ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الانترنيت
في سوريا نوري
بريمو يُعتبَر
حق التعلـُّم من أبسط حقوق
الأبناء على الآباء ومن ألف باء
استحقاقات المواطنين في ذمة
الدولة، وبما أنّ الكومبيوتر قد
أضحى وسيلة التواصل السائدة
والفعّالة في عصرنا الحالي لأنّ
باستطاعته الحصول على أخبار
المعمورة ووضعها في متناول يد
الإنسان بلمسة بسيطة وخلال برهة
انترنيتية لا أكثر، فإنّ من حق
أي فرد من أفراد المجتمع اقتناء
جهاز خاص به أو ارتياد أي مقهى
من مقاهي الإنترنيت لممارسة حقه
المشروع في الإطلاع على مجريات
محيطه عبر هذه الوسيلة المعجزة
أو بمعنى أدق هذه النعمة
المعلوماتية القادرة على تحويل
العالم إلى مجرّد قرية صغيرة،
بحيث يصبح بمقدور المرء إجراء
الاتصال والتواصل مع الآخرين أو
تلقي أية إخبارية طازجة فور
انبعاثها من مصدرها بأسهل السبل
وأسرعها. وفي
الوقت الذي بشّر فيه الأنبياء
والرسل بضرورة السعي لطلب العلم
مهما كان صعب المنال ومهما كانت
دروبه وعرة ومناهله بعيدة، نجد
بعضاً من الأنظمة تواصل إتباع
مسلكية منع المواطنين من
التعامل مع الكمبيوتر الذي بات
أشبه ما يكون بعصب الحياة في هذا
العصر الموسوم بالعولمة، ففي
بلدان عديدة من شرق أوسطنا وفي
سوريا على سبيل المثال تجري
قرصنة سلطوية على المواقع
الإلكترونية والإيميلات في
شبكة الإنترنيت ويجري التشديد
الأمني على مقاهي الإنترنيت عبر
التدقيق على الهوية الشخصية لكل
من يرتاد المقهى وتحديد ساعة
دخوله واستخدامه للإنترنيت
وخروجه منه، وتسجيل ذلك في سجل
خاص يتم تسليمه فيما بعد على شكل
تقرير دوري لأجهزة الأمن. ويبدو
أن هذه الأجهزة فرضت طوقاً
أمنيا على أصحاب المقاهي الذين
باتوا في حيرة من أمرهم بعد أنْ
وجدوا مقاهيهم شاغرة من روادها،
ما يجعل المواطن يشعر بنوع من
التردد قبل ارتياده المقهى الذي
بات في نظرهم مصيدة قد تصطادهم
في أية لحظة ونتيجة لأي خطأ
إنترنيتي بسيط قد يكون خارج
الإرادة وغير مقصود، وما يعني
أن مقاهي الانترنيت قد باتت
مسيّجة بجدار من الرعب في سوريا.
وقد
شهدَت الأشهر الأخيرة رقابة
أمنية ملحوظة على استخدام
الإنترنيت بحجة ضرورات اتخاذ
إجراءات احترازية لفرض هيبة
الدولة على الوضع الداخلي ولمنع
"حصول أي اختراق خارجي للجبهة
الداخلية السورية التي ينبغي
حمايتها من محاولات نشر جهات
متعاملة مع الأجنبي لنعرات
طائفية وأخرى قومية تحرّض الأمة
على الشقاق"!!؟، وذلك حسب زعم
بعض الأبواق الموالية للنظام،
وقد شهدتْ الفترة الماضية أيضاً
زيادة في معاقبة ومحاكمة عدد من
المثقفين والكتاب ونخَب من
النشطاء الذين يستخدمون
الإنترنت للتعبير عن آرائهم
وتبادلها مع الآخرين، وللعلم
فقد قامت السلطات السورية بحجب
عشرات المواقع إلكترونية التي
يشرف عليها نشطاء الحراك
السياسي والثقافي المحسوبين
على قوى المعارضة التي تنادي
بمراكمة نضالها من أجل التغيير
الديموقراطي السلمي في سوريا. وقد ذاع
صيت استخدام الإنترنت في سوريا
بعد تولي الرئيس بشار الأسد
للحكم في سنة 2000، حيث حدث نوع من
الانفراج الوقتي في بداية
ولايته الرئاسية الأولى التي
بدأها بالسماح لا بل بغض النظر
عن مرتادي الحاسوب شريطة خضوعهم
لقيود الجمعية المعلوماتية
السورية، إلا أنه ما لبثَ أن
تراجع وإرتدّ وفرَض الانقباض
بدلاً من الانفراج الذي كان قد
أثلج صدور السوريين في حينه. وبالنظر
إلى ما يجري من مضايقات أمنية
تتكثف وتزداد يوماً بعد آخر على
مختلف وسائل الإعلام بما فيها
شبكة الإنترنيت العالمية
ترافقاً مع الضغوطات الخارجية
على سوريا، فإنّ البلد يشهد
ارتدادا معلوماتياً مخيباً
للآمال في مجال استفادة
المواطنين من هذه النعمة
الدنيوية، ما يجعل الناس
مستاءون من واقع الحال، ويبقى
السؤال المطروح هو: ألم يكن
الرسول الكريم على حق حينما قال:
اطلبوا العلم ولو في الصين؟، أم
أنّ المعنيين بهذا الشأن الحيوي
لديهم رأي آخر في هذا الحديث
النبوي؟!. ــــــــ المصدر
: جريدة الصباح الجديد ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |