ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 13/09/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحوار المعياري:

سبيل ضروري نحو المصالحة بين العرب واليهود

مولي بيليغ - نيوجيرسي

رفع رئيس المحكمة العليا المتقاعد القاضي أهارون باراك في الملاحظات الختامية لخطابه الجريء حول حقوق الإنسان في بداية شهر تموز/يوليو، رفع مرآة أمام المجتمع الإسرائيلي، ولم يكن انعكاس الصورة ينطوي على أي إطراء. "إذا لم نجد سبيلاً للعيش بسلام مع جيراننا ومع الأقلية العربية في هذا البلد،" حذّر باراك، "فلن نجد سبيلاً للعيش مع أنفسنا."

كان رد الفعل العدواني لهذا الخطاب متوقعاً، كغضب رجل تم إيقاظه من نوم عميق. لا تفهم غالبية كبيرة من مواطني إسرائيل اليهود، أو ترفض أن تستوعب حقيقة أن حقوقها ونوعية الحياة تعتمدان على وجود حقوق متساوية لمواطني إسرائيل العرب. لن يستطيع الطرفان البقاء في هذه البلاد القاسية إلا إذا تطلعا لمستقبل مشترك.

يشكّل التفاهم المشترك حول ما هو الصالح العام والنظام المكوّن للقيم الذي يدعم هذا التفاهم أساساً لبقاء كل مجتمع. وقتها فقط يمكن لمجتمع مستقر أن يضمن وجوده ونجاحه عبر الزمن. ليست القوانين والمعاهدات والأنظمة السياسية باقية مثل أساس مشترك من القيم.

وكلما ازداد الإيمان بنظام القيم وكان سهل الوصول إليه من قبل الجميع، كلما قلّت الحاجة لوضع ترتيبات وإجراءات حكومية لإيجاد أهداف مشتركة. إلا أن ذلك يشجع ظهور مشكلة أساسية: كيف نوجد نظاماً من القيم يضم جميع قطاعات المجتمع ويشجعها جميعاً، دينية وعلمانية، عرباً ويهوداً، على العيش وفقها؟

الجواب له شقين: يتوجب علينا أولاً أن نركز على برنامج من القيم الجوهرية يحتوي على القيم الأساسية التي يمكن لجميع الأطراف والمجموعات أن تنتمي إليها دون الحاجة للتنازل عن تلك القيم الخاصة بكل مجموعة. ثانياً، يتوجب على مجتمع كهذا يضم مجتمعات محلية قَدَرها أن تعيش معاً، أن يطوّر المهارات الضرورية لحوار كهذا. كِلا هذين المكوّنين مفقود بشكل مؤلم في المجتمع الإسرائيلي.

تشكّل حقيقة أن القومية هي إحدى القيم الأساسية لكل من الطرفين واحدة من أهم المعوقات التي تقف حائلاً أمام إيجاد أساس مشترك من القيم. فالقومية لها خصوصياتها وتزدهر على حساب تشويه السمعة، وأحياناً مهاجمة قومية الآخر حتى يتسنى لها أن توحّد وتحفّز وتنهض بهؤلاء الذين يختارون التجمّع تحت مظلتها.

بدأ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني كنضال وطني، وما زال هكذا. نعم، صحيح أن عناصر دينية وثقافية أضيفت وساهمت في إشعال هذا النزاع بشكل إضافي، ولكن النزاع طالما كان بشكل أساسي صراع بين حركتين قوميتين لهما أجندتين متعارضتين: مجتمعان وطنيان يسعيان للوصول إلى السيادة على نفس قطعة الأرض.

لا يمكن للانتماء الوطني أن يكون ملكاً للقيم الجوهرية المشتركة لأنه خلافي وانقسامي بطبيعته. وهو لا يقوض أركان هذه القيم فحسب، وإنما كذلك عملية إجراء حوار حولها، مبني على الثقة والاحترام بين الأطراف ورؤية مشتركة لمستقبل مشترك.

في الوضع القائم، لا يتشارك اليهود والفلسطينيون في دولة إسرائيل في رؤية مشتركة. يتمنى كل طرف في قرارة نفسه أن يختفي الطرف الآخر. تشكّل حقيقة أن كل طرف يرنو لتحقيق تطلعاته الوطنية وتحقيق سيادة كاملة السبب وراء انعدام وجود رؤية مستقبلية مشتركة. وتعمل الوطنية على إفشال عملية صياغة القيم والناتج النهائي.

 

تشكّل التعددية الثقافية النموذج الوحيد الذي يستطيع تفكيك اللغم الأرضي لعدم المساواة الإسرائيلية العربية، الأمر الذي يعني إدراك أن كل ثقافة لها قيمة مساوية بغض النظر عن حجمها أو قوتها أو مطالبتها التاريخية بمكان.

ليست إسرائيل في العصر الحاضر مستعدة لتعددية ثقافية حقيقية. من الصعب على إسرائيل، كثقافة ذات سيادة تنظر إلى عملية نشر ثقافتها داخل حدودها الوطنية على أنها مهمة ضرورية ذاتية الوضوح، أن تتنازل عن السيطرة الكاملة على الرموز والتقاليد. سيجد اليهود الإسرائيليون صعوبة بالغة بتقبّل أن تتوقف جميع العناصر التي تشكّل هويتها الوطنية، مثل عَلَمَها ونشيدها الوطني واحتفالاتها وعطلها الوطنية وأيامها الشعبية وأبطالها وأساطيرها وسردها التاريخي، عن تشكيل رموز الدولة وتصبح فقط رموزاً للأمة اليهودية.

ولماذا لا يمكن لهذه الرموز والتقاليد أن تكون لليهود فقط، وبالمثل، تكون الرموز العربية للعرب وحدهم؟ الإجابة هي الشعور بالأحقية: الرنو للسلطة والملكية القسرية لهذه الأرض والرغبة بتحقيقها على حساب الآخر أو الإيمان بوهم أنه ذلك يمكن فعله.

سوف يبقى النزاع العربي الإسرائيلي، إذا لم تتسامى الأطراف على القومية والوطنية وتنتقل باتجاه ما هو إنساني. عندها فقط، أي في البعد الإنساني، يستطيع المرء أن يجد نقاط التلاقي التي تجعل بالإمكان تحقيق القيم الجوهرية المشتركة. ولا يمكن لذلك أن يحدث إلا من خلال الحوار، وهو أمر غير تلقائي ولا يفتقر للقوانين، وإنما له قوانينه المحددة الخاصة.

أحد هذه القوانين اللجوء إلى قيم عليا تتسامى على القيم الخاصة بكل مجموعة. يساعد هذا النوع من القيم الكبرى عندما تتوصل الأطراف إلى نقطة يتحاورون فيها حول القيم دون نتيجة. ومن القوانين الحيوية الأخرى في حوار حول القيم إدراك أن جميع الأطراف أعضاء في نفس المجتمع، بغض النظر عن عمق خلافاتهم ونتائجها.

الهدف النهائي هو أن يبقى المجتمع سليماً حتى لا يمكن أخذ سيناريو يرى تفككاً محتملاً بعين الاعتبار. ويشجع هذا على المزيد من القوانين مثل عدم مهاجمة أداء أو إيذاء أو إفشال القيم الجوهرية للطرف الآخر. ويوجب الالتزام بهذا القانون قدراً عظيماً من ضبط النفس خاصة عند بحث القيم، وهي عملية يمكنها إثارة عواطف قوية.

ومن المعايير السلوكية الأخرى المستنبطة من القوانين السابقة عدم إضفاء الشيطانية على الخصوم أو إنكار قيمهم. وكمبدأ في هذا النوع من الحوار، يتم كبح جماح النظرة الثنائية المكونة من الأسود والأبيض، التي تميّز وجهات النظر المتطرفة والسطحية، بحيث يأخذ مكانها توجه أكثر تعقيداً وتسامحاً تجاه الآخر. يدعو هذا التغيير إلى كم كبير من الحساسية والانفتاح تجاه الآخر ويبرز قانوناً آخر: من المفضّل أحياناً عدم بحث مواضيع معينة بالمرة.

جميع هذه الميزات مفقودة بشكل واضح من الثقافة السياسة الإسرائيلية لأن النموذج الوطني العقائدي الضمني ما زال جديداً نسبياً. بقي على الطرفين العربي واليهودي على حد سواء أن يستهلكا هذا النموذج وهما بالتالي غير مستعدين لاستيعاب وتطبيق اعتبار وتقدير الآخر، وهي متطلبات مسبقة لتشكيل مجتمع متعدد الثقافات. حتى تحين تلك اللحظة سوف يستمر جميع فرسان حقوق الإنسان في المعاناة من سهام الانتقاد لصدقهم ورؤيتهم.

ــــــــــــ

* مولي بيليغ أستاذ في العلوم السياسية والاتصالات في كلية الاتصالات بكلية نتانيا ومحاضر رئيسي في مركز المجالات المتعددة في هرتزيليا، وهو كذلك زميل بحوث في مركز ستانفورد في حل النزاعات الدولي والتفاوض. هذا المقال جزء من سلسلة حول موضوع الوطنية، وقد كُتب لخدمةCommon Ground الإخبارية.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 7 أيلول/سبتمبر 2009

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ