ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 19/09/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العلاقات المغاربية الإسرائيلية:

الحقائق والاحتمالات

بقلم: بروس مادي فايتسمان

ترجمة:صادق ابو السعود

يستند هذا المقال إلى ورقة قدمت في حزيران / يونيو 8-9 ، 2009 خلال المؤتمر الذي كان تحت عنوان "إسرائيل والدول العربية : المصالح المتوازية، العلاقات ، والاستراتيجيات،" والذي تم تنظيمه بمدينة القدس بالتنسيق المشترك ما بين مركز البحوث العالمي في الشئون الدولية (جلوريا) ومؤسسة كونراد أديناور. وتقدم هذه المقالة نظرة عامة للعلاقات الإسرائيلية المغربية منذ تأسيس إسرائيل. كما تناقش أيضا قضية التعاون مع إسرائيل في مختلف المجالات والأفكار حول كيفية زيادة تعزيز مثل هذا التعاون.

تشكلت علاقات إسرائيل مع دول المغرب العربي الثلاث الأساسية ( المغرب ، والجزائر ، وتونس ) بصورة فعلية بتأثير مجموعة من العوامل: الإرث الاستعماري الفرنسي في تلك المنطقة، والبعد عن التيارات القومية العربية التاريخية وعن الصراع العربي الإسرائيلي، وضرورات الجغرافيا السياسية، وبناء دولة المؤسسات داخل الكيانات المغاربية الثلاثة والتنافس فيما بينها، والوضع الخاص للجاليات اليهودية في كل من تلك الدول الثلاث. وتجدر الاشارة إلى أن سنوات " مدريد وأسلو " اتسمت بحدوث اختراقات كبرى على الصعيد الرسمي، وعلى صعيد علني في العلاقات الثنائية مع المغرب وتونس، وحتى ان هذه العلاقات شهدت تطورات ايجابية مع الجزائر. ومع اندلاع الانتفاضة الثانية، تراجعت هذه الانجازات الى الوراء مرة أخرى، ورغم هذا التراجع استمر وجود المصالح المتوازية في العلاقات مع هذه الدول، حيث شهدت السنوات الأخيرة ظهور مشاكل جديدة، تمثلت في الحاجة المشتركة لمكافحة الحركات الإسلامية المتشددة وتوسع النفوذ الإيراني، والمحافظة على وزيادة تطوير علاقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع الغرب، ساعد على ألا تغلق المغرب ابوابها أمام اسرائيل بل خلق إمكانيات لتوسيع نطاق العلاقات بين البلدين. وإلى أي مدى سوف تؤتي هذه العلاقات ثمارها في الأشهر والسنوات المقبلة يعتمد على مجموعة من العوامل، وليس أقلها التقدم الذي قد يتم احرازه  في النطاق الفلسطيني الإسرائيلي.

بطبيعة الحال، فان طبيعة علاقة كل دولة من دول المغرب العربي الثلاث مع اسرائيل او انعدامها هي قضية فريدة من نوعها، سواء كان ذلك من حيث الخلفية التاريخية والامكانيات المعاصرة. ولا شك أن نظرة فاحصة لهذه الدول الثلاث سوف تكشف أيضا بعض المواضيع المشتركة.

من الاستقلال إلى اوسلو

 

التحقت كل من المغرب وتونس في المعسكر الغربي إبان الحرب الباردة. من الناحية الإقليمية ، فإن هذا يعني أنه خلال الستينات من القرن الماضي كانوا في المعسكر العربي المحافظ، وهما عموما كانوا في موقف دفاعي ضد تيار الراديكالية القومية العروبية المجسدة في جمال عبد الناصر في مصر وحزب البعث العربي. وفي الاطار المغاربي فقد وضعهم هذا الموقف على النقيض من النظام الجزائري الاشتراكي الثوري. وبالتالي، فقد كان لكل من الرباط وتونس العديد من المصالح مع إسرائيل والذي انعكس بدوره على شكل من أشكال التعاون الهادئ الذي تواصل بدرجات متفاوتة.

والمغرب وعلى وجه الخصوص تداخلت مصالحه مع اسرائيل، فمن وجهة نظر القدس، فإن علاقاتها مع الرباط تشكل امتدادا لسياسة"الدائرة" المحيطة بها، وحصادا للاطراف غير العربية من دول الشرق الأوسط على صعيد موازنة الضغوط القائمة من الدول العربية الراديكالية المعادية. بالنسبة للمغرب،فإن ضمان صورتها الإيجابية في الغرب في مطلع الستينات من القرن الماضي استلزم التعاون مع اسرائيل للسماح بالتدفق المنظم لليهود المغاربة الى خارج البلاد ومن ثم إلى إسرائيل، وعلى مستوى الأمن الداخلي والإقليمي، لعبت إسرائيل دورا هاما داعما لنظام الملك الحسن الثاني. ومع بداية منتصف السبعينات من القرن الماضي، كان للمغرب دورا في تسهيل عملية السلام العربية الاسرائيلية، وذلك بالتعاون مع كبار اعضاء الجالية اليهودية المغربية سواء داخل البلاد أو في إسرائيل ويهود الشتات المغاربة الذين يحملون الجنسية الفرنسية. والملاحظ في هذا الصدد هو استضافة اللقاء السري بين دايان والتهامي، والذي مهد الطريق لزيارة السادات إلى القدس، ورعاية قرارات القمة العربية في قمة فاس 1982، واستضافة الملك الحسن الثاني لرئيس الوزراء الاسرائيلي شيمون بيريز في عام 1986. وفي عام 1993، التقى الملك الحسن أيضا رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين والوفد المرافق له في طريق عودتهم من التوقيع على اتفاقيات أوسلو التي جرت مراسم التوقيع عليها في حديقة البيت الأبيض.

كانت تونس في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة تحارب الرئيس عبد الناصر  خلال الستينات علنا. والمجتمع اليهودي كان قادرا على مغادرة البلاد بسهولة أكثر من المغرب، وحتى بورقيبة كانت لديه الجرأة في عام 1965 أن يشير للعالم العربي بقبول خطة الامم المتحدة لعام 1947 لتقسيم فلسطين. وعلى أية حال وخلال الثمانينات من القرن الماضي بدأ نجم بورقيبة بالأفول وفي نهاية المطاف تم عزله من السلطة في (1987)، وعلقت تونس بقوة على المزيد من المشاركة في الشؤون العربية فهي (على سبيل المثال، قامت باستضافة منظمة التحرير الفلسطينية ومقر جامعة الدول العربية)، وبذلك أصبح موقفها من اسرائيل أكثر تمشيا مع الإجماع العربي. بالإضافة إلى ذلك، لم يتبق الكثير من الطائفة اليهودية بعد عام 1967، وعلى عكس المغرب، فإن السلطات التونسية لا تغذي صورة ايجابية / لاسطورة المجاملة اليهودية العربية التي كانت سائدة  في الماضي.

الجزائر، من جهة أخرى، احتضنت بكل إخلاص "فلسطين الثورة" بعد عام 1967، واعتبرت حركة فتح التي كانت تقود منظمة التحرير الفلسطينية بمثابة التوأم للجزائر في "حرب التحرير" التي خاضتها الجزائرضد الاستعمار الفرنسي. من ناحية أخرى فقد اعتبر اليهود الجزائريين بأنهم يقفون إلى جانب الفرنسيين خلال حرب الاستقلال، وهذه الحقيقة "المؤكدة" تمثلت من خلال رحيلهم الجماعي في 1961-1962 مع الجزء الأكبر من المستوطنين الأوروبيين الذين غادروا الجزائر. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر في أواخر الستينات والسبعينات كانت مقصدا مفضلا لخاطفي الطائرات من شركات الطيران الغربية والإسرائيلية وكانت مؤيدة لمنظمات المقاومة الفلسطينية. لإضفاء الشرعية على تركيبة النظام والصراع المرير مع المغرب حول الصحراء الغربية كان من شأنه أن يضمن بأن الموقف الجزائري سيكون موجودا وبقوة في المعسكر العربي الراديكالي، وفي صفوف المعارضة لمبادرة السادات.

مدريد وأوسلو

انهيار الكتلة الشرقية (الراعي التقليدي للجزائر)، والزلزال الذي حدث في حرب الخليج عام 1991، والأهم من هذا كله انفجار الجزائر الديمقراطية (1989-1991) تلتها معركة مريرة ودموية بين الجيش وتمرد المليشيات الاسلامية المسلحة مع بداية عام 1992، والذي كان له الأثر الكبير في أن يعيد النظام الجزائري حساباته. وعموما فإن نظرتها للعالم وفهمها الخاص لمصالحها أصبحت الآن أكثر انسجاما مع جيرانها في المغرب العربي، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي. الدول المغاربية الثلاث كان لها تمثيل رمزي في مؤتمر السلام العربي الإسرائيلي في تشرين الاول/اكتوبر 1991 من قبل الامين العام لاتحاد المغرب العربي ، وهو الاتحاد الذي تنتمي اليه الدول الثلاث. اتخذ النظام الجزائري فيما بعد بعض الخطوات الأولية لفتح حوار مع إسرائيل، لا سيما في نهاية التسعينات، عندما قام رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك علنا بمصافحة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (في جنازة العاهل المغربي الملك الحسن)، بالإضافة إلى قيام وفد رسمي من الصحفيين الجزائريين بزيارة إسرائيل الأمر الذي تسبب في حينه بجدل كبير في الجزائر، كما أن الموقف الجزائري الآن من قضية الصراع العربي الإسرائيلي أصبح يتماشى مع الاجماع العربي الذي يفضل صيغة الحل الدبلوماسي، علما أن هذا لا ينفي أنه لا يزال جزء كبير من النخبة الجزائرية والإسلاميين  على موقفهم المؤيد للقضية الفلسطينية والمعادي لإسرائيل.

على الصعيد المغربي والتونسي قام البلدان في الفترة ما بين 1994-1995 بانشاء علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بمستوى منخفض، والذي جاء بعد الاعتراف المتبادل بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. ولا شك أن التمثيل الدبلوماسي مع تونس والمغرب رغم تدني مستواه، فقد كان الحماس الإسرائيلي لذلك واضحا على أمل منها في توسيع نطاق العلاقات مع دول شمال افريقيا، وهذا جاء التعبير عنه واضحا  في تشرين الأول/ أكتوبر 1994، عندما استضاف المغرب على مستوى القمة المؤتمر الاقتصادي الأول لدول الشرق الاوسط في الدار البيضاء. ومع ذلك، فإن هذا الاجتماع الرفيع المستوى كان الانطباع عنه هو السعي الحثيث لإسرائيل في تعزيز التطبيع الإقتصادي وبالتالي ترك الانطباع على نحو ما أن إسرائيل كانت تسعى للهيمنة على المنطقة اقتصاديا. على العكس من المغاربة فإن التونسيين كانوا مترددين كثيرا في إقامة علاقات دبلوماسية رسمية، وما فعلوا ذلك إلا بناء على تحريض من الاميركيين. كما أن تونس رفضت إستضافة القمة الاقتصادية الخامسة لدول الشرق الأوسط في عام 1999، فضلا عن الإشارة إلى رغبتها في التقليل من شأن الروابط الرسمية مع اسرائيل.

الانتفاضة الثانية ونتائجها

في أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية في أواخر أيلول / سبتمبر 2000، اغلقت المغرب وتونس مكاتبهما الدبلوماسية في تل أبيب وطلبتا من إسرائيل أن تفعل الشيء نفسه في عاصمتي البلدين. وقيامهم بذلك جاء لإعلان تمسكهم بقرارات القمة العربية الطارئة. وبالتالي كان هناك في المغرب من شعر أن الملك الشاب محمد السادس الذي لم يمض عليه سوى سنة واحدة في منصبه قد تصرف على عجل. ومنذ ذلك الحين فإن النظام ليس لديه حافز كبير لتغيير الامور ورفع مستوى العلاقات الرسمية، على الرغم من الالتماسات الإسرائيلية الدورية خلال عقد اجتماعات رفيعة المستوى بين مسئولي البلدين، وحشد التأييد للمصالح المغربية المغربية في واشنطن. لقد كان المغرب مرتاحا بما يكفي للإبقاء على الوضع الراهن وإتباع سياسة الباب المفتوح جزئيا لإسرائيل في عالم السياحة، والدبلوماسية، والتعاون الأمني المفترض. وبصفة عامة فإن محمد السادس  أظهر ميلا أقل بكثير من والده للمشاركة في الشؤون المشتركة بين العرب. بالإضافة إلى ذلك ، فإن الجمع بين التحرير السياسي للبلاد الذي أفسح مجالا للتيار الإسلامي السياسي والسماح لوسائل الإعلام العربية عموما بالوجود بالمغرب ( والتي كان لها تأثير واضح خلال حرب غزة ) والذي كان من شأنه إيجاد المشاعر المناهضة لإسرائيل في الوسط الشعبي بدرجة أكبر عما كانت عليه في السابق. كما أن الصفة الرسمية للملك محمد السادس  كرئيس للجنة القدس في منظمة المؤتمر الاسلامي جعله عرضة للقيام بخطوات ردا على الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب في القدس.

ما الذي يمكن فعله؟

على الرغم من هذه القيود، يبدو أن هناك الآن مجالا لاستعادة العلاقات المغاربية الإسرائيلية ووضعها في مسار إيجابي والاحتمالات موجودة في عدد من المجالات :

السياسة الإقليمية

 

تعتبر بلدان المغرب العربي الثلاث من الدول العربية المعتدلة، والتي تخشى المعارضة الراديكالية التي يقودها المعسكر الايراني، كما انها قلقة أيضا بشأن النشاط الاسلامي الراديكالي بين مواطنيها في الداخل والذين يعيشون في أوروبا. المغرب لديه حساسية بالنسبة للتوسع الإيراني وتجلى ذلك في قرارها الذي اتخذته في شهر آذار 2009 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، في أعقاب التصريحات الإيرانية لزميلتها الملكية البحرين على خلفية القلق المغربي تجاه جهود التبشير الشيعية الإيرانية في المملكة.

الأحداث التي جرت في النصف الأخير من العام – الحرب على غزة، ومجيء إدارة أوباما، في الانتخابات الإسرائيلية واللبنانية ، وبالطبع فإن الانتخابات الايرانية -- استحدثت درجة جديدة من السيولة في الساحة الشرق أوسطية. الأهم من ذلك، يمكن لمساعي إيران للهيمنة الإقليمية أن تكون قد وصلت إلى حدودها القصوى، وهو اتجاه قد تعزز بفعل"الانتفاضة"  الإيرانية الأخيرة: النخب العربية السنية ، بقيادة مصر ، وبدأت في الضغط المقابل، مع تحقيق بعض النجاح تجاه حلفائها من الدول العربية خصوصا - سوريا ، وأيضا قطر، وحتى حزب الله وحماس – وهي على ما يبدو في إطارعملية لإعادة ضبط تفاصيل علاقتها مع طهران، ويبدو أن هناك  بحث عن السبل الكفيلة برأب الصدع مع اغلبية المعسكر العربي. وهذا بدوره أدى إلى توسيع المجال امام الدبلوماسية الخلاقة. وينبغي أن تشجع الدول المغاربية الجهود الدبلوماسية الأمريكية الحالية، لكسر الجمود بين العرب وإسرائيل من خلال اتباع نهج الدبلوماسية الاقليمية، وتحديدا عن طريق اتخاذ خطوات ايجابية تجاه اسرائيل - سياسيا وكذلك اقتصاديا - كجزء من حزمة من التدابير المتخذة من جانب جميع الأطراف. من الواضح أن ذلك سيتأتى من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية الرسمية، وتحسين مستواها  بدلا عن المستوى الذي كانت عليه في السابق، والذي من شأنه أن يرسل إشارة قوية إلى الرأي العام وحكومات الدول المجاورة على حد سواء.

التعاون الأمني

إن المصالح المتداخلة لدول المغرب العربي مع اسرائيل تجلت علنا في اتفاق عام 2006 في دعوة الجزائر والمغرب واسرائيل للانضمام الى حلف شمال الاطلسي للقيام بدوريات لمكافحة الإرهاب في البحر الأبيض المتوسط في عملية اطلق عليها اسم" عملية المسعى النشط."واعلن الاتفاق في الرباط في نهاية أول إجتماع من نوعه تعقده منظمة حلف شمال الأطلسي في بلد عربي، وهو الاجتماع الذي شارك فيه ممثلين عن كل من إسرائيل، تونس، المغرب، الجزائر، موريتانيا، مصر، والأردن. تعتبر المغرب حساسة للغاية لمظاهر الجهادية الاسلامية ، وخصوصا بعد  16 أيار/مايو وتفجيرات الدار البيضاء عام 2003. ومن الواضح أن إسرائيل لديها ما تقدمه في هذا الصدد، وكذلك تونس فهي على نفس القدر من الحساسية للتطرف الاسلامي. الجزائر  من جهتها ، استفادت كثيرا من هجمات تنظيم القاعدة على أهداف غربية، مما مكنها لأن تكون لاعبا مهما في "الحرب العالمية على الارهاب" عن طريق الخلط بين التطرف الاسلامي في الجزائر نفسها مع الإسلامية الجهادية في الخارج. إن تجدد العنف الاسلامي في الجزائر في إطار إعادة تسمية "القاعدة في المغرب الإسلامي" يزيد من تعميق التداخل الجزائري، الغربي، والمصالح الاسرائيلية في مجال الأمن وإمكانيات التعاون. إن إحراز تقدم بشأن حل طويل الامد وقابل للاستمرار حول الخلاف المغربي الجزائري المتعلق بالصحراء الغربية خصوصا أن الجزائر قد حددت (اسرائيل بأنها داعمة للمغرب في هذا النزاع) من شأنه تسهيل الأمور لدفع العلاقات الجزائرية الإسرائيلية إلى الأمام.

المجال الاقتصادي

على الصعيد الاقتصادي فإن التجارة الثنائية المباشرة كانت محدودة. قامت اسرائيل بتقديم بعض المساعدات في إطار التنمية الزراعية إلى المغرب والمحتملة في هذا المجال، وكذلك في مجالات أخرى مثل إدارة المياه، وتكنولوجيا الطاقة الشمسية وتكنولوجيا المعلومات. إن المشاريع الاقتصادية المشتركة والمناطق الصناعية المؤهلة من النوع الذي يوجد مع مصر والأردن وتقديم التعريفات حرية الوصول إلى أسواق الولايات المتحدة ينبغي النظر اليها  بجدية، بالإضافة إلى أن السياحة الإسرائيلية إلى المغرب كانت متساوقة ومربحة بالنسبة للمغرب، ويمكن التوسع في هذا المجال. علما أن السياحة مع تونس كانت محدودة بدرجة أكبر، ويمكن توسيع مجالها بصورة اكبر. في كلتا الحالتين، ورغم المناقشات الطويلة لم يتم قط تدشين رحلات جوية مباشرة بين البلدين والذي من شأنه أن يلعب دورا رئيسيا في عملية تيسير السياحة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تعطى كل من المغرب وتونس حوافز للعمل مع (السلطة الفلسطينية) لتشجيع التنمية الاقتصادية في السلطة الفلسطينية التي تسيطر على الضفة الغربية وإعادة الإعمار في غزة، هذا إذا تم كسر حال الجمود القائم الآن. (وتجدر الإشارة إلى أن المطار الذي تم تدميره في غزة قد تم بناؤه من قبل شركة مغربية.)

المجتمع المدني

هناك مساحة كبيرة موجودة في مجال الترويج لتوسيع الاتصالات مع العناصر المختلفة في المجتمع المدني المغربي، سواء بصورة مباشرة أو عن طريق أطراف ثالثة وفي المحافل المتعددة الأطراف. ومن المؤكد أن هناك قدرا كبيرا من التعاطف الشعبي للقضية الفلسطينية في المنطقة. هناك الكثير من التيارات الليبرالية التي تنشط في إطار أعمال الحركات الاسلامية في الداخل والخارج، علما أن هذه التيارات واضحة للعيان. هناك انفتاح كبير على الإسرائيليين في المجال الأكاديمي، سواء فيما بين أولئك الذين هم داخل المغرب وبين العلماء المغاربة المقيمين في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهذا الانفتاح يجب استغلاله من خلال الدعوات الى العلماء للحضور الى اسرائيل لالقاء محاضرات والمشاركة في المؤتمرات والحوارات، فضلا عن تنظيم أحداث مماثلة في بلدان ثالثة، كذلك إنشاء برامج التبادل الطلابي مع المغرب وتونس، وذلك بمساعدة من منظمات مثل منظمة "امديست" وهذا احتمال حقيقي وقائم يجب العمل عليه، هذا بالاضافة إلى التبادلات مع الطلاب المغاربة في أوروبا، كما ان التبادلات الاعلامية وزيارات الوفود الثقافية التي حدثت في الماضي ويمكن ودون شك إعادة تنشيطها وإحيائها من جديد. والافلام المغربية ظهرت في المهرجانات السينمائية الإسرائيلية بانتظام؛ كما بالامكان تعزيز المعرفة حول صناعة الأفلام، بل وحتى تطوير المشاريع التعاونية والتي يمكن تحقيقها ربما بمساعدة فرنسية. كما ينبغي على المغاربة والتونسيين والجزائريين المشاركة في المحافل المتعددة الأطراف التي تتعامل مع الصحة والمرأة والطفل، والبيئة في المحافل الدولية، خصوصا ان الحكومات الغربية تعتبر هذه القضايا امور حاسمة لتقديم لتقديم الدعم في إطار مؤسسات المجتمع المدني في الدول الاسلامية المعتدلة. وفي مجال آخر هناك بالفعل تاريخا من الحوار في الساحة الدينية عززته المغرب، والذي دون شك يمكن تعزيزه بصورة اكبر عما هو عليه الآن.

يجب على المرء أن يذكر أيضا وجود الهوية الثقافية والعرقية للبربر / الأمازيغ ، التي تسعى إلى إعادة تشكيل الهوية الوطنية المغربية بطريقة من شأنها أن تعطي صوتا لمجتمع البربر من الناحية اللغوية والثقافية والتاريخية والذين يشكلون - ديموغرافيا (40-45 في المئة من السكان). في حين أن الحركة الأمازيغية هي في مراحلها الأولى ولا يمكن أن ينظر إليها كحركة جماهيرية، إلا أن مطالبها بدات تعلو وتصبح اكثر وضوحا وهي بصراحة مناهضة للقومية العربية وحماس. بعض الناشطين في صفوف الحركة وبتحد يتصلون مع اسرائيل، وحتى أن بعض الشباب أعلنوا تشكيل جمعية الصداقة الإسرائيلية الأمازيغية. والحركة تتلقى بعض الدعم من النظام ، كجزء من رغبة النظام في تشجيع اوسع لمفهوم الليبرالية لتكون بمثابة ثقل موازن للإسلام الراديكالي. إن إقامة اتصالات مع نشطاء الحركة الأمازيغية يجب القيام به بطريقة دقيقة، من أجل تجنب الاتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب. نشطاء الأمازيغية في الجزائر، غالبا ما يكونون أكثر صراحة في المواجهة مع السلطات الجزائرية من نظرائهم المغاربة، وأعربوا عن رغبتهم في إقامة علاقات مع إسرائيل. هنا ، وحتى أكثر من ذلك ، يجب على إسرائيل أن تخطو بحذر لتجنب أن تصبح هدفا لاتهامات النظام. وفي هذا الإطار يتوجب على إسرائيل ان تصبح مألوفة أكثر في تعاملها مع الثقافة الأمازيغية الحديثة التي تزدهر حاليا في فرنسا وأن تعمل على تطوير اتصالاتها مع الحركة في المجالات الثقافية المختلفة.

عموما، هناك عددا من المجالات في العلاقات الإسرائيلية المغاربية يمكن توسيع نطاقها، وبخاصة في المرحلة المقبلة للسياسة الإقليمية. ومن الواضح أن التقدم في الدبلوماسية العربية الاسرائيلية (والتي قد تشمل حتى لمحات داعمة من جانب الحكومات المغاربية) يمكن أن يكون إيجابيا، والتي يمكن ان يكون لها تأثيرات إضافية على العلاقات مع الدول المغاربية، فضلا عن تعزيز استعداد الدول المغاربية لتطوير تيار أكثر صراحة ضد ايران في محاولتها لفرض هيمنتها الإقليمية.

ـــــــــــــ

المصدر : مركز القدس للدراسات السياسية

التاريخ 17 - 09 - 2009

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ