ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 29/09/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


مياه النيل.. متى يتحقق وعد السادات وتذهب

المياه بعد الغاز إلى دولة اليهود؟

إنه إعلان الحرب الجديدة

علي حتر*

1- ما يحدث الآن في مسألة مياه النيل ليس بسيطا.. إنه في أهمية الحرب نفسها.. بدون اي مبالغة..

ليبرمان وزير خارجية الكيان الصهيوني الغاصب، يقوم بجولة في الدول الإفريقية ذات العلاقة مع نهر النيل.. وقبل فوات الأوان، وبدلا من أن يلتهي قيمونا بمبادرة استجداء السلام من الصهاينة، عليهم أن يقرؤوا جيدا ما يحدث..

وعلى القوى الوطنية العربية جميعها أن تقرأ ما يحدث.. لأن ذلك لا يعني المقاومة وحدها.. إنها بداية السيطرة على كل المنطقة ومواردها.. إنها حرب المياه..

نحن نعرف الشعار التاريخي لدولة اليهود، من النيل إلى الفرات.. أو من الفرات إلى النيل.. نهر مصر الكبير كما يوصف في التوراة.. والشعار يعني المياه والمياه.. وفي هذه الأيام يعني الغاز والبترول أيضا

والمياه هي المكمل الأساسي بعد الأمن السياسي والعسكري لبقاء وديمومة دولة اليهود.. ولا يخفى ذلك على أحد.. والصهاينة يريدون الماء حتى لو سرقوها كما سرقوا الأرض من العرب.. ونهر الأردن والليطاني ووادي عربة ومياه الضفة والتدخل في الشأن المائي الأردني واللبناني والسوري معروف للجميع..

هم لا يستطيعون تحقيق الحلم الجغرافي لإنشاء دولة بين النيل والفرات.. ولكنهم لم يتخلوا عن تحقيق "نتائج إنشائها" حتى بدون إنشائها.. اي السيطرة على المنطقة ومواردها وأسواقها وقراراتها، ولو أنشؤوها لحصلوا على مياه النيل ومياه الفرات.. والنيل أقرب.. ولهذا يريدون أن يحصلوا على مياهه..

موانع ومعيقات حصولهم على مياه النيل ليست الحكومة المصرية.. فالسادات وعدهم بها..

لكن الموانع والمعيقات هي الموقف الشعبي المصري واعتراضات بعض الدول المشاطئة ودول المنبع..

الموقف الشعبي المصري تتكفل به الحكومة المتحالفة بمعاهدة كامب ديفيد، والتي تشكل امتدادا لحكومة السادات الواعد بالمياه منذ زيارته المشهورة إلى الكيان الصهيوني..

أما موقف الدول الإفريقية المعترضة.. فمسألة يتولاها الكيان الصهيوني.. ولهذا كانت زيارة ليبرمان لكينيا والحبشة وأوغندا.. 

قبل التعليق على المسألة لا بد من تقديم بعض المعلومات للقارئ:

الدول التي لها علاقة بنهر النيل هي: إثيوبيا وأوغندا كينيا والسودان وأرتيريا وتنزانيا ورواندا وزائير وبرواندي والكونغو، ومصر دولة المصب، أي نهاية النهر الذي يصب في البحر البيض المتوسط، بعد أن يروي الدلتا المصرية التي يعطيها الحياة والخصوبة. ويبلغ طول نهر النيل 6700 كم وطول فروعه 3700 كم، وتقع على النهر أكثر من عشرة سدود على طول مساره وفروعه.

تجري في النيل كميات كبيرة من المياه تزيد عن 84 مليار م³/سنة، تأخذ منها مصر 55 مليار، ولمعرفة دلالة الأرقام، فإن ما تأخذه مصر يكفي لري 83% من حاجتها للزراعة.. ويشكل حوالي 80% من حاجتها الكلية (التي تستكمل من بعض المياه الجوفية السطحية والعميقة)

أي أن ما يبقى لمصر حتى دون تقاسم المياه مع الصهاينة لا يكفي حاجة مصر التي تسمى "هبة النيل"، بل إن الخبراء المصريين يتوقعون أن تعاني مصر من عجز في المياه عام 2017 بسبب معدل الزيادة الكبير في السكان.. وتغير الظروف المناخية.. وربما زيادة استهلاك دول أعالي النيل.

لمصر معاهدات واتفاقيات مع الدول الواقعة على النيل، تعطي مصر حصة الأسد، كما تعطيها بعض الاتفاقيات (1929) حق رفض المشاريع في أعالي النهر.. 

أما بالنسبة لمنطقتنا فمن المهم أن نعرف ما يلي:

-        الفرد الصهيوني المغتصب لأرضنا يستهلك من المياه من 3مرات إلى 15 مرة ما يستهلكه الفرد العربي. (النسبة تختلف لأن استهلاك المواطن العربي مختلف من مكان إلى آخر)

-        إسرائيل في حاجة ماسة لمياه النيل، وقد اقترح بيريز مد أنبوب من مصر إلى الكيان الغاصب، بدلا من مياه تركيا البعيدة.. كما إن هرتزل تحدث في ذلك قبل إنشاء الكيان الغاصب عام 1903..!  

-        لا يشكل النيل لإسرائيل مصدرا مائيا فقط، بل يشكل وسيلة ضغط وابتزاز تستخدمها للضغط على مصر نظرا لأن النيل يشكل أهم عنصر في الأمن القومي.. (أكثر من خلية سامي شهاب المشهورة خلال حرب غزة)..! الرئيس البشير قال عام 1994 إن إسرائيل تضع عينها على النيل لتمارس النفوذ على مصر.. أذكر ذلك للتوثيق، ونحن جميعا نعرف ما تريد إسرائيل سواء قال أم لم يقل أحد ذلك..

-        يعتبر النيل أقرب المصادر المائية للعدو الصهيوني فهو يبتعد عن قطاع غزة بضع عشرات من الكيلومترات فقط.. مياه النيل حاليا تبعد 40كم فقط عن رفح، اي على الحدود مع غزة..

-        أنور السادات وعد اليهود عام 1979 في خطابه في حيفا، بوصول مياه النيل إلى النقب، وبإعطائهم مياه النيل كما قال إنها ستكون نصب السلام المقدم كمساهمة من الشعب المصري باسم ملايين المسلمين، MONUMENT TO THE PEACE RECORD، وقال إنها ستكون مياه زمزم للمؤمنين!! وتحدث عن قناة السلام التي يريد بناءها تحت قناة السويس لنقل تلك المياه إلى سيناء والنقب.. وأرسل رسالة إلى بيغن الذي كان رئيس وزراء الكيان العدو، وعد فيها بتوصيل المياه إلى القدس.. (أما بيغن فرد عليه بالقول: إذا كانت مياه النيل تتطلب منا أي تنازل في القدس فلا نريدها).. كما علق أكثر من مصدر صهيوني على مسألة وجود البلهارتسيا في مياه النيل، وقال السادات إنهم يريدونها ببلهارتسيا أو بدون!!

-        قدم المسؤولون والمختصون الصهاينة دراسات وخرائط للمشروع، ومنهم د. أليشا كالي، الذي اقترح ضمن المشروع تقديم المياه للعرب على الطريق (غزة) حتى تكون حجة مقبولة عند الشعب العربي.

2- لقد اجمع كل المراقبين والخبراء الدوليون والعرب، على أن زيارة ليبرمان تستهدف مصر وعلاقاتها بدول أعالي النيل، وتستهدف مياه النيل نفسها.. واعترف حتى إعلام العدو بذلك، ولم يرفض هذه المسألة الواضحة إلا وزراء الحكومة المصرية والناطقون باسمها، الذين يؤمنون بحسن نوايا العدو، وخصوصا نوايا ليبرمان الذي هدد بتدمير السد العالي في الأسبوع الأول لدخوله وزارة نتنباهو..

نستعرض مواقف بعض المسؤولين الرسميين في حكومة مصر:

السفيرة منى عمر مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية، قالت: "إن مصر ليس لديها أية تخوفات من هذه الزيارة لأنها لا تتعلق باللعب على حصة مصر فى مياه النيل،.. وليس مدرجاً بها إقامة مشروعات أو سدود على مجر النيل فى هذه الدول" (مسكينة، ليس لديهل وقت لقراءة الصحف..)

أكد "محمد نصر الدين علام" وزير الموارد المائية والري المصري، أن الزيارة التي يقوم بها ليبرمان، غير مؤثرة على العلاقات المصرية مع دول حوض النيل".

خالد عثمان سفير مصر السابق في زيمبابوى قال "إن أي دولة لها الحرية الكاملة في التحرك داخل أي منطقه في العالم".. (مجرد تحرك للرياضة فقط!!)

أنا لا أعرف هل هؤلاء هم فعلا بمستوى المسؤوليات التي يتولونها.. وهل دفاعهم عن العدو شرط من شروط التوظيف؟

نعود إلى الزيارة.

زيارة الوزير الصهيوني إلى إفريقيا تقتصر على دول أعالي النيل.. التي يجري فيها وينبع منها النيل.. وهذه ليست مصادفة..

الخبير بالشؤون الإسرائيلية بمركز دراسات الأهرام د.عمر جاد، قال: "ليبرمان يسعى إلى تحريض دول حوض النيل على مصر". (ألا يقرأ شخوص كامب ديفيد ما يكتبه خبراؤهم؟؟)

في الإعلام الصهيوني، (هاآرتس وغيرها)، نجد ما يلي:

1- رافق ليبرمان، اقتصاديون  إسرائيليون في مجال صناعة السلاح وتجارته، وصناعة الطيران والسفن والطاقة والاتصالات والزراعة.

2- ناقش ليبرمان مسائل المياه، مع هذه الدول، وعقد عدة اتفاقات في مجال المياه والزراعة..

3- في أثيوبيا ناقش، حسب هاآرتس، ناقش المساعدات الصهيونية الممكنة.. لأن إثيوبيا تطل على المعابر المائية ولها تأثير على الصومال بسبب نمو القاعدة هناك، ولها أهمية تجاه نشاطات إيران في إفريقيا.. وهي ترغب بالسماح للعسكريين الصهاينة بالعمل من هناك؟؟

صحيفة لوفيجارو الفرنسية وتحت عنوان "زيارة ليبرمان لإفريقيا تهدد مصر"، كشفت عن وجود خطط إسرائيلية للوصول إلى مياه نهر النيل بعد الإغراءات التي تقدمت بها إسرائيل في وقت سابق إلى الدول الإفريقية لإعادة توزيع مياه النهر.

العدو الصهيوني كما نعرف، لا يبني سياساته على صداقاته مع الحكام العرب، أو معاهداته معهم أو حتى إخلاصهم له، والشواهد على ذلك كثيرة، بل يبنيها على احتمالات تغييرهم القائمة دائما، وعلى احتمالات مجيء الرافضين للوجود الصهيوني في أية لحظة، ولهذا يعمل بشكل استراتيجي لضمان أمنه وديمومته.. حتى لو كان ذلك بعرض أمن هؤلاء الحكام للخطر.

والعدو يعرف أن مياه النيل مسألة تشكل حياة أو موت بالنسبة لمصر على مدى العصور:

حكومة محمد على باشا فى القرن التاسع عشر، وضعت خطة طوارئ للتدخل عسكريا ضد أية دولة يمكن أن تشكل أى خطر على تدفق مياه النيل،

حتى السادات الذي وعد الصهاينة بحصة من مياه النيل، دعا العسكريين لوضع خطة طوارئ عام 1979 عندما أعلنت أثيوبيا عن نواياها بإقامة سد لرى 90 ألف فدان فى حوض النيل الأزرق، وهدد بتدمير هذا السد..!

وسوف نمر مرورا سريعا على إعلام الدول التي زارها ليبرمان، وما كتبت خلال الزيارة وعلى بعض المواقف المعلنة للمسؤولين في هذه الدول.

- رئيس وزراء كينيا قال إن مصر تستفيد جيدا من النيل فى أغراض الرى والزراعة، ومن العار ألا تستطيع كينيا أن تفعل مثل مصر، ويرى أن بلاده يجب عليها الاستفادة من كل المصادر الممكنة للمياه لزيادة إنتاجها. (كلام على الرسميين المصريين قراءته وتحليله)

- قالت صحيفة "دايلى نايشن" الكينية، إن ليبرمان وقع مع الرئيس الكينى على اتفاقية لإدارة مصادر المياه والرى والبناء بين كينيا وإسرائيل، وقالت: إن كينيا في أمس الحاجة إلى مشروعات المياه فى التى ستدعمها إسرائيل.  (إذن المياه مع كينيا جزء من الزيارة) 

- بول كيمانزى الكاتب فى الصحيفة الكينية قال: "إنه من العار أن تأتى معونات لكينيا من دولة صحراوية مثل مصر التى تستخدم فى رى الصحراء، مياه النيل التى تتدفق من بحيرة فيكتوريا، التى تقع عليها كينيا وأوغندا وتنزانيا". (ومن العار ألا يقرأ المسؤولون العرب عن هذا العار الذي ذكره الصحفي مثل ما ذكره رئيس وزراء كينيا..!)

- صحيفة" ذي ستيتس مان" الغانية قالت إن ليبرمان يركز فى جولته الأفريقية على تدعيم علاقات إسرائيل مع الدول الأفريقية وخاصة دول حوض النيل، وهو أمر ذو مغزى يتعلق بمحاولات تل أبيب أن يكون لها دور فى دول الحوض. (ماء النيل مرة أخرى يا حكام مصر)

- صحيفة "جيما تايمز" الأثيوبية، قالت: "إسرائيل يمكن أن تساعد الدول الأفريقية على الاستفادة من مياه النيل مقابل إعطاء إسرائيل نسبة من مياه النيل وهذا سيؤثر على نسبة مصر من المياه".  (النيل مرة اخرى.. يا..)

مسؤولو الدول التي زارها ليبرمان وصحفها أكثر تعبيرا عن الوضع من مسؤولي الحكومة المتعاقدة في كامب ديفيد.

لن أتكلم في مسألة توزيع المياه بين مصر ودول حوض النيل الأخرى..

لكنني سأركز على مسألة وصول مياه النيل إلى العدو الصهيوني.. وهو ما يحاول المسؤولون في الحكومة الملتزمة بمعاهدة كامب ديفيد أن تخفيه..

وفي حين تعمل إسرائيل على تحقيق استراتيجياتها، وأخذ المياه من المنبع، يلهث أهل القمة العرب بوضع الإعلانات في الصحف الإسرائيلية لعلهم يقبلون تنازلات القمة.. حتى وإن عطشوا.. 

في المسألة جانبان: محاصرة إسرائيل لمصر والسودان، ومياه النيل.. ومحاصرة مصر لتقزيم دورها والضغط عليها.. ومن أجل نيل حصة من النيل كما وعد السادات..

معاهدات مصر مع دول النيل، تعطي مصر حصة الأسد.. وإسرائيل تحرض هذه الدول على مصر.. حتى تخضع مصر وتعطيها الماء.. لأن اتفاقات مصر مع هذه الدول تعطي مصر حق التصرف.. وتمنعهم من إقامة المشاريع دون موافقتها.. يوم كانت قادرة.. وليس يوم أضعفها حكامها.. وليس بعد أن استقل هؤلاء.. فإذا رفضت مصر تقديم الماء لإسرائيل.. فسوف تحرك إسرائيل دول إفريقيا للضغط عليها بحرمان مصر من استحقاقت الاتفاقيات القديمة.. والنتيجة ستكون: عطش مصر..

إذن إما قناة السلام ومياه النيل لإسرائيل.. أو تتحرك إسرائيل القوية ماليا وفنيا لتحريض هذه الدول.. وحتى إذا قدمت مصر الماء النيلي لإسرائيل وعطش شعب مصر، سيبقى الموضوع سيفا ابديا تملكه إسرائيل، وتشهره كلما تباطأت مصر بتقديم الماء.. وخلال ذلك ينام المسؤولون في حكومة كامب ديفيد ويدافعون عن حسن نوايا ليبرمان.. الذي هدد رسميا بضرب السد العالي.. وعن زيارته.. التي راح ليغلق المياه فيها عن السد العالي بعد أن تراجع عن ضربه..

وإذا أخذت إسرائيل الماء بعد أخذها للغاز من مصر.. فما الذي تجديه مبادرة السلام العربية..

أما بالنسبة للسودان، وينعكس ذلك على مصر، فإنني أورد هذا النص، ولو كان غير مرتبط بشكل مباشرة بالموضوع.

"في محاضرة رسمية لوزير الأمن لإسرائيلي أفي ديختر 30/10/2008 في تل أبيب أكد على ضرورة حصار مصر من أفريقيا. وقال " إسرائيل حين بلورت محددات سياستها وإستراتيجيتها حيال العالم العربي انطلقت من عملية استجلاء واستشراق للمستقبل وأبعاده وتقييمات تتجاوز المدى الحالي أو المنظور. وإن إسرائيل تستهدف السودان لأن السودان يشكل عمقا إستراتيجيا لمصر، ولذلك كان لابد أن نعمل على إضعاف السودان لأن هذا ضرورة من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومي الإسرائيلي".

---------------------------

*كاتب ومحلل سياسي وشاعر - عمان / الأردن

المصدر : السبيل

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ