ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 22/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إنها حقاً زيارة «تاريخية»

فهمي هويدي

للوهلة الأولى، لم أسترح للغة الإعلام الرسمي المصري، الذي ظل يسوّق لزيارة الرئيس حسني مبارك للولايات المتحدة الأميركية، ويصفها بأنها «تاريخية»‏،

وكان دافعي إلى ذلك أننا سئمنا وصف كل تحركات الرئيس بأنها تاريخية، وكل كلامه بأنه تجسيد للحكمة وبُعد النظر، وكل خطبة باعتبارها خطة عمل تسترشد بها الحكومة والأجيال القادمة. إلى آخر تلك المبالغات التي لم تعد تقنع أحدا حتى باتت تشعرنا بالسأم‏، لأن من حق أي مواطن عادي أن يسأل عن سر ذلك «الإعجاز»، الذي مكّن الرئيس من أن يستمر في صنع التاريخ واصطحابه معه حيثما ذهب.

كانت وجهة نظري أننا حين ننسب كل قول أو فعل ينسب إليه للتاريخ. فإن ذلك قد يصيب الناس بالملل، بما يفقدهم الرغبة في متابعة تحركاته، لأنها ستبدو دائما على شاكلة واحدة.

ليس ذلك فحسب، وإنما الأهم من ذلك أن تلك المبالغة بما قد تستصحبه من ملل، ربما صرفت انتباه الناس عما هو تاريخي حقا في أقوال الرئيس وممارساته.

ولنا عبرة في القصة الشهيرة التي تحدثت عن رجل ما برح يخيف أهله بين الحين والآخر بادعائه أن ذئبا في الطريق إليهم‏، وحين تكرر ذلك منه فإن الناس لم يعودوا يكترثون بصياحه. إلى أن ظهر في الأفق ذئب حقيقي، فظل صاحبنا يصيح محذّرا منه، ولكن الذين خبروه لم يأبهوا به، إلى أن هاجمهم الذئب فعلا ووقعت الفأس في الرأس.

تكرر ذات الشعور بالسأم عندي حين قرأت في عناوين «الأهرام» أن الرئيس أوباما «يتطلع» إلى لقاء الرئيس مبارك، ولأنني لم أكن مطلعا على خلفيات الزيارة، فقد استكثرت ذلك الإيحاء بأن أوباما بات يترقب اللقاء وينتظره بفارغ الصبر، وأنه أجّل مواعيده وأزاح كل الملفات الموضوعة على المكتب البيضاوي، لكي يركز على ما سيقوله للرئيس المصري، وما سوف يسمعه منه.

سقت هذه المقدمة لكي أمهد لاعتراف واعتذار أخلص بهما ضميري بعدما اكتشفت منذ يومين فقط أن الزيارة كانت تاريخية فعلا، الأمر الذي لا يستغرب معه أن يتطلع إليها الرئيس الأميركي.

أرجو ألا تفهمني خطأ. إذ لم يخطر على بالي أن أصدّق حكاية «تاريخية الزيارة»، بناء على ما ذكرته التصريحات الرسمية عن مناقشة المقترحات الأميركية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، التي يعتزم الرئيس أوباما إعلانها. ولا غير ذلك من الموضوعات التي قيل إن الرئيسين بحثاها، بدءا بالأمن الإقليمي وانتهاء بالسلم العالمي، وبدءا بالمشروع النووي الإيراني وانتهاء بمشكلة ثقب الأوزون وانضمام الولايات المتحدة إلى اتفاقية «كيوتو» لمكافحة الانبعاث الحراري‏،

لا شيء من كل ذلك خطر على بالي ودفعني إلى الاعتراف والاعتذار، إنما ما اعتبرته تاريخيا في الزيارة هو التصريحات التي أدلى بها الرئيس مبارك في الحوار الذي أجراه معه على محطة PBC النجم التلفزيوني اللامع تشارلي روز‏، وهو الذي قال فيها الرئيس كلاما في منتهى الأهمية‏،

فحين سئل عما إذا كان سيرشح نفسه لرئاسة جديدة، كان رده أنه مشغول بإكمال برنامجه الانتخابي. ولا يفكر في أن يحدد أو لا يحدد. ولا يفكر فيمن سيأتي بعده‏،

وحين سئل عن توريث ابنه جمال قال إنه لم يفاتحه في الموضوع ولم يناقش الأمر معه، ولا يفكر في أن يكون ابنه خلفا له‏،

وحين سئل عما إذا كان يعتبر وجود الإخوان أمرا مفيدا لمصر‏، رد الرئيس قائلا: طالما أنهم لم يقوموا بأي أعمال إرهابية، فإن أمرهم لا يعنيه في شيء.

حين قرأت هذا الكلام الكبير أنَّبني ضميري‏، وهتفت قائلا: إنهم صدقوا إذن، وهي حقا زيارة تاريخية،

لكني استغربت حين طالعت الصحف القومية، ولم أجد فيها إشارة إلى كلمة واحدة مما قاله الرئيس‏،

وهو ما أقنعني بأن التاريخ عندهم غيره عندنا!

ــــــــــ

المصدر : صحيفة الرؤية الكويتيه 19/8/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ