ـ

ـ

ـ

السبت 05/09/2009

سياسة تعطيل بناء الدولة والتشكيك بمؤسساتها مستمرة

حسان قطب*

رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ".. دعا إلى "وقف الحملات والسجالات الاعلامية التي لا تفضي إلا إلى ردود فعل من هذا الطرف على ذاك". لافتا إلى أن "المطلوب اليوم إشاعة مناخ هادئ والتحدث بلغة إيجابية وفتح أبواب التشاور والتلاقي المباشر للتحاور حول ما تبقى من معضلات في تشكيل الحكومة والإنتهاء من هذا الوضع ولا بد من أن نتعاون جميعا من أجل توفير هذا السبيل المتاح".

وبعد هذا التصريح بأيام أطلق حزب الله بياناً تضامنياً مع السيد فضل الله إثر انتقاده تصريحات للبطريرك الماروني نصرالله صفير. وقال في بيان أصدره: "في منطق الحرية يحق لأي كأن أن يناقش المواقف التي أطلقها سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله، أن لجهة مجد لبنان ولمن أعطي، أو لجهة المشاركة والاكثرية والديموقراطية العددية، ولهذا المعلق أن يقبل أو لا يقبل. إلا أننا ويا للأسف الشديد، شهدنا خلال اليومين الماضيين تعليقات وردودا تجاوزت حدود اللياقة والأدب واستخدمت تعابير قاسية عمدت إلى الاساءة الشخصية متجاهلة موقع سماحة السيد ومقامه ورمزيته على المستوى الوطني والاسلامي العام. أننا في حزب الله نستهجن ونستنكر هذه الحملة الاعلامية المنظمة التي استهدفت سماحته والتي تعبّر في الحقيقة عن مستوى الأنحطاط الذي بلغه الخطاب السياسي بل الحياة السياسية في لبنان عندما لا تبقى ضوابط ولا قيم ولا مقامات".

وبعد هذا الكلام بأيام أطل علينا جميل السيد بمؤتمر صحفي حظي برعاية إعلامية كاملة من حزب الله وبحضور عضو مكتبه السياسي.. وأطلق فيه جميل السيد كلاماً غير مقبولاً على الإطلاق بل ومرفوضاً ومداناً بحق كل من سماحة مفتي الجمهورية ورئيس الجمهورية والروؤساء كافة.. دون استثناء.. ولم يفسر لنا حزب الله.. كيف أنه يقوم بتغطية هذا المؤتمر إعلامياً بل وسياسياً...؟؟ وربما أمنياً..؟؟.. واستكمل السيد هجومه على قيادة قوى الأمن ومؤسساتها ووسع حملته ليطال الجسم القضائي برمته تشكيكاً واتهاماً وكأن المطلوب استكمال عملية التعطيل والتدمير المنهجي والمبرمج لجسم الدولة اللبنانية.. ومؤسساتها كافة.. وصولاً إلى ما أعلن عنه بالأمس مفكر حزب الله نواف الموسوي حين قال: أنه "عندما توافقنا على تشكيل حكومة ائتلافية، هذا كأن يعني أننا فهمنا جيدا نتائج الانتخابات النيابية ودعوة البعض إلى احترام مفاعيل هذه الانتخابات، لأنه ليس هناك في لبنان أكثرية بالمطلق أو اقلية، إنما هناك أكثريات وأقليات في كل طائفة من الطوائف"، مضيفاً أن "هناك أكثريات أفضت اليها نتائج الانتخابات، ومنها أكثرية تمثيل مسيحي يعبر عنها "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب ميشال عون، وإذا كانت الرغبة بتشكيل حكومة ائتلافية أو دستورية يجب أن تشكل من الاكثرية في كل طائفة من الطوائف، وهذا يعني ما نحن في صدده الآن. أضاف: "نحن شجعنا على الحوار مع الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب عون"، مشترطاً "تواصل هذه الخطوة على قاعدة الاعتراف بما يمثله عون، وفي الاعتراف بحقه الدستوري والشرعي، وفي نتائج الانتخابات التي أظهرت أنه يمثل على الأقل نصف المسيحيين، وعند ذلك، أمر تشكيل الحكومة لن يكون بعيدا".

ويؤكد الموسوي كلامه هذا في خطاب أطلقه في مناسبة أخرى حين يقول.. "أن موقفنا الذي رسمناه على الدوام بالكلمة أو الجهاد أو بالتحالف أو بالحوار هو أن نبني لبناننا الموحد على إرادة تحقيق الشراكة بين أطرافه جميعًا، لبنان المستقل الذي لا يخضع لارادات أجنبية، لبنان الذي يقدم نموذجًا في العيش المشترك، ويكون نقيضًا للعنصرية الصهيونية والتكفيرية الاستئصالية، ونقيضا للهيمنة الاستكبارية".

انطلاقاً مما ورد نجد لزاماً علينا أن نوجه بعض الأسئلة لقيادة حزب الله:

- كيف يدعو حزب الله إلى احترام القيادات الدينية وفي نفس الوقت يغطي ويدعم من يطلق عبارات شنيعة ومدانه بحق مرجعيات دينية أخرى..!!

- كيف يدعو حزب الله إلى التهدئة السياسية والإعلامية وإعلامه يغطي من يشتم ويطلق التهم والأوصاف في كافة الإتجاهات..!!

- لم يوضح لنا حزب الله من يقصد نواف الموسوي (بالتكفيرية الإستئصالية).. وهل هناك حزب ديني في لبنان مشارك في السلطة سوى حزب الله نفسه.. وأليس نواف الموسوي نفسه هو من تحدث عن التدخل الإلهي في حرب تموز عام 2006..؟؟ ومن هو الفريق الذي يطلق الصفات والنعوت والألقاب الدينية على قياداته وحتى على جمهوره..؟؟؟

- كيف يفسر لنا حزب الله مشروعه لبناء الدولة القوية القادرة وزراعة المخدرات منتشرة في مناطق نفوذه وسيطرته..؟؟..وهل صحيح أنه لا يتم إتلافها إلا بقرار وبتغطية سياسية من الحزب مباشرةً..؟؟

- كيف يفسر لنا حزب الله تجاهل إعلامه الكامل وإلى الآن فضيحة الإفلاس التي أعلن عنها في جريدة السفير.. لأحد المقربين جداً من قياداته ومؤسساته التنظيمية وبمبالع تفوق التقدير والتوقعات..؟؟ والتي طالت شريحة واسعة من جمهور وطائفة حزب الله.. الذين لم يكونوا ليستثمروا أموالهم (..؟؟) لولا ثقتهم بعلاقات هذا المستثمر مع بعض القيادات في حزب الله..؟؟

- لماذا لم يطلب حزب الله من هذا المتمول الإستثمار في إعادة البناء في المناطق اللبنانية الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية التي عانت من ويلات العدوان الإسرائيلي في حرب تموز..؟؟ بدل ضياع هذه الأموال في متاهات لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم..؟؟؟

- هل يملك حزب الله الجرأة على إعلان مشروعه للسلطة بوضوح وشفافية... وكيف يرى شكل وطبيعة العيش المشترك بين الطوائف في الكيان اللبناني..؟؟

- كيف يفسر لنا حزب الله اتهامه للرئيس السنيورة بالخيانة بعد اجتماعه مع وزيرة الخارجية الأميركية في بيروت سعياً للوصول إلى وقف إطلاق نار يحمي النساء والأطفال من آلة القتل الإسرائيلية.. وفي المقابل.. كيف يرسل أمينه العام رسالة تعزية بالمناضل والمجاهد عبد العزيز الحكيم وهو الذي زار البيت الأبيض واجتمع مع صاحب مشروع الشرق الوسط الجديد (جورج بوش)..؟ حين قال في رسالته: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أود أن أعبر لكم عن مشاعري ومشاعر إخوانكم في حزب الله، وتأثرنا البالغ برحيل الأخ الكبير، سماحة العلامة السيد عبد العزيز الحكيم (رحمه الله) عن هذه الدنيا، إلى جوار آبائه وأجداده الميامين، بعد حياة عامرة بالعلم، والعمل، والدعوة إلى الله والتبليغ، والهجرة، والجهاد، والنضال، والصبر والتضحيات الجسام، في سبيل إعلاء الإسلام، ومن أجل إنقاذ الشعب العراقي المظلوم، وإعزازه، ورفعة شأنه.

يبدو أن قيادة حزب الله تكيل بمكيالين... فهي تدين ولا تدان.. وتتهم من تريد ولا تقبل نقداً من أي كان.. وتطالب بالتهدئة الإعلامية وتخرقها ساعة تشاء.. تطالب ببناء الدولة القوية وتمنعها من دخول مربعاتها الأمنية لقمع المخالفات.. ويبقى أن المواطن اللبناني وحتى العراقي كما أظن بحاجة إلى أجوبة من قيادة حزب الله تكون موضوعية وهادئة على كافة الأسئلة التي تم طرحها...

ــــــــ

*مدير المركز اللبناني للأبحاث

--------

المصدر: المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات – 2/9/2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ