ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 20/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محاولات ترويض بقايا منظمة التحرير الفلسطينية

تحرير مشروع التحرير

نبيل شبيب

آن الأوان أن تواصل قافلة المقاومة للتحرير تحركها وعملها وإنجازاتها، في غزة والضفة، في فلسطين بكاملها وفي كل موقع من مواقع الشتات، دون أن توقفها مناورات ما يصنع عباس وفريقه، فقد أصبح مجرد متابعته والانشغال بها عقبة على الطريق، بل يكاد يكفي ذلك ليتحقق جزء من الغرض الذي تستهدفه تلك المناورات، فجهودُ تصفية قضية فلسطين -وهي الأصل الأكبر والأهم والأخطر- هي التي أوجدت تلك "القطعة الفسيفسائية" من خارطة طريق التصفية تحت عنوان عباس، أو أوسلو، أو السلطة الأقرب إلى إدارة بلدية مقيدة، أو حل الدولتين، أو سوى ذلك من العناوين التي يجمعها قاسم مشترك واحد: تصفية القضية دون تحرير الأرض والشعب والإرادة.

وآن الأوان لاستيعاب أن مسلسل حلقات مشروعٍ عنوانُه عباس وفريقه، وطريقه نفق أوسلو وسلطته، ووسائله هياكل مزيفة لمؤسسات ومنظمات فلسطينية قائمة.. هذا المسلسل سيستمر ما دامت القوى المنخرطة في المشروع الصهيوني للتصفية ترجو أو تتوهم قابلية تحقيقها بتوقيع طرف فلسطيني من هذا القبيل، سيان ما مدى انكشاف اهتراء هويته الفلسطينية والعربية والإسلامية، وسيان ما يصل إليه حجم التناقض بين ما يُصنع على الأرض غصبا، مع ما تحدده الثوابت التاريخية والحقوق الأصيلة والأرضية القانونية الدولية والإرادة الفلسطينية الحرة.

لن ينقطع هذا المسلسل بالانشغال به والتدافع مع أصحابه بل يتهاوى من نفسه عندما يحقق مشروع المقاومة والتحرير مزيدا من الإنجازات على الأرض، ليسقط التزييف برمته ويستحيل التدجيل بمختلف أشكاله، ويظهر ما يعنيه إطلاق المسميات المزورة على ما يجري توقيعه من صكوك التسليم على حقيقته: عبثا مأساويا مخزيا ومكشوفا، مهما صُنع له من مؤسسات ومناصب وسلطات، إن سبق وكان لها بعض مشروعية نضالية ما في يوم من الأيام، فلم تكن ولا يمكن أن تكون مطلقة، بل هي مقيدة بتحقيق هدف النضال، ولم تشمل في الماضي ولا تشمل اليوم ولا يمكن أن تشمل في المستقبل، بأي معيار من المعايير، صلاحية التخلي عن أي جزء من الأرض المستعمرة، قديما أو حديثا، ولا التصرف بحقوق الشعب الأصيلة وثوابته التاريخية، بدعوى التعبير عن إرادته، وهو تحت الاحتلال وفي الشتات.

******

لا يُستغرب إطلاقا أن يتحرك عباس وفريقه للعبث بما تبقى من منظمة التحرير الفلسطينية لوأد "الغاية الأصلية الرسمية من وجودها" بعد العبث بما تبقى من منظمة فتح بوأد "الغاية الأصلية من نشأتها"، إنما يُستغرب أن يوجد من يستغرق في مناقشة "تفاصيل" ما يُطرح في هذه الحلقة التنفيذية الجديدة من مشروع عباس، كما لو كان ما يطرح في حاجة إلى تحليل وبحث وتقويم!..

هل ينعقد المجلس الوطني للمنظمة بصورة مشروعة أم غير مشروعة؟..

هل للجنة التنفيذية التي تدعوه صفة المشروعية؟..

هل يراد تقويض البقية الباقية من إمكانية تطوير المنظمة لتستعيد صفة منظمة تحرير؟..

هل يراد ترويض هذا التنظيم الفرعي أو ذاك وهذه الشخصية "المعروف" أو تلك؟..

هل يستهدف التحرك الجديد إطلاق رصاصة الرحمة على مفاوضات مصالحة فلسطينية-فلسطينية؟..

هل يراد استباق ما يُفترض أن تشمله المصالحة بشأن مستقبل المنظمة؟..

هل يختلف عقد لقاء للمجلس الوطني الفلسطيني تحت الاحتلال عن عقد مؤتمر بيت لحم تحت الاحتلال؟..

هل بقي في ميثاق منظمة التحرير ما يراد شطبه؟..

لن تنتهي التساؤلات.. ولن تنتهي عشرات الأجوبة على كل سؤال عن طريق البحث والتحليل واستحضار نصوص المواثيق القديمة والمزيفة والاتفاقات الباطلة والمزورة.. وقد تفنى الأقلام وأصحابها قبل الوصول إلى نتائج تخرج بالمخلصين للقضية من مثل ذلك التيه، بعد أن أصبح صنع المتاهات هدفا، على غرار متاهات ما يسمى خارطة الطريق!..

******

سيان متى وكيف وأين ولماذا ينعقد لقاء عادي أو طارئ للمجلس الوطني الفلسطيني، فالسؤال الحاسم هو عن الوطن الفلسطيني وليس عن مؤسسات سبق فصلها عن المشروع الوطني ويراد لها أن تتربع على كرسي صناعة القرار حول مستقبله.

سيان من يحضر أو لا يحضر في مثل ذلك اللقاء، فكما جرى الإعداد لمؤتمر بيت لحم ليصل إلى ما وصل إليه، فلن تكون حصيلة لقاءٍ آخر يقوم عباس وفريقه على الإعداد له إلى نتيجة خارج نطاق مشروعه، وبالتالي خارج مشروع لبنة من لبنات "صرح" أوهام العمل لتصفية القضية.

وسيان كم تنشغل الأقلام والعقول المخلصة للقضية بمتابعة ما يصنع من يعمل لتصفية القضية فلن يوصل الانشغال بذلك إلى تحقيق إنجاز آخر على طريق المقاومة والتحرير، إلا إذا بقي ذلك الانشغال في حدود ما تفرضه الضرورة القصوى، أي فيما لا يعادل نسبة مئوية ضئيلة جدا، من المهمة الأصيلة، أي العمل الدائب والسعي المتواصل لمتابعة طريق المقاومة والتحرير.

آن الأوان للتأكيد المطلق أن الدعوة القديمة الجديدة إلى مشروع وطني تحتاج إلى طرحه بمعزل عن الجهود المضادة له من الأساس، سياسة وفكرا وإعلاما (على افترض صحة هذه الأوصاف على ما يصنع تحت عناوينها) ولقاءات ومؤتمرات ومؤسسات مدجنة.

ليس المشروع الوطني الفلسطيني في حاجة إلى أي محاولة للجمع بين التحرير ونقيضه، والمقاومة ونقيضها، والمنطلقات الأصيلة والانحرافات الدخيلة.

ليس في حاجة إلى محاولة إعادة صياغة الثوابت الناشئة ذاتيا، كما هي، على أرضية الحق والعدل والتاريخ والمشروعية، فأي محاولة لإعادة صياغتها تعني محاولة التلفيق بين ما هو منها حقا وبين ما ينتهكها، وتعني محاولة تقويض المشروع الوطني الفلسطيني نفسه.

ليس في حاجة إلى صياغة جديدة للأهداف البعيدة مهما تقلبت ضرورات التعامل مع أهداف مرحلية، فمثل تلك الضرورات تتحوّل إل ى معاول هدم للمشروع الوطني الفلسطيني، عندما تصبح مدخلا للجمع بين أهداف وأهداف من يصنع ما يصنع للتخلي عنه والاستخذاء عن العمل لتحقيق أهدافه.

ليس المشروع الوطني الفلسطيني في حاجة إلى مؤسسات، بل المؤسسات في حاجة إليه، لتكتسب حق الانتساب إلى فلسطين وأهلها وقضيتها، ولا يمكن تحقيق ذلك إن تحوّلت إلى مجرد أوعية تجمع بين من يسعى للتحرير والمقاومة ومن يسعى للتسليم ويستحل لنفسه المحرمات بتوجيه الضربات المباشرة للمقاومة.

فلسطين في حاجة إلى أهلها وليس إلى من يطعن في ظهورهم ونحورهم وإن تجمّل خنجره بكوفيتهم ونُحت مقبضه من زيتونة أرضهم.

******

توجد حجج معتبرة كثيرة من وراء حديث بعض المخلصين المتشبثين بالأمل في "جمع الجميع" باسم مصالحة فلسطينية-فلسطينية وباسم مشروع وطني مشترك، ومعيار إخلاصهم هو الحفاظ على الثوابت منطلقا والمقاومة وسيلة والإرادة الشعبية أرضية مشتركة.

من تلك الحجج ما ينطلق من عنوان التعددية، وما ينبثق عنه، وكثيرا ما يغب عن الأذهان أن هذا "مبدأ" أساسي لحياة سياسية قويمة في دولة حرة مستقلة ونظام مستقر لتلك الحياة السياسية في تلك الدولة.. ولكنه في مرحلة الاغتصاب والتحرير، والتشريد والعودة، والعدوان والمقاومة، يمكن أن يتحول إلى قيود وأغلال وإلى طعنات في النحور والظهور، عندما يجري تزييف مقتضياته للجمع بين نقيضين.. بين من يقاوم للعودة والتحرير ومن يعمل لترسيخ اغتصاب شامل أو جزئي وتشريد دائم وتعويض وتسويغ للعدوان ودعم له.

إن مشروعية المؤسسات والمنظمات والتشكيلات والشخصيات الوطنية في حقبة المقاومة هي فقط المشروعية المنبثقة عن حق تقرير المصير غير القابل للتزييف ولا التجزئة ولا الاختزال قبل التحرير ولا بعده.

لهذا تبقى قيمة أي مؤسسة أو منظمة أو حركة أو تيار، بل حتى المجلة والجريدة والموقع الشبكي، والاحتفالات والمؤتمرات والمهرجانات ومختلف الفعاليات.. يبقى جميع ذلك مشروعا ومقبولا ومطلوبا، مهما تعددت الأسماء والتوجهات، بقدر ارتباطه بمقتضيات التعبير الصادق القويم عن حق تقرير المصير، كاملا غير منقوص، ولا قيمة ولا مشروعية لسوى ذلك مهما جرى تضخيمه ونفخه، فكيف وقد أصبحت عملية التضخيم والنفخ تجري جهارا نهارا ويتلاقى فيها دعم القوى المعادية لفلسطين وتحريرها ماليا وسياسيا، مع تضليل المنتفعين من ذلك التضخيم والنفخ على حساب فلسطين وتحريرها!..

لا ينبغي للأمل في "جمع الجميع" أن يؤدي بحال من الأحوال إلى تمييع الأرضية الوطنية "التعددية" التي ينبغي أن يقف الجميع عليها، فمن يأبى الوقوف عليها يقصي نفسه بنفسه عنها، سواء عمل المخلصون على إقصائه أو توهّموا احتضانه.

يجب أن ينطلق المشروع الوطني الفلسطيني من ذلك شاء من شاء، وأبى من أبى، فليست التعددية في حقبة المقاومة سوى تعددية وسائل المقاومة وليست تعددية التلاقي مع تزييف سياسي تحت عنوان المقاومة.

******

الكف عن الاستغراق في الانشغال بما يُصنع لتقويض المشروع الوطني الفلسطيني واجب مفروض في هذه المرحلة بالذات، لأن العمل الوطني من أجل فلسطين لا يتحقق فقط من خلال كشف موبقات من يعملون على اصطناع سلطة أو تزييف مشروعية، أو يعملون لاختطاف منظمة التحرير الفلسطينية أو أي منظمة من المنظمات المنضوية تحت لوائها أو خارج نطاقها.. بل يتحقق من خلال الارتفاع بمستوى العمل المباشر الفعال من أجل وجود مؤسسات ومنظمات وسوى ذلك من الوسائل ومن أجل مضاعفة الجهود المنسجمة مع هدف التحرير ووسيلة المقاومة، سواء حمل شيء من ذلك اسم منظمة التحرير الفلسطينية، أو أي اسم آخر من الأسماء الموجودة في الساحة الفلسطينية أو حمل سواها.

وهذا ما يجب على المتشبثين بمنظمة التحرير الفلسطينية من مختلف المواقع والتوجهات أن ينطلقوا منه، إذا كان حرصهم على فلسطين ومستقبل قضية فلسطين أكبر حقا لا كلاما من حرصهم على أنفسهم ومواقعهم ومنظماتهم بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية، فتحريرها هو المدخل الوطني الحقيقي للتشبث بها، فإن استحال تحريرها وجب التشبث بفلسطين والقضية وليس بالمنظمة بأي ثمن، بما في ذلك اختزالها أو تقزيمها أو تشويه سيرتها ومسيرتها لتكون قطعة فسيفسائية جزئية في التصفية الباطلة، بدلا من أن تكون أداة تنظيمية كبرى وفعالة من أجل التحرير الواجب المشروع.

 ــــ

المصدر : مداد القلم 18/8/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ