ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المسيحيون الفلسطينيون في المدينة المقدسة: معاناة
وصمود علي
بدوان في سياق
العملية الاستعمارية الإجلائية
التهويدية الجارية فوق الأرض
الفلسطينية المحتلة عام 1967
وخاصة في مدينة القدس ومحيطها،
تأتي عملية الخنق والمضايقات
التي تمارسها سلطات الاحتلال
منذ عام 1967 بحق المواطنين
الفلسطينيين من أبناء الطوائف
المسيحية، حيث تقلصت أعدادهم
داخل المدينة وعلى تخومها
القريبة بشكل مذهل، كما هو
الحال مع مجمل أبناء المدينة من
الفلسطينيين. وبالتأكيد فإن
حملة المضايقات الإسرائيلية
ترمي أساساً لإحداث التغيير
الديمغرافي الكامل داخل
المدينة بجزئيها الشرقي
والغربي، وعلى دائرة واسعة من
محيطها، في سياق السعي
الإسرائيلي الصهيوني لتهويد
المدينة بشكل تام وإلغاء طابعها
العربي الإسلامي والمسيحي، على
الرغم من أن الوجود المسيحي
العربي الفلسطيني في المدينة
الفلسطينية المقدسة لم ينقطع
خلال ألفي العام الأخيرين،
وتعزز هذا الوجود في القرن
السابع بعهدة الأمان
والاطمئنان التي منحها الخليفة
عمر بن الخطاب للبطريرك
صوفرونيوس بطريك القدس على جبل
الزيتون عام 638م.. والآن يبلغ عدد
المسيحيين الفلسطينيين في
المدينة المقدسة وقسمها الشرقي
وفقاً لآخر إحصاء نحو عشرة آلاف
نسمة وكان عددهم عام 1967 زهاء
خمسة وعشرين ألف نسمة، وفي عام
1948 زهاء (175) ألفاً. وهذا
التناقص في أعداد المسيحيين
العرب الفلسطينيين في مدينة
القدس، يعزى إلى هجرة الكثيرين
منهم بفعل معاناة الشعب
الفلسطيني المستمرة في مواجهة
الغزو الصهيوني وخصوصاً بعد
حربي 1948 و1967، إضافة إلى
المعاناة الكبرى التي يواجهها
الشعب الفلسطيني بمجمله وبجميع
طوائفه من سياسات الاحتلال. وبحسب
مصادر بعض المطارنة
الفلسطينيين في القدس، فإن
أعداد المسيحيين الفلسطينيين
سترسو مع نهاية عام 2010م على عدد
لا يتجاوز (2000) نسمة، كما تجدر
الإشارة إلى أن عدد المسيحيين
الفلسطينيين في مناطق الضفة
الغربية كبيت لحم وبيت ساحور
ورام اللـه لم تشهد تناقصاً
مثيلاً في نسبته العالية لما
شهدته وتشهده مدينة القدس
العربية، والأسباب تعود
بجوهرها لسياسات الاحتلال
ودوره في خلقه معاناة كبرى أمام
سكان القدس من مسلمين ومسيحيين
لدفعهم للرحيل. فالمسيحيون
الفلسطينيون الذين كانوا
يشكلون (20 بالمئة) من تعداد
الشعب العربي الفلسطيني حتى عام
1948، أصبحوا يشكلون الآن (5
بالمئة) فقط من سكان فلسطين
التاريخية، أي في قطاع غزة
والضفة الغربية والمناطق
المحتلة عام 1948 معاً. فقد
اضطر (37 بالمئة) من المسيحيين
الفلسطينيين للهجرة عام
النكبة، وأدت سياسة التهويد
التي مارستها سلطات الاحتلال
الإسرائيلي إلى اجتياح عدد من
المؤسسات الدينية المسيحية
(والإسلامية أيضاً). وكان دير
الآباء البنديكت في جبل الزيتون
في القدس أول دير يحتله
الإسرائيليون، ومنه قصفوا دير
الأرمن الأرثوذكس بمئة قنبلة
مورتر في 17 أيار 1948 فقتلوا
ثمانية من الرهبان وأصابوا (120)
شخصاً آخرين. ومنذ
ذلك الوقت أدركت الكنائس
المختلفة أن أبناءها مستهدفون
كغيرهم من المواطنين
الفلسطينيين. فاتخذت هذه
الكنائس (الفاتيكان والمرجعيات
الأرثوذكسية والإنجيلية) مواقف
وطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وبرز العديد من قادة فصائل
المقاومة والحركة الوطنية
الفلسطينية من المسيحيين
الفلسطينيين وعلى رأسهم (ضمير
فلسطين وحكيم الثورة) الراحل
الدكتور جورج حبش مؤسس الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين، ومنهم
من لقي وجه ربه كالفقيد إدوار
سعيد والدكتور وديع حداد نائب
رئيس المجلس الوطني الفلسطيني
ومسؤول فرع العمليات الخارجية
في الجبهة الشعبية... ومنهم من
يواصل جهاده من داخل الأراضي
المحتلة كالمطران الأرثوذكسي
عطاللـه حنا ومن خارجها
كالمطران الأنكليكاني رياح أبو
العسل والمطران هيلاريون
كبوجي، وسواهم. ولا يزال البابا
شنودة الثالث رأس الكنيسة
القبطية ملتزماً بموقف ديني
وطني يحظر بموجبه على أبناء
رعيته الأقباط الحج إلى القدس
ما دامت تحت الاحتلال
الإسرائيلي. وخلاصة
القول، يتكامل الدور الوطني
للمسيحيين الفلسطينيين مع
إخوانهم المسلمين، في ظل
تهجيرهم القسري تحت وطأة الآلة
العسكرية الإسرائيلية
التدميرية التي استهدفت مواقع
تجمعاتهم السكنية في القدس وبيت
لحم ورام الله وبيت ساحور وبيت
جالا. فذاقوا كإخوانهم المسلمين
عذاب التهجير، والإقامة في
المخيمات والحرمان من أبسط
الحقوق الإنسانية. وانتشروا في
أصقاع العالم بانتظار العودة
إلى الوطن المغتصب. ـــــــــ المصدر
: جريدة الوطن 9/8/2009 ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |