
وتعتبر هذه الفرقة هي أول فرقة
مشاة بحرية أمريكية (مارينز).
وهاجمت شرق ليبيا عبر الحدود مع
مصر وغزت مدينة درنة النائية
ورفع علم الولايات المتحدة على
قلعتها. وبذلك اعتبرت أول قطعة
ارض تحتلها الولايات المتحدة في
تاريخها. كما أشار أوباما إلي"
كلمات أحد كبار رؤسائنا توماس
جيفرسون الذي قال إنني أتمنى أن
تنمو حكمتنا بقدر ما تنمو
قوتنا، وأن تعلمنا هذه الحكمة
درسا مفاده أن القوة ستزداد
عظمة كلما قل استخدامها".
ولكنه لم يذكر ما قاله نفس هذا
الرئيس الكبير عندما كان يستعد
لخوض الحرب ضد حاكم طرابلس "سوف
نلقن هذا الأبله، درسا لن ينساه
في فنون القتال"..... "وسنجعله
نصرا مدويا ندشن به حقبة جديدة
لأسطولنا وتواجدنا العسكري في
أكثر مناطق العالم حيوية، وبهذا
أيها السادة نكون قد خطونا
الخطوة الأولى نحو بناء "
الامبراطورية الأمريكية". إن
أحلام الإمبراطورية الأمريكية
هي جزأ لا يتجزأ من نشأة
الولايات المتحدة منذ بداية
تاريخها ولكنها برزت بوضوح بعد
الحرب العالمية الثانية بعد
امتلاكها القنابل النووية
وقيادتها للإقتصاد العالمي مما
جعلها قوة عظمي وبعد انهيار
جدار برلين أصبحت القوة العظمي
الوحيدة دون منازع مما شجع
المحافظين الجدد بإعلان
المشروع الأمريكي للقرن الواحد
والعشرين قبل أحداث 11 سبتمبر 2001
ببضعة سنوات. هذا المشروع يقوم
علي عدم احترام القانون الدولي
ولا المؤسسات الدولية التي
ساهمت الولايات المتحدة في
إنشائها، ولا السيادة الوطنية
للدول الأخري وفي إطار هذا انهج
شنت حروبها الاستباقية مستفيدة
من أحداث سبتمبر لتبريرها ولكن
المقاومة للاحتلال الأمريكي
وحلف الناتو أفشلت هذه المخططات
مما اضطر بوش الابن من تغيير
سياساته منذ تعيينه جيتس وزيرا
للدفاع في أواخر فترة حكمه
الثانية. وجدير بالذكر أن
الأدميرال ميهان الأمريكي هو
الذي صاغ مصطلح "الشرق الأوسط"
لفي مقال نشر عام
1902بالناشونال ريفيو يقول
فيه أن الشرق الأوسط يحتاج إلي
مالطا أو جبل طارق لخدمة القوة
البحرية البريطانية (القوة
العظمي في ذلك الوقت). إذاً
أحلام الإمبراطورية الأمريكية
قديمة قدم استقلال الولايات
المتحدة واستمرار سياساتها
العدوانية ضد الوطن العربي ودول
الشرق الأوسط هو الذي يؤكد
تطابق "الصورة النمطية
البدائية للامبراطورية التي لا
تهتم إلا بمصالح نفسها" التي
نفاها أوباما بل أن الصورة
ازدادت قبحاً نتيجة للممارسات
الإجرامية في العراق
وأفغانستان والتأييد المطلق
لدولة عنصرية عدوانية خربت
مستقبل الأمة العربية، وتدخلها
المستمر في شئون دولها الداخلية
بحجة تنمية الديمقراطية مثل
تدخلها السافر في لبنان والخبيث
في إيران مؤخراً. من
المنطق أن نقول أن الذي يريد
بداية جديدة لا بد وأن يعي دروس
التاريخ عموماً ولا ينتقي ما
يشاء و يهمل ما يشاء فلا بد
الرجوع للحقائق التاريخية
بالنسبة مثلا إلي التاريخ
البغيض للعداء للسامية في
أوروبا ومسئولية الهولوكوست
وكيفية نشأة إسرائيل ومسئولية
أمريكا وأوروبا فيما آلت إليه
الأحوال في إيران وأفغانستان
والعراق وبقية العالم العربي.
بدون ذلك لا استفادة من دروس
التاريخ بل إن تكرارها شبه مؤكد. خامساً-
التوتر..والعنف ومعالجته في
مفهوم أوباما قال
أوباما "...التوتر بين
الولايات المتحدة والعالم
الإسلامي،... تمتد جذوره إلى قوى
تاريخية.... العلاقة بين الإسلام
والغرب قرونا سادها حسن التعايش
والتعاون، كما تشمل هذه العلاقة
صراعات وحروبا دينية..........
وساهم الاستعمار..... في تغذية
التوتر....... كما ساهم في ذلك
الحرب الباردة التي عوملت فيها
كثير من البلدان ذات الأغلبية
المسلمة -بلا حق- كأنها مجرد دول
وكيلة..... (و)....التغيير الكاسح
الذي رافقته الحداثة والعولمة
بالعديد من المسلمين إلى اعتبار
الغرب معاديا لتقاليد الإسلام." لاحظ أن
أوباما يعتبر أن الاستعمار ساهم
في تغذية التوتر بين الولايات
المتحدة والعالم الإسلامي،
مجرد مساهمة وليس الفاعل الأصلي.
وإذا كان دور الاستعمار الذي
فرض هيمنته علي العالم الثالث
والذي ارتكب المجازر حتي يستمر
في نهب ثرواته والتخلف الذي
تعاني منه هذه الدول حتي الآن
مجرد مساهمة فمن المساهم
الأساسي؟ يقول أوباما "......
استغل المتطرفون.... التوترات.....في.....
ارتكاب أعمال العنف ضد المدنيين(أحداث11
سبتمبر/أيلول)، الأمر الذي حدا
بالبعض في بلدي إلى اعتبار
الإسلام معاديا لا محالة......ونتج
عن ذلك مزيد من الخوف وعدم الثقة."
وماذا عن المتطرفين اليمينيين
بأمريكا الذين فجروا المبني
الفيدرالي بأوكلاهوما عام 1995
وكان هذا هو أكبر عمل إرهابي في
أمريكا قبل إعتدائات سبتمبر في
2001. ولماذا لا يستخدم مصطلح "
الإرهاب المسيحي" علي هؤلاء؟
إن اعتبار 11 سبتمبر التي لا
نبررها مطلقاً، هو المحرك
الأساسي لاعتبار الإسلام
معاديا هو تبسيط مخل ولكننا
يمكن أن نقول أن أحداث سبتمبر
استخدمت كمنطلق لسياسة مبيتة
منذ سقوط جدار برلين أي انهيار
الاتحاد السوفيتي للبدأ في
ممارسات الحروب الاستباقية
وليس المسبب لها. ومن هم
المتطرفون أو كما يسميهم البعض
"الإرهابيون"؟ أيشمل هؤلاء
الذين قاوموا الاستعمار مثل
الماوماو في كينيا، موطن والد
أوباما! أو في أماكن عديدة أخري
في أفريقيا وغيرها. هل كان جورج
واشنطن متطرف
أو إرهابي عندما سعي
للاستقلال عن بريطانيا
بالمواجهة العسكرية أي بالعنف؟ يقول
أوباما... "هذا، وما لم نتوقف
عن تحديد مفهوم علاقاتنا
المشتركة...... فإننا سنساهم في
تمكين أولئك الذين يزرعون
الكراهية ويرجحونها على السلام
ويروجون للصراعات ويرجحونها
على التعاون الذي من شأنه أن
يساعد شعوبنا على تحقيق
الازدهار. ماذا
يقصد أوباما؟ هل الفلسطينيون
الذين يقاومون القوات
الإسرائيلية المحتلة
والاستعمار الاستيطاني في
أرضهم متطرفون" هل
الفلسطينيون الذين يقاومون
القوات الإسرائيلية المحتلة
والاستعمار الاستيطاني في
أرضهم متطرفون؟ وماذا عن من
يزرع الألغام ويلقي بالقنابل
الفوسفورية وقنابل الدايم
الأمريكية ومن يزود أسلحة
الدمار هذه ومن يدمر أوطان
بأكملها؟ هل زارع للحب والسلام
أو ناشري الديمقراطية
والمساواة؟ هل هم "متطرفون"
علي قدم المساواة مع المدافعين
عن أوطان عاشوا فيها قرونا
طويلة وليست أوطان مسلوبة؟ يتحدث
أوباما عن "..... مبادئ العدالة
والتقدم والتسامح وكرامة كل
إنسان.....". ويقول أن "التغيير
لا يحدث بين ليلة وضحاها، ولا
يمكن لخطاب واحد أن يلغي..." إن
للتغيير شروطا مسبقة أولها
الاعتراف الواضح بالجرائم التي
ارتكبت ثم الاعتذار عنها ثم
محاولة تصحيح الأوضاع وليس
نسيانها. ليس من بدايات التغيير
تتفيه دور الاستعمار والاحتلال
أو اعتبار السبب هو كراهية
وارتياب وشقاق أو حاجز نفسي كما
قال الرئيس المصري السابق
السادات. إن مبدأ قتل النفس
وإنما قتل الناس جميعا الذي
استشهد به أوباما لا تنطبق فقط
علي مجموعة دون أخري. فهي تشمل
قتل المدنيين في نيويورك وفي
العراق وغزة وأفغانستان وفي أي
مكان ومن أي مصدر، ولكنها لا
تشمل رد المحتل الغاصب. إن
البداية الجديدة حتي تكون ناجحة
يجب ان تعتمد علي العدل وإرجاع
الحقوق لأصحابها. ونحن ندرك
تماما أنه من المستحيل لأي
إدارة أمريكية بما في ذلك إدارة
أوباما ًأن تتبني مثل ذلك لأن
رجوع الحقوق لأصحابها يتبع
طريقا آخر وتحكمه معايير أخري،
كما أنه يؤدي إلي تفكيك
الإمبراطورية الأمريكية ويقضي
علي وكلائها الإقليميين
والمحليين. أ-
فلسطين لا شك
أن جرعة المغالطات في خطاب
أوباما وصلت ذروتها عندما تحدث
عن القضايا الوطنية العربية أو
ما أسماها المصدر الرئيسي
الثاني للتوتر"... هو الوضع
بين الإسرائيليين والفلسطينيين
والعالم العربي"، فتأكيده
علي عدم شرعية استمرار
المستوطنات في الأراضي المحتلة
فيه خبث شديد فهو يعني أن
الاستمرار هو الغير شرعي والذي
مضي فلقد مضي. يعلم أوباما جيداً
أن حكومة نيتنياهو الإسرائيلية
ستعارض هذا بشدة وتصبح القضية
هي استمرار المستوطنات وندخل في
نقاش حول ما إذا كانت عدم
الشرعية تشمل إنشاء مستوطنات
جديدة ولا تشمل التوسع الطبيعي!!
بالطبع أسعد هذا الإعلان قيادات
أوسلو الفلسطينيين وبقية "المعتدلين"
العرب واعتبروه بداية مواجهة
أمريكا مع الإسرائيليين
المتشددين وإنجازاً كبيراً.
يتناسي هؤلاء أن رؤساء أمريكيين
سابقين أعلنوا أن ضم القدس
الشرقية واعتبارها عاصمة
لإسرائيل وأن المستوطنات في
الأراضي المحتلة غير شرعي وتحدث
أكثر من مرة عن الشرعية الدولية...الخ
فما الذي حدث؟ إن فن المراوغة
وصرف النظر عن لب الموضوع لا يصح
أن يخدعنا، القضية هنا هي
الاحتلال الصهيوني الغير شرعي
وغير قانوني وغير إنساني. انظر
إلي ما يقوله أوباما ".... لقد
تعرض اليهود علي مر القرون
للاضطهاد..وقوع المحرقة" "
ومن ناحية أخري فلا يمكن نفي ان
الشعب الفلسطيني قد عاني أيضا
ًفي سعيه إلي إقامة وطن خاص له...."
مرة أخري منهج التكافؤ الذي
يساوي بين الضحية والمعتدي وكأن
كلاهما يسعيان لتحقيق نفس
الطموحات. إن القضية تكمن في أن
إسرائيل تحقق فعلا أهدافها علي
حساب أصحاب الأرض. إن محاولة
إعطاء مظهر لموقف متوازن الذي
يستخدم معيارا واحد هو التضليل
بذاته. يبدوا أن قراءة أوباما
للتاريخ أغفلت حقائق كثيرة
أحدها أن الفلسطينيين لهم فعلاً
وطن يعيشون فيه ولكنه وطن مغتصب
من قبل أوربيين يهود. يقول
أوباما أن اليهود تعرضوا ".....
على مر القرون للاضطهاد...."
وهو محق في ذلك ئم يسترسل ويتحدث
عن المحرقة وأنه سيقوم "... غدا
بزيارة معسكر بوخنفالد..." في
ألمانيا. يا للعجب ما علاقة
الفلسطينيون والعرب عموماً
بهذا يبدوا أن خطاب أوباما في
القاهرة اختلط بالخطأ بخطاب
بوخنفالد. أليس من المنطق
البسيط أن تتحمل ألمانيا
وأوروبا عموما خطايا وجرائم
معاداة السامية والعنصرية؟ لاحظ Charles
Hirschkind أن أوباما يعبر عن المآسي
الفلسطينية بطريقة مجردة تبعد
إسرائيل تماماً من المشهد
وبالتالي يخليها من أي مسئولية.
يتحدث أوباما عن التشريد ولكن
لا ذكر لكيف حدث ومن المسئول عنه.
يذكر أن الفلسطينيون يتحملون
الإهانة والتي تأتي مع الاحتلال
وكأن المسبب لذلك كائنات خفية
أو نتيجة لظاهرة طبيعية. يتحدث
عن تحطم العائلات الفلسطينية
ولا ذكر للأفعال الإسرائيلية
الإجرامية التي أدت إلي ذلك.
ولكن من ناحية أخري لا يمكن
لأوباما أن يذكر هذه الأمور
والسلطة الأمريكية هي التي زودت
الكيان الصهيوني بأدوات الدمار
الحديثة والفظيعة فيما تحدثه من
دمار وقتل وتمزيق الأجساد مثل
القنابل الفوسفورية وقنابل
الدايم الفتاكة. تحدث أوباما
كثيراً عن العنف وطالب
الفلسطينيين بوقفه فهل طالب
حليفته الاستراتيجية إسرائيل
بالكف عن العنف؟ يقول
أوباما بوضوح "....إن متانة
الأواصر الرابطة بين أميركا
وإسرائيل معروفة على نطاق واسع
ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبدا،...."
معني ذلك أن سياسة أمريكا قبل
وبعد أوباما هي التأييد الكامل
لإسرائيل بصرف النظر عن
ممارساتها للعنف وبناء
المستوطنات والأسلحة المحرمة
التي تزودها بها أمريكا ( قنابل
عنقودية وفوسفورية والدايم...
الخ) والاغتيالات وضم الأراضي
وأسر الآلاف من الفلسطينيين
وإقامة جدار عازل مثل جدار
برلين. مهما فعلت فلا يمكن قطع
أواصر العلاقة أبداً. فالخطاب
العربي الذي يفترض "تحييد
أمريكا" أو أن اللوبي
الصهيوني هو الذي يملي إرادته
علي السياسة الأمريكية هو خطاب
أقل ما يقال عنه أنه خطاب خاطئ
تماما. نقولها مرارا ومنذ سنين
بعيدة بأن السياسة الأمريكية
تعكس سياسة إمبريالية تلعب فيها
إسرائيل دور محوري ويقوم
الإتحاد الأوروبي خصوصاً
بريطانيا بالدور المساند
وافتراض غير ذلك هو الوهم بعينه.
يسترسل
أوباما ويحدد معالم سياساته أو
بصورة أكثر دقة السياسات
الأمريكية ويحدد ما يجب أن
يفعله الفلسطينيون وهو التخلي
عن المقاومة والرضوخ للاملاءات
الإسرائيلية/ الأمريكية فيقول
"..... ويتعين على حركة حماس حتى
تؤدي دورها في تلبية طموحات
الفلسطينيين وتوحيد الشعب
الفلسطيني، أن تضع حداً للعنف
وأن تعترف بالاتفاقات السابقة
وأن تعترف بحق إسرائيل في
البقاء." ثم يدين الفلسطينيبن
وكأن الأمور كانت مختلفة قبل
إطلاق الصواريخ المصنعة محليا
فيستمر بالقول "وأن إطلاق
الصواريخ على الأطفال
الإسرائيليين في مضاجعهم أو
تفجير حافلة على متنها سيدات
مسنات لا يعبر عن الشجاعة أو عن
القوة،....." ثُم يعود لأسلوب
التكافؤ ويتحدث عن شعبين" لكل
منهما طموحاته المشروعة ولكل
منهما تاريخ مؤلم يجعل من
التراضي أمرا صعب المنال."
"...وفي نفس الوقت يجب على
الإسرائيليين الإقرار بأن حق
فلسطين في البقاء حق لا يمكن
إنكاره، مثلما لا يمكن إنكار حق
إسرائيل في البقاء." "إن
الولايات المتحدة لا تقبل
مشروعية من يتحدثون عن إلقاء
إسرائيل في البحر، كما أننا لا
نقبل مشروعية استمرار
المستوطنات الإسرائيلية. إن
عمليات البناء هذه تنتهك
الاتفاقات السابقة وتقوض من
الجهود المبذولة لتحقيق السلام..
لقد آن الأوان لكي تتوقف هذه
المستوطنات." " كما يجب على
إسرائيل أن تفي بالتزاماتها
لتأمين تمكين الفلسطينيين من أن
يعيشوا ويعملوا ويطوروا
مجتمعهم، لأن أمن إسرائيل لا
يتحقق عبر الأزمة الإنسانية في
غزة التي تصيب الأسر الفلسطينية
بالهلاك أو عبر انعدام الفرص في
الضفة الغربية......إن التقدم في
الحياة اليومية التي يعيشها
الشعب الفلسطيني يجب أن يكون
جزءا من الطريق المؤدي إلى
السلام، ويجب على إسرائيل أن
تتخذ خطوات ملموسة لتحقيق مثل
هذا التقدم. ثم يتحدث أوباما عن
التاريخ فيقول...." وينطوي هذا
التاريخ على حقيقة بسيطة ألا
وهي أن طريق العنف طريق مسدود...".
"... ولكننا إذا نظرنا إلى هذا
الصراع من هذا الجانب أو من
الجانب الآخر، فإننا لن نتمكن
من رؤية الحقيقة.....". لا أدري
من أين جاء أوباما بحقائق
التاريخ فعنوان الاستعمار
الأساسي هو العنف والنهب و
تاريخ التحرر من الاستعمار
والعبودية يشمل العنف المشروع،
وإذا كان طريق العنف مسدوداً
فكيف تستمر أمريكا في استخدامه؟ يعرف
أوباما المسار الواجب علي
الفلسطينيين إتباعه والذي
سيؤدي للسلام الذي تنشده
إسرائيل فيقول
".... والآن على
الفلسطينيين تركيز اهتمامهم
على الأشياء التي يستطيعون
إنجازها، ويجب على السلطة
الفلسطينية تنمية قدرتها على
ممارسة الحكم من خلال مؤسسات
تقدم خدمات للشعب وتلبي
احتياجاته......"
ويعود للمغازلة الدينية
ويتحدث عن صلاة الأنبياء في
المسجد الأقصي. ويختتم
أوباما معالم السياسة
الأمريكية فيؤكد".... يجب على
الدول العربية أن تعترف بأن
مبادرة السلام العربية كانت
بداية هامة، وأن مسؤولياتها لا
تنتهي بهذه المبادرة، كما ينبغي
عليها أن لا تستخدم الصراع بين
العرب وإسرائيل لإلهاء الشعوب
العربية عن مشاكلها الأخرى، بل
يجب أن تكون هذه المبادرة سببا
لحثهم على العمل لمساعدة الشعب
الفلسطيني على تطوير مؤسساته
التي ستعمل على مساندة الدولة
الفلسطينية ومساعدة الشعب
الفلسطيني على الاعتراف بشرعية
إسرائيل، واختيار سبيل التقدم
بدلا من السبيل الانهزامي الذي
يركز الاهتمام على الماضي." يزعم
أوباما أن السياسة الأمريكية،
التي تتطلب عملياً الرضوخ
والاستسلام هي طريق التقدم وأن
التركيز "...علي الاهتمام
بالماضي" هو "السبيل
الانهزامي". وعندما يقول
"....ستنسق أميركا سياساتها مع
سياسات أولئك الذين يسعون من
أجل السلام،..."
هو يشير إلي تأييده لدول "الاعتدال"
بصرف النظر عن ممارساتهم
القمعية بالنسبة لشعوبهم مما
أحبط من راهن بسذاجة علي
الاستقواء بأمريكا في دعم
الديمقراطية!!! وفي إشارة لعدم
استعداده لفرض ضغوط حقيقية غير
إعلامية أوغير هامشية يقول"....
إننا لا نستطيع أن نفرض السلام.."
يعني ذلك أن ما سميت "بعملية
السلام" ستظل كذلك مجرد "عملية".
أما عدم استطاعة الإمبراطورية
الأمريكية فليس منشؤه عدم قدرة
ولكن عدم رغبة، فإسرائيل زرعت
في المنطقة لتكون أداتها لتحقيق
هيمنتها ومآربها والتي ليس منها
إقامة دولة فلسطينية. لكن
أمريكا ستمارس الضغط علي الدول
العربية لإجهاض المقاومة
الفلسطينية- المتطرفون- ولتحقيق
"التطبيع" مع كل الدول
العربية بل وكل الدول الإسلامية
في إطار مشروع عربي – إسلامي-
إسرائيلي تكون نواته "المشروع
الشرق أوسطي الجديد". ولن
تمانع الإدارة الأمريكية من
تبرير عدم استطاعتها "فرض
السلام"، لضعفها أمام اللوبي
اليهودي كما يحلو لدول "الاعتدال"
العربي وإعلامه أن يؤكد. ب-
العراق أما
بالنسبة للعراق فأوباما يقر بأن
الحرب كانت "..... اختيارية مما
أثار خلافات شديدة سواء في بلدي
أو في الخارج". نلاحظ
هنا أن أوباما لم يذكر إسم
الدولة التي شنت هذه الحرب،
وأنه بدلاُ من الاعتذار للشعب
العراقي بسبب هذه الحرب
الإجرامية التي سميت "بالصدمة
والترويع" للمآسي العديدة
التي أصابته من قتل وتشريد
وتهجير وتعذيب ونهب وإفقار.
نراه يقول "....
ورغم اعتقادي بأن الشعب
العراقي في نهاية المطاف هو
الطرف المستفيد في معادلة
التخلص من الطاغية صدام حسين،...."
ثم يعود ويقر".... بضرورة
استخدام الدبلوماسية لتسوية
مشاكلنا كلما كان ذلك ممكنا."
ثم يذكرنا بأمنية توماس جيفرسون
بأن تنمو الحكمة الأمريكية التي
لم تتحقق بعد رغم مضي أكثر من
قرنين التي شنت الولايات
المتحدة خلالها عديداً من
الحروب في فيتنام وكمبوديا
والعراق وأفغانستان وكوبا
وغيرها. ورغم أن
الحرب علي العراق تقع علي كاهل
أمريكا فهو يتحدث عن ".....
مسؤولية مزدوجة تتلخص في مساعدة
العراق على بناء مستقبل أفضل
وترك العراق للعراقيين....".
وترجمة هذا هي أن دولاً عربية
عليها أن تتحمل جزءاً من
المسئولية.يزعم أوباما أن
أمريكا لا
تسعى لإقامة أية قواعد في
العراق وأن جميع القوات ستسحب
بحلول2012 و أنه لن يطالب العراق
بأي من موارده وأنه يحترم
الاتفاقات المبرمة مع الحكومة
العراقية المنتخبة بأسلوب
ديمقراطي". لا بد وأن هذه
المغالطات الهائلة تفترض سذاجة
عربية مفرطة، فهو يتحدث عن
دستور وانتخابات وحكومة طائفية
انبثقت في ظل الاحتلال ويصفها
بأنها منتخبة بأسلوب ديمقراطي
وبالتالي تصبح الاتفاقات
الاقتصادية والسياسية والأمنية
التي تبرمها هذه الحكومة شرعية. يسترسل
أوباما ويتحدث عن اجراءات لمنع
التعذيب وإغلاق سجن جوانتانامو
في مطلع العام القادم. لقد كنا
نظن أن هذا السجن سيغلق في
الأيام الأولي لرئاسة أوباما
ومن الواضح أن ضغوطاً في اتجاه
اخر كانت مؤثرة. إن الأهم من ذلك
هو تنفيذ القانون بمعاقبة الذين
مارسوا التعذيب والقتل أحياناً
والاعتذار الواضح والصريح
للضحايا وتعويضهم نفسياً
ومادياً. إن المستوي الأعلى
للأمن الذي ينشده أوباما وننشده
جميعاً لا بد وأن يعتمد علي
العدل والمساواة وإلا سيكون
هشاً ينهار
كلما تغيرت الظروف
والإمكانات. ج-
أفغانستان وإيران يثحدث
أوباما عن "....ما يرفضه أهل
كافة المعتقدات: قتل الأبرياء
من الرجال والنساء والأطفال."
وفي نفس الوقت تقوم الطائرات
الأمريكية أثناء إدارته بفعل
ذلك تماماً وفي البداية تنفي
قتل المدنيين وأمام الدلائل
الدامغة تعود وتعترف بذلك، فأين
"التغيير" الذي يتحدثون
عنه. لا شك
أن أمريكا تجني ثمار سياساتها
قصيرة النظر السابقة، ففي سعيها
لتوريط الاتحاد السوفيتي
السابق ساعدت ما سمتهم آنذاك
"بالمجاهدين" ثم تطورت
الأمور وجاء حكم طالبان التي
دعمتها المخابرات الباكستانية
التي تعاونت مع القاعدة. والآن
نجد أوباما يخلط بين طالبان
التي تقاوم احتلالا أجنبياً
وبين القاعدة، وأمريكا التي
أوقعت الإتحاد السوفيتي السابق
في الفخ الأفغاني تقع في الفخ
نفسه. إن دروس التاريخ ترجح
استحالة القضاء علي المقاومة
ولهذا فإن السياسة التي ورثها
أوباما من الإدارة السابقة
والتي تبناها ستؤدي إلي استمرار
لسفك دماء المدنيين وتصاعد
الخسائر البشرية في صفوف
المقاومة والقوات المحتلة.
ولذلك ليس هناك سبيل غير إعلان
انسحاب القوات الأجنبية
والتفاوض مع المقاومة
الأفغانية بما في ذلك طالبان.
عندئذ يستطيع أوباما تحقيق هدفه
الذي تحدث عنه في خطابه وهو
الترحيب "... بكافة جنودنا وهم
عائدون إلى الوطن.. " ويستطيع
أن يحرز تقدماً نحو الهدف الآخر
وهو ".... عدم وجود متطرفي
العنف في كل من أفغانستان
وباكستان.....". ومثل
أفغانستان فالوضع في إيران هو
نتاج سياسات أمريكية انتهازية
وقصيرة النظر لم تلتزم بمبادئ
الديمقراطية التي تزعم تبنيها،
بالإضافة إلي تأييدها المطلق
لحليفتها الإستراتيجية في
المنطقة إسرائيل التي سمحت بل
ساعدتها في تملك الترسانة
النووية الوحيدة في المنطقة.
لقد نوه أوباما عن دور أمريكا في
إزالة حكومة مصدق المنتخبة
ولكنه وقع أسيراً للمقولات
الأمريكية التقليدية فإن وقف
سباق التسلح النووي في المنطقة
يبدأ بالتخلص من السلاح النووي
لدي إسرائيل. كما أن إيران لم
تخالف القانون الدولي بسعيها
لامتلاك التكنولوجيا النووية
للأغراض السلمية. سادساً-
الديمقراطية والحرية الدينية
وحقوق المرأة والتنمية إن
الأفكار الذي طرحها أوباما حول
الديمقراطية أفكار جيدة إذا
مورست بالفعل ولكن أحداث إيران
الأخيرة لا تدل علي ذلك فالتدخل
الصريح الإعلامي والسياسي من
قبل دول أوروبية والتصريحات
الأخيرة لأوباما لا تنبؤ بذلك
خصوصاً اننا لا نغفل التنسيق
الأوروبي الأمريكي وتوزيع
الأدوار بينهما. وفي
حديثه عن الحريات الدينية جمع
بين موارنة لبنان وأقباط مصر
رغم الاختلافات الجذرية بينهما
فليس بين الأقباط من يزعم
بانتماء أجنبي، كما أوضاع لبنان
الطائفية مغايرة تماما عن الوضع
في مصر. لا شك أن المناخ الذي ساد
بين المسلمين والأقباط في مصر
ليس صحيا خصوصاً في العقود
الثلاثة الأخيرة ولكننا نتمسك
بأن قضايا الديمقراطية
والحريات الدينية والمرأة
وغيرها هي شأن داخلي. بالإضافة
إلي ذلك فإن أمريكا وأوروبا
ليسوا مؤهلين للوعظ في هذه
المسائل لممارساتهم المتعددة
السابقة والحالية ولاستغلالهم
لوجود طوائف وإثنيات وأديان
مختلفة في سعيهم لفرض هيمنتهم
مما أدي إلي خلق أو تعميق
النزاعات الداخلية. إن زرع
الخلافات بين الشيعة والسنة في
العراق خير شاهد علي ذلك. ولهذا
فإن حديث أوباما عن "....الانقسام
بين السنة والشيعة قد أدى إلى
عنف مأساوي ولا سيما في العراق..."
يثير التعجب. وفي حديث أوباما عن
حقوق المرأة تجدر الإشارة بأن
المرأة دخلت كلية الحقوق بجامعة
القاهرة قبل أن تسمح جامعة
هارفارد بذلك. وأن الحقبة
الناصرية شهدت مساهمة جادة
للمرأة في شتي نشاطات المجتمع
ولكن وضع المرأة تراجع كثيراً
في ظل حكومة "الاعتدال". إن
سياسات الانفتاح الاقتصادي
والخصخصة والتكيف الهيكلي التي
دفعت بها أمريكا أدت إلي تدهور
عام في كافة المجالات: التعليم
والصحة والإسكان..الخ بالإضافة
إلي الزيادة الفلكية في الفجوة
بين أغلب الشعب وشريحة رجال
الأعمال التي سعت أمريكا إلي
تدعيمها مما سيكون له تداعيات
مجتمعية خطيرة. من الواضح أن
سياسة أوباما ستسير علي نفس
النهج السابق. في
الختام، أتساءل أين "التغيير
الذي نصدقه"؟ وعلي ماذا صفق
المصفقون لخطاب أوباما! ــــــــــ *
أستاذ الكيمياء الطبيعية
بجامعتي ولاية متشجان
والإسكندرية سابقاً ----------- المصدر
: موقع "كنعان" النشرة
الألكترونية السنة
التاسعة ـ
العدد 1956 / 15 تمّوز (يوليو) 2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |